النزعات والحياة الجنسية ودراسات الهويات الجنسية اللانمطية لم ينقطع اهتمام الدراسات الا كاديمية في العقود الثلاثة الماضية بمختلف جوانب النزعات والحياة الجنسية في العالم الا سلامي عبر العصور ونقاط الاتفاق الممكنة بينها رغم ا نه كان من اهتماماتها الصغرى. وقد عزز هذا الاهتمام ظهور الدراسات النساي ية ودراسات الجندر studies) (women's and gender الذي تزامن تقريبا مع ظهور دراسات المثليين/المثليات queer ) في منتصف ثمانينات القرن العشرين التي تبعها ظهور دراسات الهويات الجنسية اللانمطية (gay/lesbian studies) (studies في تسعينات القرن العشرين. ونتناول هنا ثلاث مجموعات من القضايا المعرفية التي تتعلق بالجندر والهوية الجنسية في المجتمعات الا سلامية ا لا وهي: المدخل البناي ي مقابل المدخل الجوهري وا همية بناء "النزعات والحياة الجنسية الا سلامية" كمجال للبحث وا وجه التفاعل فيما بين البنى الغربية والتقليدية للهوية الجنسية في المجتمعات الا سلامية الحديثة. سيتناول هذا المقال ا ساسا المصادر المكتوبة باللغة العربية التي ظلت هي لغة الصفوة المثقفة في العالم الا سلامي حتى القرن الثاني عشر. ا ما المصادر التي تتناول ا قاليم ا خرى فسوف ترد في ثبت المراجع. ا ن مجال الدراسات النساي ية الذي يتناول في المقام الا ول المجتمعات المعاصرة من منظور اجتماعي ا و ا ثنوغرافي ا و سياسي فقد قدم لنا معلومات خام عن بنى الجندر لكن الدراسات المكرسة تماما لدراسة هوية الذكور وثقافتهم لم تظهر ا لا مو خرا. ا ن كتابات النساء والرجال ممن تعاملوا مع السلوك المثلي في الا سلام ا و المجتمعات العربية هي كتابات تحمل معلومات لا تنكر ا لا ا نها كثيرا ما تبدو غافلة عن القضايا العميقة المرتبطة بمفردات اللغة التي تستخدمها. فعبارات مثل "الجنسية المثلية" و"اللواط" و"تغيير الجنس" و"السحاق" تستخدم دون طرح تساو لات عن معانيها بل ا ن ا لفاظا عربية مثل "اللواط" و"التخنث" تعادل على الفور عباراتي "الجنسية المثلية" ا و "التشبه بالنساء" وترتبط بهما دون تعمق في بحث معناها. ورغم ا ن بوسكيه يناقش الا همية الفعلية لل"زنا" في شمال ا فريقيا رغم تحريم الفقه له تحريما مشددا ا لا ا نه لا يتجاوز ملاحظة ا ن "اللواط بين الا طفال ا و الشباب لا يواجه بسخط شديد... وهو شاي ع بين البالغين. ومن المعروف ا ن منطقة معينة في تونس مشهورة بهذا الا مر" (60.(Bousquet,1953 ومن منظور ا خر يحاول صلاح الدين المن جد ا ن يرسم صورة للعادات الجنسية في العصرين الا موي والعباسي بما فيها العلاقات الجنسية المثلية من خلال تتبع النوادر المقتبسة في الا عمال الا دبية. ويبدو ا ن المو لف فهم هذه النوادر على ا نها انعكاس حقيقي للواقع فيما يتعلق بمجتمع العصور الوسطى با سره دون ا ن يشرح ا ن كلمات مثل "اللواط" لا تحمل نفس المعنى في اللغة العربية بشكليها القديم والحديث ا ما لا نه يفترض ا ن القراء على علم بالموضوع ا و على الا رجح لا نه هو نفسه يفترض ا ن "اللواط" يعني الجنسية المثلية. وقد دفعه انتشار الا مور الجنسية في الا دب ا لى تسمية العصر العباسي باسم "عصر الجنس" ويعزوه ا لى المزاعم بضياع المشاعر الدينية وسط الطبقة العليا (صلاح الدين المنجد ٤٥) ١٩٥٨ بل ويعزوه فوق كل شيء ا لى "التا ثير الفارسي". وقد ظلت