قطر الغيث يف شرح مسائل أبي الليث تأليف محمد نووي بن عمر بن عربي الشافعي الجاوي شرح على مسائل أبي الليث لإلمام نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي الملقب بإمام الهدى 1
بسم هللا ال رمحن الرحمي احلمد هلل الذي هدانا لإلسالم واإلميان وخص بعض عباده بالطاعات وبعضهم بالعصيان والصالة والسالم على أفضل الرسل سيد ولد آدم سيدنا حممد وآله وأصحابه وأزواجه وذريته عدد ما جرى به القلم. )أما بعد(: فيقول مرتكب الذنوب "حممد نووي بن عمر بن عريب" الشافعي: هذا شرح عن مسائل الشيخ اإلمام أيب الليث احملدا اسفرسر اسفعروف بإمام اهلدى نصر بن حممد بن أمحد بن إبراهيم احلنري السمرقندي يوضح معانيها ويشيد مبانيها. ومسيته: قطر الغيث يف شرح مسائل أبي الليث واهلل أسأل أن ينرع به كل من تلقاه بقلب لوجهه الكرمي إنه الرؤوف الرحيم. جيعله خالصا سليم وأن )بسم اهلل الرحمن الرحيم( فاسم "الجاللة" ليس مبشتق وال منقول و"ال" فيه زائدة الزمة للتعريف بل وضع كذلك وهو اسم جامع جلميع أمساء اهلل احلسىن وصراته العليا. و"الرحمن": كثي الرمحة بالنعم العظيمة. و"الرحيم": كثي الرمحة بالنعم الصغية. وختصيص التسمية هبذه األمساء ليعلم العارف أن اسفستحق بأن يستعان به يف مجيع األمور هو اسفعبود احلقيقي معطي النعم كلها جليلها وحقيها. وإمنا افتتح اسفصنف كتابه هذا بالبسملة اقتداء بالكتب السماوية وعمال باألحاديث اسفروية كما روي عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أنه قال: ))إذا كتب العبد بسم اهلل الرحمن الرحيم 2
في لوح أو في كتاب فإنه تكتب له المالئكة األجر وتستغفر له ما دام ذلك االسم في اللوح أو الكتاب((. )الحمد هلل رب العالمين( األجر احملمود أي: )للمتقين( أي: مالك مجيع اسفخلوقات عقاب اهلل تعاىل برتك اسفعاصي أي: )والعاقبة( )والصالة( أي: زيادة الرمحة من اهلل تعاىل اسفقرونة بالتعظيم )والسالم( أي: التحية من اهلل تعاىل )على سيدنا محمد( هو ابن عبد اهلل أكمل اخللق خ لقا وخ لقا مبعوا يف مكة ومدفون يف اسفدينة اسفشرفة )وآله( أي: أعوانه من أهل اإلميان )وأصحابه( حياته بعد نبوته مؤمنني به. وهم الذين اجتمعوا به صلى اهلل عليه وسلم يف والصحابة الذين توىف رسول صلى اهلل عليه وسلم وهم أحياء مائة ألف صحايب وأربعة وعشرون ألرا رضي اهلل عنهم أمجعني كعدد األنبياء وعدد أولياء كل عصر. )مسألة(: )إذا قيل لك(: يا مؤمن: حقيقة اإلميان الذي هو التصديق. )ما اإليمان ( متعلقات ما أي: )فالجواب(: أن تقول: )آمنت( أي: صدقت وأقررت )باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر والقدر( برتح الدال )خيره وشره من اهلل تعالى( وهذا كما رواه مسلم عن سيدنا عمر من حديث جربيل وإن أخذت من رواية البخاري عن أيب هريرة من حديث جربيل أيضا فتقول: "آمنت باهلل ومالئكته وبلقائه ورسله وبالبعث". واسفعىن: صدقت بوجود اهلل وبصراته الواجبة له وبوجود اسفالئكة وأهنم عباد مكرمون وبرؤيته تعاىل يف 3
اآلخرة للمؤمن وبأن من القبور. رسله صادقون فيما أخربوا به عن اهلل تعاىل وبالبعث قال بعضهم: من تعلم يف الصغر: آمنت باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر وقدره خيه وشره من اهلل تعاىل وعلم أن ذلك إميان إال أنه ال يسن ترسيه فال يكم بإميانه. وقال بعضهم: إميان شخص حال يأس أي: وقت سكرات اسفوت عند رؤية مكانه يف اجلنة أو يف النار غي مقبول لعدم اإلتيان باسفأمور به عن اختيار فإن العبد يرى مكانه يف ذلك الوقت كما روي عن النب صلى اهلل عليه وسلم أنه قال: ))إن العبد لن يموت حتى يرى موضعه في الجنة أو في النار(( خبالف توبة اليائس فإهنا مقبولة بعد صحة إميانه سفا روي عن ابن عمر أنه قال: قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم: ))تقبل توبة العبد المؤمن ما لم يغرغر(( أي: ما مل تبلغ روحه احللقوم. واعلم أن اإلميان باهلل على ثالثة أقسام: إميان تقليدي وإميان حتقيقي وإميان استداليل: فالتقليدي: هو أن يعتقد بوحدانية اهلل تعاىل تقليدا بقول العلماء من غي ب رهان وهذا ال يأمن من التزلزل بتشكيك مشكك. والحقيقي: هو أن يطوي قلبه على وحدانية اهلل تعاىل حبيث لو خالره أهل العلم فيما طوى عليه قلبه سفا وجد يف قلبه زلة. واالستداللي: هو أن يستدل من اسفصنوع على الصانع ومن األثر على اسفؤثر فاألثر يدل على اسفؤثر والبناء يدل على الباين واسفصنوع يدل على الصانع والبعرة تدل على البعي مثال إذ األثر بال مؤثر حمال. )مسألة(: )إذا قيل لك وكيف تؤمن باهلل (. 4
)فالجواب( أن تقول: نإ) اهلل تعالى( أحد أي: منررد بالصرات ال مشارك له )واحد( أي: منررد بالذات ال شريك له )حي( حبياة قدمية قائمة بالذات ال بروح )عالم( بعلم قدمي قائم بالذات حميط بالواجب واجلائز واسفستحيل )قادر( بقدرة قدمية قائمة بالذات ال مبعاجلة وال واسطة ال يلحقها عجز عامة التعلق للمكنات )مريد( بإرادة قدمية قائمة بالذات عامة التعلق للمكنات )سميع( أي: مدرك اسفسموعات بسمع قدمي بالذات )بصير( أي: مدرك اسفبصرات حال وجودها ببصر قدمي قائم بالذات )متكلم( بكالم قدمي باق قائم بالذات ليس حبرف وال صوت فال يسبقه عدم وال يلحقه عدم متعلق: بالواجب: كقوله تعاىل: }إ ن ن ي أنا اهلل ال إ له إ ال أنا ف اع ب د ن ي{ وباسفستحيل:كقوله تعاىل: }إ ن اهلل ث ال ث ثالثة{ وباجلائز: كقوله تعاىل: }و اهلل خلقك م وم ا ت ع ملون{. والصحيح أن مدلول األلراظ اليت نقرؤها متعلقات الكالم النرسي القدمي كما قاله ابن قاسم واترق على ذلك مجيع اسفتأخرين. وإن سئلت عن القرآن: هل هو قدمي أو حادا فينبغي لك أن تسترسر السائل فإن قال لك مرادي: "القائم بذاته تعالى" الدال عليه ما بيننا فقل: هو قدمي بقدم الذات ألنه من مجلة صراهتا الواجبة هلا. وإن قال لك مرادي: "ما بين الدفتين من النقوش" فقل له: ذلك حادا حبدوا النقوش وكذلك األلراظ. وإن قال لك مرادي: "من حيث المدلول" فقل له: إن ما دل على ذاته أو صرة من صراته أو حكاية له تعاىل هو قدمي وما دل على احلوادا أو صراهتا مثل ذوات اسفخلوقات أو صراهتا كجهلنا وعلمنا هو حادا وكذلك حكايات احلوادا. ومسيت تلك العبارات بكالم اهلل فإهنا دالة على كالم اهلل تعاىل فإن معناه إمنا ينرهم هبا فإن عرب عنه بالعربية فهو قرآن وإن عرب عنه بالعربية 5
