العدد الرابع والخمسون : رجب ١٤٤٠ هـ - مارس ٢٠١٩ م ملحق مجلة التفاهم تصدره وزارة األوقاف والشؤون الدينية بالتعاون مع معنى الثقافة في ظل التحوالت االجتماعية نصوص وأقاويل اإللهام بدي ال للوحي في الفكر المسيحي عالقة التأويل بالسياق ودوره في بناء المعنى ن هو الطبيب العماني.. سؤال تاريخي لذاكرة ال تاريخية م الفكر االستشراقي الروسي تاريخ المواطنة في اإلسالم والغرب فلسفة العدل والقانون في الفكر السياسي المعاصر اإلسالموفوبيا واالستشراق في ألمانيا نشأة التفسير ورواده الهجرة وتكوين الجغرافيا السياسية لدولة اإلسالم أما قبل... د. هالل الحجري اكتسبت شهرة عالمية من أغاني األطفال التي في العصر الحديث أغنية «Twinkle, Twinkle,»Little Star وهي من قصيدة قديمة تعود إلى رت سنة 1806 ضمن بدايات القرن التاسع عشر ن ش «أغنيات للطفولة» للشاعرة مجموعة شعرية بعنوان المخرج اإلنجليزية جين تايلور وأختها آن. تت بع البريطاني سيباستيان دوجارت في مقال نشره في شيوع لحن هذه األغنية جريدة التليجراف سنة 2011 في الثقافات العالمية بما فيها العربية التي ضرب لها مثال بأغنية يبدو أنها ترجمة شعبية بالدارجة نجمه / كيف اللبنانية كلماتها «ليل يه ليل يه يا بدي أعرف وينك / فوق فوق بيلعاللي / مثل الآللي بالسما». ويؤكد دوجارت أن كلمات قصيدة «النجمة» نشرت ألول مرة مع اللحن في كتاب The Singing Master: First Class Tune Book في العام 1838 كسبت أية أرباح ولكن من غير المرجح أن جين تايلور وصلت عالمية ة شهر كسبت كلمات ها اآلن منها وإن عت على اليوتيوب. إلى مليار مشاهدة منذ أن ر ف تنتم ي جين تايلور لعائلة أدبية معروفة فأمها آن تايلور شاعرة وأبوها إسحاق تايلور رسام وأختها آن أيضا شاعرة اشتركت معها في كتابة قصائد لألطفال دون تحديد النصوص التي كتبتها كل منهما خاصة المجموعة األولى «أغنيات للطفولة». توفيت جين تايلور متأثرة بسرطان الثدي سنة 1824 بمشاريع عج عن عمر يناهز األربعين وال يزال عقلها «ي غير من جزة» كما يقول أحد كت اب سيرتها. يرددها أطفالي سأنقل كلمات هذه األغنية التي وأطفال العالم باللغة اإلنجليزية إلى العربية الفصحى. وهي مغامرة صعبة دون شك ألن أطفالنا تعودوا على حفظ األغاني األجنبية رغم أن كلماتها قد كتبت منذ بداية القرن التاسع عشر! ورغم أن األطفال قد يجدون كلمات األغنية بالدارجة المصرية ماض في مشروعي الذي أو اللبنانية أسهل فإني أرى رسالته واضحة وهي تعويد ألسنة أطفالنا على سرة وال شيء مثل الغناء الم ي العربية الفصحى س ر ب الفصحى إلى قلوبهم الصغيرة. يمكنه أن ي حاولت في الترجمة أن أختار وزنا مشابها لوزن القصيدة اإلنجليزية ويتناسب مع لحنها الذي كما ذكرت أصبح شائعا في الثقافات العالمية. (قصيدة «النجمة» لجين وآن تايلور) ون غ ي م ا ل مع ا ل مع يا ن ج ي م * رائعا م ن د أضاء ماس واعل د و ما في ماء * م ث ل أ ل الس كلما الرهيب الليل تغيب * أو أتى س الش م س ناك هناك * أنت تزدهي ببريق من أه لا شكر ي ام السائر ليال * و ضا منك الطريق * ي ك ف ه من البريق ك ض ل إن فه و الس ما ال ز رقا اره بين الست ا ر ه * في ش ر أنت م ن ك الن جال ت ظل * ر يث ما ع ين ط ل ست الش م ام الظالم * ي هتدي ساري د بوميض م ست اسطع ك ب د ر تكون ما ي* ر أد لس م ع أن ي ت hilalalhajri@hotmail.com
2 رجب ١٤٤٠ ه - مارس ٢٠١٩ م معنى الثقافة في ظل التحوالت االجتماعية منال المعمرية اإن ثقافة الع نف اجلاحمة التي تتغلغل يف م تمعاتنا العربية واالإ سالمية يوم ا بعد يوم ت عترب امل سبب الرئي س لزيادة ال صدامات وتو سيع فجوة الفرقة والتنابذ يف عاملنا املعا صر. ويف ظل التحوالت امل ت سارعة ووجود البواعث وامل سببات التي تعمل على تثوير هذا العنف ما أاحوجنا اإىل اإ شاعة اأفكار ال سلم والت سامح واالعرتاف باالآخر امل ختلف والتعاي ش معه. ير د يف هذا املقال اأهم ما ذ كر يف مقال الكاتب حممد بن الطيب اأ ستاذ الفل سفة االإ سالمية والت صوف يف جامعة منوبة يف تون س. وهو املقال الذي ن شرته ملة التفاهم حتت عنوان»م ص ؤوولية النخب الدينية والثقافية يف سلم املجتمعات وت ضامنها«. يقول الكاتب اإن من الظواهر الغريبة واملتف شية والتي تلفت النظر هو وجود فئة موؤثرة من النخب واملثقفني ال ع رب س اه م ت ب ش ك ل رئ ي س ووا ض ح يف ت اأج ي ج ن ار الفنت وال صراعات وتفتيت املجتمعات وانق سامها وهو ما يجعلنا نتعجب من الدعوات املحر ضة الهائلة التي تبثها ه ذه الفئة وتن شرها م قابل ال دور ال سلمي الذي من املفرت ض اأن يعو ل عليها ب شكل خا ص. ي ك ف ي أان ن ق ر أا اجل رائ د ون ش اه د ال ب رام ج احل واري ة ال صاخبة حتى نكت شف ما فيها من خطابات م شحونة بالعنف وال ت ع ص ب ومم ل وءة ب ال ك ره و شيطنة الآخ ر وك اأن ال ت ع اي ش م ع املختلف أا ص ب ح ض رب ا م ن ض روب امل ستحيل ف رتى رج ل ال دي ن أاو املثقف الكبري يرعد ويزبد منافح ا عن م صالح فئوية ومدافع ا عن انتماءات مذهبية ضيقة و أاحزاب حمدودة ويف مواقف اأ شد حدة يحدث يدلق كوب املاء على وجه خ صمه اأو يعتدي عليه بالكالم اأو حتى ال ضرب فتمتد الأل سن وتطول الأذرع حتى يتحول امل شهد من طاولة حوار م ستديرة اإىل حلبة مفتوحة للم صارعة بالقرون! م ث ل ه ذا و أاك ث ر ي ح ص ل يف زم ن ت ق اع س ت ف ي ه ه ذه النخب عن دورها اجلليل وتنا ست ر سالتها الأ سمى يف اإ شاعة ال سلم وتوحيد امل جتمعات واحلث على ت ضامنها وت ع زي ز ت آال ف ه ا وت ع اون ه ا وت ق دمي م ص ل ح ة ال ب ل دان ووحدة الأوطان واأمن ال شعوب على اأية م صالح وحتزبات اأو م آارب اأخرى. عن مفهوم النخبة لقد شاع هذا املفهوم بني الن ا س للدللة على ال صفوة من امل جتمع تلك التي يتميز اأف راده ا بالتفوق على العامة بالعلم واملعرفة مما يوؤهلها لدور القيادة ويرفعها ملقام الريادة فهي طليعة املجتمع التي ت سهم ب شكل مبا شر يف حتولته وتوجهاته وحتركاته ووعيه. وهوؤلء هم من ي ساهمون يف اإنتاج اخلطابات املوؤثرة على اجل م ه ور فلهم ت اأث ريه م امل ع ن وي ال ك ب ري واأدع ي اوؤه م الذين يتبنون خطاباتهم. ومن هنا يتجلى الدور احليوي املنوط باملثقف يف تقومي وت ص ح ي ح امل س ارات الج ت م اع ي ة م ن خ ل الل اإح س ا س ه بج سامة امل شوؤولية الجتماعية امل لقاة على عاتقه حيث يجب أان يحول وظيفته املعرفية اإىل راأي وق ضية ووظيفة اج ت م اع ي ة وح راك ث ق ايف وخ ط اب م وؤث ر ع ل ى م ستوى الوعي العام. االأعمال العقلية ال تعني الثقافة ي ض ي ف ال ك ات ب اأن م زاول ة الأع م ال ال ع ق ل ي ة ل تعني الثقافة وهنا عادة ما تقع م غالطة كبرية على حد تعبريه فالذي ت ب سط اأمامه م شكالت ي عانيها جمتمعه وي قا سيها شعبه فال ي ستوعبها ول يرى اأن ها تتعلق بحياته _فهي لي ست م ن ش اأن ه ول م ن طليعة اه ت م ام ات ه_ ف ال يعد مثقفا اأ ص ال ول ي ج ب اأن ي ح وز ع ل ى ه ذا ال ل ق ب. وم ن هنا لي س امل ثقف وحده هو الذي يزاول عمال فكريا فمن املمكن اأن يزاول أاحد أاف راد املجتمع عمال يدويا اأو بدني ا واإىل ج ان ب ذل ك ف اإن ه يح سن الفهم وال ت ف ك ري ويتميز ب سعة الأف ق والط الع ويتفاعل مع الأح داث واملتغريات من حوله فيعترها جزءا منه فهو يعد نف سه خيط ا من اخليوط امل شتبكة املكونة لهذا الن سيج املجتمعي املتغري. وميكن على العك س من ذلك اأن يزاول أاحدهم عمال عقليا ذا اأ س ا س ف ك ري وينتمي مب وج ب ذل ك اإىل اأه ل الفكر ولكنه ل يعد م ثقفا! األ سنا نعرف اأنا سا ونلتقي بهم كل يوم تعلموا تعليما عاليا ويقومون باأعمال عقلية لكنهم رغ م ذل ك ل يفهمون جمتمعهم ول يلقون ب ال لق ضاياه و ش ؤوونه!. اإن هوؤلء ل يعدون مثقفني لأنهم ل يتميزون بو ضوح الر ؤوية وعقالنية القرار وقوة النتماء الجتماعي. فاملثفف هو ذلك ال شخ ص القادر على فهم حركة امل جتمع م ن ح ول ه وم ن ث م ات خ اذ م وق ف ف ك ري منها ق د يكون اأ سا س ا لبناء م شروع حول طبيعة هذه احلركة وم ستقبلها. املت صوفة ويف ه ذا الإط ار ي ست شهد الكاتب حم مد الطيب بفرقة املت صوفة وال ذي ن مل يكونوا مبعزل ع ن املجتمع حيث ك ان ت ل ه م م واق ف اح ت ج اج ي ة مت ث ل ت ب اأ س ل وب احل ي اة الزهدية التي عا شوها والتي كانت مبثابة الثورة امل ساملة ضد احلكام وال سلطة. كذلك فقد كانوا يقدمون العبادات التعاملية على ال شعائرية اإىل اأن اأ صبح الت صوف ظاهرة ثقافية شعبية ل سيما ب ني ال ق رن ني ١١ و ١٨ امل ي الدي ف ك ان ت احل ل ق ات ال ص وف ي ة مت ث ل و س ط ا ي ح ت وي اأف راد املجتمع موفرا حاجتهم لالطمئنان والنتماء واللتحام الج ت م اع ي ح ت ى أا ص ب ح ت امل س ؤوول ي ة الج ت م اع ي ة خ صي صة ص وف ي ة يف وق ت ك ان ت ف ي ه ال غ زوات ق ائ م ة والأحداث التاريخية م ضطربة. فال الفقهاء ول العلماء غطوا احلاجة الروحية لدى الن ا س يف ذلك الوقت ولكن جنحت يف امل قابل املوؤ س سة ال صوفية فالت صوف مل يكن مبعزل عن املجتمع سواء كان ت صوفا فرديا اأم جماعي ا. إان ك ث ريا مم ن يح سبون على الثقافة ال ي وم ق د تخلوا عن م شوؤولياتهم الجتماعية ون سوا التزامهم الفكري والإن س اين والأخ الق ي والوطني اإزاء شعوبهم وق ضايا أامتهم. وعو ضا عن اجتهادهم وابتكارهم لطرق ت سهم يف تخفيف الحتقان الطائفي والح رتاب الداخلي فاإن هم مي سكون اأق الم ه م ليبنوا ح واج ز ال ع زل ة ويقفون على منابرهم ليبثوا سموم الف رقة. لكن الثقافة احلق ملن يفهمها وي ستوعب م ضامينها هي نبذ لكل اأ شكال العنف والت سلط والهيمنة وهي الدعوة إاىل قيم العدل واحلرية وال سالم. وهي التي تعد ال ضمري املحتجب للمجتمع واملعر عن تطلعاته الإن سانية وهي ال سبيل نحو التقدم والتطور الجتماعي فمن مل يلتزم بقيمها الإن سانية الرفيعة ومل يعمل ب ه دي م ن م ث لها العليا كيف ي سو غ له الت صاف بها والنت ساب اإليها! manalalmaamari1@gmail.com
