ل``` á á```jƒ d á```«hocg á```jôµa محá```ªµ ô ûy الهOÉ - اOó d g 1435 ا ônb «HQ - ا HOC «اdقüص» º OÉf øy QóصüJ المنهج بين المنطق والهوى في كتاب الفصل الب ن حز م. من تجل يات الذات في رواية "الحمام ال يطير في بريدة". بالغة الوصف في النص النثري العربي. الشعر والبحث عن المكان. سيميوطيقا الخطاب السردي. االستعارة واستنطاق الوعي اإلنساني.
لá ájƒ d á```«hocg á```jôµa مح᪵ f `````` OÉ ø```y Qó`` ``ü``j اd `ق` ü ` `»```` º ا HOC ``````«رشوط الن رش يف املجلة : اأن يكون البحث يف تخ ص ص املجلة. l اأن يكون البحث جديدا مل ين رش من قبل. l ي رفق مع البحث ملخ ص عن البحث باللغة العربية وباللغة االنكليزية يف حدود / 150 /كلمة. l تر سل اأربع ن سخ ورقية مطبوعة على بريد النادي ون سخة الكرتونية ( مكتوبة على برنامج وورد ) اأو على l بريد النادي االلكرتوين : adabi-qassim@hotmail.com يكتب البحث بخط TRADITIONAL ARABIC مقا س 17 للمنت ومقا س 14 للهوام ش. l l تو ضع الهوام ش اأ سفل كل صفحة. l تو ضع قائمة باملراجع يف اآخر البحث على ورقة اأو اأوراق م ستقلة وفق الرتتيب االألفبائي لعناوين الكتب اأو امل ؤولفني. l تخ ضع البحوث املقدمة للتحكيم قبل ن رشها. l ال تعاد البحوث اإىل أا صحابها. l يح صل الباحث )الباحثون( على خم س ن سخ من العدد الذي ين رش فيه البحث.
المحتويات لá ájƒ d á«hocg ájôµa مح᪵ اáÄ«d ájqéشûàسs G : OhóæلهG º«gGôHEG.O.CG Áƒ dgل ø ùm.o»yréñdg ó S.O.CG dgقtôش«éy.o.cg ÜhòéŸG øjódgõy.o.cg»ñ«gƒdg áªwéa.o.cg O..CG محóª dgقvéض«اûÿشô ± اÉ dم ºلjƒ ùdg õjõ dgóñy øh óªm.o اôjôëàd ù«fq»cîdg Qƒصüæe øh º«gGôHEG.O.CG اôjôëàd áä«g ÒZódG Yل«øH º«gGôHEG.O Ö«لdG ɪ«ل S øh óªmcg - ا QBاA QɵaC اh È J h,é ÑJÉc CGQ øy È J اOÉæd. hcg اéŸلá CGQ øy IQhôض déh - ºàJ «ªL اôŸاSسäÓ ºسSÉH ( لá Yلى (OÉ HCG : اÉàd اOÉæd ƒæyا اõeôd اójÈd Uص 51431 872 Ü اªŸلáµ اá«Hô d اùdس ájoƒ - اdقº«ü IójôH - : º«ª üj ôشûæلd ÓYE Ghم اdقº«ü Uص. - 51411 IójôH - 130.Ü (06) 3834557 : ùcéa (06) 3834556 : JÉgف املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م د. اأحمد احلذيري...7 من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد اأ. د. حمم د جنيب العمامي...21 بالغة الو صف يف الن ص النرثي العربي القدمي د. حممد م شبال...43 ال شعر والبحث عن املكان اأ. د. اأحمد يو سف علي... 57 اال ستعارة وا ستنطاق الوعي االإن ساين )مقاربة نظرية وتطبيقية( د. إابراهيم بن من صور الرتكي....75 سيميوطيقا اخلطاب ال رسدي يف رواية الغزو ع شقا د. اإبراهيم عبدالعزيز زيد....103
اأما قبل ظهرت جملة اأبعاد قبل اأربع سنوات بو صفها جملة ثقافية منوعة لها توجهها الثقايف فر صدت مناذج اإبداعية شعرية ونرثية وقدمت عددا من الدرا سات النقدية واملقاالت وهي يف ذلك تخاطب القارئ املثقف لت ضيف اإليه األوانا خمتلفة من االإبداع. وها هي املجلة تعود بعد انقطاع دام اأكرث من عام وذلك إالعادة تقييم العمل الذي مت اإجنازه خالل االأعوام االأربعة املا ضية تعود جملة اأبعاد مرة اأخرى لتوؤكد ب أان البحث العلمي الر صني هو أاحد أاهم االأدوات التي نحتاجها يف عاملنا العربي واالإ سالمي للنهو ض به اإىل م صاف الدول العلمية املتقدمة. واملجلة بحكم صدورها عن هيئة اأدبية ثقافية حر صت على اأن تدور االأبحاث املن شورة حول هذا املدار االأدبي الثقايف ومن هنا ت سعد هيئة التحرير بتقدمي هذا العدد الزاخر بدرا سات علمية جادة تتجه باإجراءات منهجية عميقة للفح ص البحثي اجلاد وذلك عرب تنو ع يف مادة هذه البحوث لت شمل القدمي واملعا رص بهدف تعزيز الوعي الفكري واملعريف لدى القراء. اإن هيئة التحرير وهي تقد م هذا العدد لرتحب باأي نقد بناء من صاأنه اأن يعزز م ستوى هذه الدورية وحتتفي ب أاي م شاركة علمية حتقق رشوط البحث العلمي العميق لن رشها على صدر صفحات املجلة. د. حمد بن عبد العزيز ال سويلم امل رشف العام 5
املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م 1 املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م د. اأحمد احلذيري تون س ملخ ص البحث "ظهر كتاب ابن حزم "الف صل يف امللل وا أالهواء والن ح ل" فكان منعطفا جديدا اأبرز مقارنة االأديان عل ما له مو ضوعات ه املح د دة وطريقت ه املعلومة يف البحث التي جعلت القدامى واملحدثني مم ن ترجموا له وكتبوا عنه ي قر ون له بال س ب ق يف هذا املجال. واإن سب ق ه و إان مل يكن سب قا زمني ا اإىل تناول املو ضوع فهو سب ق يف منهج البحث ويف اإمامة ب نيان هذا العلم على اأ سا س من الد را سة املقارنة الن قدية ولي س على جمر د ال رش د الو صفي وقد اأ شار اإىل املنهج الذي أاخذ به نف سه وهو منهج قائم على التزام الو ضوح يف الر اأي واجتناب الت عقيد يف الفكر وا ستيفاء ح جج اخل صوم عند العر ض وحتاول هذه االأوراق الك شف عن منطلقات ابن حزم يف اعتماده هذا املنهج واإىل اأي حد التزم به يف ثنايا كتابه" "لي س املهم حتديد منهج للو صول اإىل احلقيقة وبلوغ اليقني واإمن ا حتديد اجلهات التي تنتمي اإليها حقائق ب عي نها وحتديد الن موذج الذي ي صوغها وي ض ع ها". عبد ال س الم بنعبد العال واآخرون اإ شكالي ات املنهاج يف الفكر العربي والعلوم االإن ساني ة 1. اختلف الد ار سون يف قراءة العنوان على ف ص ل بك رس الفاء وفت ح ال ص اد جمع ف ص لة وهي الن خلة املنقولة من حمل ها اإىل مكان اآخر اأو على ف ص ل ب فت ح الفاء وت سكني ال ص اد مبعنى الق ضاء بني احلق والباطل اأي الت فرقة. ملزيد الت ف صيل انظر : كتاب حممود حماية ابن حزم ومنهجه يف درا سة االأديان دار املعارف ط 1 القاهرة 1973 ص ص 103-98. 7
املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م ف ض ال عم ا صاغه امل سلمون يف ثنايا موؤل فاتهم التي توؤر خ للفرق اأو الأحداث الت اريخ هناك الكثري من الكتب االأخرى التي حرب وها عن الد يانات وامللل املختلفة. ومل يرو ا حرجا يف ذلك. فقد عر ض القراآن الكرمي للعقائد الوثني ة ولعقائد اأهل الكتاب وتناول املف رش ون هذه االأديان بال رش ح والت ف سري. ثم ظهرت كتابات يف جمال عر ض اآراء االأديان على نحو و صفي مل ير ق يف مراحله االأوىل- اإىل م ستوى الد را سة الن قدية املقارنة وانتهاج نه ج علمي متكامل اجلوانب. فكان كتاب الن وبختي )ت 202 ه(»االآراء والد يانات«. واأل ف امل س ب حي )ت 420 ه( 2 "د ر ك الب غية يف و صف االأديان والعبادات". واأورد امل سعودي )ت 346 ه( يف كتابه»مروج الذ هب«بع ضا من اأخبار ملوك الر وم وذكر شهور القبط وما ي قابلها عند ال رش يان وما يقابل هذه من ال شهور لدى العرب. وذكر مبداأ الت اريخ عند االأقباط وذكر بطارقة الن رصاني ة واأماكنهم وكنائ س اأنطاكية وعجائبها. 3 و سافر اأبو الر يحان البريوين )ت 440 ه( اإىل الهن د وق ض ى فيها اأربعني عاما بد اأ فيها اأو ال بدرا سة الل غة ال س ن سكريتية فاأت قنها اإتقانا جعله ي رتجم منها اإىل الل غة العربية عددا من املوؤل فات وكت ب كتابه ال ش هري»حتقيق ما للهند من مقالة مقبولة يف العقل اأو مرذولة«الذي اأمت ه سنة 433 ه / 1031 م. وهو كما ينبئ عنوانه خا ص باأديان الهند ولي س شامال لالأديان والعقائد املختلفة كالكتب ال س ابقة. ثم ظهر كتاب ابن حزم»الف صل يف امللل وا أالهواء والن ح ل«فكان منعطفا جديدا اأبرز مقارنة االأديان عل ما له مو ضوعات ه املح د دة وطريقت ه املعلومة يف البحث التي جعلت القدامى واملحدثني مم ن ترجموا له وكتبوا عنه ي قر ون له بال س ب ق يف هذا املجال. واإن سب ق ه واإن مل يكن سب قا زمني ا اإىل تناول املو ضوع فهو سب ق يف منهج البحث 4 ويف اإمامة ب نيان هذا العلم على 5 اأ سا س من الد را سة املقارنة الن قدية ولي س على جمر د ال رش د الو صفي فقد قال ابن خل كان )ت 681 ه( يف»وفيات االأعيان«: "وهذا معنى مل ي س ب ق إالي ه". 