Volume 25, Comment 1 January 2019 Editor: Benjamin Rhode The International Institute for Strategic Studies (IISS) The US withdrawal from Syria االنسحاب األمري ي ك من سوريا #ترجمات_إدراك
أدى إعالن الرئيس األمري ي ك دونالد ترامب بخصوص سحب القوات األمريكية ي ف شمال ر شق سوريا قريب ا إىل تعطيل سياسة واشنطن ي ف ال ر شق األوسط. لقد فشلت الواليات المتحدة و ر شكاؤها األوروبيون ي ف تحقيق أي من أهدافهم ي ف سوريا بينما برزت روسيا كوسيط إقلي ي م. ي ف ديسم رب 2018 أعلن الرئيس األمري ي ك دونالد ترامب أن القوات األمريكية المشاركة ي ف القتال ضد تنظيم الدولة اإلسالمية )داعش( ي ف شمال ر شق سوريا سيتم سحبها قريبا. أدى قرار ترامب المفا رجئ إىل قلب سياسة واشنطن ي ف ال ر شق األوسط. كما غذى هذا القرار طموحات وقلق الجهات الفاعلة المحلية واإلقليمية ال ي ت تتنافس عىل الشكل المستقب ي ىل لسورية. لقد فشلت الحكومات الغربية والعربية ي ف تحقيق أي من أهدافها السياسية ي ف سوريا. بدال من ذلك برزت روسيا كوسيط إقلي ي م مهم ويبدو أن إيران مستعدة للقيام بدور جوهري ي ف مستقبل سوريا. 2
ر ر سياسية الواليات المتحدة ي ف سوريا ورث ترامب سياسة مكافحة داعش ال ي ت ركزت عىل الهزيمة العسكرية لهذه المنظمة الجهادية دون اعتبار كاف لظروف البيئة اإلقليمية أو معضالت السياسة ال ي ت ولدتها. فشعان ما تحول القتال ضد داعش إىل سباق للسيطرة عىل األرا ي ض والتنافس بي مختلف الالعبي المحليي واإلقليميي. منذ عام 2015 ن ر شت الواليات المتحدة وحدات عمليات خاصة صغبة ي ف سوريا ضد داعش. بناء عىل توصية من مستشارين سياسيي وعسكريي وتماشيا مع غرائزه الخاصة وافق ترامب ي ف عام 2017 عىل تشي ع الجهد العسكري ضد ISIS باإلضافة إىل تخفيف قواعد االشتباك العسكرية. وقد ضمن هذا األمر تحرير الرقة )ال ي ت كانت ي ف يوم من األيام عاصمة الخالفة( ي ف أكتوبر/ت وساهم ي ر شين األول 2017 ف إضعاف داعش عسكريا بشكل شي ع وإن كان ذلك بتكلفة كببة عىل المدنيي والمقاتلي السوريي حلفاء واشنطن والبنية التحتية المادية. حاليا هناك حوا ي ىل 2000 جندي أمري ي ك منت ر شين ي ف ع ر شات القواعد ي ف سوريا الذين يشاركون ي ف مهمات القتال والدعم الجوي. ي ف عام 2018 فقط بدأ المسؤولون األمريكيون بوضع اسباتيجية سياسية حول الوجود العسكري األمري ي ك. باإلضافة إىل ضمان الهزيمة الدائمة لداعش قاموا بإعادة صياغة أهداف الواليات المتحدة الحتواء الوجود اإليرا ي ن )وطرده ي ف النهاية من سوريا( والتوصل إىل تسوية سياسية ي ف سوريا. توىل السفب األمري ي ك جيمس جيفري الذي تم تعيينه ي ف صيف عام 2018 قيادة االسباتيجية السياسة للواليات المتحدة ي ف سورية إلعطائها دورا أكب فاعلية حيث أكد للحلفاء الغربيي وال ر شق أوسطيي أن الواليات المتحدة ستحافظ عىل وجودها ي ف سوريا وإحياء الجهود السياسية األمريكية لتحقيق انتقال سيا ي س ي ف دمشق. الموقف األمري ي ك ي ف سوريا تمب بالصالبة. إذ اشتبكت الواليات المتحدة مرتي مع القوات السورية المدعومة من مرتزقة إيران وروسيا. ف ي ف