بسم هللا الرمحن الرحيم آداب الطريق) (: 1 احلمد هلل وحده والصالة والسالم على من ال نيب بعده نبينا حممد وعلى آله وصحبه وبعد: فلم يرتك اإلسالم شيئا إال وبني آدابه ومن هذه األشياء الىت عين هبا آداب الطريق وهو دليل على عظمة الدين اإلسالمي ومشوله ورعايته مصاحل الناس فيأمر مبا فيه املصلحة أينماكانت ومىتكانت وينهي عن املفاسد أينما حلت ومىت وقعت. ولصاحب العقل أن يتأمل هل عرفت مناهج البشر حقوق ا وآدا ب للطريق وهب أن البشرية عرفت بعض احلقوق فهل ترقى إىل ما قرره اإلسالم من حقوق وآداب هي قربة هلل تعاىل وفيها رعاية للحياة العامة واخلاصة ملن يسلك الطريق حق ا إنه لفخر لكل مسلم أن يقول : أان مسلم فن ع م هذا الدين الذي جعل لكل شيء حقوق ا وآدا ب واحلمد هلل على نعمة اإلسالم وكفى هبا نعمة. لقد جاءان اإلسالم حبقوق وآداب تتعلق حبد الطريق وإشغاالت الطريق وآداب الطريق وبني علماء اإلسالم ما يتعلق أبحكام هذه األمور وأحكام االعتداء على تلك احلقوق واآلداب. وأصل ذلك ما يف الصحيحني من حديث أ ب س ع يد اخلخد ر ي ع ن الن يب قا ل : " إ ي خكم و ا ل خ لخوس يف الط خ رق ات " ق الخوا : ي ر خ سول ا لل م ا ل ن ا بخ د م ن م ال س ن ا ن ت ح د خث ف يه ا! ق ال ر خ سوخل ا لل " : ف إ ذ ا أ ب ي تخم إ ال ال م ج ل س ف أ ع طخوا ) 1 د. محمد سيد أحمد شحاته أستاذ الحديث وعلومه المشارك بجامعة األزهر كلية أصول الدين أسيوط وجامعة المجمعة كلية التربية بالزلفي
الط ر يق ح ق ه خ " ق الخوا : و م ا ح ق ه خ ق ال : " غ ض ال ب ص ر و ك ف األ ذ ى و ر د الس ال م و األ م خ ر ب ل م ع خ روف و الن ه خ ى ع ن ال خ من ك ر ". ومن هذه اآلداب إماطة األذى عن الطريق. ففي صحيح مسلم من حيث أيب هريرة عن الن يب قا ل: " م ر ر خ جل ب غخص ن ش ج ر ة ع ل ى ظ ه ر ط ر يق ف ق ال : و ا لل ألخن ني ه ذ ا ع ن ال خ مس ل م ني ال ي خ ؤ ذ يه م ف أخد خ ل ا ل ن ة " ويف أخرى ملسلم أيض ا : " ل ق د ر أ ي خ ت ر خ جال ي ت ق ل خ ب يف ا ل ن ة يف ش ج ر ة ق ط ع ه ا م ن ظ ه ر الط ر يق ك ان ت ت خؤ ذ ى الن اس ". وهذه األحاديث ظاهرة يف فضل إزالة األذى عن الطريق سواء أكان األذى شجرة تؤذي أو غصن شوك أو حجر ا يعثر به أو قذر ا أو جيفة أو غري ذلك وفيها - أيض ا - التنبيه على فضيلة كل من نفع املسلمني أو أزال عنهم ضرر ا. غ ض ال ب ص ر قخ ل قال هللا ل ل خ مؤ م ن ني ي غخض وا م ن أ ب ص ار ه م و ي ف ظخوا فخ خ روج خ هم ذ ل ك أ ز ك ى ل خ م إ ن ا لل خ ب ري مب ا ]30 ي ص ن ع خ ون النور : وكما جيب على املسلم أن يغض بصره جيب على املسلمة إذا خرجت من بيتها لقضاء حاجة لا أن خترج بلباسها الشرعي الذي ال يظهر عورة وال يدعو إىل فتنة. ك ف األ ذ ى
