حرية االعتقاد في القرآن الكريم والسنة النبوية - حسن بن فرحان المالكي حرية االعتقاد في القرآن الكريم والسنة النبوية ( مع تفصيل في أحاديث حد الردة وسياق

ملفّات مشابهة
هاروت وماروت كما وردت يف القرآن الكريم )من خالل تفسري ابن جرير الطربي - -ت 310 ه املسمى جامع البيان يف تفسري آي القرآن ) دكتور سناء بنت عبد الرحيم بن

easy - translation

بسم رلا هللا من قوله : وبعدها أمر بالهجرة إلى المد نة... إلى قوله : حتى تطلع الشمس من مغربها... وبعدها أمر بالهجرة عن بعد ان مكث النب هللاىلص ف مكة عش

الشريحة 1

بسم الله الرحمن الرحيم

حقيبة إنجاز المعلم والمعلمة إعداد األستاذ/ بندر الحازمي

15 فائدة يف شهر ذي الق ع دة 15 فائدة يف شهر ذي الق ع دة

)) أستطيع أن أفعلها(( المادة : لغة عربية الصف و الشعبة: السابع االسم : عنوان الدرس: ورقة مراجعة )) العمل الفردي (( األهداف: أن يجيب الطالب على جميع اأ

اسم المفعول

وزارة التعليم العالي والبحثالعلمي الجامعة المستنصرية كلية اآلداب قسم الفلسفة الوجود اإلهلي يف فلسفة كانط النقدية رسالة تقدمت بها الطالبة: زينب وايل شو

2 nd Term Final Revision Sheet Students Name: Grade: 4 Subject: Saudi Culture Teacher Signature 1

الدرجة والخطة الدراسية الكلية: القسم: الدفعة: الدرجة: التخصص: التخصص الدقيق: التربية العلوم اإلسالمية 1122 وما بعد بكالوريوس التربية التربية اإلسالمية

الدرجة والخطة الدراسية الكلية: القسم: الدفعة: الدرجة: التخصص: التخصص الدقيق: التربية العلوم اإلسالمية 2010 بكالوريوس التربية التربية اإلسالمية ملخص ال

لقانون العام للمساواة في المعاملة - 10 أسئلة وأجوبة

إتجاهات التكفير في التراث الديني.. التكفير و ما يترتب عليه من آثار (1) الشيخ حسن الصفار

تحصن القرار الاداري - دراسة مقارنة

طور المضغة

الرسالة األسبوعية/ الصف السادس 2018 / 9 - األحد 16 أولياء األمور الكرام : إليكم الرسالة األسبوعية وما سيتم إنجازه هذا األسبوع: األسبوع الماضي : تم اال

) NSB-AppStudio برمجة تطبيقات األجهزة الذكية باستخدام برنامج ( ) برمجة تطبيقات األجهزة الذكية باستخدام برنامج ( NSB-AppStudio الدرس األول ) 1 ( الدرس

REPUBLIQUE ALGERIENNE DEMOCRATIQUE ET POPULAIRE وزارة التعليم العالي والبحث العلمي Ministère de l enseignement supérieur et de la recherche scientifiq

وزارة الترب ة بنك األسئلة لمادة علم النفس و الح اة التوج ه الفن العام لالجتماع ات الصف الحادي عشر أدب 0211 / 0212 األولى الدراس ة الفترة *************

قضايا طبية معاصرة في ضوء الإسلام جراحة التجميل

بسم رلاهللا لما ذكر المصنف رحمه ما تقتض ه شهادة اال اله اال هللا عرج بعد ذلك ف ما تقتض ه شهادة ان دمحما رسول هللا فقال وانه خاتم االنب اء وان دمحما عب

اإلصدار الثاني محرم 1436 ه الكلية: القسم األكاديمي: البرنامج: المقرر: منسق المقرر: منسق البرنامج: تاريخ اعتماد التوصيف: العلوم والدراسات اإلنسانية رما

بسم رلاهللا.... إلى قوله : من قوله : وافترض هللا على جم ع العباد آخر المتن لما ب ن المصنف رحمه هللا بان دعوة الرسل ه الدعوة للتوح د والنه عن ضده والتح

Morgan & Banks Presentation V

االبداع في صياغة المواقف المضحكة من خصائص الشخص ذو الذكاء: الفكاهي A. الذاتي B. اللغوي C. العاطفي D. االتصال الذي يتخذ فيه الفرد قراراته بناء على المع

التقريرالسنوي لمالكي الوحدات البيت 52 الفترة من يناير 2017 إلى ديسمبر 2017 تقارير الصندوق متاحة عند الطلب وبدون مقابل

Kingdome of Saudi Arabia Ministry of Education Taibah University University Testing Center المملكة العربية السعودية وزارة التعليم جامعة طيبة مركز االخ

الموطأ كتاب المساقاة معالي الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد اهلل اخلضري عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء تاريخ المحاضر

))اوراق عمل مادة التوح د(( اولى متوسط مالحظة: ال غن عن الكتاب الدراس

Microsoft Word - ?????? ??? ? ??? ??????? ?? ?????? ??????? ??????? ????????

PowerPoint Presentation

المحاضرة الثانية عشر مقاييس التشتت درسنا في المحاضرة السابقة مقاييس النزعة المركزية أو المتوسطات هي مقاييس رقمية تحدد موقع أو مركز التوزيع أو البيانات

جملة جواب الشرط الغير جازم

كيفية تفعيل خدمة IIS ونشر موقع ويب على الشبكة احمللي السالم عليكم اصدقائي الكرام في هذا الكتاب سنتناول ما هي خدمة المعلومات وكيفية التفعيل ونشر الموقع

المدرسة المصر ة للغات قسم اللغة العرب ة و الترب ة اإلسالم ة للصف السادس االبتدائ مراجعة عامة أوال التعب ر : التعب ر الوظ ف :- اكتب الفته تحث ف ها زمال

نتائج تخصيص طالب وطالبات السنة األولى المشتركة بنهاية الفصل الدراسي الثاني 1438/1437 ه يسر عمادة شؤون القبول والتسجيل بجامعة الملك سعود أن تعلن نتائج

مقدمة أ- إن البلاغة الفصل الا ول أساسية البحث من كلمة بلغ المعنى وصل المراد وصول رسالة لها كلام تسليمها واحد إلى آخر. و من الا صطلاح هي بلوغ المتكلم ف

الصفة المشبَّهة باسم الفاعل

اململكة العربية السعودية وزارة التعليم العالي جامعة اجملمعة عماده خدمه اجملتمع كليه الرتبية بالزلفي دبلوم التوجيه واالرشاد الطالبي ملخص منوذج توصيف مق

الاتصال الفعال بين المعلم والطالب

1

الجامعة الأردنية

عرض كتاب "تثبيت حجية السنة ونقض أصول املنكرين" أتليف أمحد بن يوسف السيد الكتاب من منشورات مركز تكوين لعام 1438 يف 143 صفحة. أفصح املؤلف عن غرضه من أتل

brochure

الدرس : 1 مبادئ ف المنطق مكونات المقرر الرسم عناصر التوج هات التربو ة العبارات العمل ات على العبارات المكممات االستدالالت الر اض ة: االستدالل بالخلف ا

مشروع قانون المحكمة الدستورية التقرير العليا الرابع والسبعون مشروع قانون مقدم من الحكومة تقرير لجنة الفصل التشريعى األول دور

الذكاء

الالئحة التنفيذية لنظام رسوم األراضي البيضاء الفصل األول تعريفات المادة األولى: ألغراض هذه الالئحة يكون للكلمات و العبارات اآلتية أينما وردت فيها المع

اسم المدرس: رقم المكتب: الساعات المكتبية: موعد المحاضرة: جامعة الزرقاء الكمية: الحقوق عدد الساعات: 3 ساعات معتمدة نوع المتطمب: تخصص اختياري عنوان المق

التدرجات السنوية - ثانوي - الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التربية الوطنية المفتشية العامة للبيداغوجيا العام الثانوي التعليم مديرية والت

حالة عملية : إعادة هيكلة املوارد البشرية بالشركة املصرية لالتصاالت 3002 خالل الفرتة من 8991 إىل مادة ادارة املوارد البشرية الفرقة الرابعة شعبة نظم امل

السيرة الذاتية للدكتور محمد شلال العاني

جامعة عين شمس كلية التربية النوعية ة امتحان دور : ف نتيجة الفرقة : يناير األولى قسم تكنولوجيا التعليم الفرقة األولى العام الد ارسى : / ( عام

اللغة العربية Items الدروس المطلوبة المتحان الفصل الدراسى األول 2019/2018 Primary 2 القراءة المحفوظات : كل الدروس : االناشيد + اآليات واالحاديث األسال

وزارة التربية والتعليم مجلس االمارات التعليمي 1 النطاق 3 مدرسة رأس الخيمة للتعليم الثانوي Ministry of Education Emirates Educational Council 1 Cluster

خطبة ( إن ا ل ب رار لفي نعيم( مع العالمات التوضيحية لألساليب الخطابية

استمارة تحويل طالب يتعلم في الصف العادي لجنة التنسيب إلى )التقرير التربوي( استمارة لتركيز المعلومات حول العالج المسبق الذي حصل علية الطالب\ة الذي يتعل

التدرجات السنوية - ثانوي - الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التربية الوطنية المفتشية العامة للبيداغوجيا العام الثانوي التعليم مديرية والت

Cambridge University Press Cambridge IGCSE Arabic as a First Language Coursebook Luma Abdul Hameed, Hanadi Al Amleh, Shoua Fakhouri

إنَّ وأخواتهـا

فضائل شهر شعبان وفضل العمل الصالح فيه

مـــــن: نضال طعمة

نـمو المتعلم

. رصد حضور المرأة في وسائل اإلعالم المحلية 2017

عرض تقديمي في PowerPoint

الخطة الاستراتيجية ( 2015 – 2020 )

Microsoft Word - Q2_2003 .DOC

دائرة التسجيل والقبول فتح باب تقديم طلبات االلتحاق للفصل األول 2018/2017 " درجة البكالوريوس" من العام الدراسي جامعة بيرزيت تعلن 2018/2017 يعادلها ابتد

Microsoft Word - AarrAa03.doc

لغة الضاد عنواني

هدي النبي في رمضان معالي ا شل يخ الدكتور عبد الكريم بن عبد اهلل اخلضري عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء تاريخ المحاضر

صفوت مصطفي حميد ضهير مدرسة الدوحة الثانوية ب أي خطأ طباعي أو إثناء التحويل من صيغة آلخري يرجي إبالغي به والخطأ مني ومن الشيطان أما توفيقي فمن هللا عرف

نماذج االتصال Communication Models

منح مقد مة من مبادرة ألبرت أينشتاين األكاديمية األلمانية لالجئين إلى النازحين السوريين في لبنان يعرف باسم "دافي (DAFI) العام األكاديمي الجامعي 4102/41

توزيع املساقات الدراسية في برامج ماكاديمية على ماقسام العلمية )1( قسم القانون الدولي العام م املساق القانون الدولي العام التنظيم الد

الحل المفضل لموضوع الر اض ات شعبة تقن ر اض بكالور ا 2015 الحل المفص ل للموضوع األو ل التمر ن األو ل: 1 كتابة و على الشكل األس. إعداد: مصطفاي عبد العز

IE-ARABIC-BAPTISM copy

Natural Resources

الــــــرقم الــــقياسي لتكاليف اإلنــــشاءات مــشاريع األبـــــــراج ﺍﻟـــﺮﺑــﻊ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ 2017 )سنة األساس (2013 ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺻﺪﺍﺭ : ﻣﺎﺭﺱ 2018 الـرقم الــــق

الرقابة الداخلية والرقابة الخارجية

دبلوم متوسط برمجة تطبيقات الهواتف الذكية

البكريةA5.indd

الــــــرقم الــــقياسي لتكاليف اإلنــــشاءات مــشاريع األبـــــــراج ﺍﻟـــﺮﺑــﻊ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ 2017 )سنة األساس (2013 ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺻﺪﺍﺭ : ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ 2017 الـرقم الـــ

Microsoft Word - moneybookers

م ج ل ة الض اد ل ل غ ة الع ر ب ي ة العدد - 12 ديسمرب 2016 اإل م ام الخ ب ير الم غ ر ور و ح د يث الد ود ة! الش اف ع ي م ن م ح ن ة الو ل ي ة إ ل ى م ن ح

