<ta Ûa@pbîÛìy < <p] Ö]<<l ^r²<<îßãi<<íûó <<íéû Â<<í العدد 2015 / 15 حوليات التراث جامعة مستغانم (الجزاي ر)
@@òü @ta Ûa@pbîÛìy د. العربي جرادي د. سليمان عشراتي د. عبد القادر ھني د. إدغار فيبر د. زكريا سيافليكيس د. محمد عباسة د. محمد قادة د. محمد تحريشي د. عبد القادر فيدوح د. حاج دحمان د. أمل طاھر نصير د. محمد عباسة مدير مجلة حوليات التراث كلية اآلداب والفنون جامعة مستغانم 27000 (الجزائر) annales@mail.com http://annales.univmosta.dz ISSN: 1112 5020 مجلة إلك رونية تصدر مرة واحدة ي السنة ليس كل ما ينشريع ربالضرورة عن رأي هذه املجلة
العدد 15 2015 مجلة حوليات الت ارث الس رد الش عبي في الت ارث العربي التشك ل والا نواع منصور بويش 05 أضواء على م اركز المخطوطات في الجنوب الج ازي ري د. صالح بوسليم 17 منهج الشيخ أطفيش في كتابه الكافي في التصريف د. عبد القادر شارف 33 اللغة في الخطاب الصوفي من غموض المعنى إلى تعددية التا ويل منى جميات 45 أسلوب الاستغ ارق والشمول مغني اللبيب نموذجا د. سميرة حيدا 53 المخطوط العلمي في أقصى الجنوب الج ازي ري د. رمضان حينوني 63 أيام العرب في الجاهلية بانو ارما شعورية مرعبة أمال كبير 79 الضوابط العلمية الحديثة لتحقيق المخطوط العربي التجاني مياطة 91 الت ارث العربي المخطوط الضاي ع سلوك العلماء نموذج ا د. أشرف صالح محمد سيد 103 تزحلقات اللغة في كتابات إي ازبيل إبرهاردت نادية اربح سيسطة 113 الا شكال المسرحية في الت ارث العربي بين الطقس والقص حميدة سليوة 121 الهجرة الا ندلسية إلى المغرب الا وسط فؤاد طوهارة 135 3
العدد 15 2015 مجلة حوليات الت ارث منصور بويش المركز الجامعي غلي ازن الج ازي ر يعد ال سرد من الميادين ال تي حظيت باهتمام ال دارسين في كتاباتهم ال نقدية المختلفة تنظي ار وممارسة فقد تفط نوا إليه كخطاب كان موجودا منذ أن وجد الا نسان وفي كل المجتمعات. وتب دت ملامحه وتجلياته باعتباره طريقة للحكي والا خبار في كل الا شكال التعبيرية قد نجده في الل غة المكتوبة كما تجده في الل غة الش فوية وفي لغة الا شا ارت وال رسم والت اريخ وفي ك ل ما نقرؤه ونسمعه سواء أكان كلاما عاديا أو فنيا. إن ه يمتد بجذوره في تربة خصبة تشتمل على كثير من الا نواع (1) الا دبي ة. فالحكي يمكن أن يظهر في اللغة المتفصلة مكتوبة كانت أم شفوية فهو "حاضر في الا سطورة وفي الخ ارفة وفي الحكاية على لسان الحيوان والحكايات الشعبية والقصة القصيرة والملحمة... والتعبير الجسدي كما لو أن ه كل مادة (2) صالحة لا ن يودعها الا نسان حكاياته". لذلك فكل خطاب لساني (لغوي) أو خطاب سيمياي ي (غير لغوي / إشاري) مكونات ال سرد وهذا ما يوضح ذلك ال ر صيد يشك ل حكاية مع ينة ترتكز على تطو ار مستم ار صاحب تطور المت اركم من المسرودات عبر التاريخ وال تي عاشت الفنون الا خرى من عصر أدبي إلى آخر. تشكل السرد في الت ارث الشعبي العربي: يعتبر ال سرد (المتجلي في القصص النثرية) من أبرز الفنون التي تحتل الص 5 دارة في آداب الا مم المختلفة وهو لا يقاس بما ذكر أو نشر منه بقدر ما يقاس بما كان منه جميلا وأ خاذا. ولعل ما يستهوي مخ يلة ال شعوب في حياتها المبك رة ويزيد في روحية أدبها على مختلف أجناسها وأع ارقها وثقافاتها الا خذ بالخ ارفات وقصص البطولة والفروسية وبكل ما يرتقي بالمخ ي لة ويخلط الوهم (3) بالحقيقة حتى تغدو الخوارق جز ء منها. وهذا ما يمكن الاصطلاح عليه بالس رد الشعبي أو الا دب الشعبي الحكاي ي.
(4) وقد عرف العرب ال سرد منذ العصر الجاهلي بطابع شعبي شفوي إذ كانوا يتسامرون ببطولاتهم في حروبهم وأي امهم ال تي أصبحت ما دة محبوبة للمسامرة إلى جانب رواية بعض الا ساطير والخ ارفات عن الجن والشياطين وال سعالى مع ما (5) يتداولونه من أخبار. فالقص ة الجاهل ية كانت ق صة شفوية رويت على الا لسنة وكانت تتع رض للتحريف والتغيير حتى في زمنها لك نها حافظت على مضمونها العام وت يماتها الخاص ة فا ذا كانت القص وبعض صيغها المم يزة كما في أساطيرها وأمثالها والكثير من أخبارها ة جاهلية شفوية فكرة وأحداثا فا ن الس رد فيها كان كتابيا متا خ ار (6) حاول الحفاظ على الروح الجاهلية إلى حد كبير. وهذا يحيلنا على القول إن بتطورها. وتطور الا دب الشعبي السردي و جد مع وجود الحياة العرب ي ة والمتصف ح للت ارث العربي لا يكاد يستشف اهتماما من قبل نقادنا القدامى بتلك (7) القص ص ال شعبية بعد ها من أجناس الخطاب النثري السردي أو رصد خصاي صها وممي ازتها باستثناء ما ذهب إليه الجاحظ (ت 255 ه) في "البيان والتبيين" حين لفتت انتباهه بعض القصص لما فيها من عناصر بلاغية (8) كقصص الفضل بن عيسى الرقاشي ال ذي عد ه الجاحظ سج اعا في قصصه. أول من استعمل مصطلح القصة للتعبير عن نوع من ال سرد أو على والجاحظ أول من أ صل المصطلح وأثله بعد أن كان يعني الخبر أو الحدث أو الا قل هو (9) الذ كر في القص الشفوي الشعبي فقد م بذلك مصطلحا شاملا (القصة) وأع م من المعاني الس ابقة. وقد تمظهر الس رد ال شعبي القديم في شكل أنواع مختلفة ونقصد هنا الت ارث القصصي الشعبي ذو الطابع الشفوي بما فيه مجهول المؤلف ومتعد د الرواية ال ذي كان يردده العرب قديما منذ العصر الجاهلي. وقد وصلنا هذا الت ارث ال س ردي (10) مرويا أو مدو نا. ومن أنواعه: الا سطورة: ويطلق عليها في اللغة الفرنسية (Mythe) وهي في أري بيير سميث (.P (Smith تختلف عن الا جناس ال سردية كونها ليست إلا نوعا من ق صة نموذجها من (11) حد دته تواريخ الا لهة في الميثولوجيا الا غريقية الموغلة في القدم وعلى ال رغم أن كثي ار من الا ساطير ليست تواريخ أديان فهي على كل حال تواريخ أبطال 6
ولكنها تتمي ز بصفات الحكايات الش عبية المستوحاة من التاريخ ثم هي تواريخ (12) أجداد. فالتاريخ عنصر مهيمن في الا سطورة حتى وا ن كانت أقرب من الحقيقة إلى الخ ارفة. وأبسط تعريف للا سطورة أ نها الحكاية ال تي تحوي مزيجا من مبتدعات الخيال والتقاليد الشعبية ال تي تهدف إلى إجلاء حقيقة الحياة أو تغيير ثوابت الواقع وتحريكها ا وعطاء تفسير ميتافيزيقي لظاهرة أو عادة ما أم ا التعريف الا كثر اتفاقا بين أهل الاختصاص فيرى أن الا سطورة ما ثور شعبي يحمل بالطبع وا لضرورة سمات العصور الا ولى القديمة مف سرة معتقدات الناس (العامة) إ ازء القوى العليا (13) كالا لهة وأنصاف الا لهة. وحسبنا أن أهم ما يميز الحدث الا سطوري عن الحدث الس ردي العام ال ذي نصادفه في الا جناس السردية الا خرى هو التهويل وطلب الخوارق والتغريب ونشدان العجاي ب. فالا سطورة لم تكن أسطورة إلا بفضل هذه الخصاي ص ال تي نذكر منها الانتماء إلى المجالات المق دسة فا ذن هي لا تحكي (14) إلا مغام ارت الا لهة أو ما يقوم مقامها. فهي بهذا الشكل تجمع بين المقد س الذي يفترض أن يكون حتميا مسلما به وبين الخ ارفي الذي يخرج عن الطبيعية والقداسة والحتمية. ولقد تع ددت التعريفات اللغوية والاصطلاحية للا سطورة في الت ارث العربي حيث جاء في لسان العرب "الا ساطير الا باطيل والا ساطير أحاديث لا نظام لها". ويعر فها البخاري في تفسير القرآن من صحيحه بقوله: "أسطورة وا سطارة وهي (15) الترهات". وهذه التعريفات لا تبتعد كثي ار من المفهوم الاصطلاحي للا سطورة. وأي ا كان شكل الا سطورة ومفهومها عند العرب فقد عرفوها قبل ظهور الا سلام بدليل ورود اللفظ م ار ار في القرآن الكريم في معرض حديثه عن وصف كف ار مكة ومشركيها لما كان ينزل على الرسول (صلى االله عليه وسلم) من وحي لكن ورود اللفظة في القرآن كان في جميع الحالات بصيغة الجمع ومقرونا بلفظة أخرى هي الا ولين بمعنى أن الا سط ورة كانت منسوبة للا ولين لذا ذهب بعض الدارسين إلى (16) اعتبارها مصدر تفكير وملهمة الشعر والا دب عند الجاهليين. فقد كانت للعرب قبل الا سلام أساطير عديدة تمثل الم ارحل الا ولى للمعرفة التاريخية والا نسانية حيث عب روا بها عن تساؤلاتهم عن حقيقة الا نسان والوجود من حولهم. وهذا يبي ن (17) أن ها مرجع لتاريخ للعرب الجاهليين وفيها تبصرة بحياتهم الدينية والفكرية. حيث 7
