الملخ ص : جملة دراسات يف الل غة العربية وآداهبا نصف سنوي ة دولي ة حم كمة السنة التاسعة العدد الثامن و العشرون خريف وشتاء 1397 ه. ش/ 2019 م صص -107 128 انزياحات الحذف في مجموعة محمود درويش "كزهر الل وز أو أبعد" دراسة داللي ة مصطفى منر * وبش ار علي معطية ** يتتب ع هذا البحث ظاهرة انزياحات احلذف يف جمموعة حممود درويش "كزهر اللوز أو أبعد" بوصفها عنصرا فاعال من عناصر االنزياح ال ت كييب يف الن ص الش عري ساعيا إىل رصد أشكال من احلذف يف جمموعته هبدف الوقوف عند مجالي ااها ودالالاها الفني ة. وي ع ع ى البحث برراءة دالالت احلذف من ههت ن األوىل: تتعل ق مبستويات الن حو والبالغة والص وت والثانية: تتعل ق باملستوى الش كلي اخلط ي فيسود الن ص ي الن ص اختفاء عالمات بصري ة ما ميكن تسميته ب "االنزياح الكتايب البصري " أو "الش كل الكتايب للحذف" وهو يكثر يف الش عر املعاصر )شعر الت فعيلة وقصيدة الن ثر( ويتمث ل بالن راط ال يت يضعها الش اعر وجبدلي ة البياض والس واد وباالمتداد الكتايب... وسوى ذلك. ويف األوىل ما يرع على مستوى احلرف أو على مستوى الكلمة املفردة ويكون ال ت كيز هنا على حركة املرك ب الن حوي يف احلذف على املستوى األفري وتراطعات ذلك مع املستوى الرأسي حيث انفتا ع ح الد اللة بإشعاعات تثري الرراءة من خالل عناصر أسلوبية داللي ة تتحر ق عند الت لر ي من أمه ها املفاهأة واإلدهاش ويف الث انية ما يتعل ق برؤية الش اعر اخلاص ة فيوظ ف احلذف على حنو حير ق به شاعري ة اخلطاب ليخرهه من ال ت اكيب العادي ة املألوفة إىل تراكيب أكثر فاعلي ة إذ تنزاح فتثري املتلر ي للبحث عن العنصر الغائب اعتمادا على قرائن وسياقات وهنا تبدو شاعري ة اخلطاب الش عري. فمن أهم أهداف هذا البحث قراءة دالالت احلذف يف املستوى ال ت كييب قراءة خمصوصة واخلوض يف اكتناه خفاياه يف لغة حممود درويش إذ جند أن الل غة الش عري ة تبوح بأسرارها وترول ما مل ترله الل غة املعياري ة فهو يضع الرارئ أمام مساءلة لغوي ة وفكري ة وهذه أوىل مهام الن ص الش عري احلديث واملعاصر. كلمات مفتاحي ة: احلذف االنزياح الد اللة. DOI:10.22075/lasem.0.621.3856 - * مدر س يف قسم الل غة العربي ة جبامعة تشرين الال ذقي ة سورية. هاتف: 0933851619. ** -طالب ماهستري يف قسم الل غةالعربي ةجبامعةتشرين الال ذقي ة سورية.)الكاتباملسؤول(اإلمييل: bashar.19833@hotmail.com تاريخ الوصول: 1394/09/30 ه.ش= 2015/12/21 م تاريخ الربول: 1395/04/01 ه.ش= 2016/06/21 م
108 انزياحات الحذف في مجموعة محمود درويش... - مصطفى منر و بش ار علي معطية المقد مة: تشتغل الل غة يف هذا املستوى ال ت كييب "احلذف" من م د خ ل احملور األفري لل ت اكيب الش عري ة ولم ا كانت غاية املبدع إظهار دالالت شعري ة ثر ة يف لغته وإضفاء مسااها األسلوبي ة هبدف حتريق اإلثارة واملتعة الفني ة يف نص ه األديب فإن تلك "الل غة تتحو ل لكي تعطي للكالم معى" (1) وهذا الت حول هو ما حير ق بالغة ال ت كيب الش عري وإعادة هندسته على مستوى أعلى ألن احلذف ذا املواضعات الش عري ة ي ع ع ى هبدم الل غة العادي ة إلعادة بناء لغة أخرى مغايرة. وميكن لنا بداءة قبل الولوج إىل الرراءة الن صي ة للحذف أن نتوق ف عند املفهوم االصطالحي لالنزياح ال تكييب ال ذي ينضوي حتته احلذف. فاالنزيا ع ح ال ت كييب : هو خمالفة ال ت اتبي ة املألوفة لنظام اجلملة املعياري ة إذ يرع يف احملور ال ت اصفي لبنية الن ص فعلى املستوى األفري يتمظهر الت ردمي والت أخري واحلذف واالع تاض... وسوى ذلك من املخالفات ال يت تفتح الد اللة يف سياق خاص من الن ص الش عري. ويبدو أ ن احلذف ال ذي حنن بصدد قراءته يف اجملموعة الش عري ة يشك ل عامال مهم ا من عوامل هذا االنزياح ألن ه "غياب لعنصر داخل اجلملة إال أن (2) هذا العنصر تستلزمه نفس اجلملة وتستدعيه" استنادا إىل الس ياق أو املرام ال ذي ميث ل عالقات احلضور والغياب واالنزياح يف هذا املستوى ال عحيدث أثرا مجالي ا يف إطار البنية الظ اهري ة للجملة وإمن ا ترصد احلركة الفاعلة لالنزياحات ح ن جياوز الت حليل الت فكيك والت جزئة إىل الت أسيس والبناء وتزداد درهة االنزياح البالغي ة ح ن تتناسب الط اقة اإلحيائي ة لالنزياح ال ت كييب طردا مع مسافة الت وتر ال يت حتدثها حركة االنزياح املفاهئة يف البنية العميرة. (3) وقد عين البالغيون باألمناط اللغوية اليت خترج عن املألوف أو املغايرة "على حنو مع ن عن الرواعد واملعايري املثالي ة ال يت حتكم الل غة العادي ة" (4) كما أ ن م حد دوا سياقات احلذف ورأوا أ ن ا تنضوي حتت شرط ن هانكوهن بنية الل غة الش عري ة ص 109. - 3 المرجع نفسه ص 149. ينظر: تيسري سلمان هريكوس بالغة الص ورة في شعر عبد الوهاب البي اتي دراسة حتليلي ة مجالي ة أطروحة دكتوراه ص 157. - 4 عبد احلكيم راضي نظري ة الل غة في الن قد العرب ي ص 209.
جملة دراسات يف الل غة العربية وآداهبا السنة التاسعة العدد الثامن والعشرون 109 أساسي ن األو ل: وهود ما يدل على احملذوف من الررائن والث اين: وهود الس ياق ال ذي ي ته ح فيه احلذف على الذ كر. (1) ويبدو أن أهم ما ميي ز احلذف أن ه يستثري ذهن الرارئ لتردير احملذوف من البنية الس طحي ة فيعمل دون شعور منه على إجياد ات صال ومتاسك ب ن الغائب واحلاضر أو ب ن اخلفي واجللي ويرو ي هذا الت ردمي ما ذهب إليه اإلمام "عبد الراهر اجلرهاين " يف باب احلذف (2) فرد نظر اجلرهاين إىل احلذف ذي املالمح األدبي ة بوصفه بعدا مجالي ا إذ يربز أثره يف مستوى ال ت كيب فيغدو حماولة أسلوبي ة ترمي إىل الر قي بالن ص إىل مستوى تعبريي قادر على اخلروج عن مرتضيات األصل واالنزياح هبدف إثارة املتلر ي وشد انتباهه ف "احلذف الفين يف نظر عبد الراهر هو احلذف املتخري ال ذي تتجل ى الريمة الفني ة يف ختري ه عن طريق مرارنته بالذ كر ال ذي ال ينهض مبا يروم به يف سياقه اخلاص من وظائف فني ة خاص ة" (3). فال ت كيب املنزاح ال ذي ينتجه احلذف يعطي مراصد ودالالت هديدة ذات قيمة فني ة فاعلة رمب ا ال حير رها ال ت كيب الل غو ي مع الذ كر يف املرام ذاته وذلك يف تداخالت سياقي ة خاص ة من ألفاظ وتراكيب النص الش عري. أمهيةع البحث وأهدافعه ع : يرمي هذا البحث إىل بيان دالالت احلذف وأثره األسلويب الن اتج من أشكاله املختلفة يف جمموعة "كزهر الل وز أو أبعد" حماوال الكشف عن دالالت هذا املستوى من االنزياح إذ ميكن للرارئ أن يكتشف خصائص هديدة وانزياحات ال حمدودة للن ص الش عري لدى حممود درويش ومن ث سيكشف البحث عن األثر ال ذي ينهض به احلذف ح ن ي ع وض ع الرارئ يف مواههة مباشرة مع بواطن الرول الش عري ال ذي يضمر كثريا من الد الالت ال يت حتتمل الت أويل والت عد د من ههة والت نريب عن الكوامن اإلحيائي ة ال يت ال ميكن أن تنضب من ههة أخرى. منهجي ةع البحث: سيعتمد البح عث املنهج الوصفي مستندا إىل الت حليل األسلويب ال ذي يتيح تناول ظاهرة احلذف يف اجملموعة الش عري ة املختارة بوصفها انزياحا تركيبي ا ثري ا بالد الالت واإلحياءات. ينظر: حمم د عبد املطلب البالغة واألسلوبي ة ص 322 323. ينظر: عبد الراهر اجلرهاين دالئل اإلعجاز ص 146. - 3 حسن طبل المعنى في البالغة العربي ة ص 183.