المصادر العربية تتجاهل العلاقات الجنسية المثلية طوال القرن العشرين سواء بالسكوت عنها ا و الا شارة ا ليها على استحياء ا و عدم ا قرارها ا و نبذها باعتبارها من ثمار التا ثير الا جنبي واتجاهات الماضي. ويتناول بيلات هذا الموضوع على مضض في مقاله الوارد ضمن موسوعة الا سلام (1983 (Pellat, Encyclopedia of Islam والذي كتبه من منظور الخطابات المعيارية الما لوفة التي ا نتجتها المجتمعات الا سلامية عن اللواط. لكن مع العمل الراي د الذي ا لفه بوحديبة عن النزعة والحياة الجنسية في الا سلام islam) (Bouhdiba, La sexualité en صارت النزعات الجنسية موضوعا محددا متماسكا للدراسة. وقد ركزت الا بحاث الا حدث عهدا على ا نواع الفهم التي تتجلى في الا نتاج الثقافي لا سيما الا دب سواء الكلاسيكي منه ا و الحديث. لكن حتى وقت قريب لم تحدث ا لا محاولات قليلة لتقييم الممارسات الخطابية في ضوء نظرية بناء الجندر. ا ما الجدل البحثي الذي حفزته دراسات الهويات الجنسية اللانمطية والتي اهتمت في المقام الا ول با همية مفهوم الهوية (الجنسية) فهي مفيدة ا لى حد بعيد في دراسة الثقافات غير الا وروبية التي يمكنها ا ن تستفيد بدورها من الجدل الا كاديمي الداي ر ٥٥٦
حول بنية النزعات والحياة الجنسية في المجتمعات الا سلامية. وقد تفاعل الا وروبيون ا ثناء عهد الاستعمار مع الحضارات غير الا وروبية وخاصة مع "الشرق" الا سلامي كمثال يلخص ثقافة "الا خر" (فكرة "المنطقة السوتادية" التي ا تى بها ر. لهذا التفاعل علاقة وثيقة بالبناء الغربي للهوية الجنسية المثلية بمساعدة ما ا سماه ا ر. بليز سي. 1 بيرتون ) وكان (R. C. Bleys) الخارطة التي رسمتها المخيلة الع رقية ل"جغرافيا الانحراف الجنسي". وينطبق هذا التفكيك بدوره على الثقافات الا سلامية وهو يثري مبحثا علميا ظل حتى الا ن يتعلق في المقام الا ول بممارسات الجنسية المثلية لدى قدماء الا غريق والرومان. وما زلنا بحاجة ا لى بحث ودراسة الروابط الممكنة بين مفاهيم الحضارات التي سبقت ظهور الا سلام والعلاقات المثلية وبين سمات الثقافة العربية الا سلامية التي ظهرت بعدها. - وخاصة الحضارتين الا غريقية والفارسية - بشا ن الجندر ا ن ا وجه التشابه والاختلاف في العلاقة بين الرجل المول ج وبين الرجل المو لج فيه في الثقافة الا غريقية الكلاسيكية وبين الشاعر/الا مرد في الثقافة الا سلامية تحتاج ا لى دراسة ا يضا. وكثيرا ما لوحظ ا ن انتشار شعر الغزل المثلي يبدا مع عصر الخلافة العباسية ( ١٢٥٩-٧٥٠ م) حين اندمج التراث الفارسي مع الثقافة الا سلامية. لكن مجرد ارتباط عشق الغلمان بالحركة الشعوبية (الانحياز للفرس) في بعض الا عمال الا دبية لا يجعل الباحثة ا و الباحث ينسب ظهور "المثلية الجنسية" في الحضارة الا سلامية ا لى تا ثير خارجي. وقد تم تكريس الكثير من الا بحاث لدراسة التعريفات الغربية للمثلية الجنسية ثم حركة تحرير المثليين التي ظهرت مو خرا ومدى تا ثير تلك التعريفات في فهم المجتمعات الا سلامية للسلوكيات الجنسية المثلية وفي فهم "المثليين" لا نفسهم ولا نفسهن. وربما يرجع ا ول ظهور لوجود هوية جنسية ذات صلة وثيقة بالجنسية الغيرية (heterosexuality) [النزوع ا لى ممارسة الجنس مع فرد من الجنس الا خر] ا لى القرن التاسع عشر ا بان عصر الالتقاء بين ا وروبا