مقاصد التفكري من املنظور القرآين The Objectives of Thinking according to the Qur'anic Perspective جالل عبد هللا أمحد سيف 1 حممد يعقوب ذو الكفل 2 Mohd Yakub@ Zulkifli Bin Haji Mohd Yusoff Galal Abdullah Ahmed Saif ملخص لقد خلق هللا اإلنسان واستخلفه على هذه األرض وقد خص هللا اإلنسان ابلعقل والذي يعد آية هللا الكربى يف عامل اإلنسان والتفكري هو أرقى عمليات العقل وبه تتحقق خالفة اإلنسان ببعديها اهلدائي اإلمياين واحلضاري العمراين على هذه البسيطة والتفكريكوظيفة عقلية ال يعمل يف فراغ وال يسري بغري هدى بل إن القرآن ليضع له مقاصد وغاايت وحيثه يف طلبها وهذه املقاصد تتوزع يف جمالني جمال آايت الكتاب املسطور )القرآن( وجمال آايت الكتاب املنظور )الكون( والدراسة احلالية هتدف إىل بيان مفهوم التفكري يف القرآن كما هتدف إىل الكشف عن مدى أمهية املقاصد يف توجيه التفكري والدراسةكذلك هتدف إىل الكشف عن مقاصد التفكري يف القرآن ولتحقيق تلك األهداف فقد استخدم الباحث املنهج االستقرائي وقدكشفت نتائج الدراسة أن التفكري عملية عقلية ذو طبيعة استخالفية كما كشفت الدراسة أن املقاصد متثل بوصلة توجيه وإرشاد للتفكري مبا جيعله أداة بناء وتعمري والدراسةكذلككشفت أن التفكري يف القرآن يعمل يف جمالني مها جمال آايت الكتاب املسطور )القرآن( وجمال آايت الكتاب املنظور )الكون( والتفكري يف كل جمال من تلك اجملاالت له مقاصده وغاايته واليت تصب يف اجتاه حتقيق معاين االستخالف والوفاء مبتطلباته. الكلمات املفتاحية: مقاصد - التفكري - املنظور - القرآن Abstract God has distinguished man by reason, which is the greatest sign of God in the world of man, and thinking is the finest process of the humanbeing. The purpose of the present study is to explain the concept of thinking in the Qur'an, as well as to explore the importance of the objectives of the Qur'an. 1 ماجسرت يف أصول الرتبية ودكتوراه يف "تنمية التفكري يف املنظور القرآين" 2 عميد أكادميية الدراسات اإلسالمية ورئيس مركز حبوث القرآن جبامعة مالاي 1
In directing thinking, The study also revealed that thinking is a mental process of an abstract nature. The study also revealed that Maqasid is a compass of guidance, which makes it a tool for building and reconstruction, and study as well revealed that the thinking in the Qur'an works in two areas, namely the field of the verses of the (the Qur'an), and the field of the signs of the book the perspective (the universe), and thinking in each of these areas has its purpose and goal. Key words: Maqasid, Thinking, Qur'an, perspective. مقدمة خلق هللا سببببببببحانه اإلنسبببببببان وجعله خليفة يف األرض ويف مواجهة تلك املهمة والوفاء بتلك الرسبببببببالة ف ن هللا سببببببببحانه كذلك قد زود اإلنسببببببان ابلكثري من القدرات والطاقات الالزمة واليت تسبببببباعده على حتقيق ما وكل إليه وايري التفكري على رأس تلك القدرات والطاقات اليت زود هللا هبا اإلنسبان ملواجهة متطلبات االسبتخالف فالتفكري هو القوة الفاعلة يف حياة اإلنسببببببببببان على هذه األرض واليت متكنه من الشببببببببببهود احلضبببببببببباري والتقدم العلمي يف رحلته الطويلة املمتدة يف شعاب الزمان واتساع املكان على هذه البسيطة. والتفكريكقوة فاعلة يف حياة اإلنسبببان واليت من خالهلا ينتج ويبدع يف حضبببوره على هذه االرض ال ر عن التقدير اإلهلي املسبق يف حكمة اخللق واإلجياد وأنه يف سياق ذلك له مقاصده وغاايته اليت يعمل يف طلبها واليت هي مبثابة املوجه واملرشد له متاشيا مع رسالة اإلنسان وغاية وجوده على هذه األرض. والدراسة احلالية معنية يف بيان مفهوم التفكري ومقاصدهكما هتدف الدراسة إىل بيان أمهية املقاصد يف توجيه التفكري والدراسة كذلك هتدف للكشف عن مقاصد التفكري ومدلوهلا يف سياق الوجود االستخاليف لإلنسان على هذه األرض ومن مث ف ن أسئلة الدراسة ميكن حصرها يف اآلري: ما مفهوم التفكري يف القرآن وما مدى أمهية املقاصد يف توجيه التفكري وما مقاصد التفكري يف املنظور القرآين وتربز أمهية الدراسبببببببة يف تناوهلا ملوفبببببببوع التفكري من نواحي عدة منها أن التفكري ميثل املرتكز الذي يقوم عليه التقدم احلضاري والدراسة يف تقريبها ملفهوم التفكري تدفع يف اجتاه الوعي هبذه العملية العقلية ذات السلطة الواسعة يف حياة اإلنسبببببببان والدراسبببببببة يف بيان أمهية املقاصبببببببد يف توجيه التفكري تكون بذلك قد بينت طبيعة العالقة بني التفكري 2
ومقاصبببببببده كما أن الدراسبببببببة يف بيان مقاصبببببببد التفكري تكون بذلك قد كشبببببببفت عن االجتاه الصبببببببحي والذي ينبغي للتفكري أن يسري فيه والذي يتحقق به سالمة وفائدة ما ينتجه التفكري. ولإلجابة على األسئلة السالفة الذكر ف ن الباحث قد استخدم املنهج االستقرائي. وعليه فقد جآءت الدراسة يف مقدمة ومبحثني املبحث األول: التفكري واملقاصد يف القرآن وقد اشتمل على مطلبني املطلب األول: مفهوم التفكري واملقاصد واملطلب الثاين: أمهية املقاصد يف توجيه التفكري واملبحث الثاين: مقاصد التفكري يف القرآن الكرمي وقد اشتمل على مطلبني املطلب األول: مقاصد التفكري يف جمال آايت الكتاب املسطور )القرآن( واملطلب الثاين: مقاصد التفكري يف جمال آايت الكتاب املنظور )الكون(. التفكري واملقاصد يف املنظور القرآن الكرمي مفهوم التفكري واملقاصد يف القرآن التفكري لغة: ورد يف لسان العرب أن "الفكر ابلفت والفكر ابلكسر: اعمال اخلاطر يف الشيء". 3 ومرادفات فكر مبعىن: أتمل وتبصر ومتعن وحمص 4 فالتفكري يف اللغة يعين إعمال العقل يف الشيء. التفكري اصطالح ا: يذكر الراغب األصفهاين أن "الفكرة قو ة مطرقة للعلم إىل املعلوم والتفكر: جوالن تلك القو ة حبسب نظر العقل وال يقال إال فيما له صورة يف القلب ونقل عن بعض األدابء قوله: الفكر مقلوب عن الفرك لكن يستعمل الفكر يف املعاين وهو فرك األمور وحبثها طلب ا للوصول إىل حقيقتها". 