بسم الله الرحمن الرحيم

النسخ

1 ونفيه في ضوء الحديثة النسب إثبات وسائل التطورات الطبية حممد سعيد متويل الرهوان توطئة: احلمد هلل والصالة والسالم عىل حممد رسول اهلل وعىل آله وصحبه ومن وااله وبعد: فالنسب من بني الكليات اخلمس التي تنزلت الرشيعة الغراء حلفظها ومن ثم رشعت من الوسائل والضوابط ما حيميه واسترشفت إلثباته ونصت عىل تلك الوسائل باألدلة الصحيحة. كام ضيقت يف جانب نفيه ونصت عىل ذلك يف آيات اللعان. وقد بدت يف واقعنا املعارص وسائل طبية حديثة إلثبات النسب ونفيه وللتعرف عىل هوية مرتكبي اجلرائم ومن بني تلك الوسائل اختبار احلامض النووي وسيلة قلام يقع فيها اخلطأ. DNA الذي يعد وهذا البحث يعنى باإلجابة عن أسئلة مهمة منها: ما مدى توافق تلك الوسائل الطبية احلديثة وقرهبا من الوسائل املنصوص عليها يف القرآن والسنة وهل يمكن االعتامد عليها يف إثبات النسب أو نفيه وإن كانت اإلجابة بنعم فام هي الضوابط الفنية والقواعد الرشعية التي جيب أن تراعى عند إثبات ذلك وهل تغني تلك الوسائل عام هو مقرر رشعا من وسائل معتربة أم أهنا تتوافق معها وهل تعمل تلك الوسائل عمل الوسائل املقررة رشعا أم عمل القر ائن التي تعني القايض يف مسائل اإلثبات والنفي وقد سلكت فيه استعراض أقوال فقهاء املذاهب األربعة واملجتهدين من املتقدمني واملتأخرين واملعارصين مرجحا منها ما كان موافقا للدليل. املبحث األول: طرق إثبات النسب يف الرشيعة: النسب لغة القرابة وهو مصدر يستعمل يف مطلق الوصلة بالقرابة وجيمع عىل أنساب. قال

2 الراغب األصفهاين: "النسب والنسبة اشرتاك من جهة أحد األبوين وذلك رضبان: نسب بالطول كاالشرتاك من اآلباء واألبناء ونسب بالعرض كالنسبة بني بني اإلخوة وبني األعامم )1(. واصطالحا هو "حالة حكمية إضافية بني شخص وآخر من حيث أن الشخص انفصل عن رحم امرأة هي يف عصمة زوج رشعي أو ملك صحيح ثابتني أو مشبهني الثابت للذي يكون احلمل من مائه" )2(. والراجح أنه اتصال شخص الفاسد والوطء بشبهة. بغريه بوالدة لفراش صحيح أو ما يلحق به )3(. واملراد بام يلحق به: ملك اليمني والنكاح ويثبت النسب بخمسة أشياء ثالثة اتفقوا عليها هي: الفراش واالستلحاق والبينة. واثنان حمل اختالف بينهم ومها: القافة والقرعة. وال يثبت بثالثة هي: حتويل النسب والتبني واستلحاق الزاين ولد الزنا إذا ولد عىل فراش. وتفصيلها كام ييل: أول : ثبوت النسب بالفراش: وهو يف استعامل الفقهاء يعني الوطء )4( وفسه الكرخي بأنه العقد ومعناه أن تتعني املرأة للوالدة لشخص واحد )5( ويقصد به الزوجية القائمة بني الرجل وبني من أنجبت منه عند ابتداء محلها بالولد )6(. فيثبت الفراش بعقد الزواج الصحيح أو الفاسد سواء أكان مكتوبا أو شفويا. فال يشرتط إلثبات النسب يف الزوجية الصحيحة وجود وثيقة زواج رسمية. ودليل إثبات النسب بالفراش حديث عائشة يف الصحيحني أن عتبة بن أيب وقاص قال ألخيه دار أبو القاسم احلسني بن حممد الراغب األصبهاين املفردات يف غريب القرآن حتقيق: صفوان عدنان الداودي القلم الدار الشامية بريوت ط ه ص 194 جمد الدين أبو طاهر حممد بن يعقوب الفريوزآبادى القاموس املحيط مكتب حتقيق الرتاث يف مؤسسة الرسالة بإرشاف حممد نعيم العرقسويس مؤسسة الرسالة للطباعة والنرش والتوزيع بريوت ط 1111 ه/ 1442 م 1 ص 131 أبو العباس أمحد بن حممد بن عيل الفيومي ثم احلموي املصباح املنري يف غريب الرشح الكبري املكتبة العلمية بريوت ج 1 ص 141. وزارة األوقاف والشئون اإلسالمية الكويت املوسوعة الفقهية الكويتية الطبعة من ه ص 11. مازن إسامعيل هنية املوقع العلمي: املوسوعة الفقهية الكويتية ج 13 ص 84. فخر الدين عثامن بن عيل احلنفي الزيلعي تبيني اقحقاق حرح نن الدااق دار الكتاب اإلسالمي بريوت ج 3 ص 13 عالء الدين الكاساين بداقع الصناقع يف ترتيب الرشاقع دار الكتاب العريب بريوت 1981 م ج 1 ص 111 عيل بن حممد بن عيل اجلرجاين التعريفات حتقيق إبراهيم األبياري دار الكتاب العريب بريوت 1142 ه ص 113. حممد عقلة نظام األرسة يف اإلسالم مكتبة الرسالة عامن األردن ط ه/ 1989 م ج 3 ص

3 سعد: تعلم أن ابن جارية زمعة ابني قالت عائشة: فلام كان يوم الفتح رأى سعد الغالم فعرفه بالشبه فاحتضنه إليه وقال: ابن أخي ورب الكعبة فجاء عبد بن زمعة فقال: بل هو أخي ولد عىل فراش أيب من جاريته فانطلقا إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم فقال سعد: يا رسول اهلل! هذا ابن أخي انظر إىل شبهه بعتبة قالت عائشة: فرأى رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم شبها مل ير الناس شبها أبني منه بعتبة فقال عبد اهلل بن زمعة: يا رسول اهلل! هو أخي ولد عىل فراش أيب من جاريته فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: الولد للفراش واحتجبي منه يا سودة قالت عائشة: فواهلل ما رآها حتى ماتت". زاد الشيخان يف رواية "وللعاهر احلجر" وزاد النسائي من حديث عبد اهلل بن الزبري بعد قوله: "واحتجبي منه يا سودة" "فليس لك بأخ" )7(. ووجه الداللة أن النبي صىل اهلل عليه وسلم أثبت النسب بالفراش ألخي عبد اهلل بن زمعة عىل الرغم من شبهه البني بعتبة بن أيب وقاص. ومن صور الفراش يف النوازل حال من يتزوجون دون كتابة العقد فال يشرتط يف إثبات عقد الزواج العرىف تقديم هذا العقد بل يكفي أن يثبت بالبينة "شهادة الشهود" أي حصوله برشط توافر الرشوط واألركان الرشعية فيه. ولثبوت النسب بال واج الصحيح حروط منها: -1 إمكانية الدخول ومكانه: فلو مل يتمكن الزوجان من االلتقاء كأن كان أحدمها يف دولة واآلخر يف دولة أخرى ومل يتمكنا من اللقاء مل يثبت النسب )8(. وصورته من النوازل املعارصة أن يتزوجها زواجا صوريا للحصول عىل أوراق اإلقامة واجلنسية وهو مقيم باملرشق وهي بأمريكا ومل يقدر له أن يتحصل عىل تأشرية ومل يقم أبو عبد اهلل حممد بن إسامعيل البخاري اجلامع الصحيح حتقيق: حممد زهري بن نارص النارص طبعة دار طوق النجاة باب رشاء اململوك من احلريب وهبته وعتقه ج 8 ص 81 ح رقم: 1118 ومسلم بن احلجاج القشريي اجلامع الصحيح ترقيم حممد فؤاد عبد الباقي باب الولد للفراش وتوقي الشبهات ج 1 ص 1484 ح رقم: 1121 والنسائي املجتبى من السنن حتقيق عبد الفتاح أبو غدة مكتبة املطبوعات اإلسالمية حلب باب إحلاق الولد بالفراش إذا مل ينفه صاحب الفراش ج 1 ص 184 ح رقم حممد بن يوسف بن أيب القاسم العبدري التاج واإلنليل ملخترص خليل دار الفكر بريوت ج 1 ص 133 أبو الربكات أمحد بن حممد العدوي حاشية الدسواي عىل الكبري وهبامشه الرشح الكبري للدرير عيسى البايب احللبي ج 1 ص 114 النووي واملطيعي املجموع حرح املهذب مكتبة اإلرشاد جدة ج 11 ص 141 موفق الدين أبو حممد عبد اهلل بن أمحد ابن قدامة املغني حتقيق: عبد اهلل بن عبد املحسن الرتكي وعبد الفتاح حممد احللو دار عامل الكتب 233 الرياض ج 9 ص

