احللقة األولى العصيان املدني... مقاومة أم احتجاج»إن املقاومة تعني العصيان أو الرفض«املقاومة واالحتجاج يحكي بير هيرجنرين حكاية له مع أخيه الصغير وهو طف

احللقة األولى العصيان املدني... مقاومة أم احتجاج»إن املقاومة تعني العصيان أو الرفض«املقاومة واالحتجاج يحكي بير هيرجنرين حكاية له مع أخيه الصغير وهو طفل:»من الدروس األولى التي تعلمتها في العصيان املدني كان عند والدة أخي الصغير... ولقد كنت مفتونا بإصراره البريء على تنفيذ ما يشاء وبالطريقة التي يشاء وعندما ال يرغب في عمل شئ فإنه ببساطة يرفض وال يساوم على هذا الرفض وهو ما كان مغايرا متاما ملا كنت عليه حيث أنني كنت ابنا مطيعا جدا. وال أقصد بهذا أنني لم أكن أحتج )protest( فلقد كنت أصيح بشكل عنيف وأصرخ وأجادل ولكن عندما ينتهي هذا االحتجاج والصراخ فإنني أنصاع في نهاية األمر. كان هذا هو التباين بيني وبني أخي والذي ساعدني كثيرا في أن أفهم بوضوح االختالف بني مفهوم املقاومة )resistance( ومفهوم االحتجاج.»)protest( وتتسم كلمة املقاومة اليوم بالنمطية وذلك ألن كل أشكال االحتجاج - ولألسف - أصبحت فجأة تسمى مقاومة. إن االحتجاج قد يكون مجرد تعبير عن موقف إزاء قانون ما أو موقف ما ثم العودة واإلذعان. أما املقاومة فتسعى إلى إلغاء القرار أو حتدي القانون. إنها ترفض اإلذعان أو الطاعة. إن املقاومة في جوهرها هي العصيان. وقد يكون االحتجاج أكثر قبوال في بعض احلاالت إال أن تأثيره ليس كتأثير املقاومة )رغم أن االحتجاج بالنسبة لنظام دكتاتوري ي عد شكال من أشكال املقاومة ألنه عمل غير مشروع في نظر الديكتاتورية شأنه شأن املقاومة(. جذور العصيان املدني كان أول من استعمل مصطلح العصيان املدني وأشار إلى فكرته هو الكاتب األمريكي هنري دايفيد ثوراو في مقاله الشهير»العصيان املدني«املنشور في سنة 1849. وقد كتب مقاله الشهير هذا عقب امتناعه عن دفع ضرائب احلرب احتجاجا على العبودية والقمع واالضطهاد واحلرب التي كانت تخوضها الواليات املتحدة ضد املكسيك. ولم يكن االمتناع عن دفع الضرائب بالفكرة اجلديدة وإمنا استعملها مناهضو االسترقاق وآخرون غيرهم. وكذلك جلأ كارل ماركس إلى هذه الفكرة حني حاول أن ينظم حملة إلقناع األوربيني بعدم دفع الضرائب خالل الثورة التي اجتاحت أوروبا عام 1848 م.

تعريف العصيان املدني يعرف بير هيرجنرين العصيان املدني في كتابه»طريق املقاومة... ممارسة العصيان املدني«بأنه: نشاط شعبي متحضر] 1 [. يعتمد أساسا على مبدأ الالعنف. أنشطة العصيان املدني هي عبارة عن حتد ألمر ما أو لقرار ما حتى ولو كانت غير مقيدة بالقانون. هدف النشاط املباشر هو أن يحافظ على أو يغير ظاهرة معينة في اجملتمع. النتائج أو التبعات الشخصية جزء مهم من النشاط وال ينظر إليها على أنها نتيجة سلبية. ويجب االنتباه إلى أن العصيان املدني تقوم أنشطته على التحدي فال تقيده قوانني النظام أو قراراته وإن كان أحيانا يتم عبر القوانني. ومن ثم ال يستطيع النظام أن يفرض على حركة العصيان نشاطا بعينه أو مينعها من نشاط أو يفرض عليها ميدانا بعينه. اجلمهور هو املستهدف إن املقاومة يجب أن توجه خطابها إلى املواطنني املذعنني. ويعتقد»ثوراو«أن املواطنني هم الذين يشكلون ويصنعون اجلزء األهم في جماعة العصيان املدني. كما يري أن أكبر الداعمني لألنظمة اجلائرة والذين ميثلون أخطر وأكبر املعوقات أمام حركة املقاومة هم أولئك الذين يعترضون ثم يذعنون ويقدمون للنظم الوالء والدعم في النهاية. وينبغي أال تنشغل حركة العصيان املدني بتوجيه خطابها إلى احلاكم أو النظام وتغفل عن اختيار خطاب مناسب للجماهير يدعوهم للمشاركة في العصيان ويحرضهم عليه ويربط مستقبلهم بنجاحه. طاملا أنها قررت املقاومة... وليس االحتجاج. لقد أوضح املهامتا غاندي - الذي قاد النضال ضد االستعمار البريطاني في الهند - بشكل ال يقبل الشك أن العصيان يقوض من سلطة الدولة إلى حد بعيد إذ يقول»لو أن الرجل يشعر أنه ليس من الرجولة أن يطيع القوانني اجلائرة فلن يستطيع أي طاغية أن يستعبده«. وتكمن املشكلة احلقيقية في إذعان أكثر املواطنني وكونهم ضمن شريحة اجملتمع املطيعة وحني يستطيع ناشطو العصيان املدني حتفيز اآلخرين على حتدي القوانني والتعليمات اجلائرة عن طريق استثمار النتائج والعواقب املترتبة على املمارسة احلقيقية ألنشطة العصيان املدني فإنهم ينجحون في مساعدة اجلمهور كي

يتغلب على حاجز اخلوف من العقوبات الشخصية. إن العصيان املدني ينبغي أن ينظر له كوحدة متكاملة حيث تكون العقوبة بنفس أهمية األنشطة. إن العقوبات أو باألحرى التغلب على اخلوف من العقوبة أساس في مبدأ العصيان املدني. والعصيان املدني ال يهدف فحسب إلى التأثير في الرأي العام ولكنه يتجاوز ذلك ليصبح طريقة لتحفيز املواطنني على العصيان. والفعل أو النشاط وحده ال يكفي لتحقيق هذا الهدف. ولكن امتزاج عنصر األنشطة بعنصر العقوبات يحدث احلافز القوي للعصيان والتغلب على اخلوف من العقوبات. لذلك يتم اكتساب اجلماهير من خالل تقدمي النموذج الذي يرفض االنصياع لألوامر وكلما صمد هذا النموذج أمام العقوبات كلما ازداد عدد املنضمني للعصيان. وعادة ما يكون دور حركات العصيان هو إشعال فتيل املقاومة وتقدمي النموذج ليتبعها األحرار ويقول جون راؤول في كتابه»نظرية العدالة«:»ليس من الصعب أن تبرر حالة العصيان املدني في نظام غير عادل ال يتبع رأي األغلبية ولكن حينما يكون النظام عادال إلى حد ما تبرز مشكلة أال وهي أن من يقوم بالعصيان املدني يصبح من األقلية وتغدو عملية العصيان املدني وكأنها موجهة ضد رأي األغلبية في اجملتمع«. لذلك تستفيد حركات العصيان من الظلم والتسلط وتوظفهما في عملية التحريض وكلما ازداد الظلم كلما كان ذلك في صالح حركات العصيان وكلما زادت اجلرائم املعلنة للنظام كلما كان ذلك سبيال إلى اجتذاب اجلماهير. لذلك تستفيد حركات العصيان من أخطاء النظام وتوظفها بشكل دقيق جلذب املزيد من األحرار ولتسقط شرعيته وهيبته. وسائل العصيان ال تعرف السرية تبعا لقواعد العصيان املدني فإن املشاركني ال يتعمدون إخفاء وسائل أنشطتهم عن السلطة وبهذا فإنهم ال يتعمدون جتنب النتائج أو التبعات السلبية لهذه األنشطة. ولذا فإن كتابة شعار سياسي أو رسالة ما على حائط أو جدار ما حتت جنح الظالم يعتبر نوعا من أنواع االحتجاج وليس املقاومة )إال في ظروف معينة( رغم أن ذلك قد يعطي نتائج سياسية مرضية. ولذلك ينبغي حلركات العصيان أن تعي هذه النقطة جيدا. أن املواطنني هم املستهدف الرئيس للعصيان أن يرى الناس أفرادا من الشعب ميارسون العصيان جهارا.. ويتحملون عواقبه... واألعمال التي تتم في جنح الظالم ال تشجع اآلخرين على أن يقوموا بنفس العمل. لذلك قد ال تعد عصيانا... فالعصيان هو رفض للنظام وكسر لقانون أو وضع ما جائر دون تخفي. وتكون مهارة احلركة في أن يستثمر جهازها اإلعالمي هذه األنشطة وكلما زاد