رجب ١٤٤٠ ه - مارس ٢٠١٩ م 3 نصوص وأقاويل عاطفة المسكرية اإن الن صو ص والكتب التاريخية حتتوي على الكثري من الدالالت التي مت اال ستناد عليها يف التحقق من الروايات املنقولة تاريخي ا وت صبح االأدلة أاكرث قوة وثبات ا عندما توجد بنف س التفا صيل يف أاكرث من م صدر واحد. ت أاخذنا هذه املقدمة اإىل ملة التفاهم للتاأمل يف مقالة الدكتور - حامت الطحاوي يف باب )مدن وثقافات( - لن ص بعنوان»مكة املكرمة يف ال سجالت ال صينية يف الع صر الو سيط«. كانت توجد فئة من ال شعراء والكتاب ال صينيني امل سلمني عرب التاريخ ولكن يندر ذكرهم يف الكتب والن صو ص التي حتدثت عن فئات امل سلمني يف خمتلف احل ضارات وال شعوب. Attifa.nasser@gmail.com اإل اأن التفا صيل تكاد ل تخلو من اأم ور تتعار ض م ع احل ق ائ ق امل ت ع ارف ة ل دي ن ا ال ي وم كم سلمني. ال ص ي ن ي ون ك ان وا ي ق وم ون ب زي ارات اإىل م ك ة امل س ل م ون م ن ه م وغ ي ري امل س ل م ي ني ب اخ ت ل الف اأه داف ه م. ف امل س ل م ون ك ان ت اأه داف زي ارات ه م ع ق ائ دي ة اأم ا غ ي ري امل س ل م ني ف ك ان وا ي ق وم ون بالرتحال رغبة يف ال ستك شاف. وردت الكثري من التفا صيل ال ت ي ت صف الكعبة وم ك ة وال ظ واه ر الطبيعية والب شرية التي حولها والهيئة التي كان يبدو عليها امل سلمون. على الرغم من ذلك حتتاج قراءة الن صو ص ال صينية إاىل فهم لل غة والرموز ال صينية التاريخية بالإ ضافة اإىل ال ق درة على فك ال شفرات التي كانوا يتبادلونها فيما بينهم لإي صال الر سائل. تذكر تلك الن صو ص و صول سفارة 39 من خمتلف الدول العربية إاىل ال صني يف أاقل من 100 عام وذلك لتوطيد العالقات بني ه ذه ال دول وال ص ني. م ن ضمن ه ذه ال سفارات كانت سفارة مكة قادمة اأي ض ا اإذ اأنها تعد رم ز ا من الرموز الدينية الكثرية - وفق ا لل صينني - يف ذل ك الع صر اإل اأن ك اف ة املعلومات ال واردة عن مكة - كرمز ديني - كانت خاطئة. اإن العتقاد ال سائد لدى ال صينيني يف ذلك الوقت أان الكعبة التي كانت يف مكة حتتوي على مالئكة سماوية واأن جد النبي صلى اهلل عليه و سلم قد دف ن فيها ب الإ ض اف ة إاىل وج ود الكتب املقد سة داخ ل الكعبة حيث يتم الحتفاظ بها ه ن اك. ما يدعو للت ساوؤل حقيقة هي م شاألة النقل هذه ما إاذا كانت نقلت من ال صينيني امل سلمني اأم الرحالة وامل ستك شفني فقد كانت هناك جمموعة تخرج من ال صني متجهة اإىل مكة بني ة احلج. من ضمن ه ذه اجلماعة امل سلمة ك ان ج د ال شاعر ال صيني الذي كان يدعى باحلاج»ها ت شي«وكانت الرحلة إاىل مكة ت ستغرق 80 يوم ا كرحلة برية انطالق ا من مدينة مرباط. وكان العتقاد ال سائد عن اإله امل سلمني»ال رب«أان ه ب وذا لكنه اخلا ص بالعرب حيث ولد يف مكة. كما أان الفكر العقائدي ال سائد عن امل سلمني لدى ال صينيني كثري ا ما ي شبه أافكارا متعلقة بالوثنية والبوذية حيث كانوا يعتقدون وفق ا لن صو صهم التاريخية باأن امل سلمني يذهبون إاىل احل ج يف ذك رى وف اة الر سول صلى اهلل عليه و س ل م حم م ل ني ب ال ه داي ا وال ذه ب وامل ج وه رات ناهيك ع ن ك ون حكام ال ع رب ير سلون اأ شخا ص ا خم ص صني لهذه املهمة حمم لني بنف س الأغرا ض متجهني بها إاىل مكة. ك ان ال صينيون يعتقدون بقوة اإمي ان العرب بعقيدتهم الإ سالمية لدرجة اأنه عندما ميوت شخ ص ما يدل ك صدره بحفنة م ن ت راب ق ب ر ال ر س ول ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م ويعود للحياة. كما اأن قر النبي صلى اهلل عليه و سلم ي سطع منه ض وء ل ي ستطيع اأن ي راه اإل من ك ان موؤمن ا صادق ا باإميانه. وال الف ت للنظر يف ه ذا الأم ر أان املعلومات التاريخية املغلوطة انتقلت إاىل ثقافات وح ضارات اأخ رى كاحل ضارة الأوروب ي ة حيث ت ذك ر ن صو صهم اأن ق بر النبي ك ان يف م ك ة مت ام ا ك م ا ذ ك ر ن ص ا يف الن صو ص ال صينية التاريخية ومل يرد أانه يف املدينة املنورة. يجعلنا هذا الأمر نت ساءل حول مدى صحة ما نقل من التاريخ اإىل حا ضرنا سواء من كتب تاريخية اأو ما نقل عن فالن ابن فالن فال جدال على ما ا ستطعنا اإث ب ات صحته على م راأى وم سمع منا ولكن ما و ضع التاريخ الذي و صلنا مبجرد اأقاويل ون صو ص غري مثبتة من اجلدير بالذكر يف هذا ال سياق م شاألة ا ستحدثت لفرتة من الزمن حيث اأجريت جتربة نقل حدث من شخ ص اإىل شخ ص اآخر يليه شخ ص ثالث وبعده اأ شخا ص معدودون ل تتجاوز اأعدادهم جميع ا 10 اأ شخا ص حيث كان الهدف املراد من هذه التجربة قيا س مدى صحة ان ت ق ال احل دث بالتفا صيل الدقيقة ال صحيحة من اأول شخ ص ب داأ التجربة اإىل اآخ ر شخ ص يف التجربة فاإذا بالنتيجة تثبت أان التفا صيل التي اب ت د أات بها التجربة اختلفت ل دى اآخ ر شخ ص فكيف ب اأح داث ح صلت قبل مئات واآلف ال سنني! يجب اأن ل يعتر ه ذا الأم ر ت شكيك ا ب ق در ما هو ت ساوؤل ي أاخذ بعني العتبار الأدلة التاريخية ب الإ ض اف ة اإىل ال ت ج ارب ال ت ي تثبتها املجتمعات ويثبتها العامل كل يوم سواء عر تناقل الأحداث بني عامة ال شعب اأو عر القنوات الإخبارية التي تنقل ص وت ا و ص ورة حقيقية ل ك ن م ن اجل ان ب الذي يخدم اأجندتها اخلا صة. ي ق ال اأن ال ت اري خ يكتبه امل ن ت ص رون ف ه ل ينقل ه وؤلء امل ن ت ص رون احل ق ي ق ة ك ام ل ة! ف ل ن رتك لأن ف س ن ا م س اح ة ل ل ت ف ك ري وال ت م ع ن ح ي ث اأن الأم ر ن سبي ويعتمد على اأم ور ك ث رية ل إالجابة عليه. م ث ال تعتمد حقيقة املوا ضيع التاريخية املنقولة على الناقل وم دى م صداقيته وقدرته على نقل احلقائق املطابقة للواقع. بجانب ذلك مدى الإمل ام يعد عن صر ا حا ضر ا يف تقييم عملية النقل كما اأن احليادية مطلوبة يف هذا ال سياق. اإن ح ضور امل شاعر يف ال سرد التاريخي والنحياز م ن اف ي ان ل ل م ص داق ي ة اأو ال ق درة ع ل ى حتقيق م صداقية عالية يف النقل سواء كان ذلك بق صد اأو بغري ق صد. إان الطبيعة الب شرية مبا فيها من تعقيدات حتتم علينا أاخذ الت ساوؤل بجدية عو ض ا عن مهاجمة طارحي ال ش ؤوال واتهامهم بالت شكيك فالظروف سابق ا والواقع مبا فيه من اأحداث اليوم ت ثبت م دى اأه م ي ة إاع ادة التفكري ب الأم ر. نحن اليوم يف غمرة ثورة الت صال والتوا صل و سهولة الن ت ق ال وم ع ذل ك ت صلنا ع ش رات التف سريات حلدث واحد فما بالك باملا ضي!
4 رجب ١٤٤٠ ه - مارس ٢٠١٩ م اإللهام بديال للوحي في الفكر المسيحي زهرة السعيدية كتب يو سف الكالم بحثا ن شر يف ملة»التفاهم«حتت عنوان»جدلية الوحي واالإلهام يف الفكر امل سيحي«ناق ش فيه التحوالت التي طر أات على مفهوم الوحي يف الديانة امل سيحية نتيجة ما ك شفته الدرا سات النقدية من أان الن صو ص امل سيحية املقد سة عبثت بها اأياد ب شرية اأو ر مبا كتبها الب شر أانف سهم لذلك ا ستمر ت الكني سة يف حماولة حماية قد سية الكتاب املقد س فاأخذت تعرفه بطرق خمتلفة حتى ظهر اأخريا مفهوم االإلهام وكان مبثابة طوق جناة أانقذ قد سية الن صو ص امل سيحية. Zahra.alsaidi09@gmail.com لنت فق اأول على اأن امل سيحية دي ان ة ذات فكر تطوري م رن ت ع م ل ع ل ى ت غ ي ري م ع ت ق دات ه ا م ع م ا يتنا سب متطلبات املرحلة. واإن مل تكن كذلك فلم تكن لتتحول من جمرد جمموعة تعاليم كان ين شرها رج ل يهودي ب سيط إاىل الديانة الأكر انت شارا يف العامل اليوم ولن ي صبح هذا الرجل الب سيط اإله ا وجتلي ا هلل يف الأر ض فمنذ ال ق رن ال ث اين ب داأ امل سيحيون بتقدمي إاميانهم م غ ل ف ا مب ا تتطلبه ث ق اف ة ك ل ع ص ر ح ت ى اأ صبحت لح ق ا دي ن الإم ب روط وري ة ال روم ان ي ة امل ع ت م د. غري اأن ها حتو لت بعد ذلك اإىل ديانة شر سة همجية اأدخلت اأوروب ا يف الع صور الظالمية. لكن مل تلبث احلركات الإ صالحية اأن ظهرت بعد التغريات التي حدثت على امل س ت وي ات الق ت ص ادي ة وال ف ك ري ة وال ع ل م ي ة ف ع ادت الكني سة اإىل تقدمي نف سها ب شكل اآخر اأقل همجية. مل حت دث ال ت غ ريات على امل ستوى ال ع ق دي ف ق ط بل على امل ستوى املفاهيمي اأي ضا ولي س اأو ضح مثال على ذل ك م ن اجل دل ح ول مفهوم ال وح ي بعد اأن ك شفت ال درا س ات التاريخية والأرك ي ول وج ي ة والفيلولوجية حتمية تدخل الب شر يف كتابة الكتاب املقد س لذلك سعت الكني سة جاهدة اإىل التاأكيد على أان نتائج هذه الدرا سات ل تعني بال ضرورة اأن قد سية الكتاب حمل شك وذل ك من خ الل اإح داث تغيريات م ستمرة على م ف ه وم ال وح ي ح ت ى ا س ت ق ر ت اأخ ي ريا ع ل ى ا ستبداله بالإلهام. اإ شكالية مقاربة الوحي يف امل سيحية: الوحي يف مفهومه الب سيط هو»غيبيات واأحكام ت صدر عن اهلل ويتلقاها النبي«. وقد عر فه توما الأكويني على اأنه»ا شتغال اهلل على عقل النبي وك شفه لأفكار جديدة عن طريق اخليال واحلوا س حيث ي ضع املحتوى اأول يف ع ق ل ال ن ب ي ث م مي ك ن ه ذا ال ن ب ي م ن م ع اجل ة ه ذا املحتوى وتبليغه للنا س«. لكن الأكويني اأكد اأنه ل دخل للنبي يف تكوين أاي من هذه الأفكار فكل ما يتلفظ به ما هو اإل جتل لكالم اهلل على ل سانه. يقول الكاتب مل ا مل يعد م صطلح الوحي يف امل سيحية ي ط ي ق م ا ك ش ف ت ع ن ه ال درا س ات ال ن ق دي ة ع ن ك ون ال ك ت اب امل ق د س ل ي س س وى حم ض اإ س ه ام ات اأدب ي ة ب شرية ا ضطر رج الت الكني سة اإىل الح ت ي اط عند تعريفهم للوحي خ صو صا واأن م صطلح الوحي عند الأدي ان ال س م اوي ة الأخ رى ك الإ س الم ي ة وال ي ه ودي ة م ا زال ي ع ت بر ك ل الم اهلل امل ن ق ول للب شرية م ن خ الل النبي لذلك عمد وا اإىل اإع ادة تعريف الوحي يف اإطار ل يخرج عن الك شف عن الغيبيات ومن هذه التعاريف اأذكر:»الوحي هو العملية الإلهية التي يك شف اهلل لنا من خاللها عن احلقائق الغيبية التي ارت ضى لنا اأن نعرفها«. واأي ض ا»الك شف ال ذي يك شفه اهلل لالإن سان عن احلقائق التي ل ميكنه معرفتها اإل بوا سطته اأو تلك التي ل ميكن اإدراكها اإل مب شقة وجهد«. ما مي كن مالحظته يف هذه التعريفات البديلة هو حمدوديتها وافتقارها ل شرح الآلية التي ينتقل بها هذا الك شف عن الغيبيات من اهلل إاىل الأنبياء. االإلهام بديال للوحي: ي ق ول ال ك ات ب اإن اله ت م ام ب ال وح ي ق ل ت دري ج ي ا يف م ق اب ل ص ع ود وت ي رية ا س ت خ دام م ف ه وم الإل ه ام يف ال درا س ات الالهوتية احل دي ث ة وحتى اإن ا ستخدمت مفردة الوحي عر ضيا فيق صد بها الإلهام ل الوحي يف معناه القدمي. لكن ما املق صود حقا بالإلهام يف الفكر امل سيحي احلديث ل ن ب د أا بتعريف الإل ه ام كما فعلنا يف تعريف ال وح ي. ي ق ص د ب ه يف م ف ه وم ه ال ب س ي ط»اإل ه ام اهلل الأف ك ار ل ل ن ب ي«. وق د ذك ره ت وم ا الأك وي ن ي ل ك ن ب ش ك ل غري ص ري ح ح ي ث ذك ر ن وع ي ني م ن ال وح ي الأول: هو ال وح ي مب ع ن اه الكال سيكي كمجموعة اأح ك ام غيبية يلهمها اهلل ل أالنبياء مع توجيهات لطريقة تبليغها. أاما النوع الثاين فهو جمموعة اأحكام غيبية يلهمها اهلل ل أالنبياء م ن دون أاي توجيهات إالهية فيبلغونها كل ح سب موؤهالته ال شخ صية. وظهر مفهوم الإل ه ام ص راح ة اأول م رة يف جم م ع ال ف ات ي ك ان الأول ح ي ث ذ ك ر ف ي ه أان حم ت وي ات الكتاب املقد س قد دونت باإلهام من ال روح القد س لكن املفهوم بقي غام ضا وا ضطرت الكني سة اإىل اإ ص دار دوري ات حت اول ف ي ه ا ش رح وت و ض ي ح ه ذا املفهوم اجل دي د وق ال البابا ليون الثالث ع شر يف معر ض دفاعه عن قد سية الكتاب املقد س يف اإحدى هذه الدوريات:»اإن ال روح القد س ات خذ من بع ض الرجالت آالت للكتابة فاإذا ارتكبت بع ض الأخطاء فلي ست ب ك ل ت اأك ي د ص ادرة ع ن ال ك ات ب الأ س ا س ي واإمنا عن الك ت اب امللهمني«. اأما يف جممع الفاتيكان الثاين فقد عر ف الإلهام على اأنه اختيار اهلل لأنا س وا س ت خ دام ق واه م واإم ك ان ي ات ه م يف ك ت اب ة ال ك ت اب املقد س. ويعتقد الكاتب اأن مقاربات الكني سة ملفهوم الإلهام م ا ه ي اإل»حم اول ة ل ت ج اوز النق ص ال ذي تعانيه الكتب املقد سة«وحماولة ل ستيعاب الأخطاء بكافة اأن واع ه ا لكنه اأ ش اد مبقاربة القامو س ال ت ورات ي باعتبارها الأكر مو ضوعية ولأنها مل تكتف بذكر ق رارات امل ج ام ع الكن سية ب ل ت ع دت ذل ك وناق شت الإ شكاليات حول هذا املفهوم. ت ك ثر امل ق ارب ات ح ول الإل ه ام وت ط ول لكن ني اأتفق مع الباحث فرناندو كانيل يف أان جوهر الإلهام هو الرتباط الذي يحدث بني القدرة واملعرفة والإرادة الإلهية وبني الإدراك واملوهبة املحدودة للب شر من اأجل اإنتاج ن ص مكتوب اأو معرفة شفهية متناقلة. اأخ ي ريا.. ق د ي ع ي ب ال ب ع ض ع ل ى امل س ي ح ي ة ه ذه املرونة وهذه النقا شات اجلريئة التي تطال اأحيانا الأم ور ال ع ق دي ة وت ع ي د ت ع ري ف م ف اه ي م مهمة كالوحي والإميان... وغريها. لكن ل ميكن اإنكار اأن ه ذه اخلا صية هي التي اأ سهمت يف جعل امل سيحية من اأكر الديانات م ساملة ووداعة وتقبال لالآخر.