الاستعمارية والعالم الا سلامي. وكثيرا ما ا دى تا ثير الفترة الاستعمارية على بناء الجندر في البلدان الا سلامية ا لى فرض فهم صارم للجنسية الغيرية بل وا حيانا ما كان يتم فرض هذا الفهم طبقا للقانون الا خلاقي الفيكتوري الذي سرعان ما ا ضفيت عليه الصبغة الا سلامية بحسم شديد. ويتضح في دراسة ب. دونز Dunnes).B) عن ا ضفاء الصبغة الطبيعية على النزعات والحياة الجنسية في مصر كيف ضغطت السلطة الاستعمارية على السلطات المحلية لتجريم الممارسات الجنسية قانونيا رغم تردد السلطات المحلية في ذلك. وقد حدثت ضغوط مماثلة في الهند ونجد لها تحليلا قام به س. بهاسكاران S. ).(Bhaskaran ا ن ا ثر الا خلاق الا وروبية في القرن التاسع عشر على بنية النزعات والحياة الجنسية الا سلامية يتضح ا يضا في الدراسة التي ا جرتها ا فسانه نجمبادي عن ا يران في الفترة القاجارية. وبعد نشر كتابات ميشيل فوكو وخاصة بعد ظهور الترجمة الا نجليزية للجزء الا ول من كتابه تاريخ النزعات والحياة الجنسية sexualité) (Michel Foucault, Histoire de la سار الباحثون والباحثات على نهجه وبدا وا التفكير في كيفية بناء النزعات والحياة الجنسية في الخطاب تاريخيا وكيف تضفي الثقافات سمة الطبيعية على السلوكيات الجنسية بحيث تضع تعريفا محددا لكل نوع اجتماعي وترسم الحدود الفاصلة بين ا فراده. وقد سعى المو رخون والمو رخات ا لى تحليل بنية النزعات والحياة الجنسية بينما يستكشف الباحثون والباحثات في مجال الا داب مختلف الروابط التي تحدد الهوية الذكورية ويبينون كيف تصورت كل ثقافة من الثقافات النزعات والحياة الجنسية في مختلف العصور. وتوضح هذه الكتابات كيف جرى "اختراع المثلية الجنسية كفي ة معينة ومعارضة لا حدى القيم التي تع رف نفسها ا ساسا عن طريق ما تستبعده عن نفسها" (15 (Eribon,1998 كما توضح كيف نضج هذا التصور عبر فترة طويلة من الزمن بدا ت في القرن الخامس عشر في ا وروبا ثم تسارعت منذ القرن الثامن عشر مع افتراض ا ن الغيرية الجنسية ليست مفهوما طبيعيا ا و عاما بقدر ما كان الناس يعتقدون ولا هي الطريقة الوحيدة التي يختارها الا فراد لممارسة حياتهم وحياتهن الجنسية بقدر ما هي تعرف مصاغ للجندر يستبعد الجاذبية والممارسة الجنسية المثلية. ا ما المو رخات والمو رخون الذين يعتبرون من ا تباع النزعة الجوهرية فقد اعتبروا ا ن الجاذبية الجنسية المثلية هي نموذج موجود في عموم العالم بين ا قلية من البشر بغض النظر عن تبلوره كمفهوم مستقل في التاريخ يمكن تصنيفه عن حق تحت في ة "المثلية 1 افترض ريتشارد فرانسيز بيرتون وجود منطقة جغرافية تنتشر فيها العلاقات الجنسية المثلية وتحظى بالتسامح الاجتماعي ا سماها "المنطقة السوتادية" zone) (Sotadic وزعم ا ن اتجاه ا فراد سكان هذه المنطقة نحو المثلية الجنسية ا كثر شيوعا عنه بين سكان بقية المناطق الجغرافية. نشر بيرتون هذا الفرض للمرة الا ولى كملحق لترجمته لكتاب ا لف ليلة وليلة في عام ١٨٨٥ م واستلهم لفظ السوتادية من اسم شاعر ا غريقي هلينيستي هو سوتاديس. (المترجمة) ٥٥٧
