أولاً: خصائص منهج الرسول صلي الله عليه وسلم في تقويم السلوك

النسخ

1 منهج الرسىل يف تقىيم السلىك وكيفية االستفادة منه يف تعليمنا املعاصر المقد لمؤتمر تطوير ب ارمج كميات التربية بالوطف العربي في ضوء المستجدات المحمية والعالمية كمية التربية في الفترة مف جامعة الزقازيؽ 9-8 فب ارير 2006 إعػػداد أ.د. محمود خميؿ أبو دؼ أستاذ وعميد كمية التربية الجامعة اإلسالمية غزة

2 ممخص الد ارسة: ىدفت الد ارسة إلى الكشؼ عف منيج الرسوؿ في تقوي سموؾ األف ارد مف خبلؿ تتبع أحاديثو المتعمقة بالموضوع وقد استخد الباحث في د ارستو أسموب تحميؿ المحتوى مف ناحية كيفية أظيرت الد ارسة نواحي اإلعجاز التربوي في منيجو في تقوي السموؾ والذي اتصؼ بالشموؿ والتنوع والمعيارية وم ارعاة الفروؽ الفردية وقد غمب عميو الجانب العممي والرفؽ في التعامؿ وقد تقد الباحث بصيغة مقترحة لتوظيؼ ىذا المنيج في تعميمنا المعاصر بكؿ م ارحمو وأوصت الد ارسة المعمميف السيما في مرحمة التعمي األساسي- بالبعد عف العنؼ والشد ة في تقوي سموؾ تبلميذى كما حثت المؤسسات التعميمية عمى التنسيؽ والتعاوف مع المؤسسات االجتماعية األخرى مف أجؿ تطوير برنامجيا في تقوي سموؾ المتعمميف. Abstract: The study aimed to explore the method of the prophet Mohmed (Salah Allah Aleh waslem) in assessment of individual s behavior, through follow- up his sayings that related to the subject. The researcher used in his study the method of content anaylsis, through qualitiative approach. The results revaled interesting educational findings in the method of prohet Mohmed (Salah Allah Aleh wslem) in shaping the behavior, that is described with variety, standerdization and globulization, also taping in the consideration the indivdual differences, the most common issue was the practical and easy way in dealinges. The reasearcher introduced suggested programme, inorder to invesit it in our coutemparay education in all the stages. The study recommended the teacherespecially whom wrking in the basic stage to avoid violence in shaping the student s behavior, also urged the educationl s institutions to co- ordinate with other social organizations inordre to develop its programmes in shaping student s behavior.

3 مقدمة : التربية في جوىا عممية تعديؿ لمسموؾ اإلنساني واحداث تغي ارت مرغوبة فيو ويحتاج الفرد دوم ا إلى تعديؿ في سموكو نحو األحسف "واإلسبل ل يغفؿ تأثير القوى الفطرية في حياة البشر واستق اررى النفسي حيث الدوافع والغ ارئز والشيوات" )الشيباني 328(. 1988: واإلنساف بطبعو يخطئ كما جاء في الحديث الشريؼ" كؿ بني آد خط اء وخير الخطائيف التوابو ف )الترمذي ب.ت ج 4 : 659( وقد عاتب اهلل عز وجؿ نبيو عمى بعض األفعاؿ كما جاء في قولو تعالى : "ع ب س و ت و ل ى أ ف ج اءه اأ ل أ عم ى و م ا ي أدر يؾ ل ع م و ي ز ك ى أ أ و ي ذ ك ر ف ت نف ع و الذ أكر ى" )عبس اآلياث: 1-3(. وفي موضع آخر مف كتاب اهلل عز وجؿ خاطب نبيو قائبل لو: " ع ف ا أ ر وج ن م ع نك انه ه ن ه م ح خ ي خ ب ي ه ن ك ان ز يه ص ذ ل ىا و ع ه م ان ك ار ب ني " )انخىبت أيت: 43(. ولتقوي أخطاء اإلنساف السموكية في المجتمع حث اإلسبل المسمميف عمى تقدي النصح واإلرشاد لؤلخريف معتبر ا ذلؾ عنصر ا أساس ا في الديف " إف الد يف النصيحة إف الد يف النصيحة إف الد يف النصيحة قالوا: لمف يا رسوؿ اهلل قاؿ: هلل ولكتابو ورسولو وأئمة المسمميف وعامتي" )أبو داود ب.ت ج 4 : 286(. كما يأتي تقوي سموؾ األف ارد في إطار التكميؼ الرباني و ألت ك ف " األخ أي ر إ ل ى ي أدع و ف أ م ة م نك أ ى األم أفم ح وف" )آؿ عم ارف أية: 104(. ب األم أ عر وؼ و ي أني أ و ف ع ف األم نك ر و أ أ ول ػ ؾ ولما كاف تكميؼ الفرد يعتمد عمى طبيعة سموكو فقد شيد عقد الستينات مف ىذا القرف انبثاؽ عم و ي أم ر و ف السموؾ اإلنساني حيث أرسيت أساليب تعديؿ السموؾ عمى المفاىي والقوانيف التي قدميا المنحنى السموكي في عم النفس والذي ركز عمى د ارسة السموؾ الظاىر )الخطيب 2001 : 17-13(. وقد تطرؽ نجاتي ( 2002( في د ارستو إلى دوافع السموؾ في الحديث الشريؼ وحددىا في دوافع حفظ الذات بقاء النوع الدافع الجنسي دافع األمومة دافع التديف دافع التنافس دافع التممؾ وفي البيئة الفمسطينية تناوؿ سبلمة ( 2001( أساليب الرسوؿ عميي فعرض الباحث )19( أسموب ا مبين ا ما فييا مف فوائد تربوية. في تصحيح الخطأ عند الصحابة رضواف اهلل وتناوؿ عويضة ( 2003( في دارستو األساليب النبوية في معالجة األخطاء عمى مستوى الفرد واألسرة مبين ا أنواع األخطاء واآلداب المتعمقة بمصحح الخطأ. ومف خبلؿ د ارسة قميحة والصميب ( 1991( تبيف أف التصرفات األخبلقية لطمبة الضفة الغربية وقطاع غزة أخذت تتجو إلى السمبية ومف "الممحوظ في البيئات العربية أف اىتما المعمميف ينصب في الغالب عمى السموؾ األكاديمي في حيف أف السموؾ االجتماعي والخمقي ال يحظى بقدر كاؼ مف االىتما وكأف المعمميف يعدوف ميمتي تعمي التبلميذ ومساعدتي عمى اكتساب الميا ارت األكاديمية وليس تنمية