I تفريغ مكثف في وشيعة. 1 التركيب التجريبي: L = 40mH وشيعة معامل تحريضها C = 1μF مكثف سعته E = 6V العدة: مولد قوته الكهرمحركة ومقاومتها الداخلية r = 10

( ضع إشارة ( ) أمام العبارة الصح حة وإشارة الخاطئة العبارة (أمام ) ) ( 1- اتبع نب نا دمحم هللاىلص الحن ف ة وه ملة أب نا إبراه م عل ه السالم... ( 2- بد

Guidelines for gender-inclusive language in Arabic_Toolbox/ Self-paced activity: Apply the guidelines to a text تطبيق الوثيقة التي تحتوي على أفضل المم

التعصيب و الحجب

Baraemalain private school/baniyas مدرسة براعم العين الخاصة بني ياس للعام الدراسي 2019 / 2018 م الفصل الدراسي الثالث الصف : الثالث الشعبة :... ورقة عم

ان ذ ش خ انؼبيخ نهزشث خ انزؼه ى ن ذبفظخ ش بل انجبط خ امتحان نهاية الفصل الدراسي األ ل نهؼبو انذساع / / و- انذ س األ ل انصف : انخبيظ انزشث خ اإلعالي خ

منحهما جائزة "الوسام الذهبي لإلنجاز": - Monitoring Media إتحاد المصارف العربية يكر م عدنان وعادل القص ار في القمة المصرفية العربية الدولية في باريس Ta

د ر و س ف ق ه ي ة ا ل ث ان ي ا ل ثان وي

الوحدة األولى المالمح البشرية للوطن العربي عنوان الدرس : سكان الوطن العربي أوال :أكمل الجدول التالي: 392 مليون نسمة %5.3 %39.9 %60.1 عدد سكان الوطن ال

Microsoft Word - Conversion - Tagheyer - Rougoua

عرض تقديمي في PowerPoint

الشريحة 1

النسخ:

حرية االعتقاد في القرآن الكريم والسنة النبوية ( مع تفصيل في أحاديث حد الردة وسياقات الفقهاء وأهل الحديث( كتبه حسن بن فرحان المالكي 1

محتويات الكتاب المقدمة هدف الكتاب ال نزاع بين والسنة الكتاب غايات خلق السموات و األرض اإلكراه ال يتناسب مع الغايات الكبرى من خلق الفصل األول: حرية االعتقاد في القرآن الكريم ا مل بحث األول: آيات المشيئة واإلرادة الكون ا مل ا مل بحث الثاني: بحث الثالث: آيات وظائف الرسل آيات حرية االعتقاد ومانع نسخها أو تخصيصها بحث الرابع: ا مل اآليات التي يستدل بها المحتجون على اإلكراه في الدين ا مل بحث الخامس: آيات الجهاد ال تنافي آيات حرية االعتقاد الفصل الثاني: حرية االعتقاد في السنة النبوية المبحث األول: مقدمات تمهيدية الكثافة القرآنية والكثافة الحديثية الخالصة المبحث الثاني: األحاديث ودعمها: االعتقاد حرية في تقرير المجموعة األولى: أحاديث العرض على القبائل حديث عروة حديث عائشة حديثكعب بن مالك حديث جابر بن عبد اهلل حديث ابن رومان وعبد اهلل بن أبي بكر ( في العرض على كندة( حديث علي بن أبي طالب ( في العرض على بني شيبان( 2

رواية الكلبي في العرض على بني عامر رواية الزهري ( شيخ ابن إسحاق( المجموعة الثانية: أحاديث بيعة العقبة نصوصها في البيعات الثالث التعليق و الدالالت المصادر و الرواة المجموعة الثالثة: معاهدات النبي صلى اهلل عليه وسلم: وأشهرها وثيقة المدينة نص الوثيقة أبرز مصادر الحديث الخالصة المجموعة الرابعة: األحاديث المفردة ( بحوادث خاصة( خالصة الخالصات الفصل الثالث: األحاديث في انتهاك حرية االعتقاد ونقدها المبحث األول: حديث عكرمة ونقده تراجم رجال إسناد الحديث علل الحديث المبحث الثاني: حديث ابن مسعود وبيانه من اآلثار المفسرة له الفصل الرابع: بيان حديث عثمان الذي يخالف حديث ابن مسعود وحديث عائشة سياقات أهل الحديث والفقه المبحث األول: سياقات أهل الحديث وحد الردة لإلكراه سياق البخاري لحد الردة سياق مسلم ألحاديث الردة وحد الردة سياقات الفقهاء لحد الردة سياقات الفقهاء المتقدمين لعقوبات المرتد 3

المالحق السياقات المعاصرة لحد الردة و العقوبات فقرة 1: الذنوب الدنيوية حال عكرمة مولى ابن عباس وسيرة( وتعديال )جرحا فقرة 2: حال أيوب السختياني تلميذ عكرمة )وتأثره بشيخه أبي قالبة( فقرة 3: فقرة 4: المراجع 4

المقدمة )1( ب أ س ا ل ي ن ذ ر ق ي م ا ع و ج ا ل ه ي ج ع ل و ل م ال ك ت ا ب ع ب د ه ع ل ى أ ن ز ل ال ذ ي ل ل ه )ال ح م د ي ع م ل و ن ال ذ ي ن ال م ؤ م ن ي ن و ي ب ش ر ل د ن ه م ن ش د يد ا أ ج ر ا ل ه م أ ن الص ال ح ا ت ح س نا ) 2 ((]الكهف[ وصلى اهلل على من بعثه اهلل رحمة للعالمين وعلى من سار على منهجه إلى يوم. الدين من يتأمل القرآن الكريم يجد فيه شفاء لمشاكل العصر سواء على المستوى الفردي أو الجماعي أو اإلنساني هذا كالم يقوله كل المسلمين والقليل من يوفقه اهلل للوصول إلى تطبيق أقرب إلى هذا الكالم النظري وال يوفق اهلل من يشرك به شيئا فكل شريك يذهب بنصيبه سواء كان هذا الشريك فردا أو مذهبا أو دولة عاما. أو رأيا فلذلك نسأل اهلل قبل كل شيء أن يوفقنا في تجنب إشراك غيره في المراقبة بمعنى أال يراقب الباحث إال اهلل ال يراقب رضا القريب وال البعيد وال الدنيا العاجلة وال السمعة والثناء فحب الناس عبادة والمصلحة عبادة والمذهب عبادة إذا راقبهم الباحث عند كتابة أي بحث أو فتوى. وال نظن أن تحذير اهلل من الشرك كان عبثا أو أنه سيأتي عليه زمن تنتهي صالحيته بل ولعل أكثر الناس نهيا عن الشرك هم واقعون في أنواع منه عندما يراقبون الشيخ أو المذهب وعندما يهملون شرك األحبار والرهبان والرأي العام وحب الثناء وتزكية النفس. 5

هدف الكتاب: هذا الكتاب حقوقي وهدفه في فرع من الحقوق وهو معرفة حق المخالف في الدين فضال عن المخالف في الرأي ومعرفة هذا من النصوص الشرعية أوال وخاصة من القرآن الكريم قبل األحاديث الشريفة )وإن كنا لم نهمل األحاديث في هذا المبدأ مما اتفق مع القرآن الكريم( ولكن يبقى ترتيب المصادر الشرعية يقتضي تقديم االستدالل بالكتاب الكريم على األحاديث ال سيما وأن األحاديث المخالفة لحرية االعتقاد يخالفها أحاديث أقوى منها فضال عن كونها آحادا ومختلفا في رواتها فكيف بمخالفتها القرآن الكريم أيضا من أهدافه الحث على تدبر القرآن الكريم وأال يغشينا عنه كثافة المرويات واآلراء فهو ميسر لمن شاء أن يتدبر وليس لغزا وال طلسما ومن تدبره وشك في األعراف الدينية خشي اهلل وعلم أن اهلل ليس بينه وبين أحد نسب وال قرابة وأنه ال حجة لمن يتبع التقليد ولن يبعث اهلل اإلنسان إال فردا لن يبعثه وسط أهل مذهبه وال مع سلفه وسيسألنا اهلل عن هذا القرآن ولماذا هجرنا تدبره وهل أجهدنا أنفسنا في االنتفاع ولو بقليله فقليله كاف وكثيره هاد ومن التمس الهدى في غيره أضله اهلل فمنه المنطلق وهو المحور لكل فكرة إيمانية ومن ال يبدأ به ال يعود إليه نسأل اهلل أن يجنبنا هجره واستصعابه واالستهانة به. ال نزاع بين الكتاب والسنة: ويجب أن ننبه هنا أننا ال نؤمن بأن هناك منازعة بين القرآن والسنة أبدا وإنما المنازعة إما في االستدالل بما لم يدل أو تصحيح ما ال يصح أو دعوى نسخ ما ليس 6

منسوخا فهذه مناطق مباحة للبحث العلمي واالجتهاد وبحثنا هنا في هذه المنطقة وإن خرجنا برأي يخالف كثيرا من الفقهاء المتقدمين والمتأخرين فما معنى التجديد إذن وبحمد اهلل وتوفيقه فقد وجدت كتاب اهلل وسنة رسوله متساوقين في تقرير حرية االعتقاد وتشريعها والدفاع عنها وإن كان القرآن أكثف كما وأصرح داللة في هذا المعنى من السنة و هذا ليس قصورا في السنة ولكن ألن القرآن ال يمكن تحريفه وال النقص من آياته وال الزيادة فيها وهذا الحفظ والصون لم يتمتع به الحديث فالقرآن الكريم تكفل اهلل بحفظه واألحاديث تكفل البشر بحفظها وشتان بين قدرة اهلل وقدرة البشر فالبشر ال تقارن قدرتهم بقدرة اهلل على حفظ األشياء فاهلل ليس لقدرته حدود )و ه و ال ق و ي ال ع ز يز(]الشورى 11 [ )و خ ل ق اإل ن س ان ض ع يفا(]النساء 22 [ ومن ظن أن قدرته تساوي قدرة اهلل ووعده يساوي وعد اهلل فقد ضاهى اهلل في جبروته وهذا من أبغض ما يبغضه اهلل في اإلنسان. غايات خلق السموات واألرض واإلنسان: خلق اهلل وقد بعض وترتيبها السموات واألرض واإلنسان ألربع غايات منطقيا لمن تأمل القرآن الكريم هي: كبرى يترتب بعضها على الغاية األولى: االبتالء العدل والثانية: والثالثة : اإليمان 7

العبادة والرابعة: إذن فليس غاية الخلق الوحيدة هو عبادة اهلل فقط كما يظن أكثر المسلمين فهذا وهم كبير أوقعهم فيه الواقع السياسي لصرفهم عن فهم حقيقة االبتالء وللتنصل من لوازم اإليمان وفرارا من صعوبة العدل وأبقى الواقع السياسي على العبادة جافة من أهدافها عقيمة عن إنتاج ثمرتها فخرجت عبادتنا عبادة عجيبة ال تعرف معنى االبتالء وال مركزية العدل وال حقيقة اإليمان فهي ال تصبر على بالء وال تقاوم ظلما وال تستجيب لعادل وامتألت الدنيا بالعب اد الحمقى والسالطين الظلمة وخلت ممن يعبد اهلل حق عبادته. االبتالء غاية إلهية أولى: أما الدليل من كتاب اهلل على علة االبتالء واختبار اإلنسان في ما أعطاه اهلل من نعم الحواس والعقل والقلب والمال والصحة و غيرها ففي آيات كثيرة منها قوله تعالى في سورة المائدة المدنية: )و أ ن ز ل ن ا إ ل ي ك ال ك ت ا ب ب ال ح ق م ص د قا ل م ا ب ي ن ي د ي ه م ن ال ك ت ا ب و م ه ي م نا ع ل ي ه ف اح ك م ب ي ن ه م ب م ا أ ن ز ل الل ه و ال ت ت ب ع أ ه و اء ه م ع م ا ج اء ك م ن ال ح ق ل كل ج ع ل ن ا م ن ك م ش ر ع ة و م ن ه اج ا و ل و ش اء الل ه ل ج ع ل ك م أ م ة و اح د ة و ل ك ن ل ي ب ل و ك م ف ي م ا 1 آ ت اك م ف اس ت ب قوا ال خ ي ر ا ت إ ل ى الل ه م ر ج ع ك م ج م يع ا ف ي ن ب ئك م ب م ا ك ن ت م ف ي ه ت خ ت ل ف ون (]المائدة 42 [. ومن أعظم ما آتانا اهلل السمع والبصر والعقل والقلب )الضمري( وهي من أبرز مواطن االبتالء ويأيت يف الدرجة الثانية املال واملكانة والدنيا بزينتها والصحة و غريها من النعم الغري متعلقة باإلدراك و التمييز وكل ما آتاك اهلل فهو حمل لالبتالء ويكون اجتياز االبتالء هو معرفة وظيفة هذه النعم وظيفة السمع أن يسمع والبصر أن يبصر والعقل أن يعقل ه و ال ذ ي والقلب أن حييا )أ ف م ن ي ش ي م ك ب ا ع ل ى و ج ه ه أ ه د ى أ م م ن ي ش ي س و ي ا ع ل ى ص ر اط م س ت ق يم )22( ق ل 8