110 انزياحات الحذف في مجموعة محمود درويش... - مصطفى منر و بش ار علي معطية أو ال : حذف األدوات والحروف: يت خذ الش اعر من حذف األداة واحلرف ظاهرة يت كئ عليها يف مواضع كثرية من نصوصه الش عري ة ومن ذلك حذف أداة الن داء )يا( وحذف فاء هواب الش رط وسنرى أن األو ل أغى من الث اين من ناحية الد اللة ال يت يشك لها والوظيفة ال يت يؤديها. لكن نود اإلشارة إىل أن هذا الن وع من احلذف هو أقل استخداما من أنواع احلذف األخرى يف اجملموعة الش عري ة. 1 حذف ياء الن داء: يثري حذف )يا( الن داء يف جمموعة الش اعر املرك ب ال ذي تعضمر فيه إذ تت جه الد اللة لالنفتاح على معان عميرة عخترج املركب إىل بؤرة أخرى تكتنز بالد الالت متتد إىل إيراظ الرارئ ودهشته مرك زا على املذكور بعد األداة ومن قصيدته "منفى )1( نار الثالثاء واجلو صاف " يرول: ولو أ ستط يع احلديث إىل شبح املوت يبدو أن املنافرة الد اللي ة خ ل ف س ي اج األض ال ي ا ل عرل ع ت: ع ولد نا معا توأ م ن أ خي أنت يا ق ات ل ي يا ع مهندس د ريب على هذه األرض... أم ي وأم ك فارم سالحك. (1) يف األسطر واضحة يؤك دها املوت ال ذي تعبعث منه احلياة والرو ة اجلامعة ب ن املوت واحلياة هي قو ة أزلي ة ال فاصل بينهما وتوظيفه للن داء )يا قاتلي يا مهندس دريب( عم ق الر بط اجلامع بينهما أضف إىل ذلك أن الن داء مع )يا( فيه إطالق ن ف س وتعبري عن الت أوه والتوه ع من فعل الراتل/ املوت داخل نفسه. ورمب ا يكون الن داء األو ل "أخي" إىل الراتل ال ذي هو األخ العريب وذلك يف إشارة إىل ختاذل العرب عن الوقوف إىل هانبه يف دفاعه عن قضي ته فاألخ صار عدو ا ويدعوه إىل رمي سالحه كما يدعوه إىل العدول عن الص مت والس كوت فهي مناداة لألخ ال ذي هو الراتل وهنا تربز املفارقة )أخو ة قتل( غري أن تردمي األخو ة على الرتل يف سياق احلذف هاء لزيادة وطأته وإيالمه إذ يريد ترريب املنصوح من نفسه ولكن ه يعم ق املفارقة أيضا فكيف لألخ أن يكون قاتال حممود درويش كزهر الل وز أو أبعد ص 108.
جملة دراسات يف الل غة العربية وآداهبا السنة التاسعة العدد الثامن والعشرون 111 وبرراءة مكث فة هلذا االنزياح ميكن الرول: إن ذكر أداة الن داء )يا( مع )يا قاتلي يا مهندس دريب( ألن ه أراد تعي ن ذلك املوت ومناداته فأراد الت شهري به وحذفها يف نداء )أخي( إشارة إىل الررب والت ود د وهو نوع من اهلمس لترريب املنادى منه وحماولة استعطافه. ويف قوله من الرصيدة عينها: ولو أستطيع احلديث إىل الر ب قل ع ت: إهلي إهلي! ملاذا ختل ي ت عين (1) ع حذفت أداة الن داء يف مرام خطاب الذ ات اإلهلي ة فربزت صرخة الش اعر وما تشي به من استغاثة حتمل أملا وتوه عا مستبطنا داخله يف إشارة إىل الت خلي عنه وعن قضي ته وحواره مع اهلل يعم ق احنرافه وانزياحه "ختل يت عين " وكل ذلك بتأثري الواقع املعيش حماوال يف قصيدته "منفى (1) " أن يبث شكواه وهذا احلذف ألداة الن داء شك ل نوعا من الررب واهلمس ب ن ذاته والذ ات اإلهلي ة يضاف إىل ذلك أن تكرار املنادى يظهر حالة املستغيث وحاهته إىل املستغاث به فالن داء يتصاعد من أعماق الذ ات املتحس رة أل ن ا أقرب ما تكون من اإلله عند الن طق بامسه مباشرة من غري أداة نداء ومن هنا فال حاهة لذكر األداة. 2 حذف الفاء من جواب الش رط: عحتذف فاء هواب الش رط يف مواضع تتطل ب حضورها يف سياق الش رط على املستوى الرواعدي الت جريد ي املعياري ولكن الش اعر يؤثر أحيانا حذفها األمر ال ذي هعلها ظاهرة بارزة يف خطابه الش عري ومن أمثلة ذلك قوله يف قصيدته "إن مشيت على شارع": إن م ش ي ت على شارع ال ي ع ؤ د ي إىل هاوية قعل ل م ن جيمعون الرمامة : شكرا! (2) والت ردير "إن مشيت... فرل" فحذف الفاء من هواب الش رط مع العلم أن هواب الش رط إن كان طلبي ا وهب اق تان الفاء به. غري أن درهة االنزياح ترل يف مثل تلك احلذوف واالنفتاح الن صي أقل امتدادا يف املستوى العميق هنا ميكن الرول: ليس كل حذف ميكن أن يعد انزياحا قياسا إىل الد اللة البالغي ة ال يت تتو لد من سياق احلذف اخلاص. وقوله أيضا : وبالكلمات وهد ع ت الط ريق إىل االسم أ ق ص ر...ال يفر ع ح الش عراء ع كثريا وإ ن المصدر نفسه ص 110. المصدر نفسه ص 23.
112 انزياحات الحذف في مجموعة محمود درويش... - مصطفى منر و بش ار علي معطية ف رحوا لن ي ع صد قهم أ ح د... (1) والت ردير "وإن فرحوا فلن.." فحذف فاء هواب الش رط على الر غم من أن البنية املعياري ة تتطل ب ذكرها بناء على الراعدة الن حوي ة. وميكن الرول: إن هذا الن وع من حذف احلروف أعين حذف فاء هواب الش رط رمب ا ال يرد م فائدة أسلوبي ة وداللي ة لذلك فإن درهة االنزياح البالغي ة تكاد تنعدم إىل درهة إذ ال تستثري خمي لة الرارئ غري أن هواب الش رط يأيت ويف أحاي ن كثرية جمر دا من الفاء يف الص فر (2) ح ن أن الراعدة الن حوي ة ترول بوهوب جميء اجلواب مر تنا بالفاء يف أماكن حتد دها الراعدة الن حوي ة وهذا يرهع إىل لغة الش اعر وقاموسه الش عري لكن نا آثرنا اإلشارة إىل هذا الن وع من حذف احلروف من باب تسليط الض وء على لغة الش اعر يف جمموعته وجتدر اإلشارة أيضا إىل نوع آخر من حذف احلروف وهو حذف الال م الواقعة يف هواب "لو" وهو من الظ واهر البارزة لدى الش اعر لكن هذا احلذفكسابره ال يؤد ي غايات فني ة تذكر. ثانيا : حذف المفردة )الكلمة الن صي ة( : تنفتح داللة البنية ال ت كيبي ة يف الس ياق اخلاص حلذف الكلمة فيظهر يف املستوى األفري تفتيق داليل فالبنية العميرة وراء الل غة ختفي عوامل متباينة حتض املتلر ي على ملء فراغات البنية فيتبد ى الرلق الن اهم عن انعتاق الد ال من مدلوله العريف فتغدو الد اللة الش عري ة خالرة للمعى حبكم حتو ل الد اللة من واقعها املعطى إىل واقع هديد يتول د عن الن ص ( 3 ). ومن أشكال حذف املفردة ما يكون يف اجلملة االمسي ة كحذف املبتدأ أو اخلرب وما يكون يف اجلملة الفعلي ة كحذف الفعل أو املفعول به وما يكون يف مكم الت اجلملة كحذف الن عت أو املنعوت مثال. 1 حذف المبتدأ )المسند إليه(: يرد حذف املبتدأ يف مواضع كثرية من جمموعة درويش ويت خذ هذا االنزياح دالالت خمتلفة من ذلك قوله: أعقل ع ب أحوال ق ل يب على ش ج ر اجلوز : خ ال 2-3 المصدر نفسه ص 45. -ينظر: هانكوهن بنية اللغة الشعرية ص 24. ينظر: تيسري سلمان هريكوس بالغة الص ورة في شعر عبد الوهاب البي اتي دراسة حتليلي ة مجالي ة ص 88 89.
