الصحوة اإلسالمية يف صور فنية لدى إقبال 73 الصحوة اإلسالمية يف صور فنية لدى إقبال * د.أخالق أمحد Islamic Renaissance in the Context of Iqbal s Poetry * د.مسيع هللا زبريي ABSTRACT There is no doubt that the term artistic image is one of the most technical terms used in the literary works and the study of poetic texts, because it is the effective means to show the poetic experiences with all the thoughts, feelings, and to reveal the influence and inspirations of words. On the authenticity of the poetic experience, and to prove the ability of the poet to form in a format that brings pleasure and experience to those who receive it. It grows and crystallizes within the poet with the poetic text itself, as represented in highlighting the delicate meanings and emotions of the troubled, and the serious thoughts through the technical composition of the spatial words through fluent speech, and strong expressions that raised by the internal presence rhythm and influence. The artistic image is to achieve literary pleasure and intellectual pleasure through the artistic repertoire such as metaphor, borrowing and related rhetorical tools or through the words that lead to scenes and create expressive scenes, because they convey psychological experiences in paintings or emotional situations in scenes animating or moving, and make the static nature visible. The researcher tried to explore the artistic value of some of these images in which the poet responded to the spirituality and Islamic awakening, which seeks to remove the ambiguity and inertia of his poetry, avoid monotonous boring repetition, and explore his skill in drawing paintings and his brilliant imagination and his noble vision and noble passion. Keywords: Iqbal, Rennisain, Artistic Image, Depiction. أستاذمساعد يف قسم اللغة العربية اجلامعة اإلسالمية العاملية إسالم آابد أستاذمساعد يف قسم اللغة العربية جامعة العالمة إقبال املفتوحة إسالم آابد * *
73 جملة علمية حمكمة )اجمللد 3 العدد: 2( ملخص البحث ال شك أن مصطلح الصورة الفنية من أكثر املصطلحات الفنية تداوالا يف األعمال األدبية ودراسة النصوص الشعرية ألهنا الوسيلة الفعالة القادرة على إظهار التجارب الشعورية بكل ما حتويه من أفكار وخواطر ومشاعر وأحاسيس والكشف عن طاقات الكلمات وإحياءاهتا وهي تعد إحدى املعايري اهلامة يف احلكم على أصالة التجربة الشعرية وإثبات قدرة الشاعر على تشكيلها يف نسق حيقق املتعة واخلربة ملن يتلقاه.فإهنا تنمو وتتبلور يف داخل الشاعر مع النص الشعري عينه كما تتمثل يف إبراز املعاين الدقيقة والعواطف املضطربة واخلواطر اجلياشة عن طريق التشكيل الفىن املوحي عرب الكلمات الفصيحة الناطقة والتعبريات القوية املرتاصة اليت تثري هبا الوجدان الداخلي إيقاعاا وأتثريا. وتقوم الصورة الفنية على حتقيق املتعة األدبية واللذة الذهنية عن طريق الروافد الفنية كالتشبيه واالستعارة وما يتصل هبما من أدوات بالغية أو عن طريق الكلمات اليت توحى إىل مشاهد وختلق مناظر انطقة وذلك أهنا تنقل التجارب النفسية يف لوحات فنية أو األحوال الوجدانية يف املشاهد املوحية أو املناظر املتحركة وجتعل الطبيعة اجلامدة جمسمة مرئية. الشاعر فالباحث حياول يف هذا املبحث استجالء القيمة الفنية لبعض هذه الصور اليت تصدى فيها للنزعة الروحانية والصحوة اإلسالمية كما يسعى هبا إىل إزالة الغموض واجلمود عن شعره وتاليف التكرار اململ الرتيب واستكشاف مدى مهارته يف رسم لوحات فنية واإلحاطة خبياله املتألق الظريف ورؤيته السامية وعاطفته النبيلة. املدخل هذه الدراسة تتعرض للنزعة الروحانية اليت تتمثل يف الصور الفنية الرائعة يف شعر إقبال وقد هدف الباحث- عرض وحتليل- ما يتيسر له من الصور الفنية املبتدعة اليت ابتكرها العالمة دمحم إقبال مبهارته الفنية وقدرته املتميزة وقوة مالحظاته الدقيقة. اعتمد الشاعر يف انطالقه من مضمون فكري ظاهر يف صريح العبارة احملكم حيث ال خيلو- - الشعر لديه على قوة التصوير الفىن يف أي حال من األحوال من نفحة شعرية وشعورية وعاطفة فردية وشعبية اجتماعية مث عاملية فالفكر ينطلق عرب الكلمات الناطقة والرتاكيب املوحية اليت تؤسس الدكتور رائد وليد جرادات بنية الصورة الفنية يف النص الشعري احلديث )احلر(:انزك املالئكة أمنوذجا جملة جامعة دمشق العدد: 2-1 552/22 2117 الدكتور جابر عصفور الصورة الفنية يف الرتاث النقدي والبالغي عند العرب الدار البيضاء لبنان الطبعة الثالثة: 1222 م ص: 3
