الوحدة السادسة/ مسرية الفقه يف عصر أئمة املذاهب الفقهية مفهوم املذهب الفقهي وعوامل نشأة املذاهب مفهوم االجتهاد وطبقات اجملتهدين ظهور أئمة املذاهب االج

النسخ

1 الوحدة السادسة/ مسرية الفقه يف عصر أئمة املذاهب الفقهية مفهوم املذهب الفقهي وعوامل نشأة املذاهب مفهوم االجتهاد وطبقات اجملتهدين ظهور أئمة املذاهب االجتهادية واتصال مذاهبهم بفقه الصحابة والتابعني أسباب ازدهار الفقه يف عصر األئمة اجملتهدين قواعد االستنباط األصولية يف عصر األئمة اجملتهدين. تكوين املذاهب 1 نشأة املذاهب وتكوينها: نبغ يف عصر التابعني وعصر األئمة اجملتهدين كثري من العلماء وكانت األمصار يف الدولة اإلسالمي ة تزخر ابلعلم والعلماء وكثري من هؤالء العلماء بلغوا مرتبة االجتهاد املطلق. وقد اختط بعض هؤالء العلماء األخيار طريقة سلكوها يف التعرف على األحكام وأصبح لكل منهم تالميذ وأتباع يتبنون طريقته وقد عرفت هذه الطرق ابملذاهب. ومن ينظر اليوم يف املذاهب الفقهية فإنه جيد أن لكل مذهب بناء فقهيا هائال له مؤلفاته وقواعده وأصوله وعلماؤه وجذوركل مذهب متتد إىل صاحب املذهب ومؤسسه. - يطلق املذهب عند علماء الفقه على املنهج الفقهي الذي سلكه فقيه جمتهد اختص به من بني الفقهاء أدى به إىل اختيار مجلة من األحكام يف جمال علم الفروع. اجملال الذي يعمل فيه املذهب الفقهي هو األحكام الشرعي ة الفرعي ة فال عمل للمذهب يف األحكام األصولي ة ال أصول الدين وال أصول الفقه. السنة أهل عقيدة فاالختالف يف العقيدة يقسم األمة إىل ف ر ق فعلماء املذاهب الفقهية السنية كلهم أتباع منهج واحد يف االعتقاد فعقيدهتم هي واجلماعة هبا احنرف ف ر ق وخمالفوهم املسار كاخلوارج علماء بني مذاهب فال واملعتزلة االعتقاد والصحابة مجيعا على طريقة واحدة يف االعتقاد ولكنهم اختلفوا يف بعض أحكام مسائل الفروع. جمال يف السنة أهل -ينبغي للباحث أن يتنبه إىل أن مسائل الفروع ليستكلها مما يصح أن يدخل يف إطار ما يسمى ابملذهب الفقهي فاألحكام اليت ال جمال لالختالف فيها لكون أدلتها قطعية الداللة قطعية الثبوت مثل وجوب الصلوات اخلمس ووجوب شهر رمضان ووجوب الزكاة وكون صالة الظهر أربعا واملغرب ثالث وحنو ذلك ال يصح أن تنسب إىل مذهب شخص بعينه فال يقال: مذهب أيب حنيفة أن صالة الظهر واجبة ومذهب مالك أن صوم رمضان واجب فال خصوصية لواحد منهم بواحد من هذه فإن مذاهبهم مجيعا يف هذه مذهب واحد وحىت يكون الرأي أو احلكم مذهبا لإلنسان البد أن يكون صاحلا ألن تختص به دون غريه ولذا فإن املسائل اجملمع عليها ال يصح أن تنسب إىل مذهب رجل بعينه املدخل إىل دراسة املذاهب واملدارس الفقهية عمر األشقر

2 - ليسكل ما يف املذهب جيوز أن ينسب إلمام املذهب : مما ينبغي أن يعلم أنكل مذهب يضم أقوال إمام املذهب واجتهاداته كما يضم مجيع األقوال واالجتهادات اليت ذهب إليها علماء املذهب وال جيوز أن تنسبكل هذه األقوال إىل مؤسس املذهب. إن بعض الباحثني وبعض الفقهاء يفكل مذهب نسبكثريا من أقوال أصحاب األئمة وتالمذهتم وأتباعهم إىل األئمة وهذا ليس عدال وال صوااب فمذهب العامل ما قاله وذهب إليه ومن قو ل عاملا ما مل يقله ونسب إليه أحكاما مل تصدر عنه فقد ظلم