رجب ١٤٤٠ ه - مارس ٢٠١٩ م 5 عالقة التأويل بالسياق ودوره في بناء المعنى وليد العبري اإن كل معني بالبحث يف الداللة وتق صي صحيح املعاين ال شك اأن ه يعرف لل سياق قدره واأهميته البالغة -واحلا سمة يف كثري من ا أالحيان - يف تذليل العقبات وال صعاب أامام الو صول اإىل املعنى و صحيحه. هذه االأهمية جند لعلماء االإ سالم - مب ختلف تخ ص صاتهم - وعيا م بكر ا بها يقول متام ح سان:»لقد كان ع لماء االأمة االإ سالمية عند اعرتافهم بفكرة ال سياق - ب شقيه املقايل واملقامي - متقدمني ب أاكرث من األف سنة على زمانهم«. Wali7-alabri@hotmail.com وه ذا م ا ن اق ش ه ال ب اح ث حم م د ش ت وان يف م ق ال ه املن شور مبجلة»التفاهم«اإذ اأ ضاف اأن علماء اللغة الغربيني واإن كان اهتمامهم بال سياق قد بداأ متاأخر ا فقد احتفلوا به واهتموا به أاميا اهتمام اإىل درجة صياغة نظرية م تكاملة ت عنى به عرفت بالنظرية ال سياقية. فما هو مفهوم ال سياق يف الفكر اللغوي العربي وما أانواعه وكيف ي ؤودي وظيفته وما هو مفهوم ال سياق يف الفكر الغربي وكيف يوؤدي وظيفته. عند احل دي ث ع ن مفهوم ال سياق سنبداأ بتعريف ال سياق يف اللغة إاذ ج رت ال ع ادة اأن الباحثني اإذا م ا أارادوا البحث ع ن معنى لفظ م ا اأن ي ف زع وا اإىل اأم ه ات امل ع اج م اللغوية وال صطالحية التي كانت ول تزال املرجع يف معرفة معاين الألفاظ العربية ودللت ا ستعمالها. ومن اأجل حتديد املعنى املعجمي للفظة»ال سياق«نعرج على أاهم تلك املعاجم ونبداأ مبقايي س ابن فار س الذي عرف عنه اهتمامه باملاأخذ احل سي للم صطلح واملدار الذي يدور عليه. ق ال:»ال سني وال واو والقاف اأ صل واح د وهو حذو ال شيء يقال: ساقه ي سوق سوقا وال سيقة: ما ا ستيق من ال دواب واجلمع اأ سواق وال ساق لالإن سان وغريه واجلمع سوق واإمنا سميت بذلك لأن املا شي ين ساق عليها«. أاما ل سان ابن منظور وهو املعجم الذي ينتظم اأكر املعاجم التي سبقته ويحوي موادها الزاخرة فلم ي ضف الكثري على ابن فار س قال:»تقول العرب: ساق الإبل سوقا و سياقا اإذا سردها سردا و أاوردها مكانا وتقول العرب: ت ساوقت املا شية اأي تتابعت يف ال سري«. يتبني من خالل املعاين اللغوية التي اأوردها اأ صحاب املعاجم ال سابقة ملادة ال سياق أانها تدور حول معاين الت سل سل والإيراد وجم يء ال شيء متتابع ا ويف ك ل ذل ك ي برز معنى النتظام والرتابط. و أام ا عند احل دي ث ع ن مفهوم ال سياق عند ال ق دام ى فقد تقا سمت علوم كثرية الهتمام بال سياق واعتماده يف عملية الفهم والتحليل وتوظيفه يف البيان والإر ش اد إاىل املعنى ال ق ومي ول ع ل اأو ل واأب رز م ن ا شتغل بال سياق ك ان ع لماء التف سري والأ صول ثم جاء من بعدهم علماء اللغة والبالغة وم ع ذل ك ل جند عند ه وؤلء تعريفا وا ضح ا وحم ددا لهذا امل صطلح با ستثناء اإ ش ارات م ت ن اث رة هنا وه ن اك وكذلك ال ش أان يف كتب ال صطالح. وقد تتبع الدكتور ردة اهلل الطلحي ا ستعمال هذا امل صطلح يف الرتاث العربي فوجد أان مفهوم ال سياق يف الرتاث ميكن ح صره يف النقاط الثالث التالية: الأوىل: أان ال سياق هو الغر ض أاي مق صود املتكلم من اإيراد ال ك الم وه و واح د م ن امل ف اه ي م ال ت ي ع ب ر ب ل ف ظ ال سياق )ال سوق( عنها. الثانية: أان ال سياق هو الظروف واملواقف والأحداث التي ورد فيها الن ص اأو نزل اأو قيل ب شاأنها واأو ضح ما عر به عن هذا املفهوم لفظا احلال واملقام. الثالثة: اأن ال سياق هو ما يعرف الآن بال سياق اللغوي الذي مي ثله الكالم يف مو ضع النظر اأو التحليل. وه ذا بالن سبة ملفهوم ال سياق اأم ا عند احل دي ث ع ن اأن واع ال سياق ومن خالله يبدو اأن اأغلب الدار سني ي شريون اإىل نوعني م ن ال سياق هما ال سياق اللغوي وال سياق احل ايل وه و التق سيم ال ذي ا ستقر عليه ال در س اللغوي العربي - وال ب الغ ي منه على وج ه اخل صو ص - فيما ي ع رف بفكرة املقال واملقام. اإل اأن ه قد وج دت هناك تق سيمات اأخ رى لل سياق اقرتحها جمموعة من الباحثني من ذلك ما اقرتحه K.ammer من تق سيم ال سياق اإىل اأق سام اأربعة: ال سياق اللغوي: ه و البيئة اللغوية التي حت يط ب صوت اأو فونيم اأو مورفيم اأو كلمة اأو عبارة اأو جملة. ال سياق العاطفي: هو ال سياق الذي يتوىل الك شف عن املعنى ال وج داين وال ذي قد يختلف من شخ ص اإىل اآخ ر. إان دور ه ذا ال س ي اق ك ون ه ي ح دد درج ة ال ق وة وال ض ع ف يف انفعال املتكلم مم ا يقت ضي ت اأك ي دا اأو مبالغة اأو اع ت دال فكلمة )يكره( غري كلمة )يبغ ض( رغم ا شرتاكهما يف اأ صل املعنى وكلمة )يود( هي غري كلمة )يحب(. سياق املوقف: ويعرف باأن ه املوقف اخلارجي الذي جرى فيه التفاهم بني شخ صني اأو اأك ثر وي شمل ذل ك زم ن املحادثة ومكانها والعالقة بني املتحادثني والقيم امل شرتكة بينهما وال ك الم ال سابق للمحادثة. ويخت صره بع ضهم بقوله: هو الظروف اخلارجية املحيطة باحلدث اللغوي. ال س ي اق ال ث ق ايف: وه و ال س ي اق ال ذي ي ك ش ف ع ن امل ع ن ى الجتماعي وذل ك املعنى ال ذي توحي به الكلمة أاو اجلملة وامل رت ب ط ب ح ض ارة معينة اأو جمتمع م ع ني وي دع ى اأي ض ا املعنى ال ث ق ايف. فكل ثقافة تتميز بخ صائ ص ل ت ت واف ر يف ثقافة جمتمع اآخ ر وم ن ثم قد تختلف دلل ة الكلمات من بيئة اإىل اأخرى. وه ن اك اأي ضا تق سيم اآخ ر لل سياق من سوب»لالأ سلوبيني«ذل ك اأن ه م يق سمونه اإىل ن وع ني: الأول: ال سياق ال صغري: ويق صد ب ه اجل وار امل ب ا ش ر للفظ قبله اأو ب ع ده. والآخ ر: ال سياق الكبري: ويق صد به ما هو اأك بر من اجل وار امل با شر للفظ كاجلملة أاو الفقرة اأو اخلطاب جملة وقد يتخذ هذا امل صطلح اأ سلوبيا دللة خا صة تتمثل يف جملة املعطيات التي حت ضر القارئ وهو يتلقى الن ص مبوجب خمزونه الثقايف والجتماعي. اأما عن ال سياق يف الفكر اللغوي الغربي فقد شكلت درا سة الن صو ص خ ا ص ة الن صو ص ال دي ن ي ة وال ق ان ون ي ة بهدف حت صيل املعنى وال وق وف على ال صحيح واملتني منه - قبلة الدار سني قدميا وحديث ا ومن أاج ل ذلك تراهم قد وظفوا ع ل وم ا ش ت ى وم ن اه ج خمتلفة ت ت ن ا س ب وط ب ي ع ة ك ل ن ص حماولني تلم س اأح سن الطرق واأقرب امل سالك لإدراك املعنى. اأم ا فيما يخ ص نظرية ال سياق ال ت ي نحن ب ش اأن احلديث عنها فت عد عند كثري من الدار سني الإ سهام احلقيقي للغوين الإجن ل ي ز يف حقل النظريات اللغوية اإىل ج ان ب نظرائهم الأروب ي ي ني والأم ري ك ي ي ني ف ق د ظ ل ت امل در س ة ال ل غ وي ة يف بريطانيا ردح ا من الزمن ل تهتم اإل باجلوانب التحليلية للغة دون و ض ع نظرية لغوية على ي د»ف ي ريث«ال ذي كان ي ع رف اأن اه ت م ام ع ل م اء ال ل غ ة يف بريطانيا ل ي ع دو و ضع املعاجم والدرا سات ال صوتية واللهجية. واإذا كانت هذه النظرية قد ن سبت اإىل فريث فاإنها بال شك كانت لها اإرها صات ب ش رت مبقدمها وج ذور عند من سبق من علماء شاركوا ب شكل اأو ب آاخر يف بلورتها و صياغة اأفكارها اإىل اأن و صلت اإىل مرحلة الن ضج والكتمال على يديه. ويبقى اأن ه من نافلة القول الإ شارة اإىل اأن فكرة ال سياق عندما تناولها الغربيون يف القرن الع شرين مل تكن جديدة باملرة ب ل سبق اإليها العلماء ال ع رب وال ه ن ود اأي ض ا ب ل اإن فكرة ال سياق ودللته يف املعاين احلقيقية للكالم كانت مطروحة يف الفكر الإن ساين منذ اأفالطون واأر سطو اإل اأن الف ضل يف اإعادة احلياة إاىل هذه الفكرة يعود إاىل فريث الذي صاغ منها نظرية علمية قد تلتقي يف بع ض جوانبها مع اآراء القدماء ولكنها بال شك تختلف من حيث املنهج والتطبيق والتحليل. اإن اأه م الأفكار التي حر ص فريث على ت سويقها من خالل هذه النظرية هو ما ي سمى»بالوظيفة الجتماعية للغة«اأي حماولة درا سة اللغة يف إاطارها الجتماعي إاذ اإن ه ي صر على درا سة اللغة كجزء من امل سار الجتماعي اأو ك شكل من اأ شكال احلياة الإن سانية ولي س كاإ شارات ويقيم درا سة عنا صرها انطالق ا من درا سة عالقتها بالق ضايا الجتماعية وذلك لأن اللغة حت دد من خالل ا ستعمالتها املتنوعة يف املجتمع.