الصحوة اإلسالمية يف صور فنية لدى إقبال 72 على أسس فنية ابرعة لتحقق يف الشعر روحاا تستهوى القلوب واألفئدة لذلك جند أن التمثيل ينطلق من احلركة التشخيصية اليت يكتفي هبا إلنتاج لوحات فنية طريفة وإلعداد مشاهد فنية رائعة بينما جند- على اجلملة أن الشعر ال ينطلق إال من مضمون فكري دقيق يف أغراض خمتلفة كما أنه ال يسمو إىل درجة الفن املتميز إال مبا يتجاوزه هذا املضمون من قوة التصوير الفين وإبداع لوحات فنية دقيقة اعتما ا دا على إمكانيات األداء وآليات البالغة وأدوات الكالم حيث تبدو الصور انطقةا واملشاهد ماثلة واملناظر مرسومةا واملواقف معروضةا لذلك كان لزاماا على الباحث أن يعتىن بدراسة الصور الفنية املبتكرة لديه بعناصرها املختلفة وأسرار تراكيبها املتناسقة وأساليب حتليلها املتقنة داعما حبثه بنماذج وأمثلة يكشف من خالهلا مدى قدرته الفنية وإمكانياهتا التصويرية ويستجلى من خالهلا ثقافته الواسعة وحضارهتا األصيلة متطلعاا إىل معرفة مدى استعانته ابلفنون الشعرية والروافد البالغية واألدوات اللغوية وابلتايل يقف على القيمة الفكرية واجلمالية وما يتسم به شعره من خصائص شعرية وشعورية. التعريف ابلشاعر ولد دمحم إقبال مبدينة سيالكوت يف ابكستان احلالية ) 1333 م( وفيها تلقى تعلي ا ما ابتدائيا ومتوسطاا وقد أخذ العلم عن شيخه مري حسن حيث أتقن اللغة الفارسية والعربية فضال عن األردية مث التحق ابلكلية احلكومية جبامعة بنجاب بالهور وخترج فيها وقد حصل على شهادة املاجستري يف الفلسفة مث سافر إىل لندن حيث التحق جبامعة "كامربج" وانل شهادة عالية يف الفلسفة مث الدكتواره من جامعة ميونخ يف أملانيا ويف 21 أبريل سنة 1273 م لفظ أنفاسه األخرية يف حجر خادمه املخلص ولبت روحه نداء رهبا نداء مقضيا وغربت هذه الشمس اليت مألت القلوب حرارةا ونورا وعال الضجيج وكثر النشيج على موت هذا الشاعر العظيم ودوت األصوات يف راثئه حزانا وأملاا. ي عد إقبال شاعرا إسالميا عاملياا وداعية كبريا قد وسع اجملال يف شعره إىل أغراض وفنون تتطلع إىل موضوعات إسالمية فضال عن األغراض التقليدية كالغزل والفخر واهلجاء والراثء وما إىل ذلك وهو أول من : ٠0 پبلیش رز الوہر عبطاول: ٤٠٠٢ ء ص ڈارٹکہتفگشزرکای رکفونف اابقل تگنس ال نستطيع أن حندد اتريخ ميالده حتديدا واضحا ولذلككثرت األقوال يف هذا الصدد ويرجع اتريخ والدته ما يرتاوح بني 33-1332 ولكن مجهور املؤرخني والكتاب أمجعوا على اتريخ والدته 1333 م انظر: الدكتور سليم اخرت الدكتور أكرب حيدري كشمريي عالمة إقبال حياته وفنه وفكره ترتيب مقالة: اتريخ والدة إقبال سنك ميل بيليشرز ابكستان الطبعة األوىل: 2112 ء ص: 37 ڈارٹک ہتفگش زرکای رکف و نف اابقل ص: 31 أبو احلسن علي احلسيين الندوي روائع إقبال جملس نشرایت إسالمية کراتشي الطبعة الرابعة: 1237 م ص: 73
41 جملة علمية حمكمة )اجمللد 3 العدد: 2( وقف على فلسفة الذات والوجود ومعرفة الوجدان يف الشعر األردي واختذ هلذه املوضوعات أسلوابا رائعاا جيمع بني جزالة اللفظ وعذوبة املعىن يف الصور الفنية اجلميلة اليت ختلع عن الشعر اجلمود والتحجر والتكرار ويغىن األدب األردي بصور فنية مجيلة مبتكرة حيث أبقى مائدة حافلة ملن أتى بعده فإذا الشعراء العصور- يقصدون معينه عن قصد أو غري قصد مبسطني أفكاره ومستلهمني نزعاته يف انتاجاهتم. - على مر لقد وعى إقبال يف شعره القيم اإلسالمية واملثل العليا مما جلعه من أمراء الشعراء اإلسالمني الذين نشأوا يف شبه القارة اهلندية حيث شاعت يف شعره املعاين اإلسالمية الدقيقة واألفكار العميقة النبيلة واآلراء الفلسفية اليت تنسجم مع روح القرآن الكرمي وانطالقاته كما ذهب إىل ذلك السيد أبو احلسن على احلسيين الندوي يف كتابه روائع إقبال قائال: "إن أعظم ما محلىن على اإلعجاب بشعره هو: الطموح واحلب واإلميان وقد جتلى هذا املزيج اجلميل يف شعره ويف رسالته أعظم مما جتلى يف شعر معاصريه ورأيت نفسي قد طبعت على الطموح واحلب واإلميان وهي تندفع اندفاعا قوای إىل كل أدب ورسالة يبعثان الطموح ومسو النفس وبعد النظر واحلرص على سيادة اإلسالم وتسخري هذا الكون لصاحله والسيطرة على النفس واآلفاق ويغذاین احلب والعاطفة ويبعثان اإلميان ابهلل واإلميان مبحمد هللاىلص وبعبقرية سريته وخلود رسالته وعموم إمامته لألجيال البشريةكلها". شخصيته وثقافته مثة عوامل خمتلفة وعناصر متعددة التقت واجتمعت متآزرة على تكوين شخصيته الفذة وال شك أهنا مدرسة يف ذاهتا فلسفية يف أفكارها فنية يف أسلوهبا شكالا ومعىن وقد اسرتعت بعظمتها املتميزة وثقافتها الواسعة وعلمها الغزير انتباه اجلميع شرقاا وغرابا وال تزال حىت اليوم بفضل الشعر الذي جتلت فيه عبقريته اخلصبة املنتجة وهتيأت هلا من الثقافات واملؤثرات اخلارجية غذاء مالئماا أسهم خري إسهام يف إمنائها وإنضاجها وإبرازها يف سعة مداها ومن أهم هذه العوامل ما يلي: مما ال ريب فيه أنه قد أويت - منذ صغر سنه- عقال قوای مسحا ال يضيق على نفسه يف دقائق األمور كما أنه وهب ذاكرة قوية خارقة مما أهاله عن وعي الستيعاب كل ما يدركه من علم ومعرفة ولغة وفكر وكان يستطيع يف حلظة واحدة على اكتشاف عوامل جديدة وآفاق واسعة وقد ساعده على ذلك ما انله من الثقافة العصرية والدراسات الغربية ما بني اهلند وإجنلرتا وأملانيا وما توفر له من جتارب ومالحظات واستدراكات وما أثر فيه من األساتذة البارعني أتثريا كبريا إذ غرسوا فيه حب العلم وروح الدين وفلسفة أبو احلسن علي احلسيين الندوي روائع إقبال ص: 4-7
