عولمة السينما/عولمة الصورة/ الوثيقة عدنان مدانات بغض النظر عن التعريف العلمي أو القاموسي اللغ وي لم صطلح العولم ة ثم ة خي ارات متعددة لفهم وتداول مصطلح العولمة آم ا ه و ش اي ع الاس تعمال ف ي الا دبي ات العام ة نخت ار منه ا هنا اثنين الا ول ينطلق من حالة انت شار عالمي ة للموض وع المعن ي ي ستفيد منه ا س كان المعم ورة قاطبة وهذا أمر حميد وعلامة نجاح والثاني يشير إلى هيمنة صيغة ما تنشا في مرآز م ا يتحل ى بقوة تجعله يفرضها على القوى الا صغر الت ي ب دورها ونتيج ة ل ذلك تفق د ل يس فق ط اس تقلاليتها بل وخ صوصيتها وتمي ز هويته ا الوطني ة وه ذا أم ر س لبي ي صيب آ ل المج الات الت ي تت ا ثر ب ه سواء أآانت اقتصادية أم سياس ية أم ثقافي ة. م ن ب ين ه ذه المج الات المتنوع ة تب دو ال سينما الا آث ر تا ثرا بنتاي ج العولمة سواء سلبا أم إيجابا. إرهاصات العولمة السينماي ية لا ينك ر أح د م ن م و رخي ال سينما أهمي ة المخ رج ال سينماي ي الا مريك ي دافي د وورك غريفت الذي يقر له الجميع بريادة دوره في اآتشاف وتطوير وساي ل التعبير ال سينماي ية وتحوي ل السينما إلى فن له خصوصيته الممي زة ل ه إض افة إل ى دوره ف ي جع ل عملي ة إخ راج الا ف لام ذات جدوى اقتصادية فا صبحت السينما إثر ذلك صناعة مزده رة وه ذه الانج ازات أهلت ه لك ي يحم ل بجدارة لقب" أب السينما" وليس فقط السينما الا مريكية بل السينما عامة. حين كانت السينما طفلا ينمو في الفترة الصامتة كان المخرج الا مريكي دافيد يورك غريفث الذي يلقب عن حق با بي السينما يحلم با ن يجعل من السينما لغة ا و فنا عالميا. وعلى الا غلب فلم يكن ذاك الحلم ا لا نتيجة طبيعية مترافقة مع بهجة الاكتشاف التدريجي المتسارع لا مكانات و لا فاق هذا الفن الوليد. لم يكن غريفت وقتها يقصد بحلمه ذاك السينما الا مريكية تحديدا بل الفن السينماي ي بشكل عام ولم يكن يقصد بحلمه ا ن تكون السينما الا مريكية هي المهيمنة عالميا بل ان تكون السينما " لغة " عالمية ا نسانية الرسالة تساعد على التواصل بين شعوب العالم. ففي ذلك الحين لم تكن صناعة السينما الا مريكية بالقوة والحجم والانتشار العالمي وقوة التا ثير الذي وصلت ا ليه فيما بعد مثلما ا ن ا مريكا ذاتها كقوة سياسية واقتصادية وعسكرية لم تكن في حينه بهذا الحجم الكبير الذي ا لت ا ليه بدءا من النصف الثاني من القرن العشرين ولم تكن لتلك الصناعة السينماي ية في البداية رسالة ا يديولوجية واضحة مخطط لها وذات صلة وثيقة بالمصالح السياسية والاقتصادية الا مريكية في ساي ر ا رجاء العالم. نشا ت السينما الا مريكية مستفيدة منذ البداية ومستندة ا لى ا رضية اقتصادية صناعية هاي لة الا مكانات سمحت لها بتطوير متواصل للتقنيات السينماي ية تتقاسمها شركات ا نتاج وتوزيع كبيرة وهذا ما ساعدها على سرعة الانتشار عالميا. وا ذا ما استثنينا مجموعة من الا فلام التي حققها غريفت وبضعة ا فلام حققها مخرجون