الجنون مانع من موانع المسؤولية الجزائية

النسخ

1 جامعة قاصدي مرباح- ورقمة - السياسية العموم و الحقوق كمية الحقوق قسم: مذكرة مقدمة الستكمال متطمبات شهادة الماستر أكاديمي ميدان: الحقوق والعموم السياسية الحقوق شعبة: تخصص : قانون جنائي إعداد الطالبة: بوطالب فاطمة الزهراء بعنوان: اجلنون: مانع من موانع املسؤوليةاجلزائية 05/06 /0 وأجيزت نوقشت بتاريخ : الدكتور بن محمد محمد أستاذ محاضر)أ( أمام المجنة المكونة من السادة: بكمية الحقوق جامعة ورقمة......رئيسا الدكتور قريشي محمد أستاذ محاضر)أ( بكمية الحقوق جامعة ورقمة...شرفا ومقررا األستاذ الشريف فؤاد أستاذ مساعد )أ( بكمية الحقوق جامعة ورقمة...مناقشا السنة الجامعية 05/04

2 ا إلىداء إاىل احلنون اميت أحظى بكرم هللا ع ل من اجليا...أيم حفظيا هللا إاىل ادلامع يل يف ىذه احلياة...أيب امكرمي أطال هللا يف معره إاىل إاخويت و أخوايت اذلين ينتظرون جنايح دوما مبحبة...وانسو- أسامة إاىل اس مترار احلياة وجتدد اامل...مشس ادلين همدي أمني -محمد أهيس إاىل من صاركين حمل احلياة... إاىل إاخويت اذلين مل ثدلمه أيم...عفاف بوسامل مستورة طاىرين- هورة خرية- إاىل أظدكايئ يف ادلفعة املدنةل...لك ابمسو زىرة

3 صكر و ثلدير متساك بلول رسول هللا ظىل هللا عليو وسمل " ل يضكر هللا من ل يضكر امناس أرى مزاما أن أابدر بتسجيل خامط صكري وعظمي ثلديري ندلكتور كرييش محمد " اذلي اختار يل موضوع مذكريت و رعاىا منذ أن بدأت ابمعمل فهيا حىت أظبحت واكعا ملموسا و ملد اكن معربه و علمو امفضل لكو بعد هللا عز و جل ف إاميو أدعوا هللا أن يسدد عىل امرصاط املستلمي خطاه. و أثلدم بأ معق امضكر إاىل امس يد رئيس جلنة املناكضة و ااس تاذ املناكش عىل ما بذموه من هجد و وكت يف ثلومي و ثعويب ىذه املذكرة زىرة

4 مقدمة

5 مقدمة إن اذلدف األمسى اليت تصبو إليو التشريعات اجلنائية ىو أن يصيب القاضي احلقيقة يف حكمو سواء بالرباءة أو اإلدانة و ذلذا وجب على القاضي قبل ربرير حكمو أن يكون قد وصل إىل احلقيقة فضال عن أنو وجب عليو أن يكشف عن ظروف ادلتهم الشخصية و خطورتو اإلجرامية ألهنما أساس تقدير اجلزاء اجلنائي فال يكفي الرتكاب اجلرؽلة على النحو ادلنصوص عليو يف القانون العتبار الفاعل مسؤوال جزائيا و مستحقا للعقاب وشبة فارق كب ت ب ت اجلرؽلة و ادلسؤولية اجلزائية حيث أن اجلرؽلة تتوفر على ثالثة أركان : شرعي مادي و معنوي يف ح ت ال تتحقق ادلسؤولية اجلزائية إال إذا كان مرتكب السلوك اإلجرامي وقت ارتكابو لو متمتعا دبلكة الوعي و اإلدراك و بالقدرة على االختيار فبهما تثبت ادلسؤولية اجلزائية و بدوهنما أو بدون أحدعلا تنتفي ىاتو ادلسؤولية و ي تتب على ذلك عدم خضوع مرتكب اجلرؽلة للعقوبة رغم ارتكابو ذلا وىذا ما يشكل مانعا للمسؤولية اجلزائية حيث يرتكب الشخص اجلرؽلة و لكن ىناك سبب يف حالتو النفسية أو العقلية ي تتب عنو عدم مسائلتو جزائيا. ودبا أن ادلسؤولية اجلزائية شرط ضروري إلمكان احلديث عن توقيع اجلزاء فال عقوبة دون مسؤولية جزائية قوامها الوعي و اإلدراككاحلالة اليت نص عليها ادلشرع اجلزائري يف ادلادة 47 من قانون العقوبات و اليت تعترب اجلنون مانعا من موانع ادلسؤولية اجلزائية فأقر ادلشرع أنو ال عقوبة على من كان يف حالة جنون لعدم إدراكو ووعيو للسلوك اإلجرامي الذي قد يقوم بو أو اليت دفعتو ىذه احلالة للقيام بو.

6 مقدمة لكن ىذا اإلعفاء من العقوبة ال ؽلنع إطالقا أن ؼلضع مرتكب السلوك اإلجرامي إىل ما مساه ادلشرع بالتداب ت األمنية اليت اعتربت صورة من صور اجلزاء اجلنائي واليت سبيز هبا عن باقي التشريعات األخرى ادلقارنة وىذا يف حد ذاتو يعترب قفزة نوعية خاصة أن ادلشرع ربط ىذه التداب ت و ساوى بينها و ب ت العقوبات من حيث اخلضوع دلبدأ الشرعية فال ؽلكن اعتبار ىذه التداب ت عقوبات لعدم ورودىا ضمن قائمة العقوبات األصلية إال أهنا تعترب يف حقيقة األمر ضباية مقررة ألصحاب اخلطورة اإلجرامية سواء ثبتت يف حقهم اإلدانة أم ال وبالتايل ؽلكن القول أن ادلسؤولية اجلزائية ىي أساس توقيع العقوبة بينما اخلطورة اإلجرامية سبثل أساس تنزيل التداب ت األمنية. إن موضوع حبثنا ىذا يعترب من الدراسات اذلامة لكونو ؽلس حاجة القاضي اجلزائي يف حياتو العملية خاصة يف ظل نقص النصوص القانونية اليت ترسم اإلطار األساسي حلالة اجلنونكمانع للمسؤولية اجلزائية و ربديد سلطة القاضي اجلزائي يف تقدير ىذه احلالة الشيء الذي غلعل القاضي يلجأ إىل النصوص ادلتفرقة وكذا االجتهاد القضائي باعتباره مصدرا ىاما. كما تبدو أعلية ىذا ادلوضوع أيضا يفكونو مل تتم دراستو بشكل علمي معمق و إظلا جاء التطرق لو يف مؤلفات عامة و بشكل مقتضب دون أن يتم اإلحاطة بأىم ادلشكالت العملية اليت يث تىا و ىي األسباب اليت دفعتنا إىل إختيار حبثنا ىذا. ىدفنا األساسي ىو معرفة حدود احلرية اليت يتمتع هبا القاضي اجلزائي يف تقدير حالة اجلنون و كذا معرفة نية ادلشرع اجلزائري من خالل إدراجو يف نص ادلادة 47 من قانون العقوبات دلصطلح اجلنون ماذا يقصد ادلشرع اجلزائري هبذا ادلصطلح إن العوامل اليت دفعتنا إىل إختيار ىذا ادلوضوع ليكون رلاال لبحثنا ىو ذلك اإلىتمام ادلتزايد هبذه الشرػلة من اجملتمع اليتكانت ضحية ظروف اجتماعية وعوامل شخصية دفعتها إلرتكاب

7 مقدمة السلوكات االجراميىة كما نش ت إىل أن دراستنا زبص شرػلة ادلصاب ت حبالة جنون أو اضطراب عقلي بإعتبار كوهنا فئة ربكمها تداب ت خاصة تتناسب مع طبيعة مقوماهتم العقلية النفسية.. تكمن الدوافع الذاتية إلختيار ادلوضوع يف الرغبة يف إثراء ادلكتبة القانونية هبذا النوع من ادلواضيع أما اإلشكالية اليت إنطلقنا منها دلعاجلة ىذا ادلوضوع ىي : ادلدى الذي ؽلكن من خاللو إعتبار حالة اجلنون مانعا للمسؤولية اجلزائية وكذا معرفة حدود سلطة القاضي يف تقدير حالة اجلنون و التساؤل الذي يطرح يف ىذا ادلضمار ىوكالتايل : مالمقصود بحالة الجنون المانعة للمسؤولية الجزائية وما األثر المترتب عليها ولقد اجبنا على اإلشكالية من خالل اخلطة ادلق تحة و اليت قسمناىا على النحو التايل : الفصل األول بعنوان : ماىية اجلنون وفيو سنتطرق إىل دراسة اجلنون من حيث التعريف والشروط اليت اقرىا ادلشرع لتثبت ىذه احلالة وكذا معرفةكافة االضطرابات العقلية و النفسية اليت قد يصاب هبا ادلتهم سواء يف ف تة احملاكمة أو بعد صدور احلكم أو يف وقت ارتكاب السلوك اإلجرامي. أما الفصل الثا ل : فسنتطرق فيو إىل أثر اجلنون على ادلسؤولية اجلزائية و سنحاول تسليط الضوء على أثر اجلنون الالحق عن اجلرؽلة وكذا سلطة القاضي يف تقدير حالة اجلنون من خالل اخلربة العقلية و يف النهاية سنناقش التداب ت األمنية اليت يلجا إليها القاضي عند انتفاء ادلسؤولية اجلزائية دلعاجلة اخلطورة اإلجرامية لدى احملكوم عليو. وسوف طلتم ىذا ادلوضوع بالنتائج اليت نتوصل دراسة يف ادلستقبل. إليها و كذا بعض ادلق تحات اليت قد تكون زلل يف ىذه الدراسة سنعاجل حدود سلطة القاضي اجلزائي يف تقدير حالة اجلنون وفق ادلنظور القانو ل يف ظل التشريع اجلزائري لذلك اعتمدنا على ادلنهج ت التحليلي و الوصفي و ذلك ببيان و دراسة النصوص القانونية وكذا االجتهادات القضائية ادلتعلقة هبذا ادلوضوع و ربليلها و التعليق عليها. 3

8 مقدمة إن أىم الصعوبات اليت واجهتنا يف اصلاز ىذا ادلوضوع تكمن يف نقص ادلراجع ادلتخصصة يف التشريع العقايب اجلزائري. و الصلاز ىذا ادلوضوع اعتمدنا بالدرجة األوىل على قانون العقوبات اجلزائري باإلضافة إىل بعض النصوص القانونية األخرى كقانون اإلجراءات اجلزائية و القانون رقم 04/05 ادلتضمن تنظيم السجون وإعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوس ت. 4