جملة دراسات يف الل غة العربية وآداهبا السنة التاسعة العدد الثامن والعشرون 113 م ن الكهرباء ككوخ ص غ ري. (1) الش اعر يبحث عم ا يبعث احلب يف أرهاء قلبه وهو مسكون باملنفى ال رخرج منه إال إليه فيأيت الفعل "أقل ب" مربزا حالة من الرلق واالضطراب والص راع الن فسي فرلبه "كوخ صغري" وهذا ما يكشف عن مردار العزلة والوحدة فشأنه شأن الكوخ ح ن خل وه من الكهرباء فيصبح كئيبا وقد حذف املبتدأ وأبرى اخلرب على تردير "هو خال " وتنبع الغاية الفني ة هلذا احلذف من االهتمام اخلاص باخلرب إذ حذف املبتدأ وفاهأ الرارئ به وما دام الرلب يف حالة من الرلق واالضطراب فاملهم عنده هيئة ذاك الرلب وحالته ال يت يعيشها فهو "خال " من أي شعور يبعث على األمل أضف إىل ذلك أن ضمري الغائب )هو( يشعر بشيء غائب بعيد وهو عكس ما يريد ألن ه حباهة إىل اإلسراع يف استحضار حالة الرلب وإشراك املتلر ي وتوهيه اهتمامه بذلك فغي ب املبتدأ دومنا حاهة إىل ذكره خاص ة أن وضع الن رطت ن الر أسيت ن ):( ع ث جميء اخلرب مباشرة جيعل الرارئ يصطدم هبذا اخلرب ال ذي يشي حبالة الرلب ففي ذكر املبتدأ تفويت وإبطال للغاية ال يت أراد إيصاهلا. وقد عحيذف املبتدأ يف هواب االستفهام ومثاله من قصيدته "هي/ هو": ع هو : م ن ه ي األعنثى جم اعز األرض فينا م ن ع هو الذ ك ع ر الس ماء (2) أراد أن يرول: أهي جماز األرض أهو السماء فجاءت الن غمة الص اعدة لتشري إىل االستفهام واملبتدأ واخلرب احملذوف ن وتربز هنا صورة املرأة ومكانتها إذ جتل ى ذلك بوضوح يف ضمري اجلماعة "فينا" ودرويش مل جيعل الس لطة لألنثى وال للذ كر بل هعل العالقة بينهما متكاملة هنا استيحاء لألسطورة الردمية ال يت كانت فيها الس لطة للمرأة يف أساطري معي نة وللر هل يف أساطري أخرى وقد وظ ف "هي" لألرض و "هو" للس ماء لتكون الص لة بينهما كما هي ب ن املرأة والر هل فالس ماء ترمز إىل املطر ال ذي يبعث احلياة يف األرض لكن يبدو ميل درويش إىل إعطاء األولوي ة فيها لضمري الغائبة "هي" على "هو" الغائب كما يتب ن من قصيدته "هي/ هو" الرائمة على احلوار إذ املرأةع هي أصل احلياة والت جد د وبعدم ذكر املبتدأ فعسح لنا اجملال لإلحساس مبدى نشوة الش اعر واحتفائه باخلرب "جماز" مبا حيمله من دالالت مجالي ة فن ي ة أظهرت أمهي ته ذلك ألن وقوع املبتدأ احملذوف يف أو ل الكالم جيعل املعى مبني ا على هذا اخلرب فتدور كل حممود درويش كزهر الل وز أو أبعد ص 105. المصدر نفسه ص 86.
114 انزياحات الحذف في مجموعة محمود درويش... - مصطفى منر و بش ار علي معطية املعاين والص ور حوله بينما تأخ ره ووقوعه يف آخر الس طر أو البيت الش عري يؤد ي على األغلب إىل إفراده بعض األمهي ة. وقد حيذف الش اعر املبتدأ يف سياق العطف مع الن في من ذلك قوله: لو أستطيع احلديث إىل امرأة يف الط ريق لرل ع ت: ع خ ع صوص ي يت ال ع س بعض الش راي ن تعث ري ع انتباه ا : ت ك ل ي يف الر د م ن وال شيء أكث ر فامش اهل ع و ي ى معي مثل م ش ي الس حابة ال هي ر ي ث... وال ع ج ل... (1) فجمالي ة هذا االنزياح أن ه ينطوي على حذف ن: األو ل: حذف على مستوى الت ناص مع بيت الش اعر الردمي إذ يرول األعشى: (2) ع كأن مشيتها من بيت هاراه ا مر الس حابة ال ريث وال عجل فرد حذف الش اعر هزءا من بيت األعشى وهذا حيف ز الرارئ للبحث عن اجلزء املفرود فضال عن اإلثارة ال يت حيدثها هذا الن وع من احلذف عندما جيعل الرارئ يعرد مرارنة ب ن الن ص ن ويكتشف نوعا خاص ا من العالقات ال يت تربط بينهما األمر ال ذي يزيد من ثراء الن ص اجلديد ويفتح جماالت أخرى للوقوف عند خيال املبدع والغاية ال يت يرومها من وراء ذلك احلذف. الث اين: حذف املبتدأ يف سياق الن في إذ األصل يف ال ت كيب هو أن يرول" وال هي عجل..." والررينة الد الة على احملذوف هي قرينة لفظي ة وقد هاء حذف املبتدأ متوافرا مع تطل عات الش اعر وحاهته للمرأة ال يت ترافق مسرية دربه فأراد أن يدعنا وهها لوهه مع اخلرب ألن ه حباهة المرأة يستحث ها أن ترفق به يف أثناء سريه وأن متشي كالس حابة فال م تي ثة فيشعر معها ببطء اللحظات وثرلها وال مسرعة تسلبه مبرورها اغتنام ما تبرى له من وقت يضاف إىل ذلك أن الشاعر أراد ال ت كيز على نفي اخلرب "عجل" مباشرة وهلذا الت فتيق الد اليل األفري دالالت الت مس ك باحلياة واستغالل أوقااها والر غبة يف عدم انرضائها يف زمن سريع. ويف املرطع الس ابق أراد أن يكشف عن اجلانب اهلش املسكون بالعاطفة الوهداني ة جتاه املرأة إذ أضحى يوقن عمق افتراره إىل امرأة رفيرة تشاركه الد رب الطويل الش اق كما أن إبراز كلمة "الطريق" يشي بعدم - حممود درويش كزهر الل وز أو أبعد ص 108. 1 األعشى ميمون بن قيس الد يوان ص 55.
جملة دراسات يف الل غة العربية وآداهبا السنة التاسعة العدد الثامن والعشرون 115 االستررار الوهداين والوهودي املستوطن يف دواخله فحاهته للمرأة ال يت يفتردها تتنامى لذا سيفترد ما ستضفيه من دفء وطمأنينة وهنا يستشعر ضعفه بروله: "تكل س.." إذ أخذت الس نون ترسم معاملها وتبدي مالحمها على هسده. يضاف إىل ذلك أن الت مين ي ع دخل البنية الش عري ة يف جمال الت خي ل غري الرابل للت حريق هنا تظهر وحدة الش اعر ال يت تسيطر على أعماقه فهو لن يتمك ن من حماورة املرأة والبوح بضعفه البشري هلا أل ن ا غري موهودة أبدا ورمب ا تكون املرأة ال يت مت ى اصطحاهبا هي املعادل املوضوعي للوطن. وعحيذف املبتدأ بعد فعل الرول يرول يف قصيدته "منفى) 2 ( ضباب كثيف على اجلسر": ف عرل ع ت له ع واملكا عن مير كإمياءة بيننا. ما املكا عن فرال : عثعو ع ر احلواس على موطئ للبديهة (1) يربز االنزياح حبذف املبتدأ ويف تض أن تكون البينة املعياري ة يف الس طر الث اين على الش كل اآليت " فرال: هو عثور احلواس على موطئ" فرد ع حذف املبتدأ بعد فعل الرول يف سياق حديثه عن املنفى وما آلت إليه حياته على اجلسر ال ذي صار رمزا للت نر ل والت شر د غري أن يف هذه الرصيدة ال يت هاءت بعنوان "ضباب كثيف على اجلسر" ما حييل على التفاؤل يف بعض املواطن ال يت يرد م فيها الش اعر أسئلته الوهودي ة ح ن جير د من نفسه شخصا آخر حياوره ففي اجلواب حيذف املبتدأ "هو" ويتصد ر اخلرب "عثور" بعد فعل الرول وما حيمله هذا اخلرب من دالالت البحث عن الوهود يف غيابات املنفى فتغييب املبتدأ هاء برصد البحث عن مالمح الذ ات عن ع هوي تها عن موطئ قدم حمسوس لذلك هاء اخلرب منب ها فاعال بعد فعل الرول فح ذ عف املبتدأ هنا أبلغ من ذكره وأكثر تعبريا عن رغبة الش اعر يف تسليط األضواء على ما ميكن أن يشي بوهوده. 2 حذف الخبر )المسند(: يرد حذف األخبار يف سياقات متعد دة األمر ال ذي يضفي على الن ص الش عري انفتاح أفق الد اللة يف املستوى األفري وهذا يكثر يف سياقات أخبار األفعال الن اسخة وخرب املبتدأ ومن أمثلة حذف خرب الن اسخ قوله: حممود درويش كزهر الل وز أو أبعد ص 130.