4 بزيارة أمريكا وتبني له أهنا ولدت خالل عقد زواجهام. فالنسب ال يثبت عند اجلمهور يف تلك احلالة لعدم إمكانية الدخول. وذهب أبو حنيفة إىل أن العقد الصحيح وحده سبب يف ثبوت النسب فلو كانت الزوجة يف أقىص املغرب والزوج يف أقىص املرشق ثم أتت بولد فإنه يثبت نسبه منه ولو مل يثبت التالقي بينهام )9(. وسبب اختالفهم أمران: أوهلام ما ذكره ابن رشد أن أبا حنيفة قد أخذ بعموم احلديث: "الولد للفراش وللعاهر احلجر" ومتسك اجلمهور بأهنا ليست بفراش إال بإمكان الوطء وهو متعذر هنا )10(. وثانيهام أن اخلالف بينهم يرجع إىل اختالفهم يف إمكانية التالقي فرأى احلنفية اإلمكانية قائمة كام يف حال األولياء بينام مل يعترب اجلمهور هذه احلالة ألن األحكام ال تبنى عىل خصوصيات ال يعتربها القضاء. وما يؤكد ذلك أن احلنفية يوافقون عىل نفي النسب عن الوالدة ألقل من مدة احلمل ولو كان العمل بالعموم كام قال ابن رشد ألثبتوه يف هذه احلالة وغريها. والراجح قول اجلمهور ألن النسب يثبت بسببه فإذا انعدم السبب انعدم إثباته وعدم إمكانية التالقي هو هدم لسبب إثبات النسب والعمل بكرامة األولياء أمر ال ينضبط واألخذ به يفتح بابا للفساد. مدة الولدة: اتفق الفقهاء عىل أن أقل مدة للحمل ستة أشهر وأنه ال يثبت النسب إذا جاء الولد ألقل من -2 ستة أشهر )11( ودليلهم من الكتاب قوله تعاىل: ژڀ ڀ ٺ ٺژ )12( وقوله تعاىل: ژڇ ڇ ڇژ )13(. وجه الداللة من اآليتني: اآلية األوىل بينت أن احلمل والفصال )الفطام( ثالثون شهرا واآلية الثانية بينت أن الفصال عامان فالفرق بينهام ستة أشهر وهذه املدة هي أقل مدة متصورة للحمل )14( ومن األثر ما ثبت أن رجال ابن عابدين رد املحتار عىل الدر املختار حرح تنوير األبصار حتقيق: عادل أمحد عبد املوجود وعيل حممد معوض دار عامل الكتب الرياض ج 3 ص 14. حممد بن أمحد بن حممد بن رشد القرطبي بداية املجتهد وهناية املقتصد دار املعرفة بريوت ج 1 ص 321. الكاساين بداقع الصناقع يف ترتيب الرشاقع ج 3 ص 111 عليش منح اجلليل حرح خمترص سيد خليل دار الفكر بريوت ج 1 ص 112 اخلطيب الرشبيني اإلاناع يف حل ألفاظ أيب شجاع دار الفكر بريوت ج 1 ص 99 منصور بن يونس بن إدريس البهويت الروض املربع حرح زاد املستقنع دار الفكر بريوت ج 1 ص 389. سورة األحقاف اآلية: 12. سورة لقامن اآلية: 11. دار أبو الفداء إسامعيل بن عمر بن كثري القريش الدمشقي تفسريالقرآن العظيم حتقيق: سامي بن حممد سالمة طيبة للنرش والتوزيع ج 1 ص

5 تزوج امرأة فجاءت بولد لستة أشهر فهم عثامن ريض اهلل عنه برمجها فقال ابن عباس ريض اهلل عنهام: لو ٺژ )15( وقوله: ژھ خاصمتكم بكتاب اهلل خلصمتكم فإن اهلل تعاىل يقول: ٺ ڀ ژڀ ھ ھ ه ےژ )16( فأخذ عثامن ريض اهلل عنه بقوله ودرأ عنها احلد وأثبت النسب من الزوج )17(. ومن صور املسألة يف النوازل أن يتزوج مسلم بمن زنا هبا فتلد له قبل مرور ستة أشهر من تاريخ عقد النكاح فال يثبت نسب هذا املولود إال إن استلحقه األب وأخرب أنه مل يأت به من زنا. جاء يف الفتاوى اهلندية: "ولو زنى بامرأة فحملت ثم تزوجها فولدت إن جاءت به لستة أشهر فصاعدا ثبت نسبه وإن جاءت به ألقل من ستة أشهر مل يثبت نسبه إال أن يدعيه ومل يقل إنه من الزنا. أما إن قال إنه مني من الزنا فال يثبت نسبه وال يرث" )18(. وهو قول اجلمهور كام حكاه ابن قدامة: "ولد املالعنة يلحق املالعن إذا استلحقه وولد الزنا ال يلحق الزاين يف قول اجلمهور" )19( والراجح أن ولد الزنى ال يثبت نسبه من الزاين سواء تزوج بمزنيته وهي حامل فجاءت بولد ألقل من ستة أشهر من وقت عقد النكاح أو مل يتزوجها وجاءت بولد ولكن إذا استلحقه بأن ادعاه ومل يقل أنه ولده من الزنى فإنه يثبت نسبه يف أحكام الدنيا وكذلك لو تزوج بمزنيته وهي حامل منه من الزنى فجاءت بولد ألقل من أدنى مدة احلمل وسكت أو ادعاه ومل يقل إنه من الزنى فإن نسبه يثبت يف أحكام الدنيا ملا جاء يف حديث عمرو بن شعيب أن النبي صىل اهلل عليه وسلم قىض أن كل مستلحق استلحق بعد أبيه الذي يدعى له فقد حلق بمن استلحقه )20(. سورة األحقاف اآلية: 12. سورة البقرة اآلية: 133. أخرجه البيهقي يف سننه كتاب العدد باب ما جاء يف أقل احلمل ج 1 ص 111 أثر رقم وسعيد ابن منصور يف سننه باب املرأة تلد لستة أشهر ج 1 ص 11 أثر رقم 1411 وعبد الرزاق يف مصنفه باب التي تضع لستة أشهر ج 1 ص 324 أثر رقم قال الشيخ حبيب الرمحن األعظمي: إسناده صحيح متصل انظر: األعظمي: حمقق مصنف عبد الرزاق ج 1 ص 324. الشيخ نظام ومجاعة من علامء اهلند ابن قدامة الفتاوى اهلندية دار الفكر 1111 ه/ 1991 م ج 1 ص املغني ج 1 ص 134. مسند أمحد ج 11 ص 134 برقم 1411 أبو داود سنن أيب داود باب يف ادعاء ولد الزنا ج 1 ص 111 ح قم: 1111 ابن ماجة سنن ابن ماجة باب يف ادعاء ولد الزنا ج 1 ص 911 ح رقم 1111 الدارمي سنن الدارمي باب يف مرياث ولد الزنا ج 1 ص 1991 ح رقم

6 واتفقوا عىل عدم نسبة الولد إن جتاوز محله أقىص مدة للوالدة واختلفوا يف قدر تلك املدة )21(. واخلالف فيها ال يعتد به ألنه مبني عىل استقراء الواقع وعدم الدليل. والصواب أن يرجع فيها ألهل االختصاص وأغلب مدة احلمل هي تسعة أشهر إال يف حاالت نادرة تزيد عن ذلك )22( ولذلك حدد القانون أقىص مدة للحمل وهي سنة شمسية مقدارها ثالثامئة ومخسة وستون يوما لتشمل احلاالت النادرة فبعد هذه املدة ال حيكم القانون بنسبة الولد ألبيه إذا نفاه )23(. وتقويم املسلمني بالسنة القمرية وبه نرى حساهبا سنة قمرية. وصورة املسألة يف النوازل أن يتزوج مسلم بامرأة ثم يسافر عن بالده أو يغيب عنها دون أن تعرف عن مكان وجوده شيئا ثم تلد امرأته بعد أكثر من سنة من تغيبه وتدعي إحلاقه بأبيه أو أن تلد املطلقة أو املتوىف عنها زوجها بعد أكثر من سنة من طالقها أو وفاة زوجها فال تسمع رشعا عند إنكار الزوج دعوى اإلنكار يف تلك املسائل. الذي يتصور منه اقحمل: يثبت النسب للزوج البالغ الذي يولد ملثله وأحلق احلنفية واحلنابلة املراهق الذي شارف عىل -3 احلنفية قدروها بسنتني عمال بحديث عائشة يف الرضاعة واملالكية والشافعية والظاهر عند احلنابلة قدروها بأربع سنني وهناك آراء كثرية أخرى مبناها االستقراء. انظر: ابن عابدين الدر املختار ج 3 ص 214 وابن رشد بداية املجتهد ج 1 ص 93 النووي املجموع ج 18 ص 139 الرشبيني اإلاناع ج 1 ص 111 ابن قدامة املغني ج 9 ص 112. وقد بني الفقه أكثر مدة احلمل فريى مجهور الفقهاء )املالكية والشافعية واحلنابلة يف أصح الروايتني( أهنا أربع سنوات. ويف رأي للاملكية أهنا مخس سنوات ويرى احلنفية وهو رواية يف مذهب احلنابلة أهنا سنتان. وقد جاء يف مغني املحتاج أن أكثر مدة احلمل دليله االستقراء وحكي عن مالك أنه قال: "جارتنا امرأة حممد بن عجالن امرأة صدق وزوجها رجل صدق محلت ثالثة أبطن يف اثنتي عرشة سنة حتمل كل بطن أربع سنني". وقد روي هذا عن غري املرأة املذكورة وقيل: إن أبا حنيفة محلت أمه به ثالث سنني ويف صحته كام قال ابن شيبة نظر ألن مذهبه أن أكثر مدة احلمل سنتان فكيف خيالف ما وقع يف نفسه الفساد يف هذا الزمان. الختيار ج 3 ص 113 وفتح القدير ج 1 ص "قال ابن عبد السالم: وهذا مشكل مع كثرة 311 و ج 9 ص 314 ورد املحتار ج 1 ص 111 وحاشية الدسوقي ج 3 ص 141 وبداية املجتهد ج 1 ص 111 ومغني املحتاج ج 3 ص 39 ونشاف القناع ج 1 ص 113 واملغني مع الرشح ج 1 ص 191. بدران أبو العنني بدران حقوق األولد يف الرشيعة اإلسالمية والقانون مؤسسة شباب اجلامعات اإلسكندرية مرص 1981 م ص