وجار. - تصحيح األئمة ملذاهبهم : أخطئ بشر أان إمنا قوله: مالك عن شامة أبو ونقل ال ش ك أن األئمة أثناء مسريهتم العلمي ةكانوا دائمي التصحيح والتنقيح ملذاهبهم فاألئمة بشر يصيبون وتخطئون وكلما امتد هبم العمر قويت ملكتهم العلمي ة وحازوا علما مل يط لعوا عليه من قبل وهمكانوا أورع وأتقى من أن يقيموا على خطأ تبني هلم صوابه. رأيي يف انظروا وأصيب يوفقهما فاتركوه وعقب أبو شامة على هذا بقوله: وذلك الظن جبميع االئمة. ومامل به فخذوا والسنة الكتاب وافق قول فكل طبقات اجملتهدين : 2 ينقسم االجتهاد إىل أقسام متعددة وذلك ابعتبارات خمتلفة ومنها: أقسام االجتهاد ابلنظر إىل أهله إىل اجتهاد مطلق واجتهاد مقيد. ويف هذين القسمني جتتمع أقسام اجملتهدين األربعة الذي ذكرها ابن القيم وهي: أ- جمتهد مطلق وهو العامل بكتاب هللا وسنة رسوله - صلى هللا عليه وسلم - وأقوال الصحابة جيتهد يف أحكام النوازل يقصد فيها موافقة األدلة الشرعية حيث كانت. ب- فهذا النوع هم الذين يسوغ هلم اإلفتاء واالستفتاء وهم اجملددون هلذا الدين القائمون حبجة هللا يف أرضه. جمتهد مقيد يف مذهب من ائتم به فهو جمتهد يف معرفة فتاويه وأقواله ومأخذه وأصوله عارف هبا متمكن من التخريج عليها من غري أن يكون مقلد ا إلمامه ال يف احلكم وال يف الدليل لكن سلك طريقه يف االجتهاد والفتيا ودعا إىل مذهبه ورتبه وقرره فهو موافق له يف مقصده وطريقه معا. ج- جمتهد مقيد يف مذهب من انتسب إليه مقرر له ابلدليل متقن لفتاويه عامل هبا ال يتعدى أقواله وفتاويه وال تخالفها وإذا وجد نص إمامه مل يعدل عنه إىل غريه ألبتة. بل نصوص إمامه عنده كنصوص الشارع قد اكتفى هبا من كلفة التعب واملشقة وقد كفاه إمامه استنباط األحكام ومؤنة استخراجها من النصوص. وشأن هؤالء عجيب إذ كيف أوصلهم اجتهادهم إىل كون إمامهم أعلم من غريه وأن مذهبه هو الراجح والصواب دائر معه وقعد هبم اجتهادهم عن النظر يفكالم هللا ورسوله - صلى هللا عليه وسلم - واستنباط األحكام منه وترجيح ما يشهد له النص معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة )ص: (

3 د- جمتهد يف مذهب من انتسب إليه فحفظ فتاوى إمامه وأقر على نفسه ابلتقليد احملض له من مجيع الوجوه وذكر الكتاب والسنة عنده يكون على وجه التربك والفضيلة ال على وجه االحتجاج به والعمل بل إذا رأى حديث ا صحيح ا خمالف ا لقول من انتسب إليه أخذ بقوله وترك احلديث فليس عند هؤالء سوى التقليد املذموم. العالقة بني املذاهب الفقهية :3 جيب أن يعلم أن املذاهب الفقهية متقاربة فيما بينها تقاراب كبريا حىت إن الذي يطالع اجتهادات الفقهاء يف خمتلف مذاهبهم ما انقرض من أتباعه منها وما مل ينقرضوا جيدكأهنا مذهب واحد ألن األصول الكربى ذات األثر األهم واألكرب يف الفقه متفقة عندهم وهي: الكتاب والسن ة واإلمجاع والقياس فكلهم أيخذ هبا ويقيم بناءه الفقهي على أساسها وال يعكر على هذا املأخذ اختالفهم يف بعض األصول الثانوية املنتزعة من األصول الكربى السابقة. - مث إن األئمة أخذ بعضهم من بعض وتتلمذ بعضهم على بعض فتالمذة أيب حنيفة رحلوا إىل اإلمام مالك وأخذوا عنه فأبو يوسف رحل إىل اإلمام مالك واستفتاه وأخذ عنه واإلمام