الصحوة اإلسالمية يف صور فنية لدى إقبال 41 التصوف حىت ابت من أفذاذ الشرق اإلسالمي يف ثقافته الغريبة وأفكاره النامية ومعانيه الناضجة ونزعاته الدينية اخلالدة. وقد رزق إقبال نعمة اإلميان وحمبة الدين وصفاء الضمري والوجدان عن الوراثة وتطورت معه هذه النعمة اليت كانت مصدر قوته ومنبع حكمته ورافقته طول حياته وتفتحت معه يف قرحيته وجادت وسالت معه يف أغراضه وأفكاره كما جرت يف كيانه جمرى الدم حيث بوأت له مكانة عظيمة يف دنيا الفن واألدب وعامل الفلسفة واحلكمة وأغنته عن امللوك والسالطني وعن األقيال والقياصر ومل تفرت عنه ومل تغب حىت ينزلق مزلق اآلخرين أمام املادة ومغرایهتا وتيار احلضارة الغربية اجلارفة. وكان القرآن الكرمي من أفضل وأقوى العوامل اليت أثرت يف تكوين شخصيته عقالا ومعرفة وكان هذا التأثري ليس أتثريا عادای يزول مع الوقت وينتهي مع هناية فرتة القراءة بل ظل معه إىل آخر حياته وقد وظف روح القرآن وحكمه يف نظمه وإنشاده واستقى مادة شعره من مناهل القرآن ومنابعه وقد عاتب املسلمني عتاابا شديدا ملا أعرضوا عن هذا الكتاب وأمهلوه إمهاال قد أدى إىل سقوطهم وتدهورهم يف أبيات مجيلة مما يدل على مدى شغفه ابلدين وولوعه به. وہ زامےن ںیم زعم ےھتز املسمں وہ رک انلوا العزة يف زماهنم حني كانوا مسلمني اور مت وخار وہےئ اترک رقآن وہ رک وأنتم أصبحتم أذالء بعد أن هجرمت القرآن ومن املؤثرات القوية اليت تستحق الذكر هي معرفة النفس والذات واإلمعان يف أعماقها واالعتزاز بقيمتها واالحتفاظ بكرامتها قد أسهمت إسهاماا كبريا يف بلورة شخصيته وبلوغها أوج الكمال وهي يف احلقيقة عبارة عن فلسفته العظيمة اليت قام عليها شعره وبلغ هبا ذروة جمده وكانت )3( دواوينه الفارسية واألردية خري مثل هلذه النظرية الذاتية كما يف األبيات التالية: الدكتور رفيع الدين هامشي وآخرون مائة سنة إلقبال واملقالة السابعة أليب احلسن احلسيين الندوي العوامل اليت كونت شخصية إقبال إقبال إكيدميي الهور ابكستان 2113 م ص: 73 ڈارٹکاربكنيسح رقيشي اطمہعل تل م حبات وااشراتاابقل اابقلاڈيكيم الوہر اپناتسكن ٤٠٠٢ ء ص: 5 عبد الواحد إقبال )فكره وفنه( مرتجم:نعيم هللا ملك أبو ذر ببليكيشن الهور ابكستان ص: 71 أبو احلسن علي احلسيين الندوي روا ئع إقبال ص: 41 العہمدمحماابقل ایلکتاابقل وناب زنس یلبپ زنشیک راوڈنپلی ٤٠3٠ ء ص: 0٠ عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة تقدمي وحتقيق وترمجة:الدکتورحازم حمفوظ اآلفاق العربية القاهرة مصر الطعبة األوىل: 2115 م ص :122 هامشي وسهيل عمروآخرون مائة سنة إلقبال العوامل اليت كونت شخصية إقبال ص: 73 )3(
42 جملة علمية حمكمة )اجمللد 3 العدد: 2( اےنپ نم ںیم ڈوب رک اپ اج رساغ زدنیگ فتش سر احلياة بعد ما تغرق يف مراقبة نفسك وت ارگ ریما ںیہن اتنب ہن نب اانپ وت نب لو مل تكن قريبا مين فال أبس ولكنكن قريبا من نفسك وكان سحر الطبيعة الفاتنة والنفحات السحرية من أكرب وأعظم العوامل اليت يرجع الفضل إليها يف تكوين سريته وشخصيته ويف قوة شعره وأتثريه وانسياب األفكار وتدفق املعاين حيث يتصل ابلطيبعة من غري حجاب ويتعرض للنفحات السحرية فيناجي ربه يف آخر الليل بنشاط روحي جديد ومن مث أييت أبشعار إسالمية مفعمة بروح دينية وكانت هذه الساعات السحرية اليت تدفع به إليقاظ اآلمال اجلديدة واآلماين النائمة مثل طلوع الفجر وبزوغ الشمس وبواكري الصبح وطالئع البكورة اليت تبدد الظالم وتبث األمل والعمل معا.كما يف البيت التايل: سک دقر مت رپ رگاں حبص یک دیباری ےہ مہےس بکایپر ےہ اہںدنینںیہمت ایپریےہ االستيقاظ يف الصباح )الباكر( ما أثقله عليك أنت ال حتبنا ولكن حتب النوم وبدأ يوقظ األمة األسالمية وشباهبا من هذه الغفلة اجلاهلية ومن السبات العميق الذي غلب عليهم أكثر من قرن وحيمس الشباب اإلسالمي بقصائد مفعمة بروح اجلهاد وهو أول من طالب بوطن مستقل للمسلمني كي ميارسوا فيه شعائر احلياة اإلسالمية وحيافظوا فيه على القيم اإلسالمية والتعاليم الدينية يف هذه البقعة. وقد أفسد أمرها وطأة االستعمار اإلجنليزي اهلمجي الذي حتالف مع اهلنود ضد املسلمني ظلماا و اضطهادا وفيما يلى مطلع قصيدته عنواهنا "أنشودة املسلم". یھبک اے ونوجاں! ملسم دترب ایک وت ےن أيها الشاب املسلم هل تدبرت يوما وہ ایک رگدوں اھت سج اک ےہ اک وٹاٹ وہا اترا )3( كيفكانت تلك السماء اليت أنت جنمها املكسور العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 3٢1 عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 224 هامشي وسهيل عمروآخرون مائة سنة إلقبال العوامل اليت كونت شخصية إقبال ص: 37 العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 90 عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 123 العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 00 عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 125 )3(
الصحوة اإلسالمية يف صور فنية لدى إقبال 47 النزعة الروحانية يف صوره الشعرية اليبلغ األدب مبلغ الروعة اخلالدة وال يرتقي إىل منتهى التأثري الفين وغاية التفاعل مع الشعور الداخلي واخلواطر اجلياشة إال إذا حتل ى ابلعاطفة الصادقة واخليال املبتكر الطريف ترفدمها األفكار السامية والقيم اخلالدة وذلك ألن املضمون هو روح الشعر ومصدر اإلعجاب به وهي احلالة النفسية اليت يعاىن منها الشاعر وجنوى الوجدان الذي يهزبه قلب كل إنسان يف كل زمان ومكان. وقد كان إقبال ميتاز بذكاء حاد واندر وكما أنه كان شاعرا فطرایا مطبوعا ينزع منزع املصور احلاذق البارع الذي اجتمعت له ملكة التمثيل وقوة البيان وسالمة الذوق ورهافة احلس توفرت له أفانني التصوير والتلوين فلم ينشد الشعر إلرضاء اخلواطر أو تلبية للقرحية الفنية وال تكسبا للجاه واملال والشهرة بل نصب نفسه واعظا حكيما وأخذ على عاتقه إصالح األمة وتربية اجملتمع فعمد إىل النصح واإلرشاد يف خيال رائع حصيف حيث نظم شعره بطابع فكري يغذيه العقل املتزن واخليال الفسيح العايل وساعدته يف ذلك كله ثقافته الواسعة وإطالعه الكثري العميق وخلفيته الدينية الراسخة ومالحظاته الدقيقة واستدراكاته القيمة فخرج شعره حامال القوة اإلميانية والفلسفة الروحانية حيث يعرب عن العاطفة املتدفقة اليت ميثلها اخليال كصور طافية حتوم أمام عيوننا وتدخل كوامن الشعور وخلجات النفس فيبقي أتثريه حيا مع طوال العمر ويتجدد يف كل مرة