6 وقال بروكلمان عن»الف صل«يف كتابه»تاريخ ال ش عوب االإ سالمي ة«"وما هي اإال فرتة ي سرية حت ى رشع يف و ضع موؤل فه الد يني الت اريخي العظيم ]الف صل يف امللل واالأهواء والن حل[. وهو كتاب مل ي سب ق اإىل مثله يف ا أالدب العاملي عر ض فيه مل خ ت ل ف الفرق االإ سالمي ة وللد يانتني اليهودية والن رصاني ة اأي ضا باأق سى الن قد واأل ذ ع ه". 7 وتر جم امل ست رشق االإ سباين»ميجيل اآ سني بالثيو س«Palacios) (Miguel Asin كتاب»الف صل«اإىل االإ سباني ة و صد ر الرت جمة بدرا سة ضافية يف جمل د يزيد عن ثالثمائة واأربعني صفحة حتد ث فيها عن مكانة ابن حزم وف ضله يف تاريخ االأفكار الد يني ة واعرتف له بال س بق يف هذا املجال وبني امتيازه عن غريه من ال س ابقني بطريقته العملي ة الن قدية التي مل يع رف ها موؤر خو عز امللك امل س ب حي : اأديب وفقيه وموؤر خ اأر خ للد ولة الفاطمي ة يف م رص. 2. مروج الذ هب ومعادن اجلوهر املكتبة الع رصي ة بريوت 1987 ص 201-195. 3. 4. دائرة املعارف االإ سالمي ة بالل سان الفرن سي.EI 2 مقال:»ابن حزم«املجل د الث الث ص ص 822-813 بقلم»روجيه أارلنديز«Arnaldez(.R(. 5. عبد احلليم عوي س ابن حزم االأندل سي وجهوده يف البحث الت اريخي واحل ضاري الز هراء ل إالعالم العربي ق سم الن رش القاهرة ط 1988 2 ص 317. 6. ابن خل كان وفيات االأعيان ج 3 حتقيق اإح سان عب ا س دار الث قافة بريوت ص 330-325. 7. بروكلمان تاريخ ال ش عوب االإ سالمي ة ص 313 تعريب نبيه اأمني فار س ومنري بعلبك ي دار العلم للماليني ط 11 بريوت 1988. الط بعة ا أالوىل بتاريخ 1948 عن نف س الد ار. 9 8
املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م االأديان يف اأوروب ا اإال يف القرن الع رشين. 8 وين سب»اآدم متز«Metz) (Adam ن صاأة هذا العلم اإىل امل سلمني وي عد د امل صادر االأوىل التي كتبها امل سلمون يف هذا امل ضمار وي وؤك د اأن ت سامح امل سلمني يف حياتهم مع اليهود والن صارى مل ي س م ع مبثله يف الع صور الو سيطة وهو الذي كان سببا يف اأن ي ل ح ق بعلم الكالم شي ء مل يكن قط من مظاهر الع صور الو سطى وهو علم مقارنة االأديان. 9 وقد حر ص ابن حزم اأن يبداأ اأي ا من موؤل فاته بتحديد مو ضوع بحثه وتعيني خط ته يف الد را سة وعلى الت ن صي ص على الهدف الذي ق ص د اإليه من وراء تاأليفه. ومل ي شذ عن ذلك يف كتاب»الف صل«اإذ قال بعد الب سملة واحلم دلة : "اأم ا بعد فاإن كثريا من الن ا س كتبوا يف افرتاق الن ا س يف دياناتهم ومقاالتهم كتبا كثرية جد ا. فبع ض اأطال واأ سهب واأك رث وهج ر 10 وا ستعمل االأغاليط وال ش غب فكان ذلك شاغال عن الفه م وقاطعا دون العلم وبع ض حذف وق رش وقل ل واخت رص واأ رضب عن كثري من 8. Abenhazam de Córdoba y su Historia crítica de las ideas religiosas (5 volumes, Madrid, Real Academia de la Historia; Madrid, Revista de Archivos 1927-1932). هو م ست رشق اإ سباين عا ش بني سنتي 1871 و 1944 اهتم بابن حزم وابن عربي والغزايل. فيما يتعل ق بابن حزم كان اهتمامه اأوال بكتاب»طوق احلمامة«امل شهور فدر سه يف املخطوطة الوحيدة املوجودة يف مكتبة جامعة ليدن )هولندة( قبل اأن ين رشه ب رت وف سنة.D. K 1914. ثم ترجم يف 1916 كتاب»االأخالق«اإىل االإ سباني ة واأخذ يف درا سة كتاب»الف صل يف امللل واالأهواء والن حل«وبداأت ثمار هذه الد را سة بخطاب األقاه يف 18 مايو 1924 ا ستهالال لع ضوي ته يف االأكادميي ة امللكي ة للت اريخ. ثم ترجم كتاب»الف صل«كل ه ترجمة ممتازة اإىل الل غة االإ سباني ة زو دها بال رش وح امل ستفي ضة وذلك يف خم سة جمل دات االأو ل منها درا سة عن حياة ابن حزم واالأربعة الباقية ت شمل الرت جمة االإ سباني ة. ون رشها يف الفرتة بني 1927 و 1932. وهو جمهود شاق عظيم ي ستدعي اط العا م ستق صى وفهما ثاقبا لفكر ابن حزم. 9. اآدم متز احل ضارة االإ سالمي ة يف القرن الر ابع الهجري عر به عبد الهادي اأبو ريدة دار الكتاب العربي بريوت ج 1 ص.366 10. هج ر: قال اله ج ر من الكالم وهو البذيء الفاح ش. واأه جر مبعنى اأكرث الكالم فيما ال يعني. قوى معار ضات أا صحاب املقاالت. فكان يف ذلك غري من ص ف لنف سه يف اآن ال ي ر ضى لها بالغنب يف االإبانة وظامل ا خل ص مه يف اآن مل يو ف ه حق اعرتا ضه وباخ سا حق م ن قراأ كتاب ه اإذ مل ي فن د به غري ه. وكل هم ع ق د كالم ه تعقيدا يتعذ ر فهمه على كثري من اأهل الفهم وحل ق على املعاين م ن ب ع د حت ى صار ي ن سي آاخر كالمه اأو ل ه... فجمع نا كتاب نا هذا... وق صد نا به إايراد الرباهني امل ن ت جة عن املقد مات احل س ي ة اأو الر اجعة إاىل احل س من ق رب اأو من ب عد على ح سب قيام الرباهني التي ال تخون اأ ص ال خم ر ج ة اإىل ما اأ خ ر ج ت له واأال ي صح منه اإال ما صح ح ت الرباهني املذكورة فقط اإذ لي س احلق اإال ذلك. وبالغ نا يف بيان الل فظ وتر ك الت عقيد". 11 وهذا يعني اأن ه أاراد منذ مقد مة كتابه اأن ي شري اإىل املنهج الذي اأخذ به نف سه وهو منهج قائم على التزام الو ضوح يف الر اأي واجتناب الت عقيد يف الفكر وا ستيفاء ح جج اخل صوم عند العر ض على حد قوله. فما هي منطلقات ابن حزم يف اعتماد هذا املنهج واإىل اأي حد التزم به يف ثنايا كتابه تبني ابن حزم اخل صومة والف ر قة الل تني تن صاآن بني اأتباع املذاهب املختلفة. فكل يريد ن رصة مذهبه والد فاع عن راأي صاحبه وي صبح والء املقل د الأحد املذاهب لالإمام الذي ي عتنق مذهب ه أاكرث من والئه للن بي. وقد راأى ابن حزم مدى انقياد اأتباع املذاهب ملذاهبهم ومقدار عداوتهم ملن يقول بغري راأيهم وي سري على غري سننهم ولو كان معه احلج ة والربهان فيما ذهب اإليه ودان به. لذلك قال يف»الف صل«: 12 "واعلموا اأن دين الله تعاىل ظاهر ال باطن فيه وجه ر ال رس حتته كل ه برهان ال م ساحمة فيه وات ه موا كل من يد عوا اأن ي ت بع بال برهان وكل من اد عى للديانة رس ا باطنا فهي دعاوى وخمار ق واعلموا اأن ر سول الله مل يكتم من ال رش يعة كلمة 11. الف صل يف امللل وا أالهواء والن حل حتقيق د. حمم د اإبراهيم ن رص ود. عبد الر حمان ع مرية دار اجليل بريوت 1985 ج 1 ص.36-35 12. وقال م ث ل هذا يف غري كتاب»الف صل«. 11 10
املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م فما فو قها وال اأط لع اأخ ص الن ا س به من زوجة اأو ابنة اأو عم اأو ابن عم اأو صاحب على شيء من ال رش يعة ك ت م ه عن االأحمر واالأ سود ور عاة الغنم وال كان عنده عليه ال س الم رس وال رمز وال باطن غري ما دعا الن ا س كل هم اإلي ه. ولو كتمهم شيئا مل ا بل غ كما اأ م ر. ومن قال هذا فهو كافر. فاإي اكم وكل قول مل ي بني سبيل ه وال و ض ح دليل ه وال تع وجوا عم ا م ضى عليه نبي كم واأ صحاب ه ر ضي الله عنهم". 13 تلك منطلقات منهج ابن حزم الظ اهري الذي كان وا ضح الق سمات يف خمتلف مناحي تفكريه حت ى قال باأن ه ال يحل الأحد اأن يحيل اآية عن ظاهرها وال خربا عن ظاهره الأن من اأحال ن ص ا عن ظاهره يف الل غة بغري برهان اأو اإجماع فقد اد عى اأن الن ص ال بيان فيه وقد حر ف كالم الله تعاىل ووح ي ه اإىل نبي ه عن مو ضعه. فاالأخذ بظاهر الن صو ص -كما تدل عليه الل غة - هو ا أال صل عنده ولكن ه ي ستدرك قائال يف»الف صل«: "اإال اأن ياأتي ن ص اأو اإجماع اأو رضورة ح س 14 على اأن شيئا منه لي س على ظاهره واأن ه ن ق ل عن ظاهره اإىل مع نى اآخر فاالنقياد واجب علينا ملا اأوجبه ذلك الن ص واالإجماع اأو ال رش ورة الأن كالم الله تعاىل واأخبار ه واأوامر ه ال تختلف واالإجماع 15 ال ياأتي اإال بحق والله تعاىل ال ومل تبد ظاهري ة ابن حزم يف جمال الفقه وم سائل الت رشيع فح سب بل كان املذهب الظ اهري معتمد ه يف درا سة العقائد واملذاهب الكالمي ة وكذلك يف تدب ر ن صو ص الكتاب املقد س على ظاهر االألفاظ ومناق شة اليهود والن صارى م ستنكرا تاأويالت رجال الكني سة. ولئن ف ص ل ابن حزم القول يف فرق الن صارى وعقائدهم املختلفة مت فقا يف ذلك مع كثري من الذين جادلوهم كما ذكر املوا ضع التي يوجدون فيها مم ا يعك س سعة ثقافته الت اريخي ة واجلغرافي ة-فاإن ه حاول دح ض عقيدة التثليث وبيان عدم متا سك عالقة االأقانيم الث الثة واعرت ض على طبيعة امل سيح الال هوتي ة والن ا سوتي ة مكتفيا اأحيانا بعر ض اأقوال الن صارى دون نق د مع االكتفاء باالإ شارة اإىل اأن ذلك ي ع د "يف غاية الف ضيحة". ويف ف صل بعنوان:»اد عاء الن صارى اأن امل سيح ي رش ف الله«قال ابن حزم: "ويف الباب الث الث ع رش من اإجنيل يوحن ا يف اأو له اأن امل سيح قال رافعا عيني ه اإىل ال س ماء: يا أابتاه قد اآن الوقت ف رش ف ولدك ل كي ما ي رش فك ولد ك. 17 وبعده بي سري اأن امل سيح قال لله: اأنا رش فتك على االأر ض". 18 يقول اإال احلق " 16. 13. الف صل ج 2 ص 116. 14. للحوا س يف نظر ابن حزم اأهم ية يف حت صيل العلوم واكت ساب املعارف الأن احلوا س اخلم س م و صلة اإىل الن ف س موؤد ية اإليها. وقد تدرك احلوا س االأ شياء بنف سها وقد تدركها بتو س ط قو ة اأخرى هي العقل كعلمها اأن الر ائحة الط ي بة مقبولة من طبعها )اأي الن ف س( والر ائحة الر ديئة منافرة لطب عها وكعلمها اأن االأحمر خمال ف لالأ صفر واالأخ رض...". ويذكر ابن حزم اأن احلوا س قد يدخل عليها ما يعر ضها للخطاإ يف االأحكام. )الف صل ج 1 ص 6-5(. 15. االإجماع املع ترب عند ابن حزم هو اإجماع ال ص حابة الأن االإجماع ال يكون اإال بتعليم الن بي اأو بتوقيف منه. وال ص حابة هم الذين شهدوا الت وقيف منه. والأن هم كانوا حم صورين ميكن عق د اإجماعهم وح رش اأقوالهم وكانوا هم كل املوؤمنني يف عهد الر سول. )انظر: كتاب حممود علي حماية املذكور ص ص 168-167. 16. الف صل ج 2 ص 121. قال اأبو حمم د: هذه م صيبة الد هر مل يقنعوا للم سيح بنبو ة الله حت ى و صفوه مب ساواته لله تعاىل حت ى قالوا: اإن الله تعاىل قد انعزل له عن احلكم ولي س يحكم على أاحد واأن ه قد برئ بامللك واحلكم كل ه اإىل امل سيح ثم مل يقنعوا بالعزلة واخلمول حت ى جعلوا امل سيح ي رش ف الله تعاىل. يا للن ا س.. هل سمعتم باأعظم من هذا الكفر والله والله )كذا( قط عا ما قال هذا الكالم قط موؤمن بالله تعاىل اأ صال وما كانوا اإال دهري ة م ستخف ني رق عاء فعلي هم اأ ضعاف كل لعنة لعنها الله تعاىل سواهم من الكفرة". 19 17. الن ص يف اإجنيل يوحن ا احلايل "جم د ابنك مي ج دك ابن ك اأي ضا " االإ صحاح 2-1. 17: 18. وبعده بي سري قال: "اأنا جم د ت ك على االأر ض" ا إال صحاح 4 17: 19. الف صل ج 2 ص 199. 13 12
املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م والعبارات املقذعة من هذا القبيل كثرية يف»الف صل«. وقد كان حري ا بابن حزم اأن ينز ه نف سه عن هذا ال س باب املج اين ويتفر غ لنقا ش الن صو ص وتدب رها ونق د املنظومة مبنطقها الد اخلي وهو الذي ا شتغل باملنطق وكتب فيه كتابا 20. فاملنطق كما هو معلوم من اأدوات البحث املهم ة. وقد اعتربه ابن حزم نف سه الو سيلة "اإىل معرفة االأ شياء على ما هي علي ه واإىل اإمكان الت فه م الذي به ترتقي درجة الفهم وي تخل ص من ظلمة اجلهل وفيها تكون معرفة احلق من الباطل". 21 وهذا ما مل ي ل ز م نف سه به على ا أالقل يف»الف صل«الذي يبقى فيه ابن حزم موؤر خا. فقد اأر خ لالآراء الد يني ة والعقائد وكانت قدراته على الكتابة الت اريخي ة ظاهرة رغم بع ض الهنات. ومتي ز بجم ع املعلومات عن االأديان االأخرى وعن الفرق االإ سالمية التي يخالفها وتتب ع اجلزئي ات يف مقوالتها. فاإن قارئ»الف صل«كثريا ما ي ذهله طول نف س ابن حزم يف ا ستق صاء حجج خمالفيه. وبالر غم من كل هذه اخل صال كان عمل ابن حزم مرك زا يف ال س عي اإىل الن فاذ اإىل طريقة اال ستدالل اأكرث من اهتمامه بعمق الفكرة التي يريد دح ضها لدى غريه حت ى ي سد كل م سلك على معار ض ه فال يرتك له منفذا ينفذ منه ال ستيفاء احلجج العقلي ة واملنطقية. وقد ات ضح ذلك يف م ناق ش ت ه ن صو صا من الت وراة واالإجنيل وذ ك ر ما وجده فيها من حتريف وخل ط وا ضطراب يف احل ساب والع د ويف ذك ر املدن وروؤ ساء الع شائر )يف الت وراة خا ص ة(. وهذا كل ه لي س اإال دليال على ح ز م ابن حزم الن سبي وحر ص ه على تبكيت م ن يعتربهم خ صوما. وقد بلغ لديه هذا احلر ص حد الت حامل الوا ضح با ستعمال عبارات قا سية بل جارحة عنيفة 20. من كت ب ه»الت قريب حلد املنطق واملدخل اإليه باالألفاظ العام ي ة واالأمثلة الفقهي ة«. وقد روى صاحب تذكرة احلف اظ عن اأبي مروان بن حي ان: "... وله كتب كثرية مل يخ ل فيها من غلط جل راأ ت ه يف الت سو ر على الفنون ال سي ما املنطق زعموا اأن ه زل هناك و ضل يف سلوك امل سائل وخال ف اأر سطو وا ضع ه خمالف ة من مل يفهم غر ضه وال ارتا ض" ج 3 ص.1151 21. كتاب االإحكام يف اأ صول االأحكام ج 1 ص 6. 22 تدل على شد ة االنفعال واملي ل مع الهوى مبا جتاوز فيه ابن حزم ما ينبغي اأن يتحل ى به العلماء من هدوء يف احلجاج ول ط ف يف الن قا ش وخال ف فيه ما اأو حى لنا به يف مقد مة»الف صل«من اأن ه لن يظلم خ صمه بل سيوفيه حق ه وال يبخ س ه. 23 فقد روى الذ هبي عن اأبي العب ا س بن العريف قو ل ه يف تذكرة احل ف اظ "كان سي ف احلج اج ول سان ابن حزم شقيقني". 24 ومن أامثلة ذلك ما عل ق به صاحب»الف صل«على ن س ب امل سيح الذي ورد يف االأناجيل قائال : "فاأعجبوا لهذه امل صيبة احلال ة بهم ما اأف ح شها واأو ح ش ها واأ رض ها واأر ذلها واأن ذلها. مت ى الكذ اب ين سب امل سيح اإىل يو سف النج ار ثم ين سب يو سف إاىل امللوك م ن ول د سليمان بن داود اأبا فاأبا. ول وقا ين سب يو سف النج ار اإىل اآباء غري الذين ذكر مت ى حت ى يخرجه اإىل ناثان بن داود اأخي سليمان بن داود وال بد رضورة من اأن يكون اأحد الن س بتني كذبا فيكذب مت ى اأو لوقا وال بد اأن يكون كال الن س بتني كذبا فيكذب امللعونان لوقا ومت ى جميعا. وال ميكن البت ة اأن تكون كال الن سبتني حق ا. ولوقا عندهم لو ق الله صورهم واأالق وجوههم ولق اهم البالء واألقى عليهم الد مار والل عنة يف احلالة- فو ق جميع االأنبياء عليهم ال س الم. فهذه صفة اأناجيلهم. فاحمدوا الله تعاىل اأي ها امل سلمون على ال س المة والع صمة". 25 الكتاب صن فه صاحبه للد فاع عن دينه يف مقابل امللل غري االإ سالمي ة. وهو كذلك كتاب يف بيان ضالل الفرق املخالفة ملذهبه يف االإ سالم حد الت جن ي والت نك ب عن املو ضوعي ة حت ى 22. و ضع ابن حزم يف كتاب»الت قريب حلد املنطق«جمموعة من القواعد للبحث اجلي د قائال : الت األيف ال يخرج عن سبعة اأو ج ه ال ثامن لها: شيء مل ن س بق اإىل ا ستخراجه فن ستخرجه و شيء ناق ص فن ت م ه و شيء خمطئ فن صح حه و شيء م ستغلق فن رشحه و شيء طويل فنخت رصه و شيء متفر ق فنجمعه و شيء منثور فرنت به. الت قريب ص 11-10. 23. مقد مة»الف صل«ص 35. 24. - الذ هبي تذكرة احلف اظ ج 3 ص 1154. 25. الف صل حتقيق الدكتوري ن حمم د إابراهيم ن رص وعبد الر حمان ع مرية دار اجليل بريوت 1985 ج ص 2 33. 15 14
املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م قال تاج الد ين ال س بكي يف كتابه»طبقات ال ش افعي ة الكربى«: "وهذا ابن حزم رجل جري بل سانه مت رس ع اإىل الن قل مبجر د ظن ه هاج م على اأئم ة االإ سالم باألفاظه. وكتاب ه»امللل والن حل«من رش الكتب. وما برح املحق قون من اأ صحابنا ينهو ن عن الن ظر فيه مل ا فيه من االإزراء باأهل ال س ن ة ون سبة االأقوال ال س خيفة اإليهم من غري تثب ت عليهم مبا مل يقولوه. وقد اأفرط يف كتابه هذا يف الغ ض من شيخ ال س ن ة اأبي احل سن االأ شعري وكاد ي رص ح بتكفريه يف غري مو ضع و رص ح بن سبته اإىل البدعة يف كثري من املوا ضع. وما هو عنده اإال كواحد من املبتدعة. والذي حتق ق ت ه بعد البحث ال ش ديد اأن ه ال يعرفه وال ب ل غ ه بالن قل ال ص حيح معتقد ه واإمن ا بلغت ه عنه اأقوال نقلها الكاذبون عليه ف صد قها مبجر د سماعه اإي اها ثم مل يكتف بالت صديق مبجر د ال س ماع حت ى املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م اأخذ ي شن ع " 26. وهذا ما جعل»روجيه اأرلنديز«يقول اإن»الف صل«لي س كتاب تاريخ بقدر ما هو كتاب عقيدة. 27 ومعتمد هذه العقيدة كما هو معلوم القراآن الكرمي و سن ة الر سول اأ سا سا. ولكن اأي ن ما قاله ابن حزم عن اأهل الكتاب من قول الله تعاىل: {اد ع اإ ىل س ب يل ر ب ك ب احل ك م ة و امل و ع ظ ة احل س ن ة و ج اد ل ه م ب ال ت ي ه ي اأ ح س ن اإ ن ر ب ك ه و اأ ع ل م مب ن ض ل ع ن س ب يل ه و ه و اأ ع ل م ب امل ه ت د ين {ق ل ي ا اأ ه ل ال ك ت اب ت ع ال و ا اإ ىل ك ل م ة س و اء ب ي ن ن ا و ب ي ن ك م اأال ن ع ب د اإال الل ه و ال ن رش ك ب ه ش ي ئا و ال ي ت خ ذ ب ع ض ن ا ب ع ضا اأ ر ب ابا م ن د ون الل ه ف اإ ن ت و ل و ا ف ق ول وا ا ش ه د وا ب اأ ن ا م س ل م ون )اآل عمران 64(. 3: فهذا اال سم ( أاهل الكتاب( ح سب الفقيه ال شافعي فخر الد ين الرازي )ت 606 ه( من أاح سن االأ سماء واأكمل ا أاللقاب حيث جعلهم اأه ال لكتاب الله. ونظري ه ما ي قال حلافظ القراآن يا حامل الكتاب وللمف رش يا مف رش كالم الله. وهذا اخلطاب كما هو معلوم يعم اأهل الكتاب من اليهود والن صارى ومن جرى جمراهم. 29 )الن حل )125 :16 28. 26. ال سبكي طبقات ال ش افعي ة الكربى ج 1 ص ص 91-90. 27. Arlandez, Ibn Hazm, EI 2, Tome III, p. 813-822. 28. عزا بع ض الد ار سني حتامل ابن حزم عل اليهود والن صارى اإىل ما عرفت ه االأندل س يف ع رصه من جدل ديني حاد يف كثري من االأحيان نتيجة االت صال املبا رش بني امل سلمني واأهل الكتاب خ صو صا حني ضعفت شوكة اأمراء امل سلمني. واأرجع بع ضهم حد ة ذلك اجلدل اإىل ما عرفت ه االأندل س اآنذاك من حركات تن صري مل يجد اأ صحابها حرجا يف بعث ر سائل اإىل حك ام امل سلمني يدعونهم فيها اإىل ترك االإ سالم واعتناق امل سيحي ة. هذا باالإ ضافة اإىل تطاول الكثري من اليهود على العقيدة االإ سالمي ة مم ا جعل ابن حزم يهب للذ ب عن االإ سالم وامل سلمني من خالل ردوده على ابن الن غريلة اليهودي يف ر سالة خم صو صة حق قها اإح سان عب ا س ون رشت ها دار العروبة سنة 1960. {ق ل ي ا اأ ه ل ال ك ت اب ت ع ال و ا اإ ىل ك ل م ة (والكلمة تطلق على اجلملة املفيدة كما قال هاهنا. ثم و صفها بقوله { س و اء ب ي ن ن ا و ب ي ن ك م )اأي: عد ل ون ص ف ن ستوي نحن واأنتم فيها(. ثم ف رش ها بقوله: [اأ ال ن ع ب د اإ ال الل ه و ال ن رش ك ب ه ش ي ئ ا]: ال وثنا وال صنما وال صليبا وال طاغوتا وال نارا وال شيئا بل نفرد العبادة لله وحده ال رشيك له. وهذه دعوة جميع الر سل قال الله تعاىل: {و م ا اأ ر س ل ن ا م ن ق ب ل ك م ن ر س ول اإ ال ن وح ي اإل ي ه اأ ن ه ال اإ ل ه اإ ال اأ ن ا ف اع ب د ون )االأنبياء 25(. 21: ]وقال تعاىل: {و ل ق د ب ع ث ن ا يف ك ل اأ م ة ر س وال اأ ن اع ب د وا الل ه و اج ت ن ب وا الط اغ وت )النحل 36(. 16: ثم قال: {و ال ي ت خ ذ ب ع ض ن ا ب ع ضا اأ ر ب اب ا م ن د ون الل ه )اآل عمران 64( 3: اأي: يطيع بع ضنا بع ضا يف مع صية الله. ويف تفا سري اأخرى: ي سجد بع ضنا لبع ض. [ف اإ ن ت و ل و ا ف ق ول وا ا ش ه د وا ب اأ ن ا م س ل م ون [ )اأي: فاإن تول وا عن هذا الن ص ف وهذه الد عوة فاأ ش ه دوه م اأنتم على ا ستمراركم على االإ سالم الذي رش عه الله لكم. 29. اأهل الكتاب هم اليهود والن صارى مثل ما ن ص على ذلك علماء الت ف سري وغريهم. اأم ا املجو س فلي سوا من اأهل الكتاب على االإطالق ولكن ه م ي عام ل ون معاملتهم يف اأخ ذ اجل زية منهم الأن الر سول اأخذها منهم. 17 16
املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م املنهج بني املنطق والهوى يف كتاب الف صل يف امللل واالأهواء والن حل الب ن حز م امل صدر : كان باإمكان ابن حزم اأن يكتفي بنق د الن صو ص وباحلديث عن التحريف وهو امل سلم املدافع عن عقيدته باال ستناد اإىل قول الله تعاىل:{و اإ ن م ن ه م ل ف ر يق ا ي ل و ون األ س نت هم بالك تاب ل ت ح س ب وه من الكتاب و م ا ه و م ن الك ت اب و ي ق ول ون ه و م ن ع ن د الله و ي ق ول ون ع لى الله الك ذ ب و ه م ي ع ل مون )اآل عمران: 78 (. ومل يكن الب ن حز م اأن ي ق ذ ع القو ل ويتجن ى على املخالفني باإط الق.فالدعوة اإىل كلمة سواء هي يف االأ سا س دع وة اإىل البحث عن جوامع م شرتكة تقوم علي ها العالقات بني املوؤمنني باإله واحد واإن تعد دت و سائل تعبرياتهم عن هذا االإميان وممار ستهم له. فعل م مقارنة االأديان يقت ضي درا سة العقائد كما ترب ز يف ن صو ص اأ صحابها وكما مار س ها م ع تن قوها بال حت ام ل وال جت ن.وهذا ما التزم به اأبو الفت ح ال شهر س تاين) ت 548 (.فقد ك ت ب اأ ش ه ر ك ت به "امللل والن حل" الذي اأر خ فيه الأديان ع رش ه مبنهج دقيق م ل تز م ا منذ مقد مة كتابه/ املو سوعة بالتنك ب عن التع ص ب وعدم املي ل مع الهوى قائال:" رش طي على نف سي اأن اأ ورد مذهب كل فر ق ة على ما و ج د ت ه يف ك ت بهم من غري تع ص ب له م وال ك رش علي هم دون اأن ا بني صحيح ه من فا سده واأ ع ني حق ه من باطله.واإن كان ال ي خ فى على االأف هام الذكي ة يف مدارج الدالئل العق لي ة مل حات احلق ون ف حات الباطل". امل صادر واملراجع l ابن حزم الف صل يف امللل وا أالهواء والن حل حتقيق د. حمم د اإبراهيم ن رص ود. عبد الر حمان ع مرية دار اجليل بريوت. املراجع بالل سان العربي : l بروكلمان )كارل( تاريخ ال ش عوب االإ سالمي ة ص 313 تعريب نبيه اأمني فار س ومنري بعلبك ي دار العلم للماليني ط 11 بريوت 1988. l الذ هبي )اأبو عبد الله شم س الد ين حمم د( تذكرة احلف اظ دار الرت اث العربي. l ح س ان )حمم د ح س ان( ابن حزم االأندل سي )ع رصه ومنهجه وفكره الرتبوي ( دار الفكر العربي القاهرة )د. ت.(. l حماية )حممود( ابن حزم ومنهجه يف درا سة ا أالديان دار املعارف ط 1 القاهرة 1973. l ابن خل كان )اأحمد بن اإبراهيم بن اأبي بكر( وفيات ا أالعيان حتقيق اإح سان عب ا س دار الث قافة بريوت. l ال س يوطي )خالد عبد احلليم عبد الر حيم( اجلدل الد يني بني امل سلمني واأهل الكتاب باالأندل س )ابن حزم اخلزرجي ( دار ق باء للط باعة والن رش والت وزيع القاهرة 2001. l عوي س )عبد احلليم( ابن حزم االأندل سي وجهوده يف البحث الت اريخي واحل ضاري الز هراء لالإعالم العربي ق سم الن رش القاهرة ط 1988. 2 l متز ( آادم( احل ضارة االإ سالمي ة يف القرن الر ابع الهجري عر به عبد الهادي اأبو ريدة دار الكتاب العربي بريوت. l امل سعودي )اأبو احل سن علي بن احل سني بن علي( مروج الذ هب املكتبة الع رصي ة بريوت 1987. املراجع بالل سان االأعجمي l Arlandez (Roger), "Ibn Hazm", E. I. 2, Tome, III, pp. 813-822. l "Ibn Hazm", E. Universalis, Corpus 11, pp. 872-874. 19 18