4 وتطوير سماتي الشخصية واالجتماعية مع العم أف الد ارسات العممية أثبت أف ثمة عبلقة قوية بيف السموؾ األكاديمي والسموؾ االجتماعي والشخصي" )الخطيب 1996:118 (. وأشار )رمزي 44( 2003: إلى "أف سموؾ الطمبة بطريقة غير مقبولة مف أكثر القضايا إزعاج ا لممعمميف خاصة الجدد مني" ومف خبلؿ معايشة الباحث لمواقع التعميمي الميداني الحظ إىماؿ بعض المعمميف تقوي سموؾ تبلميذى كما اط مع عمى أساليب غير مجدية لدى البعض في تقوي سموؾ الطمبة تتركز في الغالب عمى العقاب والتخويؼ السيما في م ارحؿ التعمي األساسي وأما عمى مستوى التعمي الثانوي والجامعي فيناؾ العديد مف المظاىر واألنماط السموكية التي انتشرت بيف الم ارىقيف والشباب بشكؿ يبعث عمى القمؽ السيما في ظؿ افتقار المتعمميف إلى النماذج الحية مف القدوة الصالحة. كما الحظ الباحث عد وجود إلما كاؼ لدى المعمميف في جميع م ارحؿ التعمي بأساليب الرسوؿ في تقوي سموؾ األف ارد وقد افتقرت البيئة الفمسطينية إلى د ارسات تربوية في ىذا المجاؿ ومف ىنا تولدت الحاجة الماسة لتناوؿ ىذا الموضوع. مشكمة الد ارسة: في ضوء ما سبؽ يمكف صوغ مشكمة الد ارسة في ا لسمة اآلتية: -ما خصائص منيج الرسوؿ في تقوي السموؾ. -ما أبرز األساليب التربوية التي استخدميا الرسوؿ في تقوي السموؾ. -ما مقومات منيج الرسوؿ في تقوي السموؾ. -ما التصور المقترح لبلستفادة مف منيجو في تقوي السموؾ في تعميمنا المعاصر. أىداؼ الد ارسة: تيدؼ الد ارسة إلى: أىمية الد ارسة: الكشؼ عف خصائص منيج الرسوؿ في تقوي السموؾ. -تحديد األساليب التربوية التي استخدميا الرسوؿ في تقوي السموؾ. -بياف مقومات منيج الرسوؿ في تقوي السموؾ. - التقد بتصور مقترح لبلستفادة مف منيجو في تقوي السموؾ. تكتسب الد ارسة أىميتيا مف خالؿ ما يمي: - األىمية الكبرى لمسموؾ باعتباره عنصر ا أساس ا وحيوي ا في بناء شخصية الفرد. -تعد الد ارسة محاولة لتأصيؿ جانب ىا وحيوي في التربية مف منظور إسبلمي. -يمكف أف تبرز الد ارسة أوجو عديدة مف اإلعجاز التربوي في السنة النبوية. -تشكؿ الد ارسة اطار ا مرجعي ا يمكف االعتماد عميو في بناء أداة لقياس فعالية ب ارمج تقوي السموؾ في المؤسسات التعميمية.

5 5 6 حدود الد ارسة: - افتقار البيئة الفمسطينية ليذا مف الد ارسات بشكؿ خاص والبيئة العربية بشكؿ عا. -يمكف أف يستفيد مف نتائج ىذه الد ارسة: - القائموف عمى تصمي المناىج التعميمية في ببلد المسمميف. - المربوف أباء ومعمميف. - رجاؿ الدعوة واإلصبلح في المجتمعات اإلسبلمية. تدور الد ارسة حوؿ السنة النبوية مف خبلؿ التركيز عمى األحاديث الشريفة التي تشير إلى منيجو تقوي سموؾ األف ارد مف ناحية قولية وفعمية في المجاؿ العقائدي والتعبدي واألخبلقي واالجتماعي وقد في تركزت الد ارسة حوؿ كتب السنة الست المتعارؼ عمييا مع االستعانة بعض الشيء بكتب حديث أخرى. منيج الد ارسة: استخد الباحث أسموب تحميؿ المحتوى مف الناحية الكيفية كأحد مداخؿ وتقنيات المنيج الوصفي وذلؾ بتناوؿ األحاديث الشريفة المتعمقة بمنيج الرسوؿ إلى أربع مجاالت عبرت عنيا أسئمة الد ارسة. مصطمحات الد ارسة: 1 استخد الباحث في د ارستو المصطمحات التالية: - التقوي: في تقوي سموؾ األف ارد ث تحميؿ مضمونيا وتصنيفيا التقوي لغة مف قو الشيء أ ازؿ عوجو وصح حو )ابف منظور 2003 مج 12 : 588(. فالتقوي ىو التصحيح والتعديؿ ودؿ عمى ذلؾ قوؿ أبي بكر الصديؽ رضي اهلل عنو في خطبتو عند توليو خبلفة المسمميف: " إف استقمت فتابعوني واف زلمت فقو موني" )ابف ىشا ب.ت ج 4 : 491(. 2 والتقوي بمفيومو االصطبلحي " ىو عممية قياسية تشخيصية وقائية عبلجية ىدفيا الكشؼ عف مواطف الضعؼ ومواطف القوة بقصد تطوير عمميات التعمي والتعم" - السموؾ: )الدلي وآخروف 1988 : 57(. 56 نقصد بو ىنا "األخطاء السموكية الصادرة عف األف ارد في أقوالي وأفعالي في المجاالت العقائدية واألخبلقية واالجتماعية". 3 -منيج الرسوؿ في تقوي السموؾ: ويقصد الباحث بو "األساليب التربوية التي استخدميا والتي ترتكز عمى مقومات أساسية وتتصؼ بخصائص معينة". خطوات الد ارسة: ستمر الد ارسة بالخطوات التالية: - المقدمة ومشكمة الد ارسة. في تقوي سموؾ األف ارد في مجاالت عديدة

6 - خصائص منيج الرسوؿ في تقوي السموؾ. - أساليب الرسوؿ في تقوي السموؾ. - مقومات منيج الرسوؿ في تقوي السموؾ. - تصور مقترح لبلستفادة مف منيجو في تقوي السموؾ في تعميمنا المعاصر. أوو : خصاص منيج الرسوؿ صمي اهلل عميو وسم في تقوي السموؾ: تميز المنيج النبوي في تقوي سموؾ األف ارد بجممة مف الخصائص التي تعكس طبيعة اإلسبل كمنياج حياة متكامؿ مصدره الخالؽ جمت حكمتو فبدت فيو جوانب بارزة مف اإلعجاز الرباني ويمكف إجماؿ ىذه الخصاص فيما يمي: أ -الشموؿ والتنوع: حيث حرص الرسوؿ المربي عمى تقوي أنماط متنوعة مف السموؾ السمبي شممت مجاالت عديدة مف الحياة اإلنسانية واستوعبت م ارحؿ عمرية مختمفة واستيدفت الفرد والجماعة فقد نيى الرسوؿ عف تعميؽ التميمة لكونيا تتنافى مع عقيدة التوحيد فعف عقبة بف عامر الجيني أف رسوؿ اهلل أقبؿ إليو رىط فبايع تسعة وأمسؾ عف واحد فقالوا: يا رسوؿ اهلل بايعت تسعة وتركت ىذا قاؿ: "إف )ابف حنبؿ ب.ت ج: 156 (. عميو تميمة فأدخؿ يده فقطعيا فبايعو وقاؿ: مف عمؽ تميمة فقد أشرؾ" إلى تقوي سموؾ رجؿ دخؿ يو الجمعة إلى المسجد والنبي وفي المجاؿ التعبدي بادر الرسوؿ يخطب فقاؿ: "أصميت قاؿ: ال قاؿ: ق فصؿ ركعتيف" )البخاري 1997 ج 1 : 276(. مف عادتو أف يق و كؿ سموؾ يتناقض مع القواعد األخبلقية في اإلسبل ومف وكاف الرسوؿ الفضؿ بف األمثمة عمى ذلؾ ما أخبر بو عبد اهلل بف عباس رضي اهلل عنو قاؿ: أردؼ رسوؿ اهلل لمناس يفتيي عباس يو النحر خمفو عمى عج ز ارحمتو وكاف الفضؿ رجبل وضيئ ا فوقؼ النبي وأقبمت ام أرة مف خثع مضيئة تستفتي رسوؿ اهلل فطفؽ الفضؿ ينظر إلييا وأعجبو حسنيا فالتفت والفضؿ ينظر إلييا فأخمؼ بيده فأخذ بذقف الفضؿ فعدؿ وجيو عف النظر إلييا" النبي )البخاري 1997 ج 4 : 196(. وعنده عائشة رضي اهلل عنيا فقالوا: السا عميؾ وحينما دخؿ رىط مف الييود عمى رسوؿ اهلل "ميبل يا عائشة فإف الرفؽ في األمر كمو: ففيمتيما فقالت: عميك السا والمعنة فقاؿ رسوؿ اهلل فقمت: يا رسوؿ اهلل أول تسمع ما قالوا قاؿ رسوؿ اهلل.)1969 : فقد قمت وعميك" )البخاري 1997 ج 4 : وقد نيى الرسوؿ عف اإلف ارط في تناوؿ الطعا مستدال عمى ىذا السموؾ الضار مف خبلؿ مبلحظة آثاره حيث جاء في الحديث الشريؼ "عف ابف عمر قاؿ تش جأ رجؿ عند النبي فقاؿ: كؼ جشػاءؾ عنا فإف أطػػولك جوع ػػا يو القيػػامة أكثػرك شبػع ا في دار الدنيػا" )ابف ماجو ب.ت : 1111 (.

