شباب المملكة العربية السعودية ومشكلاته: صالح بن محمد الصغي ر الواقع والدوافع المشكلة وا هميتها: كشفت الا حداث التي تجري في المجتمع السعودي عن ظهور ا نماط سلوكية غريبة عن هذا المجتمع بثقافته التقليدية الراسخة من ذلك على سبيل المثال تعاطى بعض الشباب المخدرات والتسكع في الا ماكن العامة ا وتبنى بعض الا فكار المتطرفة والميل ا لى العنف. وتقودنا هذه المو شرات الا ولية المشار ا ليها ا لى الاهتمام بدراسة واقع مشكلات الشباب السعودي بوجه عام وتحديد احتياجات التي يكون في تلبيتها مواجهة تلك المشكلات وذلك لكي يتسنى استدماج هو لاء الشباب في المجتمع كشريحة تتميز بالنشاط والحيوية. حيث ترجع ا همية الاهتمام دراسة واقع مشكلات الشباب وحاجاتهم وطموحهم ا لى ا سباب عديدة منها: ١- ا ن الشباب يمثلون ا مل الا مة ومستقبلها وهم رجال الغد الذين سيحملون مسي ولية النهوض بالوطن في شتى الميادين ولذلك فا ن تنشي تهم تنشي ة سليمة تسهم في ا عدادهم لتحمل تلك المسي ولية. ٢- يمثل ا فراد هذه الشريحة العمرية نسبة عالية من بين جملة عدد السكان الا مر الذي يستدعي تكثيف ا نشطة وبرامج الرعاية التي توجه لهم لمواجهة واقعهم. ٣- ا ن هو لاء الشباب يعيشون في عالم يتغير بسرعة شديدة وتتلاش فيه الحدود بين المجتمعات مما يجلعهم معرضين للتيارات الثقافية الواقعة من الخارج ويضعهم في مجالات التا ثر بتلك الثقافات في شتى وجوهها. فالشباب السعودي الذين يشكلون الغالبية العظمى من المجتمع السعودي وبالتالي يجب ا ن يكون لهم دور متعاظم وفاعل في كافة مناحي الحياة في المملكة تنسجم مع ما يشكلونه من السكان. ويمكن النظر لهذا القطاع الاجتماعي تحديدا في عصر الحركة والتغير والتنمية بحيث لا يمكن با ي حال الحديث عن التنمية دون الا خذ بعين الاعتبار تطور هذا القطاع ومدى تلبية حاجاته المختلفة والمتعددة والمتزايدة. ١
والشباب في المملكة العربية السعودية كا قرانهم في دول الخليج والعالم العربي يعانون من ا وضاع ومشكلات مختلفة تحول دون تحقيق طموحاتهم ولعب الدور الما مول منهم. وقد تكون هذه المشكلات والتحديات داخلية ا و خارجية في جوانب الحياة العامة المجتمعية خاصة والتي تتطلب ا ن يكونوا مستعدين لها وقادرين على مواجهة مواقفها بحكمة وتمكن وا نجاز وصولا ا لى تنمية حقيقة لهذا القطاع الهام ومشاركة فاعلة له في تنمية قدراته ومجتمعه الذي يعيش به. وعندما يطرح موضوع الشباب والعمل الشبابي فا ن المترادفات الواردة ذكرها ا نفا تتبادر ا لى الذهن. حيث ا ن الشباب يوصفون داي ما بالحركة والمبادرة والا بداع والتغير. وكل هذا يعكس جوانب جدلية بين رو ية لدور الشباب ومنهجية العمل الشبابي والعلاقة بين الشباب والقضايا المجتمعية والاجتماعية. ا ذ ا ن الشباب هم ا فراد في المجتمع يشكلون جزءا هاما وا ساسيا من المجتمع والحركة الاجتماعية بشكل عام. وفي المملكة يكون دور الشباب ذا مغزى وعلى درجة من العمق. حيث يشكل الشباب السواد الا عظم من المجتمع السعودي الذي يوصف ا نه مجتمع فتي وبالتالي فا ن الدور والفاعلية الاجتماعية ستكون ا كثر وضوحا وتا ثيرا في الجوانب الاجتماعية المتعددة من نمط المجتمع والتفاعل المجتمعي داخل المجتمع السعودي. ومن هنا تهدف الدراسة الحالية لمعرفة الواقع الاجتماعي للشباب في المملكة العربية السعودية ومشكلاته وتبين