زوم كف األذى واملراد به السالمة من التعرض إىل أحد بلقول والفعل مما ليس فيهما من اخلري أي : االمتناع مما يؤذي املارة من نو احتقار وغيبة أو غري ذلك من اإليذاء القويل والفعلي فال جيلس حيث يضيق عليهم الطريق أو على بب منزل من يتأذى جبلوسه عليه أو حيث يكشف عياله أو ما يريد التسرت به من حاله ونو ذلك وال يؤذي املارين بقول وال فعل. ر د الس ال م يعين على الذي يسلم عليه من املارين وهو واجب لقوله تعاىل : و إ ذ ا خ حي يتخم ب ت ح ي ة ف ح ي وا أب ح س ن م ن ه ا أ و خ رد وه ا [ النساء : 87 ] أي : إذا سل م فردوا عليه أفضل مما سل م أو ردوا عليه مبثل ما سلم فالز يدة مندوبة واملماثلة مفروضة فإن مل يرد أيمث ورد السالم أن يقول : وعليكم السالم واألفضل أن يقول : وعليكم السالم رمحة هللا وبركاته.. ابملعروف األ م ر والن ه ى ع ن ال م ن ك ر واملعروف : أمر جامع لكل ما عرف من طاعة هللا تعاىل والتقرب إليه واإلحسان إىل الناس وكل ما ندب إليه الشرع من احملسنات وهنى عنه من املقبحات واملنكر ضد املعروف فهو كل ما قبحه الشرع وحرمه وكرهه. تشميت العاطس إذا محد هللا وذلك أبن يقول له : يرمحك هللا فإن مل يمد هللا مل يشمته إلساءته فالتشميت مقيد حبمد العاطس هلل تعاىل فإن مل يمد فال ي خ شمت ففي الصحيحني ع ن
قال أ ن س : ع ط س ر خ جال ن ع ن د الن يب اآل خ ر ف ق يل ل ه خ ف ق ال : " ه ذ ا مح د هللا و ه ذ ا مل ي م د هللا " ف ش م ت أ ح د خ ه ا و مل ي خ ش م ت إدالل السائل - إرشاد السبيل وهداية الضال وهداية األعمى. هو أدب راق يف التعامل مع من ال يعرف الطريق فيدله املسلم على طريقه وقد حث اإلسالم على هذا األدب ملا فيه من اخلري وجعل ذلك من الصدقات مما يدل على فضله فروى الرتمذي وابن حبان من حديث أيب ذر مرفوع ا : " و إ ر ش ا خ دك الر خ جل يف أ ر ض الض ال ل ل ك ص د ق ة " و ب لملة فإن م ن جلس بلطرقات معرض ألن ي خ سأل عن طريق أو عنوان بملنطقة مل ي خ هتد له فيلزمه أن يدله عليه - إنكان يعرفه - أو يدله على من ميكن أن يعرفه. حسن الكالم قال القاضي عياض : - فيه ندب إىل حسن معاملة املسلمني بعضهم لبعض فإن ا لالس على الطريق مير به العدد الكثري من الناس فرمبا سألوه عن بعض شأهنم ووجه طرقهم فيجب أن يتلقاهم ب لميل من الكالم وال يتلقاهم بلضجر وخشونة اللفظ وهو من مجلة كف األذى.ا.ه. وما أمجل ما خاطب به ابن مسعود و اس خكت ع ن ش ر ت س ل م م ن ق ب ل أ ن ت ن د م لسانه فقال : ي ل س ا خن قخل خ ري ا ت غ ن م. املعاونة يف احلمل ملعاونة على احلمل من آداب الطريق فقد جيد ا لالس يف الطريق أو املار به من يضعف عن محل متاعه على الدابة أو السيارة فمن آداب الطريق أن يعينه على محل متاعه وهذا