9 الفصل األول ماىية الجنون

10 الفصل األول ماهية الجنون إنو ال ؽلكن إنكار دور احلالة العقلية وكذا النفسية يف تقدير مسؤولية ادلتهم اجلزائية من عدمها وذلك انطالقا من رلموعة اضطرابات قد تع تضو و تؤثر على إدراكو و وعيو لتدفع بو الرتكاب السلوكات اإلجرامية باعتبار أن ىذه األخ تة ( اجلرؽلة ) ما ىي إل نتاج لصراع نفسي ؽلكن الكشف عنو بواسطة ارتكاب أو طريقة ارتكاهبا. فإذاكان ادلتهم أو الشخص عاجزا عن إدراك طبيعتو أو صفتو و توجيهها إىل مسارىا الصحيح نتيجة لنقص يف ظلوه الذى ت و قدراتو العقلية انتفت ادلسؤولية اجلزائية عن األعمال غ ت ادلشروعة اليت قد يقوم هبا ألنو و بعبارة أخرى غ ت مدرك للسلوكات اليت يقوم هبا و ىذا ما يعرف حبالة اجلنون. و حملاولة اإلدلام جبوانب ادلوضوع منكل زواياه سنتطرقكمرحلة أوىل إىل معرفة ادلقصود حبالة اجلنون سواء من الناحية الطبية أو الناحية القانونية ( ادلبحث األول( مث مرحلة ثانية سنحاول اإلدلام دبختلف االضطرابات األخرى ادلشاهبة حلالة اجلنون ( ادلبحث الثا ل (. 5

11 الفصل األول ماهية الجنون المبحث األول : مفهوم الجنون إن التشريعات اجلنائية تعترب األشخاص ادلثاب ت حبالة جنون غ ت مسئول ت لذلك ال يعاقبون عن ما يقع منهم من جرائم ذلك أن عقاب اجملان ت ليس عدال فضال عن أنو ال غلدي نفعا. ومن خالل ىذا ادلبحث سنتطرق إىل تعريف اجلنون ( ادلطلب األول ( و إىل ثبوت اجلنون ( ادلطلب الثا ل ) المطلب األول : تعريف الجنون >> ال عقوبة على منكان في حالة جنون نصت ادلادة 47 من قانون العقوبات على أنو : وقت ارتكاب الجريمة و ذلك دون اإلخالل بأحكام الفقرة من المادة <<. إن ادلصدر التارؼلي ذلذه ادلادة ىو قانون العقوبات الفرنسي الصادر عام 80 يف مادتو 64 و اجلدير بالذكر ىنا أن ادلشرع الفرنسي عد ل ىذه ادلادة يف القانون الصادر سنة 99 وغ ت من صياغتها أما ادلشرع اجلزائري أبقى على نص ادلادة 47 رغم التعديالت اليت طرأت على قانون العقوبات. إن الواضح من خالل نص ادلادة 47 أن ادلشرع اجلزائري مل يضع تعريفا للجنون ومل يتطرق يف سياق ىذه ادلادة إىل معناه وؽلكن رد ذلك إىل أن و ال يوجد تعريف ثابت للجنون يف الطب العقلي ومن غ ت ادلعقول أن يضع التشريع العقايب تعريفا ثابتا لو نظرا للتطور احلاصل يف ادلعارف الطبية بشأن ىذا ادلصطلح أو ىذه احلالة. : و يعترب اجلنون دبعناه العام زوال العقل أو ضعفو حبيث يصعب التمييز ب ت األفعال و األقوال فيصبح الشخص عاجزا عن التحكم يف تصرفاتو بصورة سليمة. J.Pradel,Le nouveau code Pénale, Partie général, 994,P 66: عبد القادر عد و مبادئ قانون العقوبات اجلزائري القسم العام )نظرية اجلرؽلة نظرية اجلزاء ) دار ىومو اجلزائر 00 ص 5. 6

12 الفصل األول ماهية الجنون و ىو بتعب ت أدق عدم قدرة الشخص على االنسجام ب ت األفكار و الشعور وما ػليط بو و ذلك الضطرابات يف قواه العقلية. و قد عر ف خليل ميخائيل ادلرض العقلي بأن و :>> حالة من النقص أو عدم االكتمال في النمو العقلي و انحطاط واضح في الذكاء و في األداء العقلي و الوظيفي مما يجعل الشخص عاجزا عن التعلم و التوافق مع البيئة أو الحياة دون إشراف و رعاية و قد يؤدي ذلك إلى تعرض حياتهم للخطر >>. إن ادلالحظ من خالل نص ادلادة اليت أحالتنا إليها ادلادة 47 أن ادلشرع استبدل عبارة اجلنون بعبارة خلل يف القوى العقلية و يعترب ىذا األخ ت األنسب ألنو ذا مدلول واسع جدا يشمل كل اآلفات اليت 3 زبل بوظيفة العقل. و انطالقا من ىات ت ادلادت ت ؽلكننا القول أن ادلشرع دمج ب ت ادلصطلح ت و اعترب اجلنون و اخللل يف القوى العقلية عبارت ت ذلما نفس ادلع ت حيث تدارك النقص ادلوجود يف نص ادلادة 47 يف عبارة اجلنون الذي أصبح مفهومها تقليدي و ضيق و أدرج عبارة اخللل يف القوى العقلية و اليت تندرج ربتها العديد من االضطرابات األخرى اليت ؽلكن أن تكون مانعا للمسؤولية اجلزائية مثلها مثل اجلنون. فلم يعد قانون العقوبات الفرنسي يف نص ادلادة / منو باعتباره مصدرا لقانون العقوبات اجلزائري وباخلصوص ادلادة 47 منو كما سبق الذكر يتحدث عن مصطلح اجلنون بل غ ت ه بعبارة 4 اإلضطرابات الذىانية والعقلية. و ىذا يف اعتقادنا من شأنو أن يوسع يف دائرة األمراض اليت تؤثر يف الشخص و ذبعلو غ ت مدرك لتصرفاتو ولألعمال غ ت ادلشروعة اليت قد يقوم هبا و بالتايل تقوده إىل ارتكاب اجلرؽلة و عليو تنتفي ادلسؤولية اجلزائية عليو ألن إرادتو غ ت واعية و غ ت حر ة دلا فعلت. زلمد سويلم ادلسؤولية اجلنائية يف ضوء السياسة اجلنائية ( دراسة مقارنة ب ت الشريعة و القضاء ) دار ادلطبوعات اجلامعية القاىرة 008 ص نقال عن سناء زلمد سليمان األمراض النفسية و األمراض العقلية,الطبعة األوىل عامل الكتب القاىرة 008 ص. 4 3 عبد القادر عد و مرجع سابق ص. 6 4 تنص ادلادة / من ق ع ف على أن و : ال يسأل جنائيا الشخص الذيكان مصابا لحظة ارتكاب األفعال المكونة للجريمة باضطراب عقلي أو باضطراب عقلي و عصبي أدى إلى إلغاء ملكة التمييز لديو و التحكم في أفعالو...<< 7

13 الفصل األول ماهية الجنون إال أن البعض من الفقهاء و الدارس ت يف ىذا اجملال ذىبوا إىل أنو ينبغي تفس ت لفظ اجلنون الواردة يف نص ادلادة 47 ق ع تفس تا يتضمن مشول النص على كل حاالت االضطراب يف القوى العقلية ىذا التفس ت ؽلكن أن يعطي مشوال للنص من شأنو اإلحاطة بكل حاالت اإلضطراب الذى ت دون التقيد دبدلول طيب زلدد ودون وضع تعريف زلدد للجنون. فاجلنون يف نظرىم ليس إسم دلرض واحد بل ألمراض عديدة تفقد صاحبها القدرة على التمييز ب ت اخل ت و الشر و أن اجلنون و كل تلك األمراض ذبتمع يف كوهنا تفقد العقل و التمييز وبالتايل وجب ضمها و إحلاقها ببعض. إن و يف واقع األمر و بعد مراجعة رلموعة من التشريعات القانونية تب ت لنا بكل وضوح عدم اإلستقرار يف إستعمال تعب ت واحد أو مصطلح واحد للداللة على حالة اجلنون فنجد عبارة عاىة العقل و عبارة غياب العقل 3...إىل غ ت ذلك من العبارات الدالة على ىذه احلالة أما أكثر التعاب ت شيوعا عند رجال القانون ىو مصطلح اجلنون فهم يدلو بو على أشد نوع من ادلرض العقلي. و عليو فإنو مهما اختلفت التسميات ب ت الطب و القانون و ب ت النصوص التشريعية فيما بينها إال أن مصطلح اجلنون لو مع ت واسع جدا يف علم القانون أكثر منو يف اجملال الطيب فكلمة اجلنون اليت تع ت يف علم الطب العقلي الزوال الكامل للقوى العقلية ناجم عن مرض ما تع ت يف رلال دراستنا رلال القانون 4 على حد قول الربوفيسور دي فابر Vabres) (de اإلختالل العقلي بكل أنواعو و أشكالو. و عليو فما ؽلكن إستنتاجو شلا سبق ىو عدم وجود مفردات متماثلة نستعملها للحديث عن حالة اجلنون أو االختالل العقلي و بالتايل ؽلكن استعمال عبارة اجلنون كمرادف لوصف االضطرابات األخرى ادلشاهبة ذلذه احلالة و العكس صحيح. دردوس مكي ادلوجز يف علم اإلجرام ديوان ادلطبوعات اجلامعية اجلزائر 006 ص. 8 منصور رضبا ل الوجيز يف القانون اجلنائي العام دار العلوم للنشر اجلزائر 006 ص. 9 3 نصت ادلادة /6 من القانون ادلصري على أنو ))ال عقاب غلى من يكون فاقد الشعور أو االختيار يف وقت ارتكاب الفعل...جلنون أو عاىة يف العقل ((. و لقد استعمل ادلشرع اإليطايل يف ىذا ادلضمار عبارة ادلرض للداللة عن حالة اجلنون طبقا دلا نصت عليو م 88 من ق ع اإليطايل. 4 كامل السعيد شرح األحكام العامة يف قانون العقوبات دار الثقافة األردن 00 ص