7 البلوغ )24(. ومثل الصغري الذي ال يولد ملثله من كان به عيب خلقي يمنع من أن ينجب ملثله واختلفوا اختالفا )25( بينا يف العيوب التي ال يولد لصاحبها أو يولد له كاختالفهم فيمن كان ممسوحا أو خصيا أو جمبوبا أو عنينا. والصواب يف هذه املسائل أن يرجع إىل الطب احلديث للفصل يف هذه القضايا فمتى قامت الدالئل القاطعة بعدم اإلنجاب وجب نفي النسب وهذا ما يتوافق مع القانون األمريكي الذي ال حيدد سنا لألب أو األم الدعاء األبوة أو األمومة )26( ومرجع ذلك عندهم إىل حلف األب عىل إثبات األبوة أو نتيجة أمر إداري يعتمد عىل حتليل احلامض النووي أو بأمر قضائي. ولذا يقال: يثبت النسب للزوج البالغ الذي يولد ملثله بعد مراجعة الطبيب املسلم الثقة حول إمكانية إنجابه أو إنجاهبا يف تلك السن. إثبات النسب بعقد النكاح الفاسد وبالعقد املواوف والوطء بشبهة: يثبت النسب بعقد النكاح الفاسد برشط وقوع الدخول احلقيقي أو احلكمي بني الرجل واملرأة وبالعقد املوقوف. وضابط النكاح الفاسد عند احلنفية: ما فقد رشطا من رشوط الصحة كانعدام الشهود أو الويل ويثبت به النسب بعد الدخول. وضابط العقد املوقوف هو الذي يبارشه من ليست له والية رشعية وحكمه أنه عقد صحيح إال أن صحته هذه غري نافذة فإن أجازه من له حق يف اإلجازة كالويل أو الزوج إن كان رشيدا اعتربت هذه اإلجازة بمثابة إذن سابق عىل العقد أما إذا حصل الدخول قبل اإلذن فيرتتب عليه ما يرتتب عىل العقد الفاسد. وضابط النكاح الفاسد عند اجلمهور هو النكاح املختلف فيه. قال الرميل: "وكذا كل جهة قدره املالكية والشافعية بخمس عرشة سنة انطر: مالك بن أنس املدونة الكربى حتقيق زكريا عمريات دار الكتب العلمية دار بريوت ج 1 ص 213 حممد بن إدريس الشافعي األم دار املعرفة بريوت ج 2 ص 11 وقدره احلنفية واحلنابلة باثنتي عرشة سنة انظر: حممد بن أمحد بن أيب سهل شمس األئمة السخيس املبسوط املعرفة بريوت 1111 ه/ 1993 م ج 11 ص 341 ابن قدامة املغني ج 1 ص 132. ابن عابدين رد املحتار ج 1 ص 293 فخر الدين الزيلعي احلنفي تبيني اقحقاق حرح نن الدااق وحاشية الشلبي املطبعة الكربى األمريية بوالق القاهرة 1313 ه ج 3 ص 11 حممد بن عبد اهلل اخلريش املالكي حرح خمترص خليل للخري دار الفكر للطباعة بريوت ج 1 ص أمحد سالمة القليويب وأمحد الربليس عمرية حاشيتا اليويب وعمرية دار الفكر بريوت 1112 ه/ 1992 م ج 1 ص البهويت 231 نشاف القناع ج 2 ص لكنه تعرض لذلك يف قوانني اهلجرة حينام اشرتط يف اكتساب اجلنسية ملن ولد خارج حدود الواليات املتحدة األمريكية أال يقل سن أبويه عن أربعة عرش عاما انظر الفقرة التالية من قانون األحوال املدنية األمريكي: ) 301(a)(7), 66Stat. 236(

8 أباح هبا عامل يعتد بخالفه لشبهة إباحته وإن مل يقلده الفاعل كنكاح بال شهود عىل الصحيح كمذهب مالك عىل ما اشتهر عنه لكن املعروف عن مذهبه اعتبارها يف صحة الدخول حيث مل يقع وقت العقد أو بال ويل كمذهب أيب حنيفة أو بال ويل وشهود كام نقل عن داود" )27(. وقال ابن قدامة: "وال جيب احلد بالوطء يف نكاح خمتلف فيه كنكاح املتعة والشغار والتحليل والنكاح بال ويل وشهود" )28( قال اإلسالم ابن تيمية: يلحقه ولده املسلمني نإ" شيخ متفقون عىل أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه ويتوارثان باتفاق املسلمني وإن كان ذلك النكاح باطال يف نفس األمر باتفاق املسلمني )29(. ويشرتط فيه ما يشرتط يف النكاح الصحيح من إمكانية الدخول واحلد األدنى واألقىص للوالدة وأن يتصور احلمل من الزوج. ويلحق بالنكاح الصحيح ما ذكره الفقهاء من أن الوطء بشبهة يثبت به النسب أيضا وهو كالوطء يف نكاح فاسد أو رشاء فاسد أو وطء امرأة ظنها امرأته. ويثبت أيضا بالنكاح بشبهة وتنشأ الشبهة يف احلكم كام لو جهل رجل حكام من أحكام الزواج ونشأ عنه الدخول باملرأة وتنشأ يف العقد كمن عقد عىل امرأة ثم تبني له بعد الدخول هبا أهنا من املحرمات وتنشأ عن الفعل كمن دخل عىل امرأة ظنا منه أهنا امرأته فوطئها. ومن أمثلة عقد النكاح الفاسد زواج الرجل من أخته يف الرضاعة أو من تزوجت بغري شهود وجيب لثبوت النسب يف الزوجية الفاسدة أن يكون الزواج ثابتا ال نزاع فيه رغم فساده سواء كان اإلثبات بالفراش أو اإلقرار أو البينة. وكام يثبت النسب يف الزواج الفاسد فيثبت أيضا يف الوطء بشبهة ومثاله حالة املطلقة ثالثا ويصلها املطلق خالل العدة معتقدا أهنا حتل له عىل الرغم من بينونتها منه بينونة كربى. ويف احلالتني الزواج الفاسد والوطء بشبهة ال يثبت فيهام النسب إال بإحدى طرق أربعة هي: قيام الفراش أو اإلقرار أو البينة أو حكم القافة. شمس الدين حممد بن أيب العباس أمحد بن محزة بن شهاب الدين الرميل هناية املحتاج إىل حرح املنهاج دار الفكر بريوت 1141 ه/ 1981 م ج 1 ص 112 شيخ اإلسالم زكريا األنصاري حرح اجلمل عىل املنهج دار الفكر بريوت ج 14 ص 14 زين الدين بن عبد العزيز امليلباري فتح املعني برشح ارة العني دار الفكر بريوت ج 1 ص 111. ابن قدامة املغني ج 14 ص 121. تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين الفتاوى الكربى دار الكتب العلمية بريوت ج 3 ص

9 ومن صور النكاح الفاسد ما يقع أحيانا مع بعض املسلمني املقيمني خارج ديار اإلسالم ممن عقد عليها عقدا مدنيا مل تتوافر فيه رشوط الشهادة أو الوالية فله أن يثبت نسب ولده منها إن كان قد ولد يف فراش الزوجية وأمكنه اإلنجاب منها ومل يتجاوز أدنى احلمل وأقصاه. ومن صوره أن يتزوجها حال عدهتا بجهل منهام فتحمل منه فيثبت النسب عىل الرغم من فساد العقد. ثاني ا: ثبوت النسب بالستلحاق: -1 وهو اإلقرار بالنسب )30( وهو عىل رضبني: أوهلام إقرار حيمله املقر عىل نفسه فحسب كاإلقرار بالبنوة أو األبوة وثانيهام: إقرار حيمله املقر عىل غريه وهو ما عدا اإلقرار بالبنوة واألبوة كاإلقرار باألخوة أو العمومة. واألصل فيه حديث عمرو بن شعيب أن النبي صىل اهلل عليه وسلم قىض أن كل مستلحق استلحق بعد أبيه الذي يدعى له فقد حلق بمن استلحقه )31(. ووجه الداللة أنه أجاز استلحاق األبناء الذين ولدوا يف اجلاهلية بآبائهم. واشرتط الفقهاء لصحة اإلقرار بالنسب يف كال احلالني مخسة رشائط: أن يكون املقر بالنسب بالغا عاقال فال يصح إقرار الصغري وال املجنون لعدم االعتداد بإقرارمها. أن يكون املقر له بالنسب ممن يمكن ثبوت نسبه من املقر وذلك بأن يولد مثله ملثله فلو أقر من عمره عرشون ببنوة من عمره مخسة عرش مل يقبل إقراره الستحالة ذلك عادة. أن يكون املقر له جمهول النسب ألن معلوم النسب ال يصح إبطال نسبه السابق بحال من األحوال لقوله صىل اهلل عليه وسلم: "من ادعى إىل غري أبيه وهو يعلم أنه غري أبيه فاجلنة عليه -1-3 حرام" )32(. أن 1- ال يكذب املقر له املقر إن كان أهال لقبول قوله فإن كذبه فإنه ال يصح اإلقرار عندئذ وال يثبت به النسب. أن ال يرصح املقر بأن املقر له ولده من الزنا فإن رصح بذلك فإنه ال يقبل إقراره ألن الزنا ال يكون سببا يف ثبوت النسب لقوله صىل اهلل عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر احلجر" الأ ون ينازع املقر بالنسب أحد ألنه إذا نازعه غريه مل يثبت النسب ألحدمها بالدعوى فلزم مرجح فإن ثبت عمل به وإن مل يثبت عرض عىل القافة أو اختبار احلامض النووي فيكون املوسوعة الفقهية ج 1 ص 81. سبق خترجيه باهلامش 14. صحيح البخاري باب من ادعى إىل غري أبيه ج 8 ص 121 ح رقم:

10 ثبوت النسب ألحدمها بالقيافة ال باإلقرار. فإذا توفرت تلك الرشوط ثبت نسب املقر له من املقر وثبتت بمقتىض ذلك مجيع األحكام املتعلقة بالنسب. فإن كان اإلقرار بالنسب فيه حتميل للنسب عىل الغري كاإلقرار بأخ له ونحوه فإنه يشرتط لصحة ثبوت النسب باإلضافة إىل ما تقدم ثالثة رشوط أخر وهي: أ- ب- ج- اتفاق مجيع الورثة عىل اإلقرار بالنسب املذكور. أن يكون امللحق به النسب ميتا ألنه إذا كان حيا فال بد من إقراره بنفسه. أن ال يكون امللحق به النسب قد انتفي من املقر له يف حياته باللعان )33(. ثالث ا: ثبوت النسب بالبينة: وهي الشهادة فإن النسب يثبت ملدعيه بناء عىل شهادة العدول بصحة ما ادعاه وقد أمجع العلامء عىل أن النسب يثبت ملدعيه بشهادة رجلني عدلني واختلفوا يف إثباته بغري ذلك: كشهادة رجل وامرأتني املالكية )34( شهادة أو نساء أربعة شهادة أو عدول رجل ويمني املدعي واجلمهور من والشافعية واحلنابلة عىل أنه ال يقبل يف إثبات النسب بالبينة إال بشهادة رجلني عدلني فإذا ثبت نسب املدعي بالبينة حلق نسبه باملدعي وترتب عليه رابع ا: ثبوت مجيع األحكام املتعلقة بالنسب. ثبوت النسب بالسامع أو التسامع أو بالشتهار: قال ابن عرفة: "هو لقب ملا يرصح الشاهد فيه باستناد شهادته لسامع من غري معني" )35(. وعند حممد بن احلسن أن التسامع هو أن يشتهر ذلك ويستفيض وتتواتر به األخبار عنده من غري تواطؤ ألن الثابت بالتواتر واملحسوس بحس البرص والسمع سواء فكانت الشهادة بالتسامع شهادة عن معاينة )36(. فلو سمع الناس يقولون هذا ابن فالن أو أخوه جاز أن يشهد هبذا شهادة سامع )37(. بداقع الصناقع ج 1 ص 118 ال رااين عىل خليل ج 1 ص 142 مغني املحتاج ج 1 ص 128. إبراهيم بن عيل بن حممد برهان الدين اليعمري ابن فرحون تبرصة اقحكام يف أصول األاضية ومناهج األحكام مكتبة الكليات األزهرية ج 1 ص 313. حممد األنصاري الرصاع حرح حدود ابن عرفة املوسوم اهلداية الكافية الشافية لبيان حقاق اإلمام ابن عرفة الوافية حتقيق حممد أبو األجفان الطاهر املعموري دار الغرب اإلسالمي ج 1 ص الكاساين دار بداقع الصناقع ج 1 ص 111. أبو احلسن عالء الدين عيل بن خليل الطرابليس احلنفي معني اقحكام فيام يرتدد بني اخلصمني من األحكام الفكر بريوت ص