الجنسية" ا و "المثلية الذكورية" ومن ثم حاولوا فحص نشا ة وتطورات هذا المفهوم في مختلف الا زمنة والا مكنة. ومنذ تسعينات القرن العشرين يمكن اعتبار نظرية الهويات الجنسية اللانمطية بمثابة تطور لاحق على المدخل البناي ي يهدف ا لى خدمة دراسات المثلية الجنسية لدى الرجال والنساء من مدخل يعنى بالا قليات والهويات. ورغم ندرة تناول هذه القضايا المعرفية في حد ذاتها في ميدان الدراسات التي تتناول الشو ون الا سلامية لاحظ معظم المو لفين والمو لفات ا ن كلا من النصوص المعيارية (القرا ن والحديث والفقه) والتصورات عن النزعات والحياة الجنسية (كما تتجلى في الكتابات السابقة ا و في المقابلات الشخصية الميدانية التي يجريها الباحثون والباحثات مع الناس) تتناول ا ساس السلوكيات المرتبطة بالا يلاج (في الدبر ا و في المهبل) ا و السلوكيات التي تعتبر بداي ل للا يلاج مثل ا يلاج العضو الذكري بين فخذي الشريك ("التفخيذ") ا و الاستثارة الذاتية [العادة السرية] التي تعرف با سماء متعددة (نكاح اليد ا و الد لك ا و جلد عميرة) والممارسة الجنسية بين ا نثيين (السحاق وهي كلمة تعني حرفيا "السحق" وهو تشبيه لهذا الفعل بعملية سحق ا وراق الزعفران) مع غياب محير لذكر مختلف ا نواع الممارسة الجنسية بالفم. وينظر ا ساتذة القانون ا لى كل هذه الا شكال من السلوكيات من زاوية المشروعية القانونية وينظر ا ليها ا ساتذة الا دب من زاوية القبول الاجتماعي والا دبي لكن السلطات التقليدية لم تستمد من هو لاء الا ساتذة ا بدا تعريف هوية الا قلية. وقد بذل روسون Rowson).E).K ا ول محاولة مقنعة لدراسة فهم العصور الوسطى لحالات النزعات والحياة الجنسية غير المعتادة من منظور بناي ي. وقد وضح روسون في دراسته عن قواي م الرذاي ل العربية التي وضعت في القرون الوسطى عددا من النقاط الجوهرية المتعلقة بتصور العصور الوسطى للنساء والرجال من منطلق الجندر والسلوكيات الجنسية. ولا يتناسب هذا التصور مع التصور الحديث الذي يعطي الا ولوية لاختيار نوع الشخص موضع الرغبة الجنسية على النشاط الجنسي فالذكر البالغ حسب تصور العصور الوسطى هو المول ج والا نثى البالغة هي المو لج فيها. وفي هذا الا طار يعتبر تفضيل الذكر لشريك من نفس الجنس ا و من الجنس الا خر مسا لة اختيار (وكلاهما غير قانوني خارج ا طار النكاح) ا ما الوضع السلبي في الممارسة الجنسية من الدبر (الذي ظل يسمى حتى القرن التاسع باسم ح لاق ثم سمي بعد ذلك ا ب نى ا و ب غاء) فقد تصوره الناس داي ما مرضا ويناقشونه على نطاق واسع في الكتابات الا دبية السابقة والتي كثيرا ما تتناوله على سبيل التلهي والتسلية. ويلقى رفض الا نثى لقبول ا يلاج الذكر نفس القدر من اللوم. وتوازى ممارسة اللواط ممارسة الزنا فكلاهما غير شرعي لكن الناس يتوقعون من الذكر ا ن يبذل محاولات لا شباع غراي زه عن طريق قيامه بفعل الا يلاج ويعتبرون قبول شاب ا مرد لدور الشريك السلبي بمقابل مالي - بافتراض ا نه لا يشعر با ية لذة من هذا الفعل - ا مرا مقبولا اجتماعيا رغم ا نه محرم شرعا في الدين. لكن لابد من التا كيد على ا ن مثل هذا التحليل ينبغي ا لا يستخدم كمفتاح لفهم التوجهات المعاصرة نحو العلاقات الجنسية المثلية ولا كتفنيد نهاي ي لوجهات النظر الجوهرية. ا ن مفهوم الجنسية الثناي ية (bisexuality) لم يناقش في الا بحاث العلمية ا لا حديثا ويمكن استخدامه ا يضا لوصف بعض السلوكيات الجنسية المثلية. وفي فترة ا حدث لفت وباء نقص المناعة المكتسبة (الا يدز) انتباه الباحثين والباحثات ا لى التركيز على العاملين