وقال في سورة األنعام المكية )و ه و ال ذ ي ج ع ل ك م خ ال ئ ف األ ر ض و ر ف ع ب ع ض ك م ف و ق ب ع ض د ر ج ات ل ي ب ل و ك م ف ي م ا آ ت اك م إ ن ر ب ك س ر يع ال ع ق ا ب و إ ن ه ل غ فور ر ح يم(]األنعام 9.]161 ال ذ ي )و ه و بل ذكر خ ل ق في سورة هود الس م او ا ت و األ ر ض 2 أن الغاية من خلق السموات واألرض هو االبتالء : أ ي ك م ل ي ب ل و ك م ال م ا ء ع ل ى ع ر ش ه و ك ا ن أ ي ام س ت ة ف ي الس م ع و ا ل ب ص ا ر و ا ل ف ئ د ة ق ل ي ال م ا ت ش ك ر و ن) 22 ((]امللك[ وشكرها تفعيلها لتؤدي وظيفتها ل ك م أ ن ش أ ك م و ج ع ل وكذلك وظيفة املال أن يعطى منه للمستحق )و يف أ م و ا ل م ح ق ل لس ائ ل و ال م ح ر و م(]الذاريات 91 [ والسلطة أن تعدل واملكانة أن توظف يف نصرة احلق واخلري وهذا مبثوث يف كتاب اهلل وهذا عزاء من نقصه شيء من هذه النعم كمن فقد السمع أو البصر أو العقل لنه هبذا يكون اهلل قد كفاه تلقائيا أمر االبتالء فيما فقد وتصبح نتيجته خريا له قال تعاىل : )ل ك ي ال ت أ س وا ع ل ى م ا ف ات ك م و ال ت ف ر ح وا ب ا آ ت اك م و الل ه ال حي ب ك ل م ت ال ف خ ور(]احلديد 22 [ فعلى عدد النعم يتعدد االبتالء وعلى قدر النعم يعظم االبتالء. 2 وإن استشكل مكابر قائال : إذا كان ابتالء اإلنسان هو علة خلق السموات وا لرض فكيف مت خلق السموات وا لرض قبل خلق اإلنسان باليني السنني هال كان خلقهما متزامنا واجلواب: مع أن اهلل ال يسأل عما يفعل فله العزة والقدرة والعلم إال أنه يكن اجلواب بسهولة على هذا االستشكال بالقول أن االبتالء غاية يف كل مكلف وليس متصا باإلنسان فهو غاية يف خلق اجلن واإلنس وكل مكلف مل نعرفه كما قال تعاىل يف سورة ا لنعام )ي ا م ع ش ر اجل ن ه م و اإل ن س أ مل ي أ ت ك م ر س ل م ن ك م ي ق ص ون ع ل ي ك م آ ي ايت و ي ن ذ ر ون ك م ل ق اء ي و م ك م ه ذ ا ق ال وا ش ه د ن ا ع ل ى أ ن ف س ن ا و غ ر ت احل ي اة الدن ي ا و ش ه د وا ع ل ى أ ن ف س ه م أ ن ه م ك ان وا ك اف ر ين (]ا لنعام 921 [ وقال تعاىل )و ل ق د ذ ر أ ن ا جل ه ن م ك ث ري ا م ن اجل ن و اإل ن س ل م ق ل وب ال ي ف ق ه ون هب ا و ل م أ ع ني ال ي ب ص ر ون هب ا و ل م آ ذ ان ال ي س م ع ون هب ا أ ول ئ ك ك ا ل ن ع ام ب ل ه م أ ل أ ول ئ ك ه م ال غ اف ل ون (]ا لعراف 971 [ وقال تعاىل )ق ال اد خ ل وا يف أ م م ق د خ ل ت م ن ق ب ل ك م م ن اجل ن و اإل ن س يف الن ا ر ك ل م ا د خ ل ت أ م ة ل ع ن ت أ خ ت ه ا(]ا لعراف 23 [ فاجلن جنس متقدم على اإلنسان با ال يعمله إال اهلل من السنني وكان منهم إبليس نفسه )و إ ذ ق ل ن ا ل لم ال ئ ك ة اس ج د وا ل د م ف س ج د وا إ ال إ ب ل يس ك ان م ن اجل ن ف ف س ق ع ن أ م ر ر ب ه أ ف ت ت خ ذ ون ه و ذ ري ت ه أ و ل ي اء م ن د و ن و ه م ل ك م ع د و ب ئ س ل لظ ال م ني ب د ال(]الكهف 01 [ وقالت املالئكة قبل خلق آدم )و إ ذ ق ال ر ب ك ل ل م ال ئ ك ة إ ن ج اع ل يف ا ل ر ض خ ل يف ة ق ال وا أ ت ع ل ف يه ا م ن ي ف س د ف يه ا و ي س ف ك الد م اء (]البقرة 21 [. إذن فاهلل أعلم كم من أمم من اجلن سبقت اإلنسان إىل هذا العامل ور با سبقت أجناس أخرى مل يقص اهلل علينا خربهم كما يف قوله تعاىل )أ مل ت ر أ ن الل ه ي س ج د ل ه م ن يف الس م او ات و م ن يف ا ل ر ض و الش م س و ال ق م ر و الن ج وم و اجل ب ا ل و الش ج ر و الد و اب و ك ث ري م ن الن اس و ك ث ري ح ق ع ل ي ه ال ع ذ اب و م ن ي ه ن الل ه ف م ا ل ه م ن م ك ر م إ ن الل ه ي ف ع ل م ا ي ش اء (]احلج 93 [ فقوله )من يف السموات ومن يف ا لرض( خطاب للعاقل املكلف مث عطف عليها غري العاقل من الشمس والقمر مث خصص الناس لهنم اخلالئف على ا لرض إذن فال نعرف أكثر املكلفني يف وموات وال يف أرض كما مل يقص لنا اهلل أخبار اجملرات وا لكوان وال ما يف السموات وا لرض من ملوقات أخرى بعضها عاقل مكلف كما يف ا لية السابقة فمن يستطيع أن حيدد أنواع املكلفني وبداية خلق هؤالء املكلفني وهل ذكر اجلن واإلنس نفي ملا سواهم كال.

إ ال ه ذ ا إ ن ك ف ر وا ال ذ ي ن ل ي ق ول ن ال م و ت ب ع د م ن م ب ع وث و ن إ ن ك م ق ل ت و ل ئ ن ع م ال أ ح س ن س ح ر م ب ين(]هود 7 [. وقال في سورة الكهف المكية )ف ل ع ل ك ب اخ ع ن ف س ك ع ل ى آ ث ار ه م إ ن ل م ي ؤ م ن وا ب ه ذ ا ال ح د يث أ س فا )6( إ ن ا ج ع ل ن ا م ا ع ل ى األ ر ض ز ين ة ل ه ا ل ن ب ل و ه م أ ي ه م أ ح س ن ع م ال) 7 ((]الكهف[. وفي سورة الملك المكية )ت ب ار ك ال ذ ي ب ي د ه ال م ل ك و ه و ع ل ى ك ل ش ي ء ق د ير )1( ال ذ ي خ ل ق ال م و ت و ال ح ي اة ل ي ب ل و ك م أ ي ك م أ ح س ن ع م ال و ه و ال ع ز يز ال غ فور) 2 ((]الملك[ وغير ذلك من اآليات. إذن فاالبتالء غاية من غايات خلق السموات واألرض واإلنسان وهي الغاية األولى التي يترتب عليها التكليف إذ لوال إرادة اهلل لالبتالء لما كلف المكلفين ولجبلهم على الطاعة كما جبل الحيوان والنبات والجماد على التسبيح له ثم التكليف ينبني عليه الحرية حرية االختيار فال ابتالء في حق غير المكلف من حيوان ونبات وجماد وإنما هم مجبولون على أداء وظائف معينة وكذا ال ابتالء في حق والصغير المجنون والنائم لغياب موطن التكليف أال وهو العقل فاالبتالء ال يكون إال في حق من يمتلك حق االختيار ومن هنا تأتي مقدمات النجاح في االبتالء وهو حسن استخدام الحواس فهي المفتاح األساس لتحقيق الهدف من االبتالء ويتوقف عليه الهدى أو الضالل أعني يتوقف على توظيف الحواس فمن أساء توظيف الحواس فعطلها أو تبرع بها لرأي عام أو قبيلة أو عادة ورثها عن اآلباء واألجداد فال يستحق إال الضالل فيكون قد أضل نفسه ألنه أغلق أبوابها االبتدائية بنفسه ومن سمع وأبصر )أحسن توظيف نعم الحواس( دلته بتوفيق اهلل على الهداية وهذا المعنى موسع في القرآن الكريم. 10

إذن فاآليات الكريمة السابقة وأمثالها تقرر أن االبتالء ابتالء المكلفين غاية كبرى من غايات خلق السموات واألرض واإلنسان ولكن االبتالء مراحل وليست مرحلة واحدة مرحلة الحواس ثم العقل والقلب ثم اإليمان وأعظم االبتالء بعد تجاوز مرحلة الحواس هو االبتالء في أعظم نعمة وهبها اهلل لإلنسان المكلف أال وهو العقل فالعقل بينه وبين الجوهري الفارق هو سائر األصناف األخرى من حيوان ونبات وجمادات. وقد ربط اهلل بين االبتالءين في عدة آيات من باب أن الحواس أول العقل مثل قوله ال ال ذ ي ن ال ب ك م الص م الل ه ع ن د الد و ا ب ش ر )إ ن تعالى ي ع ق ل و ن(]األنفال 22 [ )12( و م ا م د ب ر ي ن و ل و ا إ ذ ا الد ع اء الص م ت س م ع و ال ال م و ت ى ت س م ع ال )ف إ ن ك تعالى وقال ف ه م ب آ ي ات ن ا ي ؤ م ن م ن إ ال ت س م ع إ ن ض ال ل ت ه م ع ن ال ع م ي ب ه اد ي أ ن ت م س ل م ون ) 13 ((]الروم[. فالذي ال يسمع البرهان وال يرى الحجج يكون قد أغلق منافذ العقل ألنه ال مدخل 3 للعقل إال عن طريق الحواس واالبتالء للعقل ومنافذه متقدم على التكليف بما يشمله من اتباع لألوامر واجتناب المناهي أي من عدل وإيمان وعبادة وتقوى و غيرها من التكاليف هذا من جانب ومن جانب آخر ألن كل مكلف محل لالبتالء بمشيئة كونية قدرية آمن أو لم يؤمن عبد اهلل أو عبد األصنام علم باإلسالم أم لم يعلم بلغته الحجة أو لم تبلغه. كل مبتلى على قدر ما سمع وما أبصر وما عقل فقد يكون هناك أقوام لم يسمعوا بدين قط لكن العاقل منهم يذم مساوئ األخالق من ظلم وكذب وسرقة و غيرها. إذن فهو مبتلى في ما عقله حتى ولو لم تبلغه رسالة ألن ما 11 2 مث من نافل القول أن ومع اإلنسان وبصره خيتلف عن ومع احليوان وبصره لن احلواس يف اإلنسان مرتبطة بالعقل بينما هي يف احليوان مرتبطة بالغريزة وهنا تصبح احلواس حمل لالبتالء أيضا ويتقدم ابتالؤها على ابتالء العقل والقلب حبسن السماع وحسن اإلبصار وحسن النطق.