القمع وبدأ التحرش باملشاركني كلما كان ذلك مؤشرا على جناح العصيان. وحينها يستفيد اجلهاز اإلعالمي املقاوم من كل حترش أو صدام أو كلمة نابية أو فلتة لسان أو عمل ال أخالقي أو مقتل ألحد املقاومني ليمتلك ورقة رابحة ودليال دامغا على أن الشعب قرر العصيان. وإذا فوت اجلهاز اإلعالمي هذه األحداث يكون قد فرط في أداة قوية من أدوات جناح العصيان. إن قوة النشاط في فقه العصيان قد تكمن في العقوبة التي ستوجه إلى املقاومني والتي سيستثمرها إعالم املقاومة.. املراجع Per Herngren, PATH OF RESISTANCE.. THE PRACTICE OF CIVIL DISOBEDIENCE, Revised edition 2004 ]1[ كلمة»مدني«صفة تتصل باملواطن ولهذا فإن أول ما يتبادر إلى الذهن أن العصيان املدني يعني عصيان املدنيني.. أي املواطنني غير العسكريني ولكن في حركة الالعنف فإن كلمة»مدني«تعني عكس ما تعنيه كلمة عنف وهذا معناه أن املشاركني في أي نشاط للعصيان املدني من كل قطاعات اجملتمع - سواء كانوا عسكريني )يعصون األوامر أو يغضون الطرف عن أنشطة املقاومني( أو غير عسكريني - يتصرفون بشكل مدني أي متحضر وبدون عنف. ولذلك ميكن أن نطلق عليه»العصيان احلضاري«. احللقة الثانية احلوار لغة العصيان»إن العصيان هو حوار مع اخلصم من خالل أنشطة املقاومة واحملاكمات... كما أنه حوار مع املواطنني«احلوار لغة العصيان أحسن ما يوصف به العصيان املدني أنه عبارة عن حوار. حوار مع اخلصم من خالل أنشطة املقاومة واحملاكمات كما أنه حوار مع املواطنني من خالل حتفيزهم للمشاركة في أنشطة املقاومة. وعادة ما تبدأ املقاومة بشكل تدريجي فتبدأ حملة املقاومة مثال باملفاوضات ثم ت ص ع د تدريجيا )أو تبتكر أساليب أخرى( إذا لم تنجح املفاوضة في لفت انتباه اخلصم وإقناعه بضرورة احلوار. وقد شبه غاندي هذه العملية بارتقاء درجات السلم ففي مسيرة امللح الشهيرة عندما كسر الهنود قانون االستعمار البريطاني وبدأوا يستخلصون امللح من البحر سأل أحد الصحفيني غاندي ماذا سيفعل لو لم تستجب السلطات لذلك... فأجاب:»عندئذ سأ ص ع د احلملة«. وذلك حتى يستمر احلوار بني املقاومة والنظام. ومن الضروري أن يستمر هذا احلوار وأال يتوقف وأال يتم جتاهله وأن يستهدف جر اجملتمع كله من مسئولني ومواطنني إلى حوار مكثف ذلك أن استمرار احلوار يعني استمرار احلركة في حتقيق أهدافها وازدياد قوتها وفي توقف احلوار تعزيز ملوقف النظام وازدياد قوته. وعلى احلركة ونشطائها أن يعوا أن عدم التهيب من السلطة

يجب أال يؤدي إلى قطع احلوار الذي قد ينشأ نتيجة احلماس في دفع املقاومة إلى األمام بشكل غير مدروس. أما إذا كان اخلصم هو البادئ في قطع احلوار - ألسباب تكتيكية - فسيزيد ذلك من إمكانية خلق حوار مباشر بني مجموعة النشطاء من جهة وبني املواطنني من جهة أخرى. وهذا التطور هو الشائع في مثل هذه املواقف. إن استجابة اخلصم جزء ضروري في عملية املقاومة بغض النظر عما إذا كانت هذه االستجابة سلبية أو إيجابية جزئية أو كلية. العصيان املدني والعمل املباشر وبحسب استجابة اخلصم تكون طبيعة النشاط. فقد يكون من الضروري أحيانا أن يأخذ العصيان املدني صورة العمل املباشر الرمزي ومن األمثلة على الفعل املباشر الرمزي ما قامت به حركة السالم في السويد عندما قامت بإعاقة جدية لتصدير السالح في عام 1983 حيث متكنت مجموعة من النشطاء - رغم ضعفها التنظيمي - من تعطيل سفينة محملة بالسالح ملدة ساعة مرسلة برسالة رمزية بضرورة وقف تصدير السالح كليا وفي نفس الوقت فقد حققت هدفها بشكل رمزي ومنعت تصدير السالح فعال في هذا النشاط. وعندما تقوم حركة ما بإيواء مجموعة من املشردين ممن ال مأوى لهم فإنها بذلك تسلط الضوء على قضية املشردين وفي نفس الوقت حتقق هدفا من أهدافها أال وهو إيجاد مأوى لهؤالء املشردين. وعندما ينام عدد من النشطاء على شريط سكة حديد معترضني سير قطار محمل بأغذية فاسدة فهم إمنا مينعون ذلك بأجسادهم كما يعبرون عن ضرر هذه األغذية وعن رفضهم لها. وجتب اإلشارة هنا إلى أن العمل املباشر ال يحظر االستعمال الرمزي للقوة. فلقد قامت مجموعة من النشطاء املسيحيني بربط أنفسهم بالسالسل ومن ثم ربطوا هذه السالسل بأبواب قواعد عسكرية معروفة في بريطانيا. وهم ال يعنون بذلك أن يحققوا هدفا باستخدام قوة السالسل وإمنا يريدون أن تصل رسائلهم إلى الرأي العام البريطاني والعاملي. وهنا يبرز سؤال هام عن أخالقيات حركة العصيان املدني ومبرراته. أخالقيات حركة العصيان املدني يجب أن ميثل العصيان املدني حافزا أخالقيا للمواطنني ليكون جديرا بثقتهم. وتبدو هذه الثقة مستحيلة إذا هددت حركة املقاومة باستعمال العنف مما يخلق عند الناس حالة ذهنية من الهلع حتول بينهم وبني االستجابة للحافز األخالقي وبهذا يصبح العصيان مصدرا للخوف بدال من الثقة. فالعصيان إذا ما كان مصحوبا بالعنف فانه يعزز قوة اخلصم.

إن إدخال عنصر القوة اجلسدية في املقاومة - خاصة في البداية مع ضعف احلركة - يؤدي إلى عزل الكثيرين من النشطاء عن املقاومة - خاصة الذين ال ميتلكون قوة جسدية. وبذلك تصبح حركة العصيان املدني قائمة على مجموعة مختارة مبواصفات محددة وهو ما يضعف احلركة أمام قوة الطرف اآلخر. ومشاركة اجملموعات النسائية في أعمال العصيان املدني خير مؤيد لوجهة النظر هذه. ويجب االنتباه إلى أن العصيان املدني ال يكون مؤثرا أو فعاال إال مببررات أخالقية نابعة من عدالة القضية التي قام من أجلها. فمثال حني يتعارض القانون املدني مع القيم األخالقية والدينية للمجتمع أو يقوم النظام مبنع احلقوق الدستورية للمواطنني مثل حق التجمع السلمي أو حرية االعتقاد الديني أو فرض ضرائب على أفراد اجملتمع واستخدامها في حروب ظاملة أو سرقتها لصالح أسرة النظام وحزبه يجد العصيان املدني مبررات قوية لقيامه بأنشطته. فتحقيق العدل يفوق االلتزام بأي قانون جائر. إن مسئولية الفرد جتاه مجتمعه ومطالبته بحقه الطبيعي في تلبية نداء الضمير يؤكد على وجوب مقاومة النظم الديكتاتورية وعدم السماح لها بالتحكم في تصرفاتنا وسلوكنا أو أن متلي علينا مالذي ميكننا أو ال ميكننا عمله. إننا عادة ما نسمح للنظام بالتحكم في تصرفاتنا وسلوكنا من خالل مانتصوره ممكنا أو غير ممكن غير أنه من خالل أنشطتنا فقط تتأكد لدينا إمكانية الفعل أو استحالته. ففي مفاوضات نزع السالح مثال من املنطقي والطبيعي أن تكون السلطة أو احلكومة وحدها هي القادرة على حتديد أي األسلحة تنزع وأيها يدمر ولكن عندما يقوم عمال مصانع األسلحة من نشطاء العصيان املدني بإبطال فعالية هذه األسلحة أو نزعها بأنفسهم تتغير حينها قناعاتنا حول من بإمكانه أيضا أن يقوم بالعمل الذي ترفض احلكومة القيام به. فأشياء تبدو ألول وهلة أنها مستحيلة لكنها حتدث وأمور تبدو في يد النظام وحده لكن مجموعة بسيطة تستطيع أن تثبت عكس ذلك. ولهذا لكي تصح تصوراتنا عن اإلمكانية احلقيقية لفعل ما فالبد من إخضاعه للتجربة وهي وحدها احلكم الذي يقرر اإلمكانية من عدمها. وال ينبغي أن نكتفي بانهزام اإلرادة والتسليم إليهامات اخلصم بأن كل شيء في قبضته وأننا يجب أال نتخطى اخلطوط احلمراء التي وضعها. وباملثل فإن رؤيتنا التقليدية ملا هو صحيح وما هو خطأ تتحكم بسلوكنا إلى حد كبير فطاعة القانون مثال وعدم تخريب املمتلكات مبدآن أخالقيان متجذران في ثقافة اجملتمع ولكن حني يقوم نشطاء البيئة في أوروبا بتفكيك اآلالت املضرة بالبيئة والتي يحميها القانون - أي يحمي اإلضرار بالبيئة وتخريب الطبيعة - سيكون

من املعقد جدا أن نفهم هذا التعارض بني القضيتني. ماهو الصواب وما هو اخلطأ. وعندما تقوم حركة العصيان املدني بالدعوة إلى االمتناع عن دفع الضرائب فإنها ال تدعو لعمل غير أخالقي - رغم أن ظاهره قد يبدو كذلك فقد يكون الهدف من وراء هذا االمتناع هو إيقاف عمليات الرشاوى والفساد التي تتم حتت مظلة»الضرائب«. قد يتحدث الكثيرون عن أخالقيات العصيان املدني لكن هذه األخالقيات تختلف بحسب النظرة إلى ما هو ممكن وغير ممكن وما هو صواب أو خطأ واملطلوب هو إخضاع هذه األعراف والقناعات للتجربة باحلوار مع اخلصم ومن ثم كل اجملتمع عن طريق أنشطة واستراتيجيات العصيان املدني. املراجع Per Herngren, PATH OF RESISTANCE.. THE PRACTICE OF CIVIL DISOBEDIENCE, Revised edition 2004. احللقة الثالثة العصيان املدني ومجموعات العمل»عندما ينتظم ألف شخص في شكل مجموعات عمل متنوعة فإن قدرتهم على تصعيد املقاومة تكون أكبر من أن يتولى قيادة هذا العدد الكبير مجموعة صغيرة سرعان ما تنفد طاقتها«بير هرينجرين ثقافة العمل في فريق إن ثقافة»العمل في فريق«قيمة عظمى تفتقدها مجتمعاتنا بصفة عامة فمجتمعاتنا قائمة على العمل واإلجناز الفردي. بينما قيمة أو كلمة الفريق تعني عدة أشياء. فهي تعني التعاون والتواصل وجودة وسرعة اإلنتاج وهي األشياء التي يفتقدها العمل الفردي. وقد تتواجد اجلماعات واحلركات ولكنها ال تستفيد من قيمة العمل في فريق فتغلب عليها النزعة الفردية في اتخاذ القرارات وتدريب األفراد على التبعية املطلقة. وهو أمر يختلف كليا عن ثقافة»العمل في فريق«والتي جتعل الفريق كله مسئوال عن العمل والنجاح والفشل ومتنح الثقة لكل أفراد اجملموعة وتعزز قدرتهم على اتخاذ القرارات. وقد كان لهذه الثقافة دور كبير في ازدهار ونهضة اجملتمعات الغربية. جذور مجموعات العمل أسست احلركة الفوضوية األسبانية في الثالثينات الكثير من أنشطة وأعمال املقاومة القائمة على فكرة مجموعات العمل. والتي فاقت نتائج استخدامها كل التوقعات وأدت إلى االنتشار السريع للفكرة في العالم الغربي والواليات املتحدة األمريكية خالل الثمانينيات من القرن املاضي.