حممد صاحب أيب حنيفة روى عن اإلمام مالك موطأه ورحل بعض تالمذة اإلمام مالك منهم أسد بن الفرات إىل العراق وأخذ عن شيوخ احلنفية أمثال حممد بن احلسن وأسد هذاكان هو السبب يف أتليف املدونة. - واإلمام الشافعي تتلمذ على اإلمام مالك ويف رحلة الشافعي إىل العراق حاور مشايخ احلنفية تالمذة اإلمام أيب حنيفة فاستفاد منهم واستفادوا منه وأخذ اإلمام أمحد عن الشافعي رمحه هللا وإذا استعرضت سريهم وجدت أن الالحق منهمكان يثين على السابق ويدعو له وأيخذ من علمه وال يعكر على هذا ختطئة بعضهم لبعض فإن هذا حيدث يف املذهب الواحد املدخل إىل الشريعة والفقه اإلسالمي د/ عمر األشقر مقرر التأهيل الفقهي املدخل إىل الفقه اإلسالمي د/ عامر هبجت

4 - وقدكان هدف األئمة مجيعا من وراء ما قرروه من أحكام هو الوصول إىل حكم هللا يف مسائل الفقه املختلف فيها وقد مر أن مصادرهم األصلية يف ذلك واحدة ولذلك فإننا عندما نرجع يف املسألة الواحدة إىل اجتهاداهتم نرى أنه يقرتب بعضها من بعض يف الطريقة واملأخذ بل ويف النتائج واألحكام وقد يكون التقارب بني مذهبني أكثر من التقارب يف املذهب الواحد أحياان. ومن مثرات ذلك: 1- حتقيق الوحدة بني املسلمني فاملسلمونكما قرر عليهم تكت اهبم ودعا إليه رسوهلم كانوا إخوة يدعو بعضهم بعضا. 2- نزع فتيل العصبية املذهبية القائمة على تعظيم بعض أهل العلم والغض من شأن اآلخرين ومواالة إمام والبحث عن عيوب اآلخرين والتعصب ألقوال وفتاوى واجتهادات من واحد من األئمة ورمي أقوال غريه من األئمة. 3- تربية امللكة الفقهية اليت تتمرس أبقوال أهل العلم من خمتلف املذاهب وتتعرف إىل مناهج االجتهاد وكيف استدل العلماء ابلنصوص على األحكام وكيف استخلص العلماء األحكام من األدلة وهذا هو النهج الذي ترىب األئمة عليه فتفتحت عقوهلم ومنت مداركهم وتعمقت لديهم امللكة العلمية اليت تفقه وتستوعب وحتلل املسائل وحتكم يف ضوء النصوص. 4- أن هذا النهج حييي دراسة النصوص من الكتاب والسن ة والعمل هبا من غري إهدار جلهود األئمة بل جيعل فقه األئمة جهودا لفقه النصوص ال نصوصا تزاحم النصوص. أسباب ازدهار الفقه اإلسالمي : 4 1 -اهتمام اخللفاء العباسيني ابلعلم وأهله ودعمهم واهتمامهم ابلفقه والفقهاء وبذل األعطيات واهلدااي هلم وبناء املكتبات واملدارس العلمية يف بغداد ويف املدن الكربى يف العامل اإلسالمي مكة واملدينة والكوفة والبصرة ودمشق والقاهرة ومرو ونيسابور والقريوان وقرطبة دور عظيم يف نشاط احلركة العلمية والفقهية كثرت الوقائع الفقهية فمنذ بداية الفتح اإلسالمي يف عهد اخللفاء الراشدين بدأت الوقائع الفقهية تكثر حيث ترامت أطراف الدولة اإلسالمية فشملت العراق وبالد فارس والشام ومصر وأضيفت هذه الوالايت اجلديدة اليت مت فتحها إىل البالد اإلسالمية فزاد تبعا لذلك عدد السكان وتشعبت حاجاهتم وتوسعت مصاحل املسلمني التجارية كل هذه األمور دفعت ابلعلماء لالجتهاد 55 4 اتريخ التشريع والفقه اإلسالمي د/ أشرف ويح املدخل يف الفقه اإلسالمي الشيخ حممد مصطفى شليب اتريخ التشريع اإلسالمي د/ عبدالعظيم شرف الدين املدخل إىل الفقه اإلسالمي د/ انصر الغامدي املدخل إىل الفقه السايس 5 ينظر مظاهر اهتمام العباسيني ابلفقه والفقهاء يف اتريخ التشريع والفقه اإلسالمي د/ أشرف ويح: 1 -مجع األحاديث وتدوينها 2 -تكليف الفقهاء بوضع التشريع للنظم املختلفة للدولة 3 -تكرمي اخللفاء العباسيني للفقهاء وأهل العلم 4 -حرص اخللفاء العباسيني على تربية أوالدهم تربية دينية