5 والتفكر: "تصرف القلب يف معاين األشياء لدرك املطلوب". 6 وتفكر يف الطبيعة" أتمل أعمل العقل فيها ليصل اىل. 7 نتيجة أو حل" واملتصف لكتاب هللا عز وجل جيد أن لفظ الفكر مل يرد يف القرآن مصدر ا قط ولكنه ورد بصيغة الفعل: فكر يتفكرون تتفكرون يتفكروا يف املافي واملضارع وبصيغة املفرد واجلمع قال تعاىل: إ ن ه ف ك ر و ق د ر ]املدثر: 18] وقوله تعاىل: و أ ن ز ل ن ا إ ل ي ك الذ ك ر ل ت ب ي ل لن اس م ا ن ز ل إ ل ي ه م و ل ع ل ه م ي ت ف ك ر و ن [ النحل: 44] وقوله تعاىل: ق ل 3 ابن منظور لسان العرب )بريوت: دار الفكر ط 1 1990 م( 5 ص 65. 4 البقاعي إميان وغريد الشيخ املتقن معجم املرتادفات العربية )بريوت: دار الراتب اجلامعية ط 1 2006 م( ص 274. 5 األصفهاين الراغب مفردات ألفاظ القرآن حتقيق صفوان عدانن داوودي بريوت: دار القلم ط 3 2002 م ص. 643. 6 اجلرجاين علي بن حممد بن علي الزين الشريف التعريفات )بريوت: دار الكتب العلمية ط 1 1983 م( ص 63. 7 عمر أمحد خمتار معجم اللغة العربية املعاصرة )القاهرة: عامل الكتب ط 1 2008 م( ص 1733. 3
ه ل ي س ت و ي ا ل ع م ى و ال ب ص ري أ ف ل ت ت ف ك ر و ن [االنعام: 50] وقوله تعاىل: أ و ل ي ت ف ك ر وا م ا ب ص اح ب ه م م ن ج ن ة إ ن ه و إ ل ن ذ ير م ب ي [االعراف: 184]. فالقرآن يقرر أبن التفكري والذي يعد احدى العمليات العقلية ذو طبيعة وظيفية ومقاصدية استخالفية فالتفكري يف القرآن ليس مقصود ا لذاته وإمنا ملا يرتتب عليه من نتائج يف جمال حتصيل أسباب اهلداية واإلميان ويف جمال حتصيل أسباب احلضارة والعمران ومها ركنان يقوم عليهما االستخالف على هذه البسيطة. فالتفكري يف إطاره الكلي وفق الرؤية االستخالفية يف القرآن ميثل حلقة الوصل بني اإلنسان وخالقه معرفة وهداية وإمياان وبني اإلنسان والكون من حوله استكشاف ا واستثمار ا وعمراان مبا حيقق خالفة اإلنسان على األرض فهو تفكري توليدي انتاجي دم االستخالف ويعمل يف سبيل حتقيق معانيه. ال م ق صد: "يب ق ال إ ل ي ه مقصدي وجهيت" 8 وهو مبعىن اهلدف واهلدف يعرفه ابن منظور أبنهكل بناء مرتفع مشرف من بناء أوكثيب أو رمل أو جبل واجلمع له أهداف 9.واهلدفكذلك"هو الغرض املنتصب القريب وغري املمتلئ أو غري. 10 مكتمل" ومقاصد التفكري يف القرآن هي جمموعة األهدف والغاايت اليت تضمنها القرآن واليت متثل وجهة التفكري ومبتغاه يف فعله ونشاطه واليت أتري يف سياق حتقيق االستخالف والوفاء مبتطلباته. أمهية املقاصد يف توجيه التفكري إن وفوح الرؤية وبروز األهداف يعد فرورة ملحة يف توجيه قدرات اإلنسان وطاقاته التوجيه الصحي والنافع حبيث تصب جهوده وتستنفذ طاقاته فيما يعود عليه ابلنفع ومبا حيقق غاية خلقه وحيفظ له وجوده ويعزز من حضوره وشهوده. قال تعاىل: أ ف م ن ي ش ي م ك ب ا ع ل ى و ج ه ه أ ه د ى أ م ن ي ش ي س و ي ع ل ى ص ر اط م س ت ق يم [امللك: واختالف واسع املدى "أ م ن مي ش ي س و ااي ت ش ب يه تباين 22] حل ال ال ذ ي آم ن ب ر ب و اح د ال و اث ق ب ن ص ر ر ب ه و أت ي يد ه و أب ن ه م ص اد ف 4 8 9 إبراهيم مصطفى وآخرون املعجم الوسيط )جممع اللغة العربية القاهرة القاهرة: دار الدعوة د.ط د.ت(. ابن منظور لسان العرب. 2 ص 738. 5 ص 53. 10 بدرية صاحل عبد الرمحن امليمان حنو أتصيل إس لمي ملفهومي الرتبية وأهدافها دراسة يف التأصيل اإلس لمي للمفاهيم )الرايض: دار عامل الكتب ط 1 2002 م( ص 534.
ل ل ح ق حب ال ال م اش ي يف ط ر يق ج اد ة و اف ح ة ال يب ن ظ ر إ ال إ ىل اجت اه و ج ه ه فب ه و م س ت و يف س ري ه " 11 وأما "ال م تب ع س ف ال ذ ي مي ش ي ه ك ذ ا و ه ك ذ ا ع ل ى اجل ه ال ة و احل ري ة ال ي ك ون ك م ن مي ش ي إ ىل ج ه ة م ع ل وم ة م ع ال ع ل م و ال ي ق ني". 12 فاألهداف تعد بوصلة توجيه وإرشاد لإلنسان وهي بسموها ونبلها أتخذ بيده وتوجه قدراته مبا حيفظ له وجوده على هذه األرض فاألهداف السامية واملقاصد اجلليلة تستنفر التفكري وتشحذ فاعليته مبا حيفظه عن اهلدر والضياع أو يهوي به يف مدارك الضالل وهي ابحنطاطها قد تكون سبب ا يف السوق به إىل مواطن اهلالك والفناء. وحيث أن هللا سبحانه قد زود اإلنسان بكثري"من املواهب واإلستعدادات الذاتية اليت يؤدي هبا دوره يف احلياة يف مدى ما له من قدرة على التثمري وطواعية للتفاعل مع سنن اإلنتا والتنمية" 13 ولكون التفكري هو إحدى اإلستعدادات اليت زود هللا هبا إنسان اخلالفة والذي ميثل إحدى أوجه النشاط اإلنساين والتفاعل البشري مع احلياة مبا دم اإلستخالف وحيقق معانيه ف ن توجيهه التوجيه الصحي وتوظيفه التوظيف البناء مبا حيقق سعادة اإلنسان ومبا حيقق استخالفه يستلزم وفوح يف املقاصد والغاايت اليت ينبغي أن يتوجه حنو حتقيقها حىت ال يغدو طاقة مبعثرة وجهد ا مهدور ا خار دائرة خدمة الوجود البشري والشهود احلضاري وحىت ال يصري أداة هدم وتدمري يف احلياة اإلنسانية إذ العواقب مرتبطة خبريية املقاصد. 14 والقرآن الكرمي كونه قد دعا إىل التفكري فال شك أنه قد رسم له مقاصد وغاايت يتوجه إليها ويعمل يف طلبها والقرآن يف رمسه لتلك املقاصد والغاايت إمنا ينطلق من تصوره عن هللا والكون واحلياة واإلنسان مما جيعل من تلك األهداف حلقة مرتابطة وخارطه حمددة معاملها توجه نتاجات التفكري مبا حيقق غاية خلق اإلنسان و دم وجوده حيث أنه من خالل تلك املقاصد تنتظم عالقة اإلنسان بربه وبذاته وابلكون وابحلياة كما يتيسر له سبل العيش ويرفع عنه احلر واملشقة يف احلياة. فالتفكري كالزمة استخالفية مطلوب أن يعمل يف احلياة متشي ا مع غائية الوجود فهو مطالب أن يعمل يف دوائر التيسري والرمحة ورفع احلر وحفظ مصاحل اخللق املرتبطة ابلوجود اإلنساين ابتداء من الفرد ومرور ا ابجلماعة فاألمة وانتهاء 29 11 ص 45. 12 13 14 حممد الطاهر بن حممد بن حممد الطاهر بن عاشور التحرير والتنوير )تونس: الدار التونسية للنشر د:ط 1984 م( فخر الدين الرازي مفاتيح الغيب )بريوت دار إحياء الرتاث العريب ط 3 1420 هب( 30 ص 594. سعيد امساعيل علي رؤية إس لمية لقضا ي تربوية )القاهرة: دار الفكر العريب ط 1 1993 م( ص 68. سيد قطب يف ظ لل القرآن )بريوت: دار الشروق ط 17 1412 هب( مج 6 ص 3387. 5