ا خرون وبعضهم جاء من ا وروبا والتي كانت تنطلق من خلفية ثقافية وتستند ا لى تراث ا دبي وفني راق ويحركها هاجس ا بداعي استكشافي لا مكانات الفن السينماي ي الجديد والتي تتضمن ا بعادا فكرية وفنية فا ن غالبية الا نتاج السينماي ي الا مريكي كانت تتعامل مع الا فلام كسلعة ذات ا مكانات تجارية ربحية بالدرجة الا ولى تحقق ا هدافها بواسطة قصص " مغامرات " فيها قدر كبير من التسلية والتشويق. سبق نجاح صناعة السينما الا مريكية في تحقيق هدف السيطرة على ا سواق التوزيع والعرض السينماي ية في العالم بداية ا ول انتشار خارجي عسكري / سياسي ا مريكي في قارة 1
ا وروبا بالذات وذلك عندما شاركت ا مريكا في الحرب العالمية الا ولى. فقد كان من النتاي ج المباشرة للحرب العالمية الا ولى توقف صناعة السينما في دول ا وروبا خلال فترة الحرب والفترة التي تلتها مما ا وسع الباب ا مام تدفق الا فلام الا مريكية التي لم تتا ثر با حداث الحرب البعيدة عن ا مريكا ا لى ا سواق ا وروبا السينماي ية التي شلت الحرب قدرتها على الا نتاج كما ا ن الشركات السينماي ية الا مريكية وسعت مجال نشاطها وساهمت في تصوير ا فلام عن الحرب فوق ا راضي ا وروبا. وكان دافيد وورك غريفت ا حد السينماي يين الا مريكيين الذين صوروا ا فلاما حربية في ذلك الوقت في ا وروبا في فرنسا وبريطانيا تحديدا. ا دى توقف الا نتاج السينماي ي الا وروبي زمن الحرب العالمية الا ولى ا لى تطورات ا خرى ذات ا همية بالغة بالنسبة للسينما الا مريكية تطورات يمكن تلخيصها بعبارة الهجرة المعاكسة ا ي هجرة السينماي يين الا وروبيين من مخرجين ومصورين وممثلين وممثلات ا لى ا مريكا بحثا عن فرص للعمل في السينما باتت غير متوفرة في ا وروبا في ذلك الوقت حاملين معهم خبراتهم الا بداعية التي سرعان ما استوعبتها صناعة السينما الا مريكية وا عادت قولبتها وسخرتها لصالحها و لتجعل خصاي صها منسجمة مع ا نماط الا نتاج الساي دة في السينما الا مريكية. لم يقتصر ا نجاز صناعة السينما الا مريكية على نجاح سيطرتها على ا سواق التوزيع والعرض العالمية فقط بل تعداه الى تكريس صيغ وا نماط السينما الا مريكية بخاصة في مجال ا فلام الحركة بمختلف ا نواعها باعتبارها الصيغ والا نماط الا كثر جذبا لجماهير المشاهدين في ا رجاء العالم والا شد تا ثيرا فيهم على ما بينهم من اختلاف في العادات والتقاليد ا و فوارق في المستويات الثقافية والاجتماعية. تتضح مدى قوة و جسامة تا ثير السينما الا مريكية عالميا عند ملاحظة مدى تا ثيرها في فرنسا الدولة التي كانت ولا تزال تتغنى بتقاليدها الفكرية والا دبية والفنية الرفيعة والتي ا ثرت مدارسها الا دبية والفنية في تطور الا دب والفن العالمي والتي صارت عاصمتها قبلة و محجا للباحثين عن الا بداع من الرسامين والموسيقيين والا دباء. ففي فرنسا التي ا فتتح في ا حد مقاهي عاصمتها في العام 1896 ا ول عرض سينماي ي في العالم للجمهور العام