ولقد أحدثت مجموعات العمل ثورة في مبدأ املقاومة بالالعنف. فقبل استخدامها كان على الفرد أن يبحث عن شخصية زعامية قوية مؤثرة ويأمل بذلك أن ينجح النشاط وأن يؤتي ثماره. أما مع ظهور مجموعات العمل فقد أصبح التخطيط واتخاذ القرارات وجناح العمل من مسئولية الفريق بأكمله. طبيعة مجموعات العمل تتألف مجموعة العمل عادة من ثالثة إلى خمسة عشر فردا جتمعهم اهتمامات وأهداف مشتركة وعادة ما يكون سر قوتها وتأثيرها نابع من قلة عددها إذ ميكنها القيام بعمل نوعي مبني على املشاركة اإليجابية لكل أفراد اجملموعة وتساعدها صغر بنيتها على مرونة حركتها وجتديد استراتيجيتها تبعا ملتطلبات العمل. كما يضيف إلى قوتها أيضا املرونة في الزمن فيمكن أن تقوم مبهمة محددة قصيرة أوتشارك في مهمات طويلة األمد أي تقوم بالعصيان املدني بشكل منتظم ومستمر. كما أن مجموعات العمل قد تعمل منفردة أحيانا )كمجموعة( وقد تلتقي في عمل كبير موحد مع مجموعات أخرى. وملعرفة مدى مالءمة مجموعات عمل العصيان املدني للحركات التغييرية البد من التعرف على مميزاتها وعيوبها. مميزات مجموعات العمل 1- ارتفاع مستوى حرية العمل واتخاذ القرار داخل اجملموعة إذ أنها ذاتية احلركة فتقرر آليات اتخاذ القرارات وهي مسئولة مسئولية تامة عن النشاط الذي تؤديه وذلك ميكنها أيضا من سرعة اتخاذ القرارات إذ ميكن جتميع أعضاء اجملموعة بسرعة إذا ما حدث أمر جديد أو غير متوقع. كما أنها متثل الوحدات األساسية التي تتخذ القرارات في العمل اجلماهيري. 2- كفاءة عالية ونوعية للنشاط حيث أن اجملموعة تختار النشاط الذي يتفق مع قدراتها ومواهبها وطاقاتها وتقوم بتنفيذ األنشطة التي تؤمن بها. وتقوم بأعمال إبداعية حتفز اجلمهور حيث أن لكل مجموعة حرية االبتكار في األداء دون اخلروج على»مبدأ الالعنف«فيمتليء يوم النشاط بالكثير من األفكار التي قد ال يتسنى للقيادة املركزية أن تقوم بها. وكثيرا ما يفاجأ النشطاء أنفسهم حيث يرون الكثير من األفكار التي لم يكونوا يتوقعونها والتي تقوم بها مجموعات أخرى فتكسب النشاط جوا مشحونا بترقب اجلديد والتنافس لإلبداع. كذلك تزول الرتابة عن األعمال املألوفة مثل»املسيرات«حيث تأخذ في كل مرة شكال مختلفا فمجموعة تستعد بعرض فني وأخرى حتمل شعارات رمزية محددة وأخرى تعد مجسمات رمزية.

إذا ما حدث أن فقد أحد األعضاء السيطرة على النشاط فإن أعضاء مجموعته يدعمونه لينجح نشاطهم. 3- املرونة في احلركة إذ تتمتع بإمكانية وسهولة التقييم والتجديد تبعا ملتطلبات العمل. وسهولة فك اجملموعة وإعادة تركيبها بشكل جديد. وسهولة تدريبها وتعليم كل فرد فيها كيفية تكوين مجموعة جديدة في حال انفصاله عنها. ووقاية حركة العصيان من أخطار التكدس بالكم البشري غير الفعال من خالل تقنني آلية تفكيك وتكوين اجملموعات. 4- مجموعات العمل تضمن استمرارية املقاومة وتصاعد وتيرتها فعندما يتعرض قادة ورموز احلركة حلصار أو إعاقة كبيرة عن العمل تختار الكثير من اجملموعات االستمرار في املقاومة. وعندما ينتظم ألف شخص في شكل مجموعات عمل متنوعة فإن قدرتهم على تصعيد املقاومة تكون أكبر بكثير من أن يتولى قيادة هذا العدد الكبير مجموعة صغيرة من القادة الذين سرعان ما تنفد طاقتهم وإمكانيتهم في االستمرار بالعمل. وال يتطلب أسلوب مجموعات العمل - بالضرورة - شخصية قيادية فاجملموعة تدير نفسها بنفسها وميكنها تبادل إدارة العمل وقيادته. كما أنها جتنب احلركة العزلة عن اجملتمع من خالل تنشيطه في مجموعات عمل متنوعة تعطي اجلمهور الثقة في النفس واليقني بإمكانية الفعل دون إجباره على التقوقع على تنظيم بعينه. فكثير من الناس عندهم استعداد أن يشاركوا مع أصدقائهم في عمل ما. لكنهم يرفضون أو يخافون من االنضمام إلى حركة كبيرة. كما يصعب على النظام إيقاف عمل بهذا األسلوب ال يقوم على تنظيم هرمي مثال يتوقف فيه العمل لدى ضرب قيادته. فعندما تتوقف مجموعة عن العمل ويضرب نشاطها فإن بقية اجملموعات تعمل وتتم بقية األنشطة. والعمل بهذا األسلوب يقلل من نسبة املتسربني من اجملموعة حيث تتكون اجملموعة من أفراد متجانسني ومتآلفني ومتفقني على الهدف. غالبا ما تزول النبرة احلزبية االستعالئية وتقدم مصلحة املشروع التغييري على مصلحة اجملموعة. فكل مجموعة تسعد بظهور أخرى تساندها. وتؤيد أي مجموعة تتقدم باملشروع خطوة. فمجموعة العمل تعلم أن وظيفتها إجناز نشاط أو عدة أنشطة وأنها في حاجة إلى مجموعات أخرى. وتتجنب صراع التجنيد والضم العشوائي لألفراد إذ أن قوتها في قلة عددها. فتزول األنانية والشعور بالفوقية

الذين يعوقان تقدم قوى التغيير. 5- تأمني العمل إذ تقلل من إمكانية اختراق املعادين أو املتهورين أو من يسهل استفزازهم لألنشطة حيث أن كل مشارك في نشاط ما يكون منتميا ألحد مجموعات العمل وهذه اجملموعات يعرف أفرادها بعضهم البعض بشكل جيد ومن الطبيعي أن يطلب من الفرد الذي يخالف أو ال يؤمن باخلطوط العريضة أو مببادئ الالعنف أن يغادر اجملموعة. 6- ضآلة التكلفة األمنية فاعتقال اجملموعة ال يوقع أفرادها حتت ضغط نفسي كبير أثناء التحقيق خشية ذكر أسماء وأنشطة كل أعضاء احلركة. وأقسى اخلسائر سيكون اعتقال كل أفراد اجملموعة فقط. بينما ال تزال اجملموعات األخرى تتحرك. سلبيات مجموعات العمل صعوبة االنضمام إلى العصيان املدني العرضي )املفاجئ والناجت عن حادثة معينة(. مجموعات العمل تخلق شعورا بااللتزام والذي يتطلب من املرء بذل الكثير من اجلهد والوقت. إن أسلوب مجموعات العمل مينع تكدس حركات العصيان بالكم البشري غير الفعال. كما أن حركة صغيرة احلجم من حركات العصيان إذا اعتمدت فكرة مجموعات العمل فإنها تضاعف من قوتها. وهذا األسلوب مناسب أيضا لألفراد غير املنضمني إلى حركات كبيرة والذين يريدون أن يشاركوا في عملية التغيير. إننا حني ندعو للعصيان فإننا نحارب الديكتاتوريات. وعليه فإن من واجب حركات العصيان أن تطلق حرية التفكير واإلبداع وحت م ل مسئولية النشاط طاملا أن العمل لم يتجاوز استراتيجيات»الالعنف«. املراجع Per Herngren, PATH OF RESISTANCE.. THE PRACTICE OF CIVIL DISOBEDIENCE, Revised edition 2004. احللقة الرابعة مجموعات العمل والتحضير للنشاط إن مجموعة العمل تدرب على: 1- إقامة منوذج مصغر جملتمع مقاوم حر في وحدة صغيرة. 2- التخطيط للنشاط. 3- تطوير أساليب الالعنف مبا يناسب تقاليد اجملتمع.