مايو/أيار 2017 أوقفت القوات األمبكية مجموعة معادية تقبب من القاعدة األمريكية ي ف التنف و ي ف ف رباير/شباط 2018 دمرت قوة كببة باتجاه نقطة أمامية قرب مدينة دير الزور. و ي ف أبريل / نيسان 2017 و ي ف أبريل / نيسان 2018 شنت الواليات المتحدة ضبات ضد المنشآت العسكرية والكيميائية والبحوث السورية بعد الهجمات الكيماوية عىل المناطق ال ي ت يسيطر عليها المتمردون ي ف إدلب ودمشق وال ي ت ن سبت إىل نظام األسد. ومع ذلك ال يزال التنافربي المسؤولي األمبكيي ملحوظا: حذرين من التوسع المفرط واألسس القانونية للمشاركة األمريكية أض قادة البنتاغون عىل أن تفويضهم كان مقصورا عىل محاربة داعش حت عندما قال مسؤولو البيت األبيض ووزارة الخارجية األكب تشدد ا بغب ذلك. عىل الرغم من ترصيحات مستشار األمن القو ي م جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو فإن العناض المعادية إليران ي ف السياسة الجديدة لسورية ظلت ضعيفة الموارد وغب محددة. غب 3
أن كال المعسكرين وافق عىل الحاجة لوجود عسكري طويل األمد ي ف شمال ر شق سوريا. إعالن ترامب ي ف ديسم رب 2018 أن الواليات المتحدة سوف تسحب قواتها العسكرية مخالف آلراء جميع المجموعات السياسية ي ف إدارة ترامب وهو أيضا إضعاف لمصداقية الواليات المتحدة مع حلفائها و ر شكائها. توضح طريقة وتوقيت إعالن قرار ترامب باالنسحاب من سوريا وجود فجوة واسعة بي الرئيس الذي ينوي انباع بالده من الحروب المعقدة بغض النظر عن العواقب والببوقراطية األمنية الوطنية المكل فة بإدارة هذه الحروب. جاء هذا اإلعالن عىل شكل تغريدة بعد مكالمة هاتفية مع الرئيس الب ي ك رجب طيب أردوغان. لم يسبق ذلك مداوالت أمبكية وطنية حول األمن القو ي م ولم يتم اطالع حلفاء الواليات المتحدة و ر شكائها مسبق ا. وأسفرت األزمة ال ي ت أعقبت ذلك عن استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس وبريت ماكغورك المسؤول الرئي ي س الذي أ ر شف عىل جهود مكافحة داعش. ولم يتم إبالغ القرار للناتو مسبقا مما أدى إىل تفا رجئ الحلفاء السيما فرنسا والمملكة المتحدة الذين ن ر شوا قوات برية ي ف سوريا واعتمدوا عىل الخدمات اللوجستية والمخابرات األمريكية والمراقبة واالستطالع لعملياتهم الخاصة. منذ اإلعالن حاول المسؤولون األمريكيون بما ي ف ذلك بومبيو وبولتون إدارة تداعياته وحققوا القليل من النجاح عندما استطاعوا أن يعلنوا عن مخططات زمنية أطول من تلك ال ي ت وضعها ترامب. ووضعوا ال ر شوط المتعلقة بإيران وتم إعادة طرح أفكار قديمة مثل منطقة آمنة تفرضها تركيا ي ف سوريا أو ن ر ش قوات عربية. وكان خطاب غب رس ي م ألقاه بومبيو ي ف القاهرة قد أساء إلدارة أوباما باعتباره قد تخىل عن ال ر شق األوسط وخلق فراغا استغلته داعش جاء هذا الخطاب بعد أيام من إعالن ترامب الخروج من سوريا. يرص المسؤولون األمريكيون عىل أن القوات الجوية وال ربية األمريكية الموجودة ي ف العراق ستظل قادرة عىل دعم عمليات مكافحة داعش. ومع ذلك يدرك كل من ال ر شكاء والخصوم اإلقليميي للواليات المتحدة أن انسحابها واقع ال رجعة فيه مع احتمال