إن دين العرب الجاهليين كان العامل الا ول في تشكيل أساطيرهم فقد كانوا يعبدون الا صنام متتبعين آباءهم ال ذين عبدوها في الزمان الخالي واتخذت كل قبيلة صنما إلها لها تعبده وتفرغ إليه الشداي د وترى فيه من يف رج عنها الكروب. ومن أمثلة ذلك قبيلة حمير اتخذت نس ار إلها لها كما يقال عن العرب أن هم كانوا يعبدون شجرة (18) بالقرب من جبل عرفات يذبحون لها ويقدمون الق اربين ويدعونها. وعرفوا بعض الا ساطير الخاصة بعبادة الكواكب فمنهم عبدة الشمس أروا فيها قوة قاهرة فجعلوا (19) لها صنمين وكانت إذا طلعت خرجوا لها ساجدين. وهكذا كان العرب القدماء يمزجون بين دياناتهم والا ساطير. وا ذا عدنا إلى أساطير العرب وجدنا أغلبها متصلا با خباريين يمانيين تنقطع عندهم سلسلة الرواية وهم من النصارى واليهود ال ذين أسلموا مثل محمد بن كعب (وهو من يهود قريظة) ووهب بن منبه (وهو من الفرس الذين بعث بهم كسرى إلى اليمن). ولا تتصل سلسلة الر واية إلى العصر الجاهلي لا ن الرواية وفق الشروط المرسومة إنما هي فن إسلامي نشا لغايات دينية أم ا الرواية الجاهلية فلم تكن (20) صارمة في ثقافة شفوية. وعن قابلية العقلية الشعبية العربية لتوليد الا ساطير فا ن الخيال العربي فليل الابتكار إذا ما قارن اه بخيال الا مم الغربية القديمة لكنه في الوقت نفسه ليس عاريا تماما من القد ارت. إلا أن الغالب عليه هو البعد التصوري ال ذي يولد الا سطورة التصورية وليس الخيال الاخت ارعي ال ذي يصنع الا سطورة الاخت ارعية ومن هنا فالعربي يتصور الا شياء ولا يخترع القصص حولها. فقد كان يقيم الا وثان في هيي ة يرسمها ويلونها با لوان التخي ل وعليه إذا حاولنا البحث عن أسطورة عربية علينا أن نر اها في خيال تصوري عند عربي يلعب بالا لفاظ خيال لم يحل دون وجود جميع أشكال ا لا سطورة عنده لذا فا ن كيفية بناي ها هي اللعب بالا لفاظ وتنميق العبارة لا ن الا نسان العربي مغرم بتسمية الشيء (21) وفق ما ي ت صوره له من م ازيا. أي أن الا سطورة العربية القديمة اشتغلت على الشكل على حساب المضمون. وعلى العموم يرى كثير من الدارسين منهم نبيلة إب ارهيم أن العرب لم يوجد لديهم نماذج أسطورية كاملة ويرى عبد الحميد يونس أن ها موجودة لكن في السير الشعبية حيث إن هذه الا خيرة ليست سوى بقايا الا ساطير والشعاي ر ال تي سادت في العصور القديمة. كما أن حضا ارت عاد وثمود وتدمر والغساسنة وملوك الجي زة 8
وعرب الصفا يشك لون الطبقة الا ولى للعرب كانت لهم حياة بداي ية من الطقوس والسحر فهذه الا عمال تصلح لا ن تكون مادة أسطورية لمن خلفهم على (22) أرضهم. حيث ت ر جع نبيلة إبر اهيم غياب الا سطورة في العصر الجاهلي إلى سببين أولهما أن ذلك العصر المتا خر لا يمثل العصر الا سطوري ولا يمثل الب ارءة والسذاجة اللتان يقتنع فيهما الا نسان بحكاية بطولية أو أسطورة تربطه بالكون والواقع ربطا تاما وا نما هو عصر يشيع فيه الش ك ال ر هيب إلى حد التفكير ال وجودي بعيدا عن التفكير السماوي. والسبب الثاني مترتب عن افت ارض وجود أساطير عربية قديمة شاعت وعاشت بين الناس قبل مجيء الا سلام لكنها ضاعت أو ح رفت أو اندثرت بعد مجيي ه فا ذا كان ا عص ر ما قبل وصدر الا سلام لم يفسحا مجالا ل لا سطورة العربية كي تزدهر فا نهما لم يقضيا على التفكير الا سطوري بشكل تام فالا خبار ال تي وصلتنا تحمل في ثناياها روايات تقترب من الا سطورة ومنها ما روي عن اعتقاد العرب بالنبوة وبعثة رسول جديد وهذا الا مر يتعلق بتحديد شيء مجهول (23) وغيبي. فالسبب الثاني يعني إمكانية تبرير اندثار الا سطورة وضياعها بسبب الطابع الشفوي ال ذي كان يميزها وكان بصفة عامة يمي ز الثقافة آنذاك. السيرة الشعبية: لقد عرف الا دب الش عبي العربي ف ن ال سيرة ال شعبية ذلك الفن ال ذي تمتزج فيه مجموعة فنون مختلفة كالرواية والعزف والغناء والتمثيل في بعض الا حيان هذا الفن ال ذي تناقل عبر العصور حتى وصل إلينا بعد رحلة غير يسيرة في قلب (24) المجتمع العربي في ريفه وفي حضره. ويقصد بال سيرة الشعبية ذلك القصص الشعبي ال ذي ينمو ويعيش بدافع اللا شعور الجمعي ويرتبط بتواريخ ووقاي ع وأحداث عن شخص أو قبيلة تغلب عليها المبالغات والخوارق ال تي تضفيها عليها المخ يلة الشعبية م ما يدرجها في عوالم الخ ارفات والا ساطير. ويرى بعض الدارسين أ ن ال سير الشعبية بقصصها وحكاياتها هي في معظمها ردود على مشكلات نفسية واجتماعية متقاربة المضمون والهدف تؤ دي وظاي ف اجتماعية وتربوية تتوجه إلى أكثر من قطاع في الحياة العامة وهي تنغرس في اللا وعي الجماعي نظ ار للتفسي ارت والتبري ارت ال تي تق دمها لسامعها ليس ذلك فقط بل تؤدي أدوا ار وطنية وسياسية ونضالية عندما تكون م لحا لشعب 9
أو أمة في م ارحل ال ضعف أو ال ركود أو الوقوع 10 تحت نير ان (25) احتلال خارجي. وهي تحرص على الهدف التاريخي في المقام الا ول ولا تتحو ل عنه حتى نهايتها وأبطالها يتحولون إلى أبطال قوميين أو بمعنى آخر يتحولون إلى نماذج ورموز بطولية يضرب بها المثل وي قتدى بها في ال شجاعة والبسالة والا قدام والفروسية (26) ونحو ذلك "سيرة عنترة". فالسيرة الشعبية من هذا المنظور تتجاوز بعدها الثقافي الشعبي لتدخل بعدا اجتماعيا تاريخيا. تنتمي السيرة الشعبية إلى مرويات العامة وهذا الانتماء هو ال ذي جعلها تتشكل في منا ى عن الثقافة المتعالية ال تي كانت تعنى إجمالا با خبار الخاصة الا مر ال ذي أفضى إلى عدم العناية بهذه المرويات تدوينا ووصفا. وتغييب مرويات العامة. والسكوت عنها ارجع إلى موقع العامة في الثقافة العربية وهو موقع مختزل ومهم ش وعلى درجة عالية من الا قصاء والاستبعاد وقد أ دى ذلك إلى جهل شبه تام بالا صول الا ولى للمرويات الشفوية الشعبية فضلا عن الجهل بط اري ق تكونها (27) وأسباب ظهورها. على الرغم من أن السيرة الشعبية فيها مادة أكثر أهمية من غ اري بيات الكتب الرسمية لا ن ها تمثل خلاصة نهاي ية لما مكث في الوجدان الشعبي (28) بعد غربلة طويلة. فهي تسل ط بدقة الضوء على جوانب مهمة من جوانب الحياة كالحرب والعلاقات الاجتماعية وتفصل في الحديث عن القومية وروح القبيلة. إن السيرة الشعبية العربية نشا ت في ظروف صعبة وعاشت حياة أكثر صعوبة لارتباطها بحياة الناس وتاريخهم وحضارتهم وامتداداتهم الاجتماعية والثقافية لذلك وجدنا السير تنطلق من شخصية بطلة نافذة في وجدان المجتمع العربي با خلاقها النبيلة وفروسيتها وبطولتها وغبرها من الم ازيا والصفات ال تي تحرص السيرة الشعبية على نقلها وغرسها في نفوس المتلقين. ولتحقيق أهداف السيرة في مقدمتها هدف إيجاد النموذج القدوة في المجتمع العربي عمد رواتها إلى الاستعانة بجملة من الفنون والعلوم ال تي أعطت لنصوص السيرة المصداقية والقابلية ولعل من تلك العلوم التاريخ وعلم الا نساب ومن أبرز الفنون الشعر والخطابة والترسل... وهي مجتمعة تشك ل كيان السيرة وبسبب هذا الزخم الهاي ل من العلوم والفنون أضحت السيرة عند بعض الباحثين النواة الا ولى (29) لفن الرواية في الا دب العربي القديم. فالسيرة الشعبية تعد من أكثر الا شكال التعبيرية في الا دب الشعبي انفتاحا على أشكال التعبير سواء النثرية أم الشعرية