ابإلنسانيةككل وما يرتتب على ذلك من حفظ لكل مقومات الوجود مبعىن أنه يعمل وفق غائية ومقاصد وال يسري على هوى وعبثية وفوفى. فالتفكري كمنحة إهلية زود هللا هبا اإلنسان إمنا هو حركة ونشاط عقلي يف اجتاه األهداف والغاايت النبيلة والسامية وليس عبث وعشوائية وهو ما جيعله يصب يف سبيل التقدم العلمي والبناء احلضاري الذي يرفع عن اإلنسان احلر وييسر له سبل العيش الرغيد على هذه االرض. وكون اخلطاب القرآين قد وجه التفكري إىل جماالت خمتلفة فهذا يعين أن التفكري يف كل جمال له مقاصده وغاايته فالتفكري يف جمال اآلايت القرآنية له مقاصد تتمثل يف فهم معانيها ودالالهتا واستنباط األحكام الواردة فيها واخلرو بدالالهتا الرتبوية والنفسية والعقلية والسلوكية ابإلفافة إىل استلهام منهج عرض احلجج والرباهني منها واستقراء ما يف تلك اآلايت من إعجاز تشريعي وبالغي وعلمي ابإلفافة إىل فقه تنزيل تلك اآلايت على واقع احلياة مع مراعاة التغريات اليت تطرأ علىكل عصر. والتفكريكذلك وهو يعمل يف جمال اآلايت الكونية له مقاصد وغاايت تسوقه يف تفاعله مع اآلايت الكونية وتوجه مساره وحتفظ له اجتاهه الصحي مبا جيعل منه أداة بناء وتعمري ومبا حيقق معاين االستخالف ويفي مبتطلباته وتلك املقاصد والغاايت يف جمملها متثل بوصلة توجيه للتفكري. مقاص د التفكري يف القرآن الكرمي: التفكري يف القرآن يقوم على منهجية ومرتبط مبقاصببببببببد وغاايت سبببببببببامية حتدد له توجهاته وترتقي برسبببببببببالته فال أتسبببببببببره األهواء وال تلوثه الشبببببببببهوات وهو ما جيعله يسبببببببببري يف اجتاه اإلصبببببببببالح واإلعمار وعليه ميكن حصببببببر تلك املقاصببببببد والغاايت على مسببببببتوى جمالني جمال آايت الكتاب املسببببببطور )القرآن( وجمال آايت الكتاب املنظور )الكون( يف اآلري: مقاصد التفكري يف جمال آ يت الكتاب املسطور )القرآن( 1- طلب رضا هللا والتقرب منه سبحانه وتعاىل: قال تعاىل: ق ل إ ن ص ل ت و ن س ك ي و م ي اي و م ا ت ل ل ر ب ال ع ال م ي )162( ل ش ر يك ل ه و ب ذ ل ك أ م ر ت و أ ن أ و ل ال م س ل م ي )163 ) ق ل أ غ ري ا ل ل أ ب غ ي ر ب و ه و ر ب ك ل ش ي ء و ل ت ك س ب ك ل ن ف س إ ل ع ل ي ه ا و ل ت ز ر و از ر ة و ز ر أ خ ر ى ث إ ىل ر ب ك م م ر ج ع ك م ف ي ن ب ئ ك م ب ا ك ن ت م ف ي ه ت ت ل ف ون [األنعام: 164-162 ]. تقرير بدينونةكاملة هلل يفكل مناحي احلياة مبا جيعلها خالصة هلل وحده "إنه التجرد الكامل هلل بكل خاجلة يف القلب وبكل حركة يف احلياة. ابلصالة واالعتكاف. وابحمليا واملمات. ابلشعائر التعبدية وابحلياة الواقعية وابملمات وما وراءه... يف»إسالم«كامل ال يستبقي يف النفس وال يف احلياة بقية ال يعبدها هلل وال 6
حيتجز دونه شيئا يف الضمري وال يف الواقع" 15 فالفرد املسلم يعيش حتت مقصدكلي هو رفا هللا سبحانه وهبذا املقصد يصب التفكري كله خري وللخري يعمل ألن اخلري كل اخلري كامن حتت رفا هللا سبحانه. 2- استنباط املعاين والد ل لت الثاوية يف آ يت الكتاب املسطور )القرآن(: قال تعاىل: و م ا ي ع ل م أت و يل ه إ ل ا ل ل و الر اس خ ون يف ال ع ل م ي ق ول ون آم ن ا ب ه ك ل م ن ع ن د ر ب ن ا و م ا ي ذ ك ر إ ل أ ول و ا ل ل ب ا ب [آل عمران: 7 ] " و ما ي ذ ك ر إ ال أ ول وا األ ل باب و ه ذ ا ثب ن اء م ن ا لل تب ع اىل ع ل ى ال ذ ين ق ال وا آم ن ا ب ه و م ع ن اه : م ا يب ت ع ظ مب ا يف ال ق ر آن إ ال ذ و و ال ع ق ول ال ك ام ل ة ف ص ار ه ذ ا الل ف ظ ك الد ال ل ة ع ل ى أ ن م ي س تب ع م ل ون ع ق وهل م يف فب ه م ال ق ر آ ن". 16 وهكذا ف نه " ل و ال م ا أ و د ع ا لل يف النب ف وس م ن إ د ر اك ال م ع ل وم ات ع ل ى اخ ت ال ف م ر ات ب ه ا ل م ا ف ه م وا م ا ت د ع وه م إ ل ي ه الش ر ائ ع اإل هل ي ة ". 17 قال تعاىل: ا ل )1( ت ل ك آ ي ت ال ك ت اب ا ل ك يم )2( ه د ى و ر ح ة ل ل م ح س ن ي ) 3 ( [لقمان: 3-1 ] كتاب عامر ابحلكمة اليت ختاطب العقل وتستثريه " وهؤالء احملسنون هم الذين يكون الكتاب هلم هدى ورمحة أل نم مبا يف قلوهبم من تفت وشفافية جيدون يف صحبة هذا الكتاب راحة وطمأنينة ويتصلون مبا يف طبيعته من هدى ونور ويدركون مراميه وأهدافه احلكيمة وتصطل نفوسهم عليه وحتس ابلتوافق والتناسق ووحدة االجتاه ووفوح الطريق. وإن هذا القرآن ليعطي كل قلب مبقدار ما يف هذا القلب من حساسية وتفت وإشراق وبقدر ما يقبل عليه يف حب وتطلع. 18 وإعزاز" فبقدر ما يكون اإلقبال عليه والتفكر فيه يكون عطائه ويكون هداه وحكمته. والتفكري كذلك من خالل تفاعله مع النص القرآين يهدف إىل استخالص األحكام اليت تقوم عليها العبادات وتستند عليها احلدود وقدكان االجتهاد هو السبيل إىل ذلك خالل التاريخ اإلسالمي والذيكان مظهر ا من مظاهر فاعلية التفكري يف تعاطيه مع النص القرآين وقد كان من مثاره تلك األحكام اليت استنبطتها املدارس الفقهية. ومن مقاصد التفكري كذلك الوقوف على مآالت اآلخرة مبا هلا من وصف يف القرآن الكرمي قال تعاىل: ي س أ ل ون ك ع ن ا ل م ر و ال م ي س ر ق ل ف يه م ا إ ث ك ب ري و م ن اف ع ل لن اس و إ ث ه م ا أ ك ب م ن ن ف ع ه م ا و ي س أ ل ون ك م اذ ا ي ن ف ق و ن ق ل ال ع ف و ك ذ ل ك ي ب ي ا ل ل ل ك م ا ل ي ت ل ع ل ك م ت ت ف ك ر ون )219( يف الد ن ي ا و ا ل خ ر ة و ي س أ ل ون ك ع ن ال ي ت ام ى ق ل إ ص ل ح ل م خ ري و إ ن ت ال ط وه م ف إ خ و ان ك م و ا ل ل ي ع ل م ال م ف س د م ن ال م ص ل ح و ل و ش اء ا ل ل ل ع ن ت ك م إ ن ا ل ل ع ز ي ز 7 15 16 17 18 سيد قطب يف ظ لل القرآن مرجع سابق مج 3 ص 1241. الرازي مفاتيح الغيب مرجع سابق 7 ص 147. ابن عاشور التحرير والتنوير مرجع سابق 30 ص 370. سيد قطب يف ظ لل القرآن مرجع سابق مج 5 ص 2784.