6 رجب ١٤٤٠ ه - مارس ٢٠١٩ م م ن هو الطبيب العماني.. سؤال تاريخي لذاكرة ال تاريخية ناصر الكندي تت سم احل ضارة العربية االإ سالمية بن درة وثائقها التاريخية فعلى ض خ امة الرتاث الن صي يف كافة احلقول املعرفية الدينية اإال اأنه ال ت وجد وثائق تاريخية تهتم بتاأريخ االأحداث واالأعالم والت شريعات مثلما هي احلال يف احل ضارة الرومانية التي تزخر باأر شيف ال ي تعب الباحث يف تق ص يه لواقعة اأو شخ صية معينة. وقد يعود هذا ا إالهمال إاىل طبيعة احل ضارة االإ سالمية التي اختارت مملكة ال سماء دون اململكة الدنيوية ليكون االإر شيف يف الذاكرة فقط دون الورق. ومن خالل هذه احلقيقة وعلى الرغم من شح املراجع وامل صادر ي جاهد الباحث»حممد ال شيخ«يف مقاله املن شور مبجلة»التفاهم«واملعنون ب»من هو الطبيب العماين «يف الو صول إاىل ه وية هذا الطبيب الذي مت ذكره باأربعة اأ سطر فقط يف كتاب»تاريخ حكماء االإ سالم«لظهري الدين البيهقي. nskindi83@yahoo.com يقول البيهقي:»كان اأبو اخلري اأثنى على العماين وقال:»هو اأقوى اأهل الزمان يف صناعته«. ومن كلماته قوله:»حق على املرء أان يوكل معه كالئني اأحدهما يكلوؤه من اأمامه والآخ ر من وراءه وهما عقله واأخ وه النا صح«.»م ا ينفعك يف ذات ك فاطلبه واإن مل يكن فيه افتخار م ا«و»م ن ا ستبد مبعاجلته يف ح ال مر ضه ي ضر ك يف الدنيا والآخ رة فاتركه و إان ك ان ب ه اف ت خ ار«. م ن هذا الن ص ينطلق الباحث وف ق معطيات ف ق رية ل تب ش ر برحلة بحثية ي سرية فالبيهقي مل يذكر ن سبه اأو كنيته اأو تاريخ ميالده ووفاته. اإل اأنه مت ذكر حتقيق يتيم يف كتاب البيهقي:»يف كتاب اجلماهري للبريوين نقل عن اأبي العماين ول ندري هل هو هذا «. يبد أا الباحث رحلته ال وع رة بتذك ر طبيب عماين اآخر وه و اأب و حممد ع ب داهلل ب ن حممد الأزدي ال صحاري )ابن الذهبي( صاحب»كتاب امل اء«الذي ذكره ابن اأبي صبيعة صاحب كتاب»عيون الأنباء يف طبقات الأطباء«:»وه و اأب و حم م د ع ب داهلل ب ن حم م د الأزدي وي ع رف بابن الذهبي أاح د املعتنني ب صناعة الطب ومطالعة كتب الفال سفة وك ان كلفا ب صناعة الكيمياء جمتهدا يف طلبها. وت ويف ببلن سية يف ج م ادى الآخ رة سنة ست وخم سني واأربعمائة ولبن الذهبي من الكتب مقال يف اأن املاء ل يغذو«. ويحاول الباحث عمل نظائر للطبييب العماين مع ابن الذهبي يف كتاب املاء وفقا ملا مت ذكره يف كتاب البيهقي: 1- حق على املرء أان يوكل معه كالئني اأحدهما يكلوؤه من اأمامه والآخر من ورائه وهما عقله و أاخوه النا صح«. 2- ما ينفعك يف ذاتك فاطلبه و إان مل يكن فيه اف ت خ ار. 3-»وم ن ا ستبد مبعاجلته يف حال مر ضه ي ضرك يف الدنيا والآخ رة فاتركه و إان ك ان به افتخار«.. اإل أانه يف شل يف ذلك. ولكن مت العثور يف كتاب»نهج البالغة«لبن حديد على جملة قريبة من ال سطرين اأع اله وه ي: وق ال بع ض احلكماء ينبغي لالإن سان اأن يوكل معه كالئني اأحدهما يكلوؤه من اأمامه والآخر من وراءه وهما عقله ال صحيح واأخ وه الن صيح فاإن عقله -واإن صح- فلن يب صره من عيبه اإل مب ق دار م ا ي رى ال رج ل م ن وج ه ه يف امل راآة ويخفي عليه ما خلفه واأم ا اأخ وه الن صيح فيب صره ما خلفه وم ا اأمامه اأي ضا«. اإل اأن ه ذا مل يذكر ا سمه بل اكتفى باأنه اأحد احلكماء ل اأكر! اأم ا بالن سبة للجملة املذكورة يف كتاب البيهقي:»اأثنى على العماين وقال: هو اأقوى أاهل الزمان يف صناعته«. ف ق د ت ش ري إاىل اث ن ني الأول: اأب و س ع ي د اأب ي اخل ري ال صويف صاحب كتاب»اأ س رار التوحيد يف مقامات اأبي سعيد«وهو معا صر لبن سينا مثلما هو صاحبنا الذي نبحث ع ن ه وت ويف ع ام 460 ه بينما ت ويف اأب و اخل ري 456 ه. ولكن صاحبنا طبيب وهذا صويف!! اأما الثاين: فقد ذكره البيهقي يف»تتمة صوان احلكمة«باأنه احلكيم اأب و اخل ري احل سن ب ن بابا ب ن س وار ب ن ه ن ام بغدادي املولد وح مل اإىل خ وارزم ومل يكن م سلما ف سمع هاتفا يف املنام من ر سول اهلل اأن ي سلم فاأ سلم. وذكر البيهقي أان له كتابا مفقودا وهو»امتحان الأطباء«. ورمبا يكون هو اإذ قال:»هو اأقوم اأهل الزمان ب صناعته«ولي س اأهل زمانه مبعنى اأنه كان معا صرا لأبي اخلري العماين. وب ال ع ودة اإىل اب ن ال ذه ب ي -اإن ص ح ت مطابقته مع الطبيب ال ع م اين- فقد ك ان تلميذا لل صيادلة مثل: ال ب ي ريوين واب ن س ي ن ا وت ل م ي ذ ت ص ان ي ف اخل ل ي ل بن أاح م د ال ف راه ي دي وي ذك ر يف»ك ت اب ه امل اء«ف ضل اب ن سينا وال ب ي ريوين عليه كمعلمني ول ه تعليقات طبية تت سم بالواقعية مثل جداله حول عمر الإن سان دون اأي مبالغة! ويتحدث بجراأة عن بع ض اخلرافات يف زمانه ويعيدها للمنطق والراأي ال سديد ومنها عدم موافقته ع ل ى ش ف اء امل ص روع ني ب ال ت دخ ن م ن»ث م رة ال صليب الرومي«كما اأن لديه وجهة نظر تت سم باحلداثة ب شاأن الإب صار وي ستعر ض اآراء الفال سفة والريا ضيني باأن الإب صار ياأتي ب سبب شعاع من العني والثاين اأن اجل سم ي سقط على العني ف رتاه وهو ما يذهب اإليه ويقرتب يف روؤيته احلديثة والواقعية جدا حلقيقة الإب صار من العامل العربي امل شهور ابن الهيثم صاحب كتاب»املناظر«الذي ي عد منظرا للت صوير لحقا. كما اأن ابن الذهبي شديد ال ت ج وال و س م ي ب»ال س ف ار«وذه ب اإىل صحار م سقط راأ س ه إاذ يقول عنها:»و ص ح ار: ق صبة عمان مدينة طيبة الهواء كثرية اخلريات سميت ب صحار ابن اإرم بن سام بن نوح عليه ال سالم«. وي ع ود ال ب اح ث للت ساوؤل م رة أاخ رى يف ح ال مل تثبت هوية الذهبي ومت ترجيح أاط روح ة حممد ك رد علي فقد ذك ره البريوين يف»اجلماهر يف معرفة اجلواهر«ب اأن أاب ا ال ع ب ا س ال ع م اين ك ان ي ع رف ال ف ار س ي ة وعلم امل ع ادن وال ط ب ومعا صرا للبريوين واب ن سينا وه ذا ي ق رتب م ن ص اح ب ن ا ول ك ن ح ت ى اب ن ال ذه ب ي ميلك نف س خ صائ ص أاب ي ال ع ب ا س ليختم ال ب اح ث حممد ال شيخ مقالته: عود على بدء: من يكون يا ترى الطبيب العماين إان البحث يف التاريخ العربي ل ه و ضع خا ص ج دا اإذ هو مثل البحث عن اإبرة يف كومة ق ش! فمجتمع الوحي ل يكرتث باأ سئلة التاريخ. ولكن مل مينع هذا الغمو ض أان يفتح ل ل غ رب ب اب ا ح ول ل ت ن اه ي ال زم ن وال ذاك رة الإ س ل الم ي ة و إام ك ان ي ة ت ك رار ش خ ص ي ات ه ا يف اأزم ن ة خمتلفة خالقة غمو ضا رومان سيا كما ه ي احل ال مع األف ليلة وليلة مثال! فقد كان هذا املجهول التاريخي ال ع رب ي س ب ب ا لأن ي ت ح ول ال ش رق إاىل م س رح ج ذاب و شائق للغرب. وعليه فقد ذ كر اأي ضا يف كتاب أالف ليلة وليلة -طبعة كلكتا- عن شخ صية ا سمها»اأب و احل سن ال ع م اين«و»ال رج ل ال ع م اين«! لكنه ا س م لتاجر وقيل لرح ال. اإل أان الزمن العربي الأبدي ل ي ستبعد أان تكون ال شخ صيات واح دة خا صة اأن شخ صية أاب ي احل سن املذكور يف الليايل العربية موجود يف القرن الأقرب لبن الذهبي اأو لأب ي العبا س ال ع م اين!! ول ي سعني سوى الن ض م ام اإىل س ؤوال ال ب اح ث وف ق ا ل الأب دي ة العربية الإ سالمية: من هو الطبيب العماين
رجب ١٤٤٠ ه - مارس ٢٠١٩ م 7 الفكر االستشراقي الروسي سيف الوهيبي ي لخ ص هذا املقال بحثا بعنوان»اال ست شراق الرو سي يف القرن التا سع ع شر«للكاتب لورين دو مو ترجمة اأحمد عثمان واملن شور مبجلة»التفاهم«.. حيث شكلت الرحاالت التي قام بها الرو س االأوائل من جتار ورجال دين وحجاج إاىل بيت املقد س حتى الرجال الذين شاركوا يف احلمالت الع سكرية بدايات تاأ سي س الفكر اال ست شراقي الرو سي وكان للرو س طرق عديدة لالت صال بال شرق. أاما البدايات الفعلية ملدر سة اال ست شراق الرو سي -ح سب ما ت شري أاغلب الدرا سات التاريخية- فقد ت شكلت يف عهد بطر س االأول التي كان لها ا أالثر الكبري بعدها على م ستقبل رو سيا وحاجاتها املتزايدة للتعرف اإىل جريانها مواكبة للنمو املطرد لرو سيا سواء كان ذلك على امل ستوى ال سيا سي اأو االقت صادي. وق د اأ ص د ر بطر س الأول مرا سيمه ب إاع داد دار س ني ملختلف اللغات ال شرقية وتهيئة رجلني اأو ثالثة من الرهبان ال شباب الذين با ستطاعتهم اأن يتعلموا اللغة ال صينية واملغولية قراءة وكتابة واللغة اليابانية واأ صدر أامرا بتوجيه بعثة من ال شباب الرو سي اإىل إاي ران لتعلم اللغات الفار سية وق د توا صل هذا الهتمام ل سيما خالل الربع الأخري من القرن التا سع ع شر ففي عهد القي صرة كاتريينا الثانية مت التو سع يف تعليم لغات ال شعوب الإ سالمية يف الأقاليم الإ سالمية كما مت التو سع يف الطباعة ال ع رب ي ة ول ق د ك ان ملطابع س ان بيرت شرج وق ازان شهرة عاملية يف ه ذا امل ج ال حيث ط بعت العديد من املوؤلفات والكتب الإ سالمية وياأتي على ر أا س تلك املطبوعات طباعة امل صحف ال شريف سنة 1778 م. وحقيقة الأم ر اأن رو سيا كانت ت راوده ا ف ك رة تو سيع ن ف وذه ا ال سيا سي على البحر الأ س ود مرورا ببحر اليابان. بداية اال ست شراق الرو سي وم ع انت شار ر ق ع ة الأم ة الرو سية انفتح نقا ش ح ول الهوية ال رو س ي ة ودور رو س ي ا يف ال ع امل وه ل ب ا س ت ط اع ة رو س ي ا درا س ة ال ش رق اأم أان الأم ر اأ ص ب ح ل زام ا عليها وق د كانت احل ك اي ات الع سكرية وال ن ت اج ات الدب ي ة ح ول ال ش رق تنت شر من قبل شرائح خمتلفة يف اأو ساط املجتمع الرو سي من ق بل املرتجمني اأو الع سكريني حتى امل ست شرقني والأكادمييني وقد لم ست اأهمية ال شرق الذائقة الرومان سية ل دى احل ضارات البعيدة التي ا ست سلم ل سحرها ال شعراء الر سامون الرو س. يف ح ني كثفت احل ك وم ة ال رو س ي ة مب ب ادرة م ن غورت شاكوف وزي ر ال شوؤون اخلارجية من عام 1856 إاىل عام 1881 ن شاطها يف ال شرق يف حماولة لإع ادة ال سالم يف القوقاز مع غزو عدة اأقاليم من اآ سيا الو سطى وقبل ذلك بنحو عامني مت افتتاح أاول كلية للغات ال شرقية يف رو سيا مبدينة سان بطر سبريج وقامت احلكومة باإر سال الطالب للمدار س الأوروب ي ة املختلفة التي تهتم بتدري س ال شرق ولغاته هذا وقد توجهت احلكومة منذ بدايات القرن التا سع ع شر ب إان شاء الأق سام والكرا سي اجلامعية يف اأرب ع من اأه م اجلامعات الرو سية مثل: جامعة خاركوف وجامعة قازان وجامعة مو سكو وجامعة سان بطر سبريج. رو سيا )ال شرقية الغربية( غذ ى امل ست شرقون الرو س فكرة الهوية الرو سية وعالقتها بال شرق والنقا ش الدائر حول الأ صول ال شرقية الرو سية ث م مت اإن ش اء امل دار س املتخ ص صة يف ت ك وي ن الع سكريني ال ع ام ل ني يف ال ش رق ب دء ا م ن ع ام 1899 وك ان ت امل ن اه ج ت در س ال ت ج ارة والق ت ص اد وال ت ن ظ ي م ال س ي ا س ي لليابان وك وري ا ومنغوليا وم ن ش وري ا واأ ص ل ت احل ك وم ة الرو سية ن شاطها املهتم بال شرق من خالل اإر سال البعثات الرتبوية والتحررية اإىل جانب البعثات الدينية. يف الربع الثاين من القرن التا