كسيرة "عنترة" وسيرة "بني هلال" وسيرة "الزير سالم" وغيرها فساهمت في بناء هذه السير عدة فنون وأشكال تعبيرية كالشعر والا سطورة والحكايات الخ ارفية. الحكاية الشعبية والحكاية الخ ارفية: الحكاية الشعبية تعبير موضوعي واقعي غير منقطع عن الزمان والمكان إذ تجري في واقع تاريخي فعلي وبطابع جدي وتتحدد أهم عناصرها التجنيسية المخصوصة بها في الوعي بمفارقات الحياة الواقعية والارتباط بها وا عادة تشخيص المواقف ال تي حدثت فيها من أجل المعرفة وكشف الحقاي ق المجهولة وغ اربة الواقع الحس ي الما لوف ونقد سلبيات المجتمع بهدف إصلاحه والاضطلاع بوظيفة تعليمية ترس خ القيم الا صيلة بين الجماعات الشعبية وتدافع عنها. ومن هنا يؤخذ هذا النوع من القصص ما خذ الحقيقة والجد علما با نه يتميز ببساطة البناء (30) ومحدودية الوحدات الوظيفية. والحكاية الشعبية وصف لواقعة خيالية أو شبه واقعية أو حقيقية أبدعها الشعب في ظروف حياته وس جلها في ذاكرته ورواها أف ارده لبعضهم البعض بمرور الا يام وتوارثوها فيما بينهم مشافهة من أجل المتعة (31) والتسلية. بهذا الهدف فهي تختلف عن الا سطورة المرتبطة بالبعد العقاي دي. تا خذ الحكاية الشعبية في تا ليفها لغة من اليسر والبساطة والسهولة ما يجعلها محببة إلى النفوس فتتا لف معها تا لفا عجيبا فيه الكثير من الحب والسحر والدهشة لاقت اربها من فط رة الا نسان وشخصيته العفوية بدوية كانت أم حضرية على الرغم مم ا فيها من الدروس والعبر والمواعظ والمواقف والا فعال والتجارب ال تي قد تخفى على كثير من متلقيها وهي على الا غلب أسلوب من أساليب التربية لبناء شخصية قوية ومستقيمة وا يجابية وهي قريبة من المثل من حيث مؤلفيها فهم (32) داي ما مجهولون أو من عامة الشعب. إذ لا تتوخى شهرة مؤلفيها بقدر ما يهمها الغرض الجامع بين التسلية والتربية. تعتبر حكايات "ألف ليلة وليلة" نموذجا حيا للحكاية الشعبية في ت ارثنا فهي تمثل بؤرة السرد الشعبي العربي. إن هذا الموروث تشكل من مجموعة أساطير وحكايات يتلاقى فيها التتابع والتجزؤ أثرته الذاكرة الشعبية العربية عبر عصور (33) مختلفة والمرجح أنه ليس له مؤلف محد د. وا نما هو نتاج لتداخل ثقافات مختلفة (هندية وفارسية ويونانية) ترك العرب فيها آ ث ا ار واضحة تتمثل في الروح (34) العربية الشرقية المطبوعة بالطابع الشرقي البسيط. وذلك التداخل منح حكايات 11
"ألف ليلة وليلة" خصوصية على مستوى البناء والمحتوى انفردت بهذه الخصوصية ما خولها لترتقي لاحقا إلى العالمية. أما الحكاية الخ ارفية فهي نوع آخر مختلف عن الحكاية الشعبية وهي ذات مكونات تجنيسية مميزة لها تتحدد في شدة قصرها المطرد وفي بساطة بناي ها المهيكل على أساسين اثنين تعرض في الا ول الحادثة المجس دة للمغزى ويركز في الثاني على الموقف الا خلاقي المباشر كما أن أبطالها غالبا ما يكونون بلا أسماء وعددهم قليل وهم إم ا من الحيوانات أو النباتات أو الجماد أو الظواهر الطبيعية (الشمس والريح...) فالا بطال فيها يتصفون با سقاط الخصاي ص والصفات البشرية (35) عليهم مع الاحتفاظ بالسمات الطبيعية الا صلية. وتختلف الحكاية الخ ارفية عن الحكاية الشعبية في احتواء الا ولى على عنصر الخيال و الخوارق ال تي تتحكم في (36) مسار البطل بينما نجد في الثانية تحكم الواقعية وتناقضات المجتمع. فهي تقوم على تعرية الواقع وتحليله لبلوغ أبعاد تلك التناقضات. ويعود زمن بداية الحكاية الخ ارفية إلى مرحلة جد متقدمة في تاريخ العلاقة الغامضة بين الا نسان والكون حيث يصعب تحديد البداية لغياب المعطيات والدوال (37) التي يمكن الاستناد عليها. وا ذا عدنا إلى الت ارث الشعبي العربي ن لاحظ أ ن خصاي ص الحكاية الخ ارفية المذكورة آنفا تتمظهر بشكل واضح وجلي في كتاب "كليلة ودمنة" لابن المقفع وهو أول كتاب أدبي في موروثنا الحكاي ي انتقل بقصص الحيوان من المرحلة الشفوية (الفولكلورية) عند العرب إلى المرحلة الكتابية (الا دبية) ومن هنا تتجلى قيمته التاريخية والفنية معا بوصفه أول كتاب قصصي (38) في تاريخ الا دب العربي متخصص في فن سردي واحد. أي الحكاية الخ ارفية على لسان الحيوان وهو كتاب في التوجيه والا صلاح وتقويم الا خلاق وتهذيب النفوس با سلوب قصصي هادف ورد على ألسنة البهاي م والطيور على شكل (39) حكايات يتفرع بضعها عن بعض. فهي متسلسلة بخيط سردي رفيع يعكس ب ارعة السبك فيها. وفي الختام يمكننا القول إن الس رد الشعبي تشك ل في ت ارثنا ضمن الهوية الثقافية العربية وعكس جوانب مهمة من الحياة الاجتماعية والدينية القديمة بسلوكاتها وطقوسها ومعتقداتها با يجابياتها وسلبياتها وتناقضاتها المختلفة. والا هم من ذلك بعفويتها وسذاجتها فعرفنا بعض معتقداتهم من خلال الا سطورة 12
وبطولاتهم وحروبهم من خلال السير الشعبية وتا ملاتهم وتجاربهم ودروسهم من خلال الحكايتين الشعبية والخ ارفية. هذه الا نواع الكبرى اشتغل ضمنها السرد الشعبي القديم فاشتركت في بعض الخصاي ص كالروح العربية الشرقية ومجهولية المؤلف والبعد الخ ارفي الغيبي واختلفت في بعضها الا خر كالبناء الفني والا سلوب والا غ ارض. الهوامش: 1 عمر بوفاس: ملامح السرد في النص الشعري القديم رسالة ماجستير (مخطوط) جامعة قسنطينة الج ازي ر 2007 2008 ص 35. 2 Roland Barthes : Introduction à l'analyse structurale du récit, Ed. du Seuil, Paris 1981, p. 7. 3 عمر عروة: النثر الفني القديم دار القصبة للنشر الج ازي ر ص 132. 4 يؤكد على ذلك كثير من الباحثين والدارسين. ارجع شوقي ضيف: العصر الجاهلي دار المعارف ط 7 مصر 1976 ص 399. أحمد أمين: فجر الا سلام دار الكتاب العربي بيروت 1975 ص 66 وما بعدها. 5 مصطفى البشير قط: مفهوم النثر الفني وأجناسه في النقد العربي القديم ديوان المطبوعات الجامعية ط 1 الج ازي ر 2010 ص 126. 6 ركان الصفدي: الفن القصصي في النثر العربي حتى مطلع القرن الخامس الهجري منشو ارت الهيي ة السورية العامة للكتاب با ش ارف و ازرة الثقافة دمشق 2011 ص 24. 7 ينظر ألفت كمال الروبي: الموقف من القص في ت ارثنا النقدي مركز البحوث العربية ال قاهرة 1991 ص 121. 8 الجاحظ أبو عثمان عمرو بن بحر: البيان والتبيين تح: عبد السلام هارون دار الجيل ط 7 بيروت 1998 ج 1 ص 290. 9 ركان الصفدي: المرجع السابق ص 126. 10 محمد رجب النجار: النثر العربي القديم من الشفاهية إلى الكتابية فنونه مدارسه أعلامه مكتبة دار العروبة ط 2 الكويت 2002 ص 252. 11 يقصد بالميثولوجيا علم الا ساطير وهو معر ب عن المصطلح الا جنبي (Mythologie) من أبرز رواده جورج دوميزيل 1898) (1986 Dumézil).(Georges 12 ينظر عبد المالك مرتاض: الميثولوجيا عند العرب د ارسة لمجموعة من الا ساطير والمعتقدات العربية القديمة الدار التونسية للنشر تونس ص 13. 13 أحمد علي غزوان: الا سطورة بين الدين والفكر والشعر المعاصر مجلة الموقف الا دبي اتحاد الكتاب العرب ع 368 دمشق يناير 2001 ص 29. 13
14 عبد الملك مرتاض: الميثولوجيا عند العرب ص 71. 15 إب ارهيم صح اروي: السرد العربي القديم الا نواع الوظاي ف النيات منشو ارت الاختلاف ط 1 الج ازي ر 2008 ص 39. 16 المرجع نفسه ص 41. 17 حسين مجيب المصري: الا س طورة بين العرب والترك والفرس الدار الثقافية للنشر ط 1 بيروت 2000 ص 10. 18 ينظر زكي المحاسني: الشعر الديني دار الغريب ال قا هرة 1970 ص 40. 19 محمد شكري الا لوسي: بلوغ الا دب في معرفة أحوال العرب تحقيق محمد بهجة الا ثري دار الكتب المصرية ط 2 ال قاهرة 1924 ص 246. 20 ركان الصفدي: الفن القصصي في النثر العربي ص 30. 21 إب ارهيم صح اروي: السرد العربي القديم ص 43. 22 ينظر موسى الصباغ: القصص الشعبي العربي في كتب الت ارث دار الوفاء الا سكندرية ص 22. 23 ينظر نبيلة إب ارهيم: أشكال التعبير في الا دب الشعبي دار الغريب للنشر ط 3 القاهرة ص 22. 24 يسري عبد الغني عبد االله: بين ا لسيرة الشعبية والقصص الشعبية مجلة الجوبة مؤسسة عبد الرحمان السديري الخيرية ع 24 المملكة العربية السعودية صيف 2009 ص 36. 25 إب ارهيم صح اروي: السرد العربي القديم ص 83 84. 26 يسري عبد الغني عبد االله: المرجع السابق ص 38. 27 عبد االله إب ارهيم: السردية العربية بحث في الموروث الحكاي ي العربي المؤسسة العربية للد ارسات والنشر ط 2 بيروت 2000 ص 154. 28 رضوان السح: السيرة الشعبية للحلاج دار صادر ط 1 بيروت 1998 ص 5. 29 صالح حديد: أشكال التعبير في السيرة الشعبية العربية مجلة الثقافة الشعبية (مجلة إلكترونية) ع 20 البحرين 2011. 30 علي أحمد محمد العبيدي: الحكاية الشعبية الموصلية بين وحدة التجنيس وتعدد الا نماط مجلة د ارسات موصلية مركز د ارسات الموصل ع 26 الع ارق 2009 ص 75. 31 محمد سعيدي: الا دب الشعبي بين النظرية والتطبيق ديوان المطبوعات الجامعية الج ازي ر 1998 ص.58 32 علي كمال الدين الفهادي: الحكاية الشعبية في الخيال الشعري مجلة د ارسات موصلية مركز د ارسات الموصل ع 26 الع ارق 2009 ص 2. 33 عمر عروة: النثر الفني القديم ص 133. 34 ينظر المرجع نفسه ص 133. 35 علي أحمد محمد العبيدي: الحكاية الشعبية الموصلية بين وحدة التجنيس وتعدد الا نماط 14