حني تقبل عليه النفس قراءة واستحضارا. كما يتجلى ذلك املزيج اإلمياين حني يشارك الشعب يف أفراحه وأتراحه ويتأمل ألمله ويتوجع لوجعه التصاله به وحيس ويشعر ابآلالم اليت حلت به ونزلت فصار لسان حاله حيث يرافق بني التأثري املؤمل وبني اللذة الشعرية ويراوح بني اإلميان واللذة الروحانية اليت تتسلى هبا النفوس وبني املتعة األدبية اليت جتعلهم إىل عامل آخر ويستشرفون من خالل ذلك مستقبال منريا كما نرى يف هذا البيت: اھٹ ےک زبم اہجں اک اور یہ ادناز ےہ أسلوب اهنض فإن حمفل الدنيا )أسلوب( آخر رشمق ورغمب ںیم ریتے دور اک آاغز ےہ ويف الشرق والغرب يكاد يبدأ دورك ریمض الہل ںیم رونش رچاغ آرزو رک دے نمچ ےک ذرے ذرے وک ش ھبد وجتسج رک دے أبو احلسن علي احلسيين الندوي روا ئع إقبال ص: 41-72 العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 330 عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 245 العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 3٤٠
44 جملة علمية حمكمة )اجمللد 3 العدد: 2( أشعل مصباح األمنيات يف قلب الوردة احلمراء واجعل ذرات البستان ضحية البحث نشعر أبن العاطفة صادقة وخالصة حيرك هبا الشاعر النفوس اإلنسانية وهي تتطلع إىل هللا سبحانه تعاىل وتعود إىل اإلميان والتوحيد وتسرتجع هلذه األمة اجملد والشرف وكما يتوجه يف عجز البيت إىل استكمال موقفه وإمتام هدفه األساسي حيث يطلب بوصفه داعية إسالمياا كبريا ويريد من املؤمن أن يكون ذا جهد متواصل وكفاح مستمر وأن يقبل على العلم والبحث والتحقيق كل اإلقبال وأال يتخلف عن ميدان العلم والدراسة والتحقيق ليسهم إسهامات علمية ابرزة جتاه رقي هذه األمة اإلسالمية وهنضتها ورفعتها ومسوها. ولو أمعنا يف البيت السابق لوجدان أنه مل يتعرض هلذه املعاين الكرمية واألفكار النبيلة مباشرة ابألسلوب اخلطاىب الصادع بل قدمها يف صورة مجيلة خلقها من قوة خياله وتصويره الفىن الرائع حيث رمز للمؤمن ابلوردة احلمراء واختار احلديقة للدنيا وصور اإلميان ابملصباح الذي خيرج اإلنسان من الظلمات إىل النور ومن الضالل إىل الرشاد ومن اجلور إىل العدل وهكذا كان ماهرا وحاذقاا يف استخدام األدوات الشعرية والراوفد البالغية حيثكان جيرى العاطفة واخليال يتوازان يف إطار خدمة رسالته العظمى ويوظفهما فيما يريد. وكان هم األمة اإلسالمية الثقيل الكاحل يضاجعه ويضايقه وال سيما إذا آوى إىل سريره وكان ينظر إىل أحوال املسلمني ويتأمل ألملهم ويتوجع وحيزن على هذه األوضاع والظروف التعسة اليت متر هبا األمة اإلسالمية بصفة عامة ومسلمي شبه القارة بصفة خاصة وكان يريد أن يوقظ األمة اإلسالمية ومسلمي شبه القارة من سباهتم العميق بشعره ويريد أن يبعث فيهم روح اإلميان وح اررة اإلسالم وجذوة اجلهاد فسمع أهل شبه القارة غناءه ونداءه فأعجبوا به وأحبوه حباا مجاا وانتقل حب أهل شبه القارة إىل الشرق األوسع وإىل العامل كله مبا يتضمن شعره من املعاىن األفقية والقيم الروحانية اخلالدة يف أخلية اندرةا وصور متبكرة كما نرى ذلك يف هذه األبيات : الغيم ںیم ہن اکم آىت ںیہ ريشمشںی ہن دتريبںی إن السيوف والتدابري ال تفيد يف)حالة( العبودية وج وہ ذوق نیقی دیپا وت ٹک اجںیت ںیہ زریجنںی وحينما تنشأ لذة اليقني )بنفسها( )عندئذ( تنقطع السالسل عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 243 غالم صابر إقبال شاعر فردا ص: 21 املصدر السابق ص: 21 العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 3٤٤ عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 251
الصحوة اإلسالمية يف صور فنية لدى إقبال 45 كما نرى يف هذا البيت أيضا : لکن ےک رحصا ےس سج ےن روویمں یک تنطلس وک اٹل دای اھت وهي اليت قلبت سلطنة روما بعد ما خرج من الصحراء انس ےہ ہی دقویسں ےس ںیم ےن وہ ریش رھپ وہایشر وہ اگ مسعت من املالئكة أن هذا األسد سيكون منتبها من جديد الشك يف ذلك فقد كان إقبال حيمل يف نفسه روحا إسالمية خالصة ال غموض فيها وال عسر وال التواء وهذه الروح اإلسالمية حتببه إلينا وهي اليت جتعله يتحكم يف القلوب ويستويل على العقول ويستأثر ابملشاعر واألحاسيس وكان يدعو إىل اليقظة اإلسالمية وإىل الصحوة الدينية ويقود األمة إىل اإلسالم واسرتجاع اجملد وإعادة ذلك الشرف واملنزلة وحيثهم على اجلهاد وطلب احلق وسيادة اإلسالم وقيادة املسلمني كما يقول أبو احلسن على احلسين الندوى: "ولكن دمحم إقبال يعتقد أن الصدمات السياسية اليت أصيب هبا العامل اإلسالمي أقضت مضجع املسلمني وأيقظتهم ودب فيهم دبيب احلياة يقول يف قصيدته البليغة "طلوع اإلسالم" إذا رأيت النجوم شاحبة منكدرة ختفق فاعلم أن الفجر قريب ها هي الشمس قد ذر قرهنا من األفق ووىل الليل على أدابره إن عاصفة الغرب قد أعادت املسلم إىل اإلسالم فإمنا تتكون الآليلء يف البحر املتالطم اهلائج لقد دب دبيب احلياة يف الشرق وجرى الدم الفائر يف عروقه امليتة وذلك سر ال يفهمه ابن سينا والفارايب إن املسلم سيمنح من هللا األهبة الرتكية والذكاء اهلندى والنطق العرىب ويقول يف بيت: "إن إقبال ليس ایئسا من تربته احلقرية فإهنا إذا سيقت أتت حباصلكبري". وقد صور لنا فلسفة احلياة الفانية لكل إنسان يف كل زمان ومكان يف هذه الصورة اليت قد استمد مادهتا أيضا من الطبيعة الساحرة املبتهجة وكانت هذه الصورة حتكى لنا رؤية كاملة ملوقفه. زدنیگ ااسنن یک ےہ امدنن رمغ وخش ونا إن حياة اإلنسان مثل الطائر مجيل الصوت)املغرد( اشخ رپ اھٹیب وکیئ دم اہچہچای, اڑایگ )الذي( جلس حلظة على الغصن غرد مث طار العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 1٤ عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 143 أبو احلسن علي احلسيين الندوي روا ئع إقبال ص: 111 العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 11 عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 155
