ألقى فضيلة الشيخ أسامة بن عبد اهلل خياط حفظه اهلل خطبة الجمعة بعنوان: "التحذير من إيذاء المسلمين" والتي تحد ث فيها عن فضل األ خو ة اإلسالمية ووجوب المحافظة عليها والتحذير من إيذاء المسلمين مع إيراد األدلة من الكتاب والسنة على ذلك. الخطبة األولى الحمد هلل رب العالمين والعاقبة للمتقين وال ع دوان إلى على الظالمين وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال إله شريك له الم رسلين وقي وم السماوات واألرضين الم تقين وقائد الغ ر وأشهد أن اللهم صل وسل م على عبد ك نبي نا محمد ا عب ده ورسول ه ورسول ك محمد آله وعلى خ اتم النبيين وإما م الم حج لين وصحابت ه أجمعين والتابعين ومن تب ع هم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: وحا عباد اهلل فاتقوا اهلل ذ روا أسباب سخ ط ه واعل موا أنه ال ملج أ وال منج ا منه إال إليه وأن يب وا إليه وتوك ل وا عليه. أيها المسلمون: إن في الس ير على خ طى س ل ف هذه األمة وخ يار ها خير مسل ك وأقوم منه ج وأهد ى سبيل إلى ب لوغ الغاي ة من ر ضوان اهلل ون زول الجنة دار كرام ته وم ستقر رحمته إلى ج وار أوليائ ه والص فو ة من عباد ه. 1
وقد وج ه رب نا سبحانه رسول ه الم صطفى صلى اهلل عليه وسلم إلى انت هاج مناه ج من سب ق من أنبياء اهلل ور س له واالقت داء به داهم الذي دل هم عليه بما أكرم هم به من البي نات واله دى فقال عز اسم ه : أ ول ئ ك ال ذ ي ن ه د ى الل ه ف ب ه د اه م اق ت د ه ]األنعام: 02[. وإن من أجل ما ات ص ف وا به: كمال الح رص على س ل وك سبيل اإلحسان في كل د ر وب ه وص ون النفس عن التجن ي وح جز ها عن الع دوان والتجاف ي بها عن اإليذاء للم ؤمنين والم ؤم نات في أي لون من ألوان ه. يحد وهم إلى ذلك: هذا األدب الر فيع والخ ل ق العظيم الذي رب اهم عليه رب هم األعلى سبحانه حين بي ن لهم أن الص ل ة بين المؤمنين والر اب ط ة التي ترب ط بينهم هي األ خ و ة في الدين فقال سبحانه : إ ن م ا ال م ؤ م ن ون إ خ و ة ]الحجرات: 22[. واأل خو ة تعن ي التراح م والتواد والتعاط ف والتآز ر والقيام بالحقوق كما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما عن النبي صلى اهلل عليه وسلم أنه قال:»الم سلم أخ و المسلم ال يظل م ه وال ي سل م ه ومنكان في حاج ة أخيه كان اهلل في حاج ت ه ومن فر ج عن م سلم ك ربة فر ج اهلل عنه ب ها ك ربة من ك ر ب يوم القيامة ومن ست ر م سلم ا ست ر ه اهلل يوم القيامة«. واأل خو ة تعني أيض ا: كف األذ ى. فالم سلم حق ا من كم ل إسالم ه بسالمة الناس من إيذاء لسان ه ويد ه وما في ح كم هما كما جاء في "الجامع الصحيح" لإلمام البخاري رحمه اهلل بإسناد ه عن عبد اهلل بن عمرو بن العاص رضي اهلل عنهما عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أنه قال:»الم سلم من سل م الم سلمون من لسان ه ويد ه والم هاج ر من هج ر ما نه ى اهلل عنه«. وإذا كان لإليذاء بالل سان والي د ض روب شت ى وألوان ال حصر لها فإن من أشد ص ور اإليذاء ق بح ا وأعظمها ضرر ا ما اجتمع فيه الل سان والي د كمن يبس ط لسان ه بالسوء في أعراض الم سلمين ويقع فيها بافت راء الكذب 2