5 ملواجهة كثرة املشكالت اليت وجدت والعادات اليت طرأت من جراء دخول الناس يف دين هللا إذ هلم أعراف وعادات حتتاج إىل حكم اإلسالم فيها وهبذا توسع الفقه وازدهر فشمل فتاوى مل تكن معروفة من قبل. -3 تدوين السنة وقد كان لتدوين السنة األثر الفعال يف تنشيط احلركة الفقهية يف هذا العهد حيث إن الفقهاء يرجعون إىل السنة للبحث عن ضالتهم دون كبري جهد مما يسهل استنباط األحكام اليت تستجيب ملستحدثت العصر. 4 -حصول املناظرات بني الفقهاء سواء كان ابملشافهة أو ابلكتابة فكان العلماء يتناظرون فيما تختلفون فيه من مسائل في ت بدي كل منهم رأي ه ودليله وتجييب املخالف عن ذلك وانتشر هذا األمر يف عام ة جمالس العل م سواء كان ذلك يف ح ل ق العل م يف املساجد أو يف جمالس اخللفاء أويف املنازل أويف مواسم احلج حيث تلتقي عد ة مدارس فقهية. 5 -أتثر العقول بثقافات األمم املختلفة وانتشار الرتمجة للعلوم يف هذا العصر. 6- اكتشاف ماد ة الكاغد. وهي: القراطيس اليت كانوا يكتبون عليها فقدكان الناس قب ل اكتشافها يكتبون على جريد الن خل وعلى العظام وعلى احلجارة وعلى اجللود وحنو ذلك مم ا أمكنهم أن يكتبوا عليه. وم ن املعلوم أن تدوين العلوم يف هذه الظروف صعب جدا فوف ق هللا الفضل بن حيىي الربمكي يف عهد اخلليفة املأمون واكتشف هذه املادة اليت استطاع أن يصنع منها قراطيس ت يكنه الكتابة عليها بي ت س ر وسهولة فاستخدمت يف ابدئ األم ر يف كتابة رسائل الس لطان مث بدأ العلماء يكتبون عليها تكتبهم. وجعلت هلا مراكز لصناعتها يف بغداد والشام ومصر واملغرب واألندلس فانتشرت وساعدت العلماء كثريا يف احل فاظ على عل مهم وتدوينه مم ا كان له األثر كل العلوم. البالغ على 7 -كان للتدوين أثر ابرز على ازدهار الفقه يف هذا العصر فقد يسر التدوين مهمة االجتهاد امللقاة على عاتق الفقهاء ووفر هلم الكثري من اجلهد والوقت الذي يضيع جزء كبري منه يف التعرف على األحاديث النبوية واآلثر الصحيحة املروية عن الصحابة مما جعلهم يستفيدون من آراء اآلخرين ومن العلوم اليت دونت يف هذا العصر التفسري والسنة والفقه وأصول الفقه. أوال تدوين التفسري 6 حيث دون تفسري الصحابة للقرآن الكرميكتفسري عبدهللا بن عباس وتفسري علي بن أيب طالب وتفسري عبدهللا بن عباس وتفسري أيب بن كعب رضي هللا عنهم مجيعا فكانت التفاسري سندا للفقهاء مع السنة يف استنباط األحكام الفقهية لالستزادة ينظر: تاريخ الفقه اإلسالمي السايس