ضئيل لدور للواليات المتحدة ي ف المستقبل ي ف تحديد توازن القوى ي ف شمال ال ر شق األوسط. وإذا فشلت أنقرة وواشنطن ي ف حل خالفاتهما فإن مصب الوجود العسكري للواليات المتحدة ي ف قاعدة إنجرليك الجوية ي ف تركيا قد يكون محل تساؤل. إن ادعاء ترامب بأن داعش قد ه ز م ت تم نقضه من خالل تقديرات الحكومة األمريكية وارتفاع وتبة العمليات الجوية األمريكية )939 غارات جوية ي ف ديسم رب 2018 مقارنة ب 634 ي ف نوفم رب (. 2018 يحافظ تنظيم الدولة اإلسالمية عىل وجود صغب ي ف جيوب عىل طول وادي نهر الفرات )وال سيما ي ف هجي ) وبشكل أعمق ي ف األرا ي ض ال ي ت يسيطر عليها نظام األسد جنوب غرب النهر )ومعظمها مناطق صحراوية(. عدد قوات داعش النشطة ي ف انخفاض واآلالف منهم قد امبجوا مع السكان المحليي أو فروا للقتال ي ف يوم آخر. ي ف الوقت الذي تدهورت فيه القدرات العسكرية واللوجستية وهرمية القيادة التابعة لتنظيم داعش إىل حد كبب أظهر التنظيم المرونة وعاد إىل أسلوب الحرب السابق ي ف كل من سوريا والعراق فأجرى عمليات ليلية ضد القرى المعزولة 4
واستهدفت زعماء القبائل والمسؤولي المحليي. إن التفجب االنتحاري ضد مطعم ي ف منبج بمحافظة حلب ي ف 16 يناير 2019 والذي أودى بحياة جنديي أمريكيي وموظف مد ي ن ي ف وزارة الدفاع ومتعهد هو بمثابة تذكب بقدرة داعش عىل الفتك واالستمرار. غب أنه من غب المحتمل تكرار حالة النمو المذهل لهذه الجماعة ي ف عا ي م 2013 و 2014 ي ف ظل الظروف الحالية. 5
التعقيدات الكردية الركبة األساسية السباتيجية الواليات المتحدة المضادة لداعش كانت ال ر شاكة مع قوات سورية الديمقراطية )SDF( وهو تحالف من الميليشيات الكردية والسنية العربية. و ي ف الواقع يسيطر وحدات حماية الشعب الكردية )YPG( عىل قوات سوريا الديمقراطية سياسيا وإداريا وعسكريا و ي ه تابعة بشكل وثيق لحزب العمال الكردستا ي ن.)PKK( هذا االنتماء يأخذ مساحة ي ف قلب المخاوف البكية ألن أنقرة باالشباك مع الواليات المتحدة واالتحاد األورو ر ي ن تعت رب حزب العمال الكردستا ي ن مجموعة إرهابية. لقد عمل العديد من القادة العسكريي والقادة السياسيي ي ف وحدات حماية الشعب الكردي ي ف مواقع قيادية مع حزب العمال الكردستا ي ن خالل تمرده الذي دام عقود ا طويلة ي ف تركيا. وتخ ر س أنقرة من أنه بمجرد أن تتبلور وحدات حماية الشعب ي ف شمال ر شق سوريا بشكل جيد فستستخدم القواعد واألسلحة ال ي ت كانت توفرها الواليات المتحدة ي ف السابق للقيام بعمليات ع رب الحدود وإحياء التمرد داخل أرا ي ض تركيا. "هناك احتمال كبب للب اع بي تركيا و "YPG منذ عام 2016 حولت تركيا سياستها تجاه سوريا بدال من الس ي ع لإلطاحة باألسد إىل مواجهة التطلعات الكردية ي ف سوريا. ولتحقيق ذلك سعت إىل تنظيم مجموعات متمردة سورية إىل جبهة مناهضة لألكراد متجاهلة عن عمد وجود عناض متطرفة بينهم. و ي ف عام 2016 دخلت إىل شمال سوريا الستباق تبلور اتصال جغرا ي ف كردي. و ي ف عام 2018 استولت عىل محافظة عفرين ال ي ت تسيطر عليها وحدات حماية الشعب حيث تواجه اآلن تمرد ا منخفض المستوى بعد طرد