14 الفصل األول ماهية الجنون وما ؽلكن مالحظتو من خالل ىذا العرض الوجيز دلع ت اجلنون ىو أن ىذا األخ ت لو عالقة بانتفاء ادلسؤولية اجلزائية و اليت يعترب مناطها و أساسها اإلدراك و التمييز و كذا حرية االختيار الشخص أو ادلتهم ادلصاب حبالة اجلنون أو أي عاىة عقلية أخرى يكون غ ت قادر على اإلدراك أو على ذلك أن الربط ب ت األفكار و ادلشاعر و بالتايل تقوده إىل ارتكاب سلوكات إجرامية سلالفة دلا نص عليو القانون وتطبق عليو أحكام نص ادلادة 47 ق ع واليت تعتربه يف حالة جنون أد ت بو إىل ارتكاب اجلرؽلة فيعفى من ادلسؤولية اجلزائية و يعفى من العقوبة و لكن تأيت ىذه ادلرحلة بعد إجراءات قانونية و فحوصات طبية تؤكد إصابتو هبذه العاىات. المطلب الثاني : ثبوت حالة الجنون ي تتب على اجلنون انعدام ادلسؤولية اجلزائية فيعفى ادلصاب هبذه احلالة من العقوبة و ال تتخذ بشأنو إال تداب ت عالجية و حىت يكون ىذا اإلعفاء من العقوبة كامال البد من توافر رلموعة من الشروط و اليت ذبتمع يف ادلتهم لتعفيو من العقوبة ويتم التحري و التأكد من توافر ىذه الشروط جهة قضائية سلتصة بذلك. الفرع األول : شروط ثبوت حالة الجنون ال يعفى ادلتهم ادلصاب باجلنون و ال ترفع عنو ادلسؤولية اجلزائية يفكل احلاالت ف إمتناع ادلسؤولية اجلزائية عن اجملنون أو ادلصاب بعاىة عقلية أخرى لو شرطان أساسيان ذكرعلا ادلشرع يف نص ادلادة سالفة الذكر و علا : إصابة الفاعل باجلنون و معاصرة اجلنون للفعل ادلكون للجرؽلة. و لكنو يف 47 ق ع إعتقادنا أن ادلشرع اجلزائري قد أغفل شرط أساسي من خالل سياق ادلادة أال و ىو فقدان الشعور أو حرية االختيار بادلوازاة مع التشريعات األخرى و سوف نفصل كل شرط على حدى كاآليت : -إصابة الفاعل باجلنون : عبد اهلل اوىايبية شرح قانون العقوبات اجلزائري)القسم العام( موفم للنشر اجلزائر 009 ص

15 الفصل األول ماهية الجنون اش تط ادلشرع من أجل اإلعفاء من العقوبة أن يكون مرتكب اجلرؽلة مصابا حبالة جنون فادلصاب حبالة اجلنون أو اضطراب عقلي لكنو ال يفقد الوعي فإنو ال يعد يف نظر القانون رلنونا و ال تنفى مسؤوليتو عن األعمال غ ت ادلشروعة اليت يقوم هبا فال غلوز أبدا االحتجاج بادلرض العقلي حىت و لو كان موجودا ما مل تكن ىناك عالقة سببية ب ت ادلرض العقلي و اجلرؽلة ادلرتكبة مثال ذلك : ادلصاب جبنون السرقة ال ؽلكنو أن ػلتج ويتمسك و يدفع جبنونو إذا ارتكب جرؽلة قتل فالبد من أن يكون ىناك عالقة سببية ب ت ادلرض أو. احلالة العقلية و اجلرؽلة ادلرتكبة لإلعفاء من عقوبتها و النتفاء ادلسؤولية اجلزائية عن ادلتهم حيال ىاتو اجلرؽلة -معاصرة حالة اجلنون لوقت ارتكاب اجلرؽلة : اش تط ادلشرع كذلك إلمتناع ادلسؤولية اجلزائية على ادلتهم أو الشخص ادلصاب حبالة جنون أن يكون اجلنون وقت ارتكاب اجلرؽلة أي دبع ت آخر أثناء القيام باألفعال ادلادية و ادلعنوية ادلكونة للجرؽلة فقد كان نص ادلادة 47 واضحا يف ىذا اخلصوص حيث أقر أنو ال عقوبة على من كان رلنونا وقت ارتكاب اجلرؽلة و الستفادة ادلتهم من امتناع ادلسؤولية اجلزائية بسبب حالة اجلنون أو االضطرابات العقلية أن تكون وجب ىذه احلاالت أو االضطرابات معاصرة الرتكاب اجلرؽلة ألن وجود ىذه احلالة يف ىذه الف تة ي تك أثره يف 3 القدرة على إدراك األفعال و عدم القدرة على السيطرة عليها. فإذا ثبت أن اجلا ل قد ارتكب جرؽلة وقت جنونو انتفت ادلسؤولية اجلزائية و مت إعفاءه من العقوبة و ال فرق يف أن تكون اجلرؽلة ادلرتكبة جناية أو جنحة أو حىت سلالفة سواء كانت اجلرؽلة عمدية أو إرتكبت على أساس اخلطأ إن ادلالحظ وكما سبق لنا القول فيما ؼلص عدم ذكر ادلشرع إىل شرط فقدان الوعي االختيار يف نص ادلادة 47 و اجلدير بالذكر ىو أن امتناع ادلسؤولية اجلزائية يتوقف على أثر حالة اجلنون على وعي زلمد علي السامل عياد احلليب شرح قانون العقوبات ( القسم العام ) الطبعة األوىل دار الثقافة األردن 007 ص ص عبد اهلل سليمان شرح قانون العقوبات اجلزائري )القسم العام-اجلرؽلة( ج ديوان ادلطبوعات اجلامعية اجلزائر عبد اهلل أوهاي بية شرح قانون العقوبات اجلزائري ( القسم العام ) اجلزائر 009 ص. 354

16 الفصل األول ماهية الجنون ادلصاب و إرادتو فال مربر المتناع ادلسؤولية اجلزائية إذا اقتصر التأث ت على رلرد إضعاف ىذا الوعي و اإلرادة. فليست العربة يف إمتناع ادلسؤولية اجلزائية بذات اجلنون و إظلا العربة تكمن يف فقد القدرة على الوعي و اإلدراك أو االختيار فإذا مل يفقد جنون الشخص قدرتو على اإلدراك أو اإلختيار سباما فال أثر ذلا على مسؤوليتو اجلزائية فأغلب التشريعات أقرت بأن ادلرض العقلي الذي يوصف باجلنون و تنعدم بو ادلسؤولية اجلزائية ىو ادلرض الذي من شأنو أن يعدم الشعور و اإلدراك. الفرع الثاني : الهيئة المختصة في بحث ث بوت حالة الجنون إلثبات توفر حالة اجلنون لدى ادلتهم أو مرتكب السلوك اإلجرامي تقوم جهة قضائية بذلك إما يف مرحلة التحقيق أو مرحلة احملاكمة و سنعرضهاكاأليت : - قاضي التحقيق : غلوز لقاضي التحقيق أن يأمر بندب خب ت أو أكثر إلبداء رأيو يف مسالة فنية من تلقاء نفسو أو بناءا على طلب النيابة و ذلك طبقا لنص ادلادة 43 ق إ ج وبالعودة لنص ادلادة 68 الفقرة األخ تة من نفس القانون نالحظ أهنا تنص على أن قاضي التحقيق لو أن يأمر بإجراء الفحص الطيب كما لو أن يعهد إىل الطبيب بإجراء فحص نفسا ل و يستدعي قاضي التحقيق من يعنيهم األمر من أطراف اخلصومة و ػليطهم علما دبا وصل إليو اجلزاء من نتائج وعندئذ يكون للخصوم احلق يف إبداء مالحظاهتم على تك النتائج و يف حال تقد ل اخلصوم لطلبات جديدة إلجراء خربة تكميلية فيجوز لقاضي التحقيق أن غليب بالقبول أو 3 الرفض بقرار مسبب. منصور رضبا ل مرجع سابق ص. عوض زلمد قانون العقوبات ( القسم العام ). 473 دار ادلطبوعات اجلامعية اإلسكندرية 998 ص 3 إسحاق إبراىيم منصور ادلبادئ األساسية يف قانون اإلجراءات اجلزائية اجلزائري ديوان ادلطبوعات اجلامعية اجلزائر 995 ص. 38

17 الفصل األول ماهية الجنون - قاضي ادلوضوع : إن قاضي ادلوضوع ىو من ؼلتص يف حبث توافر تلك الشروط اليت سبتنع معها ادلسؤولية اجلزائية للمتهم ادلصاب حبالة جنون وبالتايل و جب على قاضي ادلوضوع أن يتحرى من وجود مرض عقلي لدى ادلتهم كان سببا يف ارتكاب السلوك اإلجرامي أو دفعو الرتكاب اجلرؽلة و للقاضي اجلنائي أن يستع ت خبب ت للفصل يف حالة ادلتهم العقلية فتقرير اخلب ت ىنا يساعده يف البحث يف مسألة فنية ال يستطيع القاضي الفصل فيها لعدم اختصاصو هبا كذلك ؽلكن للقاضي أن يفصل يف حالة ادلتهم دون اللجوء إىل اخلربة العقلية إذا كانت احلالة ادلرضية واضحة حبيث ال وجوب لالستعانة برأي اخلب ت أو الطبيب ادلختص و ذلك شرط أن يسبب القاضي حكمو تسبيباكافيا كما ؽلكن لو أن يتحرى عن حالة ادلتهم العقلية سواء إذا دفع بذلك أمامو. ادلتم أو دفاعو : العليا. دلا كانت حالة اجلنون من الدفوع اليت يقع عبء إثباهتا على ادلتهم لذلك ال غلوز للمتهم أن يدفع باجلنون ألول مرة أمام اجمللس القضائي ألنو دفع يتعلق دباديات الدعوى وبالتايل ؼلتص بو قاضي ادلوضوع وأن عدم إثارة ادلتهم حلالة اجلنون يف وقتو يسقط حقو يف التمسك حبالة اجلنون بعد ذلك خاصة أمام احملكمة احملكمة العليا الغرفة اجلنائية األوىل قرار بتاريخ : جويلية 985 رقم ذكره بغدادي جيال يل االجتهاد القضائي يف ادلواد اجلزائية ج ادلؤسسة الوطنية لالتصال و النشر و اإلشهار اجلزائر 996 ص. 37

18 الفصل األول ماهية الجنون المبحث الثاني : الجنون :صورة من صور االضط اربات العقمية سنتعرض فيما يلي ألىم اإلضطرابات العقلية الدافعة إىل اجلرؽلة و اليت اعتربت حالة اجلنون صورة من ب ت صورىا فنتناول االضطرابات ادلستقرة ( ادلطلب األول ) و االضطرابات ادلتطورة ( ادلطلب الثا ل ) المطلب األول : االضطرابات المستقرة و تعترب ىذه االضطرابات مستقرة ألهنا دائمة تصاحب الشخص منذ والدتو و تنقسم إىل نوع ت : زبلف عقلي و خلل عقلي. الفرع األول : التخلف العقلي و ىو حالة تصاحب الشخص منذ والدتو فتوقف ملكاتو الذىنية عند حد مع ت دون مستوى النضج الطبيعي للعقل فاجلانب الفطري من االستعدادات العقلية لإلنسان و ادلعربة عنو بالذكاء يبدأ يف النمو يف ادلرحلة لكونو جن ت و يتكامل ظلوه تدرغليا مع تقدمو يف السن فتوقف ىذا اجلانب الفطري قبل اكتمالو ينشأ عنو حالة سلوكية شاذة مسيت بالتخلف العقلي. و عليو فإن التخلف العقلي حالة مرضية تصيب الشخص منذ والدتو تنتج عن توقف مستوى النضج العقلي يف حد مع ت وللتخلف العقلي عدة تسميات منها النقص العقلي و القصور العقلي و كذلك عبارة دون التسوية العقلية وكل ىذه األمساء صحيحة من حيث توجهها إىل وصف نواح معينة من التخلف العقلي حيث أن النقص يكون يف تكوين و ظلو العقل و القصور يكون يف وظيفة العقل أما دون التسوية تكون يف ادلظهر السلوكي.. و قد صنف التخلف العقلي إىل عتو و بلو وؽلكن اعتبار ىذا التصنيف تصنيف قانو ل ليس طيب اسحق إبراىيم منصور ادلوجز يف علم اإلجرام و علم العقاب ط )3( ديوان ادلطبوعات اجلامعية اجلزائر 006 ص. 43 نوفل علي عبد اهلل الصفو التخلف العقلي و أثره يف ادلسؤولية اجلنائية ( دراسة مقارنة ) رللة الرافدين للحقوق العدد 6 جامعة ادلوصل 005 ص 5 و ما 3 يليها.