7 فالرسوؿ ل يكتؼ بنقد السموؾ السمبي الذي يتنافى مع قواعد األدب والذوؽ وانما تجاوز ذلؾ إلى بياف السبب الكامف و ارءه وىو اإلس ارؼ في تناوؿ الطعا والش ارب ومف الممحوظ كذلؾ أف الرسوؿ اىت بتقوي سموؾ الصغار كما فعؿ مع الكبار فجاء خطابو سيبل واضح ا وىو يقو سموؾ أحد الصبية مف صحابتو الك ار رضي اهلل عني "فعف عمر بف أبي سممة قاؿ: كنت في حجر رسوؿ اهلل وكانت يدي تطيش في الصفحة فقاؿ لي: )مسم ب.ت ج 3 : 1955(. - الفورية: ب فكاف مف ىديو يا غبل س اهلل وكؿ بيمينؾ وكؿ مما يميؾ" المسارعة إلى تقوي السموؾ السمبي بشكؿ يعكس دقة مبلحظتو وحرصو عمى تيذيب سموكات الناس مف حولو حتى ال تصبح عادات ارسخة مف الصعب عبلجيا كما أف الرسوؿ مكمؼ مف ربو سبحانو وتعالى بأف يبيف لمناس ويدلي عف الخير ويحذرى مف الوقوع في الشر. ومف الطبيعي أف التدخؿ لتقوي سموؾ بعد فترة طويمة مف وقوعو قد يضعؼ التأثير ويقمؿ مف فرص النجاح ومف الشواىد عمى مسارعة النبي رضي اهلل عنو أف النبي العورة". )الترمذي ب.ت ج 5 : 111(. وقد سارع الرسوؿ إلى تقوي أنماط عديدة مف السموؾ ما جاء عف جرىد مر بو وىو كاشؼ عف فخذه فقاؿ النبي : "غط فخذؾ فإنيا مف إلى انتقاد سموؾ جماعة مف الصحابة مبين ا لي الحك الشرعي فيو حيث جاء في الحديث "عف عبد اهلل بف يسار عف عبد الرحمف بف أبي ليمى قاؿ: حدثنا أصحاب محمد كانوا يسيروف مع النبي فنا رجؿ مني فانطمؽ بعضي إلى حبؿ معو فأخذه ففزع فقاؿ رسوؿ اهلل : "ال يحؿ لمسم أف يروع مسمم ا" )أبو داود ب.ت ج 4 :301(. لقد كاف الرسوؿ يغتن كؿ موقؼ أو حدث يبلحظو ليقو كؿ سموؾ سمبي ولو كاف ذلؾ أما الناس فذلؾ درء ا لممفسدة المترتبة عميو حيث جاء عف أبي ال ازىرية قاؿ: صاحب النبي كن ا مع عبد اهلل بف بسر يو الجمعة فجاء رجؿ يتخ طى ركاب الناس يو الجمعة والنبي يخطب فقاؿ لو النبي : "اجمس فقد أذيت" )ابف حنبؿ ب.ت ج 1 159(. : ج- المعيارية: إف الحك عمى السموؾ اإلنساني إنما يكوف في ضوء "أوامر اهلل عز وجؿ ونواىيو فيي المعايير التي تقاس بيا األشياء وىذه المعايير تحدد ما يجب أف يكوف وما يجب أال يكوف" فكؿ سموؾ سمبي نيى الرسوؿ اإليجابي الذي يشجع عميو أني )القيسي 1996.)18 : وبادر إلى تقويمو فيو سموؾ محر في ديف اهلل وأما السموؾ فيو يقع في اطار الحبلؿ وقد حذر الرسوؿ عميو الصبلة والسبل مف ممارسة مف أنماط سموكية تقع بيف الحبلؿ والح ار )الشبيات( كما جاء في اليدي النبوي "الحبلؿ بي ف والح ار بي ف وبينيما أمور مشتبية فمف ترؾ ما شب و عميو مف االث كاف لما استباف أترؾ ومف اجت أر

8 ص : عمى ما يشؾ فيو مف اإلث أوشؾ أف يواقع ما استبناف والمعاصي حمي اهلل مف يرتع حوؿ الحمى يوشؾ أف يواقعو" )مسم ب.ت ج 3 : ص 27 (. ومف الممحوظ أف الرسوؿ وىو يق و سموؾ األف ارد ينطمؽ في ذلؾ مف معايير إسبلمية محددة وواضحة فتجده عند التحذير مف سموؾ غير مرغوب فيو ويربط ذلؾ بمفيومي اإلسبل واليجرة كما يستدؿ عميو مف خبلؿ قولو : "المسم مف سم المسمموف مف لسانو ويده والمياجر مف ىجر ما نيي اهلل عنو" )البخاري 1978: ج 1 :11( ولمعالجة سموؾ اجتماعي سمبي يحدد الرسوؿ معيار لمعصبية الجاىمية ففي الحديث عف وائمة بف األنفع قمت يا رسوؿ اهلل ما العصبية قاؿ: "أف تعيف قومؾ عمى الظم" )أبو داود ب.ت ج 3 )331 ولما كاف النفاؽ مف أخطر األم ارض االجتماعية بادر إلى توضيح عبلماتو لتكوف معيار يقاس عميؾ كما جاء في السنة النبوية "آية المنافؽ ثبلث إذا حدث كذب واذا وعد أخمؼ واذا إئتمف خاف" )البخاري 1987 ج 1 : (. 21 وحينما سخر نفر مف الصحابة رضواف اهلل عميي مف ابف مسعود ردى إلى موازيف اهلل سبحانو وتعالى في خمقو مستيجن ا سموكي وحيث جاء في الحديث الشريؼ عف زر بف حبيش عف ابف مسعود أنو كاف يجتنى سواك ا مف األ ارؾ وكاف رقيؽ الساقيف فجعمت الريح تكفؤه فضحؾ القو منو فقاؿ رسوؿ اهلل "م تضحكوف قالوا : يا نبي اهلل مف رقة ساقيو فقاؿ: والذي نفسي بيده ليما أثقؿ في المي ازف مف أحد" )ابف حنبؿ ب.ج 1 : 420( فالحديث السابؽ يؤكد أف قيمة الشخصية في جوىرىا ومحتواىا ال في شكميا الخارجي ويؤكد ىذا المعيار قولو "إف اهلل ال ينظر إلى أجسامك ولكف ينظر إلى صورك وأموالك ولكف إنما ينظر إلى أعمالك وقموبك" )ابف ماجو ب.ت ج 2 : 1388(. د- التالمية: فالناس واف تشابيوا فيما بيني في كثير مف الخصائص والصفات بحك ال اربطة اإلنسانية التي تربط بيني وتميزى عف سائر المخموقات بحك الثقافة والحضارة المشتركة التي يعيشوف فييا فإني في الوقت ذاتو يختمفوف في كثير مف صفاتي الموروثة والمكتسبة مف حيث القوا والسمات الجسمية واالستعدادات والميوؿ والقد ارت العقمية والنوازع واالتجاىات" )الشيباني 106(. 1975: وأشار القرآف الكري إلى ظاىرة الفروؽ الفردية بيف الناس " أ ى ي أقس م و ف ر أ حم ة ر ب ؾ ن أ ح ف ق س أ من ا ل ي ت خ ذ عض ا ب أ ين ي م ع يش ت ي أ ف ي األح ي ا ة الد أني ا و ر ف أ عن ا ب أ عض ي أ ف أ و ؽ ب أ ع د ر ج ا ت ب أ عض ي ب أ س أخر ي ا " )الزخرؼ آية: 32(. وقد أوصى الغ ازلي بمبلئمة العبلج لحالة المتعم بقولو: "وكما أف الطبيب لو عالج المرضى بعبلج واحد قتؿ أكثرى فكذلؾ الشيخ لو أشار عمى المريديف بنمط واحد مف الرياضة أىمكي وأمات قموبي بؿ ينبغي