11 وساقل إثبات النسب املختلف فيها: أول : ثبوت النسب بالقيافة: وهي تتبع األثر للتعرف عىل صاحبه )38( والقائف: من يتبع األثر ويعرف صاحبه ومجعه قافة. واصطالحا هو الذي يعرف النسب بفراسته ونظره إىل أعضاء املولود )39(. والقيافة عند القائلني باحلكم هبا يف إثبات النسب يلجأ إليها عند عدم الفراش والبينة وحال االشتباه يف نسب املولود والتنازع عليه فيعرض عىل القافة ومن أحلقته به القافة من املتنازعني نسبه أحلق به. ويف جواز العمل هبا قوالن: األول: أنه ال يصح احلكم بالقيافة يف إثبات النسب وبه قال احلنفية )40(. والقول الثاين اعتبار احلكم بالقيافة يف إثبات النسب عند االشتباه والتنازع وبه قال مجهور العلامء من الشافعية )41( واحلنابلة )42( والظاهرية )43( واملالكية يف أوالد اإلماء يف املشهور من مذهبهم. وقول اجلمهور هو الراجح لداللة السنة عليه وثبوت العمل هبا عند عدد من الصحابة ريض اهلل عنهم ومل يعرف هلم خمالف فكان كاإلمجاع منهم عىل احلكم هبا قال العالمة ابن القيم: "وقد دل عليها سنة رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم وعمل خلفائه الراشدين والصحابة من بعدهم منهم عمر بن اخلطاب وعيل بن أيب طالب وأبو موسى األشعري وابن عباس القاموس املحيط ج 3 ص 188. ابن فرحون تبرصة اقحكام ج 1 ص 114 صالح عبد السميع اآليب األزهري جواهر اإلنليل حرح خمترص خليل املكتبة الثقافية بريوت ج 1 ص دار 139 هناية املحتاج إىل حرح املنهاج ج 8 ص 321 املغني ج 2 ص 119. السخيس املبسوط ج 11 ص 14 أبو القاسم عيل بن حممد بن أمحد الرحبي السمناين روضة القضاة وطري النجاة حتقيق: صالح الدين الناهي مؤسسة الرسالة بريوت ودار الفرقان عامن 1141 ه/ 1981 م ج 1 ص 111 زين الدين بن إبراهيم بن حممد املعروف بابن نجيم املرصي البحر الراق حرح نن الدااق الكتاب اإلسالمي ط 1 ج 1 ص 191. إسحاق بن إبراهيم بن عيل بن يوسف الشريازي املهذب يف فقه اإلمام الشافعي دار الكتب العلمية ج 1 ص 111 هناية املحتاج ج 8 ص 321. أبو حممد موفق الدين عبد اهلل بن أمحد بن حممد بن قدامة اجلامعييل املقديس ثم الدمشقي احلنبيل الشهري بابن قدامة املقديس الكايف يف فقه اإلمام أمحد دار الكتب العلمية ط 1111 ه/ 1991 م 1 ج 1 ص 318 موسى بن أمحد بن موسى بن سامل بن عيسى بن سامل احلجاوي اإلاناع يف فقه اإلمام أمحد حتقيق: عبد اللطيف حممد موسى السبكي دار املعرفة بريوت ج 1 ص 149. أبو حممد عيل بن أمحد بن سعيد بن حزم األندليس القرطبي الظاهري املحىل باآلثار دار الفكر بريوت ج 9 ج ص ص

12 وأنس بن مالك ريض اهلل عنهم وال خمالف هلم يف الصحابة وقال هبا من التابعني سعيد بن املسيب وعطاء بن أيب رباح والزهري وإياس بن معاوية وقتادة وكعب بن سور ومن تابعي التابعني إلياس بن سعد ومالك بن أنس وأصحابه وممن بعدهم الشافعي وأصحابه وأمحد وأصحابه وإسحاق وأبو ثور وأهل الظاهر كلهم وباجلملة فهذا قول مجهور األئمة وخالفهم يف ذلك أبوحنيفة وأصحابه وقالوا العمل هبا تعويل عىل جمرد الشبه وقد يقع بني األجانب وينتفي بني األقارب" )44(. واشرتط اجلمهور العتبار قول القائف واحلكم به يف إثبات النسب عدة رشوط من أمهها: أن يكون القائف مسلام مكلفا عدال ذكرا سميعا بصريا عارفا بالقيافة جمربا يف اإلصابة وقد ذهب أكثر القائلني باحلكم بالقيافة إىل جواز االكتفاء بقول قائف واحد واحلكم بإثبات النسب بناء عىل قوله بينام ذهب آخرون إىل أنه ال يقبل يف ذلك أقل من اثنني. ومبنى اخلالف يف ذلك عىل اعتبار القائف هل هو شاهد أو خمرب فمن قال باألول اشرتط اثنني ومن قال بالثاين اكتفى بواحد وقيل مبنى اخلالف عىل أن القائف هل هو شاهد أو حاكم قال أبو الوليد الباجي: "وجه القول األول أن هذه طريقة اخلرب عن علم خيتص به القليل من الناس كالطبيب واملفتي ووجه القول الثاين أنه خيتص بسامعه واحلكم به فلم جيز يف ذلك أقل من اثنني" )45(. وقال يف اإلنصاف: "وهذا اخلالف مبني عند كثري من األصحاب عىل أنه هل هو شاهد أو حاكم فإن قلنا هو شاهد اعتربنا العدد وإن قلنا هو حاكم فال وقالت طائفة من األصحاب: هذا خالف مبني عىل أنه شاهد أو خمرب فإن جعلناه شاهدا اعتربنا العدد وإن جعلناه خمربا مل نعترب العدد كاخلرب يف األمور الدنيوية" )46(. ورجح ابن القيم االكتفاء بقول قائف واحد حمتجا بذلك بقوله: "ومن حجة هذا القول وهو قول القايض وصاحب املستوعب والصحيح من مذهب الشافعي وقول أهل الظاهر أن النبي صىل اهلل عليه وسلم س بقول جمزز املدجلي وحده وصح عن عمر أنه استقاف املصطلقي وحده كام تقدم واستقاف ابن عباس ابن كلبة ابن القيم الطرق اقحكمية يف السياسة الرشعية حتقيق: حممد مجيل غازي مطبعة املدين القاهرة ج 1 ص 312 السخيس املبسوط ج 11 ص 14 الكاساين بداقع الصناقع ج 1 ص 111. القايض أبو الوليد سليامن بن خلف بن سعد بن أيوب الباجي املنتقى حرح موطأ مالك حتقيق: حممد عبد القادر عطا دار الكتب العلمية ج 1 ص.31 عالء الدين أبو احلسن عيل بن سليامن املرداوي الدمشقي الصاحلي اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف عىل مذهب اإلمام أمحد بن حنبل دار إحياء الرتاث العريب بريوت ج 1 ص

13 وحده واستلحقه بقوله" )47(. وقد نص أمحد عىل أنه يكتفي بالطبيب والبيطار الواحد إذا مل يوجد سواه والقائف مثله بل هذا أوىل من الطبيب والبيطار )48(. أما لو أخذ بقول القافة وحكم به حاكم ثم جاءت قافة أخرى فأحلقته بشخص أخر فإنه ال يلتفت إىل قول املتأخرة منهام ألن حكم احلاكم يرفع اخلالف ومثل هذا أيضا لو رجعت القافة عن قوهلا بعد احلكم به وأحلقته بشخص أخر فإنه ال يلتفت إىل رجوعها عن قوهلا األول لثبوت نسب املجهول بمن أحلق به أوال وهبذا قال الشافعية واحلنابلة )49(. وإذا مل يؤخذ بقول القافة الختالف أقواهلا أو أشكل األمر عليها فلم تلحقه بواحد من املدعني أو مل توجد قافة فإن نسب املجهول يضيع عىل الصحيح من مذهب احلنابلة )50(. والقول األخر للحنابلة هو مذهب الشافعية: أن األمر يرتك حتى يبلغ املجهول ثم يؤمر باالنتساب إىل أحد املدعني ألنه روي عن عمر ريض اهلل عنه أنه قال للغالم الذي أحلقته القافة باملدعني: "وال أهيام شئت" )51( وألنه إذا تعذر العمل بقول القائف رجع إىل اختيار الولد اجلبيل ألن اإلنسان يميل بطبعه إىل قريبه دون غريه وألنه إذا بلغ صار أهال لإلقرار فإذا صدقه املقر له فيثبت نسبه حينئذ باإلقرار )52(. ويف قول يف كال املذهبني: أنه يؤمر باالختيار واالنتساب إىل أحد املدعني إذا بلغ سن التمييز. ابن القيم املرجع السابق. الطرق اقحكمية ج 1 ص 331. الرميل هناية املحتاج ج 2 ص 113 أبو حممد عيل بن أمحد بن سعيد بن حزم األندليس القرطبي الظاهري البهويت نشاف القناع عن متن اإلاناع دار الكتب العلمية ج 1 ص 138. عبد الرمحن بن حممد بن أمحد بن قدامة املقديس اجلامعييل احلنبيل أبو الفرج شمس الدين املقنع مع الرشح الكبري واإلنصاف دار الكتاب العريب للنرش والتوزيع ج 11 ص 318 حممد بن أمحد بن عبد العزيز بن عيل الفتوحي تقي الدين ابن النجار معونة أويل النهي حرح املنتهى "منتهى اإلرادات" حتقيق: عبد امللك بن عبد اهلل دهيش مكتبة األسدي مكة املكرمة 1119 ه/ 1448 م ج 2 ص 111. رواه الطحاوي يف حرح معاين اآلثار ج 1 ص 111 البيهقي يف السنن الكربى ج 14 ص 113 وقال: هذا إسناد صحيح موصول. عمر بن حممد السبيل البصمة الوراثية ومدى مرشوعية استخدامها يف النسب واجلناية دار الفضيلة الرياض 1113 ه ص