جملة علمية حمكمة (اجمللد 3 العدد )2 : 47 وقد تناول فلسفة احلياة يف صورة حسية بصرية تعطى ألطف اإلحساس وأعظم اإلدراك لعدم ثبات هذه الدنيا وفنائها وإهنا ال تستقيم ألحد وال تتماشى مع أحد وإهنا مثل هذا الطري املغىن اجلميل الذي جيلس على غصن من غصون الشجرة ويغرد لربهة من الزمن مث يطري وهكذا فإن اإلنسان أييت إىل هذه ( )1 الدنيا ليتنفس ملدة قصرية مث يتوقف نشاطه ابنتهاء أجله. ومما يالحظ يف شعر إقبال إعجابه ابلوردة احلمراء وشيوعها يف شعره حيث أهنا كانت حتتل مكانة عالية ومنزلة سامية يف شعره وكانت ابجلملة أكثر تشبيهاته تدور حول هذه الوردة احلمراء وصارت رمزا من رموز شعره وعالمة من عالماته املشهورة كما نراها يف الصورة التالية أيضا : ایخابں ںیم ےہ رظتنم الہل بک ےس ابق اچےیہ اس وک وخن رعب ےس ( )2 ( )7 الوردة احلمراء منذ مىت تنتظر يف البستان وإهنا تريد الدماء من قباء العرب لقد أخذ هذا البيت من قصيدة إقبال املشهورة اليت تعرض فيها لدعاء طارق بن زاید وكان قد عرب البحر ووصل إىل أسبانيا فلما وصل إليها أحرق الفلك واملراكب وراءه وعزم عزما شديدا على فتح األندلس وقد صور طارق األندلس يف هذا الدعاء حديقة اینعة وجنة خضراء ممتلئة ابلزهور والورود وكانت الوردة احلمراء اليت تعترب مبلغ مجال هذه احلديقة ومنتهى حسن الربيع فيها تنتظر املسلمني العرب لرياقبوا ويشرفوا على هذا البستان األخضر وكانت هذه الوردة احلمراء تريد أن تلبس رداءا أمحر لتكون أكثر ملعاان وأزهى مجاالا وأعظم حسنا ونرى أنه يشبه دماء العرب ابلرداء األمحر وهذا الرداء ينزل على هذه الوردة ( )4 احلمراء الذي حيافظ عليها من القطف واخلطف ومن الذبول واليبس. وقد دعا إقبال يف هذه الصورة دعوة اجلهاد بطريقة مبتكرة وصورة أخاذه حيث رغب املسلمني على ذلك وشجعهم على الشهادة واالستماتة يف سبيل هللا ألجل إعالء كلمته اخلالدة ونشر دعوته الصاحلة ولكنه تصدى هلذه املعاين السامية والدعوة العظيمة يف خيال قد استمد عناصره من الطبيعة وتناول الوردة احلمراء يف صورة جديدة تريد أن حتفظ نفسها وتصون كرامتها برداء املسلمني الذي قد نسج من دمائهم. ( )1 ڈارٹکوخاہجدمحمزرکای ميہفتابلربجلی گنسلیمزنشیکیلبپ الوہر ٤٠٠1 ء ص ٤50: ( )2 ( )7 العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص 30٠: عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص 747: ( )4 ڈارٹکوخاہجدمحمزرکای ميہفتابلربجلی ص ٤93:
الصحوة اإلسالمية يف صور فنية لدى إقبال 43 نقد احلضارة الغربية يف صوره الشعرية كان رمحه هللا يقصد األذهان ابلتأثري العاطفي واجلمال الفىن احملكم ويوجه العقل اإلنساين حيث ميلى عليه التوجيهات اإلسالمية ويذك ي يف نفوس الناس عاطفة اإلميان وجذوة اإلسالم وقنديل احلضارة اإلسالمية اخلالدة حيث تتجلى فيها قدرته على املزج بني الوظيفة اليت يرغب فيها للتصوير الفين األديب وبني الغاایت اإلسالمية واملفاهيم اإلميانية اليت حق ق فيها جدارته ومهارته على تغطية كال اجلانبني معاا ومها املتعة العقلية واللذة الذهنية واإلحياءات اإلميانية واخلواطر اإلسالمية اليت حترك مشاعر اإلنسان وانفعاالته جتاه املسؤولية العظمى اليت خلق هللا سبحانه وتعاىل اإلنسان ألجلها وها هو يوض ح للمسلمني ضاللة احلضارة الغربية وفداحتها ووخامتها يف هذه الصورة اليت ترتك يف النفس أبلغ التأثري. اہمتری ذہتبی اےنپ رجنخ ےس آپ یہ وخد یشک رکے یگ ثقافتك تنتحر بخنجرك وج اشخ انزک ہپ آایشہن ےنب اگ اناپدیئار وہ اگ والعش الذي سيبىن على غصن ضعيف ال يدوام لقد خلق لنا الشاعر هذه الصورة لتدل على دانءة هذه احلضارة وقد حد د هلا منزلتها حيث اخرتع لنا بقوة خياله يف صورة اجلاين الذى ميسك يف يده خنجرا حادا على سبيل االستعارة املكنية ويريد أن ينتحر هبذا اخلنجر عند ما انكشف أمره على الناس وظهرت حقيقته ورأى عاقبته الوخيمة ومستقبله يف السجن والقيد حيث ال مفر له وال انفالت منه على كل حال. وقد صور حالة هذا اجملرم اجلاين حبالة هذا العش الذي بىن على قضيب ضعيف ويرى هذا القضيب من بعد كأنه بنيان اثبت أو صرح عظيم ولكنه يسقط بنفسه وينهدم داخليا ألساسه مل يقو وبنيانه مل يستقر. ولقد أثر الشاعر يف النفوس واألفئدة بضرب هذين املثلني وصور لنا فيها أزهي منظرا لضاللة احلضارة الغربية وثقافتها الفاسدة من داخلها وكان إقبال من كبار نقاد احلضارة الغربية وقد أمل هبا وعايشها عن كثب وتعمق يف ثناایها وسرب أغوراها حىت غاص على استجالء مجيع وجوه االستكراه ومواطن الضعف ومواقع االحنطاط. وعمد يف ضوء ذلك هداية املسلمني واألمة اإلسالمية مث حاول تقريب احلقائق األصلية والتجارب الصادقة هلم بضرب هذه الصورة املخفية. وقد خلقت فينا هذه الصورة أثار عميقا ال يزول مع الوقت بل يتجدد لكل من يريد القارءة زایدة املعرفة كما يؤكد هذا املعىن يف صورة أخرى أكثر داللة وأعظم وقعاا يف النفوس وأقرب إحساساا إىل تدهور هذه احلضارة وضعفها. العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 11 عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 143 ومالانالغم روسل رہم اطم ب مالماابقلاردو رتممج: خیش الغم یلع اڈنی زنس )رپاویئٹ لی میبد ( الوہر عبط اول ص: ٤٤0