والعاملات في مجال الجنس وزباي نهم. وقد نشرت بعض المقالات في مجموعة ا غل تون (Aggleton) عن الذكور ممارسي العهر وانتشار مرض الا يدز بينهم ومنها الدراسة التي قام بها س. خان Khan).S) عن منطقة جنوب ا سيا ودراسة بوشابا (Boushaba) عن مراكش وهي دراسات تلمح ا لى ا ن فكرة الجنسية الثناي ية للبشر يمكن ا ن تبني فكرة فيها شيء من التوازن عن العلاقات المثلية في المجتمعات الا سلامية الحديثة. ومن الحالات المثيرة للاهتمام على وجه الخصوص حالة "الخ ناث" ا و "التخنث" التي يمكن ا ن تعني اتصاف الرجال بالا نوثة ا و ولعهم بارتداء ملابسهن ا و تغيير الجنس من ذكر ا لى ا نثى بالجراحة ا و الخنوثة البيولوجية وهي حالة محيرة بسبب عدم اتساقها ولا حل لهذه الحيرة ا لا عندما يعتبر المرء ا ن هذا المصطلح يشير ا لى حالات متنوعة من الفشل في تحقق الذكورة في صورها السلوكية. وقد كتب روسون مقالا عن "المتصفين بالا نوثة" في المدينة في باكورة نشا تها ذهب فيها ا لى ا ن الخ ناث لم يرتبط بممارسة الجنس المثلي قبل القرن التاسع. وقد شمل كتاب موراي وروسكو Roscoe) (Murray and دراسات مهمة عن تجاوز حدود الجندر ا لا ا نه لم ترد حتى الا ن دراسات عن الكيفية التي يتحقق بها ال خناث في المجتمعات الا سلامية. ا ما ا. ويكان Wikan).U) فتوسع في مناقشتها للرجال الذين يطلق على الواحد منهم اسم "خنيث" والذين لاحظتهم في سلطنة عمان ا ثناء ٥٥٨
ا جراي ها لدراساتها الميدانية هناك في سبعينات القرن العشرين. وهذا اللفظ يكاد لا يوجد في العربية الفصحى فقد تجاهله ابن منظور في لسان العرب ويظهر بالكاد كصفة في قصيدة كتبها الا عرج الصافي واقتبسها الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات وفي هذه القصيدة يوصف المحبوب با نه "ظبي خنيث الدلال". ويمكننا ا ن نلاحظ ا ن اللهجات العربية الشرقية الحديثة تستخدم لفظ خنيث على سبيل السباب والازدراء للشريك الجنسي السلبي في الممارسة الجنسية المثلية. لكن الصورة الموصوفة للرجل الذي يتشبه بالنساء في ملابسه ا و الذي يغير جنسه ا لى ا نثى هي صورة تذكرنا بشدة بصورة المخنث التي وردت في الكتابات الا سلامية المبكرة فيما عدا ا ن العهر المثلي هو من ملامح الخنيث الحديث والتي لم ترد في الخطاب الذي تناول المخنث. وتخلص ويكان ا لى ا ن "الفعل الجنسي وليس الا عضاء الجنسية هو الذي يك ون بنية الجندر ا صلا" وهي خلاصة تتيح لنا فهم السبب في ا ن "الرجل الذي يلعب الدور الا يجابي في علاقة جنسية مثلية لا يهدد هويته الذكرية با ي حال من الا حوال" (175.(Wikan,1982 ا ن الا علاء من قيمة طهر الا نثى يجعل من السعي ا لى صحبة رجل خنيث ا مرا ملتبسا من وجهة النظر الاجتماعية ا ذ يجلب عارا فرديا على الرجل ا فدح مما يجلبه عليه كل من السعي ا لى ممارسة الجنس المحرم مع امرا ة سواء كانت عاهرة ا و الا مر الا سوا وهو ا ن تكون زوجة رجل ا خر لكنه يعتبر في نفس الوقت عارا اجتماعيا ا قل وطا ة من حيث ا نه لا يتطلب انتهاك المحرمات الجنسية المفروضة على الا نثى. وهكذا تلقي مو سسة الخنيث العمانية الضوء لا على المجتمعات الا سلامية وحدها بل على نظام العلاقات بين ا فراد نفس الجنس الواحد في ا ي مجتمع يو كد تا كيدا شديدا على عذرية الا نثى وعفتها. ال خو لات (وهم الراقصون الذكور