9 أف ينظر في مرض المريد وفي حالو وم ازجو وما تحتممو بنيتو مف الرياضة ويبني عمى ذلؾ رياضتو" )الغ ازلي ب.ت ص 90 (. وبناء عميو يتوجب عمى المعم أف يم بخصائص طبلبو ويدرؾ الفروؽ بيني في النواحي العقمية والنفسية والثقافية اقتداء بنيج الرسوؿ المربي الذي كاف يستخد مف األساليب في تقوي سموؾ أصحابو ما يتناسب مع الموقؼ وما يتبلئ مع حج وطبيعة الخطأ فحينما يكوف السموؾ السمبي في حؽ الناس أو الشرع تجده يستخد لغة صريحة وواضحة وصارمة فعف ابف عمر رضي اهلل عنيما أنو أدرؾ عمر بف الخطاب في ركب وىو يحمؼ بأبيو فناداى رسوؿ اهلل " "أال إف اهلل ينياك أف تحمفوا بآبائك فمف كاف حالف ا فميحمؼ باهلل واال فميصمت" )البخاري 1997 ج 4 :1926(. وىكذا فعؿ الرسوؿ في تقوي السموؾ التعب ي فعف قيس بف طخفة الغفاري عف أبيو قاؿ:"أصابني رسوؿ اهلل نائم ا في المسجد عمى بطني فركضني برجمو وقاؿ مالؾ وليذا النو نومة يكرىيا اهلل أو يبغضيا اهلل" )ابف ماجو ب.ت ج 2 : 1227(. وفي المقابؿ كاف الرسوؿ يتسامح كثير ا مع مف يخطئوف في حؽ مف جفاة األع ارب تأليف ا لقموبي ومف الشواىد عمى ذلؾ ما رواه أنس بف مالؾ قاؿ: كنت أمشي مع رسوؿ اهلل وعميو برد نج ارني غميظ الحاشية فأدركو أع اربي فجبذه بردائو جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتؽ رسوؿ اهلل قد أث رت بيا حاشية البرد مف شدة جبذتو ث قاؿ: يا محمد مر لى مف ماؿ اهلل الذي عندؾ فالتفت إليو رسوؿ اهلل ث ضحؾ ث أمر لو بعطاء. )البخاري 1987 ج 3 : 1148( وكاف مف عادتو عند تقوي السموؾ أف التفريؽ بيف المخطئ صاحب السوابؽ في عمؿ الخير وبيف المسرؼ عمى نفسو والمكثر مف التجاو ازت في السموؾ فعف أسماء بنت أبي بكر قالت: خرجنا مع رسوؿ اهلل حج اج ا حتى إذا كنا بالع رج نزؿ رسوؿ اهلل ونزلنا فجمست عائشة رضى اهلل عنيا إلى جنب رسوؿ اهلل وجمست إلى جنب أبي وكانت زمالة أبي بكر وزمالة رسوؿ اهلل واحدة مع غبل أبي بكر فجمس أبو بكر ينتظر أف يطمع عميو فطمع عميو وليس معو بعيره قاؿ: أيف بعيرؾ قاؿ: أضممتو البارحة قاؿ : فقاؿ أبو بكر: بعير واحد نضمو قاؿ: فطفؽ يضربو ورسوؿ اهلل يبتس ويقوؿ : "انظروا إلى ىذا المحر ما يصنع قاؿ ابف أبي ر زمة: فما يزيد رسوؿ يصنع ويبتس )أبو داود ب.ت ج 1 : 564(. " عمى أف يقوؿ: انظروا إلى ىذا المحر ما ومف قبيؿ التبلئ في أسموبو وىو يصحح السموؾ استخدا لغة سيمة وبسيطة مع الصبياف تناسب مع قد ارتي االستيعابية ففي الحديث عف أبي ىريرة رضي اهلل عنو أف الحسف ابف عمى أخذ تمرة مف تمر )البخاري بالفارسية : "ك خ ك خ أما تعرؼ أنا ال نأكؿ الصدقة" الصدقة فجعميا في فيو فقاؿ النبي 1987 ج 2 : )542 عميو وسم وىو يغتسؿ قالت: وروى الطب ارني عف ذنيب بنت أبي سممة أنيا دخمت عمى رسوؿ اهلل " )أبو داود ب.ت ج 1 : 77(. فأخذ حفنة مف ماء فضرب بيا وجيي وقاؿ: "و ارءؾ أي لكاع