سع ع شر عرفت رو سيا يف ذروة قوتها الأوروبية ن شاطا غري م سبوق على حدودها ال شرقية ووطدت حروبها املتالحقة ضد تركيا واإيران اأو ضاعها يف القوقاز وت ضاعف ع دد اإ ص دارات ال ت اري خ امل ع ا ص ر ح ول ال ش رق وع الق ت ه ب رو س ي ا وق د ق ام ال ك ون ت سرجي اأوف اروف ب دور كبري يف تنمية ال درا س ات ال شرقية يف رو س ي ا و ش دد على ض رورة العمل على تطوير درا سة اللغات ال شرقية يقول:»الأهمية ال سيا سية وا ضحة للغاية اإيجابية للغاية اإل اأنه يكفي املرء اأن يلقي نظرة على اخلارطة لكي يقتنع بها«. كونت سرجي اأوفاروف وامل ست شر قني االأبرز: فريهن و شارموا ق ام امل ست شرقون ال رو س ب اخ ت الف م ك ان ات ه م واأط ي اف ه م بجهد كبري يف ك شف اأجزاء معتمة من أاقاليم المراطورية اجلديدة من خالل الدرا سات الإنروبولوجية والتاريخية واجل غ راف ي ة والأدب ي ة وامل خ ط وط ات وع ل م امل سكوكات... إال خ وي ع د ال ك ون ت س رج ي أاوف اروف م ن أاه م ال رواد يف جم ال ت ن م ي ة ال درا س ات ال ش رق ي ة يف رو س ي ا ح ي ث آام ن ب وج ود ع الق ات وط ي دة ت رب ط ال ش رق ب رو س ي ا وراأى اأن لرو سيا ر سالة يف عالقتها بال شرق وق د ا ستقبل يف العام 1818 الفرن سيني فريهن و شارموا اللذين كان لهما الدور ال ب ارز لحقا يف قيادة التاريخ ال ست شراقي الرو سي فقد ك ان فريهن متخ ص صا يف اللغتني العربية والرتكية وقد ت وىل من صب م دي ر امل ك ت ب ال ش رق ي وع ي ن ه أاوف ارف بعد ذلك مدر سا للغة العربية يف جامعة قازان قبل أان يعود اإىل موطنه رو ستوك وينكب على تعلم الفل سفة ال شرقية وعلم امل سكوكات وقد ت أاثر العديد من ال شباب الرو سي بفريهن م ن ه م: ج ري ج وري ي ف و س اف ل ي ل ي ف ال ل ذان ق دم ا درا س ات متعددة يف تاريخ القبائل الرتكية واملغولية و سنكوف سكي ال ذي اأ س س كلية م ستقلة للغات والآداب ال شرقية يف حني قدم امل ست شرق الفرن سي سلف سرت دو سا سي زميله شارموا للكونت أاوف اروف لكي ي در س الفار سية والرتكية يف ق سم اللغات ال شرقية بكلية التاريخ والفل سفة ب سان بطر سبريج وقد فر ض شارموا لحقا نف سه على الو سط اجلامعي. ت ع د ى ت اأث ري فريهن و ش ارم وا جمعية امل ست شرقني حيث انت شرت اإ سهاماتهما املن شورة يف املجالت غري املتخ ص صة ال صادرة يف سان بطر سيرج ومو سكو دائ رة قرائهما ومت ن شر اأعمالهما من قبل ورثتهما املثقفني واأ سهم الفرن سي ان يف إايجاد م صادر جديدة ومتنوعة لتاريخ رو سيا حيث قاما باإعداد مدونة طويلة عن امل ؤورخني امل ؤوثرين لدرا سة التاريخ ال رو س ي منهم: الكتاب والأدب اء ال ع رب وامل سلمون الذين اهتموا باإثولوجيات الرو س القدامى: ال سالف والبلغار واخل رز و س ط روا ت اري خ اأوزون ح سن الأم ي ري الرتكماين ال شهري قره قوينلو وال صفويني وامللوك الأفغان لفار س وقبائل الزند وال ق اج ار. ويذكر امل ؤورخ ون حتديدا مراجع ب ال غ ة الأه م ي ة م ث ل م روج ال ذه ب ل ل م س ع ودي و أا ش ار امل س ت ش رق ون ل ل ك ت اب ال ذي ن ك ت ب وا ت اري خ خم ت ل ف الأ س ر امل غ ول ي ة ع ل ى وج ه اخل ص و ص اأ س رة اأول و س بدجوت شي واأ س رة اخلانات ب ق ازان واأ س رة اآ سرتاخان وم وؤرخ ي عائلة ج رياي بالقرم وم ؤورخ ي احلوليات العثمانيون منذ عهد ال سلطان بايزيد. واأ سهم امل ست شرقون يف التح ضري لكتابة تاريخ المراطورية الرو سية باإدراج تاريخ ال شعوب املجاورة قبل ال سيطرة عليها وا ستمرت مدر سة ال ست شراق الرو سي نحو ا ستقالليتها عن طريق توفر امل واد ال ست شراقية واملخطوطات والقوامي س ال ش رق ي ة وظ ه رت ال رتج م ات ب ص ورة وا ض ح ة يف جميع اأنحاء رو سيا. saif.alwahaibi15@gmail.com
8 رجب ١٤٤٠ ه - مارس ٢٠١٩ م تاريخ المواطنة في اإلسالم والغرب ناصر الحارثي ت سعى فينان نبيل من خالل درا ستها حول»مفهوم املواطنة يف الفكر ال سيا سي االإ سالمي«اإىل مناق شة وحتليل ظهور هذا املفهوم يف الع صر احلديث عند الغرب وعالقته باحل ضارة العربية االإ سالمية يف ملة»التفاهم«اإذ يعد مفهوم املواطنة اأحد اأهم مرتكزات الدولة املعا صرة خا صة يف الدول واملجتمعات التي تت سم بتعدد االأعراق وا أالديان كما اأن م صطلح املواطنة من الق ضايا املعا صرة يف الدول العربية التي ت شهد حراكا سيا سيا على خمتلف امل ستويات. m056058@gmail.com تاريخ املواطنة عند الغرب ي رى الكاتب اأن مفهوم املواطنة تبلور ب شكل وا ض ح عند ال غ رب ب ع د ق ي ام ال ث ورة ال ف رن س ي ة يف ع ام 1789 م لكن اأ صول امل صطلح تعود اإىل ظهور الدولة املدنية يف اليونان القدمية فيما يعرف با سم املواطنة الأثنية وال ذي يدل على النتماء وال ولء إاىل ثقافة ولغة و أار ض اأثينا اإل اأن ه ذا املفهوم ك ان يفتقد اإىل عنا صر اأ سا سية مثل امل ساواة واحلقوق والواجبات حيث كانت حقوق املواطنة حمتكرة على الذكور الأح رار فوق سن الثامنة ع شرة أام ا الن ساء والعبيد والأط ف ال دون الثامنة ع شرة فهم خ ارج دائ رة احلقوق كما اأن احلقوق مل تكن مكفولة للجميع وانتقل ه ذا امل ف ه وم إاىل ال ف ك ر ال س ي ا س ي ال روم اين ون ت ج عنه القانون ال روم اين وال ذي ي سمى بقانون ال شعوب وحقق هذا القانون اإىل حد ما عددا من احلقوق واحلريات لدى ال روم ان ول ك ن ه يف الآن ذات ه ق س م ال ش ع ب إاىل طبقات واعتر القانون غري الرومان من أابناء الدولة طبقة اأدنى م ن ال روم ان ويف الع صر احل دي ث ظهر مفهوم امل واطنة ب شكل وا سع خا صة مع فال سفة العقد الجتماعي هوبز ول وك ورو س و وت ط ور م ف ه وم امل واط ن ة م ع اإر س اء م ب داأ احل ق وق وال واج ب ات يف ال ق رن الثامن ع شر يف بريطانيا ويف القرن املا ضي اأ صبحت املواطنة من قيم ومبادئ الفكر الليرايل يف شقيه ال سيا سي والجتماعي. تاريخ املواطنة يف االإ سالم ي ع ت ق د ال ك ات ب اأن امل واط ن ة و إان مل ت ظ ه ر ك م ف ه وم يف احل ضارة الإ سالمية كانت مباد ؤوها من م ساواة وحقوق وواج ب ات م تجلية مع ب داي ات ال دول ة الإ سالمية الأوىل ح ي ث اإن أاول د س ت ور ل ل دول ة الإ س الم ي ة أاق ر ال ت ع ددي ة الدينية على مبد أا امل ساواة لأو ل م رة يف التاريخ. كما اأن الكاتب يرى اأن اخلالفة الرا شدة كانت الفرتة التي حتقق فيها الكثري من مبادئ املواطنة قبل اأن تنحرف يف الع صر الأم وي م ع ات س اع ال رق ع ة الإ س الم ي ة وظ ه ور الع صبية العرقية حيث قامت الدولة الأم وي ة على وج ود ع صبية عربية اإ سالمية موالية للحاكم وبيئة عربية ن صرانية حم ايدة أاو مقربة من احلاكم وع صبية عربية معار ضة حم روم ة م ن الم ت ي ازات حتى اأ صبحت امل واط ن ة مبنية على درج ة ال ولء للحاكم ويف الع صر العبا سي انتقلت الع صبية للفر س ومل تكن الدولة العثمانية باأح سن حال م ن سابقاتها وظهر بعد ذل ك اأنظمة ع سكرية مركزية يف العامل العربي سميت بالأنظمة التقدمية وغابت فيها اأي ض ا مبادئ املواطنة لي صبح مفهوم املواطنة عند العرب أا شبه باملثالية البعيدة عن الواقع ال سيا سي. ا ستخدم الكاتب أادوات متباينة يف املقارنة عند احلديث عن تاريخ املواطنة يف الإ س الم وال غ رب حيث اعتمد على وجود م صطلح املواطنة وتطبيقاته يف احل ضارة الغربية أاما يف احل ضارة الإ سالمية فقد كان اأكر مت سكا باملفهوم ال ت ق ل ي دي ال س ل ف ي ال ذي ي ع ك س ط وب اوي ة احل ض ارة الإ سالمية يف عهد النبوة واخل الف ة ال را ش دة ويعترها الفرتة التي قامت فيها املواطنة الكاملة ومن ثم غابت عن احل ضارة الإ سالمية إاىل يومنا ه ذا ل ذا ك ان ال ستطراد التاريخي عن امل واطنة خمال مبفهوم املواطنة ودللت ه وه و يرجع اإىل اإ شكال اأ سا سي وه و مو ضوع بنية الدولة امل عا صرة والدولة الدينية والعالقة بينهما. وم ن ثم ي عرج الكاتب إاىل مناق شة مفهوم املواطنة واأنها تعك س العالقة بني الفرد وال دول ة على اأ سا س جمموعة م ن احل ق وق وال واج ب ات ت س م ى ال د س ت ور ال ذي ينظم العالقة بني اجلانبني وي ضمن احلرية للفرد يف املجتمع و أان امل واط ن ة مبنية ع ل ى خ ي ار دمي وق راط ي ل ذل ك من ال صعب حتقيق هذا املفهوم يف الدول غري الدميوقراطية ك م ا اأن امل واط ن ة ت رت ك ز ع ل ى ث الث ة أان واع م ن احل ق وق الأ س ا س ي ة وه ي احل ق وق امل دن ي ة واحل ق وق ال س ي ا س ي ة واحلقوق القت صادية والجتماعية والثقافية اأما احلقوق املدنية فحق املواطن بحياة كرمية بدون التعر ض للتعذيب وحقه يف امللكية واحل ق وق ال شخ صية و أان يكفل القانون حقه ويحميه من اأي ا ضطهاد و أام ا احل ق ال سيا سي فهو ح ق الن ت خ اب وامل ش ارك ة وال ت م ث ي ل ال س ي ا س ي وتتمثل احل ق وق الق ت ص ادي ة والج ت م اع ي ة يف ح ق ك ل م واط ن بالعمل والأمان الجتماعي وبناء على هذه احلقوق يلتزم الفرد باملقابل بعدد من الواجبات كدفع ال ضرائب واإطاعة ال ق وان ني وال دف اع ع ن ال دول ة واإظ ه ار الل ت زم وال ولء ال سيا سي ل ل دول ة وامل ج ت م ع واح ت رتام ح ق وق الآخ ري ن اأم ا قيم املواطنة الأ سا سية فتتمثل يف امل س اواة ب ني كافة املواطنني احلا صلني على اجلن سية دون النظر يف الدين والعرق واجلن س وحرية العتقاد والتنقل يف البالد وحق احلرية يف التعبري وقيمة امل شاركة وفاعليتها يف اجلانب القت صادي وال سيا سي والثقايف وقيمة النتماء من خالل وجود هوية م شرتكة. من اأهم الإ شكاليات التي جندها يف طرح الكاتب حماولته حمل لواء الدفاع عن الدين بدل التحلي باأ سلوب الباحث وجعل مفهوم املواطنة مفهوم ا فاعال يف الدين الإ سالمي وا س ت خ دام بو صلة القيم يف ك ل م ن امل واط ن ة والإ س الم ولكن يف احلقيقة هذه م غالطة منطقية ت وؤدي اإىل و ضع الإ سالم واحل ضارة الإ سالمية يف مرحلة ال ضعف والذي ي ستدعي يف امل ق اب ل ال دف اع ع ن ال دي ن الإ س الم ي أام ام كل مفهوم أاو نظام حداثي بالقول اإن ه موجود يف الدين الإ س ل الم ي ك م ا ف ع ل ه ذا ال ك ات ب يف ه ذه ال درا س ة اأو تبني فكرة خمالفته للعقيدة الإ سالمية ومبادئ الدين. ويف حقيقة الأم ر بنية الدولة م ر ت على مراحل متغرية وتطورت اأنظمتها ومفاهيمها حتى ظهور الدولة ب شكلها احلديث عند الغرب ليظهر معها مفهوم املواطنة كجزء اأ سا سي من الدولة لذا مي كننا القول اإن املواطنة مبفومها احلايل أاحد منجزات احلداثة أاما الدين الإ سالمي فهو ع ب ارة ع ن جم م وع ة م ن امل ب ادئ وال ق ي م وال س ل وك ي ات التعبدية لذا ل توجد عالقة م با شرة بني املواطنة والدين لأن مفهوم املواطنة مرتبط بالدولة واأنظمتها ول مي كن اأن نقول ب اأن املواطنة تظهر يف الدولة الدينية وتختفي على ح سب قبولنا لتلك ال دول ة اأو احل اك م ويف الإ سالم هناك م صطلحات مثل اجلزية واأهل الكتاب واأهل الذمة وامل شركني وكلها م صطلحات يجب درا ستها عند حماولة ربط مفهوم املواطنة بالدولة الدينية.