19 الفصل األول ماهية الجنون - العتو : وىو يتعلق باألشخاص الذين ذلم ذكاء اجلنون أو ذلم ذكاء أقل بثالث سنوات من األشخاص الذين يف سنهم و يقصد بو أيضا عدم تكامل ظلو القوى العقلية سواء خلق أي مالزم ي للشخص منذ والدتو أم لتوقف ظلو مداركو يف سن معينة فال يظهر على ادلعتوه أية قدرة على التفك ت أو تقبل ادلعرفة و ىو ال يتعلم الكالم أو ادلشي إال متأخرا و قد ال يتعلم إطالقا وبشكل عام يكون العتو عل نوع ت : النوع األول : - أن تنقص لدى الشخص ملكة ذىنية معينة منذ والدتو بسبب وراثي لنقص خلقي و تبقى مداركو تنمو مثل بقية الناس. النوع الثا ل : - العتو بادلع ت اخلاص أي أن تنمو مدارك الشخص و بعد مدة معينة يتوقف ىذا النمو فيصبح تقدير الشخص كتقدير األطفال الصغار و سبييزه يكون سلتلطا وقد يصاب الشخص بالعتو يف مراحل متقدمة من العمر و يعرف بعتو الشيخوخة. - البلو : يعترب البلو أشد درجة من درجات التخلف العقلي و لكنو أقل درجة من العتو و قد ي تاوح ذكاء الشخص ادلصاب بالبلو ما ب ت 5 و 50 درجة وعمره العقلي ماب ت 3 سنوات و يستطيع ادلصاب بالبلو أن يتعلم الكالم إال أن نطقو متعسر فهو يستطيع أن يعرب عن حاجاتو لذلك يعد زبلفو بسبب البلو من النوع ادلتوسط و لكنو ال يستطيع أن يكسب عيشو أو يتعلم يف ادلدارس العادية وال يستطيع العيش دبفرده و قد يظهر عليو حب االستطالع و انفعاالتو غ ت ناضجة و ال يبدو عليهم اخلوف يف ادلواقف اليت تستدعي اخلوف إال أن أغلبهم يعيش حياة طبيعية. ومن خالل ما سبق ذكره ؽلكن القول أن ادلصاب بالبلو ال ؽلكن أن يتصور وجود خطورة إجرامية بداخلو و ذلك لقصوره العقلي على ارتكاب اجلرؽلة. عبد القادر عودة التسريع اجلنائي اإلسالمي مقارنة بالقانون الوضعي اجمللد األول دار ال تاث القاىرة 003 ص. 503 نوفل علي عبد اهلل الصفو مرجع سابق ص. 63 4

20 الفصل األول ماهية الجنون الفرع الثاني : الخلل العقلي و يقصد بو ادلرض العقلي أو اجلنون و يعترب اختالل يف القوى الذىنية يؤدي إىل اضلراف نشاطها عن النحو الطبيعي و األمراض العقلية عديدة و متنوعة و اجلنون درجات ليسكلو درجة واحدة فهو ؼلتلف من شخص إىل آخر فقد يكون مطبقا مستمرا و قد يكون دوريا متقطعا و قد يكون جزئيا ومنو ما يصيب اإلرادة دون التمييز. فاجلنون ادلطبق : ىو الذي ال يعقل صاحبو شيئا و ىو يعترب جنون كلي مستمر وىذا النوع من اجلنون يصاحبو شلل عام يستمر ف تة طويلة تستغرق أعوام ويتصف ادلريض هبذا اجلنون بسوء تقدير األمور و قلة االنتباه و فقدان الذاكرة و يكون نتيجة ىذه العوارض أن الشخص ادلصاب هبذا اجلنون يندفع الرتكاب سلوكات إجرامية و ىو ال ػلاول إخفاءىا مثال السرقة يف وضح النهار. اجلنون ادلتقطع أما ىو الذي ال يعقل صاحبو شيئا و لكنو جنون غ ت مستمر و ىذا ىو االختالف ب ت ىذه الدرجة من اجلنون أصبح ال يفقو شيئا إذا ىو ارتفع عنو عاد إليو عقلو. أما فيما يتعلق باجلنون اجلزئي فيكون قاصرا على ناحية فقط مع بقاءه متمتعا باإلدراك يف ناحية 3 أخرى و اجملنون جزئيا مسؤوال جزائيا فيما يدركو و غ ت مسؤول يف النواحي األخرى. فاجلنون اجلزئي ػلرم جزئيا الشخص من و عيو و من وضوح ذىنو و كذلك من ربكمو يف تصرفاتو ومل نتطرق ادلادة 47 من ق ع إىل ىاتو احلالة وىذا ما جعل القضاء يلجأ إىل الظروف ادلخففة معتربا أن 4 الشخص غ ت عادي نصف رلنون وبالتايل زبفف عقوبتو تبعا لدرجة خطورتو. بن الشيخ حلس ت مبادئ القانون اجلزائي العام ( النظرية العامة للجرؽلة العقوبات و تداب ت األمن أعمال تطبيقية القانون العريف ) ط ) ) دار ىومو اجلزائر 000 اسحق إبراىيم منصور مرجع سابق ص زلمد صبحي صلم قانون العقوبات ( القسم العام النظرية العامة للجرؽلة ) الطبعة األوىل دار الثقافة عمان بن الشيخ حلس ت مرجع سابق ص ص 78

21 الفصل األول ماهية الجنون المطلب الثاني : اإلضطرابات المتطورة تعترب ىذه االضطرابات متطورة ألهنا ال تنشأ مع والدة الشخص لكنها تع تضو و تصيبو يف أي مرحلة من مراحل حياتو. الفرع األول : اضطرابات ذىانية تعترب االضطرابات الذىانية ذات تأث ت أعمق و أكثر خطورة على الشخصية حيث تصاب باالضلالل و التفكك و تصاب باضطرابات حادة يفكافة الوظائف و العمليات العقليةكالتفك ت و اإلدراك إذ تع تض ىذه الشخصية ادلصابة باالضطرابات الذىانية رلموعة من اذلالوس و االنفصال عن الواقع و التعلق بالعامل الوعلي. DSM- و ىناك العديد من التصنيفات اليت جاء هبا الدليل التشخيصي و اإلحصائي الرابع ( )IV حيث أشار إىل األنواع ادلختلفة لألمراض الذىانية و سنعرض منها ما يلي : أوال : الفصام ىو مرض ذىا ل يؤدي إىل عدم انتظام الشخصية و إىل تدىورىا التدرغلي ويعترب الفصام بكونو رلموعة االضطرابات اليت تتميز باختالل يف ادلزا )الشعور( و السلوك و األفعال ويعترب مرض عقلي يصنف ضمن األمراض النفسية ادلعروفة بالذىان فهذا النوع من ادلرض ؽلزق العقل و يصيب الشخصية بالتصدع فيفقد صاحبو التناسق ب ت جوانبو الفكرية و االنفعالية وكذا احلركية وقدكان يطلق عليو ( اخلجل ادلبكر أو جنون ادلراىقة. ) وىذه احلالة كث تا ما تصيب األشخاص البالغ ت من العمر 8 إىل 5 سنة لذا يطلق عليو أحيانا جنون. 3 الشباب ومت اكتشافو من طرف الطبيب بلول ت (Bluler) سنة 9 الدليل اإلحصائي و التشخيصي لالضطرابات العقلية اخلاص برابطة الطب النفسي األمريكي disorderes. Diagnostic and statistical manuel of mental األدلة التشخيصية الرمسية ادلستخدمة يف كندا و اذلند و دول أمريكا وقد خضع جملموعة من التعديالت آخرىا التصنيف الرابع )DSM-IV) حس ت علي غول اإلطار و ادلنهجية ( اجلوانب النفسية و اإلكلينيكية للمجرم( دار الفكر العريب مصر ص دردوس مكي مرجع سابق ص. 0 وىو أساس 6

22 الفصل األول ماهية الجنون و يعترب مرض الفصام اختالال يف اجلانب االنفعايل للشخص حيث يقل نشاطو و ؽليل إىل االنعزال عن اآلخرين و يرى أشياء ال وجود ذلا فهو ردبا يتخيل مواقف و قصص و أشخاص من وحي اخليال وقد يتخيل أيضا وجود عداء بينو و ب ت ذلك الشخص فيحاول االنتقام منو و قد يصل إىل قتلو. ثانيا : اإلكتئاب و اذلوس مصدرىا يكون احلالة ادلزاجية للمريض ويعترب ىذا النوع من ادلرض ىو ذىان انفعايل فتناوب الشخص رلموعة من النوبات من اذلوس و كذا االكتئاب يف ف تات سلتلفة فيسرع غضبو و ىو مرض العصر احلايل و تزداد نسبة اإلصابة هبذا ادلرض عند ادلتقدم ت يف العمر و خصوصا النساء اللوايت يبلغن سن اليأس و تؤدي اإلصابة باالكتئاب و اذلوس إىل العزلة و فقدان االىتمام باحلياة و تزايد احتمال االنتحار ثالثا : البارانويا إن الشخص ادلصاب هبذا النوع من االضطرابات ػلتفظ بقوة تفك ته و إرادتو أو قدرتو على العمل فهو شخص ال تنتابو اذلالوس ولكن تع تضو رلموعة من اذلذاءات ادلنضمة بشكل بطيء فيصبح الشخص متمسكا دبعتقدات وعلية ثابتة تنحصر دبوضوع مع ت مع إحتفاظو حبالة طبيعية وتوازن التفك ت يف النواحي األخرى. و ىناك أنواعكث تة من الذىان )البارانويا( ذىان العظمة و يشعر فيو ادلصاب باالستعالء وذىان االضطهاد وفيو يشعر ادلصاب على عكس األول بأنو مضطهد من طرف الغ ت و أن ىناك خطط لقتلو وىذا راجع إىل وجود رغبات مكبوتة بداخلو يعجز ادلريض عن ربقيقها وبالتايل يعرب عن فشلو يف ربقيقها باألوىام 3. عبد العزيز سليم الدفع باجلنون أو الدفع بعدم ادلسؤولية بسبب اجلنون يف القضايا اجلنائية و ادلدنية و الشرعية الطبعة األوىل دار النشر الذىيب مصر 998 ص. 60 نوفل علي عبد اهلل الصفو مرجع سابق ص نوفل عبد اهلل الصفو ادلرجع نفسو ص. 88 7