من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد من جتل يات الذات يف رواية 1 "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد أا. د. حمم د جنيب العمامي تون س ملخ ص البحث "حتاول هذه االأوراق أان تفيد من النزعة اجلديدة يف الدرا سات ال رسدي ة امل سم اة رسدي ات تلف ظي ة يف الك شف عن بع ض جتل يات الذات يف رواية يو سف املحيميد "احلمام ال يطري بربيدة". وت تناول هذه التجل يات وفق حمور ال شخ صي ة التي حتيل اإليها قرائن ن ص ي ة ثابتة هي تلك التي ميكن ر صدها يف املقاطع الن ص ي ة املعرب ة عن وجهة النظر اأو ما يعرف يف ال رسدي ات التقليدي ة بالروؤية اأو التبئري" متهيد : مث لت املقاربات البنيوي ة اإب ان ظهورها فتحا يف جمال درا سة الن ص االأدبي عموما وال رسدي خ صو صا. فقد رك زت على الن ص من جهة ن صاأته. فاعتربته وحدة كالمي ة مغلقة ذات بنية ينبغي تفكيك عنا رصها والبحث عن العالقات الرابطة بينها. اإال اأن بريق هذه املقاربات رسعان ما بداأ يخفت 2 إاذ "ت ف ط ن اإىل عبثي ة الرغبة يف تقلي ص الن ص االأدبي اإىل سل سلة اأ شكال". 3 املركز الثقايف العربي الطبعة ا أالوىل الدار البي ضاء - بريوت 2009. ) صدرت طبعتها اخلام سة سنة 2012(. 1. من أاوا سط ال ستيني ات إاىل بداية الثمانيني ات 2. 3. Vincent Jouve, La lecture, Nathan Livre, Paris, 1993, p. 3. 21
من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد فنزعت البحوث ال رسدي ة اإىل جتاوز املاأزق الذي وجدت الدرا سات االإن شائي ة 4 نف سها فيه. 5 فانفتحت على البحوث يف جمال التداولي ة التي رك زت على "اأهم ي ة التفاعل يف اخلطاب" 6 متاما مثلما انفتحت على البحوث يف جمال ل ساني ات التلف ظ التي اهتم ت مبختلف صور اندراج الذات يف خطابها. 7 وقد اأغرتنا منذ مد ة هذه النزعة اجلديدة يف الدرا سات ال رسدي ة امل سم اة رسدي ات تلف ظي ة 8. وارتاأينا بهذه املنا سبة اأن ن ستنري بثمار هذه ال رسدي ات يف مقاربة بع ض جتل يات 4. ال شعري ة هو امل صطلح ال شائع يف جل البلدان العربي ة. ولكننا اآثرنا م صطلح االإن شائي ة الأن نا نراه االأقرب اإىل التعبري عن املفهوم. انظر مدخل "اإن شائي ة" الذي حر رناه يف "معجم ال رسدي ات" )اإ رشاف حمم د القا ضي( الرابطة الدولي ة للنا رشين امل ستقل ني بريوت 2010 ص ص 44-33. 5. عبارة "االإن شائي ة يف ماأزق" لفان سان جوف الذي يعل لها بالقول اإن درا سة مق صورة على البنى تنتهي اإىل مناويل مفرطة يف العمومي ة اأو النق ص. وفعال فاالأ ساليب التي ا ستخل صها االإن شائي ون بو صفها مكو نة لالأدب توجد خارجه: فروالن بارت Barthes( )Roland طب ق الطريقة البنيوي ة على اأفالم جيم س بوند Bond( )James وغرميا س وجد دون صعوبة تذكر االأ شكال "االأدبي ة" الكربى يف ملفوظ و صفة طبخ. هذا من جهة. ومن جهة اأخرى فاالإن شائي ة علم العام تخفق يف التعبري عن طرافة كل ن ص : فاإذا كان اللجوء اإىل "التعد د ال صوتي" )تعد د وجهات النظر( هو فعال اأحد مراكز االهتمام الكربى يف عمل دو ستويف سكي )Dostoïevski( فمن الواجب معاينة اأن االأ سلوب نف سه ال يفنت كت ابا عادي ني. فقيمة عمل اأدبي م ا للي ست قابلة لالختزال يف ا ستخدام هذه التقنية اأو تلك..Vincent Jouve, La lecture, op.cit. p.3 et4 6. نف سه ص 4. وي ضيف جوف معل ال هذا الرتكيز باأن ه "اإذا كانت اللغة ت ستخدم لالإخبار اأقل مم ا ت ستخدم للتاأثري يف الغري فاإن ملفوظا م ا ال ميكن اأن ي فه م بالرجوع فقط اإىل باث ه. واإمن ا يجدر اأخذ بعني االعتبار الزوج املكو ن من الذي يتكل م )املتكل م( ومن الذي يتوج ه اإليه بالكالم )املخاط ب(". )نف سه(. 7. يقول حمم د اخلبو: "هذا العلم ]علم الق ص صNarratologie [ كان ذا طابع شكلي حم ض جعله مق صيا لكل مالمح الذات يف اخلطاب". انظر تقدميه كتابنا "الذاتي ة يف اخلطاب ال رسدي" كل ي ة االآداب والفنون واالإن ساني ات مبن وبة/ دار حمم د علي احلام ي تون س 2011 ص 5. 8. انظر كتابينا : حتليل اخلطاب ال رسدي )وجهة النظر والبعد احلجاجي( كل ي ة االآداب والفنون واالإن ساني ات مبن وبة/ دار م سكيلياين للن رش تون س 2009. الذات يف رواية يو سف املحيميد "احلمام ال يطري بربيدة". 9 وعادة ما ت تناول هذه التجل يات وفق حموري ال شخ صي ة والراوي اأي وفق الذاتني اللتني حتيل اإليهما قرائن ن ص ي ة ثابتة هي تلك التي ميكن ر صدها يف املقاطع الن ص ي ة املعرب ة عن وجهة النظر. 10 اإال اأن رضورات املقام حت مت علينا االقت صار على حمور ال شخ صي ة وحده. ووجهة النظر يف ال رسدي ات التلفظي ة هي ما يعرف يف ال رسدي ات التقليدي ة بالروؤية اأو التبئري. ولكن جمال وجهة النظر اأو سع الأن ه ال ي شمل املدر كات باحلوا س اخلم س وحدها واإمن ا يتعد اها اإىل ا أالفكار والقيم كما اأن ح رص حي زها الن ص ي اأدق الأن ه يقوم على معايري لغوي ة تر صد يف م ستوى احلي ز الن ص ي املخ ص ص لعملي ة االإحالة اإىل املباأ ر أاو مو ضوع التبئري. 11 وقد قلنا "اأدق " الأن اأو ل صعوبة تعرت ض دار س وجهة النظر يف ال رسد من خارج احلكاية مثلما 9. هي رواية ت رسد أاحداثا تذك ر جل ها البطل ال شاب فهد ال سفيالوي اأ صيل منطقة الق صيم وهو يف القطار املت جه من لندن إاىل مدينة بريطاني ة صغرية تدعى "غريت يارموث" اختارها حمل اإقامة. وهي اأحداث عا ش بع ضها ون قل اإليه بع ضها االآخر. اأم ا ما مل يح رضه منها وما مل ينقله عن غريه فتكف ل الراوي االأو يل ب رسده. 10. يتحدث جونات عن عون ثالث اأ سماه "ال شاهد اخلارجي الربيء" ويعني به الذات املبئ رة يف التبئري اخلارجي.)Focalisation externe( انظر.Gérard Genette, Figures III, Seuil, Paris, 1972, p. 208 اإال اأن نا نرى على غرار كثري من الدار سني اأن هذا العون ال وجود له واأن الدور الذي وكله اإليه جونات ينه ض به الراوي. 11. يقول راباتال : "كانت املقاربة التقليدي ة للتبئري تتمث ل يف البحث عن "البوؤرة" )Foyer( اأي "من يرى" اأو "من يعرف" يف حني اأن مقاربتنا تتمث ل يف البحث عن الب صمات اللغوي ة لوجهة نظر ما يف كيفي ة تقدمي مرجع...)Référent( ال شيء املدر ك اأو بعبارة جونات "ما هو مرئي " اأو "ما ع رف". Alain Rabatel, La construction textuelle du point de vue, Delachaux et Niestlé, Lausanne.(Switzerland) - Paris, 1998, p. 58 انظر اأي ضا كتابينا حتليل اخلطاب ال رسدي مرجع مذكور الف صل االأو ل. الذاتي ة يف اخلطاب ال رسدي مرجع مذكور الف صل االأو ل. 23 22