وهو لغة اليهود فهو توراة وإن عرب عنه بالسريانية فهو إجنيل وزبور. واختالف العبارات ال تستلزم اختالف الكالم كما أن اهلل يسمى بعبارات مع خمتلرة يقبل الرناء أن ذاته تعاىل واحدة. أي: )خال ق( واحد مبقدار معني بإرادته )باق( بذاته العليا أي: كثي إظهار اسفوجودات بقدرته أي: )رز اق( دائم الوجود ال وكثي تقدير كل خالق األرزاق أو اسفرتزقة وموصلها إليهم. واسم "الرزق" ال خيتص باسفأكول واسفشروب بل كل ما انترع به احليوان من مأكول ومشروب وملبوس وغيها. ومن أعظم الرزق التوفيق للطاعات. وباطن: والرزق قسمان: ظاهر: وهو األقوات واألطعمة وذلك لألبدان. وهي اسفعارف واسفكاشرات وذلك للقلوب واألسرار. واعلم أنه تعاىل يوصل الرزق الرزق كثرة الصالة لقوله تعاىل: إىل مجيع خملوقاته وأن ن س أ ل ك ر ز ق ا ن ح ن ن ر ز ق ك و ال ع اق ب ة ل لت ق و ى{ صلى اهلل عليه وسلم واالستغرار اهلل شريك( مماثل. )ومالك( أي: ومنه قوله تعاىل: بر) من أسباب سعة }و أ م ر أ ه لك ب الص الة و اص ط ب ر عل ي ه ا ال ومعناه: ( والصالة والسالم على النب معبود ومنه قولك: }هلل ملك السموات واألرض{ شبيه له أي: يف الربوبية وال ضد أي: والررق بني: يساوي ولو يف وجه. يساوي يف مجيع الوجوه. "الشبيه" و"الشبيه": قال الرباوي: و"النظير" و"المماثل": ال نظي ما يساوي أكثر الوجوه. أن )وال ند( "النظير": و"المماثل": الب) ربنا أي: ما ما وال جيوز البحث عن ذات اهلل تعاىل وال عن صراته ألن ترك اإلدراك إدراك والبحث يف ذات اهلل تعاىل إشراك وكل ما خطر ببالك من صرات احلوادا فاهلل خبالف ذلك. 6
)فائدة(: من ترك أربع كلمات كمل إميانه: أين وكيف ومىت وكم: فإن قال لك قائل: أين اهلل فجوابه: ليس يف مكان وال مير عليه زمان. وإن قال لك: كيف اهلل فقل له: ليس كمثله شيء. وإن قال لك: مىت اهلل فقل: له أول بال ابتداء وآخر بال انتهاء. وإن قال لك: كم اهلل فقل له: واحد ال من قلة قل: اهلل أحد. انتهى. )مسألة(: )إذا قيل لك: وكيف تؤمن بالمالئكة (. )فالجواب( أن تقول: )إن المالئكة أصناف( أي: أنواع كثية يف أحواهلم وأفعاهلم وأشكاهلم: )فمنهم حملة العر ش(: وهم أعلى طبقات اسفالئكة وأوهلم وجودا وهم يف الدنيا أربعة ويف يوم القيامة مثانية على صورة األوعال ما بني أظالفها إىل ركبها مسية سبعني عاما للطائر اسفسرع. وأما صرة العرش: فقيل: إنه جوهرة خضراء وهو من أعظم اسفخلوقات خلقا ويكسى كل يوم ألف لون من النور ال يستطيع أن ينظر إليه خلق من خلق اهلل تعاىل واألشياء كلها يف العرش كحلقة يف فالة. وقيل: إن العرش قبلة أهل السماء كما أن الكعبة قبلة أهل األرض. )ومنهم حافون( قال: وهب بن منبه: إن حول العرش سبعني ألف صف من اسفالئكة صف خلف صف يطوفون بالعرش يقبل هؤالء ويقبل هؤالء فإذا استقبل بعضهم بعضا هلل هؤالء وكرب هؤالء ومن ورائهم سبعون ألف صف قيام أيديهم إىل أعناقهم واضعني هلا على عواتقهم فإذا مسعوا تكبي أولئك وهتليلهم رفعوا أصواهتم فقالوا: سبحانك اللهم وحبمدك ما أعظمك وأحلمك أنت اهلل ال إله غيك أنت األكرب واخللق كلهم لك راجعون ومن وراء هؤالء مائة ألف صف من اسفالئكة قد وضعوا اليمىن على 7
اليسرى ليس منهم أحد إال يسبح بتسبيح ال يسبحه اآلخر ما بني جناحي أحدهم مسية مثامنائة عام وما بني شحميت أذن أحدهم إىل عاتقه أربعمائة عام واحتجب اهلل عن اسفالئكة الذين حول العرش بسبعني حجابا من نور وسبعني حجابا من ظلمة وسبعني حجابا من در أبيض وسبعني حجابا من ياقوت أمحر وسبعني حجابا من زبرجد أخضر وسبعني حجابا من ثلج وسبعني حجابا من ماء و سبعني من برد وما ال يعلمه إال اهلل. )ومنهم روحانيون( قيل: هم يف أرض بيضاء كالرخام عرضها مسية الشمس أربعني يوما طوهلا ال يعلمه إال اهلل وهلم زجل بالتسبيح والتهليل لوكشف عن صوت أحدهم هللك أهل األرض من هول صوته منتهاهم إىل محلة العرش. )ومنهم كروبيون( برتح الكاف وختريف الراء هم سادات اسفالئكة وهم الذين حول العرش. )ومنهم سفرة( أي: وسائط بني اهلل وبني أنبيائه والصاحلني يبلغون إليهم رسالته بالوحي واإلهلام والرؤيا الصاحلة أو بينه وبني خلقه يوصلون إليهم آثار صنعه. و"السفرة" هنا مجع سري مبعىن: رسول وليس مجع سافر مبعىن: كاتب ألن اسفصنف فسرها هبؤالء األربعة ( يأ : جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل( برتح العني فجربيل نازل على مجيع األنبياء وميكائيل وكيل األمطار وإسرافيل وكيل نرخ الصور ينرخ فيموت اخللق وينرخ إلحياء اخللق فرتجع األرواح ألجسادها وعزرائيل وكيل قبض األرواح فإذا حضر أجل العبد أمر اهلل تعاىل ملك اسفوت أن يقبض روح ذلك العبد وسفلك اسفوت أعوان من اسفالئكة يأمرهم بنزع روح ذلك العبد من جسده فإذا وصلت إىل 8
احللقوم توىل قبضها ملك اسفوت بنرسه وخروج الروح يكون من "اليافوخ" كما أن دخوهلا يف البدن منه وأما فتح احملتضر فمه عند خروجها فقيل: لشدة ما يراه من األهوال. و"اليافوخ" هو اسفوضع الذي يتحرك يف رأس الطرل. )ومنهم حفظة( قال حممد اخلليلي: روي أن عثمان بن عران رضي اهلل عنه سأل النب صلى اهلل عليه وسلم: كم من ملك على اإلنسان فقال: عشرون ملكا منهم ملك عن ميينك على حسناتك وهو أمني على الذي عن يسارك فإذا عملت حسنة كتبت عشرا وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمني: أأكتب فيقول: دعه سبع ساعات لعله يتوب فإذا مل يتب قال: نعم اكتب أراحنا اهلل منه. فاسم اسفلك الذي علىاليمني "رقيب" وهو الذي يكتب احلسنات واسم اسفلك الذي على الشمال "عتيد" وهو الذي يكتب السيئات وملكان بني يديك ومن خلرك وملك قابض على ناصيتك إذا تواضعت هلل تعاىل رفعك وإذا جتربت على اهلل قصمك وملكان على شرتيك ليس يرظان عليك إال الصالة على النب صلى اهلل عليه وسلم وملك على فيك ال يدع احلية أو اهلوام تدخل يف فيك وملكان على عينيك ويقال: إن امسهما "شوية" فهؤالء عشرة أمالك على كل آدمي فتنزل مالئكة الليل على مالئكة النهار فهؤالء وهؤالء عشرون ملكا علىكل آدمي. )ومنهم كتبة( وهم الذين ينسخون من اللوح احملروظ وهم اسفالئكة الكرام الكاتبون ومنهم أصحاب أجنحة جناحني جناحني لكل واحد 9