ويخ ط ه بيمين ه في كلمات وتت س ع دائر ت ه فتع م البلو ى به. أو مقاالت أو خ طب أو رسائل أو تغريدات يستحك م بها اإليذاء ويعظ م وقع ه ولذا جاء الوعيد الصار خ والتهديد الشديد لكل من آذ ى م ؤمن ا زجر ا له وترهيب ا لمن ألق ى السمع وهو شهيد وذلك في الحديث الذي أخرجه اإلمام أحمد في "مسنده" وأبو داود في "سننه" والحاكم في "مستدركه" بإسناد صحيح عن عبد اهلل بن ع مر رضي اهلل عنهما أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال:»ومن قال في م ؤمن ما ليس فيه ح ب س في ر دغ ة الخ ب ال حتى يخر ج مما قال..«الحديث. ور دغة الخ ب ال يا عباد اهلل وباست حالل أخيه مما قال فيه. هي ع صارة أهل النار. وخروج ه مما قال هو بالتوب ة الن ص وح إلى اهلل تعالى وإن اإليذاء كما يقع على آحاد الناس فإنه يقع أيض ا على المجموع كالش ت م والط ع ن واالست هزاء الواق ع على الم ؤس سات عام ها وخاص ها والت نقيب عن أخطائ ها وتتب ع عث ر اتها ونشر ع ي وب ها والفر ح بذلك أشد الفر ح والتباه ي به أعظم الم باهاة وكأن ه صيد ثمين أو غنيمة ت غتن م. وباالحت يال لتكبير الص غير وتعظيم اليسير دون ب رهان ساط ع وال م ستن د قاطع وال ح ج ة بي ن ة تصم د أمام التمحيص الم خل ص والتتب ع الصادق الذي يرج و به صاح ب ه اهلل والدار اآلخرة كما قال تعالى على لسان نبي ه ش عيب عليه السالم : إ ن أ ر ي د إ ال اإل ص ال ح م ا اس ت ط ع ت و م ا ت و ف يق ي إ ال ب الل ه ع ل ي ه ت و ك ل ت و إ ل ي ه أ ن ي ب ]هود: 88[. 3
عباد اهلل: إن من أعظ م أسباب اإليذاء الباع ث ة عليه: الل د د في الخ صومة ولذا كانت هذه الصفة الذ م يمة والخ صلة المقبوحة حر ي ة بتوع د صاحب ها على لسان خير الور ى صلوات اهلل وسالم ه عليه بقوله:»إن أبغض الر جال إلى اهلل: األل د الخ ص م«. وقد جاء التحذير الشديد لمن خاصم في باطل وهو يعلم وذلك فيما أخرج ه اإلمام أحمد في "مسنده" وأبو داود في "سننه" بإسناد صحيح عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال:»ومن خاصم في باطل وهو يعلم لم يز ل في سخ ط اهلل حتى ينز ع«. ولذا فإن من الم تعي ن على من ج ه ل عليه أال ي قاب ل ذلك الجهل بمثل ه طاعة لرب ه سبحانه وحذ ر ا من الوقوع فيما يقب ح بالم ؤمن وال يحس ن به فإن سبيل الم ؤمن ليس سبيل الطعن والش ت م الذي ي ناف ي كريم خ ل ق ه وسليم ف طر ته كما جاء في الحديث الذي أخرجه اإلمام أحمد في "مسنده" والحاكم في "مستدركه" بإسناد صحيح عن عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنهما أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم»ليس قال: الم ؤمن بالط ع ان وال اللع ان وال الفاح ش وال الب ذ يء«. وكان مما ن ق ل عن بعض الس ل ف قول ه: "إنك لن ت عاق ب من عص ى اهلل فيك بأفضل من أن ت طيع اهلل فيه" أي: فيكون است عصام ك بتقو ى اهلل وطاعته في م عام ل ته أقوى باع ث على ك بح ج ماح ه وصد ع دوان ه ورد باط ل ه. فط وب ى لمن لم ي قاب ل اإلساءة بم ثل ها ولم يدف ع الظ لم بمثل ه فإنه جدير برحمة رب ه خليق برعايت ه ومعي ت ه ]الحج: 48[. وتأي يده إ ن الل ه ي د اف ع ع ن ال ذ ي ن آم ن وا إ ن الل ه ال ي ح ب ك ل خ و ا ن ك ف و ر 4