6 اثنيا : تدوين السنة أ( عصر النيب صلى هللا عليه وسلم: مل تدون السنة يف عصر النيب صلى هللا عليه وسلم ألنه صلى هللا عليه وسلم قد هنى عنكتابتها. روى ان اإلمام مسلم يف صحيحه عن أيب سعيد اخلدري عن النيب صلى هللا عليه وسلم أنه قال: )ال تكتبوا عين شيئا غري القرآن ومنكتب عين شيئا غري القرآن فليمحه( ومع ذلك فقد ورد أن النيب صلى هللا عليه وسلم قد أذن لبعض الصحابة يفكتابة السنة او أقرهم على ذلك. فقد روى اإلمام أمحد يف مسنده عن عبدهللا بن عمر قال:كنت أكتبكل شيء أمسعه من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أريد أن أحفظه فنهتين قريش فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ورسول هللا بشر يتكلم يف الغضب والرضا فأمسكت عن الكتابة فذكرت ذلك لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال: )اكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج مين إال احلق( وما سبق ذكره من عدم الكتابة واملوافقة عليها أمر يثري التعارض بني النصوص عند البعض إال أنه يكن إزالة مثل هذا التعارض أبن هني النيب صلى هللا عليه وسلم عنكتابة السنة مل يكن عاما بلكان موجها إىلكتاب الوحي خاصة أو أنهكان عاما يف بداية نزول القرآن حىت ال تختلط ابلسنة فلما اطمأن بعد ذلك أذن هلم يفكتابتها. ويف عصر الصحابة: مل يشأ أحدهم أن يدون األحاديث يف الصحف كراهة أن يتخذها الناس مصاحف يضاهون هبا صحف القرآن فيشتبه على بعضهم القرآن ابحلديث وخوفا من أن يدخل يف السنة ما ليس فيها. ويف العصر األموي: بدأ االجتاه إىل تدوين السنة يف أواخر عهد الدولة األموية وكان ذلك يف عهد عمر بن عبدالعزيز فقدكتب قبل وفاته بعام إىل أيب بكر حممد بن عمرو بن حزم أن يكتب حديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم. وقد اجته عمر بن عبدالعزيز إىل هذا العمل بسبب خوفه من ضياع السنة مبوت العلماء. وقام ابن حزم فعال بتأليف بعض الكتب يف احلديث غري أن املنية عاجلت عمر بن عبدالعزيز قبل أن يرى هذه الكتب. ويف العصر العباسي: يف هذا العصركانت البداية احلقيقية لتدوين السنة فقد اشتدت احلاجة إىل تدوينها التساع دائرة االجتهاد وتعدد املدارس الفقهية وظهور األحاديث املوضوعة. مراحل تدوين السنة يف العصر العباسي: وحدة املوضوع تتمثل هذه املرحلة يف ضم األحاديث املتعلقة مبوضوع واحد يف املوطأ لإلمام مالك )أول من ألف( ابب واخلاصة مبوضوع آخر يف ابب وهكذا فأحاديث الصالة يف ابب وأحاديث الزكاة يف ابب وأحاديث الصيام يف ابب وأحاديث البيوع يف ابب وأحاديث احلدود يف ابب وهكذا 57

7 وحدة الراوي املرحلة الثالثة وبعض أصحاب هذه الطريقة جيمع األحاديث خمتلطة أبقوال الصحابة وفتاوى التابعني تتمثل هذه املرحلة يف مجع األحاديث اليت رواهاكل صحايب على حدة حىت وإن اختلف موضوعهاكاألحاديث اليت رواها أبو بكر وكذلك األحاديث اليت رواها أبو هريرة واألحاديث اليت روهتا عائشة وهكذا متيزت هذه الطريقة ابالقتصار على ما روي عن النيب صلى هللا عليه وسلم دون ما روي عن غريه من الصحابة التابعني وأقضيتهم حملة التفريق بني األحاديث الصحيحة وغريها حيث وضعوا شروطا لقبول احلديث فما حتققت فيه هذه الشروط قبلوه ودونوه يفكتبهم وماكان غري ذلك ردوه ومل يدونوه وقد سار العلماء يف مجعهم للسنة وتدوينها يف هذه املرحلة على طريقة التبويب الفقهي وهي نفس الطريقة اليت مت هبا اجلمع يف املرحلة األوىل حيث جتمع كل األحاديث اليت تتعلق بكل موضوع على حده وإن اختلف الرواة وجبانب عناية العلماء جبمع منت احلديث وتدوينه فقد اهتمت طائفة منهم ابلبحث عن حال الرواة من حيث العدالة والضبط وقد أطلق على