فصار معروفا كبداية تو رخ لولادة السينما والتي حقق فيها المخرج الفرنسي جورج ميليه الملقب بساحر السينما في السنوات الا ولى من القرن العشرين ا ول الا نجازات الفنية والتقنية الا بداعية في مجال السينما فنقلها من مجرد وسيلة لعرض الصور المتحركة التي تعكس صور الواقع مباشرة ا لى وسيلة تعبير فنية متطورة للخيال فيها دور عظيم والتي لمعت فيها ا سماء مخرجين ونجوم سينماي يين كبار وظهرت فيها على مدى العقود الماضية ا كثر المدارس السينماي ية انتماء للحداثة مثل السينما السريالية وصدرت فيها بعض ا هم الكتب النظرية في مجال السينما وبعض ا هم المجلات السينماي ية المتخصصة ومنها مجلة " دفاتر السينما " التي ساهمت كتابات نقادها في انطلاقة موجة السينما الجديدة في فرنسا والتي ا سست ا حد ا شهر معاهد تدريس السينما في العالم وهو معهد"الا يديك" ظلت السينما الا مريكية مهيمنة على ا سواق التوزيع و صالات العرض السينماي ية ا ي ا نها بالنتيجة ظلت مهيمنة على ا ذواق جماهير السينما فيها. ومن المو شرات الدالة على مدى سطوة هذه الهيمنة ما حصل في الا وساط الثقافية والسينماي ية في فرنسا قبل بضعة ا عوام عندما هبت حملة لمناهضة هيمنة السينما الا مريكية على صالات السينما في فرنسا تلك الحملة التي رد عليها وزير الثقافة الفرنسي عندما خاطب السينماي يين قاي لا لهم ا نه ا ذا كانوا يريدون منافسة الا فلام الا مريكية فعليهم ا ن يعملوا ا فلاما مثلها. لم تكتف صناعة السينما الا مريكية بنجاحاتها في تحقيق ذلك الهدف عالميا بل استمر دورها ليشمل السعي نحو تعميم النموذج الا مريكي للحياة في علاقة تزاوج باتت تتضح ا كثر فا كثر بين اقتصاديات السينما والا يديولوجيا. 2
يعتبر المصير الذي ا ل إليه دافي د وورك غريف ت م ن المفارق ات المريع ة ب ل والمخزي ة في تاريخ السينما الا مريكية فهو وعلى الرغم من آل ما أنجزه وقدمه لل سينما الا مريكي ة م ا أدى إلى وصوله إلى قمة النج اح خاص ة بع د فيلمي ه الملحمي ين الط ويلين"مول د أم ة"( 1915) الف يلم الرواي ي الا ط ول ف ي ال سينما الا مريكي ة ا ن ذاك و ال ضخم الا نت اج ال ذي حق ق أرباح ا خيالي ة غي ر مسبوقة و" التعصب"( 1916 ) فقد بدأ وضعه العملي يتراجع تدريجيا ويع رض عن ه المنتج ون وبات ت فرص ه ف ي العم ل ف ي ال سينما ت تقلص إل ى ان أص بح ش به عاط ل ع ن العم ل ف ي ال سنوات الا خيرة م ن حيات ه فق د نبذت ه ص ناعة ال سينما الا مريكي ة الت ي انحرف ت ع ن ال نهج ذي الم ضمون الا ن ساني ال ذي س ار في ه غريف ت وظ ل م صرا عل ى الم ضي في ه واتجه ت نح و س ينما الحرآ ة والا ثارة والمغامرات والتي حققت الانتشار العالمي الذي آان يصبو إليه غريفت إنم ا ف ي جانب ه غير الحميد أي الجانب المرتبط بالهيمنة على أسواق السينما العالمية وتعميم النم وذج الا مريك ي و ليس فق ط عل ى م ستوى آيفي ه ص ناعة الا ف لام ب ل و عل ى الم ستوى الا ي دلوجي وه و النم