حملة" منهم وثالثة ثالثة لصنف آخر منهم وأربعة أربعة لصنف آخر منهم ويزيد اهلل يف خلق األجنحة يف غيه ما تقتضيه مشيئته وحكمته. )تنبيه(: قوله: وسفرة وحفظة وكتبة" برتح أحرفها الثالثة وهي مجع حامل وسري وحافظ وكاتب. )وكلهم مخلوقون( أي: موجودون بإجياد اهلل إياهم كغيهم )عبيد هلل ( فال يقولون شيئا حىت يقوله كما هو شأن العبيد اسفؤدبني )ال يوصفون بذكورة وال بأنوثة( فمن اعتقد أنوثة اسفالئكة أو خنوثتهم فهو كافر باالتراق ومن اعتقد ذكورهتم فهو فاسق )وليس لهم شهوة( أي: اشتياق النرس )وال نفس(. فالنفس سبع مراتب: أم ارة: وحملها الصدر وجنودها: البخل واحلرص واحلسد واجلهل والكرب والشهوة والغضب. مث ل وامة: وحملها القلب وهو حتت الثدي األيسر بقدر أصبعني وجنودها: اللوم واهلوى واسفكر والعجب والغيبة والرياء والظلم والكذب والغرلة. مث ملهمة: وحملها الروح وهو حتت الثدي األمين بقدر أصبعني وجنودها: السخاوة والقناعة واحللم والتواضع والتوبة والصرب والتحمل. مث مطمئنة: وحملها: السر وهو يف جانب الثدي األيسر بقدر أصبعني إىل جهة الصدر وجنودها: اجلود والتوكل والعبادة والشكر والرضا واخلشية. مث راضية: وحملها: سر السر ولعل اسفراد هبا القالب _ باأللف بعد القاف وبرتح الالم وهو مجيع اجلسد وجنودها: الكرم والزهد واإلخالص والورع والرياضة والوفاء. مث مرضية: وحملها اخلري: وهو يف جانب الثدي األمين بقدر أصبعني إىل أوسط الصدر وجنودها: حسن اخللق وترك ما سوى اهلل واللطف باخللق ومحلهم على الصالح والصرح عن ذنوهبم وحبهم واسفيل إليهم 11
إلخراجهم من ظلمات طبائعهم وأنرسهم إىل أنوار أرواحهم. وحملها األخرى: وحق اليقني. )وال أب وال أم( وهو وسط الصدر وجنودها: فإهنم أجسام نورانية أي: علم اليقني كاملة: مث وعني اليقني خملوقة من نور غالبا وقد يكون بعضهم خملوقا من القطرات اليت تقطر من جربيل بعد اغتساله من هنر حتت العرش وهم قادرون على التشكل بأشكال خمتلرة. يأكلون( وال ينامون ودليل كوهنم ال ينامون قوله تعاىل: و الن ه ار ال ي ف ت ر ون { )وال يشربون وال { يس ب ح ون الل ي ل فالنوم فتور يعرتي اإلنسان وال يرقد معه عقله يعصون اهلل ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ( م ن ف و ق ه م وي ف علون ما ي ؤ مر ون } }ب ل ع ب اد م ك ر م ون. أي: قال تعالى: من الطاعة والتدبي ال ي س ب ق ون ه ب ال ق و ل و ه م ب أ م ر ه ي ع م ل ون{ )وال { ي خاف ون ر ب ه م وقال تعاىل: بل أي: اسفالئكة عباد من عباده تعاىل مكرمون بالعصمة من الزلل ال يسبقون إذنه تعاىل بالقول وهم بأمره تعاىل إذا أمرهم يعملون ألهنم يف غاية اسفراقبة له تعاىل فجمعوا يف الطاعة بني القول والرعل وذلك غاية الطاعة. صحة )شرط( بالقلب ب اهلل و م الئ ك ت ه و ك ت ب ه و ر س ل ه {. )اإليمان وبغضهم: لقوله تعاىل: كفر( )ومحبتهم( }ك ل آم ن )مسألة(: )إذا قيل لك: وكيف تؤمن بالكتب ( )فالجواب( أن تقول: )إن اهلل أنزل الكتب على أنبيائه وهي( أي: الكتب )منزلة( على الرسل يف األلواح أو على لسان ملك )غير مخلوقة( أي: إن الكتب اسفنزلة من تأليره تعاىل ال من تأليف اخللق )قديمة( من حيث داللتها على اسفعىن القدمي )بغير تناقض( أي: اختالف يف معىن 11
الكالم. و"التناقض": بأن يكون بعض الكالم يف حمل يقتضي إبطال بعض يف حمل آخر قال تعاىل: }أف ال ي تد ب ر ون ال ق ر آن و ل و كان من ع ن د غ ي ر الل ه لوج دوا ف يه اخ ت ال ف ا ك ث ير ا{ أي: أفال يتركرون يف القرآن ولو كان من كالم البشر لوجدوا فيه "تناقضا " يف معانيه وتباينا يف نظمه بأن يكون بعض أخباره غي مطابق للواقع وبعض نظمه فصيحا وبعضه ركيكا أي: ولو كان من عند غي اهلل للزم أن يكون فيه اختالفكثي فضال عن القليل لكنه من عند اهلل فليس فيه اختالف ال كثي وال قليل. )ومن شك فيها( أي: يف الكتب اسفنزلة على الرسل بأن مل يؤمن بشيء منها )من آية أوكلمة فقدكفر(. ف )مسألة(: )إذا قيل لك: وكم كتابا أنزل على أنبيائه ( أي: "كم" اسم استرهام يف حمل نصب مرعول مقدم و"كتابا " متييز. اسفرسلني )فالجواب( أن تقول: يف رواية: )مائة كتاب( باإلفراد )وأربعة كتب( باجلمع اسفكسر: )أنزل اهلل منها( أي: من اسفائة واألربع )عشر كتب على( صري اهلل أيب البشر )آدم عليه السالم وأنزل اهلل تعالى منها خمسين كتابا على شيث عليه السالم( فشيث بالشني مث اسفثلثة وقيل: باسفثناة الروقية بينهما ياء واألكثر صرفه وقد ال يصرف ومعناه: هبة اهلل وقيل: عطية اهلل وهو ابن آدم لصلبه كان من أمجل أوالده وأفضلهم وأشبهه بأبيه وأحبهم إليه وعاش سبعمائة واثنيت عشرة سنة. )وأنزل اهلل تعالى منها ثالثين كتابا على إدريس( جد أيب نوح )عليه السالم( وامسه أ خن وخ - برتح اهلمزة وسكون اخلاء أو خنوخ - برتح اخلاء مع حذف اهلمزة - قيل: مسي إدريس لكثرة درسه الكتب وهو أول من خط بالقلم ونظر يف علم النجوم واحلساب وأول من خاط الثياب ولبسها وكانوا من قبله 12