43 جملة علمية حمكمة )اجمللد 3 العدد: 2( داب راھک ےہ اس وک زہمخ وریک زیت دیتس ےن إن يد املوسيقي السريعة تضغط تہب ےچین رسوں ںیم ےہ ایھب ویرپ اک واوالی إن ضوضاء أوراب غامضة يكشف لنا الشاعر يف هذه الصورة الفنية حقيقة احلضارة الغربية اليت تقوم على النظرایت الفاسدة واألفكار امللحدة وإهنا ختلو من الروح الدينية والقيم األخالقية اإلنسانية اخلالدة فيصورها بذلك املغىن احلاذق الذي يضرب على القيثارة املوسيقية بكل نشاط ومحاس وخيرج األحلان الصارخة والنربات املرتفعة والذبذابت الالواعية وكان يريد بذلك كله أن يغطي وخيفي وراء هذه الصرخات والطلقات الطموح الديىن والنزعة األخالقية والعكوف على الدين. بيد أننا نرى أن هذا املعىن حيمل إليهم يف ثناایه هذه األحلان واألغاين والعواطف الفاسدة واخلواطر املاجنة حيث ال قيمة لشعرهم وال حالوة لنظمهم وال إيقاع لنربهم وال معىن لذبذابهتم فال فائدة هلم يف هذا الغناء بل إنهكان خاليا من األمن واخللق الطيب والراحة املعنوية إمنا يزيد يف التوتر والتوعر والثقل. وقد ال حظنا يف هذه الصورة الرمزية اليت حتق ق من خالهلا تقريب احلقائق إىل النفوس واستبيان أقصى معاين هذه احلضارة والتضلع فيها الكتشاف رواسبها ومساوئها فإهنا بدأت تنادى ابحلرية وترفض املذهب والدين وتنكر القيم األخالقية واملثل العليا فصارت مثل هذه األحلان الالمعقولة واألغاين الالواعية وأقبلت على املادة كل اإلقبال واراتحت إىل االنتهازية كل ارتياح فاستسلمت للمادة وخضعت للنفس وركنت إىل اللذة املؤقتة والتمتع القليل وهلا هيكل عظيم يف ظاهرها وابطنها فساد وخراب وصرح عظيم ال أساس له وكينونة ضخمة يف إطارها ومنخرطة يف داخلها مثل هذا الغناء الظاهرى ال شيء فيه غري هذه الصرخات والضوضاء والشنشنة كما نرى يف البيت التايل كذلك. رگہچ ےہ داشکل تہب نسح رفگن یک اہبر مع أن ربيع الفرنجة جذاب وجميل اطرئک دنلب ابل! داہن ودام ےس زگر إهنا الطائر طويل الريش امض من )قيد( احلبكة والشبكة ويرس م لنا الشاعر صورة أخاذة يف صورة "التشبيه الضمىن" حيث يشبه احلضارة الغربية يف هبجتها ومسراهتا وترفها اهلائل ونعيمها الطائل ابلشبكة اليت نصبت وأقيمت لتصطاد ابملرصاد كل طائر طويل العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 3٢٢ عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 233 ڈارٹکوخاہجدمحمزرکای ميہفتابلربجلی ص: 1٤ العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 3٢1 عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 227
الصحوة اإلسالمية يف صور فنية لدى إقبال 42 الريش عظيم اهلدف على املنزل وكان من الطري ما ال ينظر إىل العاقبة وينسى اهلدف األمسى ويقبل على احلبوب دون اإلحساس هبذه الشركة ويسقط على هذه النعمة واملتاع القليل وعدم معرفة العواقب واملصري وإمنا خيدع نفسه حىت يلقى هبا إىل التهلكة. ومما حيمد إلقبال يف هذا الصدد إنه ال يقصد املعاين العادية املتمثلة يف هذا التشبيه العادي وذلك ألن تشبيه الشركة للصياد ابحلبوب تشبيه متناول إذ ال يوجد فيه ابتكار ال كليا وال جزئيا ولكننا نرى من خالل هذا التشبيه الرؤية البعيدة اليت قد قصد إليها واخليال البديع الذي أراد أن حييط به هداية ووقاية لنا من سوء هذه احلضارة الضالة حيث وضع لنا هذا اإلحساس العميق واخلاطر القوي على لوحة فنية سهلة اإلدراك عميقة الفكر بعيدة املدى والشأو وهو ألن هذه احلضارة الغربية الضالة إن كانت تدعو إىل املسرات واللذات والرتف والبذخ وهي تقود اإلنسان من الداخل إىل اهلالك والدمار لكوهنا خالية من الرتبية األخالقية والقيم الروحانية العظيمة والكرامة اإلنسانية ومن مث تفقد يف كياهنا ملتبعيها الراحة القلبية واإلطمئنان الداخلي واهلدوء املريح فلجأ إىل هذه الصورة التشبهية إىل حتقيق وتقريب هذه احلقيقة الثابتة إىل أعماق قلوبنا مشاعران. العاطفة الصادقة لديه كانت العاطفة إحدى األدوات الشعرية اليت يريد هبا إقبال أن يقرب احلقائق إىل األفهام والعقول وإىل اإلدرك والشعور بصياغة مجيلة وأسلوب فىن متقن فيغوص وراء املعاين العميقة واألفكار الدقيقة بفضل ثقافته الواسعة واطالعه الكثري وحيسن استخالص النتائج املثمرة من املقدمات بطرق علمية. فيتحلى شعره ابلعاطفة اإلنسانية اخلالدة اليت تتمثل يف الطموح واحلب واإلميان ومسو النفس وبعد النظر وعميق التجربة واحلرص على سيادة اإلسالم ألنه يصدر عن نفس وراءها قلب صادق وينساق عن عقل وراءه نور وإميان ويندفع عن فلسفة وراءها روح إسالمية فبث هذه املشاعر الروحانية والعواطف اخلالصة يف شعره حمافظا على الروعة الفنية واجلودة الشعرية والقوة البيانية حيث مل يدع للعقل جماال يطغى على فن الشعر فيضعف مستواه وتذهب روعته كما مل تضلله األخيلة البعيدة عن مدار اإلدراك والشعور وعن أتمالت الفطرة ومالحظاته فيصري الشعر عاجزا عن حتقيق املتعة الفنية وأداء الوظيفة األساسية والرسالة اخلالدة واهلدف األمسى فيذكر لنا يف هذه األبيات صفات األتراك احلسنة من حيث متسكهم ابلدين اإلسالمي الذي اعتصموا به اعتصاما قوای كالعروة الوثقى وكانوا خري القائمني عليه وأجنزوا إجنازات ابهرة وأحرزوا قصب السبق يف مجيع امليادين وكافة احلقول ومل يكونوا متزودين بتلك األسلحة واألدوات احلربية املستحدثة اليت تسلح هبا اليواننيون والرومان الذين زحفوا عليهم كالنسور لكنهم أخفقوا يف هذه احلرب وفشلت جهودهم وغرقت سفنهم اليت كانت