وذج الذي يحمل صفة" ال سينما الهوليودي ة" والت ي اس تبدلت بال سينما التجاري ة ال سينما/ الف ن وبالثقاف ة السطحية الفكر العميق وبصورة الواقع الحقيقي العالم الوهمي والا سوأ من ذلك استبدلت بعقلي ة العنف قيم المحبة والسلام البشري وبالفردية والمصلحة الشخصية الانتهازي ة ق يم التع اون والعم ل الجماعي والمصلحة العامة. السينما الوثاي قية استثناء بالمقابل نج ت ال سينما الوثاي قي ة م ن ال شباك الت ي وقع ت فيه ا ال سينما الرواي ي ة فا ن ه م ن ح سن ح ظ ال سينما الوثاي قي ة أن نم وذج ال سينما الهوليودي ة ظ ل نموذج ا خاص ا بال سينما الرواي ي ة حصرا فصناعة السينما الا مريكي ة ازده رت بف ضل وفق ط بف ضل الا ف لام الرواي ي ة تحدي دا له ذا ظل ت ال سينما الوثاي قي ة الا مريكي ة ل سنوات طويل ة زادت عل ى الخم سين عام ا س ينما هام شية بالمقارن ة م ع ال سينما الرواي ي ة فه ي آان ت خ ارج الح سابات مح ض التجاري ة الت ي ت شكل اله م الا ساسي والري يسي لصناعة السينما الا مريكي ة وه ذا م ا جع ل ال سينما الوثاي قي ة ف ي أرج اء الع الم الا خرى تتطور بمعزل عن التا ثر با ي نموذج أمريكي وتتعدد مناهجها وتقدم نماذج فيلمي ة متمي زة وتشهر أسماء مخرجي أفلام وثاي قية فنانين مبدعين ينتمي أفضلهم إلى الاتحاد ال سوفييتي وفرن سا وبريطانيا في حين لم تشهر السينما الا مريكي ة إلا مخرج ا واح دا هام ا ف ي حق ل ال سينما الوثاي قي ة هو روبرت فلاهرتي. هكذا يمكن القول أن السينما الوثاي قية في العالم نجت من مو ثرات عولمتها أمريكي ا و آ ان يمكن أن تحيد بها عن الطريق القويم بل عل ى العك س م ن ذل ك فق د ب ين التط ور اللاح ق لل سينما الوثاي قي ة عالمي ا أنه ا ت ا ثرت واس تفادت م ن تج ارب ال سينماي يين الا وربي ين والم دارس الفني ة الت ي أسسوا قواعدها. إضافة إلى ذلك.. إضافة إلى ذلك ثم ة م ا ي سمح لن ا ب القول إن ال سينما الوثاي قي ة الت ي تا س ست خارج قوانين صناعة السينما وتجارتها استفادت من واحد عل ى الا ق ل م ن جوان ب العولمة بمعناها الا يجابي أي توجهها لمناق شة ق ضايا ذات أهمي ة عالمي ة فق د ق يض أو ق در لل سينما الوثاي قي ة من ذ اآت شاف ال سينما الناطق ة وتطوره ا ف ي الثلاثيني ات وصولا إلى فترة ستينيات وسبعينيات الق رن الع شرين تحدي دا الت ي ش هدت زخم ا م ن الا ف لام الوثاي قي ة الهام ة أنتج ت ف ي أرج اء مختلف ة م ن الع الم أن تحظ ى بمخ رجين آبار ليس فقط صنعوا أفلاما هامة بل ورسخوا مفاهيم وأسسوا نظريات آما آرسوا 3