هذا العلم )علم اجلرح والتعديل( واقتصر بعضهم يفكتبه على الثقات من رواة احلديث مثل الثقات البن حبان واقتصر البعض على الضعفاء متل كثاب الضعفاء للبخاري والضعفاء واملرتوكني للنسائي صحح البخاري/ صحيح مسلم/ سنن ابن ماجه/ سنن أيب داود/ سنن الرتمذي/ سنن النسائي اثلثا : تدوين الفقه. سيأيت يف الوحدة السابعة رابعا : تدوين أصول الفقه اإلسالمي. نشأ يف هذا العصر علم أصول الفقه ويعد اإلمام الشافعي أول من ألف يف هذا الفن يفكتابه املشهور الرسالة فكان بذلك أول من رسم مناهج االستنباط وبني ينابيع الفقه ووضح معامله وبنيكيف يستدل الفقيه لألحكام بطريقة منهجية صحيحة. وليس معىن هذا أن أصول الفقه وقواعده مل تعرف إال عن الشافعي لقدكانت معروفة يف اجلملة منذ عصر التشريع فحيثما وجد الفقه فثم منهج االستدالل واالستنباط وقدكان العلماء يعرفون أن النهي للتحرمي وأن األمر للوجوب وأن القرآن مقدم على 58

8 السنة وأن النصوص الشرعية يقيد بعضها بعضا ويفسر بعضها جممل بعض ولكنها مل تكن مدونة وال حمددة املعامل حىت جاء الشافعي فوضع املوازيني والقواعد الصحيحة اليت تعني اجملتهد على النظر يف األدلة بطريقة صحيحة واملوازنة بينها والوصول إىل احلكم الشرعي. قواعد االستنباط األصولية يف عصر األئمة اجملتهدين. االستحسان املصاحل املرسلة العدول حبكم املسألة عن حكم نظائرها لدليل شرعي خاص منكتاب أو سنة هذا املعىن الصحيح لالستحسان الذي أخذ به العلماء واحتجوا به واعتربوه بال خالف بينهم أما االستحسان الذي يقصد به ما يستحسنه اجملتهد بعقله فهذا مردود ال حيتج به ابتفاق أهل العلم ألن األمة جممعة على حترمي القول على هللا بال دليل وهو الذي أنكره اإلمامان أمحد والشافعي بل قال عنه الشافعي: من استحسن فقد شرع. وهذا النوع ينسب القول به إىل اإلمام أيب حنيفة وهذا ال يصح ألن العلماء مجيعا متفقون على حترمي القول يف دين هللا بدون دليل صحيح مثاله: م ن ال م س ج د ال ذ ي ف ف ي ه ل ع تذ ر أب ن ان ه د م ال م س ج تد أ و ت ي ع ت ك قال الكاساين يف بدائع الصنائع:" ف إ ن خ ر ج ف د خ ل م س ج دا آخ ر غ ي ر ه ت م ن س اع ت ه مل ي ف ت س د اع ت ك افت ه ت اس ت ح س اان أ خ ر ج ه ت الس ل ط ا تن ت مك ر ه ا أ و غ ي ت ر الس ل ط ا ن ف ي ب طتلك م ا ل و خ ر ج ت و ت ه و اخل تت رو ت ج ال ذ ي ت وج د ض د اال ع ت ك ا ف ه و ت ر تك اإل ق ام ة و ال ق ي ا ت س أ ن ي ف ت س د و ج ه ت ال ق ي ا س أ ن ه ت ت ع ن اخ ت ي ار. و ج ه ت اال س ت ح س ا ن أ ن ه ت خ ر ج م ن غ ري ض ت رور ة أ م ا ع ن د اهن د ا م ال م س ج د ف ظ اه ر أل ن ه ت ال ت ي ك نت ه ت اال ع ت ك ا تف ف ي ه ب ع د م ا ان ه د م ف ك ا ن اخل تت رو ت ج م ن ه ت أ م ر ا ال بت د م ن ه ت مب ن ز ل ة اخل ت ت رو ج حل اج ة اإل ن س ا ن و أ م ا عن د اإل ك ر اه ف أل ن اإل ك ر اه م ن أ س ب ا ب ال ع ت ذ ر يف اجل ت م ل ة ف ك ا ن ه ذ ا ال ق د ت ر اخل ت ت ت م ن رو ج مل ح قا اب ل ع د مك م ا إذ ا خ ر ج حل اج ة اإل ن س ا ن و ت ه و ي ش ي م ش ي ا ر ف يقا. هي املصاحل اليت مل يقم دليل خاص من الشارع على اعتبارها أو إلغائها لكنها مل ختل من دليل عامكلي يدل عليها ومسيت مرسلة