116 انزياحات الحذف في مجموعة محمود درويش... - مصطفى منر و بش ار علي معطية د ث ري ين بصوف ك يا لغيت ساعد ي ين على االختالف لكي أبلغ االئتالف. إن عكن ت عكن ع ت وإن عكن ع ت عكن ت (1) هذا الفعل الن اقص ال ذي هاء مكر را حباهة إىل ما يكمل مجلته والبنية املعياري ة يف األسطر تتطل ب أخبارا غري أن الش اعر أحدث انزياحا حبذفه تلك األخبار فالش اعر يف مرام الكالم على لغته تر ك فعل الكون مفتوحا للت أويل والت عد د فلم رخرب عنه وهذا حيتاج إىل ربط الس ابق بالال حق فرد قال الش اعر يف سياق الرصيدة ما يشي بذلك فالل غة هي من أعطته خصوصي ته الل غوية "تلك خصوصي يت الل غوي ة" وهي أيضا رفيرة دربه "أمشي مع الض اد يف الل يل" ودر بته على الت واصل مع حروفها "در بيين على االندماج الز فايف ب ن حروف اهلجاء". هنا تربز العالقة احلميمة ب ن الش اعر ولغة الض اد ومن هنا هاء الت كثيف لألخبار يف الس طرين الش عري ن ألن الت حديد رمب ا ال يشي بالر غبة العارمة للذ ات الش اعرة يف احتفائها بالل غة وارتباطها هبا لذلك أراد أن يذهب ذهن الرارئ يف تأويل تلك األخبار أي مذهب. وبرراءة أخرى: لو ذكر أخبار تلك األفعال الن اقصة لف ر د ال ت كيب اإلثارة إذ الرصد أن ي ع تك اجملال مفتوحا للت عد د والت أويل أمام الرارئ كما أن الل غة هي معادل للحياة واختفاؤها هو املوت وبذلك تربز عالقات احلضور والغياب واملوت ال ذي رخشاه الش اعر هو موت الكلمة وفناؤها. واألمر ال ذي زاد من ثراء األسطر متاسكها عرب صيغة الش رط املكر رة فضال عم ا يوحيه حرف الكاف املكر ر من داللة الرو ة والت ماسك. ومن أمثلة حذف اخلرب أيضا قوله من قصيدته: "وأنت معي": ه واء وم اء. نفك الرموز. نعس م ي نعس م ى وال نتك ل ع م إال لنعل م ك م حن ع ن حن ع ن... و ن ن س ى الز مان ( 2 ) الش اعر يف مرام الت عبري عن الن شوة العارمة وحالة الفرح ال يت تكتنفه حينما تكون املرأة إىل هانبه واملرطع الس ابق من قصيدته "وأنت معي" ال ذي يعرب عن االحتفاء بوهودها وقد هاء احلذف متماشيا مع تطل عات الن فس فأحدث هذا االنزياح داللة لطيفة إذ إن الذ كر قد ي ض ي ع ق باملع ى ال ذي حتمله الش حنة الش عوري ة ورمب ا ال ي ع غين عم ا يتخي له الش اعر فترطيع الد فرة الش عوري ة وكبح عجلة الن فس الش عر ي المصدر نفسه ص 123. حممود درويش كزهر الل وز أو أبعد ص 97.
جملة دراسات يف الل غة العربية وآداهبا السنة التاسعة العدد الثامن والعشرون 117 بالص مت عن الكالمكان أبلغ تعبريا مم ا لو ع وهد اخلرب يف الس ياق ذاته وحالة الن شوة ال يت يعيشها الش اعر وإنكان ذلك جمر د ختي ل عابر تستيرظ احلالة الوهداني ة فأراد أن ي تك الت أويل مفتوحا وأال ينطوي على صفة واحدة. وبرراءة أخرى: فإن حذف اخلرب يدعونا إىل ال ت كيز على املبتدأ "حنن" إذ أعطاه صفة مجعي ة تليق حبالة الفرح املستبطنة يف دواخله وما حيمله من دالالت االرتباط واحلب والت عل ق وبذلك تنكشف الذ ات يف حاهتها إىل من يرف إىل هانبها. 3 حذف الفعل )المسند(: حيذف الش اعر عناصر من اجلملة الفعلي ة ومن ذلك حذف الفعل وحذف املفعول به ويرد حذف الفعل يف سياقات خمتلفة ومن أمثلته على حذف الفعل قوله من قصيدته "مل تأت ": مل ت أ ت. قعل ع ت: ولن... إذا سأعي عد ترتيب املساء مب ا يلي ع ق خب يبيت وغياهب ا. (1) فاألصل أن يرول الش اعر: "ولن تأيت" مع دليل لفظي سابق على احلذف فعدم تكرار الفعل وت ر عك مكانه فارغا بوضع نراط يثري ذهن الرارئ ملعرفة هذا الت وق ف عن الكالم فلم يكر ر الفعل "تأيت" داللة على الت غييب يف املاضي والن في املطلق يف املستربل إذ نفى الفعل مع عدم ذكره وما الفائدة من الذ كر إذاكان اإلتيان غري متحر ق فهي ح ت مستربال "لن تأيت" وفردان األمل بردومها يروده إىل إعادة ترتيب نفسه ال يت انكسرت فتغدو أفعاله اعتيادي ة. برراءة أخرى: فاحلذف يشي بداللة غياب املرأة أو تغييبها بعد طول انتظار وحممود درويش ال يطيق االنتظار هو ينتظر بالفعل يف احلياة لكن ه يعاجل االنتظار بالس خرية كما يف قصيدته "مل تأت " أضف إىل ذلك أن ه جيمع ب ن أدايت نفي وذلك يدل على إصراره على عراب احملبوبة وتغييبها عن عامله ح ت لو أرادت هي غري ذلك فهو قد غضب منها إىل احلد ال ذي شعر معه أ ن ا جيب أن تغيب عن عامله أل ن ا ال تستحق أن تكون معه. وحيذف الشاعر الفعل غالبا بعد فعل الرول وهي من الظ واهر األسلوبي ة يف جمموعته ومن ذلك قوله: قال يل ع حز نعه ع الن ب و ي : إىل أين أذه ع ب المصدر نفسه ص 93.
118 انزياحات الحذف في مجموعة محمود درويش... - مصطفى منر و بش ار علي معطية قعل ع ت إىل جن م ة غري م رئي ة أو إىل الكهف / (1) ورد احلذف يف الس طر الث اين والث الث واألصل وفاقا ل تميم البنية أن يرول " قلت: اذهب إىل جنمة غري مرئي ة" "أو اذهب إىل الكهف" والررينة الد الة على احملذوف هي قرينة لفظي ة يف الس طر األو ل واحلذف هنا يرمي إىل اإلسراع يف كشف الر غبة وتعرية الذ ات ووضعها يف مواههة البحث عن وهودها فاألهم مكان الذ هاب وليس فعل الذ هاب وتسليط الضوء على هذا املكان "جنمة غري مرئية" وكون الن جمة ليست مرئي ة فإن ذلك ال يعين اختفاء ضوئها. إذا الش اعر حباهة إىل من يرشده ويروده إىل الطريق الس ليم وحزنه هنا هو حزن نبوي يف إشارة إىل أن ه يتماهى واألنبياء يف محل رسالته فهو رسول الكلمة املؤث رة ورؤاه ليست حمصورة يف برعة تضاريسي ة حمد دة بل يريد مكانا مت سعا ح ت ولو كان طريرا أو مكانا مستحيال فهو ينر ب عن وهوده يف املستحيل وكل تلك اخليارات الومهي ة أراد الش اعر البحث عنها ليبرى يف ذاكرة احلياة. أم ا حذفه الفعل يف الس طر الث الث ومفاهأة الرارئ خبيار الذ هاب إىل الكهف فإ ن ا قد حتمل بداية مدلوال سلبي ا إال أن "الكهف" هاء معر فا ب )ال( ما جيعله حمد دا للش اعر ويف ذلك إشارة إىل قص ة أهل الكهف يف الررآن الكرمي فالفتية اختبؤوا يف الكهف كي ي ع بعثوا من هديد وعليه يكون الكهف انبعاثا بعد املوت وحركة بعد السكون لذلك فاالنزياح حبذف الفعل وس ع دائرة االهتمام بالكهف وما حيمله من مدلوالت إجيابي ة وأم ا البنية الض د ي ة جنمة/ الكهف فإ ن ا تشي مبدى الص راع الن فسي للوصول إىل منطرة وهودي ة مهما كانت بعيدة أو مستحيلة. ومن أمثلة حذف الفعل بعد الرول قوله أيضا : س أ ل ناه ع : م م ختاف فرال : م ن الظ ل... للظ ل رائحةع الث وم ح ي ن ا ورائحةع الد م ح ي ن ا ( 2 ) يربز انزياح احلذف يف الس طر الش عري الث اين والبنية املعياري ة هلذا ال ت كيب هي أن يرول: "أخاف من الظ ل..." فالش اعر حيذف الفعل "أخاف" مع دليل لفظي سابق له وهو يريد ال ت كيز على ماهية الشيء ال ذي عرخو ف لذلك هاء باجلار واجملرور مباشرة يف سياق اجلواب و"حذف الفعل يشك ل عنصر مفاهأة حممود درويش كزهر الل وز أو أبعد ص 31. المصدر نفسه ص 167.