23 الفصل األول ماهية الجنون الفرع الثاني : اإلضطرابات العصابية االضطرابات العصابية ىي اضطرابات وظيفية تع تي الشخصية و تبدو يف صورة أعراض جسمية و نفسية و تشمل الصرع و اذليست تيا و النوراسينا و اليقظة النومية. أوال : الصرع و يعترب الصرع رلموع النوبات اليت تفقد ادلريض رشده فيفقد السيطرة على جسمو وال يعرف للصرع أسباب عامة أو نفسية ويكون أخطر عندما يكون ادلصاب بو مشوش األفكار يقوم بأشياء خط تة لكن عندما يستيقظ ال يتذكر شيئا شلا حدث. و قد يأيت الصرع يف أي وقت و يف أي سن و ؼلتلف الصرع عن باقي االضطرابات األخرى يف أن الشخص ادلصاب بو يتمتع بدرجة كب تة من الذكاء فهم ؽلارسون أعماذلم بصورة عادية حىت تأتيهم نوبات الصرع فيفقدون الشعور و االختيار وبالتايل ؽلكنهم سلوكات إجرامية تكون خط تة على حياهتم. و اجلدير بالذكر أن ادلصاب ت بالصرع يسألون جزائيا عن اجلرائم اليت يرتكبوهنا ذلك أهنم يتمتعون بالوعي و اإلدراك إال إذا ثبت أن حلظة ارتكاب اجلرؽلة كانوا يف حالة صرع. ثانيا : اذلست تيا تعترب ثورة عاطفية تعترب اذلست تيا اضطراب يفقد الشخص السيطرة على تصرفاتو إال أهنا ال تعدم الشعور هنائيا فهي 3 إال أن ىذا النوع من االضطرابات ال ػلول دون قيام ادلسؤولية اجلزائية فقد اعترب القانون أن العاطفة أو االنفعاالت رلرد دوافع الرتكاب اجلرؽلة و األصل أن الدافع ليس من أركان اجلرؽلةوقد أضبد بوسقيعة الوجيز يف القانون اجلزائي العام ط )3( دار ىومو اجلزائر 03 ص. 4 نوفل عبد اهلل الصفو مرجع سابق ص أحسن بوسقيعة مرجع سابق ص. 4 8

24 الفصل األول ماهية الجنون أك د ادلشرع اجلزائري على ذلك بنص ادلادة 79 من ق ع اليت تعاقب الزوج الذي يقتل زوجو الزا ل و شريكو عند مفاجئتهما يف حالة زنا فال يعفى من العقوبة كليا بل يستفيد من زبفيضها ثالثا : النوراسينا. تظهر ىذه احلالة يف شعور الشخص بالتعب و اإلهناك و قيام ادلريض بالنوم العميق و لكنو يستيقظ متعبا أكثر شلاكان ومن أعراضو جعل صاحبو خامال يشعر بتعب شديد و أن تنتابو صراعات بعيدة عن الشعور لدرجة ذبعلو ال يشعر باخلوف و الرغبات أو القلق و يتسم ىؤالء بأهنم ىادئون ال تبدو العاطفة لكنهم دائما متعبون و مصدر التعب ىنا ىو أهنم يصرفون طاقتهم يفكبت النزاعات و إبقائها بعيدة عن الشعور. و سبثل ىذه األمراض خطرا على صاحبها فهي تدفع بو إىل ارتكاب سلوكات إجرامية و يتجو ىؤالء إلرتكاب جرائم االضلراف اجلنسي. رابعا : اليقظة النومية 3 إن الشخص ادلصاب باليقظة النومية يكون يف حالة نوم فيقوم منها و يأيت أفعاال ال يشعر هبا ومن يكون مصابا باليقظة النومية قد ي تك قرب فراشو أشياء خطرة كسالح و مادة إشعال و يكون يف 4 استطاعتها دفعو الرتكاب اجلرؽلة يف ح ت أن ىذه احلالة إذاكانت مفتعلة بالتنو ل ادلغناطيسي فإن النائم ؼلضع إلرادة ادلنو م و يأيت األفعال اليت ؽلليها عليو دون أن تكون لو إرادة فيها فيعترب رلرد آلة ينفذ كل ما 5 أمر هبا يف حالة النوم وعليو فإن الشخص الذي يكون يف حالة اليقظة النومية بسبب تنو ل مغناطيسي إذا ثبت أن إرادتو كانت مقيدة و أنو مل يكن لديو اختيار إرتكاب اجلرؽلة فهنا ال يسأل عما يأتيو حيث أن سعداوي زلمد الصغ ت السياسة اجلزائية دلكافحة اجلرؽلة )دراسة مقارنة ب ت التشريع اجلنائي الدويل و الشريعةاإلسالمية( حبث مقدم لنيل درجة الدكتوراء يف االن تبولوجية اجلنائية جامعة أبو بكر بلقا يد تلمسان ص. 04 عبد العزيز سليم مرجع سابق ص. 5 3 أحسن بوسقيعة مرجع سابق ص. 4 4 عديل خليل الدفوع اجلوىرية يف ادلواد اجلزائية الطبعة األوىل دار الكتب القانونية 998 ص. 9 5 عديل خليل ادلرجع نفسو ص 4. 9

25 الفصل األول ماهية الجنون حالة اليقظة النومية سواء كانت طبيعية أو مفتعلة فهي تدخل ضمن االضطرابات العقلية ألهنا تعطل ملكات الشخص العقلية مؤقتا و بالتايل تفقو الوعي و اإلدراك فيعفى من ادلسائلة اجلزائية. الفرع الثالث : عدم التوازن النفسي ( الشخصية السيكوباتية ) إن بعض احلاالت النفسية تؤثر على الوعي و اإلدراك لدى ادلصاب هبا ومن أىم ىذه احلاالت الشخصية السيكوباتية واليت تعترب شاذة يف تكوينها النفسي غ ت متالئمة مع اجملتمع فادلصاب ت هبا مدركون دلا ػليط هبم وما يصد عنهم على النحو العادي ادلألوف ولكن ما يف األمر أن موضوع الشذوذ يف ىذه الشخصية ىو اضلراف أو اختالل العاطفة مث فساد القيم االجتماعية اليت تسيطر عليهم. و اجلدير بالذكر ىو أن الشخصية السيكوباتية ليست عاىة يف العقل ألن التمييز متوفر فاإلرادة حرة إذ يف وسع صاحبها أن يسيطر عليها فاالضطراب السيكوبايت من األمراض الشخصية اليت ال تندرج ربت تصنيفات الذىان ألهنا زبلو من اذلالوس و كذلك ال تندرج ربت العصاب ألهنا زبلو من القلق والتوتر و يطلق على السيكوباتية دبرض الشخصية لصعوبة ربديدىا فهي ليست مرضا عقليا وىي ليست مرضا نفسيا و لكنها اضطراب خاص طبعتو غ ت زلددة و بالتايل فهي تعترب اضلراف اجتماعي و ؽلكن أن يدخل يف أصحاب الشخصية السيكوباتية ادلرضى بالكذب أو ادلتعصبون دينيا. و عليو فإن الشخصية السيكوباتية شخصية شاذة يف تكوينها النفسي غ ت متالئمة مع اجملتمع يف قيمو ومعاي ته وإذن فهي تعد عاىة يف العقل حيث يتوفر لصاحبها اإلدراك و اإلرادة و التمييز 3. و يف اعتقادنا ومن خالل ما سبق ؽلكن القول أن الشخص ادلصاب بالشخصية السيكوباتية شخص غ ت رلنون أو مريض عقليا حيث أنو يتمتع باإلرادة احلرة و اإلدراك الواعي كذلك التمييز ىذه العوامل اليت تعترب شرط أساسي إلعفاء ادلسؤولية اجلزائية عن ادلتهم فالشخصية السيكوباتية ال ؽلكن أن تعفى ادلصاب هبا من 3 عديل خليل مرجع سابق ص ص 4-3. حس ت علي غول مرجع سابق ص ص أم ت مصطفى زلمد قانون العقوبات ( القسم العام - نظرية اجلرؽلة ) الطبعة األوىل منشورات احلليب لبنان 00 ص. 37 0

26 الفصل األول ماهية الجنون العقاب حيث أن علماء الطب احلديث ال يقر ون أن السيكوبايت شخص رلنون أو معتوه أو أبلو و لكنو يتميز فقط بانعدام الوازع األخالقي و فقدان احلس األخالقي. حس ت علي غول مرجع سابق ص 38.