العديد من السكان األكراد. و ي ف كال المنطقتي قامت تركيا ببناء القدرة اإلدارية المحلية ووضع السوريي المخلصي عىل رأسها ونظمت بقايا التمرد السوري تحت الجبهة الوطنية للتحرير. و ي ف ظل كل من إدارة أوباما وإدارة ترامب سعت واشنطن إىل التفاوض بشأن ترتيبات أمنية لطمأنة تركيا ووعدت بالحصول عىل إدارة غب تابعة ل "YPG" لبلدة "منبج" السورية وعمل دوريات مشبكة. ومع ذلك ي ف ترصيحاتهم العامة نادرا ما اعبف المسؤولون األمريكيون بالتشابكات األمريكية مع وحدات حماية الشعب ووحداتها. ي ف الواقع استخدم المسؤولون الغربيون إعادة إنتاج وحدات حماية الشعب ي ف قوات سوريا الديمقراطية لحماية أنفسهم من اتهامات التعاون مع جماعة إرهابية وغالبا ما تجاهلوا إدارة وحدات حماية الشعب ي ف األرا ي ض ال ي ت تسيطر عليها. توتر أنقرة ازداد وبدأت تهدد بالتدخل عسكريا. وجاء االتصال الهات ي ف المصبي بي ترامب وأردوغان حيث كان من المتوقع أن يردع ترامب أردوغان من تنفيذ تهديداته باالستيالء عىل منبج. ولكن بدال من ذلك أعلن ترامب االنسحاب األمري ي ك بعد أن أخذ عىل عاتقه تعهد 6
أردوغان بأن تركيا يمكن أن تتعامل مع داعش وحدها. إال أن المحللي العسكريي والمسؤولي الغربيي يتفقون عىل أن تركيا غب قادرة عىل إبراز القوة العسكرية أو تنظيم التحالف المطلوب لمحاربة داعش ي ف عمق سوريا. وتركز أنقرة عىل حماية أراضيها وعىل فرض سيطرتها المبا ر شة أو بالوكالة عىل الجانب السوري من الحدود السورية البكية. هناك احتمال كبب لحدوث نزاع بي تركيا ووحدات حماية الشعب. لقد تحرك المتعاطفون مع القضية الكردية ي ف الواليات المتحدة وأوروبا حت هدد ترامب ي ف تغريدة "بتدمب" االقتصاد الب ي ك ي ف حالة قيام أنقرة بشن حرب ضد وحدات حماية الشعب. تأمل YPG أن تتمكن واشنطن بتيسب رو ي ر شاء الوقت لها )أي للYPG ) للتفاوض مع األسد س من أجل حماية نفسها اآلن من من تركيا. ي ف الواقع سعت قيادة وحدات حماية الشعب إىل استخدام وجود الواليات المتحدة لتوطيد قبضتها عىل شمال ر شق سوريا وامتالك النفوذ قبل ما اعت ربته مفاوضات حتمية عالية الفائدة مع نظام األسد الذي طالما تمتعت بعالقات معه بمستوى ر أكب مما يعتقد عموما. تأمل وحدات حماية الشعب بأن تتمكن من تبادل العديد من األرا ي ض ال ي ت استولت عليها مؤخر ا من داعش وسكانها المعاد معظمهم ي ف مقابل قدر معي من الحكم الذا ي ن ون ر ش قوات الحكومة السورية عىل طول الحدود البكية-السورية لردع التوغالت البكية. غب أن قادة وحدات حماية الشعب يساورهم القلق من احتمال أال ي ي ف األسد بالباماته كما تخىل عن وعوده ال ي ت تم تقديمها الستسالم المتمردين السوريي. ولذلك فإن وحدات حماية الشعب مصممة عىل تسجيل روسيا كوسيط وكفيل ألي اتفاق مع دمشق. 7