من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد هي احلال يف "احلمام ال يطري بربيدة" هي تعر ف املبئ ر. 12 فوجهتا نظر العونني تنتهيان اإلينا عن طريق الراوي. وهذا اال شرتاك يف القناة يع رش اأحيانا ن سبة وجهة النظر اإىل هذا العون املبئ ر اأو ذاك. 13 وتتجل ى وجهة نظر ال شخ صي ة يف مدو نتنا يف رضبني اأ سا سي ني هما وجهة النظر املمث لة ووجهة النظر املثب تة. 14 يف احلالة االأوىل ينقل الراوي وجهة نظر ال شخ صي ة. فيكون هو املتكل م وهي متلف ظة رغم اأن ها مل تفتح فمها. 15 ويف احلالة الثانية جتمع ال شخ صي ة الدوري ن فتكون متكل مة ومتلف ظة يف االآن ذاته. اأ الذات متلف ظة ال شخ صي ات ذواتا متلف ظة )اأو مدر كة ( كثرية يف "احلمام ال يطري بربيدة". ولكن احلي زات الن ص ي ة املخ ص صة لكل منها متفاوتة جد ا. وقد ا ستبد البطل 16 فهد ال سفيالوي بالن صيب االأوفر 12. له ت سميات خمتلفة منها "ذات الوعي" والذات املدر كة percevant( )Sujet واملتلف ظ. انظر على سبيل املثال Alain Rabatel, Argumenter en racontant, Editions De Boeck Université, Bruxelles.p. 24, note 1,2004 13. وجهة النظر املمث لة هي التعبري عن مو ضوع مدر ك تعبريا ممتد ا ن ص ي ا. انظر.Alain Rabatel, La construction textuelle du point de vue, op. cit. p. 58 14. تكون وجهة النظر مثبتة asserté( )Point de vue اإذا اأحالت اإىل متكل م تن سب اإليه اخلطابات املنقولة اأي اخلطاب املبا رش واخلطاب املبا رش احلر واخلطاب غري املبا رش واخلطاب غري املبا رش احلر. انظر.Alain Rabatel, Argumenter en racontant, op. cit. p. 41 15. يقول راباتال: "االنف صال بني املتلف ظ املبئ ر واملتكل م الراوي يف امللفوظات الواردة ب ضمري الغائب يبني ذات وعي ]هو ي شد د[. وهذه الذ ات هي املبئ ر احلقيقي لهذا امل شهد يف حني اأن ها حرفي ا مل تقل شيئا: هذه هي مفارقة ذاتي ة وجهة النظر. ويف الواقع تتمث ل هذه املفارقة يف تعليق ملفوظات ب ضمري الغائب ويف االأغلب يف زمن ما ض مب صدر متمي ز من م صدر الراوي املجهول املو ضوعي ". من هذه احلي زات. ولذلك سنهتم بدرا سة وجهة نظره دون سواه من ال شخ صي ات. ومبا اأن ه يعي ش يف بريطانيا فقد كان من املنتظر اأن ينقل مدر كاته يف هذا البلد. اإال اأن قيام الرواية على التذك ر واقت صار الذكريات على الوطن االأم جعاله ال يكاد يرى ما يدور اأمامه يف عربة القطار. وحني امتد طرفه خارج العربة جاءت املرئي ات جر دا اأي يف شكل قائمة الو صف فيها من الدرجة ال صفر مثلما يتبني من هذا القول: "ثم راح يتاأم ل الطبيعة اخل رضاء وبيوت القرميد والبقر واخلراف وهي متر اأمامه مثل رشيط سينمائي رسيع" 17 ) ص 10 (. وقد جاءت أاغلب املباأ رات امل سرتج عة من سوبة اإىل ذاتها املبئ رة بف ضل عبارات ا صطلحنا على ت سميتها معلنات وجهة النظر. وهي العبارات التي تفتتح وجهة النظر وتختمها. فتوؤط ر ب سط هذه الوجهة وتعلن اأوالها انف صاال تلف ظي ا énonciatif( )Décrochage بني خطاب املتكل م اأو الراوي وخطاب املبئ ر اأو املتلف ظ ومته د لالنتقال من االأو ل اإىل الثاين. 18 وترك ز تبئري فهد اأ سا سا على ال شخ صي ات التي جاءت على رضبني: شخ صي ات عالقته بها قائمة على النفور املتبادل و شخ صي ات جمعته بها عالقة ود دائمة كانت اأو ظرفي ة. و سنقت رص على النظر يف ال صنف االأو ل. واإليه ينتمي ع ضو الهيئة الذي فاجاأ فهدا وطرفة داخل ق سم العائالت مبقهى " ستار بك س" بالريا ض. فبعيد دخول فهد املكان املحر م "اأح س بهواء يلفحه من اخللف" ) ص 14 (. وهذا ا إالح سا س املاد ي وعلم فهد اأن ه يف مكان ال يحق له أان يكون فيه مع امر أاة ال رابط رشعيا يربطه بها ومعرفته امل سبقة مبخاطر مغامرته ول دت اأ سئلة يف ذهنه سعى من خاللها اإىل تاأويل هذا احلدث الطارئ ) ص 14 (. وتعك س هذه االأ سئلة احلائرة ا ضطراب فهد 17. يتاأك د هذا االختيار من خالل قول الراوي ساكتا عم ا شاهده فهد يف لندن: " شعر فهد ال سفيالوي ب سعادة وقد منح نف سه اإجازة يومني من عمل م ضن يف مكتب خدمات الطباعة والبحوث كي يتجو ل يف شوارع لندن وحدائقها" ) ص 9(. 18. من أامثلة معلنات البداية قول الراوي: "وكان فهد يتاأم ل ]ال سائقني...[" ) ص 23 ( أاو قوله: "التفت ]يا رس[ متاأف فا فاإذا بال شيخ امل رصي ]...[" ) ص 170 (. وقد يغيب االإعالن ال رصيح عن البداية ولكن ميكن مبجهود ا ستداليل ي سري التفط ن اإىل وجهة نظر ال شخ صي ة. فحني دخل فهد وطرفة مقهى " ستار بك س" على سبيل املثال قال الراوي: "كانت رائحة القهوة املنع شة متالأ املكان" ) ص 14 (. فح ضور شخ صي تني بارزتني يرج ح اأن ال مبئ ر غريهما. فهما اللتان عند دخولهما شم تا القهوة وهما اللتان وجدتاها "منع شة"..Alain Rabatel, La construction textuelle du point de vue, op.cit. p.16 16. هذه البطولة تقني ة ال م ضموني ة- ففهد باملقايي س االجتماعي ة شخ صي ة فا شلة. وقد ا ستندنا يف اعتباره بطال اإىل املعايري التي ضبطها فيليب هامون يف درا سة له شهرية. انظر Philippe Hamon, Pour un statut sémiologique du personnage in Poétique du récit, Seuil,.Paris, 1977 25 24
من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد وخماوفه التي ستتج س د بارجتاف يده مبجرد سماعه حتي ة من غريب والتفاته نحوه ) ص 15 (. وقع الغريب حتت طائلة ب رص فهد فو صفه و صفا قد ي ست شف منه رضب من االرتياح اإىل مظهره العام : "]ملح[ 19 وجهه املحد ق نحوه وم شلحه احلليبي اخلفيف املق ص ب وحليته امل سبوكة بعناية" ) ص 15 (. ولكن هذا التوجيه احلجاجي 20 االإيجابي املحتمل للو صف مل يكن كافيا لطماأنة فهد الذي انخلع قلبه وبد أات يده املرجتفة تف ضحه ) ص 15 (. فاإالم يرد اإذن هذا التوجيه املحتمل اأاإىل غفلة فهد عن اخلطر املحدق به اأم اإىل اأمله يف النجاة من اإيقاف حمق ق قد يكون هذا وذاك جميعا. وقد يكون االأمل وحده. وهو اأمل غذ اه ال شيخ ذو ال صوت الرخيم ) ص 15 ( واللهجة الودودة املطمئنة : "لي ست زوجتك يا ولدي فهد قل يل وال تخف نحن ن سرت على النا س ونعد ل سلوكهم فقط" ) ص 15 ( كما غذ اه ما تذك ره من حوار مع رئي س الهيئة ن رشته جريدة عكاظ جاء فيه اأن هم "يت صرت ون على اأكرث من %90 من ق ضايا اخللوة غري ال رشعي ة" ) ص 16 (. لهجة ال شيخ وت رصيح رئي سه و أامل فهد ت ضافرت جميعها ليكون توجيه و صف ال شيخ توجيها اإيجابي ا رصيحا. فاإذا "وجهه يفي ض سماحة وحنو ]كذا[ وطماأنة وثقة وج سده الفارع ي شبه رجال يقف مع ابنه على حافة امل سبح ويقنعه اأن يغط س بجراأة فهو بجواره و سينقذه اإن لزم االأمر" ) ص 16 (. فغط س فهد واعرتف باأن من معه لي ست زوجت ه. ولعل ال شيخ مل يكن يحلم بهذا االعرتاف ال رسيع. ولكن ه وا صل تاأدية الدور الذي ضمن 19. ا ستخل ص راباتال البنية االفرتا ضية االآتية بالن سبة اإىل وجهة النظر املمث لة : " س )فعل إادراك و/اأو عملي ة ذهني ة( + ج حيث " س" هو املبئ ر و"ج " هو املباأ ر. انظر كتابه vue" "La construction textuelle du point de مرجع مذكور ص 55. ولكن يبدو لنا اأن فعل ا إالدراك و/اأو العملي ة الذهنية ال ينتمي اإىل هذه البنية مبا اأن نا نعد ه على غرار راباتال نف سه معلن بداية وجهة النظر اأي اإن ه ينبئنا باأن وجهة نظر ممث لة ستبداأ. 20. يقول شارودو اإن التوجيه احلجاجي argumentative( )Orientation مللفوظ م ا ميكن اأن يحد بو صفه االنتقاء الذي يجريه هذا امللفوظ على امللفوظات القابلة الأن تعقبه يف خطاب م شك ل ت شكيال جيدا من الزاوية النحوي ة. انظر Patrick Charaudeau et Dominique Maingueneau, Dictionnaire d analyse du discours, ك سب ثقة فهد ف شج عه على ا صطحابه : "ال تخف تعال معي هي جمر د اإجراءات ب سيطة وتذهب يف اأمان الله" ) ص 17 (. فان صاع فهد ومل ي ساوره اأي شك حول نوايا ال شيخ ومل يوقف ه على ما ينتظره مظهر الرجل الذي ا ستلمه رغم نفوره منه املتجل ي يف و صفه باأن ه "رجل ق صري و سمني بال م شلح وله عينا ن رس" ) ص 17 (. وما كان للعبة اأن تتوا صل طويال. فبغياب ال شيخ غابت املعاملة احل سنة املطم ئنة وحل حمل ها نقي ضها. فوقع فهد يف خمالب الن رس الذي " شد ]...[ على مع صمه بقب ضة حديدي ة فاأدرك يف هذه اللحظة حتديدا اأن اليوم الثالثاء املوافق للثالث ع رش من اأيار هو يوم قيامته" ) ص 17 (. اختلفت املعاملة بني داخل املقهى وخارجه وناق ض الفعل هنا القول هناك وعو ض االإن سان املتعاطف طري جارح. فانك شف لفهد اأن اللني مل يكن تلقائي ا وال اأ صيال. وقد كان وهو ي سرتجع هذه احلادثة يعرف حقيقة نوايا ال شيخ. ولكن ه اآثر على ما يبدو تبن ي وجهة نظره اخلا ص ة زمن احلدث ليقف من جديد على جهله وغفلته وطيبته وليعامل من مل»ي سرتوا عليه«باملثل. ولقد قفزت هذه احلادثة إاىل ذاكرة فهد قبل غريها لكونها كانت الق ش ة التي ق صمت ظهر البعري. فبمجر د ا ستعادته حر يت ه قر ر الهجرة فا ستخرج جواز سفر و سافر سفرا ال شيء يف الن ص يبني اأن ه وقتي. ويك شف ا ستهالل ال رسد الالحق بها اأهم يتها يف تغيري 21 م سار حياة فهد. ويرب ر ال صورة ال سلبي ة التي سري سمها أالع ضاء الهيئة يف غرفة التحقيق ويجيب عن غري ق صد عن ت ساوؤل قد يطرحه املروي له حول سبب وجوده يف بالد غري بالده. 21. يقول الراوي متبن يا وجهة نظر فهد الذي شد ته يف رجال دين مظاهر العنف والعدواني ة: "]...[ اأ صبح اأ ضحوكة بني أافواه الرجال امللتحني الذين اأدخلوه اإىل غرفة حتقيق صغرية: الرجل ذو العينني الن رسيتني ومعه رجل مفتول الع ضالت ضحوك و ساخر وثالث عاري الراأ س ويظهر صلع خفيف يف مقدمة راأ سه" ) ص 224 (..Editions du Seuil, Paris, 2002, Entrée "Orientation argumentative", p. 410 27 26