جملة دراسات يف الل غة العربية وآداهبا السنة التاسعة العدد الثامن والعشرون 119 للمتلر ي مم ا يثري اهتمامه باستحضار الفعل واإلحياءات ال يت تتمخ ض عنه" (1) ورمب ا ي تاءى للش اعر أن ه يريم حوارا مع عدو ه فما ي ع شعر الغاصب باخلوف هو الظ ل فما هو هذا الظ ل إن ه الظ ل ال ذي تفوح منه رائحة الد م الد م ال ذي حيمل دالالت الثأر من ههة ودالالت الظ لم والض يم من ههة أخرى والثوم برائحته الروي ة ال يت تعم املكان داللة على وهود شبح امليت/ الض حي ة خمي ما يف كل برعة من األرض ومل ا مث ل هذا الظل املاضي ال ذي سفك فيه الراتل الد ماء فهذا يؤك د خوفه من استعادة املاضي إذ ال يزال شبح الضحي ة ي تاءى للعدو يف حلمه ويرظته ليخربه أن ه مل ميت كما يتوه م وأن ه ال يزال حي ا يطارده. وهنا تبدو لغة الش عر ذات بى تركيبي ة خاص ة ال تعدل عم ا هو مألوف من الص ياغات فحسب بل قد خت تق معياري ة الص حة الن حوي ة أيضا فتول د مجال تكسب الش عر مسة اإلبداع. (2) 4 حذف المفعول به: حيذف الش اعر املفعول به وي تك الفعل املتعد ي من غري مفعول األمر ال ذي يفتح باب الت عد د والت أويل يف بعض األحيان أو أن حذف املفعول قد يكون من باب إلزام الفعل وال ت كيز على ماهيته دومنا الن ظر إىل تردير مع ن. ومن أمثلة حذف املفعول قوله: ك م ا لو ف ر ح ع ت: رهع ع ت. ضغط ع ت على هرس الباب أكثر م ن م ر ة وانتظر ع ت... (3) ظل االنتظار قابعا يف خمي لة الش اعر ومسيطرا على حياته وهو أمل الغربة يف غيابات املنفى وي تاءى لنا الفعل املتعد ي "انتظر ع ت" يف الس طر الث اين من غري مفعول به إذ حذفه واكتفى بوضع الن راط داللة على طول االنتظار فذ ك ع ر مفعول به واحد هنا رمب ا يرل ل من معاناة الش اعر ال يت أراد أن ي تكها أمام الرارئ ليعيشها هو ذاته وليكشف عن لواعج الذ ات بفعل االنتظار وحتدي عد انتظار أي شيء ال يعطي الد اللة املرصودة لذلك فالت حر رات الن صي ة هنا تتطل ب ترك االنتظار مفتوحا ليعيد الرارئ تأم ل هذا االنتظار ويشارك الش اعر يف انتظاره ليكون الرارئ الش اعر ذاته فيعيش معه تلك اللحظات وهنا تبدو قيمة االنزياح هلي ة عندما رخلق احلذف تفاعال وإثارة يف ذهن املتلر ي. مجال مجيل أبو مسرة بنية القصيدة الش عري ة عند فايز خضور ص 60. - 3 ينظر: تيسري سلمان هريكوس بالغة الص ورة في شعر عبد الوهاب البي اتي دراسة حتليلي ة مجالي ة ص 92. حممود درويش كزهر الل وز أو أبعد ص 61.
120 انزياحات الحذف في مجموعة محمود درويش... - مصطفى منر و بش ار علي معطية إذا الفعل "انتظرت" متعد إىل مفعول به ولكن حذفه ي ع ربز احلدث ويعم ق املأساة ال يت يعيشها الش اعر ويكشف عن زيادة الش عور حبالة االنتظار فلو حد د املفعول به ملا محل املع ى تلك الش حنة املوحية. ومن أمثلة حذف املفعول أيضا قوله: م ن ال عحي ب اآلن يف ه ذ ا الص باح ف ل ن عحي ب!. (1) احلب ميث ل احلياة عند الش اعر طاملا راح يبحث عنه يف كل منفى فهو عنده رمز إلعادة إحياء احلياة وقد حذف الش اعر املفعول به للفعل املتعد ي املكر ر واملنفي "ال حيب" "لن حيب" إذ صار الفعل املتعد ي مبنزلة الفعل الال زم وحبذفه أفسح اجملال لعدم ختصيص حب مع ن جتاه أمر مع ن وإمن ا أراد تعميم ذلك احلب فاألهم هو احلب / الفرح اخلفي ال ذي حتد ثت عنه الرصيدة فهذا الفرح إن مل ي د عك للح ب واالنتصار على كل ما عداه فلن حتب أبدا أضف إىل ذلك أن الفعل متعد لكن تعد يه يعطيه خصوصي ة دون غريه وهذا ما يذهب باملع ى ومجال ال ت كيب فرد حذف املفعول به إلثبات مع ى الفعل وتأكيده وهنا يستوي الفعل املتعد ي بالال زم وجيعل الرارئ يرك ز على الفعل دون املفعول ويغنينا يف هذا املرام قول عبد الراهر اجلرهاين يف سياق حديثه عن إنزال األفعال املتعد ية منزلة الال زمة إذ يرول: "وإذ قد عرفت هذه اجلملة فاعلم أن أغراض الن اس ختتلف يف ذكر األفعال املتعد ية فهم يذكرو نا تارة ومرا ع دهم أن يرتصروا على إثبات املعاين ال يت اشتعر ت منها للفاعل ن من غري أن يتعر ضوا لذكر املفعول ن. فإذا كان األمر كذلك كان الفعل املتعد ي كغري املتعد ي مثال يف أن ك ال ترى له مفعوال ال لفظا وال ترديرا ]...[ وعلى ذلك قوله تعاىل: ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون( (2) واملعى هل يستوي من له علم ومن ال علم له " (3) فإنزال الفعل املتعد ي منزلة الفعل الال زم يف هذا الس ياق الن صي حير ق تفاعال بالغي ا نصي ا. المصدر نفسه ص 65. سورة الزمر اآلية 9. - 3 عبد الراهر اجلرهاين دالئل اإلعجاز ص 154.
جملة دراسات يف الل غة العربية وآداهبا السنة التاسعة العدد الثامن والعشرون 121 5 حذف الن عت والمنعوت: يظهر أن حذف الن عت واملنعوت أقل استخداما على مستوى حذف املفردة يف جمموعة الش اعر ومرارنة مبا سبق ذكره من حذف بعض عناصر اجلملة االمسي ة أو الفعلي ة ومن أمثلة ذلك قوله يف قصيدته "مل ينتظر أحدا ": ف ل ن ي ر و ى على الت ك ر ار...أ عر عف آخر املشوار من عذ اخلطوة األعوىل يروعل لنفس ه مل أبتعد ع ن ع امل مل أ ق تب م ن ع امل ( 1 ) فينفي االنتظار ألن ه مل يعد يروى عليه ث تأيت داللة املطابرة ب ن عامل ن يرف الشاعر على مسافة واحدة منهما "عامل" واقعي مل يبتعد عنه ميثل الرتل / الت دمري و "عامل" آخر يبحث عنه ميث ل الس الم واألمن والعدل وهعلهما نكرة ي تك جماالت الت أويل لسمااهما وصفااهما املتعد دة فهما عاملان متصارعان بزوال أحدمها يوهد اآلخر واالنزياح هاء متمث ال حبذف الص فة ال يت ال بد من ترديرها هنا ودليل احلذف هنا هو دليل حايل يفهم من املعرفة خببايا لغة الذ ات الش اعرة ف "حذف الص فة يف الل غة يكثر يف سياق الن في ح ن ينفي املتكل م شيئا ثابتا بررينة العرل أو بغريها من الررائن فهو يف هذه احلالة ال يريد الن في املطلق وإمن ا نفي الش يء مري دا بصفة خمصوصة" (2) ولوال تردير صفة حمذوفة بعد لفظة "عامل" لف ر د الكالم حتديد نوع الس مة ال يت يت سم هبا كل "عامل" من العامل ن وصار جمهوال وفيه خلط والتباس كما أن احلذف هبذه اهليئة يضع املتلر ي يف مواههة مع الن ص باستثارة ذهنه ودفعه للكشف عن هذين العامل ن وصفااهما وهنا تربز الغاية الفني ة لالنزياح إذ ال فائدة مرهو ة من احلذف إذا مل حير ق إثارة ناهعة حتف ز املتلر ي وتثري خياله ح ن يررأ وينتج يف آن معا يضاف إىل ذلك أن الت نكري يطلق باب الت أويل فيستدعي الت ساؤل عن صفة هذين العامل ن. ويف قوله: قال يل : عكل ه سر ل راء... على ع يف خاره ي. (3) اجلسر أ دخل - 3 حممود درويش كزهر الل وز أو أبعد ص 34. طاهر سليمان محودة ظاهرة الحذف في الد رس الل غو ي ص 247. حممود درويش كزهر اللوز أو أبعد ص 135.