ص 75. 36 محمد سعيدي: الا دب الشعبي بين النظرية والتطبيق ص 59 60. 37 عبد االله إب ارهيم: السردية العربية بحث في الموروث الحكاي ي العربي ص 85. 38 محمد رجب النجار: النثر العربي القديم من الشفاهية إلى الكتابية ص 256. 39 عمر عروة: النثر الفني القديم ص 63. 15
مجلة حوليات الت ارث العدد 15 2015 د. صالح بوسليم جامعة غرداية الج ازي ر يتمي ز الت ارث المخطوط بغناه وتنوعه سواء على المستوى المعرفي أو على عند سواء بامتياز الا مة ذاكرة علماء المستوى الجمالي. بل ظل ي ش كل دوما الخاصة أو العامة على حد سواء. بين ما ويتوزع الرصيد الوثاي قي للت ارث المخطوط بالجنوب الج ازي ري المثال: خ ازي ن الجنوب على سبيل منها ونذكر الخاصة أو العامة (1) الخ ازي ن الغربي للج ازي ر (الساورة وتوات). الحواضر العلمية في التابعة للزوايا المنتشرة عبر بعض الخ ازي ن وهناك الصح ارء الج ازي رية إضافة إلى مكتبات خاصة هي ملك لا ف ارد أو عاي لات. الذي ترمي إليه هذه المداخلة هو محاولة اكتشاف إن الهدف الا ساس العلمية الحواضر بعض في أو التعريف بمحتويات الخ ازي ن الكنوز المغمورة بصح ارء الج ازي ر وذلك ليسهل تعامل الباحثين والدارسين حولها مستقبلا. وجدير بالذكر أن التا ريخ للخ ازي ن العلمية هو تاريخ للفكر الا نساني في مسيره ومصيره ذلك أن خ ازي ن الكتب كانت وما ت ازل وستظل معقلا لهذا الفكر تحافظ عليه وتقدمه من جيل إلى جيل على مر العصور. وقد تمي زت الحواضر العلمية بجنوب الج ازي ر بكثرة خ ازي نها الا مر الذي جعل العلماء ين مونها ويبحثون داي ما عن الجديد م ما أعطى دفعا قويا لحركة التعليم وشج ع الدين الا سلامي. وقد كثر العلم ونشطت بذلك حركة التا ليف والاستنساخ حتى غدت تلك المناطق كالشعلة (2) التي يستضاء بها. وت عد خ ازي ن الكتب أداة هامة من الا دوات التعليمية التي ساعدت طلبة العلم في التحصيل على مر العصور والا زمنة التاريخية للدولة الا سلامية حيث توجد في لتكون عونا الكتب والمخطوطات تضم مختلف أغلب المدارس والزوايا خ ازي ن 17
للطالب على فهم الكم العلمي الذي يتلقاه خاصة وأن اقتناء الكتب كانت ت ك فل مبالغ باهضه حالت دون امتلاكها من قبل الا غلبية. وتعتبر في الوقت ذاته مكم لة لدرس الا ستاذ (الشيخ) فت يسر للطالب نهل العلوم من مؤسسة علمية وثقافية (3) مصادرها والاحتكاك بالعلماء والمشايخ القاي مين عليها. وتعتبر المخطوطات رصيدا علميا هاما يظهر م ارحل تطور تلك المجتمعات الصح اروية من خلال تتبع م ارحل نشا تها إذا ما استغلت بطرق عصرية ذات أبعاد حضارية تستمد مقوماتها من خلال التفكير في خلق مفك رة تربط مقومات (4) المجتمع الماضية با سسه الحاضرة. إن الحركة الثقافية التي صاحبت نشاط التجارة وانتقال الحجيج عبر منافذ عديدة ازدت في عزيمة سكان تلك المناطق ولا سيما طلبة العلم على التحصيل المعرفي فتنقل هؤلاء عبر الحواضر العلمية المختلفة بالا قطار المغاربية ومصر والحجاز بالمشرق العربي. وامتد نشاطها إلى بلاد السودان الغربي حيث نجد كل من حاضرة أروان وتمبكتو وغيرها. وصاحب هذه الرغبة (5) المستفيضة في طلب العلم حب استنساخ المخطوطات وق ارءتها. خ ازي ن ولاية أد ارر: تزخر واحات توات بثروة ثقافية عالية منذ أقدم العصور ومن جوانب مختلفة. ومن أهمها ما وجد مسطو ار من مخطوطات ووثاي ق تاريخية متنوعة في مكتبات المساجد ولدى الا سر والا ف ارد وهي تتعلق بمختلف المواضيع كالبيوع والمي ارث والحبس والم ارسلات وتعود إلى مختلف الفت ارت. وكانت حركة النسخ يستغرق فيها الكاتب شهو ار وسنوات في كتابة المخطوطات ونسخها وبيعها ونقل الثقافة العامة من جهة إلى جهة ومن جيل إلى جيل حسب التجارة القديمة. وقد سجلت ازدهارها عبر العصور وذلك عن طريق تجارة القوافل الصح اروية. وفي هذا الصدد يقول المؤرخ المرحوم أبو القاسم سعد االله: "الغالب أن الزوايا هي التي كانت ترعى المكتبات لات صالها بالدين والعلم وقد ع رفت منذ القدم با نها سوق اري جة للكتب وأن بعض عاي لاتها الدينية قد كو نت مكتبات معتبرة وكانت صلة أهل توات بجامع القرويين وعلماء المغرب وعلماء إفريقيا وتلمسان قد جعلتهم في مكانة يغبطون عليها إضافة إلى علماء توات الذين كانوا يؤلفون الكتب 18
(6) ويستنسخونها من بعضهم أو من علماء آخرين". وتجدر الا شا رة إلى أن جل الا نتاج الفكري والا دبي والديني قد ضاع من خ ازي ن توات (ولاية أد ارر) وذلك بفعل عوامل الطبيعة القاسية ي ضاف إلى ذلك تعرض المنطقة إلى عملية النهب أثناء توغل الاحتلال الفرنسي في المنطقة. فقد أحصى (مارتن) كل الخ ازي ن الشعبية للمخطوطات وحمل معه الكثير منها وأل ف كتابه الموسوم ب"أربعة قرون من تاريخ المغرب والصح ارء ابتداء من سنة 1504 م (7) إلى سنة 1902 م". ويمكن للباحث أن يصن ف خ ازي ن إقليم توات (ولاية أد ارر حاليا) حسب مناطقه الثلاث على النحو الا تي: 1 خ ازي ن منطقة قو اررة: (8) أ خ ازنة المطارفة : ويوجد في هذه الخ ازنة حوالي ثمان ماي ة (800) مخطوطة تشمل كل فنون العلم والمعرفة وكثير منها لعلماء المنطقة ومما تحتفظ هذه الخ ازنة نذكر منها: شرح الرسموكي على لامية المج اردي للرسموكي. نوازل السجلماسي لابن هلال الفولاني. نوازل القباب لعبد القادر الفاسي. شرح الملوي على ألفية ابن مالك للملوي. تفسير القرآن لابن عطية. نوازل المغارسة لعبد الرحمن الفاسي. نوازل الحطاب على مختصر خليل. شرح الخرشي على خليل. الميارة الكبرى على ابن عاشر. الميارة الصغرى على ابن عاشر. (9) ب خ ازنة سيدي الحاج بلقاسم : وتوجد هذه الخز انة ب ازوية سيدي الحاج بلقاسم بتيميمون وتضم أكثر من ماي ة مخطوط وتشمل مواضيع مختلفة كالقرآن وعلومه والحديث وعلومه والتوحيد والعقاي د والنحو والصرف وعلم المنطق 19 وعلم الفلك وتضم أيضا ت ارجم
لعدد من العلماء والفقهاء ومشايخ المنطقة. (10) ومن الخ ازنات الا خرى بمنطقة قو اررة: خ ازنة ازوية الدباغ وخ ازنة (13) (12) (11) بادريان وخ ازنة أولاد سعيد وخ ازنة فاتيس وخ ازنة تينركوك. وأغلب المخطوطات الموجودة بهذه الخ ازنات تشمل علوم الدين وبعض ت ارجم لعلماء ومشايخ المنطقة المشهود لهم بالعلم والصلاح. 2 خ ازي ن منطقة توات الوسطى: أ الخ ازنة البكرية بتمنطيط: ت عد من أقدم وأغنى المكتبات الموجودة بالمنطقة ومؤسسها الا ول هو الشيخ سيدي ميمون بن عمرو (ت 890 ه 1485 م) وذلك في أواخر القرن التاسع (14) الهجري (الخامس عشر الميلادي). وقد بلغ عدد مخطوطاتها إلى ما يربو عن الا لف مخطوط في شتى فنون المعرفة وذلك في عهد مؤسسها الثاني الشيخ سيدي البكري (ت 1133 ه 1720 م). وظل ت الخ ازنة البكرية حوالي مدة ثلاثة قرون مجموعة وموحدة يشرف عليها عالم من أبناء العاي لة ممن يشهد له عدول عصره بالتبرز في العلم والتفرد بالنجابة والتقوى فيعمل جاهدا على إحاطتها برعاية فاي قة مدققة ولا يمنع منها منتفعا ولا (15) ي مك ن منها مبتدعا. (16) ب خ ازنة ملوكة : وتضم هذه الخ ازنة ما يزيد عن ثلاثماي ة مخطوطة لكن الكثير منها تعرض للتلف والنهب ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الدرة الفاي قة في ذكر سيد الخالقة للسيد مسعود بن محمد. منهج البادية في الا نسانية العالية لعبد االله بن محمد بن عبد القادر الفاسي. تحفة اللبيب في جمع الطرر المعلقة على شرح ابن النجيب تحقيق الحاج ابن عبد الرحمان البلبالي. (17) الغنية البلبالية للحاج عبد الرحمان الملوكي البلبالي. نوازل المعيار في فتاوى علماء إفريقيا والا ندلس للونشريسي. (18) تبصرة الحكام في أصول الفقه ومناهج الا حكام لابن أب. عيون المذاهب لمجهول. ج خ ازنة كوسام: سطع نجم كوسام مع نهاية القرن الثالث عشر ل لهجرة (التاسع عشر 20