ملن»مجموعات العمل«يضمن نظام»مجموعات العمل«كفاءة عالية في إجناز أعمال حركات الالعنف والعصيان املدني. ويعتبر غاندي مؤسس فكرة الالعنف أن اإلعداد الروحي والعقدي ضروري ملمارسة أنشطة الالعنف. غير أن بعض النشطاء من بعده قد طوروا هذا األسلوب ورأوا أن املشارب العقدية والفكرية قد جتتمع معا وال يحتاج الفرد لالنضمام إلى تنظيم أو حركة أيديولوحية بعينها بل يكفي أن يكون هناك هدفا مشتركا بني النشطاء. إن لدى التنظيمات املوجودة على ساحات التغيير ميزة وفرصة ذهبية لتبني أسلوب»مجموعات العمل«. فلديها األفراد الذين يجمعهم هدف واحد وليس لديها مشكلة في تكوين اجملموعات املتجانسة وتلتقي اجملموعات بشكل دوري عبر اجتمعاتها الرسمية. لكنها تتطلب فقط التدريب على اتخاذ القرارات والثقة في النفس وثقافة وأساليب العصيان املدني باإلضافة إلى تشجيع املبادرات التي ال تخرج عن مبدأ»الالعنف«. وبالنسبة لألفراد الذين ال يرغبون في االنضمام إلى حركات كبيرة وحتركهم دوافع مشتركة للمساهمة في احلركة التغييرية فإن تكوين مجموعات عمل عادة ما يتم بشكل طبيعي عبر العالقات االجتماعية )األصدقاء - اجليران - زمالء العمل - األقارب( لذلك يكون التقاؤهم طبيعيا وغير مفتعل. وسواء كانت مجموعات العمل ضمن حركات كبيرة أو كانت مجموعات صغيرة منفردة فإنها حتتاج إلى إعدادات وحتضيرات قبل العمل وأثناءه وبعده. ما التحضيرات الالزمة 1- حتضيرات إدارية: االتفاق على اسم اجملموعة وشعارها - إن كانت بحاجة لذلك. حتديد أسلوب إدارة اجملموعة وكيفية تداول القيادة فيها وتقنني آليات االتصال بالقيادة العليا )في حالة أن اجملموعة جزء من تنظيم(. وتقنني آليات االتصال باجملموعات األخرى - إن استدعى األمر - في حالة اجملموعات املنفردة. وضع القواعد العامة التي يجب أن تلتزم بها اجملموعة وحتديد آليات االنفصال وتكوين مجموعات أخرى. تقنني آليات فض النزاعات باستخدام الطرق والوسائل اخملتلفة التي تساعد على تعريف وتوصيف النزاعات وكيفية التوصل حللول لها مما يوفر اإلحساس باألمن لدى اجملموعة ودعم الشعور بالثقة املتبادلة وتقبل النقد وإسداؤه بطريقة بناءة. حتديد اآللية التي سيتم تدريب أعضاء اجملموعة من خاللها على أعمال وثقافة العصيان املدني وأنشطة الالعنف.

تقوية جتانس اجملموعة فخلق جتمع مقاوم يتطلب تعارف األفراد وتطوير التعاون فيما بينهم عبر التقييم املتواصل لتجانس اجملموعة وتعاونها. إن مجموعة العمل تدرب على إقامة منوذج مصغر جملتمع مقاوم حر في وحدة صغيرة تقوم بالتخطيط للنشاط وتطوير أساليب الالعنف مبا يناسب تقاليد وثقافة اجملتمع. 2- حتضيرات فكرية فلسفة وثقافة الالعنف: ونشرها عبر املراجع املتخصصة مثل مراجع»جني شارب«والسلسلة التي تصدرها أكادميية التغيير وغيرها ويتضمن ذلك الروايات واألدب والشعر والتجارب التاريخية واملعاصرة املقروءة واملسموعة واملرئية.] 1 [ التعرف على احلقوق الدستورية وواجبات وحقوق األفراد في الدولة. حتليل األوضاع: قد تتطرق املناقشات والتحليالت إلى موضوعات كثيرة في مكن أ ن ت ك ون حول الوضع السياسي احلالي احلالة العسكرية أجهزة اإلعالم حركة املقاومة احلركة البديلة بصفة عامة األحزاب السياسية الالعنف العصيان املدني الظلم الهيمنة الظلم في اجملموعة القانون املراد تعديله أو تغييره كما تدرس نقاط القوة والضعف لدى النظام واستراجيته في البقاء ونقاط ضعف وقوة قوى التغيير وما الذي ستضيفه اجملموعة من قوة إلى باقي مجموعات وحركات التغيير واحتياجات الشعب والقضايا احملركة له والتي ميكن أن حتشده ملناصرة احلركة التغييرية والعوامل والظروف املساعدة التي ميكن أن تؤثر على مسار الصراع. واملزيد من املوضوعات األخرى. قضايا فلسفية: مثل: أخالقيات العصيان املدني] 2 [ وحركة الالعنف وما هو احلق الذي منلكه خلرق وكسر القانون وكيف ميكن تفعيل الرمزية] 3 [ في العمل احتياجات اجملموعة: باحلديث حول اخلوف واخملاطرة واألمن والدعم والعزلة واالعتقال واالحتجاز واحملاكمات والعقوبات وأمننا وأمن اآلخرين والعائلة واألصدقاء وغيرها من املواضيع ذات الصلة بالعمل التغييري. 3- حتضيرات للنشاط نفسه حتديد أهداف النشاط بدقة: )احتياجات األفراد - احتياجات اجملموعة - احتياجات اجملتمع( ومناقشة رسالة النشاط والدافع والرمزية واألولويات. حتديد بؤرة النشاط: والتركيز على األشياء األكثر أهمية وحتديد أقوى الوسائل لتحقيقها بدال من استخدام مواردنا احملدودة في كل أنواع األنشطة والقضايا. وهذا التركيز يساعد على الوضوح: هل رسالة النشاط مفهومة وهل متثل حافزا للجماهير وهل تصل إلى املستهدفني منها وما أفضل الوسائل إليصالها. حتديد وسائل االتصال: خللق حوار مع اخلصم ومع بقية اجملتمع والتي تتضمن

اإلعالم واحملاكمات واالتصال الشخصي مع العمال وصناع القرار واخلطابات والرسائل واحللقات الدراسية والدورات التدريبية... الخ. بناء القدرة وتوزيع األدوار: فقبل البدء في أي نشاط البد من تقييم أو تقدير قدرة كل فرد على تنفيذه وإعطائه الفرصة للتفكير و مراجعة تردده وتردد اآلخرين في املشاركة والتريث إذا وجد أنه من األفضل لهم أن ينتظروا فترة قبل املشاركة في األنشطة. وعلى كل فإن اجملموعة تقيس قدرتها على الفعل فإن و جدت أمتت نشاطها وإن لم توجد سعت لبناء قدرتها وتطوير أفرادها وتدريبهم. وال يجب قسر األفراد على أدوار بعينها. بل يجب أن تختار كل مجموعة الدور الذي يتفق مع مواهبها ومهاراتها. عمل األبحاث: للحصول عن املعلومات الالزمة وقد يتم ذلك عبر املؤسسات احلكومية أو اإلنترنت أو دليل الهاتف أو الزيارات امليدانية ومراقبة األماكن املستهدفة ورسم خارطة للموقع ومدى بعد وقرب املكان من مقار الشرطة ومن اجلماهير وذلك بحسب طبيعة النشاط. تبادل املعلومات: ويتم بني أفراد اجملموعة عبر مختلف الوسائل ومنها اإلنترنت والقوائم البريدية. كما ميكن احلصول على معلومات عن أي مؤسسة بإرسال السؤال لها عبر اإلنترنت وانتظار الرد بعد أيام وميكن كذلك االحتفاظ ببعض املعلومات الهامة واملتعلقة باجملموعة على شبكة اإلنترنت بسبل متعددة. كما يعد اإلنترنت وسيلة هامة لالتصال بحركات العصيان في كل أنحاء العالم لتبادل اخلبرات. كذلك يستخدم الهاتف )احملمول( في االتصاالت السريعة. 4- حتضيرات نفسية وتتركز عادة في كسر حاجز اخلوف من عواقب العمل. وتأكيد عدالة القضية وتعزيز الشعور بإمكانية الفعل. ويقول بير هيرجنرين عن أحد احلركات املهتمة بنزع األسلحة التدميرية:»نحن نحاول نزع سالح مخاوفنا اخلاصة«. كما أننا نحاول أيضا نزع سالح جدران احلماية األخرى التي بنيناها لنتجنب اخملاطر الشخصية. كما أننا نحاول نزع سالح العنف والقمع واالضطهاد الذي قد يوجد داخل اجملموعة نفسها. وفي النهاية فنحن نحاول - من خالل أنشطتنا - نزع سالح العنف واخلوف والشك من اجملتمع. نحن نحاول التغلب على مخاوفنا الكتساب الشجاعة ملمارسة العصيان املدني وحتى حينها يظل اخلوف موجودا. ونحن ال نقاوم الظلم والقمع واالضطهاد لكي

تختفي النزاعات ولكن حتى ميكن التعامل مع النزاعات من خالل العمل احلر«. أين يتم التحضير وعادة ما يتم هذا اإلعداد من خالل: االجتماعات الرسمية للمجموعة والتي يكون لها جدول أعمال محدد في كل مرة. اللقاءات االعتيادية )العمل - اجلامعة - النادي - املطاعم - املكتبات العامة( حيث تستفيد اجملموعة من أماكن االجتماع الطبيعية في احلديث وعرض األفكار املتعلقة بالعصيان. دون أن تشعر بغربة عن مجتمعها أو حتوط نفسها بسياج من السرية. متى يتم التحضير حتضيرات قبلية: وتكون قبل العمل ملناقشة األفكار وحتديد األنشطة وأفضل األساليب وتوزيع األدوار. فتجتمع اجملموعة مثال ملدة ثالثة أيام معا ملدارسة املواضيع املطروحة. وإلنضاج الفكرة فإنه ينصح أن متر بخمسة إلى عشرة لقاءات اعتيادية. ويجب عدم الوقوع في أسر الشلل التحليلي الذي يسرف في الدراسة النظرية بشكل يحول دون القيام بالعمل حيث أن اكتساب اخلبرة عن طريق املمارسة العملية مهم لنجاح العمل وتطوير التصور النظري. حتضيرات أثناء العمل: للمراجعة وحتديد ما إذا كانت هناك حاجة ألي نوع من أنواع التعديالت أو الدعم. حتضيرات بعدية: عادة ما تقوم اجملموعة بعد انتهاء العمل بأخذ فترة راحة من األنشطة املتتابعة لتقييم العمل وحتديد اإليجابيات والسلبيات والتفكير فيما ينبغي عمله ومراجعة احلاجات الشخصية وحاجات اجملموعة وحاجات اجملتمع. ]1[ األفالم اخلاصة بتجارب حركات الالعنف متوفرة في أكادميية التغيير. ]2[ لالطالع على املقصود بأخالقيات العصيان املدني ينصح الرجوع إلى احللقة الثانية»احلوار لغة العصيان«. ]3[ الرمز الذي يشير إلى الرسالة املقصودة من النشاط مثل الشعار والزي...الخ. املراجع Per Herngren, PATH OF RESISTANCE.. THE PRACTICE OF CIVIL DISOBEDIENCE, Revised edition 2004. احللقة اخلامسة األنشطة واحلوار إن هدف النشاط هو خلق احلوار بيننا وبني أنفسنا بيننا وبني اجلماهير بيننا وبني النظام. فالنشاط ليس هدفا لذاته. لقد ذكر منظر حركة الالعنف»جني شارب«في السبعينيات 198 وسيلة من وسائل هذا الكفاح والتي صنفها في ثالث مجموعات رئيسية.