10 ويستفاد مف المثاليف السابقيف ضرورة مبادرة المربي إلى تقوي سموؾ الصبي الصغير حتى ال يرسخ عنده السموؾ المعوج فيصبح عادة مف الصعب اقتبلعيا في الكبر. ىػ- الوقاية: فمف طبيعة المنيج اإلسبلمي في التربية أنو يسد المنافذ أما االنح ارؼ فيأخذ بجممة مف الوسائؿ والتدابير التي تقي الفرد المسم والجماعة مف المفاسد وىكذا فعؿ الرسوؿ وىو يقو سموؾ أصحابو حيث كاف يرشد إلى ما يمنع مف تك ارر السموؾ السمبي حيث جاء في الحديث الشريؼ عف عبد اهلل بي أبي قتادة عف أبيو قاؿ: بينما نحف نصم ي مع النبي إذ سمع جمبة رجاؿ فمما صم ى قاؿ: "ما شأنك قالوا: استعجمنا إلى الصبلة قاؿ: فبل تفعموا إذا أتيت الصبلة فعميك بالسكينة فما أدركت فصموا وما فاتك فأتموا" )البخاري 1997: ج 1 : 204(. زمالو: دابة السفر. وفي موقؼ آخر يحذر الرسوؿ المسمميف مف تقميد غيرى في أنماط سموكي مستشيد ا بنموذج مف الحياة االجتماعية فكاف توجييو عميو الصبلة والسبل"ليس منا مف تشبو بغيرنا ال تشبيوا بالييود وال بالنصارى فإف تسمي الييود اإلشارة باألصابع وتسمي النصاري اإلشارة بالكؼ" )الترمذي ب.ت ج 4: 159( ومف باب حرصو عمى الشباب وجيي إلى ما يقيي مف الوقوع في السموؾ المحر ويتضح ذلؾ مف خبلؿ قولو : "يا معشر الشباب مف استطاع منك الباءة فميتزوج فإنو أغض لمبصر وأحصف لمفرج ومف ل يستطع فعميو بالصيا فإنو لو وجاء" )أبو داود ب.ت ج 2 ص: 219(. ولما كاف الشيطاف مف أخطر عوامؿ الغواية لئلنساف أرشد الرسوؿ أبا بكر رضي اهلل عنو إلى اإلستعاذة باهلل منو حينما سألو قائبل : "مرني بشيء أقولو إذا أصبحت واذا أمسيت قاؿ: قؿ المي عال الغيب والشيادة فاطر السموات واألرض رب كؿ شيئ ومميكو أشيد أال إلو إال أنت أعوذ بؾ مف شر نفسي ومف شر الشيطاف وشركو قاؿ: قمو إذا أصبحت واذا أمسيت واذا أخذت مضجعؾ" )الترمذي ب.ت ج 5 : 467(. و- قا عمى التنبؤ: فالرسوؿ اهلل يوحي إليو " إ أف ى و إ و و أ حي ي وح ى " )النج أية: 4( وقد كاف يحذر أصحابو مف ممارسة أنماط سموكية في المستقبؿ البعيد تكوف سبب ا في اليمكة عبر عف ىذا قولو : "فواهلل ما الفقر أخشى عميك ولكف أخشى عميك أف تبسط الدنيا عميك كما بسطت عمى مف كاف قبمك فتنافسوىا كما تنافسوىا فتيمكك كما أىمكتي" )ابف ماجة ب.ت 1325(. وتحدث الرسوؿ عف آفة الكذب بيف المسمميف في آخر الزماف وحذر مف الكذابيف بقولو : "سيكوف في آخر أمتى أناس يحدثونك ما ل تسمعوا أنت وال آباؤك فإياك واياى" )مسم ب.ت ج 1 : 12(.

11 وفي موضع أخر أخبر الرسوؿ أبا ىريرة رضي اهلل عنو عما سيكوف بيف الناس مف الخوض في أمور عقائدية ال يحمد عقباىا قائبل لو "ال ي ازؿ الناس يسألونؾ يا أبا ىريرة حتى يقولوا: ىذا اهلل مف خمؽ اهلل" )مسم ب.ت ج 1 : 121(. وقد حدث بالفعؿ ما حذر منو الرسوؿ وقد عبر عف ذلؾ قوؿ أبي ىريرة رضي اهلل عنو : " فبينما أنا في المسجد إذ جاءني ناس مف األع ارب فقالوا: يا أبا ىريرة ىذا اهلل فمف خمؽ اهلل فأخذ حصى بكفو فرماى ث قاؿ: قوموا قوموا صدؽ خميمي" ( مسم ب.ت ج 1:121 (. وفي ضوء ما سبؽ ينبغي أف يحذر المعم تبلميذه مف بعض أنماط السموؾ السمبي التي يتوقع حدوثيا أو انتشارىا بيني في ضوء اطبلعو عمى الواقع الثقافي واالجتماعي بكؿ معطياتو في عصر االنفتاح وتقد وسائؿ االتصاؿ واإلعبل وما يمكف أف يترتب عميو مف سمبيات. ز- الجمع بيف عوامؿ الضبط الخارجي والداخمي: تتعامؿ المجتمعات اإلنسانية مع السموؾ بوصفو ظاىرة توجد أسبابيا داخؿ اإلنساف نفسو وىذه النزعة قوية بشكؿ خاص عندما ال تكوف ىناؾ أسباب مباشرة في البيئة والدليؿ عمى ذلؾ وجود فروؽ فردية كبيرة بيف الناس في التصرؼ وردود األفعاؿ في المواقؼ المتشابية )الخطيب الحديدي 285(. 1997: فعممية تقوي السموؾ تتضمف محاولة توجيو مف خبلؿ ضبط المتغي ارت البيئية ذات العبلقة الوظيفية بالسموؾ وىذا ما يسمى بالضبط الخارجي الذي يتطمب قيا شخص ما بتقدي المساعدة إلى الفرد الذي يحتاج إلى النصح واإلرشاد لتعديؿ سموكو )الخطيب الحديدي 285( 1997: وقد عبر عف ىذا المضموف قولو "المؤمف م آرة أخيو" )البخاري 1989 : 93(. وقد حذر الرسوؿ مف التقصير في تغيير المنكر داخؿ المتمع بقولو : "كبل واهلل لتأمرف بالمعروؼ ولتنيوف عف المنكر ولتأخذف عمى يد الظال ولتأطرن و عمى الحؽ أطر ا ولتقصرن و عمى الحؽ قصر ا أو ليضربف اهلل بقموب بعضك عمى بعض ث يمعنك كما لعني" )أبو داود ب.ت ج 122( 4: ومف الشواىد البينة عمى فعالية عنصر الضبط االجتماعي في تقوي سموؾ األف ارد في المجتمع ما جاء في الحديث الشريؼ" عف أبي ىريرة قاؿ" قاؿ رجؿ يا رسوؿ اهلل إف لي جار ا يؤذيني فقاؿ: انطمؽ فأخرج متاعؾ إلى الطريؽ فانطمؽ فأخرج متاعو إلى الطريؽ فاجتمع الناس عميو فقالوا: ما شأنؾ قاؿ: لي جار يؤذيني فذكرت ذلؾ لمنبي فقاؿ: انطمؽ فأخرج متاعؾ إلى الطريؽ فجعموا يقولوف: المي العنو المي اخزه فبمغو فأتاه فقاؿ: ارجع إلى منزلؾ فواهلل ال أؤذيؾ" )البخاري 1989 ج 1 : 56(. وأما الضبط الداخمي فيو نوع مف التقوي الذاتي لمسموؾ يقو بو اإلنساف بنفسو ويرتكز عمى االقتناع الداخمي مف الفرد وفق ا لمجموعة مف القي يديف بيا ويعتبرىا بصره الذي يرى بو وطريقو الذي يسير عميو ( سمطاف 1979 ج 1 : 26(.