إعادة تنظيم اإلقليم ويأ ي ن إعالن االنسحاب األمري ي ك ي ف الوقت الذي يعزز فيه نظام األسد سيطرته عىل معظم سوريا ومع ظهور موسكو كمحاور مفضل لجميع الالعبي اإلقليميي والمحليي. حيث تسع روسيا إىل إعادة تأهيل األسد إقليميا من أجل إضفاء ال ر شعية عىل جهودها السياسية والعسكرية. لقد استفادت موسكو من الفوض األمريكية وقدمت نفسها إىل العديد من الدول من بينها األردن واإلمارات العربية المتحدة بصفتها ميش ا شمولي ا لتجديد العالقات مع األسد. وقد أدى إنشاء مسارأستانا ي ف موسكو والذي يضم دولتي غب عربيتي هما تركيا وإيران إىل زيادة مخاوف العرب من االستبعاد. لقد تقبلت العديد من الدول العربية حقيقة احتفاظ األسد بالسلطة. يقودهم ي ف ذلك ليس فقط بالحض من روسيا ولكن أيضا بالحاجة للتضامن االستبدادي خالل فبة ثورية مثبة للجزع فإن العديد من الدول بما فيها اإلمارات واألردن والبحرين إذ تطبع العالقات مع سوريا. فهم يأملون ي ف أن ي ظهر األسد مرونة أك رب وأن يسع إىل موازنة النفوذ اإليرا ي ن: لتجنب التبعية ولضمان التمويل الذي ال تستطيع إيران توفبه. كما يأملون أن تتمكن روسيا من مواجهة المشاري ع البكية. ويتجىل هذا التقارب ي ف إعادة فتح السفارات واستئناف حركة النقل الجوي وزيارة الوفود التجارية ومناقشات مشاري ع إعادة اإلعمار واالستثمار وإن كان ذلك عىل نطاق أصغر بكثب من المبلغ المطلوب البالغ 400 مليار دوالر والذي تقدره لجنة األمم المتحدة االقتصادية واالجتماعية لغرب آسيا )اإلسكوا(. "من المرجح أن يمنح االنسحاب األمري ي ك األسد وحلفائه األرض والنرص الذي لم يكن بإمكانهم تحقيقه بمفردهم" حت السعودية تتهيأ ببطء لألسد. و ي ىل العهد األمب محمد بن سلمان عىل المستوى الشخ ي ص لديه اهتمامات قليلة باالستثمار ي ف بالد الشام مقارنة بالقادة السعوديي السابقي ويرى سوريا عىل أنها فشل مكلف. لقد قام بإيماءات إيجابية تجاه دمشق بما ي ف ذلك مناقشات مع رئيس االستخبارات ي ف نظام األسد. وعىل الرغم من أن إعادة تأهيل نظام سوريا من شأنه أن يقوض موقف السعودية الحازم المعادي إليران فمن الممكن أن يؤدي التحييد الظاهر لوزير الخارجية السابق عادل الجبب الذي كان ي ف الما ي ض وجه السياسة السعودية العربية إىل تسهيل وتحقيق المصالحة بي السعودية واألسد. عودة سوريا إىل جامعة الدول العربية وال ي ت تم تعليقها عام 2012 ي ه اآلن مسألة وقت. إذ تقود مرص واإلمارات العربية المتحدة هذه الجهود ضد المشورة األمريكية واألوروبية. ومن غب المرجح أن تقوم الدول العربية القليلة ال ي ت تعارض إعادة قبول سوريا بالمطالبة بذلك بشكل 8
لكن ي ر شوط المطلوبة لعودة سوريا لم تتحقق بعد ف ضوء رغبتها فاعل. لقد أعلنت قطر أن ال ي ف إقامة عالقات ودية مع إيران ف يه بالكاد ي ف وضع يسمح لها بعرقلة عودة األسد. ي ف حي أن الدافع السيا ي س العر ر ي ن للتصالح مع األسد أمر مفهوم إال أن الحساب االسباتي رجي يبف مريب ا. ونظرا للتنافس بي تركيا واإلمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية فمن المرجح أن تتشجع أبو ي ظرت وربما الرياض للعالقة مع دمشق وهو ما يردع التدخل الب ي ك ي ف شمال سوريا. عالوة عىل ذلك فإن روسيا لن تع ي ط األولوية للرغبات العربية بسبب تشابكاتها المعقدة مع تركيا. يقوم البلدان بإدارة وقف إطالق نار دقيق ي ف محافظة إدلب آخر محافظة يسيطر عليها المتمردون حيث تكتسب الجماعات المتطرفة األرض. باإلضافة