122 انزياحات الحذف في مجموعة محمود درويش... - مصطفى منر و بش ار علي معطية حذف الن عت وترك نراطا وقد اكتفى بذكر املنعوت "لراء " ويف أحاي ن كثرية حتذف "الص فة اكتفاء بطريرة نطق املوصوف بنرب وتنغيم وتلوين مع ن مع داللة املوقف الكالمي " (1) وهلذا احلذف غايته الفني ة فالش اعر يذكر "الل راء" املرتبط باجلسر واجلسر رمز من رموز الت واصل وكذلك رمز من رموز الت نرل وعدم االستررار لذلك مل يصر ح مباهية هذا الل راء ال ذي قد ختتفي وراءه صفات كثرية إجيابي ة أو سلبي ة وتنكري املنعوت أعطى نوعا من عدم الت حديد املطلق أضف إىل ذلك أن الل راء حيمل داللة االنتصار للحياة والبراء. واملتتب ع ل "كزهر الل وز أو أبعد" جيد أن اهلاهس املسيطر هو هاهس احلياة واملوت / البداية الن هاية فالشاعر يريد أن ينتصر للحياة يف صراعه الد ائم ب ن املوت واحلياة وهنا يربز أثر احلذف هلي ا وفاقا لتطل عات ذاته إذ شك ل احلذف عنصرا فاعال يدعو الرارئ للبحث عن مضمرات الن ف س الش عري. ومثلما حيذف الش اعر الن عت حيذف املنعوت أيضا يرول يف قصيدته "منفى) 1 ( نار الثالثاء واجلو صاف ": هل أعرب ع ك املوت أ سخ ع ر م ن ف كريت ع ث أسأعل ن ف س ي: إىل أين مت ش ن ع طمئن ة مثل الن عامة. (2) أي تها امل حذف الش اعر املنعوت والت ردير "أي تها الن فس املطمئن ة" وذلك استنادا إىل الت ناص مع الررآن الكرمي ومكمن اجلمال يف هذا االنزياح أن ه ينطوي على حذف ن: األو ل: أن الش اعر يتك ئ على تراث ديين فحذف هزءا من الكالم يف الت ناص مع الررآن الكرمي الوارد ع س املطم ئن ةع ارهعي إىل رب ك راضية مرضي ة ( (3) وهذا حيف ز املتلر ي ويثري ذهنه يف قوله تعاىل: )يا أي تها الن ف يف البحث عن احملذوف. الث اين: احلذف الن حوي املتمث ل حبذف املنعوت والد ليل على احلذف هنا هو دليل عرلي وحذ عف املنعوت جيعل وقع الكالم مؤث را يف املتلر ي إذ إن ال ت كيز يرع على الن عت "املطمئنة" ويربز ذلك يف حوار الذ ات الد اخلي/ اخلارهي فحذف املنعوت هنا وإقامة الن عت مرامه وارد من ههة أن الن عت طاهر سليمان محودة ظاهرة الحذف في الد رس الل غو ي ص 246. حممود درويش كزهر اللوز أو أبعد ص 110. - 3 سورة الفجر اآلية 27.
جملة دراسات يف الل غة العربية وآداهبا السنة التاسعة العدد الثامن والعشرون 123 خاص ة يعلم ثبواها لذلك املنعوت بعينه ال لغريه (1) فرد آثر أن يفاهئنا بصفة من صفات الن فس وهي "الط مأنينة" واألهم صفة الن فس وليس الن فس عينها على الر غم مم ا يكتنف هذه الطمأنينة ال يت تشبه الن عامة فكيف تكون الن فس مطمئن ة مثل الن عامة فالن عامة جمر د أن تشعر باخلطر تدفن رأسها يف الر مل هذا يعرب عن نوع من اخلوف من املوت وحماولة االنتصار عليه شعرا ألن هذه الط مأنينة قد تكون خادعة ومهي ة/ طمأنينة احلياة ال يت تكون مثل الن عامة ال يت ترمز إىل الض عف. رابعا : االنزياح الكتايب البصري : إذا كان الص وت اخلارهي يف الن ص الش عري يرود إىل مشاغالت احلواس وانكشافها األو يل خارج إطار الد فرة الش عوري ة مبا يعنيه ذلك من تصاعد وترية الت مث ل الوصفي لل غة والد خول يف عملي ة الس رد والش روحات يف الرول الش عري فإن الش كل الكتايب )البياض( ال ذي ميث ل صورة االنزياح البصري حبذف الكالم وشغل الس طر الش عري بدالالت مكث فة يصبو إىل املست ت ليرول أسئلته اجلمالي ة األخرى يف حبث ال متناه عن مشغوالت الد اخل عن املكتوم من داللته ال املكشوف منها وعن املمي ز واملتفر د واملنزاح ال املتشابه واملألوف فالبياض يف الن ص الش عري يتكل م بصوت غري مسموع فيصنع فجوة تنتظر من املتلر ي مألها وهو ما يتيح االنفتاح الن صي والت عد د الد اليل. وقد تنب ه املترد مون إىل هذه املسألة يف سياق كالمهم على موافرة مرتضى احلال فأشاروا إىل أن هناك مواقف يكون فيها الص مت أبلغ من الكالم (2) وعرب أبو العتاهية عن هذا املعى يف قصيدته "ال خري يف حشو الكالم" بروله: ع بالف ت م ن م نط ق يف غري ح ين ه ( 3 ) والص م ع ت أمجل ويكمن ذلك يف مواضع تتطل بها املرك بات الن حوي ة البالغي ة يف ات ساقها العميق ببنية الن ص "إال أن اجلهد ال ذي يستلزمه الت لر ي البصري للش عر مرتبط بإمكاني ات الرراءة الكامنة يف انفتاح الن ص ال ذي يرود الرارئ إىل تبين اس تاتيجي ة خاص ة به موه ها يف غرابتها وهد اها وطريرة تنظيمها". (4) ذلك بالعالمات الن صي ة ومرتحما لفضاء تلك العالمات يف - 3-4 ينظر: طاهر سليمان محودة ظاهرة الحذف في الد رس الل غو ي ص 244. ينظر: أبو عمر عثمان بن حبر اجلاحظ البيان والت بيين ه 1 ص 194. أبو العتاهية الد يوان ص 449. حممد املاكري الش كل والخطاب مدخل لتحليل ظاهرايت ص 180.
124 انزياحات الحذف في مجموعة محمود درويش... - مصطفى منر و بش ار علي معطية واحتفى حممود درويش هبذه اخلاصي ة إذ كان للش كل الكتايب أثر فاعل يف بناء لغته والكشف عن خبايا ذاته ومكنوناته الن فسي ة والفراغ يشك ل" عالمة سيميائي ة بصري ة مل يضعها الش اعر فضلة أو شرفا بال هدف لكن ه سكت عن هزء من اخلطاب يرع على عاتق املتلر ي مسؤولي ة ترديره" (1). يرول يف قصيدته: "مل ينتظر أحدا ": مل ينتظر شيئا وال ح ت مفاهأة فل ن ي رو ى على الت كرار... أعر عف ع من عذ اخلطوة األعوىل. (2) آخر املشوار تأيت األسطر الش عري ة لتؤك د نفي االنتظار والت حرر منه فاهلزائم الن فسي ة املتالحرة حو لته إىل إنسان غري قادر على عيشها جمد دا فكأ ن ا ارتطام داخلي يكس ر داخله ويصعب ترميمه لذا يأيت الن في قاطعا باستحالة بعث األمل لديه جمد دا إذ يدرك قساوة الت جربة وأبعاد الط ريق من البداية فوضع الن راط ]...[ يف الس طر الث اين مينح داللة الت كثيف لتلك األمور ال يت كان يروم هبا وينتظر ف تك تأويلها للرارئ ليفك داللة هذا البياض ألن البياض ال ذي ميث له االنرطاع يؤك د املوقف االنطوائي واحلاهة إىل الوحدة وإىل زمان وفضاء ثابت ن متليهما أشياء نابعة من الذ ات (3) ومل ا كان الش اعر يضي ق من مساحة الس طر الش عري فإن ه يف الوقت عينه يوس ع من فضاء املعى ح ن يكث ف الد اللة وجيعلها تنفتح على آفاق رحبة يف خمي لة الرارئ. ومن أمثلة ذلك قوله أيضا : أ مش ي خفيفا فأكرب ع ع ش ر دقائق عشرين ست ن...أمشي وتنر ع ص يف احلياةع على مهل ها ك ع سعال خ فيف.. (4) احلركةع عند الش اعر ترود باجت اه املوت تلك حالة الذ ات ال يت فرد ت اإلحساس بالت فاؤل فاملشي يروده صوب الن هاية الوهودي ة إذ يربز عمق االرتباط ب ن احلركة واملوت يف حركة دؤوبة فكل مشي يرر ب ع ه من املوت وتأيت تلك الن راط ال يت تعركت ]...[ لتعرب عن مدى صراع الذ ات مع الوهود وعدم الردرة على - 3 1 -سامح الرواشدة إشكالي ة الت لق ي والت أويل دراسة يف الش عر العريب احلديث ص 16. حممود درويش كزهر اللوز أو أبعد ص 34. ينظر: حممد املاكري الش كل والخطاب مدخل لتحليل ظاهرايت ص. 104 4 - حممود درويش كزهر الل وز أو أبعد ص 109.