12 وقد امتازت التربية اإلسبلمية عف سواىا مف أنواع التربية األخرى بأنيا تتجو في تربية اإلنساف بداية مف داخؿ نفسو ث تقي بناءه الخارجي عمى أساسو ولذلؾ تيت بتكويف الضمير اليقظ لديو ( اربح 1992:.)78 فاإلنساف بطبيعتو مطمع عمى عيوب نفسو وقد عبر ىف ىذه الحقيقة قولو حينما سئؿ عف اإلث فحدد لمسائؿ معيار ا واضح ا يمكف القياس عميو تمقائي ا وذاتي ا "االث ما حاؾ في صدرؾ وكرىت أف يطمع عميو الناس" )مسم ب.ت ج 1 : 236(. وأشار الرسوؿ المعم إلى مسئولية الفرد المسم عف تقوي أخبلقو مرغب ا في ىذا السموؾ في قولو : "مف ترؾ الكذب وىو باطؿ ب ني لو في ربض الجنة ومف ترؾ الم ارء وىو محؽ بني لو في وسطيا ومف حس ف خمقو بيف لو في أعبلىا" )الترمذي ب.ت: 258(. إف مسئولية الفرد الذاتية عف تقوي سموكو تتعدى ترؾ السموؾ السمبي إلى إ ازلة اآلثار المترتبية عميو بما يعكس مستوى عاؿ مف المسئولية األخبلقية والى ىذا وجو الرسوؿ أحد أصحابو فعف يحيي بف حبيب بني عربي قاؿ: حدثنا حماد بف زيد عف عطاء بف السائب عف أبيو عف عبد اهلل بف عمرو أف رجبل أتى النبي فقاؿ: إن يجئت أبايعؾ عمى اليجرة ولقد تركت أبوي يبكياف قاؿ : "ارجع إلييما فأضحيما كما أبكيتيما" )النساي 1930 ج 7 : 143(. وحينما يكوف الخطأ السموكي في حؽ اهلل والشرع فإنو مف الواجب عمى الفرد المسم أف يبادر إلى إصبلحو بطريقة أخرى أوصى بيا لرسوؿ فعف عبر الرحمف بف سمرة قاؿ: قاؿ لي النبي : "يا عبد الرحمف بف سمرة إذا حمفت عمى يميف ف أريت غيرىا خير ا منيا فكفر عف يمنيؾ وأت الذي ىو خير" )البخاري 1997 : ج 4 : 2233(. ثاني ا: أساليب الرسوؿ في تقوي السموؾ مف خبلؿ تتبع األحاديث النبوية الشريفة أمكف الوقوؼ عمى جممة مف األساليب العممية والمتنوعة استخدميا الرسوؿ في تقوي سموؾ األف ارد يمكف تمخيصيا في ا لتي: أ -المطالبة بالكؼ عف السموؾ السمبي وتقدي البديؿ الصحيح: فم يكتؼ الرسوؿ بانتقاد السموؾ السمبي فحسب بؿ بادر إلى شرحو وتوضيحو واقت ارح البديؿ الصحيح ومف األمثمة عمى ذلؾ ما جاء في الحديث الشريؼ "عف عبد اهلل بف مسعود رضي اهلل عنو قاؿ: كن ا نصمى خمؼ النبي فنقوؿ: السبل عمى اهلل فقاؿ النبي : أف اهلل ىو السبل ولكف قولوا: التحيات هلل والصموات الطيبات السبل عميؾ أييا النبي ورحمة اهلل وبركاتو السبل عمينا وعمى عباد اهلل الصالحيف أشيد أف ال إلو اهلل وأشيد أف محمد ا عبده ورسولو" )البخاري 1987 ج 1 : 28(. وروى عف أنس بف مالؾ أف رجبل مف األنصار أتى النبي يسألو فقاؿ: أما في بيتؾ شيئ قاؿ: بمى: حمس نمبس بعضو ونبسط بعضو وقعب نشرب فيو مف الماء قاؿ: اءتني بيما قاؿ: فأتاه بيما فأخذىما رسوؿ اهلل بيده قاؿ مف يشترى ىذيف قاؿ رجؿ: أنا أخذىما بدرى قاؿ: مف يزيد عمى درى

13 مرتيف أو ثبلثة قاؿ رجؿ: أنا أخذىما بدرىميف فأعطاىما إياه وأخذ الدرىميف وأعطاىما األنصاري وقاؿ: اشتر بأحدىما طعام ا فانبذه عمى أىمؾ واشتر باآلخر قد وم ا فأت بو فآتاه بو فشد فيو رسوؿ اهلل عود ا بيده ث قاؿ لو: ب اذىب فاحتطب وبع وال أرين ؾ خمسة عشر يوم ا فذىب الرجؿ يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة د ارى فاشترى ببعضيا ثوب ا وببعضيا طعام ا فقاؿ رسوؿ اهلل مف أف تجئ المسألة نكتة في وجيؾ يو القيامة. )أبو داود ب.ت ج 2 120(. : وحينما يخطئ نفر مف المسمميف في تقوي السموؾ المنحرؼ كاف الرسوؿ األسموب األمثؿ ويتضح ذلؾ مف خبلؿ ما رواه أبو ىريرة قاؿ: أ تى النبي اضربوه قاؿ أبو ىريرة فمما انصرؼ قاؿ بعض القو أخ ازؾ اهلل قاؿ: فقاؿ رسوؿ اهلل ىذا خير لؾ يتدخؿ موجي ا إياى إلى ىكذا ال تعينوا عميو الشيطاف ولكف قولوا: رحمؾ اهلل" )ابف حنبؿ ب.ت ج 2 : 200(. - الحوار المقنع: برجؿ قد شرب قاؿ: مف الطبيعي أف الحوار المقنع يقود المخطئ إلى ترؾ السموؾ السمبي ويرغبو في االستقامة وقد استخد الرسوؿ "ال تقولوا الحوار المتمطؼ اليادئ مع شاب جاء يطمب منو اإلذف بفعؿ الفاحشة حيث روى أبو إمامة رضي اهلل عنو "أف فتى شاب ا أتى النبي قاؿ: فقاؿ: يا رسوؿ اهلل أتأذف لي بالزنا فأقبؿ القو عميو فزجروه وقالوا: مو مو فقاؿ لو: أدنو فدنا قريب ا منو فقاؿ: أتحبو ألمؾ قاؿ ال واهلل جعمني فداءؾ واال الناس يحبونو ألمياتي قاؿ: يحبونو لبناتي قاؿ: قاؿ: أفتحبو لعمتؾ قاؿ: لخالتؾ قاؿ: أفتحبو ألختؾ قاؿ: أفتحبو إلبنتؾ فقاؿ: ال واهلل جعمنى اهلل فداءؾ قاؿ: ال واهلل جعمنى اهلل فداءؾ قاؿ: ال واهلل جعمنى اهلل فداءؾ قاؿ: ال جعمنى اهلل فداءؾ قاؿ: وال الناس وال الناس يحبونو ألخواتي وال الناس يحبونو لعماتي قاؿ: أفتحبو وال الناس يحبونو لخاالتي قاؿ: المي اغفر ذنبو وطير قمبو وحص ف فرجو فم يكف ذلؾ الفتى يمتفت إلى شئ" ج 5 : 256(. ومف خالؿ ت مؿ النموذج الحواري السابؽ يتضح ما يمي: - تفي الرسوؿ السائؿ. - استخد الرسوؿ فوضع يده عميو وقاؿ: )ابف حنبؿ ب.ت لخصائص مرحمة الشباب حيث النضج الجنسي وع ارمة الشيوة وقوتيا لدى في حواره مع الشاب أسئمة متكررة لتأكيد المعنى وترسيخ قيمة العفة معتمد ا عمى إثارة عاطفة الغيرة لديو عمى العرض السائؿ وقد جاء ذلؾ بصورة متدرجة فبدأ بذكر األ لمكانتيا الكبيرة عند اإلبف ث انتيى إلى الخالة. - لقد كشؼ الحديث عف رحمة الرسوؿ المربي سموكو وحب الخير لو ودؿ عمى ذلؾ دعاؤه لو. ج- أسموب المقارنة: بالشاب السائؿ ورفقو بو وحرصو عمى معالجة