الميلادي) وأضحت بمرور الوقت مركز إشعاع علمي وحضاري يؤمه طلاب العلم ويرجع الفضل في هذه المكانة التي تبو أتها كوسام في تلك الفترة إلى أحد الا علام البلباليين البارزين وهو العلامة سيدي عبد االله بن أحمد حبيب البلبالي (19) (ت 1353 ه 1934 م) وتقع هذه الخ ازنة بكوسام ويتولى شؤونها حاليا الشيخ سيدي محمد الطيب شاري تضم في رفوفها ما يزيد عن ماي تين وخمسون (250) مخطوطة في شتى فروع المعرفة الا نسانية وقد ضاع منها الكثير. ومم ا تحتفظ به على سبيل المثال: كمال فتح المقيت في شرح المواقيت لا حمد بن محمد بن عومر. الخزرجية في العروض والقوافي. العيون الغامزة على خبايا ال ارمزة لمحمد بن أبي بكر بن عمر المخزومي الدماميمي. وسم المعاسي في شرح تحفة ابن عاصي على الا رجوزة لمجهول. (20) د خ ازنة بني تامر : ومن مخطوطاتها نذكر: تفسير القرآن للبغوي. التحفة العلية في آداب الدين والدنيا لا بي الحسن علي بن حبيب. شرح المرفوق في المنطق لمجهول. (21) ه خ ازنة ازوية سيدي حيدة ببودة: وتوجد هذه الخ ازنة بقصر بودة السفلانية ومن مخطوطات هذه الخ ازنة نذكر: مقدمة ابن أجروم لابن أب. الزرقاني في الفقه. تحرير الكلام في مساي ل الالت ازم لمجهول. وعلى العموم فا ن أغلب هذه المخطوطات تتناول مواضيع مختلفة كالق ارءات والحديث وعلومه العقاي د وأصول الدين التصوف الفقه وأصوله التاريخ. وتوجد أغلب هذه المخطوطات في حالة يرثى لها وأو ارقها تا ثرت بعوامل (22) الطبيعة وتقلبات الجو. (23) و خ ازنة ازوية كنتة : وتتميز مخطوطاتها بتناول العلوم الشرعية واللغوية 21
وت ارجم للا علام الكنتيين ومن أهم مخطوطاتها: الط اري ف والتلاي د في مناقب الشيخين الوالدة والوالد للشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار الكبير ويشتمل على تاريخ سيد المختار الكبير الكنتي وشيوخه وقد تضم ن مقدمة وسبعة أبواب. فتح الودود في المقصور والممدود للشيخ سيدي المختار الكبير الكنتي ويقع في (462) صفحة. النوازل للشيخ باي الكنتي. والغالب أن موضوعات هذه المخطوطات الموجودة بهذه الخ ازنة تدور حول علوم الشريعة الا سلامية واللغة والنحو والت ارجم والتاريخ وحسب الحديث الذي دار (24) بيننا وبين القاي م على هذه الخ ازنة وهو شيخ مدرسة سيدي أحمد الرقادي فا ن أغلب المخطوطات قد ضاعت بسبب قساوة الطبيعة وعوامل التعرية كما أن بعضها الا خر تعرض لعملية النهب عقب الاحتلال الفرنسي للمنطقة. ز خ ازنة ازوية الشيخ محمد بن عبد الكريم المغيلي: وقد تا سست هذه الخ ازنة في غضون القرن العاشر الهجري ) السادس عشر الميلادي) وذلك بعد عودة الشيخ محمد بن عبد الكريم المغيلي من بلاد السودان (25) الغربي. وكانت تضم كل مؤلفاته وهي توجد قرب ضريح الشيخ وتحتوي على الكثير من المخطوطات ونذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر: (26) أسي لة الا سقيا وأجوبة المغيلي. البدر المنير في علوم التفسير يدور حول علم التفسير. شرح مختصر خليل وحاشية عليه سماها الا كليل لمغني النبيل على مختصر خليل. منظومة سماها منح الوهاب في المنطق المبل غ للصواب وعليها ثلاثة شروح له. فصل الخطاب في رد الفكر إلى الصواب وتدور حول المنطق وهو شرح لا رجوزة منح الوهاب. ومن الخ ازنات الا خرى بمنطقة توات الوسطى خ ازنة ازجلو وتحتوي هذه الا خيرة على أكثر من سبعين مخطوطة في شتى العلوم الدينية والمعارف. 3 خ ازي ن منطقة تيديكلت: تحتوي منطقة تيديكلت على العديد من المخطوطات وتعد خ ازي نها من أغنى 22
وأخصب الخ ازنات الشعبية ث ار ء بالمخطوطات وكثير منها من إنتاج علماء المنطقة ومن هذه الخ ازي ن نذكر: أ خ ازنة السيد بن مالك عبد الكريم با قبلي: وتوجد بقصر ساهل وتشتمل على عدة مخطوطات منها ما هو بخط الجد الا على للفلانيين السيد محمد بن مالك بن أبي بكر بن أيوب بن حماد بن جلول (28) (27) بن طلحة ومنها ما هو بخط الشيخ محمد بن محمد العالم. وحسب التقاييد التي اطلعنا عليها في بعض حواشي مخطوطات الخ ازنة تبي ن لنا أن العديد منها قد جلب إليها من طرف السيد عبد الرحمان بن الحاج أحمد حفيد الشيخ المؤسس وبعض المخطوطات الا خرى هي بخط الشيخ حمزة بن الحاج أحمد كما جلب إليها الشيخ محمد الحسن (ت 1352 ه 1933 م) عد ة مجلدات. وتحتوي الخ ازنة على كتب مخطوطة اشتملت على شروح للحديث النبوي الشريف وتفاسير للقرآن ومؤلفات في الفقه والنحو. وبقي منها في الوقت ال ارهن ما يقارب ماي تي (200) مخطوطة في الخ ازنة بعد أن ضاع وتبعثر منها الكثير (29) بسبب الكوارث الطبيعية. ومن مخطوطات هذه الخ ازنة نذكر: منح الوهاب في رد الفكر إلى الصواب لمحمد بن عبد الكريم المغيلي. شرح الميارة للفاسي ومعه ألفية في غريب القرآن. شرح الولاي ي على نظم المكودي بخط بن مالك سنة ( 1309 ه 1891 م). بغية السالك في أشرف المسالك لمحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمان. شرح ابن مهيب المسمى بالطريقة المثلى إلى الوسيلة العظمى لمحمد النجيب بن محمد شمس الدين بن محمد النجيب بن محمد بن عبد الصمد. الجامع الصغير من حديث البشير فرغ من تا ليفه في ( 907 ه 1501 م) ونسخ في ( 1201 ه 1786 م). ب خ ازنة ازوية شيخ الركب النبوي سيدي أبي نعامة الكنتي با قبلي: أس سها الشيخ امحمد بن عبد الرحمان الملق ب با بي نعامة المولود سنة ( 1060 ه 1650 م) والمتوفي سنة ( 1163 ه 1749 م). 23
وتشتمل خ ازنة الشيخ على ق اربة ثلاثماي ة مخطوط في فنون شتى نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر: كشف الشبهات بالب ارهين والبي نات للشيخ المختار الكنتي الكبير. نصاي ح للشيخ المختار وولده محمد في التصوف. نسيم الرياض في شرح الشفاء للقاضي عياض. الديباج المرقوم في أصول علم النجوم. الرسالة الغلاوية للشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار ولها ستة عشرة (16) صفحة. الكوكب الوقاد في فضاي ل المشايخ وحقاي ق الا و ارد للشيخ سيدي المختار الكبير. قصاي د في الشعر الشعبي الديني تخص ركب الحجيج ومدح المصطفى للشيخ ولد سيد الحاج الكنتي. كتاب الط اري ف والتلاي د يتضمن أخبار الوالد والوالدة ومعه أخبار الا ولياء والعلماء والا تقياء وبعض من أخبارهم للشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار الكبير وتفاديا للتطويل أذكر أن الخ ازنة تحتفظ بعدد كبير من المخطوطات في الحديث والعبادات والمعاملات ولا سيما مخطوطات فقه المذهب المالكي. (30) ج خ ازنة قصر المنصور با قبلي: وقد أس سها السيد الحاج محمد بن الحاج أعلي أحد تلاميذ الشيخ المختار الكبير الكنتي وتضم الخ ازنة ما يزيد عن عشرين مخطوطا في فنون مختلفة منها على سبيل المثال: الكوكب الوقاد على شرح الا و ارد للشيخ المختار الكبير الكنتي. الجرعة الصافية والنفحة الكافية للشيخ المختار الكبير. المقصور والممدود للشيخ المختار الكبير الكنتي. المهجة من تلخيص البهجة في مناقب سيدي عبد القادر الجيلاني للا مام نور الدين أبو الحسن علي ابن يوسف النحوي المقري الل خمي. وفي الخ ازنة مخطوطات كث يرة مجهولة المؤلفين في علوم شتى. (31) د خ ازنة قصر أركشاش با قبلي: تا س ست هذه الخ ازنة على يد السيد محمد التهامي الذي يمتلك أبناؤه اليوم مقتنياتها وتضم عددا من المخطوطات ولعل أهمها هو المصحف الشريف الذي 24