ح ك يم ) 220 ( [البقرة: 220-219 ] " لعلكم تتفكرون فيما يتعلق ابلدارين فتأخذون مبا هو أصل لكمكما بينت لكم أن العفو أصل من اجلهد يف النفقة وتتفكرون يف الدارين فتؤثرون أبقامها وأكثرمها منافع". 19.3 الكشف عن سنن حتصيل ا لداية واإل يان واستثمارها: قال تعاىل: و أ ن ز ل ن ا إ ل ي ك الذ ك ر ل ت ب ي ل لن اس م ا ن ز ل إ ل ي ه م و ل ع ل ه م ي ت ف ك ر ون [ النحل: 44 ] وقال تعاىل:)ا ل )1( ذ ل ك ال ك ت اب ل ر ي ب ف يه ه د ى ل ل م ت ق ي ) 2 ( [البقرة: 2-1 ] وقال تعاىل: ش ه ر ر م ض ا ن ال ذ ي أ ن ز ل ف يه ال ق ر آن ه د ى ل لن اس و ب ي ن ات م ن ا ل د ى و ال ف ر ق ان [ البقرة: 185 ] وقال تعاىل: إ ن ه ذ ا ال ق ر آن ي ه د ي ل ل ت ه ي أ ق و م [اإلسراء: 9 ] وقال تعاىل: أ ف ل ي ت د ب ر ون ال ق ر آن أ م ع ل ى ق ل وب أ ق ف ا ل ا [حممد: 24 ] "و الت د بب ر : التب ف ه م يف د ب ر األ م ر أ ي م ا ف ى م ن ه و ه و م ش ت ق م ن د ب ر الش ي ء أ ي خ ل ف ه ". 20 فالقرآن الكرمي فيه من سنن وقوانني اهلداية واإلميان الكثري وال سبيل إليها إال ابلتفكري. فالقرآنكتاب هداية إىل الطريق القومي غري أن ذلك اهلدى ال يتحقق إال من خالل التفكري فيه قال تعاىل: إ ن ه ذ ا ال ق ر آن ي ه د ي ل ل ت ه ي أ ق و م [اإلسراء: 9 ] " أل ن ال ق ر آن ج اء أب س ل وب م ن اإل ر ش اد ق و مي ذ ي أ فب ن ان ال حي ول د ون ه و د ون ال و ل و إ ىل ال ع ق ول ح ائ ل و ال يب غ اد ر م س ل ك ا إ ىل ان ح ي ة م ن نب و اح ي األ خ ال ق و الط ب ائ ع إ ال س ل ك ه إ ل يب ه ا حت ر يض ا أ و حت ذ ير ا حب ي ث ال يب ع د م ال م ت د ب ر يف م ع ان يه اج ت ن اء مث ار أ فب ن ان ه و ب ت ل ك األ س ال يب ال يت مل تب بب ل غ ه ا ال ك ت ب ال ساب ق ة ك ان ت الط ر يق ة ال يت يب ه د ي إ ىل س ل وك ه ا أ قب و م م ن الط ر ائ ق األ خ ر ى و إ ن ك ان ت ال غ اي ة ال م ق ص ود ال و ص ول إ ل يب ه ا و اح د ة ". 21 فالتفكري من خالل وقوفه على آايت الكتاب العزيز تتكشف له السنن والطرق اليت تصل اإلنسان بربه واليت يكون معها اليقني واإلميان الصادق. 4. الكشف عن سنن حتقيق ا لضارة والعمران واستثمارها: قد تضمن القرآن الكرمي يف معرض آايته العديد من احلقائق والسنن والقوانني التسخريية وذلك على مستوى آايت اآلفاق وآايت االنفس والسنن االجتماعية مبا جيعلها حمل نظر للتفكري كي يعمل عليها ويستخلص منها ما من شانه أن يساعد يف حتقيق احلضارة والعمران على هذه األرض. 19 أبو القاسم حممود بن عمرو بن أمحد الزخمشري الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل 1407 هب( 1 ص 263. )بريوت: دار الكتاب العريب ط 3 20 21 ابن عاشور التحرير والتنوير مرجع سابق ابن عاشور التحرير والتنوير مرجع سابق 26 ص 113. 15 ص 40. 8
ففي جمال آايت اآلفاق الكون مبخلوقاته يف مسائه وأرفه واليت ورد ذكرها يف القرآن الكرمي ف ن التفكري تقوده مقاصد تتمثل يف الكشف عن السنن والقوانني التسخريية اليت حتكمها واليت تضمن القرآن الكرمي الكثري منها واليت متثل عامل توجيه وإرشاد للتفكري يف حتقيق معاين االستخالف والوفاء مبتطلباته. ويف جمال آايت األنفس ف ن املقاصد هنا تتمثل يف الكشف عن السنن والقوانني اليت حتكم اجلوانب الشخصية لإلنسان أببعادها العقلية والنفسية واجلسمية والوجدانية واليت ورد ذكرها يف القرآن لكرمي مبا يضمن الرتبية واإلعداد املناسب إلنسان اخلالفة ومبا يعزز من الشواهد واألدلة على عظمة هللا وحكمته يف اخللق والتقدير. قال تعاىل: و يف أ ن ف س ك م أ ف ل ت ب ص ر ون [ الذارايت: 21 ] وقال تعاىل: ق د أ ف ل ح م ن ز ك اه ا [الشمس: 9 ]. ويف جمال السنن االجتماعية والتار ية اليت ورد ذكرها يف القرآن الكرميكذلك ف ن مقاصد التفكري هنا تتمثل يف الكشف عن السنن والقوانني اليت حكمت احلضارات صعود ا وهبوط ا تقدم ا وختلف ا حضور ا وغيااب مبا حيقق توجيه مسار األمة يف اجتاه البناء والتعمري واحلضور والشهود ويبعدها عن السري يف اجتاه اهلدم والتخريب أو السقوط واإلنداثر ابإلفافة إىل استخالص دالئل عظمة قدرة هللا سبحانه وأثر نقمته فيما مضى من األمم اليت زاغت عن طريق احلق وخالفت أوامر هللا وما أعقب ذلك من حلول عقوبة هللا عليها.قال تعاىل: ق د خ ل ت م ن ق ب ل ك م س ن ن ف س ري وا يف ا ل ر ض ف ان ظ ر وا ك ي ف ك ان ع اق ب ة ال م ك ذ ب ي [آل عمران: 137 ]. فالقرآن يشتمل على سنن احلضارة والعمران وذلك مبا تضمن من ذكر لقيام حضارات وسقوطها ومبا أورد من أساليب حياة يف احلكم واالقتصاد ألمم وشعوب ومبا أورد من ذكر لسنن وقوانني تسخريية حتكم الوجود فهو مبا حوى ميثل "حقيقة نائية مطلقة تعاجل بناء اإلنسان بناء _ يتفق بقدر ما تسم طبيعة اإلنسان النسبية _ مع طبيعة هذا الوجود وانموسه اإلهلي حىت ال يصطدم اإلنسان ابلكون من حوله بل يصادقه ويعرف بعض أسراره ويستخدم بعض نواميسه يف خالفته نواميسه اليت تكشف له ابلنظر والبحث والتجريب والتطبيق وفق ما يهديه إليه عقله املوهوب ليعمل ال ليتسلم املعلومات املادية اجلاهزة". 22 وهكذا ف نه "كلما تقدم النظر ومجعت العلوم وانزعت إىل الكشف واإلخرتاع واستكملت آالت البحث ظهرت خصائصه الطبيعية انصعة حىت كأنه غاية ال يزال عقل اإلنسان يقطع إليها". 23 22 23 سيد قطب يف ظ لل القرآن 1 ص 182. مصطفى صادق الرافعي إعجاز القرآن والب لغة النبوية )بريوت: دار إحياء الرتاث العريب ط 1 2004 م( ص 100. 9