في مصر القرن التاسع عشر الذين كانوا يرتدون ملابس النساء ا ثناء الرقص) الراقصات الا ناث بعدما ا مر محمد علي باشا بحظر عمل الا ناث في الدعارة والرقص في عام ١٨٣٦ م. ولنفس السبب حل تماما محل وما زلنا في حاجة ا لى دراسات وا بحاث عن ا وجه تنوع واستمرارية المصطلحات الخاصة بالعلاقات بين ا فراد نفس الجنس في مختلف اللغات المستخدمة في البلدان الا سلامية. وفي حالة اللغة العربية ظهرت مصطلحات جديدة مثل مصطلح "شذوذ جنسي" (في بدايات القرن العشرين ) و"مثلية جنسية" (في نهايات التسعينات من القرن العشرين) ولعلها مصطلحات تمت صياغتها لترجمة المفاهيم الا وروبية الخاصة بالجنسية المثلية.(homosexuality) وهناك كلمات ا نجليزية صارت الا ن جزءا من الحصيلة اللغوية المعتادة في المراكز الحضرية الري يسية في العالم الا سلامي مثل كلمة "غيي" (gay) (وا لى حد ا قل كلمة "كوير".(queer لكن لماذا وكيف حلت هذه الكلمات جزي يا محل المصطلحات التقليدية في العالم المتحدث بالعربية عندما فقدت المعاني الا قدم لكلمات مثل "لوطي" (المغرم بالشبان الذي يسعى للعب الدور الا يجابي في الممارسة الجنسية من الدبر) و"م ا جر" (الرجل المومس) و"ما بون" (الرجل الكبير الذي يسعى للعب الدور السلبي في الممارسة الجنسية من الدبر) و"م ساح قة" (المرا ة التي تتباهى بكراهية القضيب وتمارس العلاقة الجنسية المثلية مع امرا ة ا خرى) وما شابه هذه الكلمات وحلت محلها ا ما معان جديدة (فصارت كلمة اللوطي تفهم كمرادف للرجل ذي النزعة الجنسية المثلية وكلمة السحاق تعتبر مطابقة للنزعة الجنسية المثلية لدى النساء) ا و كلمات مستعارة من لغات ا خرى فمتى حدث هذا الا حلال وا لى ا ي مدى تغطي هذه الكلمات الجديدة بدقة ميدان المثلية الجنسية في الثقافة الغربية المعتادة هل ما زالت اللهجات الحديثة والقديمة (والعامية الحضرية ولغات العالم السفلي) بتذكارات لبنى الجندر في فترة ما قبل الحداثة وهل تتسق هذه المصطلحات مع تصورات ومفاهيم ا دب الصفوة تحتفظ ضمن مصطلحاتها ا ن اللغة تتيح جزي يا تلطيف الفكرة البناي ية القاي لة بوجود حد فاصل في المجتمعات الا سلامية القديمة بين الا فعال الجنسية والميول الجنسية وا ن هذا الحد يتمثل في ا ن تكرار الفعل الجنسي المثلي من باب التسلية ا و كفعل بديل عن الفعل الجنسي الحقيقي حتى لدى الشريك الا يجابي قد يتحول ا لى مرض ا و شيء قد يو دي في المستقبل البعيد ا لى تكوين هوية معينة وفي حالة الرجل الذي يكثر من النوم مع رجال ا خرين لا يمكننا ا ن نتا كد مما يحدث بينهم وكما قال التوحيدي بنبرة خبيثة عن الوزير الفارسي عباد الذي عاش في القرن العاشر "كم حربة في القوم صارت جعبة". ٥٥٩
المراجع المصادر العربية مصادر ا ولية باللغة العربية العصر القديم كل المعلومات الخاصة بالعصور المبكرة موجودة في مصادر القرن الثامن وما بعده وهي مصادر تتطلب تناولها بحذر من حيث قيمتها التاريخية. ويمكن البحث عن بعض الكلمات (اللواط والسحاق والحلاق وغيرها) في الموقع الا لكتروني www.alwaraq.com وهو موقع يقدم ما يزيد على مليون صفحة من الا عمال العربية القديمة المتاحة على الشبكة الا لكترونية... كما يكثر ورود العلاقات المثلية في الا عمال الا دبية من القرن العاشر مثل كتاب الا غاني للا صفهاني وكتاب محاضرات الا