27 الفصل األول ماهية الجنون خالصة الفصل من خالل دراستنا ذلذا الفصل اتضح لنا أن حالة اجلنون ىي مانع للمسؤولية اجلزائية أال أهنا حالة عامة ال تعرب عن سلتلف االضطرابات اليت سايرت التطور احلاصل يف اجملال الطيب حيث أن نص ادلادة من ق ع مل يبادر بتعديلها لتواكب ذلك التطور. فهذا ادلصطلح 47 اجلنون ىو مصطلح مل يعد يساير التطور الذي جاء بو الدليل اإلحصائي األمريكي الرابع )dsm4( كذلك من خالل ىذه الدراسة الحظنا أن ادلصاب حبالة اجلنون ال ؽلكن إعفاءه من العقوبة إال إذا توافرت فيو رلموعة من الشروط اليت ذكرىا ادلادة السالفة الذكر و اليت اعتربت ىذه الشروط ىي مناط اإلعفاء من العقوبة إال انو و من خالل ىذه الدراسة مت التوصل إىل أن اإلعفاء من العقوبة ال يكون يف حالة اجلنون أو احد االضطرابات األخرى و لكنو يكون يف مدى درجة تأث ت تلك احلالة على وعي و إدراك الشخص مرتكب السلوك اإلجرامي. و عليو و ما ؽلكن قلو من خالل ىذا الفصل ىوان حالة اجلنون ال تعترب عن كل حاالت االضطرابات العقلية األخرى اليت تشكل بدورىا مانعا للمساءلة اجلزائية وإن فقدان الوعي و اإلدراك ىو شرط أساسي لإلعفاء من العقوبة ال يكفي أن تتحقق أركان اجلرؽلة كما نص عليها القانون ليعاقب فاعلها فالبد من توفر اجلا ل على أىلية تسمح لو أن يتحمل ادلسؤولية اجلزائية ولذلك اعتربت ادلسؤولية اجلزائية علزة وصل ب ت اجلرؽلة و العقاب وتفق صبيع التشريعات على أن الشخص ادلسؤول جنائيا ىو الذي يرتكب جرائم تثبت نسبتها إليو غ ت أنو ال زلل دلسائلة الشخص جزائيا إال إذا كان متصفا دبجموعة من الصفات و العوامل الذىنية و النفسية تشكل يف رلموعها أىليتو لتحمل نتائج أعمالو فال يكفي المتناع ادلسؤولية اجلزائية أن يكون الشخص ادلتهم مصابا حبالة جنون و إظلا وجب أن تكون حالة اجلنون تلك قد الزمتو عند ارتكاب السلوك اإلجرامي. ومن خالل ىذا الفصل سنحاول معاجلة أثر اجلنون الالحق على اجلرؽلة ( ادلبحث األول ( وسلطة القاضي التقديرية حلالة اجلنون )ادلبحث الثا ل(.

28 الفصل الثاني أثر الجنون عمى المسؤولية الج ازئية

29 الفصل الثاني أثر الجنون عمى المسؤولية الجزائية المبحث األول : أثر الجنون الالحق عن الجريمة إذا كان ادلتهم مصابا حبالة جنون أو أي اضطراب عقلي وقت ارتكاب اجلرؽلة انتفت ادلسؤولية اجلزائية عنو أما إذا كان اجلنون أو االضطراب العقلي بعد ارتكاب اجلرؽلة أو أثناء صدور احلكم اقتصر تأث ته على رلموعة إجراءات نص عليها القانون من أجل عالج ىذا ادلتهم ادلصاب باجلنون و سنقسم ىذا ادلبحث إىل أثر اجلنون وقت ارتكاب اجلرؽلة ( ادلطلب األول ( و أثر اجلنون بعد ارتكاب اجلرؽلة ( ادلطلب الثا ل ). المطلب األول : أثر الجنون وقت ارتكاب الجريمة إن القاعدة العامة تقتضي أن مانع ادلسؤولية اجلزائية بسبب حالة اجلنون ال ينتج أثره إال إذا كان زلققا وقت ارتكاب اجلرؽلة ( السلوك اإلجرامي ( وبالتايل فتكون العربة يف تقدير ادلسؤولية اجلزائية للمصاب حبالة جنون دباكانت عليو حالتو وقت ارتكاب اجلرؽلة ال دباكانت عليو قبل ذلك. و ىذا ما نستشفو من نص ادلادة 47 ق ع يف عبارة " وقت ارتكاب الجريمة " فإذا أصيب ادلتهم حبالة اجلنون وقت ارتكاب اجلرؽلة و بالتايل أثناء الس ت يف إجراءات الدعوى و قبل صدور احلكم توقف زلاكمتو إذا كان بصددىا حىت يعود إليو رشده و ي تتب على ذلك أن تقف مواعيد الطعن يف األحكام. و اجلدير بالذكر يف ىذه احلالة أن وقف سريان الدعوى أو احملاكمة ال يشمل صبيع اإلجراءات فعلى قاضي التحقيق ادلكلف بالتحقيق يف ىذه اجلرؽلة ادلرتكبة من طرف ادلتهم ادلصاب حبالة اجلنون أن يقوم بكافة اإلجراءات الالزمة من أجل الوصول إىل احلقيقة مثل مساع الشهود و استجواب الشركاء يف نفس 3 اجلرؽلة إىل غ ت ذلك من اإلجراءات اليت ال تتصل بشخص ادلتهم بل بوقائع اجلرؽلة. 3 عديل خليل مزجع سابق ص 6 أحسن بوسقيعة الوجيز يف القانون اجلزائي العام ط 0 دار ىومو اجلزائر.0 ص. 06 أحسن بوسقيعة ادلرجع نفسو ص. 06

30 الفصل الثاني أثر الجنون عمى المسؤولية الجزائية المطلب الثاني :أثر الجنون بعد ارتكاب الجريمة إن العاىة العقلية أو حالة اجلنون قد تطرأ على ادلتهم بعد ارتكابو للجرؽلة سواء أثناء مرحلة التحقيق أو مرحلة احملاكمة أو حىت بعد صدور احلكم لذلك أقر ادلشرع يف نص ادلادة و الثانية على أنو غلب وضع ادلتهم ادلصاب حبالة جنون أو اختالل عقلي يف مؤسسة يف الفقرت ت األوىل استشفائية لألمراض العقلية ( احلجز القضائي ) بناءا على أمر أو حكم أو قرار قضائي. يقتصر أثر اجلنون على ادلسؤولية اجلزائية بعد ارتكاب اجلرؽلة على إجراءات الدعوى إذا ثبت اجلنون يف أثنائها أو على تنفيذ العقوبة احملكوم هبا على ادلتهم إذا ثبت اجلنون بعد صدور احلكم كاآليت : /أثر الجنون على إجراءات الدعوى إذا أصيب ادلتهم حبالة جنون بعد ارتكاب الفعل اإلجرامي فإن ىذا ال يؤثر على مسؤوليتو يف ربمل تبعات سلوكو جنائيا أو مدنيا مادام وقت ارتكابو لو متمتعا بوعيو و إرادتو. فإذا طرأت العاىة العقلية بعد ارتكاب اجلرؽلة يف مرحلة التحقيق االبتدائي فمن الطبيعي أن يصدر قاضي التحقيق أو غرفة االهتام أمرا بأال وجو للمتابعة النتفاء ادلسؤولية اجلزائية طبقا لنص م 47 ق م وذلك شريطة أن ال يكون ادلتهم على درجة كب تة من اخلطورة ألن القول خبالف ذلك يستدعي من قاضي التحقيق أو غرفة االهتام إحالة ادللف إىل جهات احلكم ادلختصة. أما إذا طرأت العاىة العقلية بعد ارتكاب اجلرؽلة يف مرحلة إجراءات الدعوى فمن الطبيعي أن يتم وفق احملاكمة و وفق ازباذ اإلجراءات التالية ويتوقف على ذلك سريان صبيع الطعون مثال ذلك إذا حدثت 3 العاىة العقلية بعد احلكم االبتدائي فال يبدأ ميعاد االستئناف إىل مىت عاد ادلتهم إىل رشده. 3 عبد اهلل أوىاب يية مرجع سابق ص. 355 زلمد زكي أبو عامر قانون العقوبات )القسم العام( دار اجلامعة اجلديدة االسكندرية 008 ص. 07 عديل خليل مرجع سابق ص ص

31 الفصل الثاني أثر الجنون عمى المسؤولية الجزائية /أثر الجنون على تنفيذ العقوبة إذا طرأت العاىة العقلية بعد صدور احلكم سيتم إيقاف تنفيذ العقوبة ألن اذلدف من إنزاذلا على احملكوم عليو ال يصبح نافعا وال يؤدي الغرض أو يرجى تنفيذ العقوبة حىت يربأ من العاىة العقلية و ىذا أقر تو م 487 من قانون اإلجراءات اجلزائية ادلصري حيث نصت على أنو إذا أصيب احملكوم عليو بعقوبة مقيدة للحرية جبنون وجب تأجيل تنفيذ العقوبة حىت يربأ و غلوز للنيابة العامة بوضعو يف أحد ادلؤسسات ادلعد ة لألمراض العقلية ويف ىذه احلالة تستنزل ادلدة اليت يقضيها يف ىذه ادلؤسسة من مدة العقوبة احملكوم هبا ولكن ؼلتلف األثر من العقوبات السالية للحرية و العقوبات ادلاليةكاآليت : -بالنسبة للعقوبات السالبة للحرية إن اذلدف من تنفيذ العقوبات السالية للحرية ىو إصالح و تأىيل احملكوم عليو وال يتأتى ذلك إال إذا كان احملكوم عليو يتمتع بقدر من اإلدراك الذي يضمن لو االستجابة لتلك األىداف فإذا زبلفت تلك األىداف و أصيب احملكوم عليو بعاىتو عقلية أفقدتو الشعور و االختيار فإنو بطبيعة احلال ال ؽلكن أن تؤدي العقوبات السالية للحرية دورىا يف ردع و تأىيل احملكوم عليو فهو يف ىذه احلالة العقلية ال يعي أصال ما ىي العقوبة و ادلع ت احلقيقي ذلا و ىو ال يدرك إيالم احلبس فهي ال توقع إال على شخص ارتكب جرما و تقررت مسؤوليتو اجلزائية بقيامو بذلك اجلرم وىو يفكامل إرادتو اآلشبة. شلا ال شك فيو ىو أن العقوبة السالبة للحرية ال تستطيع ربقيق أىدافها االجتماعية إذا مل يكن لدى احملكوم عليو القدرة على ربملها من الناحية العقلية إال إن ادلشرع اجلزائري مل يشر إىل حالة اجلنون كسبب لتأجيل تنفيذ العقوبة السالبة للحرية على خالف ادلشرع ادلصري إال إن ادلادة 5 من قانون تنظيم السجون و إعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوس ت نصت على انو يف حالة اجلنون سبب وجويب لتأجيل تنفيذ عقوبة اإلعدام 3. زلمد زكي أبو عامر مرجع سابق ص. 08 عثمانية خلميسي عودلة التجر ل و العقاب ط دار ىومة اجلزائر 008 ص ص 6. 3 ياس ت مفتاح اإلشراف القضائي على التنفيذ العقايب مذكرة زبرج لنيل شهادة ادلاجست ت يف العلوم القانونية زبصص علوم جنائية جامعة احلاج خلضر باتنة 00-0 ص ص