فالقرآن مبنهجه الرابين قد اشتمل على سنن وقوانني يف جمال اهلداية واإلميان كما اشتمل على سنن وقوانني يف جمال احلضارة والعمران والتفكري يف القرآن إمنا يهدف للكشف عن تلك السنن والقوانني هبدف استثمارها يف عامل اإلنسان هداية وإمياان وحضارة وعمراان. مقاصد التفكري يف جمال آ يت الكتاب املنظور )الكون( اآلري: التفكري يف جمال اآلايت الكونية والذي يشمل آايت اآلفاق وآايت األنفس والسنن االجتماعية تتمثل مقاصده يف 1. الكشف عن سنن حتصيل ا لداية واإل يان واستثمارها: فاهلل سبحانه وتعاىل جعل الكون آبايته املتنوعة )آايت اآلفاق _ آايت األنفس _ السنن االجتماعية( كلها حمال للتفكري مبا يهدي إىل اخلالق العظيم ومبا يعزز إميان اإلنسان ويبين عقيدته الراسخة بوجود هللا سبحانه وتعاىل ووحدانيته وتفرده يف اخللق والتقدير قال تعاىل: أ م ن خ ل ق الس م او ات و ا ل ر ض و أ ن ز ل ل ك م م ن الس م اء م اء ف أ ن ب ت ن ا ب ه ح د ائ ق ذ ات ب ج ة م ا ك ان ل ك م أ ن ت ن ب ت وا ش ج ر ه ا أ إ ل ه م ع ا ل ل ب ل ه م ق و م ي ع د ل ون )60( أ م ن ج ع ل ا ل ر ض ق ر ار ا و ج ع ل خ ل ل ا أ ن ار ا و ج ع ل ل ا ر و اس ي و ج ع ل ب ي ال ب ح ر ي ن ح اج ز ا أ إ ل ه م ع ا ل ل ب ل أ ك ث ر ه م ل ي ع ل م ون )61( أ م ن ي يب ال م ض ط ر إ ذ ا د ع اه و ي ك ش ف الس وء و ي ع ل ك م خ ل ف اء ا ل ر ض أ إ ل ه م ع ا ل ل ق ل ي ل م ا ت ذ ك ر ون )62( أ م ن ي ه د يك م يف ظ ل م ات ال ب و ال ب ح ر و م ن ي ر س ل الر ي ح ب ش ر ا ب ي ي د ي ر ح ت ه أ إ ل ه م ع ا ل ل ت ع اىل ا ل ل ع م ا ي ش ر ك ون )63( أ م ن ي ب د أ ا ل ل ق ث ي ع يد ه و م ن ي ر ز ق ك م م ن الس م اء و ا ل ر ض أ إ ل ه م ع ا ل ل ق ل ه ات وا ب ر ه ان ك م إ ن ك ن ت م ص اد ق ي [النمل: 64-60 ] فاهلل سبحانه وتعاىل يسوق الدالالت املبثوثة يف الكون واليت تشهد على وحدانيته وانفراده ابخللق والتقدير للكون وهي إمنا تدرك من خالل التفكري فالتفكري من خالل تلك األدلة الشاهدة تتكشف له سبل اهلداية ويتض له الطريق املوصل إىل هللا. وهكذا فقد كان جمرد التذكري بوجود السماوات واألرض وما يعتمر فيهما من آايت "والتوجيه إىل التفكري فيمن خلقها كفيال إبلزام احلجة ودحض الشرك وإفحام املشركني. وما يزال هذا السؤال قائما ف ن خلق السماوات واألرض على هذا النحو الذي يبدو فيه القصد ويتض فيه التدبري ويظهر فيه التناسق املطلق الذي ال ميكن أن يكون فلتة وال مصادفة ملجئ بذاته إىل اإلقرار بوجود اخلالق الواحد الذي تتض وحدانيته آباثره. انطق أبن هناك تصميما واحدا متناسقا هلذا الكون ال تعدد يف طبيعته وال تعدد يف اجتاهه. فال بد أنه صادر عن إرادة واحدة غري متعددة. إرادة 10
قاصدة ال يفوهتا القصد يف الكبري وال يف الصغري". 24 فالتفكري إذن يف آايت هللا الكونية ال حمالة تتكشف معه األدلة اليت تقيم اإلميان وحتقق اليقني بوحدانية هللا وعظيم قدرته يف اخللق والتدبري. 2. الكشف عن سنن حتقيق ا لضارة والعمران واستثمارها: فالتفكري يف جمال آايت الكتاب املسطور تتوزع مقاصده يف الكشف عن سنن حتقيق احلضارة والعمران على مستوايت ثالثة: أ. مستوى آ يت ا لفاق: ويف جمال آايت اآلفاق فان مقاصد التفكري هنا تتمثل يف الكشف عن السنن والقوانني اليت حتكم العالقات بني األشياء وتوظيف تلك السنن والقوانني فيما دم رسالة اإلستخالف ويفي بواجب العمارة واستغالل مقدرات الكون وفق ا لسنن وقوانني التسخري ابإلفافة إىل استخالص ما يف تلك اآلايت من شواهد على عظمة اخلالق سبحانه ووحدانيته. قال تعاىل: ق ل س ري وا يف ا ل ر ض ف ان ظ ر وا ك ي ف ب د أ ا ل ل ق [العنكبوت: 20 ] وقال تعاىل: و س خ ر ل ك م م ا يف الس م او ات و م ا يف ا ل ر ض ج يع ا م ن ه إ ن يف ذ ل ك ل ي ت ل ق و م ي ت ف ك ر و ن ]اجلاثية: 13 ]. وتتسع آايت اآلفاق لتشملكل ما يف السماوات واألرض ولتكون جماال للتفكري وساحة لفعله ونشاطه قال تعاىل: إ ن يف خ ل ق الس م او ات و ا ل ر ض و اخ ت ل ف الل ي ل و الن ه ار ل ي ت ل و ل ا ل ل ب اب )190( ال ذ ين ي ذ ك ر ون ا ل ل ق ي ام ا و ق ع ود ا و ع ل ى ج ن و ب م و ي ت ف ك ر ون يف خ ل ق الس م او ات و ا ل ر ض ر ب ن ا م ا خ ل ق ت ه ذ ا ب ط ل س ب ح ان ك ف ق ن ا ع ذ ا ب الن ار ) 191 ( [آل عمران: 191-190] وأويل األلباب هم أصحاب العقول وتفكريهم يهديهم إىل الكشف عن علل خلق األشياء يقول األلوسي)ت: 1270 ه( يف اآلية السابقة"واملعىن ربنا ما خلقت هذا املخلوق أو املتفكر فيه العظيم الشأن عاراي عن احلكمة خالي ا عن املصلحة كما ينبئ عنه أوفاع الغافلني عن ذلك املعرفني عن التفكر فيه العادمني من جناح النظر قوادمه وخوافيه بل خلقته مشتمال علة حكم جليلة منتظم ا ملصاحل عظيمة تقف األفكار حسرى دون اإلحاطة هبا وتكل أقدام األذهان دون الوقوف عليها أبسرها ومن مجلتها أن يكون مدار ا ملعاش العباد ومنار ا يرشدهم إىل أجواء املبدأ واملعاد". 25 وابلنظر يف الكواكب كمفردة من مفردات الوجود"فما من كوكب من الكواكب إال وللرب تبارك وتعاىل يف خلقه حكم كثرية مث يف مقداره مث يف شكله ولونه مث يف موفعه من السمآء وقربه من وسطها وبعده وقربه من 11 24 25 سيد قطب يف ظ لل القرآن مرجع سابق مج 5 ص 2656. شهاب الدين حممود بن عبد هللا احلسيين األلوسي روح املعاين يف تفسري القرآن العظيم والسبع املثاين حتقيق: على عبد الباري عطيه )بريوت: دار الكتب العلمية 2 ط 1415 هب( 1 ص 370.