اجملموعات الثالث 1- أساليب االحتجاج واإلقناع باستخدام الالعنف )مثل التظاهرات واملسيرات السلمية وتوزيع النشرات ووضع ألوان معينة...(. 2- أساليب الالتعاون )وتعني رفض التعاون مثل اإلضرابات واملقاطعة االقتصادية واالجتماعية والسياسية ملؤسسات الدولة...(. 3- أساليب التدخل الالعنيف )تعطيل األعمال االعتيادية واحتالل املكاتب وإنشاء مؤسسات وحكومة موازية...(. وحيث أن موضوعنا هو العصيان املدني وهو جزء من منظومة حرب الالعنف ويتبلور في أدوات اجملموعة الثانية»الالتعاون«من أسلحة حرب الالعنف ويعمل عادة مبوازاة األنشطة األخرى فإننا سنتخذ من احلديث عنه ودراسته نافذة لإلطالل على أنشطة حرب الالعنف وذلك لشحذ األذهان بالعلم الذي يدفع إلى االبتكار واإلبداع في مواجهة النظام الديكتاتوري. النشاط املوجه بني التهيب والسلبية إن التهيب من ممارسة العمل السياسي وانتظار اآلخرين أن يقوموا به نيابة عنا نابع من عدم إدراكنا أننا منارسه من خالل أعمالنا اليومية كالذهاب إلى العمل والتعاون مع الزمالء وطاعة الرؤساء والذهاب إلى السوق... الخ. ولهذه األنشطة اليومية تبعات سياسية وإن لم ندرك نحن ذلك وتقوم هذه األنشطة السياسية مبد اجملتمع بحركته الديناميكية والتي إن توقفنا عنها أصيب اجملتمع بالشلل. ويفترض أن تصب هذه األعمال في اجتاه تطور ومناء اجملتمع ولألسف فإن عدم إدراكنا للطبيعة السياسية ألعمالنا اليومية وعدم وضعها في إطار يهدف الى تنمية وتقدم اجملتمع قد يأتي بنتيجة عكسية سلبية األثر على اجملتمع من حيث النشعر. وتساعد ثقافة العصيان املدني في توعية اجملتمع وأفراده بهذه احلقيقة واملطلوب أن يضع الفرد نصب عينيه الهدف التطويري والتنموي من عمله اليومي فإذا كانت نتيجة العمل سلبية أو هدامة وجب التوقف عنه وبهذا يقوم الفرد مبمارسة العصيان املدني بوعي وعلى بصيرة ويستطيع أن يشرح ذلك لآلخرين ويشجعهم عليه. ومثال ذلك ما ملسته حركة الشارع العربي في السنوات األخيرة من مقاطعة البضائع واملنتجات األمريكية حني رأى الناس أن في دعم تلك املنتجات إضرارا مبصالح اجملتمع واملنطقة ككل. النظام واجملتمع وألن للمجتمع نظام يحكمه نابع من تفويضه ألفراد يقومون على خدمته وتنظيمه فإن املراقبة الدائمة ألداء هذا النظام من أهم وظائف اجملتمع وحني تكون إدارة

النظام احلاكم للمجتمع سلبية ومدمرة فان استمرار األفراد على نفس وتيرة أعمالهم اليومية يعني االستسالم واملشاركة الفاعلة في بقاء النظام الفاسد. فجميعنا إذا مسئولون عن دميومة الظلم وتخلف اجملتمع بتفاوت حجم املسئولية من شخص آلخر غير أن كل شخص مسئول عن مدى استهانته بأهمية نشاطه اليومي في اجملتمع وماميكن أن ينتج عن ذلك من إذعان وطاعة للحكام فمن خالل صمتنا وخدمتنا للنظام - فاسدا كان أم صاحلا - عبر أعمالنا اليومية فإننا نشارك في دعمه وتثبيت أركانه. وبإدراك هذه احلقيقة ميكن للفرد أن يستخدم نشاطه اليومي ويوجهه وجهة إيجابية للتخلص من الفقر والتخلف والذين هما وجه العملة اآلخر للظلم واالستبداد. النشاط املوجه... ملن بإدراك املعنى السابق ميكن أن نحدد األطراف املستهدفة بأنشطتنا وسيجد الدارس أن هذه األطراف هي: 1- النفس. 2- اجملتمع. 3- النظام. 1- النشاط املوجه للنفس هزمية اليأس الذي يؤدي إلى العنف أو االستسالم )وجهني لعملة واحدة( وكالهما قد يؤدي إلى املشاركة الفاعلة في إبقاء الظلم. فالنظام الدكتاتوري يعمل على دفع الناس إلى اليأس فإن أدى ذلك بالناس إلى السلبية - وهو مايريده النظام ويسعى إليه - ازداد النظام في جبروته وإن أدى اليأس إلى العنف ازداد الظالم في قمعه واتخذ من العنف ذريعة للقمع والبطش. جتنب االنفصام الشخصي بني الفرد ككائن منفرد وبني اجملتمع ككائن آخر فمصلحة الفرد من مصلحة اجملتمع والعكس بالعكس وإن كل حركة يقوم بها الفرد تأتي بنتيجة سلبية أو إيجابية على اجملتمع. كسر حاجز اخلوف من عواقب النشاط والتي تتمثل في العقوبات التي تنال الفرد. ويالحظ أن الناشط عادة مايكون متهيبا من أي نشاط جديد في البداية لكنه ال يلبث أن يعتاده ويراه عمال طبيعيا. لذلك فاندماجنا في أنشطة العصيان كفيل بكسر حاجز اخلوف واألوهام التي بداخلنا. إن املفتاح هو الفرد وإدراكه لقيمة العمل الذي يؤديه بشكل اعتيادي يومي في اجملتمع وأن هذا العمل إما أن يكون مقوضا أو داعما لشرعية النظام وبقائه. 2- النشاط املوجه للمجتمع وشرائحه ويوجه احلوار )النشاط( إلى أربعة أصناف رئيسية:

الذين يطيعون احلكام )مثل الذين يدفعون الضرائب( وقد نكون من هؤالء ونحن ال ندري... فندعو للعصيان املدني ونحن أحد عقبات جناحه. العمال واملوظفون املشاركون في النشاط الذي نعارضه )مثل القائمني على جمع الضرائب(. رؤساء األعمال في املواقع املستهدفة وصناع القرار. كل من له سيطرة في عمله وهؤالء قد يكونون )األقرباء - الزمالء - الشرطة - القضاة( باإلضافة إلى أنفسنا عندما نكره أن نسبب مشاكل في أعمالنا جراء العصيان. واألنشطة ال تستهدف هؤالء األربعة في نفس الوقت فقد يستهدف النشاط مرة خلق حوار مع دافع الضرائب ومرة أخرى مع القانونيني ومرة يستهدف خلق حوار مع الشرطة لتحييدها وهكذا... وخالصة القول أننا في كل نشاط نسعى إلى خلق حوار لتزداد قوافل املقاومني ولتقويض قوة النظام في نفس الوقت. 3- النشاط املوجه للنظام وأدواته وهنا البد من التركيز على أن النشاط يهدف إلى فتح حوار مع اخلصم وإقناعه بضرورة االستجابة ملطالب اجملتمع ال السيطرة عليه وقمعه وأن احلاكم خادم للمجتمع يقوم بتنفيذ إرادته ال العمل على استعباده فاذا اقتنع النظام بذلك حتاور معه ممثلو اجملتمع من أحزاب وجماعات ضغط للحصول على مكاسب حقيقية للمجتمع وليس للحركة أو احلزب وإن امتنع عن احلوار أو رفض املطالب الشعبية استعرض اجملتمع قوته احلقيقية ونشاطه الذي اليوقفه فرد أو مجموعة أفراد في سدة احلكم. لقد بينا في أكثر من موضع في سلسلة احللقات أن العصيان املدني باألساس يهدف إلى خلق حوار بيننا وبني أنفسنا بيننا وبني اجلماهير بيننا وبني النظام. فالنشاط ليس هدفا لذاته. لذلك يجب أوال أن نحدد مع من سنتحاور وعندئد نستطيع أن نحدد ملن يوجه الفعل وماهو الفعل مناذج لألنشطة هذه مناذج نذكرها على سبيل املثال ال احلصر: 1- دعم وإيواء النشطاء املطلوبني للنظام. 2- نزع هيبة وشرعية النظام. 3- األعمال االستباقية. 4- االعتراض الضميري ولبس األحذية اخلشبية. 5- االعتراض الضميري على اخلدمة العسكرية اإلجبارية. 6- احتالل املكاتب.

7- التخييم بجوار مكان مستهدف. 8- إقامة العوائق واعتراض احلافالت. 9- إيقاف فاعلية األسلحة املستخدمة ضد أنشطة احلركة. 10- حمالت املقاومة املتالحقة. 11- االعتقال. 12- التحقيق. 13- احملاكمة. 14- السجن. 15- االتصال. 16- اإلعالم اجلماهيري. املراجع Per Herngren, PATH OF RESISTANCE.. THE PRACTICE OF CIVIL DISOBEDIENCE, Revised edition 2004. Gene Sharp, The Politics of non-violent action. Boston: Porter sargent, 1973. Volume No:2 احللقة السادسة حمالت املقاومة»إن إدارة حمالت املقاومة ينبغي أن ينتج عن رؤية كلية خلارطة الصراع«. أكادميية التغيير أوال : تعريف احلمالت تتكون حمالت املقاومة من سلسلة من األنشطة الهادفة إلى حتريك اجملتمع نحو اإليجابية ونبذ السلبية و توجيه الرأي العام التخاذ موقف بناء إزاء قضية و الضغط على النظام ليتخذ موقفا استجابة لإلرادة الشعبية. ثانيا : أنواع احلمالت احلملة اجلزئية: وتكون غالبا في املراحل األولية في حياة املقاومة وتستهدف قضية من القضايا التي تهم اجملتمع مثل قضية البطالة أو االعتراض على قانون جائر مثال وتتدرب املقاومة خالل هذه املرحلة على ممارسة العمل وإحسان الفعل وإتقان التخطيط والتحليل وبناء التضامن املطلوب بني فصائل املقاومة وشرائح اجملتمع حتى حتني ساعة التغيير الشامل املنشود. احلملة الشاملة: وحني تنجح املقاومة في حشد وتفعيل طاقات اجملتمع بكامله ليصبح مستعدا حلمل رسالته والدفاع عن إرادته تأتي مرحلة التخلص من الدكتاتورية وبناء اجملتمع السياسي املدني كحلقة طبيعية في سلسلة البناء.