يلبسون اجللود وأول من اختذ السالح وقاتل الكرار. )وأنزل اهلل تعالى منها عشر كتب على إبراهيم عليه السالم( وقيل: إن يف صحف إبراهيم هذه الكلمات: ينبغي للعاقل أن يكون حافظا للسانه عارفا بزمانه مقبال على شأنه. )وأنزل اهلل تعالى اإلنجيل( مجلة )على عيسى( ابن مرمي )عليه السالم وأنزل اهلل تعالى التوراة( مجلة )على موسى( بن عمران )عليه السالم(. قال بعضهم: التوراة واإلجنيل امسان عربانيان وقيل: سريانيان كالزبور. وقيل: مسيت التوراة بذلك ألن فيها نورا خيرج به من الضالل إىل اهلدى كما خيرج بالنار من الظالم إىل النور وقيل: مسيت بذلك ألن أكثرها تلويات ومعاريض. وقال بعضهم: مسي اإلجنيل بذلك ألن فيه توسعة مل تكن يف التوراة إذ حلل فيه أشياء كانت حمرمة يف التوراة وقيل: مسي بذلك الستخراجه خالصة نور التوراة. )وأنزل اهلل تعالى الزبور على داود( بن إيشا )عليه السالم( وهو من أتباع موسى وبعده بأزمان متطاولة. )وأنزل اهلل تعالى القرآن( منجما مررقا يف ثالا وعشرين سنة بعد أن كتب يف صحف وأنزل دفعة واحدة يف ليلة القدر يف بيت العزة وهو حمل يف مساء الدنيا ومسي القرآن فرقانا لررقه بني احلق والباطل ولكونه منجما ومررقا يف سنني كثية ومسي قرآنا ألنه قام مقام التوراة واإلجنيل والزبور يف كثرة القراءة )على محمد المصطفى( أي: اسفختار صلى اهلل عليه وسلم. وهو: ابن عبد اهلل بن عبد اسفطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كالب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزمية بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان من أوالد سيدنا إمساعيل بن إبراهيم عليه السالم. وذلك ما روي عن أيب بن كعب أنه سأل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم: كم أنزل اهلل تعاىل من كتاب فقال: ))مائة 13
وأربعة كتب منها: على آدم عشر صحف. وعلى شيث خمسون صحيفة. وعلى أخنوخ وهو إدريس ثالثون صحيفة. وعلى إبراهيم عشر صحائف. والتوراة واإلنجيل والزبور والفرقان(( كما ذكره الشربيين يف ترسيه. واحلق عدم حصر الكتب يف عدد معني لكثرة اختالف الروايات بل الواجب أن يعتقد أن اهلل تعاىل أنزل كتبا من السماء ويعرف الكتب األربعة. )مسألة(: )إذا قيل لك: وكيف تؤمن باألنبياء ( الشريف محمد( )فالجواب( أن تقول: وكنيته أبو البشر فال نب بعده األنبيا ء أول )إن ولقبه صري اهلل آدم عليه السالم( )وآخرهم( وأفضلهم وهو امسه )سيدنا )صلوات اهلل عليهم أجمعين كلهم كانوا مخبرين( عن الغيوب كالساعة وأحواهلا من البعث والنشر واحلشر واحلساب واجلزاء واحلوض والشراعة واسفيزان والصراط واجلنة والنار وغي ذلك مصرني العمل من شوائب الرساد أخبارهم ويف دعواهم أي: )مبلغين( األمم إليهم إذ هم مأمورون بالتبليغ عن اسفعاصي )ناهين( )أمناء اهلل تعالى( يظهر إال على ألسنة الرسل وهو إعالم أو "بمنام" أو "ملك" أو بإرسال وال يغشون قومهم موصلني األحكام "إلهام" )آمرين( على )ناصحين( )صادقين( أي: يف اليت أمروا بتبليغها إىل على الطاعات هلل عز وجل "وحيه الخفي" اهلل تعاىل أنبياءه مبا شاء "بال واسطة" أو وهو الذي مل "بكتاب" كما وقع لنبينا صلى اهلل عليه وسلم ليلة اإلسراء من فرض الصالة بال واسطة )معصومين من الزلل( أي: اخلطايا وهي الصغائر "فالز لل" - بكسر الزاي - مجع زلة. قاله حممد اجلوهري يف "شرح الجزائرية" وأما مصدر زل يزل من باب علم وضرب كما يف - "الزلل" "القاموس" فهو - برتحها و"المصباح" 14
)والكبائر( أي أن اهلل تعاىل حرظ بواطنهم وظواهرهم عن التلبس مبنهى عنه ولو هني كراهة ولو حالة الطرولية كما قال أمحد الدردير. والذي عليه اجلمهور وهو الصحيح أهنم معصومون من الكبائر والصغائر قبل النبوة وبعدها فعصمتهم واجبةكما قاله أمحد البيلي. )ومحبتهم( بالقلب )شرط( صحة )اإليمان وبغضهمكفر(. )مسألة(: )إذا قيل لك: وكم من أصحاب الشرائع ( )فالجواب( أن تقول: هم )ستة: آدم ونوح( وعمره ألف سنة وأربعمائة ومخسون سنة )وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات اهلل عليهم أجمعين(. )فرع(: قال ابن عباس وقتادة: وأولو العزم أي: الثبات واجلد يف األمور مخسة وهم أصحاب الشرائع وهم حممد وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح ونظمهم بعضهم يف بيت من الطويل فقال: محمد إبراهيم موسى كليمه وعيسى ونوح هم أولو العزم فاعلم وقال مقاتل: وأولو العزم ستة: نوح: صرب على أذى قومه. وإبراهيم: صرب على النار. وإسحاق: صرب على الذبح. ويعقوب: صرب على فقد ولده وذهاب بصره. ويوسف: صرب يف اجلب والسجن. وأيوب: صرب على الضر. )وكل شريعة منسوخة( أي: مزال حكمها )بشريعة ( سيدنا )محمد صلى اهلل عليه وسلم( إذا مل تكن موافقة لشريعته صلى اهلل عليه وسلم فقد كان من شريعة آدم عليه السالم تزويج األخ من أخته اليت ليست توأمته 15
وقد اترقوا على حترميه بعد آدم والدليل على ذلك قوله تعاىل: م ن ه {. عليه السالم كما قاله حممد اجلوهري { وم ن ي ب ت غ غ ي ر اإل س الم د ينا ف ل ن ي ق ب ل )مسألة(:)إذا قيل لك: وكم من األنبياء (. )فالجواب(: أن تقول هم يف رواية )مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي(. قال أمحد الدردير: "واألوىل ترك حصرهم يف عدد معني ألنه ال يؤمن يف ذكر العدد أن يدخل فيهم من ليس منهم جلواز أن يذكر أكثر من الواقع أو خيرج منهم من هو منهم إن كان العدد أقل". وما روي أن النب صلى اهلل عليه وسلم سئل عن عددهم فقال: ))مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا (( ويف رواية: ))مائتا ألف وأربعة وعشرون ألفا (( فخرب آحاد ال يريد القطع وال عربة بالظن يف باب االعتقادات. )مسألة(:)إذا قيل لك: وكم كانوا من األنبياء والمرسلين (. )فالجواب( أن تقول: هم يف رواية: )ثلثمائة وثالثة عشر مرسال ( كعدد أهل بدر ويف رواية: وأربعة عشر كعدد جيش طالوت الذين صربوا معه على قتال جيش جالوت ويف رواية: ومخسة عشر وروي أن اهلل تعاىل بعث مثانية آالف نب أربعة آالف من بين إسرائيل وأربعة آالف من سائر الناس. والررق بني "الرسول" و"النبي": أن "الرسول": هو من أمر بتبليغ األحكام إىل اسفرسل إليهم و"النبي": من مل يؤمر بذلك بل أمر بتبليغ أنه نب ليحرتم. 16