وصله من الحث على محاسن األخالق وذم مساوئها يكون قد وصله من بقايا النبوات من باب: )و إ ن م ن أ م ة إ ال خ ال ف يه ا ن ذ ير(]فاطر 24 [ فكل هداية في الدنيا فمصدرها من اهلل إما من بقايا نبوة وكتاب أو هداية عقل وضمير. ثم الغاية الثانية هي العدل: و العدل من غايات اهلل في بعث الرسل وإنزال الكتب. وهو غاية قبل اإليمان والعبادة لما سبق أن ذكرنا ولما سيأتي فقال تعالى في سورة الحديد المدنية )ل ق د أ ر س ل ن ا رس ل ن ا ب ال ب ي ن ات و أ ن ز ل ن ا م ع ه م ال ك ت ا ب و ال م يز ا ن ل ي ق و م الن اس ب ال ق س ط(]الحديد 21 [ فهنا يخبر اهلل أن من الغايات الكبرى التي من أجلها بعث اهلل الرسل وأنزل الكتب أن يقوم الناس بالقسط ومنها ما سبق من كون العقل حجة في ذم الرذائل اإلنسانية المعروفة فكل أمم األرض قبل اإلسالم وبعده تذم الظلم وتمدح العدل بل حتى الظالمين يذمون الظلم ولو نظريا ويمدحون العدل ولو نظريا ففطرية العدل مقدمة على فطرية اإليمان ولما أتى اإلسالم جعل اإليمان اختياريا وجعل العدل لزاما )فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر(]الكهف 21 [ بينما لم يجعل العدل اختياريا أي لم يقل )فمن شاء فليعدل ومن شاء فليظلم( اإليمان والكفر. ولم يعلل أو يقرر حرية العدل والظلم كما قرر حرية الغاية الثالثة : اإليمان: رأينا أنه في الغاية األولى )االبتالء( هي واقعة اضطرارا وقدرا وقد علل اهلل بها سبب خلق السموات واألرض واإلنسان ورأينا أن الغاية الثانية )العدل( قد علل اهلل بها إنزال 12

الكتب وإرسال الرسل وقد قدمناها على غاية اإليمان ألنه ال خيار بين العدل والظلم وال حرية للظالم أن يظلم بل هو ملزم بالعدل والظلم هنا الظلم الحقوقي أو االعتداء المباشر بينما اإليمان اختياري )فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر(]الكهف 21 [. وقضية اإليمان قضية مركزية في الرساالت السماوية واإليمان عدة قضايا تتفاوت من حيث األهمية وكل على أهمية كبيرة ولكن أهم قضايا اإليمان أمران اإليمان باهلل واليوم اآلخر فهو أهم من اإليمان بالرسل والكتب والمالئكة ألن الذي يؤمن باهلل ويعرفه يكون بحسب معرفته باهلل أقوى على تحمل االبتالء واالستعداد له ألنه يعرف أنه يضحي ويصبر ليحصل على رضا الواحد األحد الذي ابتاله ورآه أهال لالختبار وكذلك من آمن باليوم اآلخر يعرف أن عمله في الدنيا لن يترك سدى وأن هذه الدنيا دار عبور وأنها ال تستحق الوقوف عندها كثيرا وأن الدار اآلخرة هي المثوى األبدي الذي يجب العمل له والذي سيكون فيه التعويض األوفى عن كل مظلمة لحقته أو صديق فقده أو مكانة تبوأها ففي اآلخرة العزاء الكافي عن كل مفقود في الدنيا من المعنويات والمحسوسات فاإليمان بال شك من أكبر دالئل النجاح في االبتالء ومن مثبتتات العدالة ومحفزات الفضيلة فالدنيا ال تستحق من اإلنسان أن يضحي فيها بضميره وصدقه وشهادته هلل ونصرته للعدالة. وهذه األمور تكلف اإلنسان كثيرا من الخسائر الدنيوية ولكن إذا عرف المبتلى بأن اهلل بهذا االبتالء إنما ابتاله حبا له وثقة به وربما ليباهي به مالئكته زاده هذا إيمانا وعزما وتشبثا باهلل الواحد األحد ولذلك نجد اهلل عز وجل يخصص اإليمان باهلل واليوم اآلخر ويفضلهما على كثير من مسائل اإليمان األخرى حتى اإليمان بالرسل والكتب المنزلة كما في قوله تعالى )إ ن ال ذ ي ن آ م نوا و ال ذ ي ن ه ادوا و الن ص ار ى و الص اب ئ ي ن م ن آ م ن ب الل ه و ال ي و م اآل خ ر و ع م ل ص ال ح ا ف ل ه م أ ج ر ه م ع ن د ر ب ه م و ال خ و ف ع ل ي ه م و ال ه م ي ح ز ن و ن(]البقرة 62 [ 13

ص/ ج) فهنا لم يتحدث اهلل عن األنبياء والكتب المنزلة والمالئكة ألسباب أولها ألن كل ملة من هذه الملل ال تؤمن بأنبياء الملة األخرى وال كتبهم باستثناء المسلمين فألومهم األدنى واألهم بالحد )اإليمان باهلل واليوم اآلخر( فإذا عملوا صالحا )وهو األخالق العالمية كالعدل والصدق والبر( فقد تحققت نجاتهم وكذلك قوله تعالى في حق أهل الكتاب )ل ي س وا س و اء م ن أ ه ل ال ك ت ا ب أ م ة ق ائ م ة ي ت ل و ن آ ي ا ت الل ه آ ن اء الل ي ل و ه م ي س ج د ون )113( ي ؤ م ن ون ب الل ه و ال ي و م اآل خ ر و ي أ مر و ن ب ال م ع ر و ف و ي ن ه و ن ع ن ال م ن ك ر م ن و أ ول ئ ك ال خ ي ر ا ت ف ي و ي س ار ع ون الص ال ح ي ن) 114 ((]آل عمران[. ولكن الواقع السياسي أراد أن يحصر النجاة بدين ثم بمذهب من سبعين مذهبا وهو مذهب السلطة كما في الحديث الذي رواه معاوية: )قال النبي صلى اهلل عليه و سلم : إن أهل الكتاب تفرقوا في دينهم على اثنتين و سبعين ملة و تفترق هذه األمة على 4 ثالث و سبعين كلها في النار إال واحدة و هي الجماعة(! وتبع العلماء سلطتهم في هذه العقيدة فقال ابن تيمية في شرح العقيدة الواسطية )363( : )أ خ ب ر الن ب ي ص ل ى الل ه ع ل ي ه و س ل م أ ن أ م ت ه س ت ف ت ر ق ع ل ى ث ال ث و س ب ع ين ف ر ق ة ك ل ه ا ف ي الن ار إ ال و اح د ة و ه ي ال ج م اع ة(! ثم يحصر أهل الجماعة بأمور كالمية وخالفية. هذا هو األثر السياسي القديم الذي يسير عليه الواقع المذهبي فتسير األجيال خلف ما كتبه األسالف وينقل األسالف ما رواه السالطين وكتاب اهلل في الحالتين غير حجة! وال يلتفت إلى مثل اآلية السابقة وإنما ينشغل المسلمون في طريق عمرو بن شعيب أو صفوان بن عمرو السكسكي وهؤالء إنما رووا ما بثه قصاص السلطة ورواتهم وأصبح الناس يتدينون بما وضعه السلطان ويعرضون عما نطق به القرآن وهنا )293 9 املستدرك على الصحيحني للحاكم مع تعليقات الذهيب يف التلخيص 14

[ نجح مكر الشيطان وأبلغ مكره أن يظن المسلم أنه عدوه وهو ينطق بلسانه فاللهم عونك على بيان شرعك واعصمنا من الشيطان وذويه. إذن فاإليمان على محوريته إال أنه مسائل بعضها أهم من بعض وكلها من كبار ما أوجبه اهلل ولكنه مع هذا كله ال إكراه في الدين ومن هنا قلنا أن العدل مقدم في المطلبية على اإليمان واإليمان مقدم على العبادة والعبادة شاحنة لإليمان كما أن اإليمان عامل شاحن للعدالة والعدالة اختيار موفق لالبتالء. من هنا عمل الواقع السياسي على تغفيل البشر وصرفهم عن الترتيب لهذه الغايات لما يترتب عليها من كشف للخلل السياسي والثقافي وبالتالي العمل الجاد على إصالح الوضع فتم صرف الناس إلى العبادة المحضة الجامدة التي تغفل عن وظيفتها في شحن اإليمان الذي ينتقل إلى الواقع العملي من توظيف قدرات اإلنسان العقلية والعملية والروحية في زرع الفضيلة واإلبداع وإنمائها على األرض لكون استخالف اهلل لإلنسان على األرض واستعماره فيها وهذه الغايات األربع فيها حديث طويل ال يتسع له المقام هنا ولألمانة لم أجد أحدا من قبل رتب هذا الترتيب وجل الدراسات المعاصرة يستجيب لمسألة العدل فقط تجاوبا مع لغة العصر أما أن يقرر معنى االبتالء المتدرج من الحواس إلى العقل والضمير إلى ثمرة ذلك فلم أجد من أشار إليه فضال عن بحثه وتقريره مع أن القرآن الكريم ناطق بهذا الترتيب ولكن يحتاج للتدبر لوال أقفال التقليد والعوائد وضغط الواقع الفكري والسياسي )أ ف ال ي ت د ب ر و ن ال ق ر آ ن أ م ع ل ى ق لوب أ ق ف ال ه ا(]محمد 24 ثم الغاية الرابعة : هي العبادة: 15

و اإل ن س إ ال ال ج ن خ ل ق ت )و م ا ل ي ع ب د و ن(]الذاريات 16 [. والغاية العبادية ال تتناقض مع غاية االبتالء وال العدل وال اإليمان فمن ال يعبد إال يكون اهلل قد مر بمراحل االبتالء واإليمان والعدل. والعبادة هنا أشمل من الصالة والزكاة والصوم والحج. فالعبادة أال تتخذ مع اهلل إلها آخر ال صنما وال شيخا وال عادة وال مذهبا. فمن فعل هذا فقد عبد اهلل ومن لم يفعل هذا فال أدري هل عبادة اهلل تتفق مع التعبد بظلم الناس والركون إلى الظلمة أم ال سياق اآليات يدل على شمولية العبادة كما في قوله تعالى )و ال ت ج ع لوا م ع الل ه إ ل ه ا آ خ ر إ ن ي ل ك م م ن ه ن ذ ير م ب ين )11 ك ذ ل ك ) )12( م ج ن ون أ و س اح ر ق ال وا إ ال ر س ول م ن ق ب ل ه م م ن ال ذ ي ن أ ت ى م ا ب ه أ ت و اص و ا ب ل ه م ق و م ط اغو ن )13( ف ت و ل ع ن ه م ف م ا أ ن ت ب م لوم )14( و ذ ك ر ف إ ن الذ ك ر ى ت ن ف ع ال م ؤ م ن ين )11( و م ا خ ل ق ت ال ج ن و اإل ن س إ ال ل ي ع ب د و ن ) 16 ((]الذاريات[ فمن عطل العقل لفتوى أو عقيدة أو قتل األبرياء لفتوى أو عقيدة أو ظلم الناس لفتوى أو عقيدة أو أكل أموال الناس لفتوى أو عطل سمعه وبصره وأعرض عن آيات اهلل النيرات لفتوى أو عقيدة أو شيخ هل يختلف عن الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون اهلل اللهم ال والجواب: أم ال إال إن كان في مستوى عقلي ضعيف يرفع عنه التكليف العقلي والقلبي والبصري والسمعي فهذا أمر يعرفه اهلل وحده فاهلل هو الذي يعلم من يستطيع أن يعبده وحده ومن ال يستطيع إال أن يعبده إال مع غيره كل القرآن الكريم قائم على هذا المبدأ والمنطلق فمن شاء فلينظر ومن شاء فليعرض. العبادات لها غايات وأهداف ووظائف: 16