يعرف ب"تينغ بويا" بمعنى قتل بويا وهو عبارة عن كتاب قرآن (كذا كتب عنه) وهو يقع في (480) صفحة نسخه إسماعيل بن أحمد بن حسن الا زهري سنة ( 872 ه 1367 م). وقد كتب في آخره: "ليعلم الواقف عليه أن هذا المصحف مل كه االله للحاج محمد بن الحاج علي المايخاني أصلا عبيد ربه تعالى محمد الا مين بن علي بن محمد بن محمد بن الحاج محمد". ويوجد عليه ختم لملك غير واضح الاسم هو الملك "الطام أبو سعيد تمرنغا" وقصة تسميته بهذا الاسم أن متخاصمين لزمهما القسم فاتفقا أن يحلفا عليه وكان الكاذب اسمه بويا فمات بعد الحادث فسموا الكتاب ب"تينغ بويا" وهو محفوظ (32) بطريقة جي دة بمسجد أركشاش. ويوجد بنفس الخ ازنة أيضا مخطوط: نضار الذهب في كل فن منتخب للشيخ سيدي المختار الكبير الكنتي والذي فرغ منه في عام ( 1278 ه 1861 م). (33) ه خ ازنة الشيخ محمد باي بلعالم با ولف: وهي خ ازنة عصرية حديثة أقامها الشيخ المرحوم محمد بن عبد القادر بلعالم الملقب ب"الباي" وقد حاول جمع أكبر قدر من المخطوطات قصد تجميعها في مكان واحد وذلك في محاولة منه للحفاظ عليها وصيانتها ومن ث م تمكين الباحثين من الاستفادة منها. وتشمل تلك المخطوطات مواضيع في العلوم الدينية المختلفة كالحديث وعلومه التوحيد والعقاي د والتفسير والق ارءات والتصوف والفقه المالكي على مختصر سيدي خليل. ويبدو من خلال تصفحها أن أغلبها قد نسخ في فترة ما بين القرنين العاشر وال اربع عشر الهجريين (السادس عشر والعشرين الميلاديين). ومن أبرز مخطوطاتها نذكر: بلوغ الغاية على الوقاية للشيخ محمد بن بادي الكنتي وهو في اللغة العربية يقع في (290) صفحة وأو ارقه من الحجم المتوسط. روضة النسرين في مساي ل التمرين (اللغة). النفحة الرندية على شرح التحفة الوردية (اللغة). الروض الخصيب في شرح نفح الطيب في الصلاة على النبي الحبيب لمحمد 25
بن الشيخ المختار الكبير الكنتي انتهى منه في سنة ( 1219 ه 1804 م) ويقع المخطوط في (690) صفحة. كما توجد في مدينة أولف خ ازي ن أخرى وهي ممتلكات أسرية كخ ازنة أولاد بولحية في ازوية حينون والتي أس سها الشيخ محمد بولحية وهي الا ن بيد أولاده (34) وخ ازنة الشيخ بختي أحمد العالم. ويذكر أن الشيخ أبا الا نوار بن عبد الكريم (35) التنيلاني قد خل ف خ ازنة كتب إلا أنها ليست متاحة للباحثين ويجهل مكانها. وللا شارة فا ن أغلب هذه المخطوطات الموجودة داخل الخ ازنات الشعبية والمؤسسات الدينية قد تنامت مقتنياتها وتطورت بفضل العلماء الذين تعاقبوا على توات على مر الا زمنة والعصور ولم تتوقف عملية جلب المخطوط بل تخص صت (36) بعض الم اركز في عملية النسخ. وكانت تلك الخ ازنات مرتبطة ارتباطا وثيقا بوجود الزوايا التي انتشرت في كل مناطق إقليم توات (أد ارر). خ ازي ن ولاية بشار: (37) أ خ ازنة الز اوية الزيانية القندوسية : تضم هذه الخ ازنة حاليا حوالي أربعة وثمانين (84) مخطوطة في شتى حقول المعرفة كالمديح والتصوف والتاريخ والفقه المالكي والنحو والصرف وعلوم الحديث الخ. ومم ا يؤسف له أن العديد من مخطوطات ال ازوية المذكورة قد (38) تعرض إلى السرقة والتلف عبر السنون والا يام. (39) ب خ ازنة ازوية كر ازز بالدار البيضاء: كانت تحتوي هذه ال ازوية على حوالي ماي ة مخطوط إلا أن أغلبها ضاع بعد إتلافه من طرف قوات الاحتلال الفرنسي في سنة 1957 م. وقد تمك ن بعض القاي مين عليها من تجميع عدد لا با س به وصل في مجموعه إلى حوالي خمسة وثلاثين مخطوطا تشمل علم الحديث والتصوف والفقه المالكي وتفسير القرآن (40) وكتاب في النوازل. وهناك العديد من المخطوطات متفرقة حاليا على بيوتات البلدة ومشايخ وأتباع ال ازوية. وفي ختام هذه المحاولة يمكن القول إنه بالرغم من إشاعة الثقافة الت ارثية في بعض المناطق (مجال الد ارسة) إلا أننا لم نتمكن من معرفة محتويات بعض الخ ازي ن الخاصة ونتمنى أن تبذل الجهود وتتكاثف جميعها مستقبلا من أجل بعث ونشر محتوياتها وا تاحتها للدارسين والباحثين. 26
ثم إن المتصفح اليوم للمخطوطات المتبقية في الكثير من تلك الخ ازي ن يجد أن الزمن قد فعل فعلته بصفحاتها الا ولى إلى درجة التمزق لمجرد لمسها لكن الغاي ب الا كبر أمام هذا الوضع هي العناية بما فلت من أنياب الدهر وا خ ارجها من محبسها الذي لازمته لقرون وا عادة ترميمها وفقا للمقاييس العلمية وا عادة نسخها كي يتسنى للباحثين الاطلاع عليها وتحقيق ما يمكن تحقيقه منها. ولنتساءل أخي ار: هل يمكن اقت ارح بطاقة نموذجية لفهرسة المخطوط العربي تا خذ في الاعتبار كل المعطيات العلمية والتقنية الحديثة قبل أن نحدد مفهوم الفهرسة تحديدا نهاي يا يجمع عليه العلماء والمختصون ويحظى بقبول كل المهتمين بالمخطوطات في جميع الم اركز والمكتبات العربية والا سلامية وفي اعتقادنا أنه لا يمكن اقت ارح أي نموذج للبطاقة الفهرسية قبل تحديد مفهوم الفهرسة تحديدا علميا يتم في حدوده وفقا لشروطه وصف المخطوط العربي. لذا نوصي بضرورة العمل على مواصلة جرد وفهرسة مخطوطات كل الخ ازنات عبر الت ارب الوطني بصفة عامة ومناطق مجال الد ارسة بصفة خاصة. مع ضرورة التعاون بين المحققين والفهرسيين وحتى الا ثريين وذلك بغية الاستفادة من المخطوط بكل جوانبه يضاف إلى جانب ذلك تنظيم دو ارت تدريبية حول ترميم المخطوط ورقا وغلافا بالا ضافة إلى العمل على تنظيم ندوات علمية تتناول علم المخطوطات بكل مجالاته وا نشاء مشاريع بحث مع أساتذة مشاركين متخصصين في مجال المخطوط. الهوامش: 1 الم ارد بكلمة (خ ازنة) في لسان سكان مناطق الجنوب الج ازي ري: المكتبة الشعبية التي تحتوي على عدد من الكتب المخطوطة سواء أكانت هذه الخ ازنة داخل القصر أو في المسجد أو في بيت من البيوت. 2 يذكر الدكتور مختار حساني " نأ أغلب الواحات الصح اروية كانت تزخر بخ ازي ن الكتب وقد تحولت مق ارت الزوايا بها إلى مدن مثل عين ماضي وتماسين وطولقا وأولاد جلال وتيميمون وأد ارر ووادي ا لساورة". مختار حساني: تاريخ المخطوطات ضمن أعمال الملتقى الثاني للبحث الا ثري والد ارسات التاريخية أد ارر 1994 ص 65 66. 3 انظر محمد عطا زبيدة: مكتبات المدارس خ ازنة الكتب في العصرين الا يوبي والمملوكي في أبحاث ندوة تاريخ المدارس في مصر الا سلامية الهيي ة المصرية العامة للكتاب 1992 27
28 ص.221 4 كوربم :مدقم تاطوطخملا لخاد تانزا خلا ةيبعشلا تاوتب تلكيديتو لامعأ ىقتلملا يناثلا ثحبلل يرثلا ا تاسرا دو ةيخيراتلا ررا دأ 1994 ص 75.76 5 دبع ميركلا :يفوع زكرا م تاطوطخملا يف بونجلا يري زا جلا ميلقإ تاوت اجذومن يف ةلجم قافآ ةفاقثلا ثرا تلاو زكرم ةعمج دجاملا ةفاقثلل ثرا تلاو ددعلا 34 يبد 2001 ص.128 6 رظني وبأ مساقلا دعس اللها : خيرات ري زا جلا يفاقثلا 5ج ص.371 7 دكا تلل ققحتلاو عجرا :هباتك A.G.P. Martin : Quatre siècles d histoire, Paris 1923. 8 دعبت ةفراطملا ايلاح نع رقم ةيلاو ررا دأ ب 99 ملك دجوتو هذه ةنزا خلا ديب ءانبأ دبع ميركلا نب دبع.ريبكلا 9 دع ي خيشلا يديس جاحلا مساقلب نم ملاعأ نرقلا رشاعلا يرجهلا سداسلا) رشع.(يدلايملا ناكو فرع ي خيشب بكر جيجحلا ماقتو هل مويلا ميسرا م ةرايزلا (ةدعو) يف راطإ لافتحلاا عوبسا ب دلوملا يوبنلا فيرشلا وهو لافتحا صوصنم هيلع يف سابحأ ةيوزا لا اهثري ءانبلا ا نع ءابلا ا دادجلا او دعوك يونس لا بجي هزواجت اهيفو عفرت عيمج ةيولأ ءايلولا ا نيحلاصلا نيذلا هوكراش يف لفحلا يسيسا تلا هدهل ةرايزلا امو فرعي نع خيشلا هنأ ملع قيرط جيجحلا مهلزانمو هي انبلا (نيفوتملا) مسوملو ةرايز يديس مساقلب ةرهش.ةيملاع رظني يلاوم يماهتلا :يواتيغ ةلسلس ةاونلا ةسسؤملا ةينطولا نونفلل ةيعبطملا ري زا جلا 2005 2ج ص 12.17 10 دجوت هذه ةنزا خلا ايلاح ديب ديسلا غابدلا دمحأ نب.دمحم 11 دجوت هذه ةنزا خلا ايلاح ديب ديسلا يفوصلا دمحم.ملاسلا 12 دجوت هذه ةنزا خلا ايلاح ديب ديسلا يزوجلا دبع نمحرلا اهبو رثكأ نم (200).ةطوطخم 13 دجوت هذه ةنزا خلا ايلاح ديب ديسلا دمحأ نب.يبرعلا 14 وبأ مساقلا دعس :اللها خيرات ري زا جلا يفاقثلا 1ج ص.297 رظناو اضيأ دبع ديمحلا يركب ةذبنلا يف خيرات تاوت اهملاعأو نم نرقلا 9 ىلإ نرقلا 14 ه راد ىدهلا نيع ةليلم ري زا جلا 2005 ص.49 15 ركذيو هنأ يف ةنس ه1244) (م1824 دق مت ميسقت تايوتحم ةبتكملا نيب درا فأ ةلي اعلا ةمسق اهاضرا ت.عيمجلا تناكف يف طيطنمت ةنزا خ خيشلا يديس دمحأ يديد ةنزا خو خيشلا يديس جاحلا دمحم يضاقلا ةنزا خو خيشلا يديس دمحم.حلاصلا 16 دجوت هذه ةنزا خلا رصقب ةكولم عباتلا ايلاح ةيدلبل يميت دعبي نع ةنيدم ررا دأ ب 5 رتموليك تناكو ةكولم را ق م ءاملعلل دقو تزرب زكرمك عاعشإ يملع يراضحو عم فصتنم نرقلا يناثلا رشع يرجهلا (م18) عجريو لضفلا يف كلذ ىلإ خيشلا يديس جاحلا دمحم نب دبع نامحرلا يلابلبلا ت).(ه1244 رظني ةرهوج ص يناعملا.13 ةلحرلا ةيلعلا 1ج ص.48 قيدصلا جاح :دمحأ خيراتلا ص يفاقثلا.101 دبع ميركلا :يفوع عجرملا قباسلا