)مسألة(: )إذا قيل لك: اسفرسلني أي: وأسماؤهم( أي: )وعددهم( حرظهم علينا )شرط اإليمان أم ال (. )فالجواب( أن تقول: )ليس( ذلك المذكور من حفظ األسماء والعدد )عندنا بشرط اإليمان( أي: يف صحته وكماله )لقوله تعالى( يف سورة غافر: }و لق د أ ر س ل ن ا رس ال } أي: بكثرة }م ن ق ب ل ك{ يا أشرف اخللق إىل أممهم ليبلغوا عنا ما أمرناهم به )منهم( أي: الرسل )من قصصنا عليك( أي: أخبارهم )ومنهم من لم نقصص عليك( أي: ال أخبارهم وال ذكرناهم لك بأمسائهم وإن كان لنا العلم التام والقدرة الكاملة وإذا ثبت أن الرسل مل جيب علينا معرفة عددهم مع قلتهم فمعرفة غي الرسل من األنبياء أوىل لكثرهتا ولكن جيب اإلميان بوجودهم ترصيال فيما علمكذلك وهم اخلمسة والعشرون الذين هم يف القرآن وهم: حممد وآدم ونوح وإدريس وهود وصاحل واليسع وذو الكرل وإلياس ويونس وأيوب وإبراهيم وإمساعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف ولوط وداود وسليمان وشعيب وموسى وهارون وزكريا ويىي وعيسى. ومعىن وجوب اإلميان هبؤالء بالترصيل أنه لو عرض عليه واحد منهم مل ينكر نبو ته وال رسالته ولو مل يرظ أمساءهم فإن احلرظ ال جيب فمن أنكر نبوة واحد من هؤالء أو رسالته فقدكرر لكن العامي ال يكم عليه بالكرر إال إن أنكر بعد تعلمه. وجيب اإلميان إمجاال يف غي هؤالء بأن يصدق بوجودهم ونبو هتم وإرساهلم ويصد ق بأن هلل رسال وأنبياء فمن مل يؤمن هبم كذلك مل يصح إميانه فيكون كافرا. واسفختلف يف نبوهتم ثالثة: ذو القرنني والعزير ولقمان واختلف يف اخلضر أيضا فقيل: إنه نب ورسول. وقيل: نب 17
وىل وهو باق إىل اآلن أعطي علم الشريعة واحلقيقة وجيتمع مع فقط. وقيل: إلياس كل سنة مبكة ويشربان من ماء زمزم شربة إىل العام القابل وطعامها الكرفس فإلياس موكل بالرب وأمحد البيلي والشيخ يوسف السنبالويين. )مسألة(: )إذا قيل لك: واخلضر موكل بالبحر كذا قاله عيسى الرباوي وكيف تؤمن باليوم اآلخر ( فأو له من النرخة الثانية وهي نرخة البعث ومسي ذلك اليوم بوجوده أي: باآلخر ألنه آخر أيام الدنيا ومسي أيضا بالقيامة لقيام الناس فيه من قبورهم ووقوفهم بني يدي رب العاسفني. )فالجواب( اهلل )إن أن تقول: تعالى يميت الخالئق( مجيع أي: احليوانات من ذوي الروح )كل هم( قال تعالى: }كل ن ف س ذ ائ ق ة ال م و ت } و"الموت": ال يكون إال باألجل وهو الوقت الذي كتب اهلل يف األزل انتهاء حياته فيه فال ميوت أحد بدونه مقتوال كان أو غيه }و م ا ك ان ل ن ف س أ ن ت م وت إ ال ب إ ذ ن اهلل ك ت ابا م ؤ ج ال { متوت إال بقضاء ومشيئته أو بإذنه اهلل اسفوت سف كل أي: لقوله تعاىل: وما كان لنرس أن يف قبضه روحه كتب اهلل ذلك اسفوت كتابا مؤقتا ال يتقدم وال يتأخر )إال م ن كان في الجنة والنار( مث ييي اهلل اسفيت بإعادة الروح إىل مجيع البدن ألجل سؤال اسفلكني: منكر ونكي وبعد السؤال خيرج حياة يف اسفيت نوع اهلل باألرض بقدر ما يدرك عذابه دائم و"الكافر" اجلمعة ويف شهر رمضان حلرمة منه الروح بسبب اتصال الروح األمل فيتأمل الروح ويعذب إىل يوم القيامة ويرفع عن من أراد تعذيبه بأن خيلق جبسده كاتصال شعاع الشمس مع اجلسد وإن كان خارجا منه. العذاب "المؤمن " النب صلى اهلل عليه وسلم وإن يف يوم مات يوم 18
و) اجلمعة أو ليلته يكون العذاب ساعة واحدة وضغطة القرب كذلك مث ينقطع وال يعود إىل يوم القيامة. )وحيي يهم اهلل تعالى( بعد فنائهم بإعادة أرواحهم إىل أجسادهم قال تعاىل: }ي ح ي ي اهلل ال م و ت ى{ ويكون اإل حياء بنرخة البعث بعد إماتتهم بنرخة الصعق وبني النرختني أربعون سنة قال تعاىل: }و ن ف خ ف ي الص ور ف ص ع ق م ن ف ي الس م او ات و م ن ف ي األ ر ض إ ال م ن ش اء اهلل ث م ن ف خ ف يه أ خ ر ى ف إ ذا ه م ق يام ي ن ظ رون{. ) بعد إحيائهم يسوقهم حراة عراة غرال إىل أرض احملشر أرض بيضاء ال ترى فيها عوجا وال أمتا و )يحشرهم( أي: جيمعهم للعرض واحلساب قال تعاىل: }ي و م ي ج معك م ل ي و م ال ج م ع { )ويحاسبهم( قال اهلل تعالى: }و كفى ب ن ا ح اس ب ين{ فمنهم من ياسب حسابا شديدا على رؤوس األشهاد لرضيحته وهو من يعطى يف ذلك اليومكتاب عمله الذيكتبته اسفالئكة احلرظة أيام حياته من وراء ظهره وهو الكافر أو اسفنافق فتغل ميناه إىل عنقه وجتعل يسراه وراء ظهره فيأخذ هباكتابه. ومنهم من ال ياسبه اهلل على يد أحد من اسفالئكة وال غيهم سرتا على ذلك احملاسب وإمنا ياسبه اسفوىل بينه وبينه ويعرض عمله عليه بأن يقول له: هذه أفعالك اليت فعلتها يف دار الدنيا وسرتهتا عليك واليوم أغررها وهو من يعطى يف ذلك اليوم كتاب جعلت األعمال وكتب يف اسفوقف بعث اهلل عمله من أمامه وهو اسفؤمن اسفطيع. بعد موت صاحبها يف خزانة حتت العرش فإذا كانوا ريا فتطيها فكل صحيرة تلتصق بعنق صاحبها ال تتجاوزه مث تأخذها اسفالئكة من األعناق فيعطوهنا إليهم يف أيديهم فيأخذوهنا. وأول من يأخذ كتابه بيمينه عمر اخلطاب بن وله شعاع كشعاع الشمس وأما أبو بكر فهو رئيس السبعني ألرا الذين يدخلون اجلنة بغي حساب فهم مل يأخذوا صحائف وبعد عمر أبو سلمة عبد اهلل بن عبد 19