14 فاألشياء تتميز بضدىا كما ىو متعارؼ عميو وكاف مف عادة الرسوؿ في تقوي السموؾ المعوج أف يقارف بيف سموكيف متناقضيف أحدىما إيجابي مطموب االقدا عميو واآلخر سمبي ينبغي اإلحجا عنو ويتبيف ذلؾ مف خبلؿ قولو : "ال يحؿ لمسم أف ييجر أخاه فوؽ ثبلث لياؿ فميتقياف فيعرض ىذا ويعرض ىذا وخيرىما الذي يبدأ بالسبل" )البخاري ب.ت ج 5 : 2256(. وفي موقؼ آخر استخد الرسوؿ أسموب المقارنة لتقوي سموؾ اجتماعي سمبي يتمثؿ في خذالف المسم ألخيو المسم وتخميو عنو وقت الشدة والحاجة حيث جاء في اليدي النبوي " ما مف امرئ يخذؿ امرئ مسمم ا في موضع تنتيؾ فيو حرمتو وينتقص فيو مف عرضو إال خذلو اهلل في موطف يحب فيو نصرتو وما مف امرئ ينصر مسمم ا في موطف ينتقص فيو مف عرضو وينتيؾ مف حرمتو إال نصره اهلل في موطف يحب نصرتو" )أبو داود ب.ت ج 4 : 271(. د- أسموب التعري : التعريض خبلؼ التصريح والمعاريض التورية بالشيئ عف الشئ )ابف منظور ب.ت ج 7:183 (. وليذا ا لسموب أثار تربوية ونفسية عديدة ومف أبرزىا: - دفع الحرج عف المخطئ بحيث يحفظ شخصيتو وال يقمؿ مف شأنو وال يحبطو. - يؤدي إلى تنمية روابط الثقة بيف المتعم والمعم. - يوفر الفرصة لآلخريف بأف ي ارجعوا أنفسي ويصححوا سموكاتي..)Baneen.20/10/2005( وقد أوصى الغ ازلي المعم بأف "يزجر المتعم عمى سوء األخبلؽ بطريقة التعريض ما أمكف وال يصرح فإف التصريح ييتؾ حجاب الييئة ويورث الج أرة عمى اليجو بالخبلؼ ويييج الحرص عمى اإلص ارر" )الغ ازلي ب.ت.ج 8 : (. ومف األمثمة عمى استخدامو ألسموب التعريض في تقوي السموؾ قولو: "ما باؿ أقوا يرفعوف أبصارى إلى السماء في صبلتي" )أبو داود ب.ت د 1 : 1330(. وحينما حذر الرسوؿ مف التقصير في قيا الميؿ خاطب عبد اهلل بف عمر قائبل لو "يا عبد اهلل ال تكف مثؿ فبلف كاف يقو الميؿ ث ترؾ قيا الميؿ" )البخاري ب.ت ج 1 : 201(. ىػ- التقوي بالممارسة والعمؿ: فكاف مف ىديو أف يصحح عممي ا بعض األخطاء في السموؾ السيما في الجانب التع بدي وقد روى جبير بف نفير عف أبية أنو قد عمى رسوؿ اهلل فأمر لو بوضوء فقاؿ: توضأ يا أبا جبير فبدأ أبو جبير بفيو فقاؿ لو رسوؿ اهلل : ال تبتدئ بفيؾ يا أبا جبير فإف الكافر يبتدئ بفيو فغسؿ كفيو حتى أنقاىما ث دعا رسوؿ اهلل بوضوء فغسؿ كفيو حتى أنقاىما ث تمضمض واستنشؽ ثبلث ا وغسؿ وجيو ثبلث ا وغسؿ يده اليمنى إلى المرفؽ ثبلث ا واليسرى ثبلث ا ومسح أرسو وغسؿ رجميو" )البييقي 1994: ج 1 :.)46

15 وفي موضع أخر حث الرسوؿ رجبل عمى ممارسة السموؾ الصحيح في صبلتو عممي ا واعطاه الفرصة م ارر ا إلعادة المحاولة حتى تصح صبلتو وقد دع ذلؾ األسموب بشرح موجز واضح حيث جاء في الحديث الشريؼ "عف أبي ىريرة أف النبي دخؿ المسجد فدخؿ رجؿ يصمي ث جاء فسم عمى النبي فرد النبي السبل فقاؿ: ارجع فصؿ فإنؾ ل تصؿ فصمى ث جاء فسم عمى النبي فقاؿ: ارجع فصؿ فإنؾ ل تصؿ ثبلث ا: فقاؿ: والذي بعثؾ بالحؽ فما أحسف غيره فعممني قاؿ: إذا قمت إلى الصبلة فكب ر ث اق أر ما تيسر معؾ مف القرآف ث اركع حتى تطمئف اركع ا ث ارفع حتى تعتدؿ قائم ا ث اسجد حتى تطمئف ساجد ا ث ارفع حتى تطمئف جالس ا ث اسجد حتى تطمئف ساجد ا وافعؿ ذلؾ في صبلتؾ كميا" )البخاري ب.ت ج 1 : 117(. و- أسموب المداعبة: المداعبة في المغة داعبو مداعبة مازحو واالس الدعابة والمداعبة الممازحة )ابف منظور :2003.) ويقصد بالمداعبة ىنا "استثمار بعض المواقؼ بقوؿ أو فعؿ يدخؿ السرور عمى اآلخريف دوف جرح لممشاعر أو اىدار لمك ارمات" )الحدري 306(. 1991: ولممداعبة أثار تربوية ونفسية كثيرة عمى المتعم لعؿ مف أبرزىا: -إدخاؿ السرور إلى نفسو. -ا ازلة الممؿ الذي يعمؽ بالمتعم بسبب ما يعترض في حياتو مف اليمو واألح ازف. -تبعث عمى النشاط والمرح الذي يغير روتيف الحياة. -تثير في النفس محبة الناصح مما يساعد عمى تقبؿ الموعظة والنصيحة بصدر رحب ونفس متشرفة )الحدري 222(. 1997: ولقد حفمت السنة النبوية بكثير مف المواقؼ التي تقر ىذا األسموب في تيذيب الطباع والتوجيو والنصح واإلرشاد وتقوي السموؾ. ومف الشواىد الجمية عمى استخدا الرسوؿ صمي اهلل عميو وسم أسموب المداعبة في تقوي سموؾ األف ارد ما جاء في قصة خوات بف جبير رضي اهلل عنو قاؿ: مع رسوؿ اهلل ج 1 : نزلت مر الظي ارف فخرجت مف خبائي فإذا نسوة يتحدثف فأعجبنني فأخذت حمة لي مف حبرة فمبستيا ث جمست إلييف وخرج رسوؿ اهلل فيبت رسوؿ اهلل فقمت: يا رسوؿ اهلل: مف قبتو فقاؿ: يا أبا عبد اهلل: ما يجمسؾ إلييف جمؿ شرد لي أبتغي لو قيد ا قاؿ خوات: فمضى رسوؿ اهلل فألقى رداءه ودخؿ األ ارؾ فقضى حاجتو ث توضأ وجاء فقاؿ يا أبا عبد اهلل ما فعؿ ش ارد جممؾ ث ارتحمنا فجعؿ ال يمحقني في منزؿ إال قاؿ لي: المدينة فتجنبت المسجد ومجالسة رسوؿ اهلل يا أبا عبد اهلل ما فعؿ ش ارد جممؾ قاؿ: فتعجمت فمما طاؿ ذلؾ تنحيت ساعة خموة المسجد فجعمت أصمي فخرج رسوؿ اهلل مف بعض حجره فجاء يصمي فصمى ركعتيف خفيفتيف ث جاء فجمس وطولت رجاء أف يذىب ويدعني فقاؿ طو ؿ يا أبا عبد اهلل ما شئت فمست بمصرؼ حتى تنصرؼ