إن العبادات ثم المشهورة من صالة وصوم وحج غيرها و لها أهداف وغايات أبعد منها وليست غاية في ذاتها وإنما هي بمنزلة الشحنات اإليمانية التي تساعد المؤمن على االتصال باهلل والتعلق به وقطع كل الحبال البشرية التي تحول بين اإلنسان وبين الصعود إلى السماء وهذا ظاهر في اآليات الكريمة فالصالة مثال وهي أشهر العبادات العملية نجد اهلل يذكر لها أهدافا أبعد مما يتصور أكثر الناس فأكثر الناس يصورون الصالة وغيرها من العبادات هدفا لذاتها وكأن اهلل يطلبها لنفسه واهلل غني عن العالمين وإنما ترجع فائدة الصالة وغيرها من العبادات لإلنسان نفسه إذ تشحنه بالطاقة الالزمة لتخطي الموانع البشرية واألهواء الذاتية لننظر إلى أهداف الصالة )والهدف مقدم على الفعل( الص ال ة الممتلئ ف اس ع و ا يقول تعالى: أ ن ا )إ ن ن ي ل ذ ك ر ي(]طه 14 [ وذكر اهلل له معنى أوسع باهلل ويقول تعالى و ذ ر وا الل ه ذ ك ر إ ل ى )ي ا ال ب ي ع أ ي ه ا ذ ل ك م ال ذ ي ن خ ي ر آ م ن وا ل ك م إ ذ ا إ ن ف اع ب د ن ي أ ن ا إ ال إ ل ه ال الل ه 17 و أ ق م من الذكر اللفظي إنه الضمير ن ود ي ك ن ت م ال ج م ع ة ي و م م ن ل لص ال ة ت ع ل م و ن(]الجمعة 1 [ إذ سمى الصالة ذكرا هلل بالمعنى القرآني للذكر وليس بالمعنى اللفظي وقوله تعالى )و اس ت ع ينوا ب الص ب ر و الص ال ة و إ ن ه ا ل ك ب ير ة إ ال ع ل ى ال خ اش ع ي ن(]البقرة 41 [ وهنا البد أن يكون المستعان عليه أعلى غاية الكتابة فالكتابة وشأنا من المستعان به فعندما أستعين بالقلم على هي الغاية األبعد واآلية تشير إلى الغاية األولى وفروعه( )االبتالء ولذلك قرن بين الصبر والصالة شحن الطاقة الروحية أعلى السقف والصبر أساس البناء وقوله تعالى ال ف ح ش اء و ال م ن ك ر م ا )ات ل و ل ذ ك ر ي أ وح الل ه إ ل ي ك أ ك ب ر م ن و الل ه ال ك ت ا ب ي ع ل م فالمصلين الذين ال ينتهون عن الفحشاء وال يأتمرون اهلل وصف الصالة بأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر. وال تعينه على النهي عن منكر ليست هي و أ ق م م ا ع ن ت ن ه ى الص ال ة إ ن الص ال ة ت ص ن ع و ن(]العنكبوت 41 [ بالمعروف كأنهم لم يصلوا. فالذي ألن ال تنهاه صالته عن منكر الصالة التي وصفها اهلل لنا. والمصلون في

عصرنا اهلل يعلم حالهم فغاية ما يطمع الناس منهم أال تأمرهم صالتهم بالمنكر فما من خطبة في مساجد المسلمين بما فيها المسجد الحرام والمسجد النبوي إال وترتجف قلوب المسلمين في مشارق األرض ومغاربها خشية من صدور منكر من الفتوى أو التحريض والضيق األفقي والتكفير رغم ضغط السلطة واإلعالم فأي فحشاء ينهى عنها المصلون وأي معروف يأمرون به إذن فهذا المثال لعبادة واحدة من العبادات التي أمر اهلل بها رأينا أنه يمكن أن تكون عبادة حية تحيي األرض وأهلها بشرط تؤدي وظيفتها من ذكر اهلل والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومعرفة علة تشريع اهلل لها من آيات القرآن الكريم أولى من معرفة واجباتها وسننها ألنه بمعرفة على تشريعها تكون خالصة هلل وحده مساجدها وخشوعها وأهدافها ووظائفها. كما يمكن أن تكون الصالة مجرد ممارسة عبادية جافة جامدة مضللة للمسلمين مفرقة بينهم إذا دخلتها األهداف السياسية والمذهبية والبشرية فالفرق بين الصالتين هو نتيجة للفرق بين عبادة اهلل وعبادة البشر. وبقدر ما نقترب من القرآن الكريم ونبتعد عن كثير من األحاديث التي تحجبنا عن القرآن أمكن معرفة العبادات وغاياتها ووظائفها وبقدر انغماسنا في األحاديث صرفتنا عن الغاية من وضع كثير من األحاديث إنما هو التشويش على الوظائف التي بينها القرآن الكريم والواقع السياسي من عهد بني أمية أشغل األمة عن القرآن الكريم باألحاديث والروايات واإلسرائيليات واآلراء ألن القرآن الكريم مبني على تفعيل الطاقات واإليجابية التفاعلية في المجتمع فهذه الحيوية تشكل خطرا على أي واقع 18

ص/ ج) ظالم مستبد فكان البد من بث الروايات الضرار إلرجاع الفرد إلى سلبيته ليبقى في بيته ويبكي على خطيئته ويدع الدنيا ألهلها! 1 فالدنيا ملعونة ملعون ما فيها! العبادات حاجة للبشر : إذن فعبادة اهلل إنما أمر اهلل بها ليس من باب الحاجة إليها وإنما لحاجة البشر إليها ألنك إن عبدت اهلل حق عبادته تركت عبادة غيره وأصبحت شهادتك هلل وقلبك هلل وعقلك هلل وقولك وسمعك وبصرك فقد أسهمت في حياة الضمائر والعقول والحواس واألعمال. أما إن أشرك المسلم مع اهلل غيره في صالته أوغيرها من العبادات تركه اهلل الل ه م ع ت د ع وا ف ال ل ل ه ال م س اج د )و أ ن وشركه معه : أ ح د ا(]الجن 12 [ وفي ظل هذه اآلية نعرف صحة الحديث القدسي الذي في الصحيح )الجمع بين الصحيحين ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عمال أشرك 231( يقول اهلل : 3 معي فيه غيري تركته وشركه( ولذلك تركنا اهلل وصالتنا فأصبحنا ال نأمر بمعروف إال إن رضي عنه السلطان والمذهب وال نأمر بمعروف إال إذا رضي عنه السلطان والمذهب وهذه علة العلل عبر تاريخنا اإلسالمي إذ جردنا العبادات من وظيفتها التي حددها اهلل في كتابه وأدخلتنا السلطة و فقهاؤها في تفاصيل الكيفيات والتفاخر بدقائق الفقه والفتوى في هذه العبادة أو تلك وتم بناء المذاهب على هذه المفاخرات فتم نزع أ رواح العبادات ومن أهمها الصالة فأصبح المسلمون كالخشب المسندة ال روح فيهم إال من رحم ربك واألخشاب ال تحرر إنسانا وال تقيم حضارة. 19 0 وهو حديث رواه الرتمذي وغريه وصححه بعضهم وهو منكر وا لثر السياسي عليه ظاهر ومن تدبر أوماء رواته عرف قرهبم من السلطة والقرآن يرد هذا احلديث فاهلل ال يلعن إال من يستحق اللعنة من الشيطان وذويه من الظاملني والكاذبني أما الدنيا بحسوساهتا ومعنوياهتا فهي مسرية ومل ترتكب خطيئة لتستحق لعنة.

اإلكراه ال يتناسب مع الغايات الكبرى من خلق الكون: إذن فاإلكراه على الدين يخالف مبدأ االبتالء ومبدأ العدل ومبدأ اإليمان ومبدأ العبادة نعم في موضوع الحقوق يختلف األمر ألن العدل واجب وإيقاف حرية الظالم حتى ال يتعدى إلى ظلم غيره واجب ثم قد تكره الظالم على العدل ألن الظلم أمر خارج إلى الجوارح فتمنعه من التعدي ولكن اإليمان والكفر والنفاق أمر قلبي واختصاصه باالبتالء أبلغ. وعندما نقول إن اهلل عز وجل شرع حرية االعتقاد وحر م اإلكراه في الدين فإننا ال نعني أنه يباح شرعا لمن شاء مشروعية الطعن في الدين أو أنه يستوي عنده من آمن باهلل ومن كفر به يفضل أو أنه األديان وربما اإللحاد على دين اإلسالم المحمدي نعم من حقه أن يعتقد ما يشاء ويرى ما يشاء ومن حقنا كمسلمين أن نقول إن آراءه واقواله باطلة فكون اعتقاده للشيء أو قوله به ال يعني اإلقرار بصوابه ولكن يعني أنه ليست هناك عقوبة شرعية تفرض عليه إال الدليل والبرهان والجدال بالتي هي أحسن بل حتى األديان التي تسمى سماوية ليست سماوية خالصة فأفضلية وأحقية الرسالة المحمدية ظاهرة في قوله تعالى )و أ ن ز ل ن ا إ ل ي ك ال ك ت اب ب ال ح ق م ص د ق ا ل م ا ب ي ن ي د ي ه م ن ال ك ت اب و م ه ي م ن ا ع ل ي ه ف اح ك م ب ي ن ه م ب م ا أ ن ز ل الل ه و ال ت ت ب ع أ ه و اء ه م ع م ا ج اء ك م ن ال ح ق ل ك ل ج ع ل ن ا م ن ك م ش ر ع ة و م ن ه اج ا و ل و ش اء الل ه ل ج ع ل ك م أ م ة و اح د ة و ل ك ن ل ي ب ل و ك م ف ي م ا آ ت اك م ف اس ت ب ق وا ال خ ي ر ات إ ل ى الل ه م ر ج ع ك م ج م يع ا ف ي ن ب ئ ك م ب ما ك ن ت م ف ي ه ت خ ت ل ف ون (]المائدة 42 [ فاإلسالم المحمدي وإن كان ال يختلف عن اإلسالم اإلبراهيمي وال اإلسالم العيسوي أو الموسوي إال أن الواقع يعرفه حتى أهل الكتاب 20 أنفسهم بأن األناجيل والتوراة والتلمود والزبور دخلها من التحريف والزيادات

والطمس ما لحقها وأما من حيث المصدر اإللهي والخطوط العامة فاألنبياء كلهم دينهم اإلسالم مع اختالف في بعض التشريعات بما يتناسب مع تطور البشر وخصائصهم وامتاز دين اإلسالم المحمدي بأنه خاتم األديان القرآن الكريم أ ون محفوظ كنص خالص بعيدا عن مدى انحراف المسلمين عنه. وهذا الدين الخاتم البد أن يكون شامال من حيث أحكامه و من حيث المدعوين ومن حيث نسخه لبعض األحكام السابقة التي كانت تصلح ألزمان متقدمة أو كانت خاصة بقوم دون قوم مثل تحريم بعض الطيبات على اليهود من باب العقوبة ال من باب التحريم الشرعي كقوله تعالى )ف ب ظ ل م م ن ال ذ ين ه ادوا ح ر م ن ا ع ل ي ه م ط ي ب ات أ ح ل ت ل ه م و ب ص د ه م ع ن س ب يل الل ه ك ث ير ا(]النساء 163 [. فمثل هذه األحكام المؤقتة زالت من دين اإلسالم الخاتم فجاء اإلسالم برفع بعض الشرائع السابقة ألن اهلل وضعها عقوبة وتأديبا. وكانت تلك األحكام والشدائد ضرورة تأديبية والتأديب له مدة معينة والبشرية كالمخلوق الواحد ينمو و يتعلم ويتأدب ويتطور وي ك افأ قال تعالى )ال ذ ين ي ت ب ع ون الر س ول الن ب ي األ م ي ال ذ ي ي ج د ون ه م ك ت وب ا ع ن د ه م ف ي الت و ر اة و اإل ن ج يل ي أ م ر ه م ب ال م ع ر وف و ي ن ه اه م ع ن ال م ن ك ر و ي ح ل ل ه م الط ي ب ات و ي ح ر م ع ل ي ه م ال خ ب ائ ث و ي ض ع ع ن ه م إ ص ر ه م و األ غ ال ل ال ت ي ك ان ت ع ل ي ه م ف ال ذ ين آ م ن وا ب ه و ع ز ر وه و ن ص ر وه و ات ب ع وا الن ور ال ذ ي أ ن ز ل م ع ه ال م ف ل ح ون (]األعراف 117 [. أ ول ئ ك ه م إذن فهناك أغالل وشدائد وضعت عن الناس وكا نت موجودة إما من قبل اهلل كعقوبة أو رهبانية ابتدعوها 6 ما كتبها اهلل عليهم والرسالة الخاتمة البد أن تتجنب األحكام المؤقتة وتحمل في كينونتها ما يصلح لكل زمان ومكان سواء فيما يخص المحكمات أو ما يمكن كشفه من المتشابه ومعرفة كل وقد ال يصدق البعض إذا عرف أن عادة الرهبان النصارى يف الوطن العريب إىل اليوم ال يتزوجون وهذه رهبانية ما كتبها اهلل عليهم عقال وشرعا فلن حيرم اهلل رجال وال امرأة من حاجة فطرية وإمنا ينظمها ويشرعها واإلسالم دين الفطرة. 21