14 ثان يا: القرعة: وهي أضعف طرق إثبات النسب الرشعي ولذا مل يقل هبا مجهور العلامء وإنام ذهب إىل القول هبا واعتبارها طريقة من طرق إثبات النسب الظاهرية )53( واملالكية يف أوالد اإلماء )54( وهو نص الشافعي يف القديم )55( وهبا قال بعض الشافعية عند تعارض البينتني وقال هبا اإلمام أمحد يف رواية وابن أيب ليىل وإسحاق بن راهوية )56(. واحتج القائلون هبا بام رواه أبو داود والنسائي عن زيد بن أرقم ريض اهلل عنه قال "كنت جالسا عند النبي صىل اهلل عليه وسلم فجاء رجل من اليمن فقال: إن ثالثة نفر من أهل اليمن أتو عليا خيتصمون إليه يف ولد وقد وقعوا عىل امرأة يف طهر واحد فقال الثنني منهام: طيبا بالولد هلذا فعليا )قاله ثالث مرأت( فقال: أنتم رشكاء متشاكسون إين مقرع بينكم فمن قرع فله الولد وعليه لصاحبه ثلثا الدية فأقرع بينهم فجعله ملن قرع فضحك رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم حتي بدت أرضاسه أو نواجذه". قال اإلمام بن حزم تعليقا عىل هذا احلديث "ال يضحك رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم دون أن ينكر يري أو يسمع ما ال جيوز البتة إال أن يكون سورا به وهو صىل اهلل عليه وسلم ال يس إال باحلق وال جيوز أن يسمع باطال فيقره وهذا خرب مستقيم السند نقلته كلهم ثقات واحلجة به قائمة وال يصح خالفه البتة" )57(. وقال اإلمام اخلطايب: "فيه إثبات القرعة يف أمر الولد وإحقاق القارع" )58(. والراجح عدم العمل هبا ح لا ثالث ا: القيافة أو البصمة الوراثية لقوهتام. استلحاق ال اين ولد ال نا إذا ولد عىل غري فراش: اتفق الفقهاء عىل نسبة ولد الزنى ألمه وهذه النسبة تثبت بالوالدة )59(. واختلفوا يف صحة نسبته ألبيه عىل ثالثة أقوال: ابن حزم املحىل ج 14 ص 124. دار الشيخ عبد الباقي الزرقاين حرح ال رااين عىل خمترص خليل مع حاشية اإلمام الرهوين عىل حرح ال رااين الفكر بريوت 1398 ه/ 1918 م ج 2 ص 149. أبو سليامن محد بن سليامن اخلطايب البستي معامل السنن وهو حرح سنن أيب داود حتقيق: ط ه/ 1931 م ج 3 ص 111. حممد راغب الطباخ حممد بن عيل بن حممد الشوكاين نيل األوطار من أحاديث سيد األخيار حرح منتقى األخبار إدارة الطباعة املنريية ج 1 ص.18 ابن حزم اخلطايب ابن قدامة املحىل ج 9 ص 311. معامل السنن ج 3 ص 111. املغني ج 1 ص 111 ابن تيمية جمموع الفتاوى ج 31 ص 11 ابن نجيم احلنفي البحر الراق ج 1 ص

15 القول األول: يثبت ال الزاين إىل الزنى ولد نسب وهو مذهب احلنفية واملالكية والشافعية واحلنابلة والظاهرية )60( وهو اختيار اهليئة القضائية العليا واللجنة الدائمة لإلفتاء. واستدلوا بحديث أيب هريرة "الولد للفراش وللعاهر احلجر" فالنبي صىل اهلل عليه وسلم أثبت النسب للفراش ونفاه عن الزاين )61(. ونوقش بأن املسألة تتعلق بحال التنازع بني صاحب الفراش والزاين وهذا ال خالف عليه )62(. وعللوا احلكم بأن املولود ال يلحق بالزاين إذا مل يستلحقه فلم يلحق به بحال كام لو كانت أمه فراشا )63(. القول الثاين: يسار )64( يثبت نسب ولد الزنى من الزاين إذا استلحقه مطلقا وقد قال به إسحاق وعروة وسليامن بن وهو قول ابن تيمية وابن القيم )65(. واستدلوا بحديث عائشة يف خصومة سعد بن أيب وقاص مع عبد بن زمعة يف الصحيحني "فنظر رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم إىل شبهه فرأى شبها بينا بعتبة فقال هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر احلجر واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة فلم تره سودة قط" )66( فلام تعارض دليالن ظاهرا وهو الفراش وباطنا وهو الزنا قىض النبي صىل اهلل عليه وسلم السخيس املبسوط ج 19 ص 319 شمس الدين أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن عبد الرمحن الطرابليس املغريب املعروف باحلطاب الرعيني املالكي مواهب اجلليل يف حرح خمترص خليل دار الفكر ط 1111 ه/ 1991 م 3 ج 1 ص 121 النووي املجموع حرح املهذب ج 11 ص 112 ابن قدامة املغني ج 1 ص 134. السخيس املبسوط ج 11 ص 181 ابن رشد بداية املجتهد ج 1 ص 321 النووي املجموع ج 14 ص 318. حممد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم اجلوزية زاد املعاد يف هدي خري العباد مؤسسة الرسالة بريوت املغني مكتبة املنار اإلسالمية الكويت الطبعة السابعة والعرشون 1112 ه/ 1991 م ج 2 ص ص 1 ابن قدامة املغني ج 2 ص 334 ابن تيمية جمموع الفتاوى ج 31 ص 11. ابن تيمية جمموع الفتاوى ج 31 ص زاد املعاد ج 2 ص 111 إبراهيم بن حممد بن عبد اهلل بن حممد ابن مفلح أبو إسحاق برهان الدين املبدع حرح املقنع دار الكتب العلمية بريوت ط 1118 ه/ م ج 8 ص 141 املرداوي اإلنصاف ج 9 ص 191. صحيح البخاري باب رشاء اململوك من احلريب وهبته وعتقه ج 8 ص 81 ح رقم: 1118 وصحيح مسلم باب الولد للفراش وتوقي الشبهات ج 1 ص 1484 ح رقم: 1121 والنسائي املجتبى من السنن باب إحلاق الولد بالفراش إذا مل ينفه صاحب الفراش ج 1 ص 184 ح رقم

16 مل" بالظاهر يف إثبات النسب وبالباطن يف االحتجاب منه. قال ابن تيمية: "فتبني أن االسم الواحد ينفى يف حكم ويثبت يف حكم". فلوال الفراش لثبت نسب ولد الزنا )67(. واستدلوا بحديث جريج العابد يف الصححني عن أيب هريرة ريض اهلل عنه أن النبي صىل اهلل عليه وسلم قال: يتكلم يف املهد إال ثالثة: عيسى بن مريم وصاحب جريج وكان جريج رجال عابدا... قالوا: زنيت هبذه البغي فولدت منك فقال: أين الصبي فجاؤوا به فقال: دعوين أصيل فصىل فلام انرصف أتى الصبي فطعن يف بطنه وقال: يا غالم من أبوك فقال: فالن الراعي..." )68(. ووجه الداللة أنه إ قنط ا من اهلل ال يمكن فيه الكذب فقد حكى النبي صىل اهلل عليه وسلم أن جرجيا نسب ابن الزنا للزاين لكن فيه تكلفا ظاهرا وذكرها النبي صىل اهلل عليه وسلم يف معرض املدح )69(. ففيه دليل عىل أن النسب يثبت بالزنا إن مل يقم دليل أقوى يعارضه. وقد ثبت عن عمر بن اخلطاب أنه أالط أي أحلق أوالد اجلاهلية بآبائهم )70( ونوقش بأن عمر ريض اهلل عنه كان خاصا يف عهار البغايا يف اجلاهلية دون اإلسالم والعهار يف اجلاهلية أخف حكام منه يف اإلسالم فصارت الشبهة الحقة به ومع الشبه جيوز حلوق الولد وخالف حكمه عند انتفاء الشبهة عنه يف اإلسالم )71(. وجياب عنه بام ييل: أ- مل يقترص فعله عىل عهار البغايا بل شمل احلرائر وهذا جيل من تفسري أثر مالك. وقد ذكر أبو الوليد الباجي آثارا تؤيد هذا "وروى عيسى عن ابن القاسم يف مجاعة يسلمون فيستلحقون أوالدا من زنا فإن كانوا أحرارا ومل يدعهم أحد لفراش فهم أوالدهم وقد أالط عمر من ولد يف اجلاهلية بمن ادعاهم يف اإلسالم إال أن يدعيه معهم سيد األمة أو زوج احلرة ألن النبي عليه اهلل صىل وسلم قال: ا" لولد للفراش وللعاهر احلجر" ففراش الزوج والسيد أحق مازن إسامعيل هنية إثبات نسب ولد ال نا بحث منشور يف جملة الدراسات اإلسالمية باجلامعة اإلسالمية بغزة العدد األول يناير 1449 م ج 18. صحيح البخاري باب قول اهلل: ژ ڄ ڄ ڄڃژ ج 1 ص 112 ح رقم 3131 الوالدين عىل التطوع بالصالة وغريها ج 1 ص 1911 ح رقم القرطبي اجلامع ألحكام القرآن ج 2 ص 112 زاد املعاد ج 2 ص 112 و صحيح مسلم: باب تقديم بر فتح الباري ج 1 ص 183. مالك بن أنس املوطأ نسخة حييى بن حييى الليثي حتقيق: حممد فؤاد عبد الباقي دار إحياء الرتاث العريب باب القضاء بإحلاق الولد بأبيه ج 1 ص 114 ح رقم 1114 ابن تيمية جمموع الفتاوى ج 31 ص 138. أبو احلسن عيل بن حممد بن حممد بن حبيب املاوردي البرصي البغدادي اقحاوي يف فقه الشافعي دار الكتب العلمية ج 8 ص