األدب أيض ا - من الصدقات - وتقدم حديث أيب هريرة رفعه : " " ك ل خ سال م ى م ن الن ا س ع ل ي ه ص د ق ة خكل ي و م ت ط لخ خ ع ف يه الش م خ س " وفيه : " و ي خع خ ني الر خ جل ع ل ى د اب ت ه ف ي ح م لخه ع ل ي ه ا أ و ي ر ف خ ع ع ل ي ه ا م ت اع ه خ ص د ق ة. " آداب خاصة ابملرور. اإلنسان املتدين الذي فهم اإلسالم عبادة شعائرية ليس غري.. صالة وصياما وذكرا وتسبيحا ينبغي أن يكون حريصا على هذه العبادة ولكنه ينبغي أن يفهم أن هناك فروضا حضارية ومستجدة أساسية تعد حمورية يف أخالق املسلم وهي مستندة إىل أصول اثبتة يف ديننا احلنيف وأن اإلسالم دين الفطرة وأن الشريعة مصلحة كلها. ولعل أعمق وأسبق فهم ووعي مروري يف التاريخ اإلسالمي نقل عن سيدان عمر رضي هللا عنه اخلليفة الثاين بعد وفاة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم: وهللا لو تعثرت بغلة يف العراق هو يف املدينة حلاسبين هللا عنها مل مل تصلح لا الطريق ي عمر إن حوادث املرور ليست قدرا حمتوما كما يتوهم بعضهم البد من وقوع هذا تصور مرفوض يف الفكر الديين ويف العقيدة اإلسالمية الصحيحة فالبد من حركة وقائية استباقية. ومن السلوكيات اخلاطئة يف الشارع تلك األصوات املزعجة ألبواق السيارات اليت يتفاخر هبا أصحاهبا فتجد صاحب املركبة يقف أسفل البيت وينادي زوجته ببوق مركبته من يف الطابق العلوي بدال من أن يصعد إليه يريح نفسه ويتعب اآلخرين بستخدام آلة التنبيه اإلسالم ويرد للشارع آدابه املفقودة. فيأيت يقول هللا تعاىل:إ ن ال ذ ين ي خ ن ا خ دون ك م ن و ر اء احل خ خ جر ات أ ك ث خ ر خ هم ال ح ىت خت خ رج إ ل ي ه م ل ك ان خ ري ا ل خ م و ا لل خ غ خفور ر ح يم. ي ع ق لخون * و ل و أ هن خم ص ب خ وا
وينبغي أن نفهم اآلية على نو موسع نعم.. إن اآلية تتحدث عن النيب صلى هللا عليه وسلم ولكنها تنظم وهتذب سلوكيات الناس يف الطريق إن من حق الناس عليك أال تزعجهم فمنهم النائم ومنهم الطالب الذي يدرس ومنهم املريض ومنهم الذي يصلي واعلم أن الشارع ليس ملكك وحدك. وإذا كنت تقود مركبة عامة صغرية أو كبرية فال تسمع الركاب من خالل املسجلة ما ال يقبل عند كل الناس فصوت املسجلة ليس ملكك وحدك. ومن السلوكيات اخلاطئة يف الطريق.. أنك جتد سائق السيارة ال يسمح للسيارة اليت خلفه أن تتجاوزه.. وإذا سألته ما السبب مل جيب واألدهى من ذلك أن هذا التصرف أصبح عمال ال شعور ي من كثرة ما تعو د عليه السائقون ولكن اإلسالم يعلمك السلوك الصحيح يف هذه املواقف يقول هللا تعاىل: ل خكم ي أ ي ه ا ال ذ ين ء ام نخوا إ ذ ا ق يل ل خكم ت ف س خ حوا يف ال م ج ال س ف اف س خ حوا ي ف س ح ا لل خ ومرة اثنية ينبغي أن نفهم اآلية مبعناها الواسع افسحوا ليس يف اجملالس فقط ولكن يف الطرق.. افسحوا يفسح هللا لكم. ومن السلوك الشاذ أنك تضيق الطريق على الناس يقول عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه: ثالث يصفني لك ود أخيك منها وأن تفسح له يف اجمللس ويقاس عليها أن تفسح له يف الطريق. نسأل هللا أن يوفقنا لكل خري