منهما معرفة نسبية تختلف من قراءة ألخرى من قراءة توسع المحكمات وأخرى توسع المتشابه وهذا التنوع في القراءة إيجابي يجب أال يزعج أحدا مادام له وجه من الشرع أو اللغة أو التأويل. كما أن من حق الدين الخاتم أن يحاصر الظلم في أضيق نطاق ويبسط سلطته على األقوام والشعوب التي تنتهج الظلم واالضطهاد واإلكراه في الدين وهذا هو المعنى الذي لم تأخذ به أغلب الدول اإلسالمية عبر التاريخ ويجب أن يكون هذا محل الخالف معها إذ أن تلك الدول لتسلطها وظلمها وعجزها عن قراءة اإلسالم قراءة صحيحة فقد أشاعت أن اإلسالم يبيح إكراه الناس على الدين حتى ولو لم يكونوا محاربين وحاولت هذه السلطات تقليص الجانب الحقوقي في اإلسالم إلى أقصى حد لكونها ال تستطيع أن تفي بتلك الحقوق فخصلة الظلم الذي كانت تحمله في كينونتها ال يحتمل وجود جيران من العدل والقسط والحقوق وأهملت أن الهدف الرئيس من بعث الرساالت إنما هو العدل ال اإليمان )ل ق د أ ر س ل ن ا ر س ل ن ا ب ال ب ي ن ات و أ ن ز ل ن ا م ع هم ال ك ت اب و ال م يز ان ل ي ق وم الن اس ب ال ق س ط إذن فهدف (]الحديد 21 [. الرساالت هدف عالمي إنساني يقره كل عاقل وليس من أهدافه اإلكراه على الدين لكن إذا وجدت قبيلة أو دولة تنتهك حقوق اإلنسان وال تعترف بالتعدد الديني والثقافي فيجب على المسلمين قتال هؤالء حتى يكون دين هؤالء هلل بمعنى أال )31( يكون إكراها )أ ذ ن ل ل ذ ين ي ق ات ل ون ب أ ن ه م ظ ل م وا و إ ن الل ه ع ل ى ن ص ر ه م ل ق د ير ال ذ ين أ خ ر ج وا م ن د ي ار ه م ب غ ي ر ح ق إ ال أ ن ي ق ولوا ر ب ن ا الل ه و ل و ال د ف ع الل ه الن اس ب ع ض ه م ب ب ع ض ل ه د مت ص و ام ع و ب ي ع و ص ل و ات و م س اج د ي ذ ك ر ف يه ا اس م الل ه ك ث يرا و ل ي ن ص ر ن الل ه م ن ي ن ص ر ه إ ن الل ه ل ق و ي ع ز يز) 43 ((]الحج[ انظر كيف جعل المساجد )رمز اإلسالم( آخر الرموز ليؤكد أن القتال ضد الظالمين والمضطهدين هو واجب المسلمين وليس 22

القتال إلكراه الناس على اعتقاد نعم قد يبسط اإلسالم سلطته في عهد النبوة على أقوام أو قبائل ال يلتزمون بالعدل وإنما يبقى فيهم القتل والثأر والسلب والنهب والسرقة فهذا حق قائم إلى اليوم ألي سلطة قوية قادرة ويقر به العقالء وإنما يبقى الخالف في المعيار أو الحد الذي يسمح للدولة العادلة أن تتدخل في شئون الدولة الظالمة أو القبيلة الظالمة وليس أن تتدخل في شئون الدولة الكافرة أو القبيلة الكافرة وهناك فرق ظاهر بين األمرين. نعم تأتي بعض اآليات القرآنية باألمر بقتال الكفار والمشركين ولكن لو تأملنا كل اآليات الكريمة في هذا الباب لوجدناها تقيد من يجب محاربتهم بقيود تفيد بأنهم محاربون معتدون وقد ذم القرآن الكفر والكافرين لخضوعهم أوال ألنظمة ظالمة قبل كونهم يعتقدون غير دين اإلسالم لكنه خصص العقوبة للمعتدي والظالم وليس لصاحب الدين المخالف لدين اإلسالم )إضافة إلى أن مصطلح الكفر في القرآن الكريم قد يختلف عن مصطلح الكفر الشائع(. وابتلي اإلسالم أيضا بمنافقين بعضهم معروف مشهور وبعضهم تلفظ بالكفر علنا ولكن لم يعاقبهم دنيويا واكتفى بالتوبيخ وكشف أهدافهم ورغبهم في التوبة مرة بعد مرة ولم يكن لما يسمى ب )االستتابة( أصل ال في كتاب اهلل وال سنة رسوله على كثرة ما وردت اللفظة في كتب الفقهاء وفتاوى المفتين وسيوف السالطين ولكن هذا كله ال عالقة له بالنص الشرعي وإنما عالقته بالواقع التاريخي الذي تسربت تشريعاته إلى المدونات الفقهية والعقدية و الحديثية. 23

الفصل األول: حرية االعتقاد في القرآن الكريم 7 ال أبالغ إذا قلت ويمكن إخضاع هذا الرأي للبحث العلمي أن كل اإلشكاالت التي نعيشها اليوم كان ألهل الحديث في وجودها نصيب سواء على المستوى العلمي أو الحقوقي أو الفقهي أو االقتصادي أو السياسي. وهذا ال يعني إهدار فضائلهم وجهدهم وحسن نياتهم لكن لن ترتقي أمتنا حتى تحسن تقييم األمور سواء على مستوى المعاني المجردة أو األشخاص أو الجماعات واالتجاهات. وبما أن الجميع يتحدث عن فضائل أهل الحديث فكان البد من عرض بعض أضرارهم أيضا وخاصة تلك األضرار الروائية التي خالفت القرآن الكريم أو أسهمت في ذلك وحتى نعطي الموضوع الواحد حقه من البحث الدقيق فكان البد من بحث موسع يستعرض بهدوء وتوسع دراسة مقارنة بين القرآن والحديث في موضوع ما. فعندما نقول إن القرآن الكريم فتح الباب أمام العلوم المختلفة و إن أهل الحديث دورا في توهين العلوم األخرى على المستوى العلمي فال بد من إثبات وعندما نقول إن القرآن الكريم حارب االستبداد وأن أهل الحديث شجعوا االستبداد ولو من حيث ال يشعرون فالبد من أدلة. وعندما نقول أن القرآن الكريم أقر التسامح الديني وأن أهل الحديث هم من أرسوا التعصب المذهبي والديني فالبد من أدلة وإثباتات. وهكذا سنجد ألهل الحديث أثرا سلبيا في االقتصاد في الخلط مثال في حقوق المال العام وفي حصر الزكاة في األصناف الثمانية )مع أن الزكاة حق اهلل في المال ومعناها يعود الفضل يف هذا الفصل لألستاذ عبدالرمحن حللي يفكتابه )حرية االعتقاد يف القرآن الكرمي( وقد زدت عليه زيادات واختصرت بعض اإلسهاب فيه. 24

في القرآن أشمل من معناها في الحديث(. وهكذا في الجانب الحقوقي انتقلنا من )ال إكراه في الدين( إلى )من بدل دينه فاقتلوه( و سرد مثل هذه التناقضات يطول جدا. فالبد من بحث و تقرير حرية االعتقاد التي هي مفتاح لإلصالح العلمي. وهذا التناقض هو نموذج أيضا من النماذج الصارخة في التباين بين القرآن والحديث الذي نسبوه إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم بحسن نية وضعته السياسة فردده الطيبون. إذن فلنأخذ حقال واحدا وهو الحقل الحقوقي ونختار منه )حق الحرية( ألننا قبل أن نبحث في الحديث نحتاج إلى الحرية وأن ننظر إلى المعلومة دون نظر إلى صاحب المعلومة هل هو مسلم أو غير مسلم سني أو شيعي أو معتزلي إال إن توفرت فيه قرائن الكذب أو الوهم أو الخصومة. فالمسلمون فيهم الصادق والكاذب وكذا الكفار والمبتدعة. وهذا أمر مالحظ يالحظه الرجل البسيط قبل الفقيه بينما كان هذا المعنى غائبا عند أهل الحديث وكأن غير المسلم عندهم البد أن يكون كاذبا وكذلك ما يسمونه المبتدع. وهذه دعوى يكذبها الحس فضال عن البرهان والدليل. بل إن بعض الناس اليوم يتجنبون العمالة المسلمة ألنهم مظنة الكذب واالحتيال بعكس العمالة غير المسلمة وهذا وإن كان تعميما غير علمي إال أنه يشير على األقل إلى أن من زعم أن األصل في الكافر الكذب وأن األصل في المسلم الصدق يحتاج إلى مراجعة وبحث. وفي ظني )غير العلمي( أن التنشئة والتربية لها أثرها في المسلم والكافر السني وغير السني. وهذا الموضوع أشغلنا به أهل الحديث وصرفوا المسلمين عن البحث الجاد في الشخصية الفردية والمؤثرات فيها وقرائن الصدق والكذب ونحو ذلك مما هو مطور عند غيرهم )كأهل المنطق مثال(. بل لو أخذنا علماء المسلمين وعلماء الكفار في العلوم األخرى لربما وجدنا أن علماء الطب والفيزياء والمنطق واالجتماع أصدق قوال وأكثر تواضعا وأقرب إلى تلمس 25

الحقيقة من علماء الدين وخاصة علماء أهل الحديث. فهذا إشكال ظاهر نراه إلى اليوم. وكان ألهل الحديث تأسيس خاطيء في مسألة الصدق والكذب بنوه على أصول غير صحيحة أو غير مطلقة من أن األصل في المسلم الصدق واألصل في الكافر الكذب. فهذا غير صحيح وال يعرف الصادق من الكذاب من دينه وإنما من قوله وفعله. وهذه حضارات العالم مستقرة على هذا األمر والواقع يصدقه. فيا ترى: كم فات أهل الحديث من علم كم فاتهم من حقائق بسبب إعراضهم عن غير المسلمين ثم عن غير أهل السنة ثم عن أصحاب التخصصات المخالفة كأهل الرأي والمنطق والتاريخ واللغة والفلك والطب والفالسفة. كل هؤالء محل تهمة عند أهل الحديث وال تجد للواحد من هؤالء ذكرا إال ألفراد من أهل الرأي ليس للواحد منهم إال الحديث والحديثين. فهذا االستبعاد الكبير للكفار والمسلمين على حد سواء كان له أكبر األثر في مرور أحاديث تخالف العلم وحقائق التاريخ و مازال أهل الحديث على تصحيح كثير منها إلى اليوم. إذن فال يظن أحد أن استبعاد البشر من البناء المعرفي ال يؤثر على الحديث. بلى يؤثر ألن المعرفة لها دور كبير في معرفة الضعيف الذي يأتي بالمنكر مما يخالف الواقع والثقة الذي يروي من األحاديث ما يتفق مع الحقيقة أو يكشفها. فالحديث ليس في أحكام الصالة والطالق فحسب بل األحاديث وردت في كل موضوع في بدء الخلق وتاريخ األنبياء والطب وخصائص النفس اإلنسانية والسياسة واالقتصاد و غيرها من األبواب. وثقافة رجل الحديث لها دور في انتقاء الحديث وروايته أو تركه ورده. 26

لماذا مثال لم يرو أهل الحديث حديثا واحدا في فضل العقل مع كثرة ما ورد في فضله في آيات القرآن الكريم الجواب واضح ألن المعتزلة اهتموا بالعقل وهم خصوم أهل الحديث فالبد من إسقاط حجتهم بتضعيف كل األحاديث التي وردت في فضل العقل. هذا مثال واحد على أن رجل الحديث ينتقي من األحاديث ما يتناسب مع ثقافته. فلذلك كثيرا ما نقرأ أن البخاري مثال اختار أحاديث صحيحه من كذا وكذا ألف حديث. وكذا فعل أهل الحديث. لنأخذ من الحقل الحقوقي مسألة الحرية التي أصبحت مطلبا أو مبدأ عالميا من مباديء حقوق اإلنسان. حتى المسلمين أصبحوا ينادون بالحرية ولو من باب النظرية. وما زال صوت المسلمين هو األخفت رنينا في مسألة الحرية وخاصة حرية التدين وحرية التعبير. وهذا الخفوت كان بفضل أهل الحديث وليس بسبب القرآن الكريم وال سيرة الرسول الكريم صلوات اهلل عليه. من أكبر اإلشكاالت الكبرى التي يواجهها المسلمون في هذا العصر خاصة هو ما سطروه بأنفسهم من فتاوى مبنية على أحاديث وآثار تحد من الحرية المشروعة التي شرعها اهلل في القرآن الكريم. ومن أشهرها وأهمها )حرية اعتناق اإلسالم من عدمه(. فحرية التدين في القرآن الكريم هي األصل واإلجبار على الدين أو على سمة معينة صار األصل عند أهل الحديث. وهذا له عوامله النفسية والسياسية والمذهبية والعلمية. إذ أننا نجد كثافة في تلك األحاديث ثم الفتاوى التي تحث على اإلكراه على الدين ثم تطور إلى اإلكراه على المذهب. وهذه األحاديث واآلثار والفتاوى يزداد تشددها كلما ابتعدت عن نور القرآن الكريم وهي تتقوى مع قوة القائلين وقلة الناقدين وتضعف مع ضعف القائلين وكثرة الساخطين. فكان البد من مقارنة )حرية االعتقاد في 27