رجب ١٤٤٠ ه - مارس ٢٠١٩ م 9 فلسفة العدل والقانون في الفكر السياسي المعاصر هنية الصبحية يقول اأ ستاذ الفل سفة ال سيا سية بجامعة طنطا يا سر قن صوة يف مقاله - املن شور مبجلة )التفاهم( -»العدل والقانون يف الفكر ال سيا سي املعا صر«: اإن القانون م صوؤول عن حتقيق العدل القائم على امل ساواة من خالل تاأمني الفر ص املتكافئة التي ي سعى اإليها العدل. وقد ت ضمنت درا سته مموعة من العنا صر متثلت يف اأ صول ودالالت العدل يف الو ضعية القانونية والعدل قيمة قانونية سلبية واأخريا قدم ت سا ؤوال لعن صر القانون: هل ثمة مفهوم ليربايل للعدل heenosaid@gmail.com يو ضح الكاتب قن صوة ر ؤوي ة املذهب الو ضعي للقانون ب أانه ل يوجد مفهوم عقالين للعدالة خارج حدود القانون الو ضعي ف أاوجدت العدالة بوجود القانون الو ضعي حيث اإنه ل توجد عدالة جمردة ومطلقة واإمنا توجد عدالة ن سبية. وقد ظهرت اأوىل الإرها صات للتفرقة بني قوانني الكون الطبيعية والتي تعد حاكمة ل سلوك الكائنات وف ق م ب داأ ال سبب وامل سبب مع العامل هيوم. وقد بني قن صوة اأن هيوم اختلف يف مفهومه لكلمة طبيعي عن اأن صار نظرية القانون الطبيعي ف ريى هيوم اأن الفرد كائن مبتكر وعندما ي صل اإىل ابتكار ض روري ولزم حلياته فاإنه يلج أا لقواعد ال ع دال ة ملتب سة وطبيعية يف اآن واح د بحيث تكون م شرتكة بني النا س ولزمة ل ستقرار حياتهم. ك م ا ي ش ري ال ك ات ب اإىل اأن ه ي وم ق د ط ب ق م ن ه ج امل الح ظ ة والتجربة يف امل ج ال الجتماعي لي ؤوكد الأ س ا س القت صادي للتجربة الجتماعية وقد اعتر هيوم امللكية كقواعد اأخالقية للعدالة التطبيقية من خالل إاثبات امللكية وانتقالها بالرتا ضي والوفاء بالوعود بالإ ضافة اإىل ضرورة اإدراك الفروقات بني ما هو و ضعي وما هو أاخالقي اإل اأن القانون الو ضعي يت شارك مع الأخالق يف كونه معياريا حيث ي ضع قواعد لل سلوك اأكر م ن اهتمامه ب ال وق ائ ع. كما ب ني ه ي وم اأن ال ق ان ون الطبيعي لي س ال صورة املثلى للعدل بل اإن التجربة توؤكد ذلك باعتباره صياغة بالغية للقواعد الأخ الق ي ة الأم ر ال ذي ك شف عن ضرورة طرح ش ؤوال حول إامكانية الو صول اإىل معيار عقالين للدللة على ال صواب واخلطاأ عند املمار سة الجتماعية ويف املقابل جند كانط يحاول اأن يحدد اإجابة هذا الت ساوؤل حيث و ضع متييزه بني الواجبات ال شرعية امللزمة قانونيا واملفرو ضة من قبل سلطة سيا سية شرعية وبني الواجبات الأخالقية التي يجب أان متثل القاعدة الأخالقية التي تنطلق منها اأفعالنا بتاأكيده اأنها متثل الأمر املطلق يف جت سيدها لأحكام اأخالقية مطلقة اإل أان ذلك مل يعطها معيارا واقعيا فعال حلل امل شكالت املرتاكمة وال ضرورية. كما ذك ر قن صوة اأن املذهب النفعي قد و ضع اأ سا سا عقالنيا لل صياغة الو ضعية للقانون التي ك شفت ا ستقاللية القانون عن ق ضايا الأخ الق والدين ح سب ما عرفه جريمييبنتام اأن علم الت شريع الذي يوؤكد شرعية القاعدة القانونية دون النظر اإىل صوابها اأو خطئها الأخالقي حيث تنبثق شرعية القاعدة القانونية م ن نفعيتها فهذا الت صور ي ضع ح دا فا صال بني ك ل م ن الل ت زام القانوين والل ت زام الأخ الق ي. اإذن فاملعنى احل ق ي ق ي ل ك ل م ة ق ان ون ه و اإرادة امل ش رع يف و ض ع ال ق اع دة القانونية امللزمة. كما قدم جون سيتوارت مل صورة النفعية يف عموميتها اأن النفعية ملتزمة بقوانني وترتيبات اجتماعية ونظام تعليمي ميكن كل فرد من العي ش يف حالة من التوافق م ع اأف راد امل ج ت م ع ب اأك م ل ه. ك م ا ي و ض ح ال ك ات ب اأن ال ص ورة الأخالقية للنفعية تتيح فر ضية ح س العدل مبعنى شعورك وبحثك عن جزاء من يلحق ال ضرر بنا واأولئك الذين نتعاطف معهم وجدانيا حيث ي شتمل ح س العدل على كل الأف راد يف امل ج ت م ع لم ت ي از ال ق درة الإن س ان ي ة ع ل ى ال ت ع اط ف امل و س ع وامل صلحة الذاتية املت سمة بالذكاء ولذلك نحن ن شعر بال ضرر ال ذي مي س الآخ ري ن كما لو كنا نتعر ض له يف نف س الوقت وهنا يكون احلق حينما جنعل املجتمع يدافع عنه بقوة القانون اأو ب ق وة الثقافة وال راأي وب ذل ك يح صل الأف راد على الأم ن الذي يعده سيتوارت مل امل صلحة الأعظم من كل امل صالح. كما يو ضح الكاتب أان الفكر ال سيا سي املعا صر ناق ش العدل من وجهات نظر خمتلفة وجاء الأكر جدلية ح سب ما طرحه ع امل القت صاد والفيل سوف ال سيا سي وال ق ان وين الليرايل فريدريك هايك حيث طرح ما يدعى بقواعد ال سلوك العادل وال ذي ميثل صورة قانون الأع راف ومن خالل هذه القواعد مي ك ن للمجتمع امل ن ف ت ح اأن ي وؤك د وج وده ك م ا مي ك ن ال ق ول اأن ت ل ك ال ق واع د تت سم ب س م ات اأ س ا س ي ة متثلت يف التعميم والتوكيد وامل ساواة كما يطلق عليها القواعد امل ستقلة ب صفة نهائية وه ي تخدم بنية النظام التلقائي ل أالفعال الإن سانية ويف املقابل توجد قواعد التنظيم التابعة ب صفة نهائية والتي ت شكل صورة القانون العام ال ذي يحدد نظام عمل احلكومة وبذلك فهنالك صورتان للقانون هما: الأوىل قانون الأعراف أاو اخلا ص والقانون اجلنائي والثانية القانون العام أاو القانون الر سمي ح سب ما يراه هايك وبذلك فهو يهدف اإىل التعامل مع ال سلوك الإن ساين. كما يو ضح الكاتب أانه ميكن التمييز بني أانواع ال سلوك املختلفة م ن خ ل الل اإدراك ق واع د ال س ل وك ال ع ادل ب اع ت ب اره ا تعبريا ع ن اأف ع ال الأف راد بحيث ي صبح فعل ك ل ف رد يف ظ ل النظام التلقائي يف املجتمع نتيجة لأف ع ال الأف راد الآخ ري ن وما ميكن ت سميته بالعدل التباديل اإل اأنه مل يحقق حياة عادلة لأف راد املجتمعات بحيث ي سودها الت ضامن و إامن ا جتعلهم أاك ثر فردية و أاك ثر حت ررا فالدعوة إاىل العدل التباديل ل حت ق ق ال ت ب ادل الإن س اين امل ت ع دد وال ش ام ل واإمن ا يحمي امللكية اخلا صة التي ت صبح يف ظل العدل التباديل ملكيات متعددة ويو ضحها هايك باأن العدل الذي ميثله القانون يف منع التعدي على امللكية اخلا صة. وي ذك ر قن صوة وج ه ة نظر ه اي ك للعدل حيث ي راه اأن ه ل يوجد معيار و ضعي له وبذلك ميكن جتربة معيار التعميم ال سلبي عليه فهناك العديد من اجلهود املبذولة يف سبيل تطوير قواعد ال سلوك العادل لكي ي صبح مقبول لدى اأفراد املجتمع ويكون ما هو غري عادل حمط اختبار بحيث ميكن ت صور اختبار انعدام العدل كافيا لإبالغنا مبا يجب أان يكون ال ت وج ه للتطوير الأ س ا س ي ل ل ق ان ون. وم ع ذل ك يجب اأن ندرك اأن هذا الختبار غري كاف ليمكننا من بناء ن سق جديد للقانون لأن الخ ت ب ار ال سلبي لن ع دام ال ع دل ه و ال شيء الوحيد ال ذي يتطابق مع اإمكانية تطوير الن سق الأ سا سي للقانون. م ن ه ن ا يو ضح الكاتب أان ال سعي إاىل احلقيقة لي س معناه قدرتنا على الو صول اإىل احلقيقة املطلقة. املفهوم ال ل ي برايل للعدل يتحدد م ن خ الل سبيلني هما: ال ع دال ة الإج رائ ي ة ومت ث ل ت ل ك الإج راءات ال ت ي ي ت م اتخاذها حل سم ق ضية حمل خ الف على نحو من صف لكل الأط راف فتكون املعاملة قائمة على امل ساواة واحليادية يف ات خ اذ ال ق رار وي ن ال ك ل ط رف حقه يف التعبري ع ن راأي ه. اأم ا بالن سبة للعدالة التوزيعية باعتبارها اجتماعية تعني وج ود ف روق ب ني الأف راد م ن حيث اأو ضاعهم الجتماعية ح سب قدراتهم ومواهبهم ولي س عدل اأن يتم توزيع املنافع وامل شوؤوليات على نحو مت ساو على اأف راد غ ري مت ساوين ولذلك فعدالة التوزيع تهتم باملعايري التي مبوجبها يح صل كل فرد على ن صيبه من احل صيلة النهائية للخريات. وبهذا ي شري الكاتب اإىل أان القانون بقواعده التي تن شد العدل تكون مرهونة مبا هو اإيجابي و سلبي يف الجتاه الليرايل بتعددية ت صوراته للعالقة القائمة على العدل والقانون يف كل جمتمع ليرايل.