29 ص.124 17 نمضت اذه فلؤملا ةعومجم نم لزاونلا يهو ةرابع نع ةعومجم نم اياضقلا ىواتفلاو لي اسملاو ةلوقعملا نم تلاجس يضاقلا دبع قحلا نب دبع ميركلا يذلا لكش سلجم ىروش نم عبرأ ءاهقف مهترواشمل يف اياضقلا يتلا لكشتست.هيلع ناكو ديب لك دحاو مهنم لجس د يقي هيف هماكحأ هيواتفو ماقو خيشلا دبع زيزعلا عمجب ماكحأ لجسلا يتلا اهد يق هدلاو ماقو اهبيترتب ىلع بسح باوبأ ليلخ عجرملا) يهقفلا (دمتعملا دجوتو ةخسن نم لزاون ةينغلا ةيلابلبلا يف ةنزا خ ةكولم ماسوكو انعلطأو خلا ا دبع ديمحلا يركب ىلع ةخسن ةصاخ ةنزا خب هدج يديس دمحأ يديد.طيطنمتب 18 بسن اذه باتكلا ىلإ خيشلا نبا ب أ.ير مزملا بسحو انعلاطا ىلع تافلؤم خيشلا مل رثعن ىلع ناونع اذه نمض باتكلا هتافلؤم ةطوطخملا ةنزا خب خيشلا دمحم ياب.ملاعلب ح جرنو هنأ دق نوكي ا طخ يف.خسنلا 19 ماسوك ايلاح ةعبات ةيدلبل يميت دعبتو نع رقم ةيلاولا ررا دأ ب 3.رتموليك 20 عقت ينب رمات قرش ةدلب يميت يهو ةعبات ةيدلبل يميت دجوتو هذه ةنزا خلا ديب هديفح ديسلا يبودبم دمحما دقو باصأ هذه ةنزا خلا فلتلا عايضلاو ببسب لماوعلا ةيعيبطلا ةيرشبلاو ملو قبي اهنم لاإ ءيشلا.ليلقلا 21 عجري خيرات سيسا ت ةيوزا لا ىلإ نرقلا يداحلا رشع يرجهلا (م17) دقو اهسسأ خيشلا يديس دمحأ بقلملا يبا ب عبس تاجح ناكو نم ءاملعلا نيذلا اوغبن يف ملعلا فتلا هلوح بلاط نوريثك ناكو رضحي هسلجم رثكأ نم ةي ام بلاط سسأ عبس اياوز اهرهشأ هرصق ب يذلا يمس همساب ةيوزا يديس ةديح ريغصت دمحأ ناك دوقي بكرلا يمسو خيشب بكرلا فلخ ةبتكم اهفقوأ ىلع هنبا تناكف نم بيصن هديفح خيشلا يديس دمحم نب.كوربم رظني دمحأ :يرفعج دمحم نب بأ ص يرمزملا.50 ةلسلس ةاونلا 1ج ص.107 دبع ميركلا :يفوع عجرملا ص قباسلا.127 22 نياع دحأ نيثحابلا هذه ةنزا خلا ظحلاو ةلاحلا يتلا تلصو اهيلإ :لاقف اهنأ يف ةلاح ىثري اهل يهو نم نيب ني زا خلا يتلا جاتحت ىلإ لخدت داقنلا ام ىقبت اهنم دعب بيترت اهقرا وأ ةرثعبملا يف.ني زا خلا رظني راتخم :يناسح خيرات ص تاطوطخملا.70 دجوتو هذه ةنزا خلا ديب ديسلا دمحم.يرفعج 23 دجوت هذه ةنزا خلا رقمب ةيوزا ةتنك يتلا عقت بونج ررا دأ دعبتو نع رقم ةيلاولا ب 77.ملك 24 ةنزا خ ةيوزا ةتنك ايلاح يه ديب ءانبأ دافحأو خيشلا جاحلا دمحما.هيتنكلا 25 راتخم :يناسح عجرملا ص قباسلا.68 26 اذه طوطخملا ماق هتسرا دب هقيقحتو روتكدلا دبع رداقلا ةيدابز يف هباتك موسوملا :ب ةسرا د لوح ةلي سأ ايقسلا ا ةبوجأو يليغملا ري زا جلا.1974 رظناو اضيأ كوربم :مدقم ةبوجأ خيشلا
30 دمحم نب دبع ميركلا يليغملا ريملا ل جاحلا دمحم نب يبأ ركب ايقسأ ريبكلا 2ج راد برغلا نرا هو.2002 27 دمحم ياب :ملاعلب ةليبق ص نلاف.338 28 عجرملا.هسفن 29 بسح راوحلا يذلا راد اننيب نيبو مي اقلا ىلع هذه ةنزا خلا ديسلا نب كلام دبع ميركلا دقف ركذ نأ ةنزا خلا دق تر رضت راطملا اب ةريزغلا ةنس م1965 نلا بلغأ تايانبلا ةيبوط ةينبم نم (نيطلا) لا مواقت ةدش طوقس راطملا ا.ةريزغلا اذكو ةضرلا ا يتلا تتأ ىلع ريثكلا نم قرا وأ كلت بتكلا ةدوجوملا.ةنزا خلاب 30 يهو ايلاح ديب ذاتسلا ا دمحما يراصنل ىعسيو ادهاج ىلإ اهميظنت اهتحات او.نيثحابلل 31 س سأ رصق شاشكرأ ةنس ه683) (م1284 كلذو بسح دييقتلا فلاسلا.ركذلا 32 ءانثأ انترايز رصقل شاشكرأ يلبقا ب خيراتب 11 رياني 2006 انعلطأ مامإ دجسملا ديسلا بلاطلا نيمل يروصنم ىلع اذه فحصملا ظوفحملا ةقيرطب ةديج مغر مدق خيرات.هخسن 33 وه خيشلا دمحم ياب ملاعلب نم ديلاوم ةدلب (لهاس) ىلبقا ب ةنس 1930 سرد ىلع دي هدلاو خيشلا دمحم نب دبع رداقلا نب دمحم ىلعو خويش ريثك ني مهنم خيشلا يلاوم دمحأ يرهاطلا يسيردلا ا ت) ه1399 (م1978 هلو ام ديزي نع نيثلاث افلؤم نيب مظن حرشو فيلا تو ناكو فرشي ىلع ةسردم بعصم نب ريمع ةينآرقلا ةيهقفلا رقمب ةري اد فلوأ ةيلاو.ررا دأ رظنا هتمجرت ةلماك خيشلل دمحم يلع نيملا ا يطيقنشلا دقو ترشن يف :هباتك ةلحرلا ةيلعلا 2ج ص 376.386 34 بسح ام اندافأ هب هدافحأ نيمي اقلا ايلاح ىلع ةنزا خلا نا ف ديسلا دمحأ نب كرابم نوكي دق دلو فلوا ب للاخ ماع م1860 همأو ةكرابم تنب دمحأ.ريعشلا ملعت ىلع دي هدلاو بلاطلا كرابم ذخأو نع ضعب ءاملع تاوت دقو فرع دنع ةماع سانلا يف فلوأ مساب يديس دمحأ ملاعلا امل فرع هنع نم ملعلا ىوقتلاو دقو ا شن يف ةرسأ تفرع ملعلاب.حلاصلاو 35 مغرلاب نم ةعاشإ ةفاقثلا ةيثرا تلا يف ةقطنملا لاإ اننأ مل نكمتن نم ةفرعم تايوتحم كلت ةنزا خلا يتلا ناك اهل رود دي را يف ةكرحلا ةيفاقثلا طيشنتو ميلعتلا ىلع دي خيشلا هذيملاتو يف ةقطنملا امو.اهرواج 36 ترهتشا ةسردملا ةينآرقلا ةيهقفلاو لهاس ىلبقأ ضعبب خاسنلا نيطاطخلاو ةصاخو ةباتك فحصملا فيرشلا دقو ىنتعا اهؤاملع اهتبلطو خسنب نآرقلا ميركلا هتباتكو ةطساوب لي اسولا ةطيسبلا ةدوجوملا يف كلذ تقولا ةاودلا) ملقلاو (دغاكلاو ركذنو نم ءلاؤه خاسنلا ئرقملا ةملاعلا دمحم رامع نب دمحم نب جاحلا دمحأ نب دمحم نب كلام ت) ه1364 (م1954 يذلا ناك اظفاح نآرقلل ميركلا ناكو زاتمي ةمهمب خسن بتكلا فحاصملاو دقو دجو يف هترا كذم يتلا ل جس ي اهيف هتاطوطخم هنأ خسن هملقب ةسمخ نيعبرأو (45) احفصم لاماك خسنو ريثكلا نم ءزا جلا ا.عابرلا او رظني ةليبق :نلاف عجرملا ص قباسلا.54 دمحأ نب :كلام عجرملا ص قباسلا.8 دقو تعاش ةكرح خسنلا خاسنتسلااو يف ديدعلا نم زكرا ملا ةيملعلا ةيفاقثلاو تاوتب ىتح هنأ ناك
لها اختصاصيون مشهورون ومن شروطها جودة الخط وحسن اختيار الورق وا تقان صناعة الو ارقة والسرعة والمهارة في التوثيق والدقة في العمل وصحة النظر. ينظر مبروك مقدم: المخطوطات داخل الخ ازنات الشعبية ص 78. 37 القاي م عليها حاليا هو السيد الطاهري امبارك أستاذ بثانوية العقيد عثمان منذ سنة 1996 إلى غاية يومنا هذا. 38 لمعرفة محتويات الخ ازنة الزيانية القندوسية ينظر عبد القادر بوباية: الخ ازنة الزيانية القندوسية نموذج محلي للحفاظ على الت ارث الوطني المجلة الج ازي رية للمخطوطات العدد 5 جامعة وه ارن 2008 ص 214 218. 39 تبعد مدينة كر ازز عن مقر مدينة بشار بحوالي 300 كلم إلى جنوب الولاية. 40 عبيد بوداود: دور الزوايا في الحفاظ على الت ارث المخطوط ازوية كر ازز نموذجا في المجلة المغاربية للد ارسات التاريخية والاجتماعية العدد الا ول جامعة سيدي بلعباس مكتبة الرشاد الج ازي ر 2009 ص 37 40. 31