القرآن الكريم( مع )حرية االعتقاد في األحاديث واآلثار( ثم أثر ذلك على الحديث ولماذا اختار أهل الحديث اإلكراه في الدين على حريته ولماذا ادعوا نسخ كل آية تخالف حديثا وال عكس! وهذا البحث نستطيع بحثه انطالقا من مقدمتين: المقدمة األولى: أهمية معرفة حكم القرآن في القضية )حرية االعتقاد( معرفة صحيحة ال مسايرة لواقع دولي وال مجاراة لمذهب قديم وال سلطة فارضة وال فقيه يريد االستيالء على ما حرمه اهلل على نفسه وعلى مشيئته في الخلق. وهذا يستوجب إيراد كل اآليات الكريمة التي تقرر حرية االعتقاد وذكر اآليات التي يستدل بها البعض على شرعية اإلكراه في الدين. المقدمة الثانية: أن الحديث ال يعارض القرآن جزما بل وال ينسخه وإنما يفسره ويبينه. فإذا قلنا أن هذا الحديث يخالف القرآن فهذا حكم تلقائي بأنه ال يصح عن النبي صلى اهلل عليه وسلم وإن سماه من سماه حديثا أو صححه من صححه. وفرض الفروض بدهية مثل: هل القرآن مع حرية التدين أم مع اإلكراه على الدين ما هي أحوال اآليات في حرية االعتقاد )أعني من نسخ أو تخصيص أو استثناء..الخ( هل هناك آيات يستدل بها المكرهون على شرعية اإلكراه في الدين ما أحوال هذه اآليات )من تفسير ومعرفة معنى ودفع التناقض المتوهم مما قد يبدو لبادي الرأي( 28

ما هو الدين الذي يجب عدم اإلكراه فيه هل هو كل الدين أم بعضه كيف الجواب على اإلكراه على بعض فروع الدين من تأدية الزكاة ونحوها ثم فيما يخص الحديث: هل هناك أحاديث في اإلكراه في الدين فهل ثبت مخالفتها للقرآن أوال وإذا ثبت فما هي عللها اإلسنادية والمتنية وما هي ظروف نقلها من الضعيف إلى الصحيح عند بعض العلماء أعني ما هي الظروف السياسية والثقافية واالجتماعية التي نقلت هذه األحاديث من الضعف إلى الصحة في نظر أكثر المسلمين وهل لهذه األكثرية أصل أو وجود في زمن النبي صلى اهلل عليه وسلم وهل هناك أحاديث أخرى تتفق مع اإلكراه فيه القرآن الكريم في تشريع حرية االعتقاد ومنع وإذا وجدت لماذا التكتم عليها وما ظروف تضعيفها رغم صحة أصولها وشهادة القرآن لها أعني ما هي الظروف السياسية والثقافية وهل الظروف السياسية والثقافية بهذه القوة بحيث تخفي أحاديث وتنشر أحاديث هل يتغلب السلطان على القرآن 29

هل يستجيب الناس للسلطان أكثر من استجابتهم للقرآن وما هي أسس الثقافة السلطانية وهل الحديث والعقائد أحد روافد هذه الثقافة وما هي أبرز معالم الثقافية القرآنية وأبرز اختالفاتها عن الثقافة السلطانية وأي الثقافتين استطاعت أن تستولي على أكثر الحديث وهل تم توظيف الحديث في التخلص من حقوق القرآن الكريم بدعاوى كثيرة من نسخ وتخصيص وتقييد وسنة خلفاء ودعاوى إجماع واستنباط مرجوح و غير ذلك وهل يستقيم أن يعلن القرآن أنه اإلكراه في الدين )ال إكراه في الدين( بينما تدعو بعض األحاديث إلى وكيف غفل أكثر الفقهاء وأهل الحديث عن آيات وأحاديث حرية المعتقد وبين أيديهم هذه اآليات ووثيقة المدينة ونحو ذلك مما سيأتي وكيف أجاب الفقهاء المختارون لإلكراه في الدين على اآليات التي تدعو لحرية االعتقاد ولماذا أصبح اإلكراه على الفرع أكثر وقوعا في التاريخ من اإلكراه على أصل الدين هل يعني هذا أن القرآن والسنة األولى كانا أوضح من أن يستغلهما الفقهاء قبل قيام المذاهب ثم كيف يستجيز الفقيه اإلكراه على التفاصيل )المذهب( مع قوله بحرية األصل )الدين( أليس هذا أبلغ شاهد على األثر السياسي في ثقافة الفقهاء 30

ثم هل علم مصطلح الحديث الذي صحح أحاديث تعارض هذه اآليات هل هو علم سياسي أم علمي أم هو خلطة من األمرين وكيف لنا بفصلهما وفصل أثرهما وإلى أي الحقول هو أقرب وما شواهد ذلك وهل حقا كان هذا الثناء على أهل الحديث ألجل التحقيق مختلطة بالسياسة التورع عن نقد ثقافتهم التي هي عند وإذا كانوا أعرف بما صح وما لم يصح من الحديث فهل يعرفون ما ثبتت داللته في القرآن أوال حتى يعرفوا ما ثبت من الحديث وهل يجوز تصحيح الحديث بعيدا عن االهتداء بالقرآن الكريم ومن منهما حكم على اآلخر ولماذا نجد آيات كريمة تنادي وحدها يتيمة بحرية االعتقاد دون أن يكون لهذه اآليات أدنى اهتمام من أهل الحديث والعقائد إال أحاديث ال يكاد يعرفها أحد رغم قوتها بينما في الطرف اآلخر نجد كثيرا من األحاديث ليس لها سقف قرآني لماذا تجميد بعض اآليات عند حد التالوة فقط ونسيانها أو تناسيها عند االستدالل هل هذا انبهار بما عليه الناس أم تورع عن التفسير أم هجر للقرآن الكريم وهل قام الفقهاء المسلمون كما يتهمهم الباحثون المعاصرون بدور كبير في نقل القضية من الحرية إلى اإلكراه لتتماشى مع الواقع السياسي الظالم الذي غلب على أكثر فترات ودول السلطة في تاريخ المسلمين 31

وهل كانت النظريات المشهورة كانت لحماية هذه الثقافة أعني مثل نظرية أن لحوم العلماء مسمومة وأن كالم األقران يطوى وال يروى وأن كالم األقران في بعضهم ال يلتفت إليه وتعظيم العلماء والفقهاء والتحذير من نقدهم وقبل ذلك اإلمساك عما شجر بين الصحابة هل إقفال الباب أمام الباحثين بهذه النظريات يقصد منه العلم أم تغطية ما ال يمكن الرد عليه وهل هذه لحماية الثقافة السلطوية التي نتجت عبر أهل الحديث أم لحماية دين المسلم أال يقع في عرض أخيه المسلم ولماذا ال يفهم هؤالء من كلمة )المسلم( إال )المسلم المذهبي( وال يعممون هذا الورع على كل المسلمين لماذا التورع عن مسلمين والتهور في ذم آخرين أليس هذه من دالئل الثقافة السياسية التي ما زلنا نشاهدها إلى اليوم أال تأمر السلطات أي سلطات بالسماع من علماء دون علماء وانتهاك علماء دون علماء والحث على علماء والتحذير من آخرين حتى داخل المذهب الواحد إذن فهل نحن ما زلنا في خدعة السلطة ودين السلطة وإال فلماذا هذا التناقض ولماذا الخشية من االنطالق نحو القرآن الكريم وما اتفق معه من السنة النبوية ومبادئ الدين العامة واألخالق لماذا اإلصرار على التخندق مع السياسة حيث كانت مصلحتها ال مصلحة الدين لو أدرك الفقيه أنه يعبد السياسة ما تخندق وهنا تأتي أهمية التدبر والعقل والمنطق. ومن هنا جاءت محاربة العقل وااللتفاف على تدبر القرآن بالدعوة لحفظه وتجويده فقط. 32

إن السياسة أكبر بكثير مما يتصور البسطاء. السياسة فيها السلطة الضاغطة والدين المنتقى والحجة الظاهرة والسيف القاطع واإلعالم المتبوع والشاب الصالح ونصف البيت وكل الحرم والجامع والجامعة والقرطاس والقلم. هذه هي السلطة وهي أقوى بكثير عند أكثر الناس منكتاب مسطور. ولذلك فإن مجرد معرفة الواقع السياسي ينبؤك عما يمكن أن تسمح السلطات بتسربه من دين اإلسالم ومن ال يعرف واقع السلطة عبر التاريخ لن يعرف كيف وصلنا اإلسالم وماذا وصلنا منه فالمعرفة التاريخية أصبحت جزء ال يتجزأ من معرفة الدين نفسه إضافة للعلوم األخرى المساعدة على القراءة التاريخية الصحيحة التي تستطيع فهم تصرف السلطة وتصرف الشعوب وتصرف األفراد إننا في زمن من الصعب أن تعرف الحقيقة فيه عبر أهل الحديث فقط أو عبر مذهب فقط وإنما العلم بالتاريخ وما يساعد على أن يكون العلم به صحيحا من علوم أخرى كعلم االجتماع وعلم النفس وغيرها من العلوم. واليوم كذلك من ال يعرف واقع كل دولة ال يعرف ماذا يتسرب من اإلسالم مما تسمح به الدولة وماذا يبقى منه خارج التداول العام هذا أمر مشاهد ال ينكره إال من يجهل واقع السلطات في الدول العربية واإلسالمية ومن جهل واقع السلطة اغتر بثقافتها. مخرج القرآن الكريم 33

ج) هناك مخرج يلهج به الجميع ولكن بغير إيمان مؤمنين 2 فالمخرج كتاب اهلل إن كنا وال يجوز أن نخشى أحدا من الصدع بهذا القول رغم ترهيب أهل الحديث من العودة للقرآن الكريم واالستنباط منه. إن عدنا للقرآن إن كنا مؤمنين )ف ال ت خ اف وه م وال يجوز أن نخشى من وصمة الذم بالبدعة ك ن ت م إ ن و خ اف و ن م ؤ م ن ي ن( وهذا ال يعني إنكار السنة كما يريد المستعجلون وإنما يعني إثبات ما شهد له القرآن ونفي ما عارض القرآن الكريم أي إثبات السنة بشرط أن نأمن أال تكون موضوعة على النبي صلى اهلل عليه وسلم واالستعانة باألحاديث في تفصيل ما أجمله القرآن وإيضاح ما غمض من تفسيره ونحو ذلك وليس كما نفعل اليوم من وضع السنة في مجابهة القرآن الكريم. إذن فالمخرج كتاب اهلل عند من يؤمن بأنه كتاب اهلل وعند من يثق في اهلل. أما إن كان هناك شك في كتاب اهلل أو أنه ال فائدة منه ألنه حمال أوجه أو ألنه بال أسانيد أو ألن نصفه بزعمهم منسوخ أو ألننا ال نعرف الناسخ فيه من المنسوخ أو أن اهلل ليس بحكيم وال يعرف تطور الزمان أو أن القرآن ليس بشفاء لما في الصدور وال هدى للناس وإنما تشفي وتهدي أسانيد سفيان بن عيينة وعمرو بن دينار فإذا 34 3 هذا املعىن حق وقد ورد يف القرآن الكرمي كثريا ومن ا لحاديث الصحيحة املعىن ما رواه الرتمذي من حديث علي بن أيب طالب كما يف جامع ا لصول من أحاديث الرسول 3 ص/ ) 229 عن احلارث ا لعور: قال : «مررت يف املسجد فإذا الناس خيو ون يف ا لحاديث فدخلت على علي فأخربت ه فقال : أ و ق د ف ع لوها قلت: نعم قال : أما إ ن ومعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول : أال إ هن ا ستكون فتنة قلت : فما املخر ج منها يا رسول اهلل قال : كتاب اهلل فيه ن بأ ما ق بل كم وخرب ما بعد كم وح كم ما بين كم هو الف ص ل ليس با لزل م ن ت ركه من جب ار ق ص م ه اهلل وم ن اب ت غ ى ا ل د ى يف غريه أ ل ه اهلل وهو ح ب ل اهلل املتني وهو الذك ر احلكيم وهو الصراط املستقيم وهو الذي ال ت ز يغ به ا لهواء وال ت ل ت ب س به ا لل س ن ة وال ي ش ب ع منه العلماء وال خي ل ق عن كثرة الر د وال تنقضي عجائبه هو الذي مل ت ن ت ه اجلن إ ذ ومعته حىت قالوا : )إ ن ا وم ع ن ا ق ر آنا ع ج با )9( ي ه د ي إ ىل الرش د ف آم ن ا ب ه...(]اجلن[ م ن قال به ص د ق وم ن ع م ل ب ه أ ج ر و م ن حكم به ع د ل وم ن د ع ا إ ليه ه د ي إ ىل ص راط مستقيم خ ذ ه ا إ ليك أعور «.. يا