51 جملة علمية حمكمة )اجمللد 3 العدد: 2( تسري يف ظلمات البحر وتقعراته بينما جنحت تلك الوجوه اليت كانت نواصيها متلطخة ابلرتاب والطني من كثرة السجود خلالقهم ومالكهم وابرئهم ومل يقاتلوا ومل جياهدوا إال ألجل إعالء كلمته اخلالدة ونشر دعوته السماوية الرابنية وتلك هي العواطف النبيلة الكبري- احملرتمة النقية اليت يبثها هذا الشاعر الداعي - يف النفوس والقلوب حيث ال ينضب معينها وال خيبو أوارها وأخذ يشحذ مشاعران ويشجع مهمنا على أن جندد تلك اإلجنازات الباهرة واملآثر اخلالدة وأن نسرتجع ذلك الشرف املفقود واجملد الغابر وأن نستعيد لألمة ذلك التشخص الكامل واهلوية املستقلة وأن نرد إىل هذه األمة تلك السيادة والرائسة اليت كنا حنظي هبما ونعتز هبما يف العامل اإلنساين اعتزازا وافتخارا وكم كانت هذه السيادة والقيادة متميزة يف املعمورة ملا فيها من عدل وإنصاف ومساواة وأخوة واحرتام لإلنسانية وكرامة للحضارة اإلنسانية العظمي. اقعیب اشن ےس ےٹپھج هت وج ےب ابل ورپ ےلکن وہےئ دموفن درای زری درای ریتےن واےل ابغر رذگہر ںیہ ایمیک رپ انز اھت نج وک رحل الذين وثبوا كالعقاب بالجناح والريش السباح صار مدفوانا )غارقاا( حتت النهر )الفالسفه( الذينكانت تفتخر هبم الكيمياء صاروا غبار الطريق اتسرے اشم ےک وخن قفش ںیم ڈوب رک ےلکن امطےچن ومج ےک اھکےت هت وج نب ےک رہگ ےلکن نیبج اخک رپ رےتھک هت وج اريسک رہگ ےلکن وطلعت النجوم بعد أن غرقت يف دماء الشفق وهو الذي كان يصطدم ابألمواج ويصبح لؤلؤا والذين كانوا يصنعون جبينهم على األرض أصبحوا جيدون اإلكسري وكان إقبال يعد أكرب شاعر فلسفي وروحاين هتيأله مامل يتهيأ لغريه من سالمة الفطرة وعذوبة املعاين وحرارة الروح اإلميانية وطالقة البديهة وسعة الثقافة فأجاد التعبري عن خلجات النفس وخواطر الشعور فأصبح شعره-من مث- يصلح لكل زمان ومكان ولكل عصر ومصر وذلك أنه يف شعره داعية إىل قول أمجع وبيان أوسع وبرهان أنصع يف أسلوب أجذب للقلب وأخلب لللب وأصغى لألمساع وأدىن إىل االقناع وكان يستمد مادته من الذكر احلكيم كأنه تنزيل من التنزيل أو قبس من نور الذكر احلكيمكما نرى يف هذه األبيات إذ صور لنا منظرا مجيالا ورؤية حسية ماكان عليه الناس يف العصر اجلاهلي قبل بعثة الرسول هللاىلص. ڈارٹکوخاہجدیمحزیداین رشحابگن درا )تغل اوررشتحی( گنسلیمنشیکیلبپ الوہر عبطا ول : ٤٠٠1 ء ص: ٢5٠ غالم صابر إقبال شاعر فردا ص: 22 العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 3٤٤ عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 252
الصحوة اإلسالمية يف صور فنية لدى إقبال 51 مہ ےس ےلہپ اھت بجع رتے اہجں اک رظنم كان منظر العامل قبلنا عجيبا ںیہک وجسمد هت رھتپ ںیہک وبعمدرجش كانت األحجار يسجد هلا يف مكان وكانت األشجار تعبد يف مكان آخر وهكذا خلق لنا صورة ينتقل منها ابلعاطفة إىل الروح ورسم لنا لوحة فنية تشرق ألفاظه البسيطة السهلة كاملصابيح حيث يعطي كل مصباح منظرا جذاابا وصورة أخاذة كما نرى يف هذا البيتتمكنه من إعطاء صورة للمساواة والتفاضل والتفاوت بني الناس ابلعدل واإلنصاف إذ ال فرق بني حاكم وحمكوم وبني ملك ورعية وبني غين وفقري يف الصالة يف صف يستوى فيه األغنياء والفقراء وامللوك والعامة واحلكام واحملكومني يف كلمات بسيطة ختلق لنا رؤية حسية وتوحى مبنظر أكثر جذاب وأقدر إدراكا. آایگ نیع ڑلایئ ںیم ارگ وتق امنز اک یہ فص ںیم ڑھکے وہ ےئگ ومحمد اایز دنبہ اصبح واتحمج وینغ اکی وہےئ لوحل وقت الصالة يف وقت احلرب لقد قام حممود الغزنوي وأایز يف صف واحد )يف الصالة( إن العبد والسيد والفقري والغين صاروا وحدة ہلبق رو وہ ےک زنیم وبس وہیئ وقم اجحز ہن وکیئ دنبہ راہ اور ہن وکیئ دنبہ وناز ریتی رساکر ںیم ےچنہپ وت یھبس اکی وہےئ فشعب احلجاز توجه إىل القبلة وسجد ومل يكن هناك فرق بني الويل والعبد )احلاكم واحملكوم( حينما وصلوا إىل حضرتكم صاروا متساوين كما أنه غذى شعره ابلعاطفة الصادقة اليت تتمثل يف اخليال النادر الرائع الذي يضبط الشعور ويسيطر على املخيلة فريدها إىل حدود اجلمال الفين احملكم وإطار اجلودة وحيز الصور الناطقة املوحية حيث ال قيمة للعاطفة بدون خيال وال يراتح هذا اخليال إال إىل هذه العاطفة اإلنسانية اخلالدة املتمثلة يف الصور ويتجل ى هذا املزيج املتآزر يف شعره ويف رسالته أعظم مما جتلى يف شعر معاصريه وهذه هي أهم العناصر والعوامل اليت جتعل شعره حيا يف القلوب ابقيا فيها مسايرا لكل عصر ومصر وذلك ألنه حيمل العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 01 عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 173 ومالانالغمروسلرہم اطمبمالماابقل اردو رتممج ص: ٤00 العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 0٤ عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 131
52 جملة علمية حمكمة )اجمللد 3 العدد: 2( رسالة إهلية وفكرا سليماا وروحا دينية يف صور فنية موحيه أيسر هبا النفوس وميلك هبا األلباب وكما كان يتغلل منها إىل أعماق القلوب وأدق املشاعر يف هذا البيت: ریمی اشم طگ ی یک ایک رضورت نسح ینعم وک إن حسن املعىن ليس يف حاجة إىل زخرفىت ہک رطفت وخد وخبد رکىت ےہ الےل یک انح دنبی ألن الفطرة حتيط ابحلناء بنفسها كان إقبال يدعى يف هذه الصورة أبن شعره ال حيتاج إىل زخرفة وال يفتقر إىل تزين داخلي وخارجى وذلك ألنه حيمل يف طياته موضوعات قيمة ذات توجيهات دينية وقيم خالدة وطقوس إسالمية حيث ال حاجة الستخدام الكلمات املصطنعة وال الرتاكيب املكلفة وال األوزان الثقيلة كما نرى يف حالة الوردة احلمراء اليت تنشأ يف األرض حممرة منفتحة من فطرهتا الطبيعة وجبلتها اخلليقة اليت خلقها هللا هبا وهكذا أهنا ال حتتاج إىل احلناء وال تزين والتبتل. ومما ال