دباء للراغب الا صبهاني وكتاب المنتخب من كنايات الا دباء للقاضي الجرجاني وكتاب الرسالة البغدادية باسم المو لف المستعار التوحيدي. ا ما الا دب المتصل بكتابات "السخف" في الفترات اللاحقة فيقدم العديد من الا مثلة على ا دب العشق المثلي وا شهرها كتاب نزهة الا لباب تا ليف التيفاشي. ا نظري/ا نظر ا يضا مسرحيات خيال الظل لكل من ابن دانيال وكذلك النواجي في القرن الرابع عشر وكتاب هز القحوف للشربيني في القرن الثامن عشر. مصادر ثانوية الشرق الا وسط وشمال ا فريقيا ا براهيم محمود المتعة المحظورة الشذوذ الجنسي في تاريخ العرب بيروت ٢٠٠٠. صلاح الدين المنجد الحياة الجنسية عند العرب بيروت ١٩٥٨. المصادر الا جنبية Primary sources in Arabic classical period All information concerning the early period is to be sought in eighth-century and later sources, and commands caution in terms of its historical value. Although awkward to use, A. Schmitt s Bio-bibliography on male-male sexuality and eroticism in Muslim societies (Berlin 1995) is useful. Primary sources internet Gay Islamic websites calling for a reinterpretation of Qur anic verses condemning the People of Loth include www.alfatiha.net, www.queerjihad.org, and www.angelfire.com/ca2/queermuslims. Many gay and lesbian groups of Islamic cultural heritage in the United States and Europe have sites. See, for instance, the sites of the Gay and Lesbian Arab Society (http://www.glas.org/), Gays and Lesbians in African Studies (http://www.sas.upenn.edu/african_studies/asa/glas.html), Kelma (http://www.kelma.org/kelma.html), Gay Maroc (http://gay.ma.tripod.com/fr/), Homan (www.ho-man-iran.org), and Sangat for South-Asian gays (http://members.aol.com/youngal/sangat.html). Similar groups have appeared in a more timid manner in Muslim countries and countries with important Muslim communities such as Malaysia. See, for example, the site of Lambda Magazine, www.qrd.org/www/world/europe/turkey/dergi/index.html, and that of Out, www.outinmalaysia.com/index1.html. Further study of the impact of the internet on gay attitudes in Islamic countries (through personal computers or internet cafés) is much needed. Secondary sources General D. F. P. Aggleton (ed.), Men who sell sex. International perspectives on male prostitution and AIDS, Philadelphia 1998. R. C. Bleys, The geography of perversion. Male-to-male sexual behaviour outside the West and the ethnographic imagination 1750 1918, New York 1995. A. Bouhdiba, La sexualité en islam, Paris 1975., Sexuality in Islam, trans. A. Sheridan, London 1985. M. Chebel, L esprit de sérail, Paris 1988. D. Eribon, Traverser les frontières, in D. Eribon (ed.), Les études gay et lesbiennes, Paris 1998, 11 25. M. Foucault, Histoire de la sexualité. La volonté de savoir, Paris 1976., The history of sexuality, trans. R. Hurley, New York 