الكواكب الذي يليه وبعده منه". 26 27 وإن التفكري ليعمل على استكشاف تلك احلكم اجلليلة فهو تفكري يعمل الستخرا مقاصد خلق األشياء وعلل وجودها. قال تعاىل: ق ل س ري وا يف ا ل ر ض ف ان ظ ر وا ك ي ف ب د أ ا ل ل ق ث ا ل ل ي ن ش ئ الن ش أ ة ا ل خ ر ة. إ ن ا ل ل ع لى ك ل ش ي ء ق د ير ] العنكبوت: 20 ] " إن التعبري هنا بلفظ املافي»ك ي ف ب د أ اخل ل ق «بعد األمر ابلسري يف األرض لينظروا كيف بدأ اخللق. يثري يف النفس خاطر ا معينا.. ترى هنالك يف األرض ما يدل على نشأة احلياة األوىل وكيفية بدء اخلليقة فيها.كاحلفرايت اليت يتتبعها بعض العلماء اليوم ليعرفوا منها خط احلياة كيف نشأت وكيف انتشرت وكيف ارتقت... ويكون ذلك توجيها من هللا للبحث عن نشأة احلياة األوىل واالستدالل به عند معرفتها على النشأة اآلخرة" ابعتبار ما حيكم ذلك من سنن رابنية وهو ما يعزز اإلميان بوعد هللا وصدق القرآن ومن وجه آخر ف ن معرفة تلك السنن والقوانني اليت حكمت نشأة اخللق وتكونه ميكن استثمارها يف حتقيق احلضارة والعمران. ب. مستوى آ يت ا لنفس: قال تعاىل: و يف أ ن ف س ك م أ ف ل ت ب ص ر ون [الذارايت: 21 ] هنا دعوة للنظر يف عامل اإلنسان أببعاده املختلفة "و يف أ نب ف س ك م يف حال ابتدائها وتنقلها من حال إىل حال ويف بواطنها وظواهرها من عجائب الفطر وبدائع اخللق: ما تتحري فيه األذهان وحسبك ابلقلوب وما ركز فيها من العقول وخصت به من أصناف املعاين وابأللسن والنطق وخمار احلروف وما يف تركيبها وترتيبها ولطائفها: من اآلايت الساطعة والبينات القاطعة على حكمة املدبر دع األمساع واألبصار واألطراف وسائر اجلوارح وأتتيها ملا خلقت له" هذا الكائن الذي تزل يف مركبه الكثري من األسرار " وهذا. 28 املخلوق اإلنساين هو العجيبة الكربى يف هذه األرض. ولكنه يغفل عن قيمته وعن أسراره الكامنة يف كيانه حني يغفل قلبه عن اإلميان وحني حيرم نعمة اليقني.إنه عجيبة يف تكوينه اجلسماين: يف أسرار هذا اجلسد. عجيبة يف تكوينه الروحي: يف أسرار هذه النفس. وهو عجيبة يف ظاهره وعجيبة يف ابطنه ". 29 12 26 27 28 29 أبو عبد هللا مشس الدين حممد بن أيب بكر احلنبلي الدمشقي ابن قيم اجلوزية مفتاح دار السعادة ومنشور و لية أهل العلم واإلرادة حتقيق: فواز أمحد زمريل وفاروق حسن الرتك )بريوت: دار بن حزم ط 1 1431 هب/ 2010 م( 2 ص 551. قطب يف ظ لل القرآن مرجع سابق مج 5 ص 2730. الزخمشري الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل مرجع سابق 4 ص 399. قطب يف ظ لل القرآن مرجع سابق مج 6 ص 3380-3379.
واإلنسان وهو يتأمل عجائب نفسه يلتقى أبسرار تدهشه وحتريه. فمن تكوين األعضاء وتوزيعها إىل وظائفها وطريقة أدائها هلذه الوظائف. مث عملية اهلضم واالمتصاص وما تتضمنه من تفاعالت. إىل عملية التنفس واالحرتاق. ويف املقابل وتعاون دورة الدم يف القلب والعروق. وتكامل ودقة متناهية يف التقدير والقوانني اليت صبغ هللا عليها مركبه وكيانه. فاملقاصد هنا أتري يف سياق إىل اجلهاز العصيب وتركيبه العجيب وإدارته للجسم. كلها تعمل يف تناسق وما من عضو إال وفيه خارقة حتري األلباب وهو يف ذلككله حموم ابلسنن اإلحاطة ابلنفس اإلنسانية ومعرفة مقوماهتا واكتشاف سنن توجيهها وتكوين العادات الفاعلة واحلسنة فيها واليت جتعل الفرد مبستوى الفاعلية والشهود احلضاري ابعتبار أن اإلنسان هو حمور اهتمام القرآن ومدار تربيته قال تعاىل: ق د أ ف ل ح م ن ز ك اه ا )9( و ق د خ اب م ن د س اه ا [الشمس: 10-9 ] فالتفكري هو الذي يستخلص ويستنتج سنن تربية النفس وتزكيتها من خالل البحث والتقصي واملالحظة والتجريب." و إ ذ ا ص ل ح ت النب ف س ال ب ش ر ي ة أ ص ل ح ت ك ل ش ي ء أت خ ذ ب ه و تب تب و ىل أ م ر ه ف اإل ن س ان س ي د ه ذ ه األ ر ض و ص ال ح ه ا و ف س اد ه ا م ن وط ب ص ال ح ه و ف س اد ه ". 30 وعليه ف ن إصالحه يعد من أولوايت التفكري وأمسى مقاصده ابعتبار أن اإلنسان أهم عنصر ينبغي االهتمام به وتنميته إذ أن بغريه ال يكون هناك تنمية وال تقدم. 31 وإذاكان البحث والدراسة والتنقيب يف أسباب الطبيعة والتاريخ فرف ا قرآني ا وركنا أساسيا لتقيق اإلستخالف ف ن البحث يف النفس البشرية اليت ستقوم بواجب اإلستخالف هو من صميم الفريضة وجوهرها إذ ال تبحر املركبة يف عباب البحر دون أن يعرف راب نا بكل دقة كل أجزائها. 32 ويظهر التاريخ شواهد حمسوسة يف سجل اإلنسانية على أن الرسل واألنبياء يف دعوهتم والذين أحكموا القدرات األخالقية يف ميدان النفس اإلنسانية ويف جمال اإلجتماع البشري استطاعوا االرتقاء بنماذ من البشر إىل الدرجة اليت يتطلع إليها اإلنسان يف الكمال واملثالية وإن التوسع يف ذلك حيتا إىل مزيد من القدرات التسخريية يف ميدان النفس 13 30 31 ص 40. 32 حممد رشيد بن علي رفا تفسري املنار )القاهرة: اهليئة املصرية العامة للكتاب د.ط 1990 م( 1 ص 7. حممد عبد العليم الرتبية والتنمية يف اإلس لم )الرايض: جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية د.ط 1413 هب/ 1992 م( أمحد خريي العمري البوصلة القرآنية احبار خمتلف حبث ا عن ا لريطة املفقودة )دمشق: دار الفكر ط 1 2003 م( ص 157.