األسد اسفخزومي أول من يأخذ كتابه بشماله أخوه األسود بن عبد األسد. مث إذا أخذ العبد كتابه وجد حروفه نية أو مظلمة على حسب األعمال احلسنة أو القبيحة. وأول خط يف الصحائف: }اق ر أ كت اب ك كف ى ب ن ف س ك ال ي و م ع ل ي ك ح س يب ا{ كافرا وذلك قوله تعاىل: أول ))إن يث: فيه إدراكا وعقال ونطقا فيك إلسرافيل له: فيقول فيقول: فإذا قرأه ابيض }ي و م ت ب ي ض اهلل من يحاسب وجهه إن كان مؤمنا واسود و ج وه و ت س و د و ج وه{. تعالى اللوح فيدعى به فرتتعد فرائصه: بلغت. ما صنعت فيما روى إليك جبربيل فرتتعد فرائصه فيقول له: بلغته إىل الرسل. فيقولون: أبلوه هبا. فيدعى هبم فيقول هلم: بلغناه إىل الناس المحفوظ(( فيقول له: إن كان وقد ورد يف احلد حبيث يركب هل بلغت ما فيدعى بإسرافيل فرتتعد فرائصه خوفا من اهلل فيقول: اللوح بلغته جلربيل. ما صنعت فيما رواه إليك إسرافيل فيدعى فيقول: ما صنعتم فيما رواه إليكم جربيل فيسألون عن عمرهم فيم أفنوه وعن شباهبم فيم وعن أمواهلم من أين اكتسبوها وفيم أنرقوها وعن علومهم ماذا عملوا وذلك قوله تعاىل: }ف ل ن س أ ل ن ال ذ ين أ ر س ل إ ل ي ه م و ل ن س أ ل ن ال م ر س ل ين. فلنق ص ن عل ي ه م ب ع ل م وم اك ن ا غ ائ ب ين. ف ور ب ك ل نس أل ن ه م أ ج م ع ي ن ع م ا كانوا ي ع ملون{ مث ينصب اليمني أو يف الشمال جانب احلسنات "الصالة" "الصراط" مث بعدها "الميزان" اهلل األبصار وتشخص يف إىل الكتب أتقع مث إىل لسان اسفيزان أمييل إىل جانب السيئات أو إىل )ويحكم بينهم بالعدل( "الدعاوى" من قتل نرسا وأول ما يقضى يف اسفوقف يف بغي نرس. مث يساقون إىل وهو جسر ممدود على منت النار بني اسفوقف واجلنة فإن النار بينهما أرق من الشعرة وأحد من السيف فهو مثل اسفوسى فالناجون جيوزونه كلمحة البصر كالريح مث مث كالربق مث كالطي مث مث كاخليل 21
جيوزونه سعيا مث مشيا مث حبوا مث زحرا فهم يتراوتون كاهلالكني فمنهم من يكب بأول قدم وهو الذي يكون آخر اخلارجني من النار ومنهم من يكب عند آخر قدم فيكون أول اخلارجني منها وتراوت اسفرور حبسب التراوت يف األعمال الصاحلة واإلعراض عن حرمات اهلل تعاىل إذا خطرت على القلوب. وأول من يأيت إىل النار "قابيل" الذي قتل أخاه "هابيل" بغي حق ألنه أول من أظهر هذه اخلصلة وهذا أول من يدخلها من اإلنس و"إبليس" هو أول من يدخلها من اجلن. )فمن كان( أي: فالذي وجد )من المالئكة والجن واإلنس فإنهم يتالشون( أي: ميوتون لكن ال ميوت أحد من اسفالئكة قبل النرخة األوىل بل هبا إال محلة العرش واسفالئكة األربعة فإهنم ميوتون بعدها وييون قبل النرخة الثانية وآخر من ميوت ملك اسفوت كذا قال الشرقاوي. وقيل: إن محلة العرش ال ميوتون ألهنم خلقوا للبقاء. )فمن كان فاسقا ( أي: خارجا عن أمر اهلل بارتكاب كبية أو إصرار على صغية ومل تغلب طاعاته على معاصيه )لم يبق في النار بعد الحساب( أي: بعد فراغ مقدار ذنبه ألن ذلك ال خيرجه عن اإلميان إال إذا اعتقد حل اسفعصية سواء كانت كبية أم صغية ألن اإلميان عند األشاعرة وحمققي اسفاتريدية تصديق بالقلب فقط وأما اإلقرار من القادر فهو شرط إلجراء األحكام الدنيوية اليت من مجلتها وجوب اعتقاد أهنم غي خملدين يف النار وإذا كان اإلميان هو التصديق لزم أن ال خيرج العبد عن االتصاف به إال مبا ينافيه من "الكفر" وهو عدم التصديق مبا علم ضرورة جميء النب صلى اهلل عليه وسلم به أو االمتناع من شرطه وهو النطق بالشهادتني مع القدرة. وكما أن العصاة من اسفؤمنني ال خلود هلم يف النار كذلك "الشفاعة" ال تصل للكرار قال تعاىل: }ف م ا ت ن ف ع ه م شفاعة الش اف ع ين{. 21
وللرسل شراعات غي حمصورة أعظمها الشراعة اليت ردها الرسل وهي الشراعة إلنقاذ اخللق من خوف شديد ومن فزع. تل وقب هذه الشراعة بالعظمى لكوهنا تعم اخللق أمجع وباسفقام احملمود أيضا لكونه يمده صلى اهلل عليه وسلم فيها األولون واآلخرون. مث الشراعة يف إدخال قوم اجلنة بغي حساب وهذه من خصائصه صلى اهلل عليه وسلم كاليت قبلها. مث الشراعة فيمن استحقوا دخول النار فلم يدخلوها. مث الشراعة يف زيادة الدرجات يف اجلنة مث الشراعة يف قوم من الصلحاء ليتجاوز اهلل عنهم يف تقصيهم يف الطاعات. مث الشراعة يف اخراج من أدخل النار من اسفوحدين وهذه ال ختتص به صلى اهلل عليه وسلم بل يشاركه فيها األنبياء واسفالئكة واسفؤمنون. مث الشراعة يف ختريف العذاب سفن استحق اخللود يف النار يف بعض أوقات كأيب طالب. مث الشراعة يف أطرال اسفشركني ليدخلوا اجلنة. مث شراعته صلى اهلل عليه وسلم: سفن مات باسفدينة. وسفن صرب على ألوائها. وسفن زاره صلى اهلل عليه وسلم بعد موته. وسفن أجاب اسفؤذن ودعا له صلى اهلل عليه وسلم بالوسيلة. وسفن صلى عليه ليلة اجلمعة ويومها. وسفن حرظ أربعني حديثا يف أمر الدين وعمل هبا. وسفن صام شعبان حلبه صلى اهلل عليه وسلم صيامه. وسفن مدح آل البيت وأثىن عليهم. )وأما المؤمنون( أي: الذين ماتوا على دين اإلسالم وإن تقدم منهم كرر )ففي الجنة خالدون( وال يصح أن يدخلوا اجلنة مث يدخلوا النار ألن من يدخل اجلنة ال خيرج منها قال اهلل تعاىل: }ف م ا ت ن ف ع ه م شفاعة الش اف ع ين{ فالدخول يف اجلنة إما بدون دخول النار باسفرة أو بعد دخول النار بقدر الذنب. 22
ت" )وأما الكافرون( من اإلنس واجلن أي: الذين ماتوا على الكرر وإن عاشوا طول عمرهم على اإلميان )ففي النار خالدون( فال يزالون فيها معذبني إما باحليات أو بالعقارب أو بالضرب أو بغي ذلك. واحلاصل أن الناس على قسمني: "مؤمن" و"كافر": "فالكافر" خملد يف النار. و"المؤمن" على قسمني: "طائع" و"عاص": "فالطائع" يف اجلنة. و"العاصي" على قسمني: ائب" و"غير تائب": "فالتائب" يف اجلنة. و"غير التائب" يف مشيئة اهلل تعاىل إن شاء عرا عنه وأدخله اجلنة برضله وكرمه وذلك بربكة اإلميان والطاعة أو بشراعة بعض األخيار وإن شاء عذبه بقدر ذنبه صغيا كان أو كبيا مث آخر أمره اجلنة فال خيلد يف النار. )وال تفنى الجنة( وهي سبعة: فردوس مث عدن مث خلد مث نعيم مث مأوى مث دار السالم مث دار اجلالل وكلها متصلة مبقام صاحب الوسيلة صلى اهلل عليه وسلم ليتنعم أهل اجلنة مبشاهدته صلى اهلل عليه وسلم ألنه صلى اهلل عليه وسلم يظهر هلم منها فهي مشرفة على أهل اجلنة كما أن الشمس مشرقة على أهل الدنيا. )والنار( وطبقاهتا سبع أعالها: جهنم وهي لعصاة اسفؤمنني مث لظى لليهود مث احلطمة للنصارى مث السعي للصابئني وهم فرقة من اليهود مث سقر للمجوس مث اجلحيم لعبدة األصنام مث اهلاوية للمنافقني. )وال أهلهما( من احلور العني والولدان وخزنة اجلنة ومالئكة العذاب والعقارب واحليات. وقال الشربيين نقال عن النسري: سبعة ال ترىن: العرش والكرسي واللوح والقلم واجلنة والنار بأهلهما واألرواح اه. واختلف في تفسير قوله تعالى: }كل ش ي ء ه ال ك إ ال و ج هه{ فإن كان معىن كون الشيء "هالكا " كونه قابال للهلك يف ذاته ألن كل ما عاده 23