أنفسهم وأفلامهم و وخبراتهم السينماي ية للدفاع عن الا نسانية وق ضايا ال شعوب العادل ة من خلال الا فلام الوثاي قية التي اتخذوها سبيلا لطرح أفكارهم والتعبي ر ل يس فق ط ع ن م شاآل مجتمع اتهم الحقيقي ة ب ل و م واقفهم ال سياسية م ن ق ضايا عالمي ة وه ي آان ت أفكارا ومواقف ذات ط ابع ي ساري ث وري أي غي ر أمريكي ة بطبيع ة الح ال ووطن ي وأممي في ا ن فم ثلا ل م يكت ف المخ رج الهولن دي الكبي ر ي وريس إيف نس ب صنع ف يلم وث اي قي ه ام ع ن الا ض رابات الت ي مارس تها الحرآ ة العمالي ة ف ي بلجيك ا وه و ف يلم" الب و س ف ي بورين اج"( 1933 ) ب ل انتق ل إل ى أس بانيا ف ي الع ام 1937 لي صنع بمعي ة الكات ب الا مريك ي ارن ست هيمنغ واي فيلم ا عظيم ا ع ن الح رب الا هلي ة فيه ا ه و" الا رض الا سبانية" وبالمناسبة فقد آان يوريس إيفنس يلقب بالهولندي الطاي ر ب سبب تنقله في أرجاء العالم لصنع أفلامه والتي يتعلق معظمها بقضايا الشعوب العادلة ول م يكت ف الفرن سي آ ريس م ارآر با فلام ه الت ي تع الج الواق ع الاجتم اعي الفرن سي ب ل ع ايش الموض وع الفيتن امي بفيلم ه" بعي دا ع ن فيتن ام" ون اقش الواق ع ال سوفييتي بموضوعية بفيلمه" رساي ل من سيبيريا" وآذلك فعل المخرج الك وبي الكبي ر س نتياغو الف اريس ال ذي أخ رج فيلم ا هام ا ع ن فيتن ام ه و" ه انوي الثلاث اء 13" والروس ي روم ان آ ارمين ص احب التحف ة الوثاي قي ة" غرناط ة غرناط ة غرن اطتي"( 1967 ) والمخرجان الا لمانيان الثناي ي شويمان وهاينوفسكي اللذان صنعا فيلما هام ا ج دا ع ن زع يم المرتزق ة ف ي الكونغ و" م وللر.. الرج ل ال ضاحك" وفيلم ا هام ا ع ن الطي ارين الا مريكيين الا سرى في فيتن ام" طي ارون ف ي البيجام ات" إض افة إل ى الفرن سي ج ان لوك غودار الذي ذهب إلى الا ردن في العام 1969 وعاش فترة بين صفوف المقاتلين الفلسطينيين مصورا مواد وثاي قي ة لف يلم آ ان ين وي إخراج ه( لكن ه أنج زه بع د س نوات فقط بعنوان" هنا وهناك") وغيرهم من آبار مبدعي الا فلام الوثاي قية" العالميين"( أو الا ممي ين) ال ذين ل م تع د ت سمح ل ي ال ذاآرة المتقدم ة ف ي العم ر بت ذآر أس ماءهم أو عن اوين وموض وعات أفلامه م ذات الا همي ة العالمي ة والت ي تعك س موقف ا ت ضامنيا أمميا خاصة مع الشعوب المضط هدة أو المنتفضة. مرحلة جديدة من ناحية ثانية تنطبق مقولة:" ما من شيء آامل ف ي الك ون" عل ى الا وض اع التي آان ت تح يط ب الا فلام الوثاي قي ة الت ي وعل ى ال رغم م ن إنجازاته ا الهاي ل ة ظل ت عاجزة عن توفير الانتشار الجماهيري لها في صالات العرض العامة الت ي بقي ت إلا فيم ا ن در حك را عل ى الا ف لام الرواي ي ة فال سينما الوثاي قي ة ل م ت ستطع مناف سة ال سينما الرواي ية في هذا المجال. آان المتنفس ال ري يس للا ف لام الوثاي قي ة عل ى م ستوى العلاق ة مع جماهير المشاهدين العروض الخاصة والنوادي ال سينماي ية والع روض التلفزيوني ة المحلي ة إض افة إل ى المهرجان ات ال سينماي ية المتخص صة ب الا فلام الوثاي قي ة أو المهرجانات التي تجمع ما بين النوعين الرواي ي والوثاي قي. تزايدت فرص الا فلام الوثاي قية في الوصول إلى جماهير المشاهدين في أرجاء العالم بالتزامن مع حج م انت شار الب ث الف ضاي ي عل ى شاش ات التلفزي ون عب ر الا قم ار 4