الحاجات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المختلفة للشباب ومن ثم استكشاف الطرق والوساي ل من ا جل تطويره وتنميته. وسوف تركز الدراسة الحالية على الا سي لة التالية: ١- ما هي المشكلات التي يعاني منها الشباب ٢- ما هي الا سباب الكامنة وراء كل مشكلة من هذه المشكلات ٣- ما هو وجه الارتباط بين هذه الحاجات والمشكلات المختلفة ٤- ما هو النموذج الا مثل لتلبية حاجات الشباب وحل مشكلاتهم ٥- ما هي العلاقة بين الشباب والتدين من خلال: ا ماهية المو سسات الدينية المو ثرة في توجيه الشباب ب- الخطاب الديني الموجه للشباب : مضامينة وا ثاره. ج_ المنظمات الشبابية المهتمه بالتوجهات الدينية. ٢
مدخل نظري: تتحدد الفي ة العمرية للشباب في ا دبيات بحوث الشباب ما بين السادسة عشر والرابعة والعشرين. وتتميز هذه الفي ة العمرية بثقافتها الفرعية التي تكون مناوي ة للثقافة العامة الساي دة لما لدى الشباب من سمات ثقافية ونفسية وبيولوجية مثل الحماس والاندفاع والرغبة في التجديد والتمرد على السلطة التقليدية وخاصة السلطة الوالدية. في هذا الا طار لفهمنا للشباب تتمدد استراتيجية علاج مشكلاته وتفهم الاحتياجات التي يسعون ا لى تلبيتها. ومن المفيد بوجه عام ا ن ننظر ا لى احتياجات الشباب وتحديدها في ا طار ا ين وكيف يعيش هو لاء الشباب. كما علينا ا ن ندرك ا نهم وا ن كانوا يشتركون في سمات ثقافية خاصة بهم ا لا ا ن كل واحد منهم يختلف عن الا خرين لما له من تطلعات ورغبات خاصة به وحده. ولكننا بطبيعة الحال نهتم بالقواسم المشتركة بين الشباب لوضع حلول عامة لمشكلاتهم. وتجدر الا شارة ا لى ا ن تحديد احتياجات الشباب في ا طار المجتمع المحلي الذي يعيشون فيه يرجع ا لى تا ثيرها بما في ذلك المجتمع من جماعات ا سرية وجماعات ا صدقاء ومو سسات اجتماعية ا خرى ثقافية واجتماعية تلعب دورا مهما في صوغ تصورات الشباب وثقافتهم. فالشباب يتا ثرون با قرانهم فيما يتصل ببعض السمات الثقافية كالزي والتذوق الفنى وا ساليب تمضية وقت الفراغ ولكنهم يتا ثرون بصورة ا عمق بالوالدين وكبار السن في الا سرة عندما يخططون لمستقبلهم والمواجهة مشكلاتهم. ومن ناحية ا خرى يتميز كل مجتمع محلى بثقافة فريدة تراكمت عبر السنين داخل ذلك المجتمع بسبب بعض العوامل الايكولوجية والتاريخية وربما السياسية. وهذه الثقافة المتميزة تجعل لكل جماعة من جماعات الشباب في المجتمعات المختلفة نمطا ثقافيا خاصا بها. وتبعا لذلك تتغير البرامج الموجهة لمعالجة مشكلات الشباب من مجتمع ا لى ا خر فليس هناك برنامج نمطي يقبل التطبيق على كل المجتمعات المحلية. تحديد مشكلات الشباب: ا ن كل مجتمع من المجتمعات المحلية لديه مجموعة من المعايير والتوفقات الثقافية التي تتشكل في ا طارها ا هداف الشباب وتطلعاتهم بل وشخصياتهم ذلك ا ن كل مجتمع محلي يرسم الحدود التي لا ينبغي ا ن يتخطاها الشباب عندما يتصورون ا دوارهم ومكاناتهم في ٣