32 الفصل الثاني أثر الجنون عمى المسؤولية الجزائية -بالنسبة للعقوبة ادلالية إن العقوبات ادلالية من العقوبات اليت ال يف تض تنفيذىا إجراءات تتخذ يف مواجهة احملكوم عليو بل تتخذ ضد مالو و من مث فان ادلشرع ال يرى تأجيل تنفيذىا إذا أصيب احملكوم عليو جبنون فالغرامة ادلالية تنشئ دينا يف ذمة احملكوم عليو و غلوز أن يتم تنفيذىا على مالو ولكن ال ؽلكن إطالقا االستعانة باإلكراه البد ل ذلك أنو يعترب عقوبة تسلب حرية احملكوم عليو وتضغط على إرادتو وىذا أمر ال غلوز إطالقا كما سبق القول وبالتايل فتنفيذ العقوبات السالية للحقوقكاحلرمان من احلقوق ادلدنية و العقوبات ادلالية كالغرامة و ادلصادرة أمر غلب تطبيقو حىت و إن كان احملكوم عليو مصابا حبالة عقلية أو نفسية أدت بو إىل. ارتكاب اجلرؽلة المبحث الثاني : سمطة القاضي في تقدير حالة الجنون 3 يقال دائما أن القاضي ىو اخلب ت األعلى إال أن ىذا ال يع ت أن القاضي ينصب نفسو خب تا للبث يف ادلسائل الفنية مثل حالة اجلنون وإظلا القصد من ذلك ىو أنو صاحب الوالية يف البث و ال تجيح يف تلك ادلسائل الفنية ادلطروحة أمامو ألحكام ادلادة ق إ ج. و طبقا لألدلة ادلعروضة عليو و اليت سبت ادلناقشة فيها حضوريا طبقا سنحاول التطرق إىل سلطة القاضي يف تقدير اخلربة العقلية ( ادلطلب األول ( وكذا معرفة التداب ت اليت ؽلكن إنزاذلا على ادلتهم ادلصاب حبالة جنون عند انتفاء ادلسؤولية اجلزائية ( ادلطلب الثا ل ). عديل خليل مرجع سابق ص. أحسن بوسقيعة مرجع سابق ص زلمد أضبد عابدين األدلة الفنية للرباءة و اإلدانة يف ادلواد اجلزائية دار الفكر اجلامعي االسكندرية ص 8. 5

33 الفصل الثاني المطلب األول : سلطة القاضي في تقدير الخبرة العقلية أثر الجنون عمى المسؤولية الجزائية إن القاضي و إن كان ىو اخلب ت األعلى سيبقى يف حاجة إىل خب ت ػلدد لو فيما إذا كانت إصابة ادلتهم بأحد األمراض العقلية تعدم لديو القدرة على اإلدراك و اإلرادة أم لرأي اخلب ت توفر ادلسؤولية اجلزائية للمتهم أو امتناعها. ال وبالتايل سي تتب على تقديره فعقيدة القاضي اجلنائي ىي الفكرة الكاملة و النهائية اليت تكون لديو حول موقف ادلتهم شلا ىو منسوب إليو من اهتام وينتهي القاضي يف حكمو يف الدعوة إىل نتيجت ت إما : براءة ادلتهم شلا اههتم بو. إدانة ادلتهم دبا أهتم بو. - - ادلتهم و اإلدانة يكون أساسها قيام االقتناع لدى القاضي اجلزائي بوقوع اجلرؽلة زلل االهتام و بنسبتها إىل و دبسؤوليتو عن ىذه اجلرؽلة. أما الرباءة فيكون أساسها إما أن الواقعة مل تقع أو مل يكن ىناك دليلكاف على أن ادلتهم ارتكبها أو أن الواقعة زلل االهتام ال يعاقب عليها القانون أو أنو قام لدى ادلتهم مانع من موانع ادلسؤولية اجلزائية كاجلنون مثال و ىذا ىو زلل دراستنا. فتقدير حالة ادلتهم العقلية أمر يتعلق بوقائع الدعوى وىي من ادلسائل الفنية اليت غلوز للمحكمة أن تستع ت فيها برأي أىل اخلربة,اليت ال تلتزم باللجوء إليهم,إال فيما يتعلق بادلسائل الفنية البحتة اليت يتعذر عليها شق طريقها فيها و مع ذلك يتع ت عليها لكي يكون القضاء سليما و عادال أن تع ت خب ت للبث يف حالة ادلتهم العقلية فإذا استطاعت احملكمة من ظروف احلال أن حالة ادلتهم ال تقتضي عرضا على أم ت مصطفى زلمد مرجع سابق ص

34 الفصل الثاني أثر الجنون عمى المسؤولية الجزائية الطبيب ادلختص ألن االضطرابات العقلية واضحة فيو فصلت يف تلك ادلسألة ولكن غلب عليها أن تب ت يف حكمها األسباب بن ت عليها حكمها بياناكافيا. إن تقدير احلالة العقلية للمتهم و مدى تأث تىا على ادلسؤولية اجلزائية أمر م توك للقاضي حيث زبتص زلكمة ادلوضوع بالفصل فيو فإذا انتاب القاضي الشك يف حالة ادلتهم العقلية أمر كما سبق القول بإجراء خربة عقلية ونفسية عليو وذلك يف الف تة ما ب ت صدور قرار اإلحالة من غرفة االهتام و انعقاد جلسة احملاكمة إن ما يؤكد لنا أن ادلتهم يقوم بفحص ت اثن ت أحدعلا الفحص العقلي الذي نصت عليو ادلادة 47 ق ع و الذي يؤكد مسؤولية ادلتهم اجلزائية من عدمها وفحص آخر طيب نفسا ل كما نصت عليو م 68 الفقرة األخ تة من ق إ ج. و ما يؤكد لنا ىذا ىو النموذج ادلعد للخربة اليت ذبرى على ادلتهم اجملنون و اليت تتضمن رلموعة من العناصر أعلها ما يلي : -سؤاال خاصا بضرورة إجراء الفحص النفسا ل للمتهم -ىل اخلربة العقلية أظهرت عجزا عقليا أو نفسيا للمتهم -ىل اجلرؽلة اليت قام هبا ادلتهم ذلا عالقة هبذا اخللل -ىل ادلتهم ذو حالة خط تة -ىل ادلتهم قابل لتحم ل العقوبة اجلنائية حس ت عبد السالم جابر التقرير الطيب بإصابة اجمل ت عليو وأثره يف اإلثبات يف الدعوي ت اجلنائية و ادلدنية دار الكتب اإللك تونية 998 ص. 66 احملكمة العليا الغرفة اجلنائية األوىل قرار بتاريخ 0 نوفمرب 984 رقم ذكره بغدادي جياليل مرجع سابق ص. 37 7

35 الفصل الثاني أثر الجنون عمى المسؤولية الجزائية -ىل ادلتهم قابل للعالج و العودة للمجتمع فأمر اخلب ت أن يقوم بتقرير مفصل بعد إعطاء رأيو ادلربر و أن يالحظ يف تقريره بأنو قام شخصيا بادلهمة اليتكلف هبا يف أجل 30 يوم ابتداء من تاريخ سبكينو أو تسليمو ىذا األمر. وبعد أن ينتهي اخلب ت من ادلهام اليت أوكلت إليو يعد تقريره حول الوضعية العقلية للمتهم وعليو يقر ر فيما إذا كان ادلتهم مسؤوال ال يعا ل من أي مرض عقلي أو نفسي وعليو يتحمل ادلسؤولية اجلزائية كاملة أم أن ادلتهم غ ت مسؤول عن أفعالو حيث أنو كان فاقدا للوعي والتمييز إلصابة حبالة اجلنون وقت ارتكاب اجلرؽلة ادلنسوبة إليو ويف ىذه احلالة وجب على اخلب ت أن يب ت يف التقرير الذي أعد ه درجة اخلطورة اليت بداخل ادلتهم واليت قد تشكل خطرا على نفسو وعلى اجملتمع على حد سواء مع تقد ل ادلربرات اليت أد ت بو إىل الوصول إىل تلك النتيجة مع تقد ل رأيو حول ما إذا كان باإلمكان معاجلة ادلتهم و ما ىو العالج الضروري الذي ؽلكن أن ؼلضع لو ادلتهم. إنو و يف اعتقادنا ؽلكن القول أن اخلربة العقلية أو النفسية أمر مفروض إجراءه ألسباب عديدة نذكر منها : عىل ادلتهم وذلك - أن قاضي التحقيق ال يستطيع ألن يرفض طلب إجراء اخلربة على ادلتهم إال بأمر مسبب نص م 68 ق إ ج. - جهات احلكم ىي األخرى مىت رفضت طلب إجراء اخلربة عليو تسبيب احلكم تسبيباكافيا و إال عرض حكمها للنقض. - ضرورة إجراء ربقيق حول شخصية ادلتهم م مفهوم ادلخالفة بأنو إجباري يف مواد اجلنايات. 8/68 ق إ ج علما أنو اختياري يف مادة اجلنح دبا يقيد أنظر ادللحق رقم )(. 8

36 الفصل الثاني أثر الجنون عمى المسؤولية الجزائية و من شبة و دلا كان عليو إثبات صحة قوى ادلتهم العقلي النفسية من عدمو يعود إىل تقرير اخلب ت فما على القاضي إال أن يتقيد دبا خلص إليو ىذا التقرير فلو أن يأمر بإجراء خربة جديدة وعندىا فإن سلطة القاضي التقديرية تكون مقيدة بضرورة ال تجيح ب ت التقريرين واألخذ دبا يطمئن لو فمىت ثبث أن ادلتهم يشكل خطرا على اجملتمع و على نفسو وذلك بوضعو يف مؤسسة ق ع ج بشرط أن تكون مساعلو ادلادية ثابتة يف اجلرؽلة. استشفائية لألمراض العقلية طبقا لنص م المطلب ال ثاني: التدابير األمنية عند انتفاء المسؤولية الجزائية بسبب الجنون الفرع األول : معنى التدابير األمنية تكمن أعلية التداب ت األمنية يف ىدف واحد ىو إزالة اخلطورة اإلجرامية أو كتعب ت أدق ىو القضاء و معاجلة العوامل الدافعة إىل اإلجرام ويتحقق ذلك عن طريق رلموعة من اإلجراءات العالجية اليت ي تتب عليها تأىيل اجملرم و القضاء على مصدر اخلطورة يف شخصيتو سيعود بعد ىذه التداب ت عضوا صاحلا يف اجملتمع ادلد ل. فقد نص ادلشرع اجلزائري على أنواع التداب ت األمنية يف الباب الثا ل من الكتاب األول من قانون العقوبات ربت عنوان تداب ت األمن يف نصوص ادلواد 9 و من القانون نفسو. على أنو مبدأ الشرعية بل أكثر من ذلك فقد نص ادلشرع اجلزائري على تداب ت األمن يف ادلادة األوىل من قانون العقوبات >> ال جريمة و ال عقوبة و ال تدابير أمن بغير قانون << وىذا ال يكسب ىذه التداب ت وقد أك د ادلشرع على اذلدف األساسي من ىذه التداب ت يف نص م من ق ع بقوذلا " يكون جزاء اجلرائم بتطبيق العقوبات و تكون الوقاية منها بازباذ تداب ت أمن نفسها أنو لتداب ت األمن ىدف وقائي. وقد أكدت أيضا الفقرة 4 من ادلادة علي عبد القادر قهوجي علم اإلجرام و علم العقاب دار السعد ل االسكندرية 009 ص. 85 9