ال صناعية الع ابرة إش اراتها ح دود ال دول والق ارات والت ي ق ال عنه ا المفك رون أنه ا حولت العالم إلى قرية صغيرة. عند هذه اللحظة حصل تحول جديد في أحوال الا فلام الوثاي قية التي بدأ ولاؤه ا ينتقل تدريجيا من السينما إلى التلفزيون الذي صار بمثابة ترب ة خ صبة لا نت اج الا ف لام الوثاي قية فخفت الجهود التي تبذل في تطوير وس اي ل التعبي ر الفني ة الت ي آ ان يتولاه ا المخرج ون الكب ار ف ي المرحل ة ال سابقة وص ار الاهتم ام ين صب أآث ر ف ا آثر نح و المواض يع المثي رة والق ضايا الراهن ة ال ساخنة وال صارخة واقترب ت الا ف لام الت ي صارت تمول إنتاجها أو تدفع ثمن نسخها وحقوق عرضها المحطات التلفزيوني ة م ن أن تصبح تحقيقات تلفزيونية أي أن الفن أخلى سبيله أو بعض سبيله للا علام وهذا م ا س مح لمخ رج ج ريء وخبي ر ف ي تن اول الق ضايا الراهن ة والمواض يع المثي رة وال ساخنة مث ل الا مريك ي مايك ل م ور بالح صول عل ى ج واي ز س ينماي ية دولي ة هام ة وعلى نج اح جم اهيري ع المي لا فلام ه الت ي حقق ت نجاح ا تجاري ا غي ر م سبوق ف ي ح ين أن أفلام ه م ع أهمي ة مواض يعها لا ترق ى م ن حي ث فنيته ا ال سينماي ية إل ى مصاف الا عمال الوثاي قية الا بداعية التي أنجزها المخرجون الكب ار م ن جي ل المرحل ة ال سابقة المستك شفون لوس اي ل التعبي ر والمو س سون لا ه م الم دارس ف ي مج ال ال سينما الوثاي قية. نستثني هنا من ه ذا التعم يم ولا تعم يم ب دون اس تثناءات الا ع داد ال وفيرة م ن الا فلام الوثاي قية المبدعة التي يقوم با خراجه ا مخرج ون س ينماي يون آب ار مب دعون أو الا فلام التي ص ار يحققه ا س ينماي يون ش باب م ستقلون م ستفيدين م ن التقني ات الرقمي ة وال ذين ص اروا يتجه ون عل ى نح و مت سارع نح و الا س لوب ال ذي يجم ع الوثاي قي ة م ع عناص ر م ن ال سينما الرواي ي ة وه و الا س لوب ال ذي اص طلح عل ى ت سميته بال دراما الوثاي قية أو الدآودراما بحيث صار هذا الا سلوب عالميا يلت زم ب ه مخرج ون يري دون التعام ل م ع ال صورة الوثاي قي ة آخام ة فني ة يتاس س م ن خ لال مبن ى الف يلم الوث اي قي وإنقاذها من الما زق الصحفي الذي يجعلها تكتفي بدور الخبر المصور المعولم الخ الي من الحرارة والذي قد يتذرع بالحياد الموضوعي. ما زق عولمة الصورة الوثيقة أدت التطورات المتلاحق ة ف ي مج ال الا نت اج والب ث التلفزي وني الع ابر للح دود إلى خلق قنوات مختلفة لتقديم المادة الوثاي قية ب دءا م ن عرض ها ف ي ن شرات الا خب ار المصورة مرورا بالبرامج الا خبارية والتحقيقات التلفزيونية وانته اء ب الا فلام الوثاي قي ة الم صنوعة لغاي ات الع رض التلفزي وني لك ن ه ذا الا م ر ال ذي يعتب ر تكري سا لا همي ة وش رعية ال صيغة الوثاي قي ة لع رض ص ور الواق ع ول ه م دلول إيج ابي أن تج ف ي نف س الوق ت نقي ضه إذ أدى إل ى نت اي ج س لبية انعك ست عل ى ال صورة الواقعي ة ال صورة الوثيقة من ناحية قدرتها على التا ثير على مشاهديها فق د تراجع ت ه ذه الق درة آثي را خاصة في المجال العاطفي النفسي. 5