17 واإلالطة هي اإلحلاق قال: ومن ادعى من النصارى الذين أسلموا أوالدا من الزنا فليالطوا هبم ألهنم يستحلون الزنا يف دينهم فجعل ذلك باستحالهلم الزنا وروى ابن حبيب عن مالك من أسلم اليوم فاستالط ولدا بزنا يف رشكه فهو مثل حكم من أسلم يف اجلاهلية وقال ابن املاجشون ال يؤخذ بقوهلم فيمن كان من والدة اجلاهلية والنرصانية وروى أشهب عن مالك أنه إنام يؤخذ بقول القافة فيام يلحق من الولد وأما يف بغايا أهل اجلاهلية فال" )72(. ب- ج- د- أن الشبهة حاصلة حينام يستلحق الزاين ولد الزنا فيجوز حلوق الولد به مع الشبهة وليس ثمة متييز بني الشبهتني إال بدليل وال يوجد. أن فعله ريض اهلل عنه مصلحة عظيمة ذلك أن املسلم إذا وقع يف الفاحشة ثم انتبه إىل هذا املولود الذي كان سببا يف وجوده وتأمل ما ينتظره من آالم نفسية مؤملة وأنه إذا استلحقه حمتسبا األجر واملثوبة حصل له من مصالح السرت عليه وتربيته وحفظه من الترشد والضياع اليشء الكثري. القياس الصحيح يقتيض إحلاق املولود من الزنا بالزاين إذا استلحقه ألن األب أحد الزانني وهو إذا كان يلحق بأمه وينسب إليها وترثه ويرثها ويثبت النسب بينه وبني أقارب أمه مع كوهنا زنت به فام املانع يف حلوقه باألب إذا مل يدعه غريه )73( لكن هذا القياس فيه نظر. وأولوا عليه اهلل صىل قوله وسلم: "الولد للفراش احلجر" وللعاهر للمرأة كان إذا هذا زوج )74(. واجلمهور عىل أن النص قد حرص النسب بالفراش الرشعي أو ما يلحق به فال يثبت بغريه فال يعد الزنا طريقا إلثبات النسب. بينام رأى اآلخرون أن النص قد أثبت النسب للفراش حال قيامه ومل ينفه عن الزاين حال عدم وجود الفراش )75(. القول الثالث: يثبت نسب ولد الزنا من الزاين إذا استلحقه برشط أن يقام عليه احلد وقد قال به: احلسن وابن سين وإبراهيم واألخري يف حال امتالك األمة مل يشرتط إقامة احلد عىل الزاين لثبوت النسب منه )76(. واستدلوا بأدلة الفريق الثاين وأضافوا إليها قوة الثبوت باالستلحاق واحلد الذي أقيم. 72- أبو الوليد سليامن بن خلف الباجي األندليس املنتقى دار السعادة ط 1331 ه 1 ج 1 ص ابن القيم زاد املعاد ج 2 ص ابن تيمية جمموع الفتاوى ج 31 ص مازن إسامعيل هنية إثبات ولد ال نا بالبصمة الوراثية ص 12. ابن قدامة املغني ج 1 ص 111 املرداوي اإلنصاف ج 9 ص

18 القول الرابع: ذكر ابن قدامه عن عيل بن عاصم ثبوت النسب إذا تزوج الزاين بامرأة وسرت عليها )77(. والراجح عندي والعلم عند اهلل هو صحة نسبة ولد الزنا ألمه لإلمجاع عىل ذلك وصحة نسبته ألبيه الزاين إذا استلحقه مطلقا ومل يعارضه معارض وقامت الدالئل عىل ثبوت احلالة التي أدت إىل وصول مائه إىل رحم املرأة املزين هبا لألسباب التالية: -1 ألن النصوص قدمت الفراش يف إثبات النسب عىل الزنى فدعوى النسب من الزاين مردودة يف مقابل الفراش وهذا حق ال مرية فيه )78(. ألن النسب هو إثبات حقيقة واقعة وطريق الزنا طريق ضعيف لذلك ال يقوى عىل معارضة الفراش يف إثبات النسب أما إذا مل يعارضه معارض أقوى منه واستلحقه الزاين فيلحق به كام يف القول الثاين أو يلحق به إذا اقرتن بام يثبت حالة الزنا واملتمثل يف احلد أو إذا وجد ما يقويه كملك األمة أو الزواج باملرأة املزين هبا كام يف القول الثالث. قول النبي صىل اهلل عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر احلجر" مقيد بكون الزنا ال يعارض دعوى الفراش بحال. أما يف حال عدم املعارضة فال مانع من إثبات ولد الزنا. وألن دعوى اإلمجاع عىل أن ولد الزنا ال يثبت نسبه ألبيه منتقضة بإحلاق عمر أوالد اجلاهلية بآبائهم. دل حديث عائشة يف اختالف سعد وعبد بن زمعة أن النبي صىل اهلل عليه وسلم قىض بالشبه يف أمره سودة بنت زمعة أن حتتجب من زمعة ولو مل تقم دعوى الفراش لقىض بالنسب لسعد والنبي صىل اهلل عليه وسلم التفت للقرائن يف حتريم دخوله عىل سودة وعدم نسبة ولد الزنا للزاين مشكوك فيه فيحتاج إىل دالئل تقويه فإذا وجدت تلك الدالئل حكم به. البنوة حقيقة وليست حكام واحلكم إنام يأيت إلثبات هذه احلقيقة وأحكام الرشيعة تبني عىل األمارات والدالئل الظاهرة عندما يكون الوقوف عىل احلقائق متعذرا كإقامة اآللة دليال عىل القتل العمد حيث إن العمدية صفة ال يمكن الوقوف عىل حقيقتها واالستلحاق من الزاين -6 البن الزنا داللة ظاهرة عىل حقيقة البنوة فيعمل هبا إذا مل تعارض بدليل أقوى منها )79(. ابن قدامة املغني ج 1 ص 111. مازن إسامعيل هنية إثبات نسب ولد ال نا ص 14. مازن إسامعيل هنية إثبات نسب ولد ال نا ص

19 يف( ويف هذا القول خروج من حرج كبري لكثري من املسلمني املقيمني خارج ديار اإلسالم إذ أهنم كثريا ما يقعون يف الزنا قبل اعتناقهم اإلسالم ويلحقون ذرارهيم هبم بعد اإلسالم أو قبله ولو مل تنسب إليهم أوالدهم لضاع إيامهنم بانتساهبم ألهل امللل األخرى. إثبات النسب بتحليل اقحامض النووي :DNA عرف املجمع الفقهي البصمة الوراثية )DNA( بأهنا البنية اجلينية نسبة إىل اجلنيات أي املورثات التي تدل عىل هوية كل إنسان بعينه )80(. فهي املادة املورثة املوجودة يف خاليا الكائنات احلية تبني مدى التشابه والتامثل بني الشيئني أو االختالف بينهام فهي باالعتامد عىل مكونات اجلني البرشي تستطيع أن حتدد مدى الصلة بني املتامثالت وجتزم بوجود الفرق أو التغاير بني املختلفات عن طريق معرفة الرتكيب الوراثي لإلنسان يف ظل علم الوراثة فصارت البصمة الوراثية قرينة يف النفي واإلثبات. وقد أثبت العلم أن لكل إنسان جينوما برشيا خيتص به دون سواه ال يمكن أن يتشابه فيه مع غريه أشبه ما يكون ببصمة األصابع يف خصائصها بحيث ال يمكن تطابق الصفات اجلينية بني شخص وآخر حتى وإن كانا توأمني. وأصل اختالف املعارصين يف االعتامد عىل تقنية حتليل احلامض النووي يكمن يف إحلاق تلك التقنية بالقرائن القوية أو اعتبارها بينة مستقلة حاهلا كحال اعتبار ما ال يولد ملثله حائال إلثبات النسب واعتبار احلمل بينة يف إقامة احلد عىل املرأة. ولذا سلك املعارصون يف التوظيف الفقهي للعمل بتقينة احلامض النووي مسلكني: األول: تثبت بالقيافة هو قول األكثرين من الفقهاء املعارصين بأهنا من باب قياس األوىل عىل القيافة فاألحكام التي تثبت بالبصمة الستنادها إىل عالمات عىل مبنية خفية أو ظاهرة الفراسة واملعرفة واخلربة )81 إدراك الشبه احلاصل بني اآلباء واألبناء فاألخذ بنتائج الفحص بالبصمة الوراثية واحلكم بثبوت النسب بناء عىل قول خرباء البصمة الوراثية أقل أحواله أن يكون مساويا للحكم بقول القافة إن مل تكن البصمة أوىل باألخذ هبا واحلكم بمقتىض نتائجها من باب قياس األوىل. وألن قول القائف حكم بظن غالب ورأي راجح ممن هو من أهل اخلربة فجاز كقول املقومني )82( فكذلك احلال بالنسبة للبصمة قرارات جممع الفقه اإلسالمي التابع لرابطة العامل اإلسالمي القرار السابع بشأن البصمة الوراثية وجماالت االستفادة منها الدورة السادسة عرشة شوال 1111 ه مكة املكرمة ص 313. فليست بحدس وال ختمني كام يقول منكروالقيافة بل هي غريزة يف الطبع تنمى بالعلم واخلربة والتجربة. وانظر الرد عىل من قال بأهنا حدس وختمني يف: زاد املعاد ج 2 ص 111. املغني ج 2 ص