المجتمع. ويلعب المجتمع المحلي دورا مهما في تا سيس نسق من القناعات لدى الشباب فيما يتعلق بعالمهم الاجتماعي ومكانهم الحالي والمستقبلي فيه. وعلى ذلك فا ن دراسة مشكلات الشباب ينبغي ا ن تا خذ في الحسبان الا طر التي يرسمها المجتمع لا عضاي ه ونتاي ج ما يترتب على ما لدى الشباب من تطلعات لا يمكن بلوغها. وتبدا الدراسة بتحديد الملامح العامة المشكلات الشباب فهناك مشكلات تتعلق با خفاقهم في تحقيق ا نجازات في مجال التعليم وا خرى خاصة با نماط معينة من السلوك الانحرافي الذي يشيع بينهم وثالثة تتعلق با نساق القيم الاغترابية التي ا كتسبوها. وقد يعاني الشباب من كل هذه المشكلات معا. تحديد احتياجات الشباب: ا ن ا قدر الناس على تحديد احتياجات الشباب هم الشباب ا نفسهم حيث ا ن تدخل الكبار في وضع قاي مة هذه الاحتياجات فيه نوع من التعسف والوصاية التي قد يرفضها الشباب. وتتوقف تلبية احتياجات الشباب على عنصرين مهمين وهما: ا ن تتولى مو سسات بعينها تلبية هذه الاحتياجات وا ن يشعر الشباب بجدية هذه المو سسات في العناية به وتلبية احتياجاته. والحقيقة ا ن جانبا كبيرا من مشكلات الشباب يرجع ا لى تراض المو سسات الاجتماعية في استيعاب طاقة هو لاء الا فراد وعدم ا تاحة الفرصة لهم للمشاركة في ا ي برامج ذات قيمة تعبر عن هويتهم ورغبتهم في تحقيق ذواتهم. وقد يرى البعض ا ن توفي فرص العمل للشباب كفيل با ن يقضى على مشكلاتهم ولكن هذا الحل ربما كان من العسير اللجوء ا ليه في ظل معطيات الواقع الاقتصادي ولذلك يظل خلق مجالات لا نشطة الشباب الا سلوب الا مثل لمواجهة مشكلاتهم. نموذج لبرنامج مواجهة مشكلات الشباب وتلبية احتياجاتهم : ا شرنا ا لى ا ن وضع نموذج واحد لمواجهة مشكلات الشباب وتلبية احتياجاتهم ا مر يتنافى مع تنوع المجتمعات المحلية وتعددها ولذلك يجب ا ن يكون هناك نموذج لكل مجتمع محلي على حدة حيث ا ن ما يصلح لمجتمع معين قد لا يصلح لمجتمع ا خر. وتبدا صياغة النموذج بتحديد نوع المشكلات وتقسيمها ا لى مشكلات يكون الشباب ا نفسهم هم المسو ولين عنها ومشكلات لا يسا لون عن وجودها. فهناك فرق بين عزوف ٤
الشباب عن العمل في مجالات معينة للنشاط الاقتصادي وعدم توفر فرص العمل على الا طلاق فالمشكلة في الحالة الا ولى سببها الشباب ا ما في الحالة الثانية لا بد لهم وبعد ا ن نحدد ا نواع المشكلات يجب معرفة تصورات الشباب عن الحلول الخاصة بها وتقسيم جهود حل المشكلات ا لى قسمين ا ساسيين : واحد يقع على عاتق المجتمع وا خر يقع على عاتق الشباب ا نفسهم والا ول هو ما يمثل الاحتياجات التي على المجتمع ا ن يوفرها لتيسير حل مشكلات الشباب. وهكذا يقع جانب مهم من حل مشكلات الشباب على عاتق الشباب ا نفسهم وتقديم حلول جاهزة لهم مدعمة بالمساعدات لمن يكو ن لديهم شعورا بذواتهم ويزيد من اتكالهم على المجتمع بل وربما يعمق من المشكلات التي يواجهونها ا و يخلقونها. ومن ا برز برامج معالجة مشكلات الشباب تلك التي تجعل منهم متطوعين لتقديم المساعدة ا لى الغير ولو كان هذا في مقابل مادي مثل المشاركة في برامج محو الا مية في المجتمع المحلي ا و برامج رعاية المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة وحماية البيي ة ومواردها وغير ذلك من البرامج التي تحتاج ا لى كثير من الا يدي العاملة. وا خيرا يمكن تصنيف حاجات الشباب في ارتباطها بالمشكلات التي يعانون منها ا لى ما يا تي : ١- حاجات اقتصادية : تعد الحاجات الاقتصادية في مجتمع يتميز بالثراء النسبي من الحاجات الا ساسية. وتا تي الحاجة ا لى العمل في مقدمة الحاجات الاقتصادية وخاصة بالنسبة للمتعلمين من ا بناء الطبقة الدنيا في المجتمع ذلك ا ن التعليم لا زال هو القناعة المشروعة للحصول على وظيفة مناسبة وفقدان علاقة الارتباط بين هذه المتغيرين يو دي