37 الفصل الثاني أثر الجنون عمى المسؤولية الجزائية و تتميز تداب ت األمن بأهنا قضائية دبع ت أنو غلب صدور حكم قضائي يقضي بتدب ت األمن وفقا لإلجراءات احملددة قانونا كما تتميز بأهنا ال ترتبط بادلسؤولية اجلزائية لجلا ل إذ ؽلكن توقيعها على شخص غ ت مسؤول جزائياكالشخص ادلصاب حبالة اجلنون وىذا ىو ىدف دراستنا ذلذه التداب ت فكيف تطبق ىذه التداب ت على الشخص اجملنون لقد نصت ادلادة 9 من ق ع عل أنو : >> تدابير األمن ىي : الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية لألمراض العقلية. الوضع القضائي في مؤسسة عالجية...<< و قد بينت ادلادة ق ع مفهوم احلجز القضائي يف مؤسسة استشفائية لألمراض العقلية فالوضع يف مؤسسة استشفائية لألمراض العقلية ينفذ يف مؤسسات سلتصة بالعالج فاذلدف من احلجز القضائي ليس عقاب اجلا ل بل عالجو و وجب أن تكون ىذه ادلؤسسات متوفرة على أد ل الشروط اليت تساعد اجملنون على العالج. و اجلدير بالذكر يف ىذه النقطة و يف اعتقادنا أنو من ادلنطقي أن ؼلضع احلجز القضائي للنظام التفريد دبع ت انتقاء التدب ت الذي يالئم طبيعة شخصية اجملرم اجملنون. إن ادلالحظ من خالل نص ادلادة السابقة الذكر أن ادلشرع مل ػلدد مدة احلجز القضائي يف مؤسسة لألمراض العقلية و ىذا أمر مهم جدا حيث أنو ال نستطيع معرفة مىت تنتهي خطورة اجلا ل 3 فإطالق سراح اجلا ل أمر مرتبط بشفائو من حالة اجلنون اليتكانت سببا يف إنزال ىذا التدب ت عليو. نظام توفيق اجملايل شرح قانون العقوبات ( القسم العام- دراسة ربليلية يف النظرية العامة للجرؽلة و ادلسؤولية اجلزائية ) ط دار الثقافة األردن 009 ص 46. ادلادة من ق ع تنص على أنو : >> الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية لألمراض العقلية ىو وضع شخص بناءا على أمر أو حكم أو قرار قضائي في مؤسسة مهيأة لهذا الغرض بسبب خلل في قواه العقلية قائم وقت ارتكاب الجريمة أو اعتراه بعد ارتكابها...<<. 3 عبد اهلل سليمان شرح قانون العقوبات اجلزائري ( القسم العام اجلزء اجلنائي ) ديوان ادلطبوعات اجلامعية اجلزائر 995 ص

38 الفصل الثاني أثر الجنون عمى المسؤولية الجزائية و عدم اش تاط ادلدة يف التداب ت أمر منطقي إذ أنو ال ؽلكن التكهن بانتهاء حالة اخلطورة اإلجرامية يف ف تة زمنية زلددة سالفة. و عليو فإن التداب ت تربرىا حالة اخلطورة اإلجرامية اليت تعجز العقوبة عن مواجهتها ويف ىذه احلالة يعامل اجملرم كمريض استوجب عالجو ال كمجرم غلب أجره و عقابو من أجل ردعو ولكن ذلك ال يع ت أننا نريد زلاربة ادلرض بذاتو إذ ليس ذلك من أىداف التدب ت إظلا ادلراد ىو زلاربة ادلرض يف حدود زوال خطورة اجملرم عن اجملتمع. الفرع الثاني : شروط تطبيق الحجز القضائي البد من توافر رلموعة من الشروط اليت أقرىا ادلشرع إلنزال تدب ت احلجز القضائي على اجملرم اجملنون بعد براءتو من العقوبة أو العفو عنو أو انتفاء وجو الدعوى و تتمثل ىذه الشروط يف التايل : أوال : جرؽلة سابقة أو ادلشاركة يف مادياهتا : إن احلرص على ضباية احلريات ذكرت ادلادة من ق ع أن احلجز القضائي يف مؤسسة استشفائية لألمراض العقلية يكون بسبب خلل يف القوى العقلية قائما وقت ارتكاب اجلرؽلة أو اع تاه بعد ارتكاهبا مث أضافت بأنو يصدر األمر باحلجز القضائي يف أي حكم سواء باإلدانة أو العفو أو الرباءة أو بعدم وجود وجو إلقامة الدعوى و ىذا إن دل فإنو يدل على أن يكون احملكوم عليو قد قام جبرؽلة قبل إنزال التدب ت عليو ففي اإلدانة أو العفو تكون اإلشارة إىل ىذا الشرط أي اجلرؽلة السابقة أمرا واضحا إال أنو يف حالة الرباءة أو عدم وجود وجو إلقامة الدعوى فاش تط ادلشرع يف نص ادلادة بأنو وجب أن تكون مشاركة اجلا ل يف الوقائع ادلادية ثابتة. وقد تباينت آراء الفقهاء يف ىذا الصدد و انقسمت آراءىم إىل رأي ت : ىدى حامد قشقوش شرح قانون العقوبات ( القسم العام ) دار النهضة العربية القاىرة 00 ص 563 عبد اهلل سليمان مرجع سابق. ص

39 الفصل الثاني أثر الجنون عمى المسؤولية الجزائية األول : يرى بضرورة ارتكاب اجملرم جلرؽلة سابقة لكي يفرض عليو أحد التداب ت األمنية و قد أخذوا بعدة مربرات أعلها أن التداب ت األمنية تفرض قيدا على حرية الشخص و ال غلوز فرضها إال دبربر قوي و بالتايل ال غلوز إنزال التداب ت على شخص مل يرتكب أي فعل إجرامي. الثا ل : يرى عدم ضرورة اش تاط ارتكاب الشخص جلرؽلة لكي يوقع التداب ت عليو فيمكن توقيعها بدون ثبوت ارتكاب اجلرؽلة من جانب الشخص فهي ليست عقوبة فيكفي يف وجهة نظرىم احتمال ارتكاب الشخص جلرؽلة يف ادلستقبل. و يف اعتقادنا أن الرأي الثا ل ؽليل إىل الصحة أكثر من الرأي األول فليس من الضروري ارتكاب الشخص جلرؽلة ليوقع عليو احلجز القضائي يف مؤسسة استشفائية بل على العكس حىت و لو مل يثبت ارتكابو أو نسبتو للجرؽلة و كان مصابا حبالة اجلنون ت تك يف شخصيتو خطورة على نفسو بالدرجة األوىل و على اجملتمع فمن واجب احملكمة أن تقضي بوضعو يف مؤسسة استشفائية من أجل عالجو ووقايتو و اجملتمع من خطر قد يؤدي بو إىل اجملهول. ثانيا :اخلطورة اإلجرامية : تعترب اخلطورة اإلجرامية حالة نفسية تفيد احتمال ارتكاب الشخص ادلصاب حبالة جنون للجرؽلة أو السلوك اإلجرامي و ىي تتعلق بشخصية اجلا ل فقط فليس ذلا أي عالقة دباديات اجلرؽلة ادلرتكبة. فموطن و مقر اخلطورة اإلجرامية تكون داخل شخص اجملرم إال أنو ال ؽلكن أن تتغاضى عن ادلع ت احلقيقي للخطورة اإلجرامية الذي يكمن يف عبارة احتمال وقوع جرؽلة يف ادلستقبل دبع ت االحتمالية رلرد احتماالت قد تقع و قد ال تقع فقد يتم تكرار السلوك اإلجرامي من الشخص ادلصاب حبالة جنون خلطورة اإلجرامية و لكن يبقى ىذا رلرد احتمال ؼلضع لظروف واقعية غ ت ادلعلومة ىدى حامد قشقوش مرجع سابق ص. 565 اسحق إبراىيم منصور مرجع سابق ص 66. 3

40 الفصل الثاني أثر الجنون عمى المسؤولية الجزائية لذلك فإن الوضع يف مؤسسة استشفائية كتدب ت أمن ال يطبق على كل من أصيب خبلل عقلي إذ اجملال يف للمستشفيات العادية ولكن ينزل فقط دبن كان خطرا على نفسو و على اجملتمع ألن حجزه الغرض ومع منو ىو القضاء على اخلطورة أو التخفيف منها فما اجلرؽلة إال قرينة غ ت قاطعة على توافر اخلطورة ذلك يبقى القاضي وحده من لو احلق يف تقدير ىذه اخلطورة بالنظر إىل سوابق من ينزل عليو لتدب ت و كذا ظروفو االجتماعية و مؤىالتو. الفرع الثالث : ضمانات الوضع في مؤسسة استشفائية لألمراض العقلية لقد ازبذ ادلشرع اجلزائري عد ة ضمانات من شأهنا أن تكفل ضباية ادلختل ت عقليا دلواجهة اخلطورة اإلجرامية و ذلك من أجل احلد من تعسف القضاة أو األطباء يف تطبيق ىذا التدب ت و سنذكر منها ما يلي : أوال : الفحص الطيب أنو ومن خالل الفقرة األخ ت من م ق ع ج صلد أ ل ادلشرع أك د على إثبات اخللل يف القوى العقلية دبوجب فحص طيب دبع ت أنو إذا ال ؽلكن للقاضي أن يضع ادلتهم يف مؤسسة استشفائية لألمراض العقلية إال بعد التأكد من أنو مصاب بعاىة عقلية أو نفسية و ال يتأتى ذلك إال بعد عرض ادلتهم على طبيب سلتص يف األمراض العقلية و الذي يستطيع بدوره اجلزم بوجود خلل عقلي من عدمو. ثانيا : التدخل ال قضائي إذ ىذا التدب ت ىو تدب ت قضائي فالقضاء وحده من لو دور الرقابة غلى اح تام حريات األفراد. ثالثا : ثبوت ارتكاب اجلرؽلة راىم فريد تداب ت األمن يف قانون العقوبات و قانون اإلجراءات اجلزائية مذكرة مقدمة لنيل شهادة ادلاجست ت يف القانون اجلنائي جامعة باجي سلتار عنابة ص 0. 33