من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد ومل يكن العم وابنه يا رس و صديقهما ال شيخ امل رصي أاف ضل حظ ا من اأع ضاء الهيئة الذين عرفهم فهد اأثناء اإيقافه. فالعم "رجل كذوب ومنافق" ) ص 110(. وهو كبري الكر ش سمني الراأ س ) ص 120 (. اأثقلت سمنته خطوه وقط عت أانفا سه فال ي صعد درجات ال سلم الطويلة حت ى "ي سبقه لهاثه" ) ص 164 (. وهو رغم مظاهر تدي نه قا س يحوقل فتنفر منه احليوانات االأليفة ) ص 164 ( ويقراأ القراآن على زوجته الثالثة اأم فهد وهو ي شد على مقد م راأ سها بعنف كما لو كانت شاة تهي اأ للذبح ) ص 165 (. ولعل اآخر مظاهر وح شي ة العم وما بني مظهره وخمربه من تناق ض ما ك شفته يده ول سانه لفهد عندما كانت اأم ه يف مغ سلة جامع الراجحي. فالعم زوج وعم واإمام ويفرت ض أان تتمل كه رهبة املوت واأن يهز م شاعر ه حدث فقد القرينة وحالة ابنيها وماآلهما. اإال اأن ه كان يت رص ف كما لو اأن شيئا مل يحدث. فطابقت برودة يده برودة دواخله وك شف صوت ه حقيقت ه. وهو ما يظهر يف قول الراوي متبن يا وجهة نظر فهد: " كان ]العم ] مم سكا به ]فهد[ بيده الثلجي ة ]...[ 22 جاء بعده العم وقب ل راأ سها ]اأم فهد[ وهم ]كذا[ يلغط: "اللهم اغفر اللهم اأو سع مدخلها!" ملاذا صوته اجلهوري يذك ر باأ صوات باعة اخل ضار!" ) ص 326(. و ستتاأك د صورة التاجر اخلايل من امل شاعر االإن ساني ة يف قول الراوي ناقال وجهة نظر فهد: "]...[ سمع عم ه اأبو اأيوب كيف ي صطاد زبائنه حت ى يف املقربة" ) ص 331(. وقد صو ر فهد ابن عم ه يا رسا ت صويرا ذا توجيه حجاجي سلبي: "يتذك ر فهد كيف كان ابن عم ه يا رس مي س د باأ صابعه الطويلة حليته املنفلقة اإىل شطرين وهو يرمقه من طرف عينه وراء نظ ارته الطب ي ة تاركا شماغه املرتاخي للوراء يظهر ن صف طاقيته البي ضاء ومتباهيا بطاقم اأقالم ملو نة يف جيبه" ) ص 52(. ويبدو اأن نفور فهد من ابن عم ه جعله يعترب حمل ه االأقالم امللو نة من باب التباهي بل وحمله على التظاهر بالنفاذ اإىل دواخله واإدراك ما دار يف 22. مم ا يوؤك د ا ستخدم املدر ك اخلارجي سبيال اإىل ك شف الدواخل قول الراوي ناقال وجهة نظر فهد يف ال سياق نف سه: " شعر فهد اأن النهر يجري يف قلبه ]...[ كان يجزم باأن هم ]العم وابنه واخلال اإبراهيم[ ال ي شعرون باملوتى واأن هم مثل بقي ة االأدوات يف الغرفة قطعة جماد ال حت س وال ترى" ) ص 326(. خلده على وجه اليقني واحلال اأن ا أالمر ال يعدو اأن يكون اإ سقاطا ال يخلو من نربة ساخرة اإذ يقول معل قا ومقد ما ما هو جمر د تاأويل على اأن ه حقيقة ثابتة: "كم كان يود لو جاء بلبا س الطب االأبي ض وال مانع اأن يح رض سم اعته التي يعل قها على رقبته وي ضعها يف جيب لبا سه العلوي" ) ص 52(. هذه ال سخرية وذلك النفور مرب ران ب سلوك يا رس طفال وبفكره شاب ا. فيا رس كان اعتدى جن سي ا على فهد طفال. ومل ين س فهد اأبدا هذه احلادثة: "يتذك ر اأن ه اأ صيب عند الطفولة ب صدمات ثالث: ]...[ والثانية حكاية يا رس حني اأغراه بفرجة احلمام يف سطح بيتهم يف بريدة" ( ص ص 110 111(. هذا يف م ستوى ال سلوك. اأم ا يف م ستوى الفكر فقد كان يا رس صورة من اأبيه يف ت شد ده و ضيق أافقه. من ذلك مثال اأن ه اأد ى دورا مهم ا يف حرمان اأم فهد من عالج الطبيب وتعوي ضه بالرقية والقراآن. ومل تختلف صورة ال شيخ امل رصي الذي رضب اأم فهد حد املوت ليخرج اجلن ي امل ستوطن بدن ها عن صورة العم وابنه. فهي صورة قبيحة منف رة ماد ي ا ومعنوي ا وفيها تركيز على مظاهر النعمة يف اأ سواأ جتل ياتها وعلى خوف من سوء املاآل ب سبب جرمية القتل يك شف جبنا : "فرفع فهد راأ سه لريى رجال م رصي ا ضخم اجلث ة بوجه أابي ض م ستدير تت رشنق حتته حلية سوداء مق صو صة بعناية دقيقة ويف فمه سواك يلوكه على اجلانبني با ستمرار قلق" ) ص 294 (. ومم ا يوؤك د ذاتي ة هذا الو صف ونفور فهد من ال شيخ اأن صورة هذا ال شيخ نف سه جاءت خمتلفة ن سبي ا حني نقلت من منظور يا رس: "التفت ]يا رس[ متاأف فا فاإذا بال شيخ امل رصي مبت سما كان وجهه م ستديرا واأحمر حتف ه حلية لونها ضارب اإىل احلمرة وعلى جبينه بقعة ال سجود الداكنة وفوق راأ سه ي ضع غرتة بي ضاء نظيفة جد ا ومكوي ة وقد ارتفعت قليال فبدت اأ سفل منها طاقية منخل خمر مة" ) ص 170(. ت شرتك كل ال شخ صي ات ال سابقة يف صالتها املتفاوتة بالدين. ف أاع ضاء الهيئة ينتمون اإىل موؤ س سة ر سمي ة تاأمر باملعروف وتنهى عن املنكر والعم اإمام وامل رصي شيخ ويا رس مت شد د كاأبيه. وت شرتك اأي ضا يف اأن ما اأتى بها اإىل ال رسد هو صلتها بفهد. ف أاع ضاء الهيئة أام سكوه متلب سا بجرم اخللوة غري ال رشعي ة والتغرير بامراأة ويا رس اعتدى عليه جن سي ا والعم حل حمل أابيه وقلب منط احلياة يف البيت وامل رصي هو املت سب ب املبا رش يف قتل االأم. ويجمع بينها كذلك ت صو ر للدين 29 28
من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد خمتلف عن ت صو ر فهد له. وهي كل ها اأخريا م صدر اإ ساءات نغ صت على فهد حياته فهجر االأهل وال صاحب والوطن مف ض ال غربة اإرادي ة يف بالد الغري على غربة ق رسي ة يف بالد االآباء واالأجداد. مل يتكل م فهد. ولكن مدركاته الواردة يف خطاب الراوي اخلارجي شف ت عن غفلته وترد ده فيقينه. وعك ست نفوره من شخ صي ات ف ر ضت عليه معرفتها عن قرب. فلكاأن ه وهو ي ستح رض املا ضي مدركات ومواقف وم شاعر يريد اأن يثبت لنف سه اأن ه كان مظلوما واأن اختيار الهجرة كان االختيار االأوحد واالأن سب. ولعل هذا املق صد توؤك ده درا سة شخ صي ته بو صفه ذاتا متكل مة متلف ظة. ب الذات متكل مة متلف ظة نحن يف احلمام ال يطري يف بريدة حيال ذات تتذك ر. وكونها تتذك ر يقت ضي اأال تكرث من ا ستعادة االأقوال املتبادلة واأن توجز ما تتذك ره منها قدر االإمكان خمافة االت هام باالختالق واالفتعال. وهو ما يبد د االإيهام بالواقع الذي هو اأ س من اأهم اأ س س مذهب الكتابة يف هذه الرواية 23 ومق صد من اأهم مقا صده. وحتملنا هذه القل ة الن سبي ة على معاملة اخلطابات الداخلي ة معاملة االأقوال. 