كان هذه عقائدنا وإيماننا الباطن م ؤ م ن ين (]البقرة 13 [. ك ن ت م إ ن إ يم ان ك م ب ه ي أ م رك م ب ئ س م ا )ق ل كتاب اهلل أصبح مستهانا به في الذاكرة اإلسالمية وأصبح ترديده من فضول القول فضال عن فضول األعمال. ولذلك ال ننتظر من هذا اإلهمال إال مزيدا من عقوبة اهلل لنا بالتحير واالختالف الحاد وضيق النفوس وتسلط أهل الجهل والظلم وضياع الحقائق. دالئل القرآن وقرائنه: القرآن الكريم فيه إشارات ودالئل وقرائن وهو واضح جدا في أن من أهداف خلق اهلل للبشر هو االختالف بداية من اإليمان والكفر إلى سائر االختالفات التي تأتي دون ذلك. وبما أن مشيئة اهلل قضت باختالف البشر وبأنهم لن يستطيعوا أن يحكموا في كل هذه االختالفات في الدنيا وأن اهلل هو الذي سينبؤهم يوم القيامة بما كانوا فيه يختلفون إذا علمنا كل هذا من آيات القرآن الكريم فمعنى هذا أن اإلكراه على الدين أو المعتقد هو ضد المشيئة اإللهية الكونية التي أرادت واقتضت بأن يكون الناس مختلفين ليتاح لهم توظيف ما أعطاهم اهلل من عقل وفؤاد وحواس لمعرفة الحقائق باختيار حر أو بحرية ممنوحة لهم من اهلل عز وجل. وهذا هو الفرق األساس بين البشر والمالئكة بل بين البشر وسائر المخلوقات من جماد ونبات وحيوان. فالبشر هم وحدهم مع الجن هم موطن االبتالء. وفي هذه اآليات سنرى بوضوح هذه الحقائق القرآنية التي تدل على مقدار هجرنا لكتاب اهلل وانحرافنا عن تعاليمه الفطرية البدهية المتوائمة مع الطبيعة البشرية التي 35

جبل عليها اإلنسان. وسنستعرض أربع مجموعات من اآليات الكريمة التي تؤكد بما ال يدع مجاال للشك على أن )حرية االعتقاد( مطلب قرآني أصيل. مجموعات أربع من اآليات القرآنية: هناك أربع مجموعات من اآليات الكريمة تشكل مخرجا لمعرفة الحكم في حرية االعتقاد وهي على النحو التالي: المجموعة األولى: آيات المشيئة: اآليات المؤكدة على مشيئة اهلل في اختالف البشر وأن هذه المشيئة اإللهية قدرية ال يمكن أن يبدلها اهلل عز وجل وعلى هذا فليست محال للنسخ كما سيأتي مبينا. : المجموعة الثانية : آيات وظائف الرسل اآليات المبينة لوظائف الرسل والتي تؤكد على وظائف معينة من التبشير واإلنذار ونحوها وعلى النهي عن التحكم والسيطرة فضال عن اإلكراه في الدين وهي وظائف ثابتة لكل الرسل وليست محال للنسخ كما سيأتي. المجموعة الثالثة: آيات حرية االعتقاد وموانع نسخها: 36

اآليات الصريحة في اإلقرار بحرية االعتقاد وتحريم اإلكراه في الدين مع بيان أنها آيات معللة وال يمكن نسخها وال تخصيصها في جزء دون آخر مما يتعلق بالعقائد. المجموعة الرابعة: آيات يستدل بها اآلخرون على اإلكراه في الدين والجواب عليهم: اآليات التي يتمسك بها من يرى اإلكراه في الدين مع بيان أنها ال تدل على ما ذهبوا إليه من تشريع اإلكراه في الدين وأن القرآن الكريم ال يناقض بعضه بعضا وإنما يفسر بعضه بعضا مع التأكيد على أن هذه اآليات الكريمة التي يستدل بها البعض على نقض األمور السابقة كانت في موضوعات أخرى كقتال المعتدين وليست في اإلكراه على دين. ويدخل في هذا البحث األحاديث التي تسير في هذا المعنى األخير وقوة تلك األحاديث من ضعفها. هكذا الترتيب المناسب لهذه المجموعات )مشيئة اهلل ثم وظائف الرسل ثم آيات الحرية ثم ما يستدل به ضد هذه المجموعات كلها( وأهم هذه المجموعات أو أكثرها داللة على موضوعنا هي آيات المجموعة الثالثة التي تنص على منع اإلكراه في الدين ولكن سنبحث وفق ترتيب هذه المجموعات. واإلرادة المشيئة آيات األول: المبحث آيات المجموعة األولى: آيات المشيئة اإللهية في بقاء االختالف في الدين وطبائع البشر إلى يوم القيامة. وهي كثيرة جدا وصريحة جدا ولكن الناس ال يتدبرون القرآن. 37

وكان لألثر السياسي دوره الكبير في إهمال دالالت هذه اآليات. الكريمة: قوله تعالى في سورة المائدة المدنية )و ل و ش اء الل ه ل ج ع ل ك م ل ي ب ل و ك م ف ي م ا آ ت اك م ف اس ت ب قوا ال خ ي ر ا ت إ ل ى الل ه م ر ج ع ك م ج م يع ا ف يه ت خ ت ل ف و ن(]المائدة 42 [. ومن هذه اآليات أ م ة ف ي ن ب ئ ك م و اح د ة و ل ك ن ب م ا ك ن ت م وقوله تعالى في سورة هود المكية ي ز ال ون م خ ت ل ف ي ن )112( إ ال ج ه ن م وقوله تعالى ب ه )و ل و م ن ر ح م ر ب ك م ن ال ج ن ة و الن ا س أ ج م ع ي ن ) 111 ((]هود[. في سورة النحل المكية )و ال ش اء ر ب ك ل ج ع ل الن ا س أ م ة و اح د ة و ال و ل ذ ل ك خ ل ق ه م و ت م ت ك ل م ة ر ب ك أل م أل ن ت ك ون وا أ ن ك اثا ت ت خ ذ و ن أ ي م ان ك م د خ ال ب ي ن ك م أ ن ت كو ن أ م ة و ل ي ب ي ن ن و اح د ة ل ك م و ل ك ن ) 13 ((]النحل[. ي و م ي ض ل ال ق ي ام ة م ن م ا ي ش اء ف ي ه ك ن ت م و ي ه د ي ت خ ت ل ف و ن م ن ك ال ت ي ي ش اء غ ز ل ه ا ن ق ض ت ه ي أ ر ب ى م ن أ م ة إ ن م ا )12( و ل و ش اء الل ه ع م ا و ل ت س أ ل ن ق و ة ب ع د م ن ي ب ل وكم الل ه ل ج ع ل ك م ك ن ت م أ م ة ت ع م ل و ن ت ب ت غ ي ن ف قا ف ي وقوله تعالى )و إ ن ك ا ن ك ب ر ع ل ي ك إ ع ر اض ه م ف إ ن اس ت ط ع ت أ ن األ ر ض أ و س ل ما ف ي الس م ا ء ف ت أ ت ي ه م ب آ ي ة و ل و ش اء الل ه ل ج م ع ه م ع ل ى ال ه د ى ف ال ت ك ون ن م ن ال ج اه ل ي ن(]األنعام 31 [. وقوله تعالى في سورة الحج المكية )ل ك ل أ م ة ج ع ل ن ا م ن س كا ه م ن اس كوه ف ال ي ن از ع ن ك ف ي األ م ر و اد ع إ ل ى ر ب ك إ ن ك ل ع ل ى هدى م س ت ق يم )67( و إ ن ج اد ل و ك ف ق ل الل ه أ ع ل م ب م ا ت ع م ل و ن )62( الل ه ي ح كم ب ي ن ك م ي و م ال ق ي ام ة ف يم ا ك ن ت م ف ي ه ت خ ت ل ف ون ) 61 ((]الحج[. 38

و[ وقوله تعالى )و ل و ش اء الل ه ل ج ع ل ه م أ م ة و اح د ة و ل ك ن ي د خ ل م ن ي ش اء ف ي ر ح م ت ه و الظ ال م ون م ا ل ه م م ن و ل ي و ال ن ص ير(]الشورى 2 [. وقوله تعالى )و ل و ش ا ء الل ه م ا أ ش ر كوا و م ا ج ع ل ن ا ك ع ل ي ه م ح ف يظا و م ا أ ن ت ع ل ي ه م ب و ك يل(]األنعام 137 [. وقوله تعالى )ق ل ف ل ل ه ال ح ج ة ال ب ال غ ة ف ل و ش اء ل ه د اك م أ ج م ع ي ن(]األنعام 141 [. وقوله تعالى في سورة يونس المكية )و م ا ك ا ن الن اس إ ال أ م ة و اح د ة ف اخ ت ل فوا ض ي ب ي ن ه م ف يم ا ف ي ه ي خ ت ل ف و ن(]يونس 11 [. و ل و ال ك ل م ة س ب ق ت م ن ر ب ك ل ق وقوله تعالى في نفس السورة )و ل و ش اء ر ب ك آل م ن م ن ف ي األ ر ض ك ل ه م ج م يع ا أ ف أ ن ت ت ك ر ه الن ا س ح ت ى ي كون وا م ؤ م ن ي ن(]يونس 11 [. ف ف ي ه و ل و ال ك ل م ة س ب ق ت م ن ر ب ك وقوله تعالى )و ل ق د آ ت ي ن ا م وس ى ال ك ت ا ب ف اخ ت ل ض ي ب ي ن ه م و إ ن ه م ل ف ي ش ك م ن ه م ر يب(]هود 113 ]فصلت 41 [. ل ق التعليق والمعنى اإلجمالي: في هذه المجموعة األولى من اآليات الكريمة نعرف أن هلل هدفا أصيال وليس فرعيا وهو أن مشيئة اهلل قضت بابتالء البشر. وهذا االبتالء ليس جزاؤه في الدنيا إال فيما يتعلق بالجنايات. وذلك أن اهلل عز وجل قد أعطى اإلنسان حرية االختيار. وهذه الحرية هي هدف خلق اهلل لإلنسان وهي هدف ابتالئه وهي هدف نزوله إلى األرض وابتالئه فيها وهي هدف نزول الشيطان مع بني آدم في األرض. قال تعالى )ق ل ن ا اه ب طوا م ن ه ا ج م يع ا ف إ م ا ي أ ت ي ن ك م م ن ي هدى ف م ن ت ب ع ه د ا ي ف ال خ و ف ع ل ي ه م و ال ه م ي ح ز ن و ن )32( و ال ذ ين ك ف ر وا و ك ذ ب وا ب آ ي ات ن ا أ ول ئ ك أ ص ح اب الن ا ر ه م ف يه ا خ ال د ون ) 31 ((]البقرة[ فهنا أخبر اهلل عز وجل أن اإلنسان حر في اختيار الهدى أو اختيار الكفر والتكذيب واإلكراه ينافي الحرية واآليات تخبر أيضا أن عقوبة 39