تعاىل ممكن الوجود قابل العدم فهذه السبعة حممولة على هذا اسفعىن وإن كان معىن كونه "هالكا " كونه خارجا عن كونه منترعا به باإلماتة أو ترريق األجزاء فهذه مستثناة من اهلالك. )ومن شك في شيء من هذه األشياء( اسفذكورة )فقدكفر(. تعالى (. )مسألة(: )إذا قيل لك: وكيف تؤمن بالقدر خيره وشره من اهلل )فالجواب( أن تقول: )إن اهلل( تعاىل )خلق الخالئق وأمر( بالطاعات )ونهى( عن السيئات )وخلق اللوح( وهو لوح من درة بيضاء طوله ما بني السماء واألرض وعرضه ما بني اسفشرق واسفغرب وحافتاه الدر والياقوت ودفتاه ياقوتة محراء وأصله يف حجر ملك وهو يف اهلواء فوق السماء. وعن ابن عباس أنه قال: "إن في صدر اللوح: ال إله إال اهلل وحده دينه اإلسالم ومحمد عبده ورسوله فمن آمن باهلل عز وجل وصدق بوعيده واتبع رسله أدخله الجنة". )والقلم( وهو قلم من نور طوله كما بني السماء واألرض. وعن ابن عباس أنه قال: "أول ما خلق اهلل القلم ثم قال له: اكتب قال له: ما أكتب قال: ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل أو أجل أو رزق أو شر فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة". وروى جماهد احلديث: "أول ما خلق اهلل تعالى القلم فقال: اكتب المقدر فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة وإنما يجري في الناس على أمر قد فرغ منه" وذلك هو اسفراد بقوله رمحه اهلل تعاىل: )وأمرهما أن يكتبا أعمال العباد( قال تعاىل: }إ ن اك ل ش ي ء خل ق ناه ب قدر{ أي: إنا كل شيء من األشياء اسفخلوقة صغيها وكبيها خلقناه بقدر وقضاء 24
ال) وحكم وقياس مضبوط وقسمة حمدودة وقوة بالغة وتدبي حمكم يف وقت معلوم ومكان حمدود مكتوب ذلك يف اللوح قبل وقوعه وقال تعاىل: { و كل ص غ ير و ك ب ير م س ت طر{ أي: وكل صغي وكبي من اخللق وأعماهلم وآجاهلم مكتوب يف اللوح احملروظ من الشياطني ومن الزيادة فيه والنقصان. صلى اهلل عليه وسلم قال: السموات واألرض بخمسين ألف عام(( يؤمن عبد حتى يؤمن بأربعة: وروي أنه ))كتب اهلل مقادير الخالئق كلها قبل أن يخلق يشهد أن ال إله وقال صلى اهلل عليه وسلم: ( إال اهلل وأني رسول اهلل بعثني بالحق ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر خيره وشره((. )فالطاعة( وهي: ما يثاب به )بقضاء اهلل تعالى وقدره في األزل( أي: القدم )وإرادته وأمره ورضاه( وحمبته وتوفيقه وختليقه. قال بعضهم: "القضاء": إرادته األزلية اسفتعلقة باألشياء على ما هي عليه. إجياده إياها على ما يطابق العلم. البناء "فالقضاء" مبنزلة األساس و"القدر" و"القدر": مبنزلة والقضاء مبنزلة آلة الكيل والقدر مبنزلة اسفكيل والقضاء مبنزلة ما أعد اللبس والقدر مبنزلة اللبس والقضاء مبنزلة تصوير النقاش الصورة يف ذهنه والقدر مبنزلة رمسها. وقدره وإرادته( بأمره وال برضاه( أي: )والعصيان( )في األزل( مشيئته وال مبحبته وال بتوفيقه. وهو ما يعاقب عليه أي: )بقضاء اهلل تعالى القدم وختليقه وخذالنه )وليس واعلم أن "مدلول األمر" غي "مدلول اإلرادة" فقد ينرك "األمر" عن "اإلرادة" كما إذا قتل ابن احلاكم رجال عمدا فإن احلاكم يأمره بقتل ابنه وال يكون مريدا له ومعىن "الرضا" قبول الشيء واإلثابة عليه أو ترك 25
ف} "المباحات" وأما التعذيب عليه. أنه يوجد أراد وجوده سواء أمر به أو مل يأمر. فليست بأمره تعاىل فكل ما علم اهلل تعاىل مث اعلم أن الكافر مأمور بالعمل كما هو مأمور باإلميان وهذا عند الشافعية خالفا للحنري حيث قال: إن الكافر ال يكون مأمورا بالعمل بل هو مأمور باإلميان ودليله قوله تعاىل: }يا أيها الناس اتقوا{ بناء على أن ترسي هذه اآلية عنده : يا أيها اسفؤمنون أطيعوا ويا أيها الكافرون آمنوا ويا أيها اسفنافقون أخلصوا فإن الناس على ثالثة أصناف: إيمانه": جاحد في كفره": في نفاقه": يثابون( "مؤمن مخلص في وهو الذي يقر باللسان ويصدق باجلنان ويعمل باألركان. وهو الذي مل يقر بلسانه ومل يؤمن بقلبه. و"كافر و"منافق مداهن وهو الذي أقر بلسانه ومل يؤمن بقلبه وداهن مع اسفؤمنون على الطاعة على العصيان )ويعاقبون( أي: ذلك( )وكل )وهم الثواب والعقاب )بوعده تعالى( يف الطاعة )ووعيده( يف العصيان قال تعاىل: أ م ا م ن طغ ى. و آث ر ال حياة الد ن يا. ف إ ن ال ج ح يم ه ي ال م أ و ى. و أ م ا م ن خاف م ق ام ر ب ه } أي: قيامه بني يدي ربه }و نهى الن ف س ع ن ال ه وى. ف إ ن ال ج ن ة ه ي ال م أ وى{. )مسألة(: القسمة بأن جيعل أجزاء اإلميان )إذا قيل قيل لك: )أم ال ( آإليمان( قوله: أي: - آإلميان )يتجزأ( أصله - مبد اهلمزة - هبمزتني - فقلبت الثانية ألرا فتمد مدا الزما. يقبل أي: إذ أصله: )فالجواب( أن تقول: )اإليمان ال يتجزأ ألنه( أي: اإلميان )نور في القلب والعق ل والرو ح من بني آدم إذ هو( أي: اإلميان )هداية اهلل تعالى 26
اسفؤمن أي: عليه( جحد أي: )فمن أنكر( من كون أي: )شيئا منها( اإلميان هداية اهلل تعاىل )فقد كفر(. )مسألة(: )إذا قيل لك: ما المراد باإليمان ( الذي هو نور وهداية من اهلل تعاىل. )فالجواب( أن تقول: ( إلا" يمان" عبارة عن "التوحيد"( وحد "التوحيد" عند "علماء الكالم": إفراد اسفعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدته ذاتا وصرات وأفعاال ويقال أيضا : هو اعتقاد ما جيب هلل ورسله وما جيوز وما يستحيل. وأما عند "أهل التصوف": فهو أن ال ي رى إال اهلل تعاىل مبعىن أن كل فعل وحركة وسكون واقع ذلك يف الكون فمن اهلل تعاىل وحده ال شريك له ال يرون لغيه تعاىل فعال أصال. وقد يراد باإلميان عالمته كقوله صلى اهلل عليه وسلم لقوم من العرب قدموا عليه صلى اهلل عليه وسلم: ))أتدرون ما اإليمان باهلل تعالى وحده (( صلى اهلل عليه وسلم: فقالوا: اهلل ورسوله أعلم فقال ))شهادة أن ال إله إال اهلل وأن محمدا رسول اهلل وإقام الصالة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا من المغنم الخمس((. )مسألة(: )إذا قيل لك: يف أي: )والصوم( اخلمس أي: الصالة( رمضان )والزكاة( أي: لألموال واألبدان )وحب المالئك ة وحب الكتب ) أي : السماوية اليت أنزهلا اهلل على بعض الرسل )وحب الرسل( واألنبياء عليهم الصالة والسالم القد ر )وحب خي ره وش ره من ا هلل تعالى وغير ذلك 27