واالجتماع كما وحيتا كذلك إىل تطوير مفاهيم جديدة يف جمال العلم والرتبية وهو األمر الذي توجه إليه أصول الرتبية. 33 اإلسالمية ج. مستوى السنن ا لجتماعية: وقال تعاىل: ق ل س ري وا يف ا ل ر ض ث ان ظ ر وا ك ي ف ك ان ع اق ب ة ال م ك ذ ب ي [االنعام: 11 ]. وقال تعاىل: ف ان ظ ر ك ي ف كان عاق ب ة ال م ن ذ ر ين [ الر وم: 9 ] "لينظر من ينظر»عاق ب ة ال م ن ذ ر ين «املكذبني وليتعظ من يتعظ بعاقبة املؤمنني الناجني... هذه سنة هللا يف األرض. وهذا وعده ألوليائه فيها.. ف ذا طال الطريق على العصبة املؤمنة مرة فيجب أن تعلم أن هذا هو الطريق وأن تستيقن أن العاقبة واالستخالف للمؤمنني" 34 فالقرآن عادة ما يربط بني التفكري بقدرة اإلنسان على اكتشاف السنن والقوانني التسخريية واكتشاف احلقائق واكتساب املعرفة واستخالص العرب ليجعل التفكري على صلة ابلسنن والقوانني التسخريية. قال تعاىل: أ و ل ي س ري وا يف ا ل ر ض ف ي ن ظ ر وا ك ي ف كان عاق ب ة ال ذ ين م ن ق ب ل ه م كان وا أ ش د م ن ه م ق و ة و أ اثر وا ا ل ر ض و ع م ر وها أ ك ث ر م ا ع م ر وها و جاء ت م ر س ل ه م ب ل ب ي نات ف ما كان ا ل ل ل ي ظ ل م ه م و لك ن كان وا أ ن ف س ه م ي ظ ل م ون [الر وم: 30 ] "أ و مل ي س ري وا تقرير لسريهم يف البالد ونظرهم إىل آاثر املدم رين من عاد ومثود وغريهم من األمم العاتية مث أخذ يصف هلم أحواهلم وأ نم كان وا أ ش د م نب ه م قب و ة و أ اثر وا األ ر ض وحرثوها... فماكان تدمريه إايهم ظلما هلم ألن حاله منافية للظلم ولكنهم ظلموا أنفسهم حيث عملوا ما أوجب تدمريهم". 35 فهي سنن حتكم عامل اإلنسان والتفكري مطالب ابلعمل على الكشف عنها. فاخلطاب القرآين يقرن بني السري يف األرض والنظر قال تعاىل: ق د خ ل ت م ن ق ب ل ك م س ن ن ف س ري وا يف ا ل ر ض ف ان ظ ر وا ك ي ف ك ان ع اق ب ة ال م ك ذ ب ي [آل عمران: 137 ] فاهلدف من السري يف األرض هو "إكتشاف السنن ما دام الواقع املعاش ال يتي للمرء أن يرى الصورة كاملة بكل أبعادها والسري يف األرض ليس سري ا يف املكان فقط ولكنه أيض اسري يف الزمان حىت نرى قصة البشرية كاملة يف رشدها وغيها والعواقب اليت آلت إليها". 36 14 33 ماجد عرسان الكيالين أهداف الرتبية ا لس لمية يف تربية الفرد واخراج ا لمة وتنمية ا لخوة ا لنسانية )هريندن: املعهد العاملي للفكر االسالمي ط 2 1997 م( ص 152. 34 35 36 قطب يف ظ لل القرآن مرجع سابق مج 3 ص 1812. الزخمشري الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل مرجع سابق 3 ص 469. عبد الكرمي بكار فصول يف التفكري املوضوعي )دمشق: دار القلم ط 4 2005 م( ص 23.
ولقد استطاع اإلنسان عرب اتر ه الطويل من خالل اكتشاف قوانني الكون احملسوس وما يدب فيه من سنن وقوانني وتسخري هذه القوانني أن يعرف كيف يتعامل مع مكوانت هذا الكون وتسخريها لتحسني حياته واالرتقاء بوجوده املادي ومن مث التغلب علىكثري من األخطار واملصاعب اليت تواجهه يف حياته على هذه األرض. فاإلنسان بتسخريه لقوانني اهلواء والفضاء كاجلاذبية مث ال صار بذلك يعرفكيف يصنع املركبات ويتجاوز قوانني اجلاذبية وجيوب الفضاء ويدور ابقتدار حول األرض يف زمن حمدود. 37 ومن مقاصد التفكريكذلك يف جمال آايت الكتاب املسطور الكشف عن السنن والقوانني اليت تربز حكمة هللا سبحانه وعظيم إبداعه والذي به يتعزز اإلميان ويتحقق اليقني بوجود هللا سبحانه وتعاىل: 3. معاجلة املشك لت ال ت تعرتض الوجود اإلنساين وذلك ابلكشف عنها ومن مث وفع احللول املناسبة هلا كالكوارث واألمراض أبنواعها وغريها من املشكالت اليت تعرتض مسرية البشرية وقد متثل ذلك يف قصة يوسف ومعاجلة مشكلة القحط واجلدب وقصة ذو القرنني يف مواجهة فساد أيجو ومأجو. وهذا اهلدف بال شك جيعل التفكري يعمل يف اجتاه معاجلة ما يستجد من مشكالت يف مسرية احلياة اإلنسانية. فاملشكالت اليت تعرتض مسرية اإلنسان على هذه األرض يقوم حلها على أساس السنن والقوانني والسنن والقوانني إمنا يتم اكتشافها والتعرف عليها من خالل التفكري ولذلك ف ن" اخلبري بسنن اجملتمعات ميكن أن يدرك ويتخذ إجراءات تغيري نظرات اجملتمع ويفرض نظام من احلمية على األغذية من جراثيم فكرية تعطل قوى اجملتمع ومتاسكه وكما ميكن استخدام احلجر الصحي إليقاف األوبئة يف مستوى املرض الصحي ميكن استخدامه يف مستوى املرض اإلجتماعي كما ميكن إعطاء اللقاحات الفكرية فد أفكار مرفية" والقوانني التسخريية.. 38 ذلك أن اجملتمع مبشكالته ضع للسن قال تعاىل: إ ن ا ل ل ل ي غ ري ما ب ق و م ح ت ي غ ري وا ما ب ن ف س ه م و إ ذا أ راد ا ل ل ب ق و م س و ء ا ف ل م ر د ل ه و ما ل م م ن د ون ه م ن وال [الر عد: 11] " ظ اه ر ه ذ ه اآل ي ة ي د ل ع ل ى أ ن ف ع ل ا لل يف التب غ ي ري م ؤ خ ر ع ن ف ع ل ال ع ب د " يقول 39 15 37 الكيالين أهداف الرتبية ا لس لمية يف تربية الفرد واخراج ا لمة وتنمية ا لخوة ا لنسانية مرجع سابق ص 152. 38 جودت سعيد ح ت يغريوا ما بنفسهم )د.م د.ن ط 8 1989 م.( ص 21. 39 الرازي مفاتيح الغيب مرجع سابق 19 ص 20.
ال ع ق ل ي". 40 وإ نا حلقيقة تلقي ابن عاشور" و أ ط ل ق التب غ ي ري يف قب و ل ه : ح ىت يب غ ري وا ع ل ى الت س ب ب ف يه ع ل ى ط ر يق ة ال م ج از على البشر تبعة ثقيلة ومسئولية عظيمة فقد قضت مشيئة هللا وجرت هبا سنته وقوانينه اليت تقوم عليها احلياة أن ترتتب مشيئة هللا يف عامل البشر على تصرف هؤالء البشر وأن تنفذ فيهم سنته بناء على تعرفهم هلذه السنة بسلوكهم. 41 فاهلل سبحانه وتعاىل قد أوكل مسألة معاجلة املشكالت والتغيري يف أوفاع اجملتمع والدفع به حنو التقدم والرخآء واخلرو به من الدونية واإلرتقاء به يف سلم الشهود احلضاري أوكل ذلك للقوة التفكريية لدى اإلنسان فهي املعنية مبعاجلة املشكالت واحلد من أتثرياهتا السلبية مبا منحها هللا من قدرات على الكشف عن السنن والقوانني التسخريية اليت حتكم تلك املشكالت ومبا لديها من قدرة كذلك على اقرتاح احللول املناسبة يف فوء ما يتكشف هلا من السنن والقوانني. وهكذا ف ن "هدف اإلنسان يف هذا اجملتمع استئناف احلياة اإلسالمية ووسيلتهكل ما ميكن أن يصل إليه. 42 فكره ويده" 4. استشراف املستقبل: وذلك من خالل التعاطي معه ابقرتاح املعاجلات مبا يتناسب مع التغريات والتحوالت اليت جتد فيه قال تعاىل على لسان يوسف عليه السالم ق ال ت ز ر ع ون س ب ع س ن ي د أ ب ف م ا ح ص د ت ف ذ ر وه يف س ن ب ل ه إ ل ق ل ي ل م ا أت ك ل ون )47( ث ي ت م ن ب ع د ذ ل ك س ب ع ش د اد ي ك ل ن م ا ق د م ت م ل ن إ ل ق ل ي ل م ا حت ص ن ون ]يوسف: 48-47 ] وهنا تظهر قراءة املستقبل ولكن بوحي النبوة غري أن يف ذلك داللة على فرورة حضور املستقبل واعتباره يف تفكري إنسان اخلالفة فالتفكري لدى إنسان اخلالفة ينبغي أن يعمل على استشراف املستقبل مبآالته وحتوالته يف فوء املعطيات اليت تتوافر لديه من خالل استقراء املافي واحلافر. قال تعاىل: ا ل )1( غ ل ب ت الر وم )2( يف أ د ن ا ل ر ض و ه م م ن ب ع د غ ل ب ه م س ي غ ل ب ون )3( يف ب ض ع س ن ي ل ل ا ل م ر م ن ق ب ل و م ن ب ع د و ي و م ئ ذ ي ف ر ح ال م ؤ م ن ون ) 4 ( ]الر وم: 4-1 ] وتظهر هنا لفتة القرآن الكرمي للتفكري حنو املستقبل مبتغرياته وحتوالته ذلك أن "النصر واهلزمية أحوال تنشأ عن مؤثرات وفق تلك السنن اليت اقتضتها تلك املشيئة الطليقة". 43 والتفكري هو املعين بتتبعها والكشف عنها والسيطرة عليها مبا يساعد على التحكم يف نتائج املستقبل وذلك من خالل استقراء الوقائع وتفسريها واستخدام القياس واخلرو بنتائج. 16 40 41 ابن عاشور التحرير والتنوير مرجع سابق 13 ص 102. قطب يف ظ لل القرآن مرجع سابق مج 4 ص 2049. 42 جودت سعيد ح ت يغريوا ما بنفسهم مرجع سابق ص 27. 43 قطب يف ظ لل القرآن مرجع سابق مج 5 ص 2758.