ثالثا : أهداف احلمالت إن إدارة حمالت املقاومة ينبغي أن تنبع من رؤية كلية خلارطة الصراع... وبذلك ميكن النظر إلى أهداف احلملة كالتالي: الهدف األساسي: إن هدف احلملة األساسي والنهائي هو حتويل ميزان القوة وحتريرها من يد األقلية الدكتاتورية احلاكمة إلى يد األغلبية احملكومة. األهداف املرحلية: أما األهداف املرحلية أو الفرعية فيمكن حتقيقها عبر نشاط أو عدة أنشطة فرعية. حيث تتمكن من إجناز هدف واحد أو عدد من األهداف بحسب نوع النشاط ومناسبته للمرحلة التي متر بها حركة املقاومة. ونذكر من هذه األهداف على سبيل املثال ال احلصر: 1- بناء قدرة اجملتمع على الفعل عبر استخدام النشاط كوسيلة لالحتكاك باجلمهور وإدارة حوار معه إلقناعه بضرورة مشاركته في الصراع لبناء اجملتمع املدني. 2- البحث عن الشرائح اخملتلفة في اجملتمع واملفاتيح أو القضايا التي تهمها وت كو ن لديها االستعداد خلوض الصراع من أجلها. وهنا قد تتناول احلملة قضية اجتماعية لتصل بها إلى األحياء الشعبية مثال ويكون شعار احلملة مالمسا آلالم وآمال اجلماهير بهدف حتريك فئات وشرائح اجملتمع نحو املشاركة الفعالة في الصراع املدني. 3- تقويض قوة النظام باستهداف مفصل من مفاصل قوته مثل نزع الشرعية عنه أو إقناع أدوات القمع التي يستخدمها مثل الشرطة واألمن املركزي واجليش بأنهم يحمون نظاما لن يكتب له البقاء. إن حركة املقاومة تتزايد وستضم أبناءهم وإن مكانهم الطبيعي مع أبنائهم واجلماهير وليس ضدهم. هذا إقناع ال يتم عبر الكالم فحسب بل يتم عبر األنشطة التي تالمس همومهم وتلبي احتياجاتهم ويزداد املشاركون فيها يوما بعد يوم. رابعا : عوامل جناح احلمالت هناك عدة عوامل تؤدي إلى جناح احلمالت نذكر منها: التخطيط والتقومي يجب أن توضع احلمالت ضمن خطة كلية وال تصبح عمال ارجتاليا يتساءل بعده املشاركون... إلى أين!!... وبعد انتهاء احلملة يجب تقوميها ومعرفة مدى جناحها في حتقيق أهداف املرحلة واالستفادة من التجربة وعدم تكرار األخطاء. التدريب يجب أن تستخدم احلمالت كوسيلة لتدريب اجلمهور على أعمال الالعنف وعلى تأكيد رفض العنف كأسلوب للتغيير ورفض إرهاب النظام وسرقته إلرادة الشعب بأسلوب متحضر معتمد على سياسة حرب الالعنف. حيث )تصمم األعمال

األولى في حملة تقويض النظام الدكتاتوري حملاورة الرأي العام واختباره ومحاولة التأثير عليه ولتحضير املواطنني لنضال مستمر من خالل الالتعاون والتحدي السياسي(.] 1 [ التدرج وعدم االستعجال ينبغي بداية القيام بحمالت جزئية تهدف إلى خلق حوار مع اجلمهور لنقله من مقعد املتفرج إلى الفاعل وتدريبه بحيث يكون مستعدا حلملة شاملة حاسمة إذ أنه )من الصعب تفكيك مصادر قوة نظام احلكم الدكتاتوري بشكل كامل وسريع في املراحل األولى من النضال ألن هذا يتطلب أن يقوم اجملتمع ومؤسساته - والتي كانت تعاني في املاضي من السلبية - برفض تام وحتدي مفاجئ للنظام عن طريق استخدام الالتعاون اجلماهيري الواسع. لذلك فإن محاولة القيام بحملة سريعة من الالتعاون الكامل أو التحدي الشامل يعد نوعا من اإلستراتيجية غير الواقعية حلملة مقاومة في مراحلها األولية(.] 2 [ الرمزية وللرمزية ثالث معان يجدر بنا أن نشير إليها: األول: الرمزية في شكل العمل: مثل عمل عزاء أو لبس السواد اعتراضا على قضية ما. الثاني: الرمزية في مدة العمل: أن يكون العمل رمزيا أي لفترة محددة ومؤقتة. مثل الفارق بني االعتصام أو الصيام عن الطعام لفترة محددة بدال من اإلضراب عن الطعام إذ يعطي األول رسالة مفعمة باألمل أن السلطات سوف تستجيب والثاني محمل باليأس أنه ال فائدة وأننا سننتهي إلى املعاناة الشديدة أو املوت بسبب النشاط. وعن املعنيني السابقني يقول جني شارب: )تأخذ األعمال األولى من الالتعاون والتحدي السياسي شكل أعمال أو احتجاجات رمزية من الالتعاون احملدود أو املؤقت(.] 3 [ الثالث: الرمزية في أسلوب العمل: إيصال رسالة ضمنية لتحريك اجلماهير على سبيل املثال: إن انتزاع احلرية لن يتم بتفويض قلة من أبناء اجملتمع تقوم بالنضال نيابة عنه وإن العمل الذي يحتاج جهود معظم فئات اجملتمع ال ميكن أن يتم بإلقاء مسئوليته على عاتق القلة. وهنا يكون هدف النشاط إعالم األغلبية السلبية من اجلمهور بأن الالتعاون ممكن إذ قمنا به نحن األقلية اإليجابية وإن مشاركة األغلبية ضروري لكي يؤتي العمل ثماره املطلوبة فإذا استهدفت املقاومة إطالق سراح املعتقلني السياسيني مثال وكان عددهم خمسة أفراد فإن االكتفاء بتحرير نصفهم يعطي هذه الرسالة: أن االستجابة ملطلب إطالق سراح املظلومني ممكن وأنه لو تضافرت جهود أكبر فسنتمكن من منع النظام من استخدام أداة االعتقال للضغط على حركة املقاومة.

وهنا جتدر اإلشارة بأن األعمال الرمزية ال تهدف إلى القضاء على األنظمة الدكتاتورية حيث أنها غير موجهة في هذه املرحلة إلى النظام ولكنها موجهة إلى اجلمهور لبناء قدرته على الفعل. الفاعلية وتتابع األنشطة تعتمد فاعلية احلملة على تواصل أنشطتها وتتابعها وليس عدد األنشطة أو األعمال في احلملة هو الذي يحدد مدى قوتها بل إن إدراك طبيعة املرحلة التي متر بها احلركة التغييرية هو الذي ميلي نوعية النشاط املطلوب فاألنشطة التي تتم في مرحلة بناء القدرة تختلف في فاعليتها وما هو مستهدف منها عن األنشطة التي تتم في املراحل النهائية. ويعد تفعيل شرائح األطفال والنساء من الوسائل الناجحة لتبليغ رسالة النشاط املتحضر والالعنيف ووضع النظام الديكتاتوري في مأزق )خانة اليك(. هل تبطش باألطفال والنساء أم تترك النشاط ينمو! باإلضافة إلى حتريك اجملتمع نحو اإليجابية إذ قد حترك األطفال - بدال من استمتاعهم بطفولتهم - فما بال الكبار وهم أولى بالتحرك ملناصرة قضاياهم وأطفالهم وقد يتحرك أطفال وأبناء املسؤولني واملوظفني في أجهزة القمع الشعبي مما يقنع أفراد هذه األجهزة بأن مكانهم مع أطفالهم في الشعب وليس ضدهم. التصعيد إن احلمالت يجب أن تبدأ تدريجيا في اجتاه التصعيد كما يرى غاندي فال تفقد فاعليتها. أما إذا بدأت بشكل قوي ثم ضعفت فهذا أمر خطير ينذر بفشل احلملة وهو ما يحدث عندما تلجأ املعارضة حلمالت قوية ثم تضعف ويبدو للناظر من بعيد أنها تالشت. ورغم أن التأثير السياسي للحملة قد يكون هو األسرع إال أن تغيير سلوك الناس من الطاعة واإلذعان إلى مقاومة الظلم والقمع هو األهم. االستمرارية واالنقطاع )تقع وطأة النضال على قطاع أو أكثر من املواطنني خالل تنفيذ حمالت املقاومة ثم يتحول عبء النضال إلى مجموعات أخرى في مراحل الحقة بحيث حتصل أقسام من املواطنني على فرصة لالستراحة والتقاط األنفاس بينما تستمر املقاومة بجهد قطاعات أخرى فمثال يقوم الطالب بتنفيذ إضرابات احتجاجا على قضايا تعليمية ثم يقوم القادة الدينيون واملؤمنون بالتركيز على قضايا احلريات الدينية ثم يقوم عمال سكك احلديد بإبطاء حركة القطارات ويقوم سائقوا التاكسي واحلافالت بإبطاء حركة املواصالت وسيارات البوليس واألمن املركزي ثم يقوم الصحفيون بتحدي الرقابة من خالل نشر املقاالت املمنوعة وتقوم الشرطة بتقدمي تقارير حول