ا لى كثير من المشكلات. فقد لا يفهم الشباب كيف لا يجد عمل في مجتمع يعج بالعاملين الا جانب. ولهذا يجب تحديد حجم فرص العمل المتاحة ومدى تا هيل الشباب لشغلها والقيام بتغيير اتجاهاتهم نحو الا عمال التي يا لفون منها كالعمل اليدوي والحرفي. ومن الحاجات الاقتصادية ا يضا حاجة الشباب لاقتناء السلع التي تعمل كرموز للمكانة الاجتماعية وفي مقدمتها الا نماط الشهيرة من السيارات وهي تمثل ا هداف ثقافية يستمدها الشباب من ثقافة المجتمع ولكن ربما لا تتوفر لديهم الوساي ل الاقتصادية المشروعة لتحقيقها. ٥
الحاجات الاجتماعية : يعد الزواج وتكوين ا سرة في المجتمع التقليدي المحافظ في مقدمة الحاجات الاجتماعية ذلك ا نه السبيل المشروع الوحيد لا شباع الغراي ز الفطرية لفي ة الشباب ويعوق تلبية هذه الحاجة كثير من التعقيدات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشباب. -٢ حاجات ثقافية : تتغير ثقافة المجتمع تبعا للتغيرات الثقافية العالمية وبمقدار انفتاح المجتمع على العالم. ويحتاج الشباب ا لى تغيير قيمهم واتجاهاتهم نحو ا نواع معينة من العالم ونمو الاعتماد على الا سرة في تلبية حاجاتهم الا ساسية ولكي يتزايد وعيهم با همية المشاركة في شي ون المجتمع وا نشطته العامة. وتعد قيم الحوار مع الغير من ا هم القيم الثقافية التي يجب غرسها في الشباب ليتسنى لهم التعبير عن مشكلاتهم واقتراح الحلول لها ولكي يتا كد انتماي هم ا لى مجتمعهم وا لى رموزه السياسية والفكرية. وعلى ذلك فا ننا مطالبون با عادة صوغ ثقافتنا التقليدية بشكل يحافظ على هويتنا العربية الا سلامية الا صلية وا ن تتاح للشباب فرصة الانفتاح على تقنيات الثقافة الغربية. حاجات نفسية : ويا تي في طليعتها حاجة الشباب للشعور بالاستقلال وخاصة هم يتطلعون ا لى النموذج الغربي ويرغبون في التخلص من السلطة الا بوية والقيود المجتمعية. ويجب ا ن نقدم لهم هذا الاستقلال في الا طار الذي لا يتصادم مع تقاليدنا وقيمنا الا سلامية. -٣-٤ الا طار المنهجي للدراسة : تعد هذه الدراسة من الدراسات التشخيصية حيث تحاول التعرف على مشكلات الشباب وا سبابها والحاجات المختلفة للشباب والتي يكون في تلبيتها علاجا وحلا لمثل تلك المشكلات. وعلى ذلك تعتمد الدراسة على المنهج التحليلي لرصد مشكلات الشباب كمتغيرات تابعة والكشف عن ا سبابها التي تعد متغيرات مستقلة مع ربطها بحاجات الشباب التي يكون في تلبيتها علاج لتلك المشكلات. ٦
وتجمع الدراسة بين المسح الاجتماعي ودراسة الحالة كطريقين من طرق البحث حيث ا ن الطريقة الا ولى توفر معلومات تفصيلية عن ا نواع المشكلات التي يعاني منها الشباب والثانية توفر معلومات متعمقة عن كل نوع من ا نواع المشكلات والا سباب المرتبطة به مع التركيز على خصوصية المشكلات في حالة اقتصار وجودها على مجتمع محلي دون غيره. وبناء على ذلك تعتمد الدراسة على الاستبيان والمقابلات المتعمقة التي تجرى اعتمادا على دليل للمقابلة في سبر غور المشكلات بعد تحديد الملامح العامة لها ثم مناقتشها مع الشباب لربطها باحتياجاتهم و واقعهم. وتتكون عينة الدراسة من ١٠٠٠ من الشباب في الفي ة العمرية من ١٦-٢٤ سنة يتم سحبها من ا ربعة مجتمعات محلية متباينة في ثقافاتهم المحلية وموزعة على الا حياء المختلفة لتلك المجتمعات مع الاهتمام بوجه خاص بالجماعات الهامشية والا حياء الفقيرة. ٧