جملة دراسات يف الل غة العربية وآداهبا السنة التاسعة العدد الثامن والعشرون 125 إيراف الز من املستمر والعجز عن انتزاع احلياة من هربوت املوت وهنا تتمظهر أسرار البياض الش عر ي ]...[ إذ ال بد للرارئ من مشاركة فاعلة يف ملء هذا البياض مبا يتالءم وحريرة تطل عات الذ ات فيكشف الرارئ عن خبايا الن فس ث يربز أثره يف عملي ة بناء الن ص ومشاركته الفاعلة للذ ات املبدعة فحركتا السواد والبياض للمكو ن الكتايب تفتح فضاءات التلر ي على إشعاعات إحيائي ة (1). ويف قوله: س أكت ع ب: يا خالق املوت د عين قليال... وش أين! (2) يربز الش كل الكتايب ]...[ يف الس طر الش عري الث اين إذ ميكننا أن نرتفي أثر ما ت تكه تلك الن راط مبجر د معرفتنا أن الش اعر يف مرام الن داء ال ذي ميث ل حالة استمهالي ة سكوني ة من شأ نا أن تستوقف حركة سري احلياة فالر غبة يف البراء بعض الوقت جتعله يستحضر أسلوب األمر اإلنشائي ال ذي يتيح النفعاالته احلبيسة أن جتد متنف سا هلا "دعين" ث تأيت تلك الن راط تعبريا عن متين البراء واالستمرار وحب احلياة والت مسك هبا فهو يريد هلذا الرليل أن ميتد يريد هلذا الرليل أن يكون كثريا. أضف إىل ذلك أن هذا االنزياح الكتايب كشف عن ثنائي يت البراء/ الفناء اخللق/ املوت ليعلو بذلك نبض الوهود على املوت. ويف هذا املستوى نلحظ كيف تنترل الرصيدة من بعدها اإلنشادي إىل بعد بصري يرتضي من املتلر ي امتالكا لسنن تلق هديدة (3). ويف قوله أيضا : مل أكن ب ع عد يف حاهة للهوي ة. لكن هم... هؤالء ال ذين جييئون ن ا فو ق دب ابة ينرلون املكان على الش احنات إىل ههة خاطفة ( 4 ) - ينظر: تيسري سلمان هريكوس بالغة الص ورة في شعر عبد الوهاب البي اتي دراسة حتليلي ة مجالي ة رسالة دكتوراه 1 ص 100. - 3 حممود درويش كزهر الل وز أو أبعد ص 14. ينظر: حممد املاكري الش كل والخطاب مدخل لتحليل ظاهرايت ص. 177 4 -حممود درويش كزهر الل وز أو أبعد ص ص 157.
126 انزياحات الحذف في مجموعة محمود درويش... - مصطفى منر و بش ار علي معطية حيذف كالما وي تك للرارئ نراطا "لكن هم... هؤالء ال ذين جييئوننا فوق" فالش اعر يف مرام الكالم على العدو ال ذي حيضر بإشارات كثرية يف جمموعته وهو جير د هذا العدو من أي ة تسمية لذلك اكتفى بوضع الن راط ]...[ وحذفكل ما رخرب عنهم أو مينحهم ح ت ولو صفة "عدو " أو "حمتل " أو "غاصب" فهم فرط مار ون غرباء وهنا يظهر أثر االنزياح الكتايب بي نا عندما حيذف الش اعر كالما ويكث ف لغته برصد ترك مهم ة البحث عن مدلوالت ذلك للرارئ ال ذي سيكشف عن احلالة الش عوري ة والوهداني ة ال يت آلت إليها ذاته فالش اعر ي تك باب الت أويل مفتوحا يف سياق حديثه عن هذا العدو ال ذي أراد تغييبه ح ت ولو كان ذلك شعري ا وليمنح هسد قصيدته ن ف سا آخر يزيد من اهميشه. فعملي ة سد الفراغ تكشف أسرار البياض والس واد وحتر ق أفرا واسعا من الت وق عات وهنا يكون الش اعر قد جنح يف توسيع دائرة الت أويل من ههة ويف إشراك الرارئ يف عملي ة الت وق ع حبيث ال يظل متلر يا سلبي ا من ههة أخرى وهكذا ف "االشتغال البالغي للن ص يف هانبه البصري... ال ميكن عزله عن بالغته (1) الل غوي ة". النتيجة: إذن ميكن الرول:كان احلذف عند حممود درويش أمرا مرصودا ليحف ز املتلر ي على املشاركة يف تأويالت خاص ة األمر ال ذي يعطيه فرصة الت حرك يف كل سطر فيصبح مشاركا يف عملي ة اإلبداع ح ن يررأ فيه مامل ي ع ررأ أو يرول ما مل يكن ممكنا قوله وعندها تغدو الرراءة فعال ال رخلو من االبتكار والت جديد إذ إن عملي ة الت خي ل ال يت ي تكها املبدع للمتلر ي عن طريق احلذف تثمر تفاعال من نوع ما ب ن املبدع واملتلر ي قائما على البث الن اقص ث يظهر أثر املتلر ي يف استكمال اجلوانب احملذوفة فيه وهبذا حير ق احلذف هدفا مزدوها ال ميكن ختط يه. أم ا ما استخلصناه من نتائج للبحث فيمكن إمجاهلا يف: 1 تب ن لنا أن ظاهرة احلذف هي األكثر استخداما يف جمموعة "كزهر الل وز أو أبعد" وهذا ما لعوحظ بعد أن قمنا بالت وق ف عند ظواهر االنزياح ال ت كييب األخرى كالت ردمي والت أخري والت كرار واالع تاض اخل. حممد املاكري الش كل والخطاب مدخل لتحليل ظاهرايت ص 313.
جملة دراسات يف الل غة العربية وآداهبا السنة التاسعة العدد الثامن والعشرون 127 2 شك ل احلذف ظاهرة أسلوبي ة يف اجملموعة ملا هلا من إمكانات داللي ة ال حمدودة أظهرت مردرة الش اعر على شغل املتلر ي وإثارة ذهنه مبشغوالت الد اخل الش عري فكان املتلر ي عنصرا فاعال يف بناء الن ص متلر يا ومنتجا يف آن معا. 3 رك ز حممود درويش يف نصوص اجملموعة على حذف الكلمة الواحدة أكثر من غريها من أنواع احلذف الن حوي األخرى سواء أكانت فعال أم امسا األمر ال ذي أضفى على تراكيبه متاسكا وترابطا وانسجاما إذ خترج ال ت اكيب إىل مراييس ودالالت هديدة غري مألوفة خبالف حذف بعض األدوات واحلروف ال يت ترل معها درهة االنزياح إذا ما استثنينا حذف بعض األدوات ومنها أداة الن داء مثال. 4 أم ا على مستوى االنزياح الكتايب البصري فتكاد تكون هذه الظ اهرة هي األكثر ورودا يف جمموعته إذا ما قورنت بظواهر احلذف الن حوي وهذا حييل بدوره على دالالت تلك الظ اهرة فهو يستع ن هبا إلضمار حاالت نفسي ة خاص ة وإذا كان احلذف الن حوي يرتطع من اجلملة ما هو غري مهم لريك ز على ما هو أهم فإن الش كل الكتايب ]...[ يضمر الد اللة ال يت يريد إيصاهلا ألن الذ كر رمب ا ال يؤد ي الغرض منها يف الس ياق ذاته في تك للمتلر ي ترهيح الد اللة ال يت تعرب عن قصده. قائمة المصادر والمراجع: الررآ عن الكرمي ع. 1. األعشى ميمون بن قيس الد يوان حتريق: د. حممد حس ن )د. ط( الراهرة: مكتبة اآلداب )د. ت(. 2. اجلرهاين عبد الراهر دالئل اإلعجاز حتريق: حممود شاكر ط 3 الراهرة: مكتبة اخلاجني 1992 م. 3. هريكوس تيسري بالغة الص ورة في شعر عبد الوهاب البياتي دراسة تحليلي ة جمالي ة )د.ط( مصر: رسالة دكتوراه يف هامعة ع ن مشس 1996 م. 4. محودة طاهر سليمان ظاهرة الحذف في الد رس الل غو ي )د. ط( مصر: مطبوعات هامعة اإلسكندرية 1998 م. 5. أبو محيدة حممد صالح زكي الخطاب الش عري عند محمود درويش )دراسة أسلوبي ة( ط 1 غز ة: مطبعة املرداد 2000 م. 6. درويش حممود كزهر اللوز أو أبعد ط 1 بريوت: رياض الر يس للكتب والن شر 2005 م.