فشلها في إيجاد واعتقال أشخاص مطلوبني من أعضاء املعارضة. إنه تقسيم مدروس حلمالت املقاومة حسب نوع القضية املطروحة وحسب مجموعات السكان(. ]4[ إن ذلك يتيح استمرارية احلملة دون أن يرهق كل فئات وشرائح اجملتمع في نفس الوقت. التركيز على فاعلية احلملة تعتمد فاعلية النشاط على قدرته على خلق حوار مع اجلمهور ومع النظام وإال لن تتجاوز احلملة أن تكون دعاية وضجة إعالمية ال يلبث الناس أن يعودوا بعدها إلى منازلهم وملا يتغلبوا على عقد اخلوف واإلذعان والسلبية بعد لذلك فإن إبقاء احلوار مستمرا واالتصال باجلمهور شرط أساسي لنجاح احلملة. ويتم احلوار قبل وأثناء وبعد احلملة فقبل احلملة يتم الدعوة إليها وإقناع اجلمهور باملشاركة وبعد احلملة يتم احلديث عنها وشرح الفائدة منها عبر كل الوسائل املمكنة أما أثناء احلملة فيجب أن تنمى االتصاالت الشخصية وتبنى العالقات االجتماعية ويهتم بالصداقات. التعاون وتقدير اجلهود اخملتلفة إن جناح احلمالت في حتقيق األهداف املرجوة يستدعي عدم حتقير أحد األدوار التي تقوم بها أحد اجملموعات أو تصور أحد جماعات املقاومة بأنها قادرة على التغيير بدون التعاون مع احلركات األخرى أو بدون تفعيل اجملتمع ككل أو أن املكاسب التي حققتها أعظم من أن يتم التفريط فيها فتتخلى عن الرؤية النهائية أوعن شركائها في حركة املقاومة وكلها نقاط سيحاول النظام في أحد جوالت الصراع من استخدامها والتالعب بها. وفي النهاية - إن أحسنت املقاومة التخطيط والتنفيذ والتعاون - ستتفاعل احلركات ومجموعات العمل اخملتلفة تفاعال حيويا وفعاال حتى يكاد أصحاب املقاومة اليصدقون أنهم متكنوا من إقامة هذا البناء. ]1[ جني شارب: التحول من الدكتاتورية إلى الدميقراطية. منقول بتصرف ]2[ جني شارب: التحول من الدكتاتورية إلى الدميقراطية. منقول بتصرف. ]3[ جني شارب: التحول من الدكتاتورية إلى الدميقراطية. منقول بتصرف. ]4[ جني شارب: التحول من الدكتاتورية إلى الدميقراطية. منقول بتصرف. املراجع Per Herngren, PATH OF RESISTANCE.. THE PRACTICE OF CIVIL DISOBEDIENCE, Revised edition 2004. جني شارب التحول من الديكتاتورية إلى الدميقراطية.

احللقة السابعة حملة مواجهة القمع»البد من إقناع النظام واجملتمع بأن تكلفة القمع أعلى بكثير من املكاسب الناجتة عن استخدامه«أكادميية التغيير أوال : الصراع السياسي وحملة مواجهة القمع ينشأ الصراع السياسي نتيجة لوجود اختالف في املصالح أو الرؤى بني أطراف اجملتمع اخملتلفة. وميكن تقسيم هذا الصراع إلى نوعني: صراع منخفض احلدة )تنافسي(: حيث ي حس م الصراع من خالل التنافس بني األطراف اخملتلفة عبر آليات الدميقراطية والتداول السلمي للسلطة كما يحدث في الدول الدميقراطية. صراع مرتفع احلدة )صفري(: حيث ي حس م الصراع من خالل التدافع بني احلركات الوطنية واألنظمة احلاكمة وهو مايحدث في الدول الدكتاتورية وغالبا ما ينتهي بالقضاء على أحد الطرفني ويحتاج فيه النظام الدكتاتوري إلى القمع لضمان استمرار سيطرته. ثانيا : حقيقة القمع في الصراع السياسي الصفري إن الصراع السياسي الصفري البد وأن مير في أحد أطواره مبرحلة القمع والذي اليجد النظام بدا من اللجوء إليه الجبار اجملتمع على القبول ببقائه وشرعيته. وفي مرحلة القمع يحتاج النظام في صراعه مع القوى الوطنية - والذي من املفترض أن يكون صراعا مدنيا دستوريا - إلى املبررات التي تسوغ جلوءه للقوة إلقناع اجملتمع الدولي واملواطنني وهذه املبررات تنقسم إلى نوعني: 1. مبرر أو غطاء أخالقي وهي ضرورة إنسانية )ضرورة ضميرية(: مثل التبرير بحماية الشباب من التغرير بهم وغسل عقولهم وحماية اجملتمع من احلركات املشبوهة التي تستعني باجلهات اخلارجية وبالتمويل األجنبي لتدمير اجملتمع وإضعافه. 2. مسوغات قانونية أو غطاء عقلي وهي ضرورة للتقبل العقلي )ضرورة عقلية(: من قبيل مخالفة القوانني واالعتداء على املمتلكات العامة وتعطيل مصالح اجلماهير واالنتماء لتنظيمات محظورة. وباملقابل تسعى األطراف املقاو مة إلى تفنيد مزاعم النظام األخالقية والقانونية وتبيان عدالة ونبل القضية التي تدافع عنها والتصريح بأنه ليس من حق النظام غير الشرعي استخدام العنف ضد اجملتمع بدال من الدخول في صراع سياسي مدني ومتحضر.

وانطالقا من فهم اجملتمع ونشطاء املقاومة حلقيقة القمع تبدأ حملة املقاومة للنظام املعتدي لتحويل أداة القمع لصالح اجملتمع وذلك عن طريق إدراك األهداف واالستراتيجية وتطبيق الوسائل والتدريبات املناسبة ملواجهة وسيلة القمع هذه والتعامل معها على أنها فعل سياسي بحت بغض النظر عن املبررات القانونية واألخالقية التي يختلقها النظام. ثالثا : من أهداف احلملة تختلف أهداف احلملة باختالف مرحلة الصراع ففي املرحلة األولى للمقاومة وهي مرحلة بناء القدرة تكمن أهداف حملة مواجهة القمع في الهدفني التاليني: 1. احلد من فاعلية أداة القمع وحتويلها إلى نقطة قوة للحركة التغييرية ونقطة ضعف للنظام )جتريد النظام من أحد أدوات قوته واملتمثلة في القمع(. 2. تدريب النشطاء على كيفية التعامل مع أسلوب القمع. وحتقيق هذه األهداف يتطلب من احلركة التغييرية أن تتبنى نظرة استراتيجية إيجابية. رابعا : استراتيجية جديدة ولتوضيح املقصود من استراتيجية جديدة أو إيجابية دعنا نتأمل هذا املثال: لو اضطر العب الدفاع لعرقلة مهاجم الفريق املضاد داخل منطقة اجلزاء كيف ينظر كال الفريقني لهذه احلركة الفريق املدافع: 1- الفريق املدافع اضطر إليها كمحاولة رمبا يائسة ملنع تسديد الهدف. 2- هناك نتيجة إيجابية ترتبت على هذا التصرف أال وهي تأخير الهدف وليس منعه أو مبعنى أدق أخر هذا التصرف مرتبة الفريق املهاجم من الفوز األكيد إلى مرتبة احتمال الفوز. 3- وهناك نتائج سلبية قد تترتب على هذا التصرف مثل أن الهدف سيسجل حتما لو أحسن الفريق املهاجم استثمار الفرصة أو احتمال طرد العب الدفاع املعتدي وحرمانه من املباراة القادمة أو على األقل حصوله على الكارت األصفر. 4- قد اليحسن الفريق املهاجم استغالل الفرصة فيهدر التسديدة وعندها تصبح مخاطرة العب الدفاع مقبولة. الفريق املهاجم: 1- على الفريق املهاجم ضمان تسديد الهدف عن طريق اختيار أفضل العب مت تدريبه على تسديد ضربات اجلزاء ووضع أي أنانيات أو مصالح شخصية أو خالفه بعيدا من أجل مصلحة الفريق. املدافع واضطراره أن يلعب بفريق أقل عددا أو الفوز الكامل باملباراة عن طريق

حجب األهلية عن الفريق املدافع وإخراجه من الدورة كليا إذا قام بالتصعيد ولم ينصاع ألمر احلكم. 3- أسوأ احتماالت الفريق املهاجم أن يضيع كل هذه الفرص بسبب جهل أو أنانية أو... وهكذا فإن املطلوب من احلركة التغييرية إمعان النظر والتفكير في كيفية استثمار األعمال القمعية لتحويلها إلى أداة فعالة في يد املقاومة واجملتمع في صراعه ضد الديكتاتور. خامسا : متطلبات االستراتيجية 1. التفكير العميق في كيفية حتويل تلك اإلجراءات القمعية التي يلجأ إليها النظام من نقطة قوة يضبط من خاللها املعترضني إلى نقطة ضعف متثل هاجسا مزعجا له وكيف يتحول القمع إلى أداة فعالة في يد احلركة التغييرية بحيث يتحول اعتقال أحد النشطاء مثال إلى مكسب للحركة وخسارة تخصم من رصيد النظام ويعتمد حجم املكاسب على دهاء الفريق اإلداري وإمكانياته في استثمار األحداث. 2. حتتاج مجموعات العمل إلى تدريب دقيق للتعامل مع أداة القمع فبإمكان نشطاء احلركة التغييرية - إذا كانوا م ع د ين وم دربني - أن ي حدثوا تأثيرا كبيرا من خالل تنسيق استراتيجيتهم في طريقة التعامل مع وسائل القمع مثل الضرب واحلصار واالعتقاالت والسجون واحملاكمات والدعاوى القضائية وبتأثير ال يقل فاعلية عن األنشطة التي أدت إلى اعتقالهم وهو جزء اليتجزأ عن أنشطة املقاومة الالعنيفة. إن الدور املنوط باحلركة التغييرية هو إقناع النظام واجملتمع بأن تكلفة القمع أعلى بكثير من املكاسب الناجتة عن استخدامه. مثال قد يقوم النظام باعتقال أحد رموز احلركة التغييرية. مكاسب الدولة: حتجيم نشاط هذا الفرد وتوصيل رسالة إلى احلركة وقياس رد فعلها ومدى تضامنها في حالة استهداف أفراد من الطرف أو من القيادة.. خسائر الدولة: تظاهرات مستمرة حملة إعالمية شرسة ضغوط خارجية أصبح الفرد املراد حتجيمه رمزا محليا وعامليا.. وهكذا فإن تكلفة القمع )اخلسائر( أصبحت أعلى بكثير من املكاسب وبالتالي لن يقدم النظام على مثل هذا العمل بسهولة وبالتالي يضطر إلى البحث عن أدوات أخرى للصراع السياسي. 3. العمل على توفير مساحة كبيرة من احلرية في تعامل النشطاء ومجموعات العمل مع األحداث وتشجيع اإلبداع من خالل إمداد النشطاء بورقة استراتيجية