إلرساهلا أي إطالقها عن دليل خاص يقيدها ابالعتبار أو اإللغاء وتسمى االستصالح واملناسب املرسل العمل ابملصاحل املرسلة واالحتجاج هبا واعتبارها هو مذهب سلف هذه األمة من الصحابة والتابعني ومن بعدهم من أهل العلم. ضوابط العمل ابملصلحة املرسلة: الأ- نأ- نأ- تكون املصلحة مصادمة للنص أو اإلمجاع تعود على مقاصد الشريعة ابحلفظ والصيانة تكون املصلحة يف األحكام االجتهادية القابلة للتغري بتغري الزمان واملكان واألشخاص واألحوال. 59

9 4 قول الصحايب االستصحاب سد الذرائع العرف الأ- مثال: تعارضها مصلحة أرجح منها أو مساوية هلا وأال يرتب على العمل هبا مفسدة اعلى منها أو مساوية هلا. األنظمة اليت توضع ملصلحة الناس. الصحايب هو من لقي النيب صلى هللا عليه وسلم مؤمنا به ومات على اإلسالم. واملراد بقوله ومذهبه وفتواه: ما قاله وأفىت به وذهب إليه يف مسألة من املسائل االجتهادية الكتاب أو السنة ألقوال الصحابة ومذاهبهم أنواع خمتلفة: اليت ال نص فيها من 1 -قول الصحايب فيما ليس للرأي فيه جمال حجة عند أهل العلم له حكم احلديث املرفوع إىل النيب صلى هللا عليه وسلم يف االستدالل واالحتجاج بشرط أال يعرف عن الصحايب األخذ عن اإلسرائيليات. 2 -قول الصحايب فيما للرأي فيه جمال الذي انتشر بني الصحابة فلم ينكره أحد منهم ومل يعلم له خمالف منهم فهذا حجة ع دن مجهور العلماء 3 -قول الصحايب فيما للرأي فيه جمال الذي خالفه غريه من الصحابة فهذا ليس حبجة عند مجهور الفقهاء ألنه ال مرجح ألقوال بعضهم على بعض والواجب حينئذ رد أقواهلم إىل الكتاب والسنة وأخذ ما دل عليهما. 4 -قول الصحايب فيما للرأي فيه جمال إذا مل تخالفه أحد من الصحابة ومل ينتشر بينهم أو مل يعلم هل اشتهر أم ال فهذا حجة عند مجهور علماء أهل السنة واجلماعة جعل احلكم الذي كان ثبتا يف املاضي ابقيا على حاله حىت يقوم دليل على انتقاله عن تلك احلال. وله أنواع منها: النوع األول: استصحاب الرباءة األصلية حىت يرد ما ينقل عنه وهذا النوع حجة ابتفاق أهل العلم مثل: عدم وجوب صالة سادسة. النوع الثاين: استصحاب دليل الشرع حىت يرد الناقل وهذا النوع حجة أيضا مثل: استصحاب يثبت انتقاله. منع الفعل املباح إذا كان يؤدي إىل حمرم دوام امللك حىت سد الذرائع متفق عليه يف اجلملة بني أهل العلم فكلهم يرون أن الشريعة قد جاءت بوجوب سد الذرائع املوصلة إىل احلرام والفساد وأن الوسائل هلا أحكام املقاصد. هو ما استقر يف النفوس واستحسنته العقول وتلقته الطباع السليمة ابلقبول واستمر الناس عليه مما ال ترده الشريعة وأقرهتم عليه. : حجيته : ذهب إىل حجية العرف مجهور العلماء بشروط ال بد منها العتباره طريقا صحيحا لالستدالل وهي 1- أن ال تخالف العرف نصا أو قاعدة شرعية ملصادمته قوله تعاىل: ( و أ ح ل ا لل ت ال ب ي ع و ح ر م الر اب(. فال عربة ملا تعارف عليه الناس من أكل الراب ألنه فاسد عرف 60

10 2- أن يكون موجودا عند إنشاء التصرف. 3- أن يكون مطردا أي : مستمرا يف مجيع حوادثه أو غالبا أي : يف أكثرها. 4- أن ال ي ت ص ر ح املتعاقدان خبالفه إنكان مث عقد. مثاله: عمل املدينة أهل نفقة الزوج على زوجته يرجع يف حتديدها إىل العرف سيايت يف أصول املذهب املالكي 61