10 رجب ١٤٤٠ ه - مارس ٢٠١٩ م اإلسالموفوبيا واالستشراق في ألمانيا قيس المعولي إان انت شار االإ سالم والعرب حول اأنحاء العامل وخ صو صا القدمي منه شرقا يف اآ سيا ويف الغرب اإىل أاوروبا قد جعل من يقطنون هذه ا أالنحاء يفكرون ب شكل وا سع عن طبيعة العرب واالإ سالم ويف اجلانب املقابل ازدهار العلوم يف الع صور ال سابقة يف منطقة ال شرق حتديدا العلماء العرب وامل سلمني قد اأر سى فكرا وا سعا حلال العرب وامل سلمني يف خميلتهم. إان اجلانب االأملاين واإن مل يكن قد توغل يف التاريخ القدمي كقوة اأو ح ضارة م ستقلة ولكنه مع معا صرته للدولة العثمانية واختالطه بها قد اأن صاأ روؤى متباينة ومتفاوتة واأفكارا يف املجتمع االأملاين عار ضت ووافقت اجلانب العربي امل سلم. ويف هذه االأطروحه سنناق ش مقالة بعنوان»ر ؤوى العرب واالإ سالم يف املخيلة ا أالملانية«وهي من شورة يف ملة»التفاهم«. الإ سالموفوبيا: هي كلمة م ستحدثة تعرف الأ شخا ص الذي ي ع ان ون م ن اخل وف وال ك راه ي ة م ن الإ س الم وامل سلمني وقد اأ ضيف اإىل ذلك أانها حالة من التخوف العقلي ل املعريف الذي ين شاأ من أافكار ل اأ صل لها ول منطق. لقد بداأ ا ستخدام هذه الكلمة يف املجتع الغربي خالل القرن الثامن الع شر وبالتحديد يف الأرا ضي الفرن سية إاىل أان انت شر هذا يف البالد الإجنليزية كل ذل ك ك ان خوفا من انت شار الإ س الم بني الن صارى يف تلك املناطق. وق د بنوا خوفهم على طريقتني لن شره ب ني النا س الأوىل عقائدية تقول اإن الإ سالم هو هرطقة ن صرانية قدمية والأخرى سيا سية تدعي أانه تهديد للممالك والإمراطوريات الن صرانية يف ذل ك الوقت ح سب الأ ستاذ جرين ت ود يف كتابه اخلوف من الإ سالم اأما يف اجلانب الأملاين فالو ضع خمتلف كما ذكرنا لأن الدولة الأملانية مل تكن قوة متدينة اأو ح ضارة مبنية على معتقدات م ستقلة بذاتها بل كانت تابعة فقط. انت شار هذا الأم ر كان رهيبا بعد أاح داث احل ادي ع شر من سبتمر وقد ن شر كثري من الو سائل الإعالمية ا ستنكارها اأن امل سلمني قد دب روا و أاح دث وا ما ح صل واأن ه ذا أام ر يف حياتهم وعقيدتهم بناء على جهالة وخ وف. تتزايد احل الت ه ذه م ن الكراهية يف املجتمع الأمل اين بعد احل ال ة التي ط راأت على ع امل العرب وامل سلمني م ن خ الل ال ث ورات واحل روب التي فر ضت عليهم اخلروج والنزوح واللجوء لدول خمتلفة وكان منها اأملانيا. اإن املجتمع الأملاين قد أاظهر يف بداياته حب املعرفة والتداخل مع الإ س الم ب شكل وا سع ولكن بعد الأح داث التي ح صلت يف القرن احل ادي والع شرين ال ذي واإن كانت اأح داث ه ل تعك س احل ال ة الرئي سة والعقائد ال صحيحة ال ت ي بني عليها فقد غ ي ريت ن ظ رة امل ج ت م ع ال غ رب ي اجت اه ال دي ن احل ن ي ف. ووف ق ا ل وزارة ال داخ ل ي ة الأمل ان ي ة ف اإن 950 ج رمي ة ك راه ي ة وع داوة ض د امل س ل م ني ت ت م ث ل يف الع ت داء ع ل ي ه م اأن ف س ه م اأو على اأماكن العبادة أاو املراكز الفكرية الإ سالمية حدثت فقط يف ع ام 2017 م. وج د ال ب اح ث ون ع الق ة وا ض ح ة ب ني ع دم الثقة والتع صب املتزايدين وبني جناح حزب اليمني املتطرف البديل من اأجل أاملانيا وفقا للدرا سة اإذ يعتقد %49 من سكان املنطقة أان التعاي ش»بني الأملان وامل سلمني«هو أامر» صعب اإىل حد ما«مقارنة ب %40 ممن يرون اأنه أامر»غري معقد«. بالإ ضافة اإىل ذلك %37 فقط من سكان املنطقة يعتقدون اأن الإ سالم ينتمي اإىل اأملانيا. عللت الدرا سة تلك التغريات اجلذرية يف الراأي على جبهتني: أازمة الالجئني التي بد أات ب شكل جدي يف صيف عام 2015 و صعود حزب البديل من اأجل أاملانيا )AfD( يف حو ض ال رور ووف ق ا للباحثني:»ه ن اك نظرة سلبية للغاية ومليئة بالكراهية لالإ سالم سائدة بني موؤيدي حزب البديل من اأجل أاملانيا«. يف الواقع يعتقد %80 من اأتباع احلزب اأن العي ش مع امل سلمني» صعب«واإن كان حا ضرهم قد اختلف عن ما ضيهم ولكن اإن ح دث تغيري لب د له يف نهاية املطاف اأن يتغري مرة اأخ رى. وه ذا التغيري يجب اأن ي سبقه تغري يف ح ال امل سلمني العرب ككل ليوجهوا ر سالتهم التي األقيت إاليهم باأمت وجه دون نق ض ول تق صري. ال س ت ش راق: )Orientalism( ه و درا س ة ك اف ة البنى ال ث ق اف ي ة ل ل ش رق م ن وج ه ة ن ظ ر غ رب ي ة وت س ت خ دم كلمة ال س ت ش راق اأي ض ا لإث ب ات ت ق ل ي د اأو ت ص وي ر ج ان ب من احل ضارات ال شرقية لدى ال رواة والفنانني يف الغرب. املعنى الأخ ي ري ه و م ع ن ى م ه م ل ون ادر ا س ت خ دام ه وال س ت خ دام الأغلب هو درا سة ال شرق يف الع صر ال ستعماري ما بني القرن الثامن ع شر والتا سع ع شر لذلك صارت كلمة ال ست شراق ت دل ع ل ى امل ف ه وم ال سلبي وت ن ط وي ع ل ى التفا سري امل ض ر ة وال ق دمي ة للح ضارات ال شرقية وال ن ا س ال شرقيني. وجهة النظر هذه مبي نة يف كتاب اإدوارد سعيد ال ست شراق املن شور س ن ة )1978(. اإن ال ب ع د امل ع ريف وال س ت ش راق ي يف اجل ان ب الأملاين يدعو إاىل التفكر يف الت أاثري الكبري الذي اأورده العرب و الإ سالم اجلانب ال شرقي من هذه الب سيطة يف حياة الأملان خ صو صا يف القرنني الثامن و التا سع ع شر اإبان ظهور الدولة الأملانية كنظام م ستقل ه ذا واإن ك ان ه ذا التاأثري وقتيا مل ي ستمر و ض وح ه لع صرنا اإل اأن ه يختبئ ب ني ج ن ب ات ذل ك املجتمع. ورجوعا لق صة ال ست شراق الأمل اين الذي ظهر على الأغ ل ب يف ال ق رن الثامن ع شر وك ان رائ ده ا ي وه ان جاكوب راي سكه) 1774-1716 ( ولها عدة خ صائ ص منها: )اأول( اإنها مل تكن نتيجة لأهداف سيا سية وا ستعمارية ومل تكن وثيقة ال صلة بالأهداف الدينية التب شريية كدول اأخرى مثل فرن سا و إان ك ل رتا و إاي ط ال ي ا ب ل على العك س ك ان الأمل ان على عالقة طيبة بالدولة العثمانية فقد حتالفوا معها يف احلرب العاملية الأوىل )ثانيا( غلبة ال روح العلمية وتق صي احلقائق على الدرا سات ال شرقية يف اأملانيا فهي متتاز بالعمق وال شمولية وغريها الكثري التي ميزت ال ست شراق والبعد الفكر املعريف لالأملان عن باقي دول واأقطار الغرب. لقد ساهم امل ست شرقون الأمل ان أاك ث ر م ن سواهم بجمع ون شر وفهر سة املخطوطات ال ع رب ي ة وخ ص و ص ا ك ت ب امل راج ع والأ ص ول امل ه م ة ون شر امل خ ط وط ات ف اإن أاه م م ا ق ام ب ه امل ست شرقون الأمل ان و ضع املعاجم العربية فقد و ضع فرايتاج )1788-1861( املعجم العربي الالتيني يف أارب ع ة أاج زاء ث م و ضع في شر )1865-1949 م( معجم ا للغة العربية الف صحي وقامو س هانزفري )1909 1981 م( - العربي - الأمل اين للغة العربية املعا صرة وقامو س شراكل ) 1923 م( الأملاين - العربي الذي صدر سنة 1974 والقامو س ال ضخم للغة العربية الف صحى الذي عمل عليه اأومل ان )1931( يف جامعة توبنجن ويف سنة 1980 م كان قد و صل إاىل حرف الكاف )ك( ويف سنة 2000 انتقل العمل على هذا القامو س اإىل جامعة ميونيخ وو صل اإىل حرف امليم )م( واإن العمل على هذا القامو س سي ستغرق مائة سنة وني ف ا على ال رغ م م ن الإم ك ان ات التكنولوجية وامل ادي ة امل ت وف رة وعلى رغم أان الذي يعمل على هذا القامو س هو فريق عمل!. اإن العامل العربي وامل سلم قد اأر س ى أاف ك اره بناء على عقائد وحقائق بنيت على اأ صح الكتب واأمت القيم واأف ضل الب شر اإل أان دوام احل ال م ن امل ح ال ف اإن نظرتنا يف اأع ني املجتمعات تتغري فرتة وت ستقر فرتة وهذا إان دل اإمنا دل على اخلالف و الختالف يف كل مكان وزمان ولكن ما بنى عليه امل سلمون و العرب عقائدم ومعرفتهم إامن ا هو ثابت ل يتغري فلذلك لينظر ه وؤلء ال ق وم اإىل حالهم ويح سنوه مل ا فيه خ ري لهم ولأمتهم وعاملهم ولكي تكون لهم الكلمة ال رائ دة ويكونوا املثل الأعلى يف هذه احلياة كما هو مراد لهم اأن يكونوا قادة ل مقادين ياأمرون باملعروف وينهون عن املنكر ويح سنون يف كل وقت وحني. qais1415@hotmail.com
رجب ١٤٤٠ ه - مارس ٢٠١٩ م 11 نشأة التفسير ورواده أمجد سعيد يف مقالته البحثية يف ملة»التفاهم«بعنوان»مدر سة ابن عب ا س يف التف سري وت أاثريها يف ك تب التف سري«بداأ اأحميدة النيفر بتقدمي املدخل االأ سا سي لن صاأة اجلهود التف سريية من ناحية ح ضارية واأي ض ا تاريخية وي ستعر ض يف بدايته مبقولة ابن خلدون يف م قدمته التي ناق شت شتى العلوم واأ صنافها من بينها التف سري حتديدا :»اإن القراآن ن ز ل بلغة العرب وعلى اأ ساليب بالغتهم فكانوا جميعهم يفهمونه ويعلمون معانيه يف م فرداته وتراكيبه«. اإن هذا القول له داللة خا صة ال تنف صل عن خ صو ص ال سياق الذي اأورد فيه صاحب امل قدمة مقولته هذه. amjdsaeed01@outlook.com م ا ي رم ي اإل ي ه ه ذا ال ق ول اأن اب ن خ ل دون ل يتناول اجل ه ود التف سريية يف ال ق راآن ال ك رمي اإل م ن منظور ال ص ريورة احل ضارية. ل ذل ك فهو ي رى أان م ا توفر للم سلمني من فهم للقراآن يف الع صر النبوي وما جاء بعد ذل ك م ع جيل ال صحابة والتابعني ك ان ل ب د اأن يقت صر على جملة من املعارف التي ستتهياأ لها ظروف لحقة لتتحول اإىل منظومة علمية يف ع صر التدوين. م وؤدى ذل ك اأن اجل ه ود ال ت ف س ريي ة ك ان ت متنا سبة وحمكومة مبا كان متاحا للجماعة املوؤمنة ضمن م سار التمدن الظريف لها ذلك اأن الفهم احلا صل للقراآن يف مرحلة ما قبل التدوين ك ان مقت صرا على جملة من امل ع ارف املرتبطة باحتياجات امل ع ا ش امل ت اح واإمكانية الأج ي ال الأوىل وح دود وعيها وم دى من و عمرانها. على ذل ك ي صبح ال ق ول م ت ع ذرا بتوفر تف سري كامل و شامل للقراآن الكرمي منقول عن ال صحابة والتابعني م ن ه م لأن ذل ك م ت ن اق ض م ع ال ش رط احل ض اري القا ضي بالتالزم بني كل فهم ودرج ة مت دن اأ صحابه ورقيهم احل ضاري. على هذا فاإن ما تف ضي إاليه هذه القاعدة احل ضارية التي يعتمدها كل من ابن خلدون والزرك شي هو اأن فهما اإجماليا للقراآن الكرمي كان قد توفر لل صحابة والتابعني مبا يف سر الفروق والتباينات بني اأفهامهم واأن الع صور التالية ستفر ض على هذا الواقع احل ضاري مزيدا من التباعد والختالف الأمر الذي ي ستدعي ظهور مقاربات تف سريية جديدة. ت شهد ع ل ى ه ذا ك ت ب ال ص ح اح ال ت ي ت روي ل ن ا م ا وق ع فيه ال صحابة من تباين يف تف سري اآيات القراآن الكرمي تبعا لختالف مداركهم ومعارفهم ومدى ا ستيعابهم للغة العربية وخ صو صية اللغة القر آانية ونتيجة الت صاقهم بالر سول صلى اهلل عليه و سلم ودرجة قربهم منه. اأم ا العن صر الآخ ر فيتعلق بن شاأة اجلهود التف سريية الأوىل وع الق ت ه ا بطبيعة ت ك وي ن اجل م اع ة امل ؤوم ن ة يف م ك ة ث م يف امل دي ن ة يف ح ض رة