128 انزياحات الحذف في مجموعة محمود درويش... - مصطفى منر و بش ار علي معطية 7. راضي عبد احلكيم نظرية الل غة في الن قد العرب ي ط 1 الراهرة: اجمللس األعلى للث رافة 2003 م. 8. الرواشدة سامح إشكالي ة الت لق ي والت أويل دراسة في الش عر العربي الحديث ط 1 عم ان األردن: مجعي ة عم ال املطابع الت عاونية 2001 م. 9. أبو مسرة مجال مجيل بنية القصيدة عند فايز خضور ط 1 دمشق: وزارة الث رافة 2012 م. 10. طبل حسن المعنى في البالغة العربي ة ط 1 الراهرة: دار الفكر العريب 1998. 11. عبد املط لب حمم د البالغة واألسلوبي ة ط 1 الراهرة: مكتبة لبنان ناشرون 1994 م. 12. أبو العتاهية الد يوان )د.ط( بريوت: دار بريوت للطباعة والنشر 1986 م. 13. أبو عثمان عمرو بن حبر اجلاحظ البيان والت بين تح: عبد السالم هارون ط 4 بريوت: دار الفكر )د.ت(. 14. كوهن هان بنية الل غة الش عري ة ترمجة: حمم د الويل وحممد العمري ط 1 املغرب: دار توبرال للن شر 1986 م. 15. املاكري حممد الش كل والخطاب- مدخل لتحليل ظاهراتي ط 1 الدار البيضاء: املركز الثرايف العريب 1991 م.
چکيدههای فارسی مقاالت 154 چکیده: بررسی معناشناسانه آشنازدائی حذف در مجموعه»مانند گلهای بادام یا دورتر«از محمود درویش ** * مصطفى نمر بش ار علی معطيه این پژوهش در صدد بررسی آشنائیزدائی حذف در مجموعه شعری»مانند گل بادام یا دورتر«از محمود درویش است. چرا که عنصر حذف یکی از عناصر اثرگذار در آشنائیزدائی ترکيبی در متن شعری میباشد. به این هدف که نمونههائی از عنصر حذف را در مجموعه شعری درویش بيابيم و بعد زیباشناسانه و معناشناسانه هنری آن را مورد ارزیابی قرار دهيم. این پژوهش داللتهای حذف را از دو جنبه بررسی میکند: بخش اول مربوط به سطح نحوی بالغی و آوائی است و سطح دوم مرتبط با سطح شکلی و خطی است. این متن پر است از نشانههای بصری که میتوان آن را آشنائیزدائی بصری یا شکل نوشتاری متنی حذف ناميد امری که در شعر معاصر )شعر تفعله یا قصيده نثر( فراوان یافت می- شود و در قالب نقطههائی که شاعر در البالی اشعار و ابياتش میآورد و نيز دوگانگی سياه و سفيد یا ادامه دادن نگارش و دیگر مواردی که در آن نمود پيدا میکند. در بخش اول اموری مرتبط با حرف یا واژگان مورد بررسی قرار میگيرد در این بخش تأکيد بر حرکت مرکب نحوی و نقش آن در حذف در سطح افقی و برخورد این موضوع با سطح عمودی متن مورد ارزیابی قرار میگيرد به گونهای که داللت متن بر اساس قرائتهای گوناگون با استفاده از عناصر اسلوبی مختلف ظاهر میشود و از جمله مهمترین این عناصر میتوان از عنصر غافلگيرسازی و ترساندن نام برد و در بخش دوم مسائل مربوط به نگاه خاص شاعر مورد بررسی قرار میگيرد و عنصر حذف به گونهای که به شعرگونگی میانجامد مورد استفاده قرار میگيرد تا بدین وسيله از ترکيبهای عادی آشنا به ترکيبهای مؤثرتر منتقل شود و تغيير یابد به گونهای که با تغيير این عناصر دریافت کننده متن را به جستجوی عنصر غائب با استفاده از شواهد وادار میکند و اینگونه شعرگونگی گفتمان شعری نمود مییابد. از مهمترین اهداف این پژوهش خوانش ویژه داللتهای حذف در سطح ترکيبی و ورود به عمق زبان شعری درویش است امری که موجب میشود زبان شعری رازهای درونش را فاش کند و چيزی را بيان نماید که زبان معيار از بيان آن عاجز است. این زبان خواننده را در برابر پرسشهای زبانی و فکری قرار میدهد و این اولين ماموریت متن شعری جدید و معاصر میباشد. کلیدواژهها: حذف آشنائی زدائی داللت. - * - ** استادیار گروه زبان و ادبي ات عربی دانشگاه تشرین الذقيه سوریه تلفن: 00963933851619. دانشجوی کارشناسی ارشد گروه زبان و ادبي ات عربی دانشگاه تشرین الذقيه سوریه. )نویسنده مسؤول( امییل:.bashar.19833@hotmail.com تاریخ دریافت: 1394/09/30 ه.ش= 2015/12/21 م تاریخ پذیرش: 1395/04/01 ه.ش= 2016/06/21 م.
159 Studies on Arabic Language and Literature Deletion defamiliarization in Mahmoud Darwish Collection The Flowers of Almond or Beyond: A Semantic Investigation Mostafa Nemer, Faculty Member, Tishrin University, Syria. Bashar Ali Moutia, M.A Student, Tishrin University, Syria. Abstract This research deals with deletion defamiliarization in Mahmoud Darwish collection Flowers of Almond or beyond, which is characterized as an effective component of synthetic defamiliarization and an aspect of language ability of the poet. The aim is to identify examples of deletion in this collection and evaluate the aesthetic and technical implications. This study investigates two aspects of deletion defamiliarization: one level involves syntactic, rhetorical and phonological issues and the other shapes and appearance. This text if full of visual signs, something which can be called shape or visual defamiliarization and is very common in contemporary poetry and is obtained through typographical techniques which the poet uses. First, issues related to letters and words are considered with an emphasis on the effect of syntagmatic movement on paradigmatic level. So, the messages of the text are conveyed in different styles which are associated with different elements including surprise and fear. Second, issues related to the poet s outlook are considered. Omission is employed in a way which contribute to potentiality in that familiar constructions are replaced by more effective ones. One of the most important objectives of this research is an interpretation of the implications of deletion, a device which is used to provide the readers with mysteries from his language, which in turn reveals his inner secrets something which standard language fails to do. This style of language puts the reader face to face with linguistic and intellectual questions, a task which is the prime mission of modern poetry. Keyword: Displacement, Defamiliarization, Meaning, Omission. The Sources and References:.The Holy Quran. 1. Al-A'shy, Maimon Ibn Qais, Al-Diwan, investigation: Mohamed Hussein, (w. p), Cairo: Library of Literature, (w. d) 2. Al-Jarjani, Abdul-Qaher, Evidence of Miracles, Achievement: Mahmud shkar, 3, Cairo: Al-Khanji Library, 1992.
Abstracts in English 160 3. Grykus, facilitation, eloquence of the image of Fashir Abdel Wahab al- Bayati, Analytical Analytical Study, (w. p), Egypt: PhD thesis at Ain Shams University, 1996. 4. Hamouda, Tahrisliman, the Phenomenon of Deletion in the Literary Literature, (w. p), Egypt: Publications, University of Alexandria, 1998. 5. Abohamidah, Muhammad Salah Zaki, poetry discourse by Mahmoud Darwish, (Stylistic study), I 1, Gaza: Almqdadad Press, 2000. 6. Darwish, Mahmood, Kazaherlouz A'awad, I 1, Beirut: Riyad Al-Rayes for Books and Publishing, 2005. 7. Radi, Abdel Hakim, the Theory of Language in Arab Criticism, I 1, Cairo: Supreme Council of Culture, 2003. 8. Al-Rawashdeh, Sameh, the Problem of Receiving and Interpreting, a Study in Modern Arabic Poetry, 1, Amman, Jordan: Cooperative Press Workers Association, 2001. 9. Abu Samra, Jamal Jamil, Structure of the poem at Fayez Khaddour, 1, Damascus: Ministry of Culture, 2012. 10. Tabl, Hassan, the Meaning of Arabic Calligraphy, I 1, Cairo: Dar Al-Fikr Al- Arabi, 1998. 11. Abdul-Muttalib, Muhammad, Al-Balaghah and Aslubiyya, I 1, Cairo: Lebanon Publishers Library, 1994. 12. Abu Al, Al-Diwan(w. p) Beirut, Beirut: Beirut House for Printing and Publishing, 1986. 13. Abu Osman Amr Benbahr, Al-Jahez, Al-Bayan and Al-Tibin, translated by: Abdel Salam Haroun, I.4, Beirut: Daralfikr, (w. d). 14. Cohn, Jean, The Structure of the Language of the Poetic, Translated by: Muhammad Al-Juloum M. Al-Amari, I 1, Morocco: Toubka Publishing House, 1986. 15. Macry, Muhammad, Form and Speech - Introduction to the Analysis of My Phenomena, I 1, Casablanca: The Arab Cultural Center, 1991.