عباد اهلل فاتقوا اهلل واعم لوا على س لوك سبيل الص فوة من عباد الرحمن بالت جاف ي عن اإليذاء في كل ص وره وألوان ه وبالح ذ ر من ات خاذ أي خ طوة ومن الم ض ي في أي طريق أو رفع الع قير ة بش عارات ومطال ب تكون عاق ب ت ها تهديد الس ل م االجتماعي والر واب ط األخوي ة واألعراف الصال حة المرض ي ة بما تبذ ر ه من ب ذور الفتنة والش قاق وما ت حد ث ه من ف رقة ون زاع يكون عون ا للشان ئين والحاق دين والحاس دين وق ر ة عي ن لألعداء الم ترب ص ين أجمعين في زمن يجب فيه على الكاف ة التنب ه لما ي حاك وي دب ر وي خط ط له وما ي قص د وي ستهد ف وي راد. هذا الزمن وما فيه من اضط راب يستلز م الن ظر إلى مآالت األمور درء لألخطار والش رور. نفعني اهلل وإياكم بهدي سن ة نبي ه كتابه وب صلى اهلل عليه وسلم أقول قولي هذا وأستغفر اهلل العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين منكل ذنب إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد ه اهلل فال م ض ل له ومن ي ضل ل فال هاد ي له وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له وأشهد أن محمد ا عب ده ورسول ه اللهم صل وسل م على عبدك ورسولك محم د وعلى آله وأصحاب ه وأتباع ه بإحسا ن. أما بعد فيا عباد اهلل: جاء في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه وأبي ش ر يح رضي اهلل عنه أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال:»منكان ي ؤمن باهلل واليوم اآلخ ر فلي ق ل خير ا أو ليصم ت«. 5
وفي الحديث من قواع د الس لم االجتماعي وأ سس الحياة السعيدة الر ش يدة ما بس ط ه بعض العلماء بقول ه: "إذا تكل م المرء فلي ق ل خير ا ولي عو د لسان ه الجميل من القول فإن التعبير الحسن عما يجول في الن فس أدب عال أخذ اهلل به أهل الد يانات جميع ا. وقد أوضح القرآن أن القول الحسن من حقيقة الميثاق المأخوذ على بني إسرائيل على عهد موسى عليه و ال ي ت ام ى ال ق ر ب ى و ذ ي إ ح س ان ا و ب ال و ال د ي ن الل ه إ ال ت ع ب د و ن ال إ س ر ائ ي ل ب ن ي م يث ا ق أ خ ذ ن ا و إ ذ السالم : ]البقرة: 84[. و ال م س اك ين و ق ول وا ل لن ا س ح س ن ا و أ ق يم وا الص الة و آت وا الز ك اة والكالم الط ي ب الع ف يجم ل مع األصد قاء واألعداء جميع ا وله ث مار ه الح لوة فأما مع األصد قاء: فهو يحفظ مود ت هم ويست ديم صداقت هم ويمنع كيد الشيطان أن ي وه ي ح بال هم وي فس د ذات بينهم ي ق ول وا ل عب اد ي و ق ل ]اإلسراء: 34[. ال ت ي ه ي أ ح س ن إ ن الش ي ط ا ن ي ن ز غ ب ي ن ه م إ ن الش ي ط ا ن ك ا ن ل إل ن س ا ن ع د و ا م ب ين ا وأما ح سن الكالم مع األعداء فهو ي طف ئ خ صومت هم ويكس ر ح د ت هم أو هو على األقل يق ف تطو ر الشر واست طار ة ش ر ره و ل ي ح م يم ه ي ب ال ت ي اد ف ع الس ي ئ ة و ال ال ح س ن ة ت س ت و ي و ال ]فصلت: 41[. ك أ ن ه ع د او ة و ب ي ن ه ب ي ن ك ال ذ ي ف إ ذ ا أ ح س ن : وفي تعويد الناس ل طف التعبير مهما اختل ف ت أحوال هم يقول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم»ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من ح سن الخ ل ق وإن اهلل ي بغ ض الفاح ش الب ذ يء«أخرجه الترمذي في "جامعه" بإسناد صحيح. بل إنه ير ى الح رمان مع األدب أفضل من العطاء مع الب ذ اء ة: ي ت ب ع ه ا ص د ق ة م ن خ ي ر و م غ ف ر ة م ع ر وف ق و ل أ ذ ى و الل ه غ ن ي ]البقرة: 064[. ح ل يم 6