من المفيد هنا وبه دف التع رف عل ى ه ذه النت اي ج ال سلبية عق د مقارن ة م ا ب ين حقبتين تاريخيتين متشابهتين في الا حداث والوقاي ع ومختلفتين من حيث مستوى تطور البث التلفزيوني. في ستينيات القرن الماضي آان البث التلفزيوني غير فضاي ي و محصورا ف ي نطاق محدد بجغرافية محطات البث التي آانت قليلة العدد( وفي أحيان آثيرة لا يك ون ف ي الدول ة الواح دة س وى محط ة مرآزي ة واح دة) وف ي ذل ك الوق ت آان ت الم واد الا خبارية الوثاي قية التي تبثه ا قن وات التلفزي ون خاص ة ف ي ن شرات الا خب ار أو الب ث الحي المباشر تتسم بالفرادة و بالجدة و تتمتع بقابلية الا ثارة والا ده اش. يتعل ق المث ال الا آث ر تعبي را ع ن ه ذا الوض ع ب المواد الا خباري ة الت ي آ ان يبع ث به ا المراس لون التلفزيونيون الا مريكيون من فيتنام حول وقاي ع الح رب ف ي هن اك لتب ث ف ي المحط ات المحلية حيث هزت الصور غي ر الم سبوقة للمج ازر الت ي ارتكبه ا الج يش الا مريك ي في فيتن ام( مج زرة قري ة م اي لاي تحدي دا) والمتزامن ة م ع ص ور نع وش القتل ى م ن الجنود الا مريكيين وهي تنقل في الطاي رات عاي دة إلى الوطن هزت ض ماي ر الملاي ين م ن أف راد ال شعب الا مريك ي فت شكلت جمعي ات لمناه ضة الح رب عل ى فيتن ام وقام ت التظ اهرات وات سعت حرآ ات الاحتج اج الت ي ش ارك فيه ا بفعالي ة فن انون ومطرب ون وسينماي يون أمريكيون وم نهم الممثل ة ج ين فون دا الت ي ش ارآت ف ي ف يلم وث اي قي ع ن فيتنام مضاد للعدوان الا مريكي وتا ثر بهذا آله حتى ال سينما الرواي ي ة الا مريكي ة الت ي آان ت قب ل ذل ك لا ت ولي الانتب اه المطل وب إل ى ه ذه الح رب أي ة أهمي ة وإن فعل ت فلتمجي د زاي ف لبطول ة الجن دي الا مريك ي ف صارت بع د ذل ك تن تج أفلام ا مناه ضة للحرب على فيتنام. ونلاحظ هنا أن المواد المصورة التي آان يرس لها المراس لون م ن فيتنام قد تسببت في رفض شعبي شامل وش جب ش ديد للف يلم الرواي ي الا مريك ي الا ول الذي آان قد صنع عن حرب فيتن ام لتمجي د بطول ة الجن ود الا م ريكيين وتق ديم ص ورة م شوهة ع ن المناض لين الفيتن اميين وه و الف يلم ال سيي ال ذآر المعن ون:" القبع ات الخضر" الذي أنتج في أواخر الستينيات. في المقابل لم تتسبب صور الحرب الا مريكية على الع راق و أفغان ستان الت ي ان دلعت م ع ب زوغ أف ق الق رن الواح د والع شرين ال ذي ش هد تزاي دا م ضطردا لع دد محط ات الب ث الف ضاي ية الت ي ص ار مراس لوها ينت شرون بغ زارة ف ي آ ل مك ان ف ي العالم على ما فيها م ن ب شاعة وعن ف وأل م وم ا احتوت ه م ن م شاهد مفجع ة لل ضحايا المدنيين الا برياء وآذلك للقتلى من الجنود الا مريكيين وت وابيتهم الم سجاة ق رب س لالم الطاي رات العسكرية ملفوفة بالعلم الا مريكي ف ي ردود فع ل جماعي ة ش عبية أمريكي ة رافضة للحرب بذات المستوى الذي