ال) من األمر والنهي واتباع سنة النبي صلى اهلل عليه وسلم أهو( )من اإليمان( أي: من حقيقته وأصله )أم ال (. اسفذكور أي: )فالجواب( أي: ) أن تقول: إن ذلك ليس من حقيقة اإلميان وأصله بل هو فرع اإلميان )ألن اإليمان عبارة عن التوحيد( كما تقدم )وما سوى ذلك( أي: اسفذكور )شرط من شرائط اإليمان( وشعبة من شعب اإلميان ألن من شرط صحة اإلميان حب اهلل ومالئكته وأنبيائه وأوليائه وخوف عذاب اهلل وهم الكرار. ورجاء رمحة اهلل وأما الصالة والصوم والزكاة واحلج فهي وتعظيم أمر اهلل وهنيه وبغض أعداء اهلل "شرط كمال" على اسفختار عند أهل السنة فمن تركها واعتقد وجوهبا عليه أو ترك واحدا منها كذلك فهو مؤمن كامل يف جريان أحكام اسفؤمنني يف الدنيا واآلخرة ألن مرجعه إىل اجلنة وإن دخل النار إن مل ينل شراعة من أحد الشافعني أو غررانا من اهلل تعاىل وهو مؤمن ناقص من جهة ضعف اإلميان لرتكه لبعض اسفأمورات وإن تركها معاندا للشرع أو شاكا يف وجوهبا فهو كافر إمجاعا وكذا إن ترك واحدا منهاكذلك ألهنا معلومة من أدلة الدين بالضرورة. واعلم أن أمور الدين أربعة: أولها: صحة العقد : بأن تعتقد اعتقادا صحيحا خاليا عن الرتديد والشبه من ضالالت أهل األهواء. وثانيها: صدق القصد: بأن تكون صادقا يف قصدك لقوله صلى اهلل عليه وسلم: األعمال بالنيات((. وثالثها: الوفاء بالعهد: ))إنما فإذا عاهدت عهدا تري به لئال يكون فيك خصلة من النراق ألن من خصال اسفنافق إذا عاهد غدر. ورابعها: اجتناب احلد بأن جتتنب اسفعاصيكلها. 28
)تنبيه(: فلو قيل لك: "الكفر" يكون "بقضاء" اهلل تعاىل و"قدره" و"الرضا" بالقضاء والقدر واجب والرضا بالكرر كرر فكيف اجتماع الواجب والكرر. قلت: "الكفر" مقضي ومقدور ال "قضاء وقدر" والرضا إمنا جيب بالقضاء والقدر دون اسفقضي واسفقدور. وأيضا الشيء اسفخالف للشرع يكرهه العبد من حيث ذاته وأما من حيث كونه مقضيا فيضى به مبعىن ال يعرتض على مراد اهلل تعاىل فيه وال يكلف العبد مبحبته ولو من حيث أنه مقضي وإمنا هو مكلف برتك االعرتاض على اهلل واعتقاد احلكمة على ذلك والعدل على اهلل. )مسألة(: )إذا قيل لك: اإليمان بصفة الطهارة أم ال ( )فالجواب( أن نقول: )اإليمان( متلبس )بصفة الطهارة ) فيصح به مجيع األعمال )والكفر بصفة الحد ث( أو بصرة النجس كما قال تعاىل: }إ ن م ا ال م ش ر كون ن جس{ أي: يف اعتقادهم دون أبداهنم )وينتقض( أي : يبطل )به( أي: الكرر )جميع الجوارح( أي: األعمال اليت يعملها بأعضائه لو أسلم الكافر لكن أثيب على ما فعله من القرب اليت ال حتتاج إىل نية كصدقة وصلة وعتق وحنكم بالصحة من حينئذ كما نقله الونائي عن النووي ودليل ذلك قوله تعاىل: }وم ن ي ك ف ر ب اإل يم ان فق د ح ب ط ع مله و هو ف ي اآل خ ر ة م ن ال خ اس ر ين } أي: ومن يرتد عن اإلميان فقد بطل عمله الصاحل قبل ذلك فال يعتد به وال يثاب عليه ولو عاد إىل اإلسالم وهو يف اآلخرة من اخلاسرين إذا مات على الكرر واسفعىن: وهي: التوحيد شهادة أن ال إله إال اهلل ومن يكرر بكلمة فقد فسد عمله الصاحل. أما من 29
أسلم قبل اسفوت فإن ثوابه يرسد دون عمله فال جيب عليه إعادة حج قد فعله وال صالة قد صالها قبل الردة. )مسألة(: )إذا قيل لك: اإليمان مخلوق أو غير مخلوق ( )فالجواب( أن تقول: )اإليمان هداية من اهلل تعالى والتصديق بالقلب بما جاء به النبي صلى اهلل عليه وسلم من عند اهلل تعالى واإلقرار( بالشهادتني )باللسان. "فالهداية" صنع الرب وهو قديم. و"التصديق" و"اإلقرار"( كل منهما )فعل العبد وهو محدث( برتح الدال أي: م جدو بعد العدم )وكل ما جاء من القديم يكون قديما ( غي خملوق )وكل ما جاء من الم حدث يكون محدثا ( وقال الشيخ أبو معني النسري: ال يقال إن اإلميان خملوق أو غي خملوق بل يقال: إن اإلميان من العبد اإلقرار باللسان والتصديق بالقلب ومن اهلل تعاىل اهلداية والتوفيق. وقال بعضهم: ال جيوز أن يكون اإلميان امسا للهداية والتوفيق وإن كان ال يوجد إال هبما ألن العبد مأمور به واألمر إمنا يكون فيما هو داخل حتت قدرة العبد وما كان كذلك يكون خملوقا وقال الباجوري: الصواب أن اإلميان خملوق ألنه إما تصديق باجلنان أو هو مع اإلقرار باللسان وكل منهما خملوق وما يقال من إنه قدمي باعتبار اهلداية خروج عن حقيقة اإلميان على أن اهلداية حادثة نعم إن نظرنا إىل أن اإلميان بالقضاء األزيل صح أن يقال إنه قدمي اه. وقال حممد اخلليلي نقال عن الشمس الرملي و"اإلميان" عند مجهور احملققني: تصديق القلب مبا علم ضرورة جميء الرسول صلى اهلل عليه وسلم به من عند اهلل تعاىل وأما اإلقرار باللسان فإمنا هو شرط إلجراء األحكام يف الدنيا. وقيل: إنه اإلقرار والتصديق معا. وقيل: إنه اإلقرار 31
واألعمال. وعلى كل قول منها هو خملوق ألنه فعل العبد اسفخلوق لقوله تعاىل: }واهلل خلقك م وما ت عملون{. وأما قول أيب الليث السمرقندي يف جواب: "إنه مخلوق أو: ال": اإلميان إقرار وهداية فاإلقرار صنع العبد وهو خملوق واهلداية صنع الرب وهو غي خملوق فري ذلك تسمح ألن هداية اهلل تعاىل للعبد سبب اإلميان ال جزء منه واسفسؤول عنه نرس اإلميان ال هو وسببه معا واهلل أعلم. وصلى اهلل على سيدنا حممد وآله وصحبه وسلم واحلمد هلل رب العاسفني. 31