إىل ذلك قاوم األسد الضغط العر ر ي ن واإلغراء حت قبل بدء الحرب وأصبحت إيران اآلن ر أكب رسوخ ا ي ف سوريا. إىل جانب القوات اإليرانية أو اإليرانية ال ي ت رعتها سوريا نفوذ طهران ي ف سوريا أصبح ضمن قوات الدفاع المحلية وهو إطار اعتمد ي ف عام 2017 لتنظيم الميليشيات الموالية للنظام ال ي ت نشأت خالل الرصاع. ومنع القصف اإلشائي ي ىل المكثف إيران حت اآلن من بناء بنية تحتية كببة معادية إلشائيل لكن االنسحاب األمري ي ك سيسمح لطهران بتصوير سوريا عىل أنها انتصار إيرا ي ن وزيادة العبء العسكري إلشائيل. ومن غب المحتمل أن تعيق وحدات حماية الشعب الكردية التأثب اإليرا ي ن. ما لم يكن ذلك ي ف إطار جهد إعادة اإلعمار الكبب والواضح والمنفذ سياسيا فسوف تساهم اشاعات االستثمار وإعادة اإلعمار الخليجية ي ف استمرار تفكك المجتمع السوري وتعزيز اقتصاد ما بعد الحرب دون التئام الجروح الوطنية أو إقناع السوريي الالجئي للعودة إىل ديارهم. ترغب روسيا ي ف الحصول عىل ترصي ح األمم المتحدة وتأمل ي ف الحصول عىل مساعدة دولية إلعادة اإلعمار عىل ر شوط موسكو ودمشق بدال من أن تكون جزءا من تسوية سياسية شاملة. بينما تواصل الواليات المتحدة والدول األوروبية تنفيذ العقوبات الحالية كما تبنت ي ف اآلونة األخبة عقوبات جديدة بما ي ف ذلك عقوبات ضد شخصيات بارزة ي ف النظام واألعمال. واعتمد مجلس النواب األمري ي ك قانون سبر لحماية المدنيي السوريي الذي يسمح بمعاقبة النظام والحلفاء باإلضافة إىل ال ر شكات المشاركة ي ف إعادة إعمار سوريا نيابة عن النظام. وال تزال الواليات المتحدة وأوروبا ملبمتان باحتجاز أي مساعدات إلعادة البناء حت يتم تنفيذ تسوية سياسية. غب أن معظم دول ال ر شق األوسط تعتقد أن هذا االتفاق مستحيل اآلن وأن األسد سيبف ي ف السلطة وأن تجاهله أو عزله يمثل إنكارا للواقع. 9
نظرة است ر شافية ال يمكن الوصول إىل أي من األهداف ي ف سوريا ال ي ت كانت الدول الغربية تأمل ي ف تحقيقها - من العودة اآلمنة لالجئي إىل المساءلة عن القتل الجما ي ع واستخدام النظام لألسلحة الكيميائية- لقد انزلق المسار الدبلوما ي س لألمم المتحدة المعروف باسم عملية جنيف إىل وضع منفصل عن الواقع. ف ي ف قمة أكتوبر 2018 حول سوريا بي أردوغان والرئيس الرو ي س فالديمب بوتي والمستشارة األلمانية أنجيال مبكل والرئيس الفرن ي س إيمانويل ماكرون لم يفعلوا الكثب إلعادة أوروبا إىل اللعبة. واالنسحاب األمب ي ك من المرجح أن يسلم األسد وحلفائه األرض والنرص الذي لم يكن بإمكانهم تحقيقه بمفردهم. روسيا ال ي ت رفضها مسؤولون أمريكيون ي ف وقت من األوقات كقوة إقليمية متدهورة ر تعبت ي ف مستنقع ي ف سوريا وحصدت عائدات أك رب بكثب من المتوقع. بدأت الدول العربية وتركيا وبدرجة أقل إشائيل بالتطلع إىل موسكو إلدارة المنافسة اإلقليمية. كما استفادت إيران من إخفاقات السياسة الغربية والعربية. بعد أن مارست لعبة االستثمار ي ف الميليشيات المحلية والنفس الطويل وبخروج منافسيها اإلقليميي والواليات المتحدة أصبحت إيران اآلن ي ف وضع قوي لتشكيل مستقبل سوريا. 10