ال ر س ول وب ع ن اي ت ه امل و ص ول ة. م ا ث ب ت يف ه ذا اخل ص و ص ه و اأن ه م ال صحابة كان متجه ا للعمل بالأ سا س وهذا احلر ص على العمل هو الذي يف سر توجيه النبي عليه ال سالم اإىل القت صاد يف ال ش ؤوال. بناء على هذين العن صرين ميكن القول اإن اجلهود التف سريية الأوىل كانت وثيقة ال صلة مبقت ضياتها التاريخية وما تفر ضه من ذهنية عملية مل حتققه هذه الذهنية من قدرة على التحرر اأو ال س ع ي ل ل ت ح رر م ن ق ي د اأن س اق ال ع ق دي ة املغلقة والنهائية ذات النزوع اإىل و ضع تف سري شامل. بحكم ه ذا احلر ص على العلم والعمل والفاعلية ف اإن فهم اجلماعة الأوىل من امل سلمني كان متميزا نتيجة تلك الذهنية بالقدرة على فهم التناق ضات التاريخية التي تخرتق واقع اجلماعة املادي والفكري والروحي وكان م ل زم ا ب ات خ اذ م وق ع ضمن ذل ك ال سياق التناق ضي مم ا يعني أان اجل م اع ة ك ان ت ع ل ى وع ي ب ه ذا امل وق ف وم ستلزماته وما ت ستدعيه من اإكراهات لزمة لتحقق القدر التاريخي املمكن من التحرر املن شود. ذل ك هو املنطق العملي الذي حكم فعل اجلماعة الأوىل املوؤمنة وحكم فهمهم وه و ال ذي حت ول لديها أاي اجلماعة م ن الفكرة مل ب داأ ممار سة وفعل واأ س ا س ل ل ت وازن بني ال ضرورة والتحرر. حني تعر ض امل صادر واملراجع لأهم من اعتنى بالتف سري من كبار ال صحابة تذكر اخللفاء الأرب ع ة ومعهم ابن م سعود وابن عبا س واأ بي بن كعب واأبو مو سى الأ شعري وزي د ب ن ث اب ت وع ب داهلل ب ن ال زب ري. تف ص ل امل ص ادر نف سها بعد ذلك الأم ر فتحدد اأن كرة الرواية عمن ع رف ب امل ف س ري ن م ن ال ص ح اب ة ت ن ح ص ر يف اأرب ع ة منهم: عبداهلل بن عبا س وعبداهلل بن م سعود وعلي ب ن أاب ي ط ال ب واأ ب ي ب ن كعب مبينة اأن ال ذي بواأهم لهذه املكانة صفات أارب ع هي: الدراية باللغة العربية مبناحيها واأ ساليبها ومعرفة احلوادث التي نزلت فيها آاي ات القر آان الكرمي والقدرة على الجتهاد يف الفهم وتقرير ما وقع عليه التو صل إاليه بالجتهاد اإىل جانب التفرغ للتح صيل ومعا شرة الر سول واأعيان ال صحابة. ما يالحظ من جهة اأوىل يف ه ذا الت صنيف اأن ه يقدم عن صري املعرفة والجتهاد على سائر العتبارات عند التعريف مبن كان اأقدر على التف سري و أاجدر بالتقدمي. ذل ك م ا جن ده يف اأك ث ر م ن رواي ة م ن س وب ة ل ه ذا ال صحابي أاو ذاك ممن كان معدودا من كبار املف سرين ويف تلك الروايات اإعالء من شاأن العنا صر ال شخ صية واملناقبية. وب ال رج وع إاىل مقدمة اب ن خ ل دون فلي س يف قول صاحب امل قدمة ما يرجح مذهب الذين يرون أان الر سول عليه ال صالة وال سالم ق د ب ني لل صحابة كتاب اهلل كله األفاظه ومعانيه ملا يف ه ذا القول من تع سف ل يتنا سب مع الن ص القراآين املفتوحة معانيه على ال شروط احل ضارية التي يعي شها جيل ال صحابة والتابعني تلك املعاين التي ظل ل يحد فهمها زمن واحد اأو فهم نهائي اأو سياق ح ضاري. ما ح صل للجيل الأول من امل سلمني وفق هذه القاعدة الأوىل من فهم ومعرفة كان مواكب ا من جهة ملا لديهم من مع ضالت عقدية وت صورية ومعا شية وك ان لذلك اأف ضل فهم مل ا ه و م ت اح لتلك ال ظ روف وت ل ك الإ ش ك الت و ضمن ح دوده ا من جهة ثانية. وبناء على كل ه ذه القواعد وال ظ روف وال ع ن ا ص ر ي ط رح ال س ؤوال ال ت ايل: كيف ينبغي علينا اأن نفهم املنهج الذي اعتمده املف سرون من ال صحابة هل من خالل ما اأثر عنهم اأم درا سة حياتهم وحتليلها مع الأخذ بالعتبار الظروف املحيطة بفرتة فجر الإ سالم.
12 رجب ١٤٤٠ ه - مارس ٢٠١٩ م الهجرة وتكوين الجغرافيا السياسية لدولة اإلسالم داود الهطالي اإن االإ سالم يف بداية العهد املدين بداأ يف التو سع واالزدهار وهذا نتاج عوامل عديدة عمل بها النبي- صلى اهلل عليه و سلم- و أا صحابه الكرام فكما ذكر ر ضوان ال سيد مبجلة»التفاهم«يف مقالته»الهجرة والفتوحات ودار االإ سالم واملتغريات قراءة يف االعتقاد والفقه واجلغرافيا ال سيا سية«أان تكوين دار االإ سالم اأو -ما ن سميه- اليوم الدولة لي س با أالمر الهني ال سهل بل يتطلب فكرا وقرارا وحركة وماال ثم تظهر الدولة أاو دار االإ سالم وهذا ما ذكره العلماء يف مال تكوين اجلغرافيا ال سيا سة التي بها تظهر الدول. hattalisqu@gmail.com هاجر النبي- صلى اهلل عليه و سلم- من مكة املكرمة اإىل امل دي ن ة امل ن ورة ال ت ي ك ان ت ت سمى ي ثرب بعدما مكث فيها ثالث ع شرة سنة يدعو النا س اإىل توحيد اهلل وعبادته لقد اأراد النبي- صلى اهلل عليه و سلم- بعد كتاب املدينة تاأ سي س ج م اع ت ه اجل دي دة اأو ت اأ س ي س ال ت رتاب ط ف ي م ا بينها على دعامتني الأوىل: الهجرة والثانية: امل ؤواخ اة. فقد هاجر امل سلمون من دار الكفر اإىل دار الإ سالم حيث تبعت الهجرة حقوق -كما ذكر قتادة بن د عامة ال سدو سي- التوارث اأو اأن يرث املهاجر زميله يف عقد املوؤاخاة مبقت ضى ذلك الفعل اأي الهجرة. بالهجرة ظهرت املدينة املنورة فاختلف املف سرون واللغويون يف فهم هذا الأمر هل هو من الفعل دان اأي: حكم و سيطر اأم من الفعل مدن اأي: اأقام وا ستقر لكن بع ضهم جمع ب ني ه ذي ن الفعلني وب ني الفعل ه ج ر اأي: الرتحل من اأج ل ال ستقرار عند عرب ال شمال بهذا اجتمعت هذه امل ع اين يف امل دي ن ة مب ع ن ى امل س ت ق ر احل ض ري ودار احلكم وال سلطان. لكن الهجرة اإىل املدينة ل تعني بال ضرورة اأن تكون اآتيا من مك ة فبعد وقعة بدر اأقبل اأعراب من البادية ب ج وار امل دي ن ة ل الإ س الم. وي رب ط ك ل م ن أاح م د ب ن حنبل والن سائي بني الهجرة والبيعة وال سمع والطاعة واجلماعة فاملهاجر اإمنا يعلن ارتباطه النهائي ل بدين اجلماعة فقط بل بوحدتها الجتماعية وال سيا سية. فالهجرة من املكونات الرئي سة لدار الإ سالم عندما كانت حم صورة باملدينة لكن بعد فتح مكة ما ع اد للهجرة ضرورة كما ذك ر الفقهاء اإذ صار من ال ضروري اأن تتحول الهجرة اإىل الداخل لتمتني العالئق داخل الأم ة و إاىل اخلارج يف صورة جهاد من اأجل حتقيق الأمة اجلامعة. فتح ر سول اهلل- صلى اهلل عليه و سلم- مكة املكرمة يف ال سنة الثامنة للهجرة وق ال: ل ه ج رة بعد الفتح -اأو بعد فتح مكة- ولكن جهاد ونية. معناه ل هجرة من مكة لأنها صارت دار اإ سالم لأنه كانت الهجرة فر ضا يف اأول الإ سالم على من اأ سلم لقلة امل سلمني باملدينة وحاجتهم اإىل الجتماع فلما فتح اهلل مكة دخل النا س يف دين اهلل اأفواجا ف سقط فر ض الهجرة إاىل املدينة املنورة وبقي اجلهاد والنية. ظن الأن صار اأن النبي- صلى اهلل عليه و سلم- عندما فتح مكة املكرمة و أاك رم بني قومه وعفا عنهم اأن ه يريد ال ستقرار مبكة ما دام ت خ ضعت ل سيطرته لكنه نفى ذل ك ب شدة وق ال«بل الدم الدم والهد م الهد م اأنا منكم واأنتم مني«مع أان ف ضل مكة ورجحان مكانتها الدينية اأعلى من املدينة لكن ر سول اهلل- صلى اهلل عليه و سلم- أاراد من املدينة املنورة أان تكون عا صمة الدولة اجلديدة أاو عا صمة دار الإ سالم. ب داأ ر سول ااهلل - صلى اهلل عليه و سلم- يف ا ستقبال كبار القبائل ليبايعوه لي س على الإ سالم فقط بل على ال سمع والطاعة و سمي بعام الوفود كذلك اأر سل امل سلمني للدعوة واجل ه اد إاىل اجل ب ه ات وب ع د وف اة ر س ول اهلل - صلى اهلل عليه و سلم- اأر س ل أابوبكر ال صديق اجليو ش اإىل العراق وال شام من غري اأن جتتمع اجليو ش يف املدينة املنورة بل كانت تتجمع يف اأن سب مكان من ديار الإقامة بناء على اأمر اخلليفة ثم تر سل راأ سا اإىل اجلبهات بهذا الأمر ظهر اأنه ل يجب الهجرة إاىل املدينة بل كان الأم ر العقدي الذي حرك اجليو ش هو الدعوة اإىل اهلل:) ليظ ه ر ه على الدين ك ل ه( وم ق ال ة زه رة ب ن ح وي ة ب ال ق اد س ي ة ل ر س ت م:»اهلل ابتعثنا واهلل ج اء ب نا لن خرج العباد م ن ع ب ادة العباد اإىل عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا اإىل س ع ت ها ومن ج ور الأديان إاىل عد ل الإ سالم«فقد كان أابو بكر وعمر ير سالن اجليو ش وي ضعان يف الأغلب قادة اجليو ش من املهاجرين والأن صار اأي أانهم من اأولئك الذين تربوا على الر سالة اجلديدة يف بداية اأمرها وتربوا على يد خري الرية ر سول اهلل- صلى اهلل عليه و سلم-الذي اختلفت دولته عن دولة القيا صرة والأكا سرة. يظهر لنا م ن خ الل ه ذه الأح داث ال ت ي حكت لنا حركة الر سول- صلى اهلل عليه و سلم- وحركة ال صحابة الكرام اأن ظهور مكانة املدينة امل ن ورة مل يكن ع شوائيا ول حم ض صدفة بل كان اأمرا منظما وخمططا له بعد هذه الأحداث اختلف الفقهاء يف تعريف دار ال سالم بع ضهم من قال هي الدار التي ت سود فيها اأحكام الإ سالم وتكون متاخمة لدار الإ سالم ويكون الذمي اآمنا ب أامان امل سلم والقول الآخر أانها ال دار التي تكون خا ضعة ل إالمام امل سلم حتى لو مل يكن فيها م سلمون بني ال سكان مبقت ضى هذه التعاريف و أاق وال ال ف ق ه اء ظ ه ر الخ ت ل الف يف امل دن ال ت ي فتحها امل سلمون ث م م ا لبث أان انح سر الإ س الم عنا ه ل تبقى دار اإ سالم أام تعود دار كفر ويلزم هجرة امل سلمني منها اأم تبقى دار اإ سالم ويبقى امل سلمون ما دامت ال سيطرة لدى امل سلمني ه ذا م ا يت ضح يف الهند والأن دل س واجل زائ ر وليبيا عندما دخلها ال ك ف ار منهم م ن األ زم ه م الهجرة ومنهم من بقي يعبد اهلل فيها ما مل يتعر ض لالإيذاء. اإن تكوين اجل غ راف ي ا ال سيا سية لأي دول ة يتطلب اأم ورا م ع ي ن ة وه ي ف ك ر وق رار وح رك ة وجم ال ون الح ظ كيف طبقها الر سول- صلى اهلل عليه و سلم- يف املدينة املنورة وك ي ف رف ع م ن زل ة امل دي ة ال دي ن ي ة وج ع ل ه ا ع ا ص م ة ل دار الإ س الم اإىل اأن اأت ى الخ ت الف م ن ب ع ده فكان ظهور دار الإ س الم زل زال جيوا سرتاتيجيا قلب الأو ض اع فيما صار يعرف حديثا مبنطقة ال شرق الأو سط ومناطق شا سعة من اآ سيا واأفريقيا و أاوروب ا فقد زالت الإمراطورية الفار سية وانح سرت ال سيطرة البيزنطية اإىل اأن اأزالها العثمانيون ع ام 1453 م. ب ع د ه ذه الأح داث س ادت أاي دي ول وج ي ة م صارعة ال ستعمار يف ال ع امل الإ س الم ي اإىل اأن خرجت ه ذه الأيديولوجية بعد احل رب العاملية الثانية با ستثناء فل سطني وما زال الفل سطينيون ي أاملون اأن يتحرروا بعدما خا ضوا كفاحا م سلحا ط وي ل الأم د لي سرتجعوا دولتهم بالن ضال املدين. الن صو ص املن شورة تعر عن وجهات نظر كتابها ول تعك س بال ضرورة راأي جملة التفاهم اأو اجلهة التي ت صدر عنها. جملة التفاهم هاتف : 24644031-24644032 +968 فاك س : 24605799 +968 الريد الإلكرتوين : www.altafahom.net tasamoh@gmail.com - al.tafahoom@gmail.com -