توضح اخلطوط واملبادئ الكبرى )تتناول أسس ومبادئ أسلوب الالعنف وتوفر رؤية شاملة خلارطة الصراع وحتدد االجتاهات الداعمة لنشاطات املقاومة وتبني نوعية التصرفات التي تضر بالعمل( ثم اعتماد الالمركزية ومجموعات العمل. سادسا : من وسائل حتقيق االستراتيجية ونقدم هنا بعض األمثلة على الوسائل التي ميكن أن تستخدم لتحقيق االستراتيجية اجلديدة وهذه األمثلة مذكورة على سبيل املثال ال احلصر وإن املواهب واألفكار اخملتزنة في عقول أفراد اجملتمع ميكنها أن تصل بأعمال املقاومة إلى املدى الذي يذهل النظام واحلركات التغييرية نفسها: 1. حتييد رجال الشرطة عبر مسارين: األول: استثمار االعتقال والتحقيق في بناء حوار مع رجال الشرطة ورغم صعوبة هذا األمر إال أنه مهم جدا وليس بالضرورة أن يكون هذا احلوار عن طريق الكالم واإلقناع - إذ قد يتعذر بناء حوار منطقي مع رجال الشرطة خالل التحقيق - ولكن ميكن االستعاضة عن ذلك بأن يعطى جميع املشاركني في املظاهرة مثال بعض األوراق القليلة املوثقة التي حتوي أرقاما ومعلومات موثقة حول موضوع املظاهرة )الفقر - البطالة - الفساد -...( وما على احملتجز سوى إعطاء هذه األوراق للمحققني كمبرر على مشاركته في املظاهرة. ومع تكرار احملاولة يبدأ احلوار النفسي داخل ضمير رجل الشرطة )موظف النظام/ عبد املأمور( حول شرعية النظام وشرعية قمع الشعب من أجله. والثاني: عبر املالحقة القانونية للمسئولني عن حاالت االعتقاالت والتعذيب والقتل عبر اللجوء إلى القضاء املدني واملالحقة اإلعالمية عبرنشر صورهم وأسمائهم لتصبح وصمة عار وفضيحة لهم أمام أهليهم وأقربائهم وجيرانهم واملالحقة املهنية عبر املطالبة بعزلهم عن مواقعهم ومناصبهم. 2. استثمار كل حالة اعتقال وتضخيمها إعالميا وحتويل املعتقل إلى رمز: وذلك عبر توثيق حاالت االعتقال والقمع والضرب - بالصور إن أمكن - وبثها عبر الفضائيات ووسائل االتصال اخملتلفة )االنترنت والهاتف اخللوي( ومناقشتها على صفحات اجلرائد واجملالت وحتويلها إلى قضية محلية ودولية ورفض ممارسة العملية السياسية )انتخابات - مفاوضات -...( وحشد األعداد الغفيرة بسرعة وكفاءة عالية أمام األماكن التي يحتجز وينقل إليها النشطاء والتهديد بالتصعيد حتى يتم اإلفراج عن املعتقل. 3. حشد مصادر القوة الداخلية: عبر االتصال باللجان احلقوقية والدميقراطية وجلان احلريات والنقابات ومؤسسات اجملتمع املدني اخملتلفة ومحاولة جعلها أداة ضغط على النظام.

4. حشد مصادر القوة اخلارجية: عبر االتصال بالهيئات الدولية واحلقوقية العاملية ملمارسة الضغط على النظام لإلفراج عن املعتقلني وللتوقف عن منع اجلماهير من اإلعالن عن مطالبها سلميا. 5. تضامن نشطاء احلركة التغييرية: والتضامن في حقيقته حالة عقلية وروحية توحد بني األفراد في كفاحهم الطويل أكثر منه تدريب خاص يكلف األفراد باتباعه وتطبيقه. والتضامن ال يعني خيارا واحدا يطبقه جميع األفراد في جميع املواقف بل هو قوة داخلية موجودة لدى كل فرد ومختزنة داخل كل مجموعة إنه التزام نابع من كل فرد جتاه اآلخرين وجتاه القضية املشتركة إنه تفضيل الصالح العام على املصالح الشخصية. إنه رفض لألنانية التي تعود عليها األفراد والتنظيمات واجلماعات. إنه تكريس كل فرد لوقته وجهده لدعم الوطن وللمضي في العمل على رفعته في كل األوقات وفي جميع املواقف. وال يستطيع كائنا من كان - محاكمات أوسجون أوقوى خارجية أو نظام معتدي - أن يكسر هذا التضامن. أنواع التضامن التضامن املعنوي: جتمع املتظاهرين حول مقار الشرطة وأقسام البوليس ومراكز االعتقال وجتمع النساء حول أماكن احتجاز أبنائهن وأزواجهن وآبائهن ووضع الزهور على أسوار وأبواب السجون رفض املعتقلني لقرارات اإلفراج في حال استمرار اعتقال بعض زمالئهم. التضامن املالي: مساعدة عائالت احملتجزين وتوفير الكفاالت املالية خلروج املسجونني. 6. تقويض شرعية القمع: عبر استخدام استراتيجية عدم التعاون. استراتيجية عدم التعاون لقد اكتسبت االعتقاالت واملداهمات والتعذيب شرعية - ال مكتوبة - لكثرة وطول استخدامها. وبالتالي فغالبا ما يدرب النشطاء على كيفية التعامل مع القمع ال على كيفية تقويضه ورفضه عبر استخدام استراتيجية عدم التعاون وأساليب الالعنف. فبعض النشطاء يرفضون التعاون - جزئيا أو كليا - مع إجراءات التحقيق واحملاكمة فيرفضون تقدمي االلتماسات أو توكيل أو القبول باحملامني أو الوقوف في احملكمة أو التحدث إلى القاضي كونه ميثل رمز سلطة احملكمة أو اتخاذ موقف أو سؤال الشاهد ولكنه قد يلقي خطبة على اجلموع الذين جتمعوا في مقر احملاكمة أو ينام أو يجلس على األرض إذا أ ريد حمله أو يحاول املغادرة إذا لم مينع بالقوة. وقد تكون العقوبات املترتبة على عدم التعاون صارمة ألن بعض احملققني أو القضاة يأخذون هذه التصرفات على محمل اإلهانة الشخصية أو اإلهانة لقدسية

التحقيق أو احملاكمة ولكن من ناحية أخرى يغفل بعض احملققون أو القضاة هذه السلوكيات بل ورمبا يحاولون االتصال باملتظاهرين. كما ميكن تطبيق عدم التعاون اجلسدي خالل عمليات ووقت االحتجاز وهذا يتضمن رفض املشي واألكل والنظافة الشخصية أو نظافة املكان احمليط وهذا قد يؤدي إلى محاولة مسئولي السجن إجبار النشط السياسي السجني على األكل ووضع حفاظات له. ويعد الصيام من أحد أشكال الالتعاون ويقصد به االمتناع عن الطعام والسوائل ما عدا املاء وبينما ميثل االمتناع عن الغذاء إزعاجا لسلطات السجن كونه ميثل خطورة على حياة السجني فإن االمتناع عن الغذاء والسوائل كليا وحتى املاء أشد خطورة حيث أن السجني لن يعيش لفترة تتجاوز اخلمس أو الست أيام ولذلك فإن السلطات تراقب األشخاص الذين يهددون ويلوحون باستخدام»صيام املاء«فيدخلونهم املستشفيات حرصا على حياتهم ولكن يجب على املتظاهر أال يعتمد على هذه الوسيلة جلذب االنتباه بل يجب أن يكون قادرا على وقف الصيام أو أن يكون عازما على االستمرار حتى املوت كما فعل مقاتلو احلرية في أيرلندا في عام 1981 م. وعدم التعاون قد يأخذ أشكاال أخرى وينتج عن أسباب أخرى فرفض الفرد أن يعطي اسمه ال شك أنه ينبع من رغبته وتصميمه على املقاومة وعلى التغلب على النظام الذي يلفق محاضر إجرامية للناس ويصنفهم ويتجسس عليهم ويعاقب املنظمني واخملالفني للقانون بعنف وصرامة أشد. وهذا ينقل رسالة للنظام مفادها أنه ال أحد منا سيتعاون مع النظام وأننا سنعيد هذا األمر املرة بعد املرة. ومع ذلك فكثير من نشطاء احلركة التغييرية الالعنيفة يعملون بانفتاح وثقة وال يحاولون إخفاء شخصياتهم وهو ما مييز ويقوي أنشطة الالعنف ويطبقون ما يطلق عليه»التعاون املقيد«فيرفضون البوح بعناوينهم أو رفض إعطاء الوعود بالعودة للمحكمة وهذا يزيد العبء على احملاكم لضرورة التعامل السريع مع املتظاهرين كما أنه يعزز التضامن بني النشطاء ويزيد من وحدتهم. سابعا : القواعد الذهبية لتعزيز مساحة احلرية وإطالق اإلبداع في حركة املقاومة 1. استراتيجية حركة ال استراتيجة فرد: فحتى يتحول عدم التعاون إلى ظاهرة عامة وهو ما ميكن أن يحدث تأثيرا حقيقيا فإنه ينبغي أن يتخذ القرار بشأن استراتيجية التعاون الكامل أو املقيد أو عدم التعاون بشكل جماعي ال فردي مبعنى أن يكون استراتيجية حركة ال استراتيجة فرد حيث أن اتخاذ قرار الالتعاون مثال بشكل فردي قد يضر بصاحبه أشد الضرر رغم عدم احتياج احلركة إليه في املرحلة الراهنة كما أنه لن يحدث التأثير املطلوب كما أن اتخاذ قرار الالتعاون بشكل جماعي ميثل