1980. D. F. Greenberg, The construction of homosexuality, Chicago 1988. M. Ghoussoub and E. Sinclair-Webb (eds.), Imagined masculinities, London 2000. E. Kosofsky, Construire des significations queer, in D. Eribon (ed.), Les études gay et lesbiennes, Paris 1998, 109 16. G. H. A. Juynboll, Si.aq (tribadism) in Encyclopédie de l islam, 1997. S. O. Murray and W. Roscoe (eds.), Islamic homosexualities, New York 1997. C. Pellat, Liwaŧ (sodomy), in Encyclopédie de l islam, 1983. South Asia ٥٦٠
S. Asthana and R. Oostvogels, The social construction of male homosexuality in India. Implications for HIV transmission and prevention, in Social Science and Medicine 52 (2001), 707 21. S. Khan, Through a window darkly. Men who sell sex to men in India and Bangladesh, in P. Aggleton (ed.), Men who sell sex, Philadelphia 1999, 195 212., Culture, sexualities, and identities. Men who have sex with men in India, in Journal of Homosexuality 40 (2001), 99 115. R. Vanita and S. Kidwai (eds.), Queering India. Same-sex love in India. Readings from literature and history, New York 2000. Sub-Saharan Africa W. Roscoe and S. O. Murray (eds.), Boy-wives and female-husbands. Studies of African homosexualities, New York1998. D. Vangroenweghe, Sida et sexualité en Afrique, Anvers 2000. See also Dakan (1997), a film by Guinean director Mohamed Camara, the first African film to deal with homosexuality. Middle East and North Africa G.-H. Bousquet, L éthique sexuelle de l islam, Paris 1953. B. Dunne, Sexuality and the civilizing process in modern Egypt, Ph.D. diss., Washington, D.C. 1996. J. Hayes, Queer nations. Marginal sexualities in the Maghreb, Chicago 2000. G. Menicucci, Unlocking the Arab celluloid closet. Homosexuality in Egyptian film, in Middle East Report 206 (1998), 32 6. A. Najmabadi, Male lions and female suns. The gendered tropes of Iranian modernity, University of California Press, Berkeley (forthcoming). E. K. Rowson, The effeminates of early Medina, in Journal of the American Oriental Society 111 (1991), 671 93., The categorization of gender and sexual irregularity in medieval Arabic vice lists, in J. Epstein and K. Straub (eds.), Body guards. The cultural politics of gender ambiguity, New York 1991, 50 79. P. Sprachman, Suppressed Persian. An anthology of forbidden literature, Costa Mesa 1995. U. Wikan, Behind the veil in Arabia. Women in Oman, Baltimore 1982. J. W. Wright, Jr. and E. K. Rowson (eds.), Homoeroticism in classical Arabic literature, New York 1997. Israel A. Sumakai Fink, Independence Park. The lives of gay men in Israel, Palo Alto 1999. L. Walzer, Between Sodom and Eden. A gay journey through today s changing Israel, New York 2000. فريديريك لاغرانج Lagrange) (Frédéric ترجمة: سهام عبد السلام ٥٦١