وبذلك تبدو عالقة التفكري ببعده اإلستخاليف مع مكوانت الوجود قائمة على البحث واإلستكشاف عن علل وجودها ومقاصد خلقها فيغدوا الكون مبكوانته لوحة متناغمة من الوجود اهلادف خلدمة احلياة اإلنسانية على هذه البسيطة. ومجيع هذه املقاصد مشتقة من التصور الكلي هلل والكون واحلياة واإلنسان يف القرآن وتنسل من املقاصد والغاايت املتضمنه يف خطابه والثاوية يف معانيه واليت يف جمملها توجه التفكري مبا يكفل الوفاء مبتطلبات اإلستخالف وعمارة األرض وهكذا فالقرآن الكرمي من خالل ما يرسم من أهداف سامية ومبا يضع من أطر إمنا يهدف يف األساس ليجعل من التفكري عامل بناء وتعمري يف احلياة اإلنسانية ومبا يكفل توفري ظروف العيش الكرمي اآلمن للناسكافة يف هذه األرض ومجيع هذه املقاصد تنسل من قاعدة عامة مفادها جلب املصاحل ودرء املفاسد فهذه املقاصد بسموها وخرييتها جتعل من التفكري أداة بناء وتعمري وهذا التعمري والبناء يعمكل مناحي احلياة اإلنسانية ويستوعبكل متطلبات االستخالف واحتياجاته. النتائج: يف فوء ما سبق فقد توصل الباحث إىل عدد من النتائج واليت ميكن حصرها يف اآلري: 1- أن التفكري يف القرآن له حضوره والذي يعكس مدى اهتمام القرآن هبذه القدرة العقلية. 2- أن مفهوم التفكري يف القرآن عملية عقلية ذو طبيعة وظيفية استخالفية. 3- املقاصد متثل بوصلة توجيه للتفكري. 4- التفكري يف القرآن يعمل يف جمالني جمال آايت الكتاب املسطور )القرآن( وجمال آايت الكتاب املنظور )الكون(. 5- مقاصد التفكري يف القرآن تتوزع يف جمالني جمال آايت الكتاب املسطور )القرآن(, وجمال آايت الكتاب املنظور )الكون(. 6- مقاصد التفكري يف القرآن ذات بعدين بعد إمياين هدائي وبعد حضاري عمراين. 7- مقاصد التفكري يف القرآن جتعل من التفكري أداة بناء وتعمري وتيسري لسبل العيش على هذه األرض. References Alī, Sa īd Ismā īl. Ru yah Islāmiyyah Li Qaḍāyā Tarbawiyyah. 1 st ed. Cairo: Dār Al-Fikr Al- Arabī, 1993. 17
Al-Alūsī, Shihāb Al-Dīn Maḥmūd Bin Abdullah Al-Husaynī. Ruh Al-Ma ānī Fī Tafsīr Al- Qur ān Al- Āẓīm Wa Al-Sab Al-Mathānī. Taḥqīq: Alī Abd Al-Bārī Aṭiyyah. 1 st ed. Beirūt: Dār Al-Kutub Al-Ilmiyyah. Vol. 2, 1415. Al-Kilānī, Mājid ʿIrsān. Ahdāf Al-Tarbawiyyah Al-Islāmiyyah Fī Tarbiyyah Al-Fard Wa Ikhrāj Al-Ummah Wa Tanmiyyah Al-Ukhuwwah Al-Insaniyyah. 2 nd ed. Herndon: Al-Maʿhad Al- ʿĀlamī Li Al-Fikr Al-Islāmī, 1997. Al-Maymān, Badriyah Ṣāliḥ Abd Al-Raḥmān. Naḥw Ta ṣīl Islāmī Li Mafhūmī Al-Tarbiyyah Wa Ahdāfihā Dirāsat Fī Al-Ta ṣīl Al-Islāmī Li Al-Mafāhīm. 1 st Ed. Riyāḍ: Dār ʿĀlam Al- Kutub, 2002. Al-Rāfi ī, Muṣṭafā Ṣādiq. I jāz Al-Qur ān Wa Al-Balāghah Al-Nabawiyyah. 1 st Ed. Beirūt: Dār Iḥyā Al-Turāth Al- Arabī, 2004. Al-Rāzī, Fakhr Al-Dīn. Mafātiḥ Al-Ghaib. 3 rd Ed. Beirūt: Dār Iḥyā Al-Turāth Al- Arabī, 1420. Al-ʿUmrī, Aḥmad Khayrī. Al-Bawṣalah Al-Qur āniyyah Abḥār Mukhtalif Baḥsan An Al- Kharīṭah Al-Faqūdah. 1 st ed. Damascus: Dār Al-Fikr, 2003. Al-Zamakhsharī, Abū Al-Qāsim Maḥmūd Bin Amru Bin Aḥmad. Al-Kashshāf An Ḥaqāiq Ghawāmiḍ Al-Tanzīl. 3 rd ed. Beirūt: Dār Al-Kitāb Al- Arabī, 1407. Bakār, Abd Al-Karīm. Fuṣūl Fī Al-Tafkīr Al-Mawḍū ī. 4 th ed. Damascus: Dār Al-Qalam, 2005. Ibn Āshūr, Muḥammad Al-Ṭāhir bin Muḥammad bin Muḥammad Al-Ṭāhir. Al-Taḥrīr Wa Al- Tanwīr. N. Ed. Tunis: Al-Dār Al-Tūnisiyyah Li Al-Nashr, 1984. Ibn Manẓūr. Lisān Al-Arab. 3 rd ed. Beirūt: Dār Iḥyā Al-Turāth Al- Arabī. N. D. Ibn Qayyim Al-Jawziyyah, Abī Abdullah Shams Al-Dīn Muḥammad Bin Abī Bakr Al-Hanbalī Al-Dimashqī. Miftāh Dār Al-Sa ādah wa Manshūr Wilāyah Ahl Al- Ilm wa Al- Irādah.Taḥqīq: Fawāz Aḥmad Zamralī wa Fārūq Hasan Al-Turk. 1 st Ed. Beirūt: Dār Bin Ḥazm, 2010. Mursī, Muḥammad Abd Al-ʿAlīm. Al-Tarbiyyah Wa Al- Tanmiyyah Fī Al-Islām. N. ed. Riyādh: Jāmiʿah Al-Imām Muḥammad Bin Saʿūd Al-Islāmiyyah, 1992. Muṣtafā, Ibrāhīm Wa Ākharūn. Al-Muʿjam Al-Wasīṭ, Majmaʿ Al-Lughah Al-ʿArabiyyah Al- Qāhirah N. Ed. Cairo: Dār Al-Daʿwah, N. D. Quṭb, Sayyid. Fī Ẓilāl Al-Qur ān. 17 th ed. Beirūt: Dār Al-Shurūq, 1412. Riḍā, Muḥammad Rashīd Bin Alī. Tafsīr Al-Manār. N. Ed. Cairo: Al-Hai ah Al-Maṣriyyah Al- Ammah Li Al-Kitāb, 1990. Sa īd, Jawdat. Ḥatta Yughayyirū Mā Bi Anfusihim. 8 th ed. N. C. 1989 18