20 الوراثية ملا فيها من زيادة العلم واملعرفة احلسية بوجود الشبه. وهي متوافقة مع املبادئ العامة للرشيعة التي تتشوف إلثبات األنساب واملحافظة عليها ومن ثم جاءت توصية ندوة الوراثة واهلندسة الوراثية ما نصه: "البصمة الوراثية من الناحية العملية وسيلة ال تكاد ختطئ يف التحقق من الوالدية البيولوجية والتحقق من الشخصية وال سيام يف جمال الطب الرشعي وهي ترقى إىل مستوى القرائن القوية التي يأخذ هبا أكثر الفقهاء يف غري قضايا احلدود الرشعية ومتثل تطورا عرصيا عظيام يف جمال القيافة الذي يذهب إليها مجهور الفقهاء يف إثبات النسب املتنازع فيه ولذلك ترى الندوة أن يؤخذ هبا يف كل ما يؤخذ فيه بالقيافة من باب أوىل )83(". الثاين: وذهب أصحاب القول الثاين إىل اعتبارها بينة مستقلة أو قرينة قوية يؤخذ هبا احلكم الرشعي إثباتا )84(. فهم يقولون إن نتائج البصمة الوراثية قطعية يف إثبات نسبة األوالد إىل الوالدين أو نفيهم عنهم )85( ويف إسناد العينة من الدم أو املني أو اللعاب التي توجد يف مسح احلادث إىل صاحبها بشهادة خمتصني تعني األخذ هبا واعتبارها بينة مستقلة يثبت هبا احلكم نفيا أو إثباتا ولو نظرنا إىل واقع ثبوت النسب بالشهادة وكوهنا تبنى عىل غلبة الظن ويكفي فيها االستفاضة والشهرة مع وجود االحتامل باخلطأ مع واقع البصمة التي ال تكاد نتائجها ختطئ يف ذاهتا واخلطأ الوارد فيها يرجع إىل اجلهد البرشي أو عوامل التلوث ونحو ذلك نستطيع أن نجزم بأن البصمة الوراثية حجة رشعية يوجب العمل بمضموهنا إذا توفرت رشوطها. وقووا مذهبهم بأمور منها أن دعوى جعل البصمة الوراثية يف حكم القيافة من باب القياس منتقضة بثبوت اختالف البصمة الوراثية عن القيافة يف أمور منها: أن البصمة الوراثية قائمة عىل أساس علمي حمسوس فيه دقة متناهية واخلطأ فيه مستبعد جدا بخالف القيافة والتي تقوم عىل االجتهاد والفراسة وهي مبنية عىل غلبة الظن واخلطأ فيها وارد ففرق بني ما هو قطعي حمسوس وبني ما بني عىل الظن واالجتهاد وأن القيافة يعمل هبا يف جمال األنساب فقط بخالف البصمة الوراثية فهي تتعداها ملجاالت أخرى كتحديد اجلاين وحتديد شخصية املفقود و أن القيافة تعتمد عىل الشبه الظاهر يف األعضاء ملخص أعامل احللقة النقاشية حول حجية البصمة الوراثية يف إثبات النسب عبد الرشيد حممد أمني قاسم "البصمة الوراثية وإثبات النسب" وهبة الزحييل البصمة الوراثية وجمالت الستفادة منها أبحاث الدورة السادسة عرشة للمجمع الفقهي اإلسالمي املنعقدة بمكة املكرمة يف الفرتة من 11 إىل 11 من شوال 1111 ه

21 كاألرجل وفيها قدر من الظن الغالب أما البصمة الوراثية فهي تعتمد اعتامدا كليا عىل بنية اخللية اجلسمية اخلفية وهي تكون من أي خلية يف اجلسم ونتائجها تكون قطعية كوهنا مبنية عىل احلس والواقع وأن القافة يمكن أن خيتلفوا بل العجيب أهنم يمكن أن يلحقوا الطفل بأبوين لوجود الشبه فيهام )86( أما البصمة فال يمكن أن تلحق الطفل بأبوين بتاتا ويستبعد متاما اختالف نتائج البصمة الوراثية ولو قام هبا أكثر من خبري فالقياس بعيد فهذا باب وهذا باب. واستدلوا بأدلة أخرى )87( منها أن البينة مل تأت يف الكتاب والسنة حمصورة يف الشهادة واإلقرار فحسب بل أطلقت عىل ما أظهر احلق وجاله كام يف قوله تعاىل: ژ ٱ ڀ ڀ پڀ پ پ پ ٻ ٻ ٻ ٻ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چژ )88( ووجه الداللة قال ابن القيم: "فالبينة اسم لكل ما يبني احلق ويظهره ومن خصها وال بالشاهدين أو األربعة أو الشاهد واملرأتني مل يوف مسامها حقه ومل تأت البينة قط يف القرآن مرادا هبا الشاهدان وإنام أتت مرادا هبا احلجة والدليل والربهان مفردة وجمموعة وكذلك قول النبي صىل اهلل عليه وسلم: "البينة عىل املدعي" )89( املراد به: أن عليه ما يصحح دعواه ليحكم له والشاهدان من البينة ريب أن غريها من أنواع البينة قد يكون أقوى منها كداللة احلال عىل صدق املدعي فإهنا أقوى من داللة إخبار الشاهد والبينة والداللة واحلجة والربهان واآلية والتبرصة والعالمة واألمارة متقاربة يف املعنى فالرشع مل يلغ القرائن واألمارات ودالئل األحوال بل من استقرأ الرشع يف مصادره وموارده وجده شاهدا هلا باالعتبار مرتبا عليها األحكام" )90(. ومنه قوله تعاىل: ژ ڱ ە ٹ ٹ ڻڻ ں ں ڱ ۋ ۋ ۇٴ ۈ ۈ ۆ ۆ ۇ ۇ ڭ ڭ ڭ ڭ ے ے ے ے ھ ھ ه ھ ہ ہ ہ ہ ە ى ى ېې ې ې ۉ ۉ ۅ ۅ ىژ )91(. فوجه الداللة أن موضع قد القميص اعترب دليال عىل البهويت نشاف القناع ج 2 ص 111 ابن مفلح املبدع ج 2 ص 349. عبد الرشيد حممد أمني قاسم "البصمة الوراثية وإثبات النسب" سورة األعراف اآليات: الدراقطني السنن باب يف املرأة تقتل إذا ارتدت ج 2 ص 394 ح رقم: 1249 البيهقي السنن الكربى باب -89 أصل القسامة والبداية فيها مع اللوث بأيامن املدعي ج 8 ص 113 ح رقم: ابن القيم الطرق اقحكمية ص 11 بداقع الفواقد حتقيق: هشام عبد العزيز عطا عادل عبد احلميد العدوي أرشف أمحد مكتبة نزار مصطفى الباز مكة املكرمة ص سورة يوسف اآليات:

22 صدق أحدمها وتربئة اآلخر وسمى اهلل ذلك شهادة )92( واستدلوا بقصة فتح خيرب قال النبي صىل اهلل عليه وسلم لعم حيي بن أخطب: "ما فعل مسك بن حيي الذي جاء به من النضري قال أذهبته النفقات واحلروب قال: العهد قريب واملال أكثر من ذلك فدفعه رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم إىل الزبري فمسه بعذاب فقال: قد رأيت حييا يطوف يف خربة هاهنا فذهبوا فطافوا فوجدوا املسك يف اخلربة" )93( ووجه الداللة أن النبي صىل اهلل عليه وسلم عمل بالقرينة العقلية واعتد هبا فكثرة املال وقرص املدة فيه داللة عىل الكذب وقد اعتد هبذا الدليل وأمر برضبه وحاشاه أن يأمر برضبه بال حجة ألنه نوع من الظلم وهذا مستبعد يف حقه صىل اهلل عليه وسلم فدل ذلك عىل اعتبار القرينة والعمل بموجبها. فهذه األدلة وغريها دالة عىل أن احلق إذا تبني بأي وجه كان األخذ به هو املتعني وال شك أن بعض القرائن أقوى بكثري من الشهادة فالشهادة يمكن أن يتطرق إليها الوهم والكذب وكذا اإلقرار يمكن أن يكون باطال ويقع لغرض من األغراض ومع هذا تعترب الشهادة واإلقرار بينة رشعية يؤخذ هبام لكوهنام مبنيتني عىل غلبة الظن. والراجح أن داللة احلامض النووي من البينات الواضحات ألن نسبة الشك يف نتائجها أقل بكثري من القيافة لكن التسليم هبا عىل أهنا احلق الفصل يف إثبات النسب أمر حيتاج إىل ضوابط تتعلق باحلاالت التي يلجأ إليها يف إثبات النسب وضوابط رشعية وأخرى فنية كام ييل: أول : -1-2 اقحالت التي يلجأ فيها لتحليل البصمة الوراثية: أال يلجأ إليها يف إثبات النسب إال عند انعدام الفراش والبينة واالستلحاق. أن تتعارض بينتان متساويتان عىل ثبوت النسب أو نفيه كأن يدعي أكثر من شخص نسب ولد جمهول النسب أو اللقيط حيث يمكن االستفادة من البصمة الوراثية إلثبات النسب ألحدهم. الشك يف أن أقل مدة احلمل ستة أشهر بعد الزواج فيمكن للبصمة إثبات ذلك. أن خيتلط األطفال حديثو الوالدة يف املستشفى ويشتبه األمر فيمكن أن تستخدم البصمة الوراثية ملعرفة نسب كل طفل إىل والده احلقيقي. يف حاالت نسب الولد الناتج عن الوطء بشبهة أو من النكاح الفاسد مثل املتعة وزواج الشغار ابن فرحون أخرجه أبو داود وحسنه األلباين. تبرصة اقحكام يف أصول األاضية و مناهج األحكام دار الكتب العلمية ج 1 ص 92. السنن كتاب اخلراج واإلمارة والفيء باب ما جاء يف حكم أرض خيرب ج 3 ص 111 ح رقم