والكالم الطي ب خصلة الم قيم. ت سل ك مع مظاهر وض ر وب الفضل التي ت رش ح صاح ب ها لر ضوان اهلل وتكت ب له النعي م فاتقوا اهلل عباد اهلل واذكروا على الد وام أن اهلل تعالى قد أمر كم بالصالة والسالم على خير الور ى فقال جل وعال : ت س ل يم ا و س ل م وا ع ل ي ه ص ل وا آم ن وا ال ذ ي ن أ ي ه ا ي ا الن ب ي ع ل ى ي ص ل و ن و م ال ئ ك ت ه الل ه إ ن ]األحزاب: 36[. اللهم صل وسل م على عبد ك ورسول ك محمد وارض اللهم عن خ لفائه األربعة: أبي بكر وع مر وع ثمان وعلي وعن سائر اآلل والصحابة والتابعين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن التابعين ومن تب ع هم بإحسا ن إلى يوم الدين وعن ا معهم بعفو ك وكر مك وإحسان ك يا خير من تجاوز وعف ا. اللهم أع ز اإلسالم والمسلمين اللهم أع ز اإلسالم والمسلمين اللهم أع ز اإلسالم والمسلمين واحم حوز ة الدين ودم ر أعداء الدين وسائر الط غاة والم فسدين والحاق دين والكائ دين والم ترب صين يا رب العالمين. اللهم انصر دينك وكتابك وس ن ة نبي ك محم د صلى اهلل عليه وسلم وعبادك المؤمنين الصادقين الم جاه دين. اللهم آم ن ا في أوطاننا وأصل ح أئ متنا ووال ة أمو رنا وأي د إمام نا وولي أمرنا بالحق وهي ئ له الب طانة الصالحة ووف قه لما ت حب وترضى يا سميع الدعاء اللهم وف قه ونائ ب يه وإخوان ه إلى ما فيه خير اإلسالم والم سلمين وإلى ما فيه صالح العباد والبال د يا من إليه المرجع يوم المعاد. اللهم أحس ن عاقب تنا في األمور كل ها وأج رنا من خ زي الدنيا وعذاب اآلخرة. 7
اللهم أصل ح لنا دين نا الذي هو عصمة أمرنا وأصل ح لنا دنيانا التي فيها معاش نا وأصل ح لنا آخرت نا التي فيها معاد نا واجعل الحياة زيادة لنا فيكل خير والموت راحة لنا منكل شر. اللهم إنا نسأل ك فعل الخيرات وترك الم نك رات وح ب المساكين وأن تغف ر لنا وترحم نا وإذا أردت بقوم فتنة فاقب ضنا إليك غير مفت ونين. اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمت ك وتحو ل عاف ي ت ك وف جاءة نقمت ك وجميع سخ ط ك. اللهم اكف نا أعداء ك وأعداء نا بما شئت يا رب العالمين اللهم اكف نا أعداء ك وأعداء نا بما شئت يا رب العالمين اللهم إنا نجعل ك في ن حور أعدائ ك وأعدائ نا ونعوذ بك من ش رورهم اللهم إنا نجعل ك في ن حور أعدائ ك وأعدائ نا ونعوذ بك من ش رورهم اللهم إنا نجعل ك في ن حور أعدائ ك وأعدائ نا ونعوذ بك من ش رورهم. اللهم آت نا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وق ن ا عذاب النار. ]األعراف: 04[. ر ب ن ا ظ ل م ن ا أ ن ف س ن ا و إ ن ل م ت غ ف ر ل ن ا و ت ر ح م ن ا ل ن ك ون ن م ن ال خ اس ر ي ن اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وبل غنا فيما ي رض يك آمال نا واخت م بالصال حات أعمال نا. اللهم اجع له حج ا مبرور ا وذنب ا مغفور ا العالمين. وسعي ا مشكور ا وعود ا إلى الديار محمودة سال مة م باركة يا رب ر ب ن ا ال ت ز غ ق ل وب ن ا ب ع د إ ذ ه د ي ت ن ا و ه ب ل ن ا م ن ل د ن ك ر ح م ة إ ن ك أ ن ت ال و ه ا ب عمران: 8[. ]آل وصل ى اهلل وسل م على عب ده ورسول ه نبي نا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد هلل رب العالمين. 8