العدد 15 2015 مجلة حوليات الت ارث د. عبد القادر شارف جامعة الشلف الج ازي ر تكثر المؤلفات والمصنفات النحوية والصرفية كثرة يقف منها المط لع موقف المتا م ل والمتساي ل لهذه الكثرة أفي كل هذه المؤلفات جديد لم يكن في غيرها أم أ ن الجديد غير المادة وهو أسلوب العرض والتناول والترتيب ولهذا كان هذا البحث فهو يتحدث عن م ص نف ج ازي ري دارت به الا لسن في المشرق والمغرب حتى صار دربا من دروب الا بداع هذا المص نف هو: "الكافي في التصريف" للشيخ أمحمد بن يوسف أطفيش. ولد الشيخ أ م ح م د بفتح الهمزة أولا وا سكان الميم بعدها بن يوسف بن عيسى بن صالح بن عبد الرحمن بن عيسى بن إسماعيل بن محمد بن عبد العزيز (1) بن بكير الحفصي أطفيش الشهير بقطب المغرب سنة ( 1236 ه 1818 م) (2) بغرداية على ما عرف من نسبه إلى بني يزقن. وفي ال اربعة من عمره توفي والده وتركه يتيما تحت كفالة والدته السيدة ما مه س ت ي بنت الحاج سعيد بن ع دون بن يوسف بن قاسم بن عمر بن موسى بن ي در (3) من عشيرة آل ي در المشهورة ببني يزقن. توسمت الوالدة في ولدها بوادر النبوغ فعهدت به إلى أحد المربين لحفظ القرآن فختمه وحفظه وهو ابن ثمان ففتح له مجال العلم وسارع إلى دور العلماء وح ل ق الدروس بالمسجد فا خذ مبادئ النحو والفقه عن أخيه الا كبر: إب ارهيم بن (4) يوسف وتلقى مبادئ المنطق عن الشيخ سعيد بن يوسف. نشا القطب عصاميا لم يسافر للد ارسة خارج موطنه وجعل دأبه الحرص على اقتناء الكتب واستنساخها يجتهد في طلبها واشت اري ها من كل البلدان رغم قلة ذات اليد وصعوبة الاتصال فتجمعت لديه مكتبة غنية تعد فريدة عصرها بالنظر إلى ظروف صاحبها وبعده عن م اركز العلوم والعم ارن وم ما ساعده على التحصيل اقتناؤه لبعض خ ازي ن العلماء منها خ ازنة الشيخ ضياء الدين عبد العزيز 33
(5) الثميني وقد تزوج ام أرة علم تملك مكتبة ثرية ورثتها عن أبيها وما كاد يبلغ السادسة عشر حتى جلس للتدريس والتا ليف ولما بلغ العشرين أصبح عالم وادي (6) مي ازب ثم بلغ درجة الاجتهاد المطلق في كهولته. أنشا القطب معهدا للتدريس ببني يزقن تخرج فيه علماء ومصلحون ومجاهدون انبثوا في أقطار المغرب والعالم الا سلامي وانبثت ت ارجمهم في ثنايا هذا المعجم له منهج في التدريس يعتمد على استغلال الوقت والتركيز في التلقين تستمر دروسه طيلة أيام الا سبوع من الضحى إلى الزوال إلا يوم الجمعة ثم يزيد دروسا في المساء بعد العصر ولا يدر س في الليل إلا الغرباء والنجباء والمتفوقين لا نه كان يخصص الليل للتا ليف والا جابة عن الرساي ل والاستفتاءات المتهاطلة عليه وكان غزير المادة طويل النفس متفانيا في العلم يدرس أحيانا (7) أحد عشر درسا مختلفا في اليوم. بهذا المنهج في التعليم والسعة في العلم انهال عليه الطلبة من مختلف الا قطار الا سلامية وصدروا عنه وكل هم رجال عاملون في مختلف مواقع الحياة تا ليفا وتعليما وقيادة وقضاء وا صلاحا. (8) واتسع له العمر ليترك هذا الت ارث الجليل فقد عم ر ستة وتسعين عاما وكان حريصا على الكتابة لا يتركها في حضر ولا سفر وصفه تلميذه أبو اليقظان (9) با نه "لا يعرف إلا في تدريس علم أو تا ليف كتب" فا ل ف في بني يزقن والق اررة ووارجلان وبريان والحجاز وفي السفينة قاصدا الحج وشملت تا ليفه مختلف فروع المعرفة في المنقول والمعقول تاركا بذلك ت ارثا ضخما متنوعا بتنوع ثقافته في علم التفسير والتجويد والق ارءات والحديث والكلام والتوحيد والفقه وأصوله والتاريخ والسيرة النبوية والمنطق والفلك والطبيعيات واللغة بما فيها من نحو وصرف وعروض وبلاغة وشواهد وخط ومن بين ما أل ف (الكافي في التصريف) وهو محور د ارستنا. إ ن هذا الكتاب بمجرد النظر إلى عنوانه يتضح للقارئ أ نه في علم الصرف بيد أن ه لم يرد ذكر اسم (الكافي في التصريف) في كتاب من الكتب المترجمة (10) للشيخ محمد بن يوسف أطفيش فهو من المؤلفات التي اكتشفت حديثا ومم ا يثبت اسم الكتاب ما ورد في مقدمة المؤلفين: "وسميته بالكافي واالله الولي (11) المعافي". 34
والكافي في التصريف عبارة عن مخطوط من نسخ إب ارهيم بن صالح وهو محفوظ في مكتبة الشيخ صالح بن عمر العلي ببني يزقن بغرداية وقد كتبت هذه النسخة بخط مغربي ج يد مقروء خالية من تاريخ النسخ وبهوامش بعض صفحاتها استد اركات لبعض العبا ارت والا لفاظ الساقطة من المتن وهي بخط المتن نفسه (12) وعلى الصفحة الا ولى د ون عنوان الكتاب بخط مخالف للمتن وهامشه. وتعد هذه المدونة من المدونات العريقة التي أنجبتها الساحة العلمية الج ازي رية المنتسبة إلى العلا مة الجليل الشيخ أطفيش كما ورد في خطبته من المخطوط يقول: "قال الشيخ العالم الماهر فريد العصر بدر الدين أستاذنا الحاج أمحمد بن الحاج يوسف وكذا ما تضمنه المخطوط من إحالات على كتب هي (13) للقطب أطفيش من مثل: (شرح لامية الا فعال) و(حاشية على الم اردي) حيث لم يورد المؤلف أسباب التا ليف فيها كما فعل في كتبه الا خرى إلا من خلال ما (14) أورده في خطبة المخطوط من كونه مؤلفا "ينتفع به المبتدئ فا لى غيره يهتدي". والسبب في تا ليف هذا المص نف الج ازي ري يعود إلى قلة المصن فات الصرفية التي تتناسب ومستوى المبتدي ين في التعليم في معهده فا غلب الكتب الموجودة هي لذوي الاختصاص أضف إلى كونها من المطولات فا ل ف أطفيش مختص ار تعليميا ميس ار با سلوب بسيط يتناسب مع مستوى هذا الصف فضلا عن أ ن علم الصرف من العلوم الا ساسية التي قامت خدمة للغة العربية فهو يحتل المنزلة الا ولى في خدمة هذه اللغة من حيث الا همية ف أرى المؤلف أن ه من الضروري بل الواجب التا ليف في هذا الباب وتعليمه وتعل مه حيث يقول: " أريت علم التصريف فرضا (15) من فروض الكفاية وكن از يجب القصد إليه با كمل العناية". كما أ ن انص ارف الناس عن تعل م هذا الفن بسبب جهلهم له حيث نسوا أ نه ل ب العلوم كلها يقول أطفيش: " أريت أهل هذه البلاد ما والاها جاهلين له ك ل جهل وغامضا عنهم كل بحث من مباحثه صعب أو سهل لجهلهم فواي د العلم (16) صغا ار واستنكافهم عن تعل مه ك با ار" وهو ما دفعه إلى التقديم للكافي بمقولة (17) ترغيبا في تعل مه حيث يقول: "الص رف أم العلوم" وفي هذا الصدد يقول ابن عصفور: "فا ني لم ا أريت النحويين قد هابوا لغموضه علم التصريف فتركوا التا ليف فيه والتصنيف إلا القليل منهم فا ن هم قد وضعوا فيه ما لا ي بر د غليلا ولا ي ح صل لطالبه ما مولا لاختلال ترتيبه وتداخ ل تبويبه وضعت في ذلك كتاب ا 35
رفعت فيه من علم التصريف ش اري ع ه ول كت ه عاصي ه وطاي ع ه وذل لت ه للفهم بحسن (18) الترتيب وكثرة التهذيب لا لفاظه والتقريب". وواضح أ ن ابن عصفور جعل حسن الترتيب يذل ل الفهم فجعل الترتيب الحسن هدف ا للتا ليف إذ إ ن أصول العلم قد تقررت ولم تكن الا ضافة بالقدر الذي يسمح بتا ليف كتاب جديد غير أن الذي ي غري بالتا ليف هو محاولة الوصول إلى ترتيب جديد ي عين على الفهم وبخاصة للمتعلمين وهو الذي ارم إليه أطفيش من خلال كتابه المختار. ولا ضير في أن تقد م النحو على الصرف في كثير من المؤلفات فذلك له أسباب أخرى ولا يعكس ذلك قلة الاهتمام بالصرف فالصرف يم س الجانب الا ول في التركيب والكلام وهو بنية الكلمة والنحو يمس جانب التركيب وهو تال للبنية ولهذا فالخطا في البنية غير ظاهر ولا جل هذا يستمر الخطا أ ما النحو فا نه ي حتال على ذلك بالتسكين والخطا مع هذا ظاهر غير مستمر. ولم يكن هذا النهج شاي ع ا بين النحاة والصرفيين ولعلهم جعلوا الصرف متا خر ا في د ارسته لصعوبته أو لا ن طلبه يحتاج إلى عقلية أقوى م ما يحتاجه النحو أ ما من ناحية التسلسل المنطقي فا ن الصرف يرتبط بالمفردات وهو أمر سابق للتركيب لا ن الصحة في تركيب الجملة ينبغي أن يسبقها صحة المفردات وهو اهتمام الصرف. ولعلم الصرف أهمية قصوى في الدرس اللغوي القديم والمعاصر وقد س ماه بعض العلماء علم التصريف كما هو الحال عند محمد بن يوسف أطفيش الذي سار على هذا النهج وأ يد بعض العلماء كابن مالك (ت 672 ه) المصطلح الا ول لا نه الا صل في التسمية ومختصر أكثر من (التصريف) ومواز للفظة (النحو) وهو اللفظ الشاي ع اليوم والمتقدمون من علماء العربية كالخليل (ت 175 ه) وسيبوبه (ت 180 ه) لا يصطلحان عليه (التصريف) ولا (الصرف) لا ن مساي له (19) كانت عندهما متداخلة في علم النحو. والصرف والتصريف في اللغة أصلهما مصد ارن لص ر ف وص رف ويدلا ن على معان منها: التقليب والتحويل والتغيير ي قال: "ص ر ف ت ف لان ا عن وج هه و ص ر ف ت ال صبيان: قلبتهم وقالوا: وص ر ف االله عنك الا ذى أي: حو له من وجه إلى وجه ومن حال إلى حال وتصريف الا مور أي: تحويلها من مكان إلى مكان 36