شك فيه أن شعر إقبال حيمل هداية وإرشادا للناس ويعترب أفضل تعبري عن القيم اإلسالمية وعبارة عن روح الدين وهداية ملن يريد التقوى والفوز وقد صور لنا الشاعر هذا املعىن يف صورة توحي إحياءا مجيال وتفيد رؤية أمجل وأحسن كما نرى ذلك على سبيل املثال يف تشبيهه حيث شبه شعره ابلشعلة املشتعلة وهليبها ابلنواح وهي توقد وتضاء كالقنديل وال تقدر وال تعرف قيمتها إال يف الليل املظلم احلالك وتزاد أهيمة هذا القنديل لتلك القافلة اليت قد أضلت الطريق وأخطأته يف هذه الليلة املظلمة وهذه القافلة تريد أن تلحق ابهلدف والغاية املنشودة فشعرى هذا يعمل عمل القنديل ويبدد الظلمات الداجية ويكشف هلا الطريق السالك يف هذا الظالم العميق. ادنریھی بش ےہ دجا اےنپ اقےلف ےس ےہ وت إن الليل مظلم وأنت مفارق قافلتك رتے ےیل ےہ رما ہلعش ونا دنقلی فنواح شعليت لك كالقنديل فرسم لنا إقبال هذه الصورة الرائعة اليت حياول أن يرشد من خالهلا األمة اإلسالمية جتاه اخلري واحلق حيث صور لنا هذه الدنيا كالليلة احلالكة قد سادها الظالم وعمها الدجى وكان املسلمون قد أضلوا الطريق املستقيم هبا وأخطأوا وكانوا يتيهون تيها ال خمرج له وحيومون حوما بدون دليل وخمرج يف الصحراء املقفرة. العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 3٢3 عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 232 ڈارٹکوخاہجدمحمزرکای ميہفتابلربجلی ص: 301 العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 350 عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 717
الصحوة اإلسالمية يف صور فنية لدى إقبال 57 ويف هذه احلالة القاسية يظهر شعره كالقنديل الذي يبدد الظلمات وميهد هلم الطريق السالك لكي يصلوا إىل غايتهم آمنني هادئني ويتكرر هذا الفكر يف بيت آخر يف صورة أخرى. تفص ربق اتکمچ ےہ رما رکف دنلب إن فكرى السامع يلمع مثل الربق ہک ےتکٹھب ہن رھپںی تملظ بش ںیم رایہ كي ال يضل املسافر الطريق يف ظلمة الليل وهنا رأينا أنه يشبه شعره مرة أخرى ابلربق الذي يلمع يف الليل املظلم وكأن املسافر الذي قد ضل الطريق وزاغ عن الغاية يسرتشد به يف هذا الليل وكان يضرب لنا هذه الصورة لتحمل إلينا هذه األفكار الفلسفية ويرى ظالم الدنيا كأنه هذه النظرایت الفاسدة واألفكار الضالة وكان الناس قد تورطوا فيها وزاغوا عن اهلدف األمسى وكادت هذه النظرایت تغلب العامل كله وتغطيه جبميع جوانبه فإذا شعره يظهر كالربق وينري الطريق ملن يتوخى اهلداية ويتحرى الرشاد ويضئ السبيل ملن يرجو الوصول إىل الغاية والبلوغ إىل احلق املنشود. وقد ظهر لنا خالل هذه الصور الرائعة أن الشاعر سخر قرحيتة لتوظيف التوجيهات اإلسالمية وإيغال النظرایت الفلسفية اليت ترتجم عن احلضارة العربية اإلسالمية اخلالصة فرسم لنا أعظم هذه املشاعر الدينية والعواطف اإلسالمية اليت يريد من خالهلا هداية األمة وإرشادها وتوجيهها حنو اخلري والفالح كما اتضحت لنا يف هذه الصور املطروحة. خامتة البحث وأهم النتائج تناولت يف مستهل هذا البحث مفهوم الصورة الفنية ومكانتها وماهيتها ووظيفتها األساسية يف النص الشعري واحلكم على أصالة التجربة لدى الشاعر وقدرته على تشكيلها تشكيال حيقق املتعة واللذة لدى املتلقى مث تتبعت حياته الفنية واألدبية مراعياا العناصر والعوامل اليت اجتعمت وآتزرت يف إبراز شخصيتيه الفذة وحاولت الوقوف على األبيات الشعرية اليت حتمل صورا فنية رائعة تدعو فيها إىل الصحوة اإلسالميةن والنزعات الروحانية والعواطف اإلميانية مبهارته الفنية البارعة وثقافته الواسعة واستدركاته الدقيقة ومالحظاته العميقة. العہمدمحماابقل ایلکتاابقل ص: 313 عالمة دمحم إقبال األعمال الكاملة ص: 724 ڈارٹکوخاہج دمحمزرکای ميہفتابل ربجلی ص: ٤٠٢
54 جملة علمية حمكمة )اجمللد 3 العدد: 2( استجليت القيم اجلمالية والسمات الفنية اليت يتميز هبا واليت امتد أثرها يف األغراض الشعرية املختلفة وال سيما يف نقد احلضارة الغربية وإصالح األمة وتربيتها وبيان فلسفته واتضح أثرها جلياا يف الصور الفنية الرائعة. ويف هناية املطاف سجلت أهم النتائج اليت توصلت إليها خالل كتابة هذا البحث وصنفت قائمة املصادر واملراجع حسب الرتتيب األجبدي مع ذكر فهارس املوضوعات ليتىن للقارىء االطالع على أهم موضوعات البحث بكل يسر وسهولة. الصور الفنية مصطلح حديث يف فن الشعر العريب وال شك أهنا وسيلة حتمية إلدراك نوع متميز من احلقائق اليت تعجر اللغة العادية عن توصيلها للمتلقى وابلتايل هي الوسيلة الفعالة اليت تكسب الشعر مجاالا وقدرةا على النفاذ إىل النفوس لتقبل النص الشعري وتتفاعل معه. الصورة الفنية تعترب املعيار األساسي يف احلكم على أصالة التجربة لدى الشاعر وقدرته على تشكيل جتربته الشعرية يف نسق حيقق املتعة واللذة للمتلقي. يعد الشاعر العالمة دمحم إقبال من أعظم الشعراء اإلسالميني الذين أثروا يف املتلقي عرب أسلوبه الشعري اجلديد النابع من فكره وخياله التصويرى البديع املستمد من منهل القرآن ومعينه وعاش جاهدا إليقاظ األمة وإرشادها أبشعاره اليت عملت على حث وتشجيع واسرتجاع اجملد واستعادة الشرف اإلسالمي القدمي فضال عن نشاطه اإلبداعي والفين إحياء وإضافةا وزایدةا على ما فعله الشعراء السابقون. يتميز رمحه هللا تعال يف وصف الطبيعة حيث يربط من خالهلا عظمة هللا سبحانه وتعاىل وقدرته بفلسفته وتصوفه فيسلم خياله إىل فطرته وجبلته اإلسالمية ليخلق مناخاا إسالميا وبيئة روحانيةا إىل درجة أنه اخرتع كلمات ورموز إسالمية مثل العقاب الذي شبه املؤمن به واحلديقة للدنيا والبلبل ويقصد به نفسه وغري ذلك.