23 أو أن تتزوج املطلقة أو األرملة قبل انقضاء عدهتا ثم تلد فهل ينسب الولد إىل زوجها األول أم إىل زوجها الثاين. أن خيتلط األطفال يف حالة احلروب والكوارث ومل يعرف بالضبط آباؤهم فيمكن للبصمة الوراثية حتديد نسب كل واحد منهم فالبصمة الوراثية يستفاد منها لداللتها القطعية يف التعرف -6 عىل أشالء اجلثث واملفقودين واملوتى أو الشهداء ألن يف ذلك متكينا من تسليم اجلثث ألقارهبم واطمئناهنم. االشتباه يف حالة أطفال األنابيب وطفل األنبوب اجلائز تكوينه بالتلقيح االصطناعي رشعا مقصور عىل ما بني الزوجني فقط عىل أن يتم زرع اللقيحة يف رحم الزوجة. فإذا حدث اشتباه أو إشكال يف مالبسات التلقيح فيمكن االعتامد عىل البصمة الوراثية حفاظا عىل إثبات نسب اجلنني. االستفادة منها إلثبات اجلرائم: إن اكتشاف البصامت الوراثية أدى إىل نتائج باهرة يف علم اجلريمة وإيقاع العقوبة عىل املجرم احلقيقي دون جتاوز غريه من املتهمني ولكنها ليست بينة مستقلة إنام هي من القرائن التي تساهم يف تكوين قناعة القايض يف جتريم املتهم وهلا دور كبري يف التحقيق اجلنائي. ملنع اللعان وذلك إن عزم الزوج عىل أن يالعن زوجته لنفي نسب ولده منه لوجود شك كبري فيه فإنه يمكنه اللجوء إىل البصمة الوراثية لدفع هذا الشك. االستفادة منها يف حاالت االغتصاب ونحوه: يمكن حدوث الزنا باإلكراه أو باالغتصاب فإذا حدث محل حينئذ وكانت نتيجة البصمة الوراثية مثبتة كون اجلنني من هذا الشخص الزاين. استلحاق جمهول النسب حق للمستلحق إذا تم برشوطه الرشعية وترتيبا عىل ذلك فإنه ال جيوز للمستلحق أن يرجع يف إقراره بعد ثبوته وال عربة بإنكار أحد من أبنائه لنسب ذلك الشخص وال حاجة إلجراء البصمة الوراثية يف هذا الصدد ألن الرشيعة متشوفة إلثبات النسب. إقرار بعض اإلخوة بأخوة جمهول النسب ال يكون حجة عىل باقي اإلخوة وال يثبت النسب وآثار اإلقرار قارصة عىل املقر يف خصوص نصيبه من املرياث وال يعتد يف ذلك بالبصمة الوراثية )94(. انظر: مقررات دورة جممع الفقه اإلسالمي السادسة عرشة املنعقدة بمكة املكرمة يف املدة من 11-11/ 1111/14 ه املوافق 1441/1/14-2 م وانظر: عيل حمي الدين القره داغي "البصمة الوراثية من منظور الفقه

24 13- كام يمكن أن يكون يف البصمة عالج لبعض القضايا الفقهية املرتتبة عىل اإلشكال يف النسب ومثال ذلك الدور احلكمي )95( فالشافعية جعلوا الدور احلكمي مانعا من املرياث ووصفه عندهم أن يلزم من ثبوت اليشء نفيه واملراد به أن يلزم من ثبوت اإلرث نفيه كأخ حائز أقر بابن للميت أو أنكر بنوة من ادعاها ونكل عن اليمني فحلف مدعي البنوة فال يرث االبن وإن ثبت نسبه )96(. فالبصمة الوراثية حتسم األمر وتثبت النسب فيرتتب عليه ثبوت املرياث بحيث ال يعود الدور احلكمي مانعا من املرياث )97(. ثاني ا: الضوابط الرشعية لستخدام البصمة الوراثية يف إثبات النسب: أن يكون استعامهلا عند احلاجة إليها يف إثبات نسب غري مستقر وأال تستعمل يف التأكد من نسب ثابت فال يصح استعامهلا يف التأكد من صحة األنساب املستقرة الثابتة ملا يف ذلك من بث -1 الشكوك بني الزوجني. أن أن تنفك النتيجة عام يكذهبا فإذا كانت نتيجتها مستحيلة عقال أو حسا فهذا يوضح ما اعرتاها من خطأ يسوغ رفضها وعدم االعتامد عليها كأن تثبت البصمة الوراثية نسب ابن ستني البن عرشين. تكون أوامر التحليل البيولوجية للبصمة الوراثية بناء عىل أوامر من القضاء أو من له سلطة نيابية عن ويل األمر حتى يقفل باب التالعب واتباع األهواء عند أصحاب النفوس الضعيفة وأي نتيجة للبصمة الوراثية تتم دون صدور هذا األمر تعترب باطلة )98(. اإلسالمي" &catid=26: &itemid= الدور احلكمي هو أن يلزم من التوريث عدمه وذلك بأن يقر حائز للامل يف ظاهر احلال بمن حيجبه حرمانا كام إذا أقر أخ ألب يصح إقراره بابن للمتوىف جمهول النسب إذ يف هذه احلالة يثبت نسب القرابة ولكن ال يرث. إذ يلزم من توريثه الدور احلكمي ألنه لو ورث االبن حلجب األخ. فال يكون األخ وارثا فال يصح إقراره وإذا مل يصح إقراره مل يثبت النسب وإذا مل يثبت النسب مل يثبت اإلرث. فإثبات اإلرث يؤدي إىل نفيه وما أدى بإثباته إىل نفيه انتفى من أصله املوسوعة الفقهية الكويتية ج 3 ص 18. شيخ اإلسالم زكريا األنصاري أسنى املطالب يف حرح روض الطالب حتقيق: حممد حممد تامر دار الكتب العلمية بريوت ط 1111 ه/ م ج 3 ص 11. مازن إسامعيل هنية إثبات نسب ولد ال نا بالبصمة الوراثية ص 11. استخدام البصمة الوراثية يف إثبات النسب: نظرة رشعية ص 31 والبصمة الوراثية وأثرها عىل األحكام الفقهية ص فقه القضايا الطبية املعارصة ص

25 ثالث ا: الضوابط الفنية )99( : وهي كام ييل: فصل الدكتور إريك الندر القواعد األساسية لتجريب البصمة الوراثية يف حماكم أوربا وأمريكا القبول العام ألهل االختصاص أي عدم األخذ بالكشف العلمي يف مرحلة التجريب إىل أن يعرب مرحلة الثبوت والتطبيق. اختبار املوضوعية ويقصد به وجوب إجراء حتليلني من عينتني خمتلفتني إلمكان املقارنة واالطمئنان لسالمة النتيجة. الوقوف عىل طبيعة آليات التقينة بمعنى التأكد من سالمة األجهزة ودراية الفنيني يف تشغيلها. احلذر من التقنية املتطورة أي عدم التسليم املطلق بنتائجها قبل اختبار املوضوعية والوقوف عىل طبيعة التقنية )100(. 5- يضاف إىل تلك الضوابط رشوط أخرى فنية تضاف إليها منها: أن تكون املختربات اخلاصة بفحص البصمة الوراثية تابعة للدولة وحتت رقابتها. أن تكون املعامل واملختربات مزودة بأفضل ما توصلت إليه التقنية احلديثة وبأعىل مواصفات التصنيع هبا. توثيق كافة خطوات التحليل بدأ من نقل العينات الالزمة إىل ظهور النتائج حرصا عىل سالمة تلك العينات وضامنا لصحة نتائجها مع حفظ الوثائق للرجوع إليها عند احلاجة. أن جيرى التحليل يف خمتربين معرتف هبام عىل األقل عىل أن تؤخذ االحتياطات الالزمة لضامن عدم معرفة أحد املختربات التي تقوم بإجراء االختبار بنتيجة املخترب األخر. يشرتط أن يكون القائمون عىل العمل يف املختربات املعنية بإجراء التحاليل ممن يوثق هبم علام وخلقا وأال يكون أي منهم ذا صلة قرابة أو صداقة أو عداوة أو منفعة بأحد املتداعني أو حكم عليه بحكم خمل بالرشف أو األمانة. أن حتاط اإلجراءات الفنية والنتائج التحليلية بسية تامة سواء التي يف املختربات الفنية أو يف فؤاد عبد املنعم أمحد البصمة الوراثية ودورها يف اإلثبات اجلناقي بني الرشيعة والقانون املكتبة املرصية للنرش والتوزيع. "البصمة الوراثية" ضمن أبحاث التقرير الفقهي ملركز ابن إدريس احليل العدد األول 1118 ه/ 1441 م ص 11 وانظر: نتائج ندوة: "مدى حجية استخدام البصمة الوراثية إلثبات البنوة" املنعقدة بالكويت يف الفرتة من 18 إىل 19 حمرم 1111 ه

26 رابع ا: الدوائر ذات العالقة ملا حييط هبذا املوضوع من خصوصية تامة )101(. املساقل التي ل جيوز إثبات النسب فيها بالبصمة الوراثية: نص بعض الفقهاء عىل مسائل ال جمال للقيافة يف إثبات النسب هبا وبالتايل الوراثية يف إثبات النسب هبا ومن هذه املسائل ما يأيت: -1 فإنه ال جمال للبصمة إذا أقر رجل بنسب جمهول النسب وتوفرت رشوط اإلقرار بالنسب فإنه يلتحق به لإلمجاع عىل ثبوت النسب بمجرد االستلحاق مع اإلمكان فال جيوز عندئذ عرضه عىل القافة لعدم املنازع فكذا البصمة الوراثية كالقافة يف احلكم هنا )102(. 2- إقرار بعض اإلخوة بأخوة النسب ال يكون حجة عىل باقي اإلخوة وال يثبت به نسب وإنام تقترص آثاره عىل املقر يف خصوص نصيبه من املرياث )103(. وال يعتد بالبصمة الوراثية هنا ألنه ال جمال للقيافة فيها )104(. إحلاق جمهول النسب بأحد املدعني بناء عىل قول القافة ثم أقام اآلخر بينة عىل أنه ولده فإنه حيكم له به ويسقط قول القافة ألنه بدل عىل البينة فيسقط بوجودها ألهنا األصل كالتيمم -3 مع املاء )105( فهكذا البصمة الوراثية يف احلكم هنا. حكم إثبات نسب ولد ال نا باستخدام البصمة الوراثية: مل خيتلف الفقهاء املعارصون عىل استعامل البصمة الوراثية يف إثبات النسب يف حاالت خاصة كالتعرف عىل جثث املوتى حال وقوع الكوارث أو احلروب أو اختالط األطفال عند الوالدة كام بينا ذلك )106(. ملخص احللقة النقاشية حول ندوة: "مدى حجية استخدام البصمة الوراثية إلثبات البنوة" املنعقدة بالكويت يف الفرتة من 18 إىل 19 حمرم 1111 ه. انظر: ملخص احللقة النقاشية حول "حجية البصمة الوراثية" ص 11 "البصمة الوراثية وأثرها يف إثبات النسب" ضمن ثبت أعامل ندوة: "الوراثة واهلندسة الوراثية" ج 1 ص.191 عبد الوهاب خالف أحكام األحوال الشخصية يف الرشيعة اإلسالمية مطبعة دار الكتب املرصية بالقاهرة الطبعة الثانية 1321 ه/ 1938 م ص ملخص أعامل احللقة النقاشية حول: "حجية البصمة الوراثية" ص انظر:.11 املغني ج 2 ص عمر سليامن األشقر أبحاث اجتهادية يف الفقه الطبي مؤسسة الرسالة بريوت ط 1 ص 111 منصور