24 فهي من جهتي بنائها وطرائق ا ستعادتها شبيهة باالأقوال. فال تعدو على هذا االأ سا س أان تكون اأقواال موج هة اإىل الذات ومتبادلة معها تبادال غري متكافئ ب سبب نطق املتكل م و صمت ال سامع. واإذا ما جتاوزنا حيل الكتابة الروائي ة اأمكن لنا القول اإن اعتبار خطاب ال شخ صي ة الداخلي وقفا عليها ي ضي ق جمال ال شخ صي ة ويق صي من التفاعل جزءا مهم ا من خطابها خا ص ة اإذا ما تعل ق االأمر بالروايات ذات البعد النف سي الوا ضح مثلما هي احلال يف روايتنا. ومم ا ي شد االنتباه يف هذه الرواية هو اأن االأقوال واخلطابات الداخلي ة جميع ها مرتبطة باالأحداث املتذك رة ال بحا رض التذك ر. وقد اقت ضى قيام الرواية على التذك ر اأن تكون اخلطابات الداخلي ة وقفا على فهد. و سنعتمد هذه اخلطابات واأقوال فهد املتبادلة القليلة ال ست صفاء صورة ذات فهد ال سفيالوي قطب الرحى يف هذه الرواية. وجتربنا كرثة اخلطابات الداخلي ة وتعد د منا سباتها 23. هو املذهب الواقعي. 24. هذه املعاملة هي التي سمحت لنا باإمناء اخلطابات الداخلي ة اإىل وجهة النظر املثبتة. على االقت صار على ما ارتبط منها بحاالت تاأز م فهد دون غريها. يبدو لنا فهد ال سفيالوي يف صور متعد دة. فهو شاب مل يتجاوز احلادية والع رشين من عمره. ومع ذلك كانت حياته ثري ة با أالحداث واملواقف. وقد ت ضافرت عوامل متعد دة ليهجر وطنه هجرة اختياري ة ولي ستقر يف بريطانيا. وقد اعتقد خالل العام االأو ل من منفاه االختياري اأن ه قطع كل صلة مبا ضيه اأنا سا و سلوكا واأفكارا واأحداثا اإال اأن جمر د سماعه أاغنية حزينة مو ضوعها الهجر خلالد عبد الرحمن انتهت اإليه من جو ال صديقه سعيد جعله يتفط ن اإىل اأن ه كان واهما. فقد كانت "اأغنية فتكت بقلبه ال ضعيف اأغنية دم رت كل ما فعله خالل عام كي يخرج من ماأ ساته العجيبة م سحت كل العامل الذي ت آالف معه ورمت بكل جربوت مدينته ال صغرية "غريت يارموث" اإىل عمق البحر" ) ص 11 (. هز ت االأغنية فهدا وزلزلت ما اعتقد اأن ه ثبت يف نف سه وقر. فاأظهرته ضعيفا وحيدا بال سند. ف"ما اأق سى اأن ي صحو الغريب على لغته! اأن تغ سل لهجته عروقه واأن يهجم املا ضي كوحو ش الغاب صوب طريدة عزالء وه ش ة هي الغربة حيث ال تطري املدينة فح سب بل حتى اللغة والنا س والطماأنينة والذكريات واالأغاين" ) ص 12-11(. وبدا ممز قا بني حنينه املفرط اإىل وطنه ) ص 12 ( وعجزه عن الرجوع اإليه ب سبب ما يتمل كه من "خوف ورعب من رجال سمان ذوي حلي طويلة سوداء يراهم دائما يف الليل وهم ياأتون برماح م سنونة يحز ون بها و سادته ويثقبونها فينبثق ري ش اأبي ض يطري حتى ي سد اأنفا سه في صحو وجال كاأن ه أا صيب باختناق" ) ص 12 (. هذا الكابو س املتعاود يف رش ه شا شة الغربة وال جدوى هجرة فهد 0 ويلخ ص يف االآن ذاته ماأ ساته ومدى العنف الذي مور س ضد ه يف وطنه ب سبب ما ترمز اإليه اللحي ال سوداء والري ش االأبي ض. وقد تظافر خطاب فهد الداخلي والكابو س املتكر ر على تقدميه يف صورة ال ضحي ة التي ال فكاك لها وال خال ص من معاناتها التي اعتقدت اأن جمر د االنتقال يف املكان كفيل بالق ضاء عليها. وفهد يعترب نف سه ضحي ة رجال الهيئة. وهم رجال له معرفة م سبقة بهم ومبجاالت ممار ستهم عمل هم اكت سبها مم ا سمعه وقراأه عنهم. وهو لذلك يخ شاهم. ويتجن ب سي اراتهم التي شب هها ب"ا أالفاعي امل سمومة" ) ص 148(. وقد جنح مرارا قي مراوغتهم بف ضل ما يت خذه هو و رشيكته 31 30
من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد من جتل يات الذات يف رواية "احلمام ال يطري يف بريدة" ليو سف املحيميد من احتياطات. ويوم تهو ر وقع بني اأيديهم. فقد مت س ك مب صاحبة صديقته اإىل مقهى فاعرت ضت على قراره: "ما اأدري ب رصاحة وقت ال ضحى يخو ف!" ) ص 14(. ولعل اعرتا ضها احليي هذا هو الذي دفعه اإىل التخل ي عن حذره ففتح الباب "وهو يرد د بثقة: "ما عليك ما فيه اإال اخلري" ) ص 14(. اإال اأن ه مبجر د اإيقافه غابت صورة العارف الواثق الذي ال يقراأ للعواقب ح سابا. وعو ضتها صورة مناق ضة متاما. فقد ن سي ما سمع وقراأ. ف صد ق ال شيخ حني طماأنه باأن االأمر ال يعدو "جمر د اإجراءات ب سيطة" يذهب بعدها "يف اأمان الله" ) ص 17(. ومل ي ساوره اأدنى شك يف اأن ه كان ين صب له فخ ا ليخرج من املكان بكل هدوء. فطرح برباءة هي اإىل الغفلة اأقرب صوؤاال طماأن ال شيخ اإىل جناح خط ته واإىل اأن ه حيال شخ ص م سامل وغر وغافل : "ولكن هي كيف اأتركها لوحدها ". وهي صفات سيوؤك دها رد فعله على ع ضو الهيئة الذي طالبه باإخراج ما يف جيوبه : " صاأل ب سذاجة : "ليه " وحني ملح سخطه اأ ضاف : "ال شيخ قال يل جمر د اإجراءات رسيعة عند ال سي ارة واأنتم االآن اأركبتموين ال سي ارة فاإىل اأين سنذهب" ) ص 18(. و سيعي فهد ما وقع فيه و سريد د "بيقني ورع شة: يا رب يا رب ت سرت!" ) ص 19 (. و سيجيبه "الرجل الق صري ذو العينني الن رسي تني والبقعة البن ي ة على جبينه: تعرفون الله بعد أان ترتكبوا املع صية!" ) ص 19( موؤك دا كالمه ب شاهد قراآين رت له "دومنا خ شوع" ) ص 19(. وعندها سينهار فهد مريقا ماء وجهه. فيتو س ل اإىل الرجل معرتفا يف االآن نف سه بخطئه: "ا سرتوا علينا الله ي سرت عليكم ا سرتوا عليها على ا أالقل!" ) ص 19(. وهكذا بدا فهد يف صورتني متناق ضتني : صورة الواثق املطمئن بل املتهو ر الذي ا ستطاع حمل صديقته على ال سري خلفه رغم خماوفها وترد دها و صورة الغر ال ساذج وال ضعيف املهزوم الذي اأ هني واأراق ماء الوجه عبثا حني ا ستعطف واعرتف بخطاأ ال يرى اأن ه ارتكبه. واإنكار فهد اخلطاأ لي س وليد جتربة اإيقافه من قبل اأع ضاء الهيئة بل هو وليد موقف فكري يعار ض موقف الهيئة. يقول حماج ا وخماطبا اأباه الراحل وم شهدا اإي اه على ما لقيه مم ا يعد ه تعد يا على حق ه يف الفرح واحلياة واحلب : "اأنت يا اأبي عرفت ال سعادة قليال حني ع شت مع اأم ي سها لعقد ون صف من ال سنوات ]...[ واأنا اأي ضا يا اأبي عرفت ال سعادة للحظات حني و ضعت طرفة راأ سي يف ح ضنها الأو ل مر ة ف شعرت بالدفء ميلوؤين لكن هم كانوا اأ رسع من اأن يرتكوا نبتة فرح تورق يف هذه البالد هكذا قفز حر ا س الف ضيلة امل شو هة حر ا س الهواء ال سجني وقطفوا فرحتي يف سنتها االأوىل اأترى ما معنى أان ي أاتي رجال اأ شد اء عاب سون ويقتحمون عليك خلوتك النادرة مع حبيبتك فقط الأن ك جل ست معها لت رشب قهوة اأو لت سمع صوتها يف اللحظة التي ترى فيها عينيها وفمها اإن ها حلظة ال تو صف يا اأبي!" ) ص 40 (. فا صطحابه طرفة اإىل املقهى ودخولهما اإىل ق سم العائالت وال رابط رشعي ا يربط بينهما يدخل يف نظره يف باب احلق الذي ال يجوز الأحد حما سبته عليه. وهو حق متاأت من طبيعة عالقة قائمة بينهما ال دخل ملوؤ س سة الزواج فيها وال للقائمني على االأخالق يف املجتمع. فهو يهو ن خطر ما فعل. وال يرى اأن ه ارتكب ما ي ستحق االإيقاف. وال يفهم بالتايل سبب إايقافه. فما فعله ال يعدو حماولة رشب قهوة مع من يحب ها. 25 وهو يحم ل م صوؤولي ة ما حدث له اأع ضاء الهيئة. ويربز اأن خالفه معهم مداره حول مفهوم الف ضيلة. وهو يعترب اأن احلب هو عني الف ضيلة احلق واأن ما عداه يندرج يف ما اأ سماه "الف ضيلة امل شو هة". ففهد وهو يحاج رجال الهيئة يعيد تعريف املفهوم املتعارف. فيقو ضه ويحل حمل ه اآخر جديدا يتما شى وفكره و سلوكه. وتقوي ض املفهوم القدمي القائم ي ستتبع أان يفقد اأع ضاء الهيئة عل ة وجودهم. ويعمد فهد اإىل ا سرتاتيجي ة اأخرى قائمة على التعميم املالحظ يف تنزيل الق ضي ة الفردي ة يف إاطار البالد ككل. ف رش الت صو ر القائم للف ضيلة يتجاوزه شخ صي ا لي شمل كل من هم يف و ضعه فعال اأو احتماال. وترمي هذه اال سرتاتيجي ة اإىل جلب املوؤي دين وت أاليبهم على االأع ضاء ليحل وا جديدا اآن له اأن يحل حمل القدمي الذي ي سعى اإىل اأن يكون اأبدي ا. وير سم هذا احلجاج وذلك الت صو ر اخلا ص للف ضيلة صورة ذات عارفة مبا تريد ومبا ال 25. يقول هام سا لنف سه: "يا الله كم هو جارح هذا البلد! كم ]هو[ مكل ف فنجان قهوة عابر مع امراأة عابرة!" ) ص 347 (. 33 32