آانت عليه حرآات الاحتجاج أثناء حرب فيتن ام فقد صارت هذه الصور وهي بطبيعة الحال صور متشابهة من حيث المادة و ال شكل والمحتوى مع بعض الاختلاف في التفاص يل وف ي الزم ان والمك ان تبثه ا ع شرات قن وات الب ث المختلف ة الا رض ية والف ضاي ية تتك رر يومي ا وعل ى م دار ال ساعة ويع اد تكرارها ضمن نشرات الا خبار و الب رامج المختلف ة المتنوع ة ص ارت ص ورا رتيب ة تا لفه ا العي ون ف لا تع ود ته ز الم شاعر وتفق د بالت الي أي ة قيم ة معرفي ة ت ضيف عل ى الوعي عمقا. 6
... يتح سس ال شاعر الا ردن ي الراح ل إدوارد ع ويس ف ي إح دى ق صاي ده ح الا شبيها بهذا الحال ويكتب: مذابح آثيرة عادية وداي مة بيروت صبرا دير ياسين وباقي القاي مة أخبارها آنشرة جوية ملازمة. تنطب ق ه ذه الملاحظ ة بطبيع ة الح ال عل ى معظ م م ا يب ث عب ر القن وات التلفزيونية من صور آانت في زمن م ا قب ل التلفزي ون حك را عل ى الا ف لام ال سينماي ية الوثاي قية التي آانت ت دهش الم شاهدين الا واي ل بالمن اظر الغريب ة الت ي تع رض ع والم وحيوات في أماآن بداي ية ناي ية أو مجهولة ف صارت ف ي ع صر التلفزي ون زادا يومي ا في البرامج التلفزيونية التي باتت تكررها وتكررها مثل البرامج التي تعرض ص ور الا س ماك ف ي أعم اق البح ار أو الوح وش ف ي الغاب ات والب راري أو الت ي ت صور المجتمعات البشرية البداي ية وغيرها مما يفقدها إثارتها. العولمة أو الطموح نحو العالمية يتضمن أحد جوانب مفهوم العولمة المرتبط بتفسيرها على أنها انت شار ع المي لمنتج ما بع ض المخ اطر الت ي يمك ن ملاحظته ا م ن خ لال الممارس ة العملي ة لا نت اج الا ف لام ال سينماي ية وخاص ة عن دما يتعل ق الا م ر بق صدية م سبقة يحكمه ا الطم وح النرجسي للوصول إلى العالمية حيث تبين الممارسة العملية لا نتاج الا فلام أن الكثير منها يصنع ليعجب الا خر خاصة عندما يكون الا خر هو الممول أو القادر على الدعم وه و ال ذي يم نح المن تج الفيلم ي ش هادة "العالمي ة". يختل ف المن تج ال سينماي ي ع ن أي منتج صناعي ا خر من حيث قدرته على الوصول إلى السوق العالمي ف بعكس المن تج الصناعي المنتشر عالميا الذي تكون قيمته في ذاته وبم ا تت ضمنها م ن فاي دة وبعك س قل ة م ن الا ف لام ذات الم ستوى الا ب داعي الرفي ع ذي الهوي ة الوطني ة الح ضارية والخ صوصية الا س لوبية والا ص الة بحي ث تف رض نف سها فرض ا عل ى الم ستوى العالمي فنادرا ما ينتشر المنتج السينماي ي عالميا أو يكت سب ت ا ثيرا م ا عل ى الم ستوى الع المي لخ صاي ص ف ي ذات ه ب ل ق د ينت شر لكون ه يع رض الواق ع المحل ي آم ا يري د الا خر المهيمن على التموي ل والا نت اج وأس واق التوزي ع ووس اي ط الع رض أن ي راه فيرآ ز عل ى جوان ب ويتجاه ل جوان ب أخ رى يرآ ز عل ى ال سلبيات ويتجاه ل الا يجابي ات أو يع رض الواق ع المحل ي بوص فه فلكل ورا مثي را للف ضول ف لا يك ون التعبير عن الواقع أصيلا وصادقا. 7