16 فقمت واهلل ألعتذرف لرسوؿ اهلل وألبردف صدره قاؿ: فانصرفت فقاؿ: السبل عميؾ يا أبا عبد اهلل ما فعؿ ش ارد جممؾ فقمت والذي بعثؾ بالحؽ ما شرد ذلؾ منذ أسم فقاؿ عميو الصبلة والسبل: رحمؾ اهلل مرتيف أو ثبلث ا ث أمسؾ عني فم يعد" - ومف خبلؿ الحديث السابؽ يمحظ م ارعاة الرسوؿ المربي )الطب ارني 1983 ج 4 ص 203(. رضي اهلل عنو فم يعنفو بقوؿ وال فعؿ بؿ بادر إلى التسمي عميو ومبلطفتو. الرفؽ في تقوي سموؾ الصحابي - كما يمحظ عد اكثار الرسوؿ مف معاتبة خوات بف جبير وفي ذلؾ رفع لمسأمة والممؿ. ز-اظيار الغضب وعد الرضا عف السموؾ السمبي: يحتاج المربي إلى أف يتعم كيؼ يعبر عف غضبو بشكؿ مناسب دوف أف يوجو اىانات لممتعمميف أو يسيئ معاممتي. )حميدة 1998 : 137(. وكاف الرسوؿ مف عادتو أف يظير الغضب عند سماع أو مشاىدة أخطاء سموكية تمس العقيدة وتتناقض معيا فعف عمرو بف شعيب عف أبيو عف جده قاؿ: خرج رسوؿ اهلل يختصموف في القدر فكأنما يفقأ في وجيو حب الرماف مف الغضب فقاؿ: تضربوف القرآف بعضو ببعض بيذا ىمكت األم قبمك" ( ابف ماجة ب.ت ج 33(. 1: وحينما أتي عمر بف الخطاب النبي بنسخة مف التواره فقاؿ: فجعؿ يق أر ووجو رسوؿ اهلل يتغير فقاؿ أبو بكر: إلى وجو رسوؿ اهلل فقاؿ: وبمحمد نبين ا فقاؿ: رسوؿ اهلل " عمى أصحابو وى بيذا أمرت أو ليذا خمقت يا رسوؿ اهلل ىذه نسخة مف التو ارة فسكت ثكمتؾ الثواكؿ ما ترى ما بوجو رسوؿ اهلل فنظر عمر أعوذ باهلل مف غضب اهلل وغضب رسولو رضينا باهلل ربا وباإلسبل دينا والذي نفس محمد بيده لوبدا لك موسى فاتبعتموه وتركتموني لضممت عف سواء السبيؿ ولو كاف حي ا وأدرؾ نبو تي التبعني" )الدارمي 1987 ج 1 : 126(. ومف خبلؿ ما سبؽ يتضح تعبير الرسوؿ عف غضبو باستخدا لغتيف في االتصاؿ احداىما لفظية واألخرى غير لفظية مما يجعؿ رسالتو تصؿ بقوة ووضوح إلى المخاطب ومف ث تحممو عمى تعديؿ سموكو بسبلسة ودوف تعنت. ح- الت نيب والتوبيخ: وىو شكؿ مف أشكاؿ العقاب المعنوي يحتاج إليو المربي حينما يكوف الخطأ السموكي كبير ا ال يصمح معو الميف وقد جاء عمى لساف نبي اهلل إب ارىي عميو السبل مخاطب ا قومو " أ ف ن ك م و ن م ا ح ع ب ذ ون د ون م ه س ش يذ " " )ا لنبياء أية انه ه "" :67( وجاء عمى لساف لوط عميو السبل في حؽ قومو أ ن ي س م نك م س ج م )هىد أيت: 278(. ويفضؿ عند استخدا التوبيخ في تقوي سموؾ المتعمميف استخدا قميؿ الكبل المختصر مع تجنب وصفي بأني غير مؤدبيف أو غير منضبطيف بصورة متكررة. )baneen,20/10/2005(

17 وقد بادر الرسوؿ إلى تقريع أحد صحابتو حينما تجاوز الحد في الكبل مع رجؿ أخر ففي الحديث عف أبي ذر قاؿ: كاف بيني وبيف رجؿ كبل وكانت أمو أعجمية فنمت منيا فذكرني إلى النبي فقاؿ لي: " أساببت فبلن ا" قمت نع قاؿ: "أفنمت مف أمو" قمت: نع قاؿ: "إنؾ امرؤ فيؾ جاىمية. )البخاري 1987 ج 6 : 19( واستخد الرسوؿ صمي اهلل عميو وسم أسموب الزجر والتوبيخ في تقوي سموؾ صبي مف الصحابة رضواف اهلل عميي ليعزز عنده خمؽ األمانة فقد جاء في الحديث الشريؼ" عف عبد اهلل بف بسر قاؿ: بعثتني أمي إلى رسوؿ اهلل صمي اهلل عميو وسم بقطؼ مف عنب فأكمت منو قبؿ أف أبم غو فمما جئت بو أخذ بأذني وقاؿ: يا غدر" )ا لصبياني ب.ت ج 105( 6: والمبلحظ أف الرسوؿ ل يستخد الكبل الجارح حتى عند توبيخو وتأنيبو لآلخريف مما يدلؿ عمى سماحتو ورفقو بي. ط: اإلنذار العقاب )الترىيب(: النسياف والغفمة مف طبيعة النفس اإلنسانية لذلؾ فإف " الترغيب يصبح نوع ا مف التذكير بما آلت إليو النفس مف ارتكاس ونكوص ووقوع في الرذائؿ واآلثا" )الشرقاوي 208( 1983: وقد أباف الرسوؿ المربي صمي اهلل عميو وسم أثر الخوؼ في تربية النفس واستقامتيا في قولو : "مف خاؼ أدلج ومف أدلج فقد بمغ المنزؿ" )الحاك 1990 ج 4 : 243(. ويقصد بالترىيب وعيد وتيديد بعقوبة تترتب عمى اقت ارؼ إث أو ذنب ممػا نيى اهلل عنػو أو عمى التياوف في أداء فريضة مما أمر اهلل بو )النحالوي 257(. 1979: وقد دأب الرسوؿ عمى استخدا أسموب الترىيب في تقوي سموؾ أصحابو رضواف اهلل عميي كمما اقتضت الضرورة الممحة ومف األمثمة عمى ذلؾ ما جاء عف سماؾ بف حرب قاؿ: سمعت النعماف ابف بشير يقوؿ: كاف رسوؿ اهلل صمي اهلل عميو وسم يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بيا القداح حتى أرى أنا قد عقمنا عنو" ث خرج يوم ا فقا حتى كاد يكبر فرآى رجبل بادي ا صدره مف الصؼ فقاؿ: " عباد اهلل لتسوف صفوفك أو ليخالفف اهلل بيف وجوىك" )مسم ب.ت ج 1 : 324(. وفي موقؼ آخر استخد الرسوؿ صمي اهلل عميو وسم أسموب التخويؼ بشدة لتقوي سموؾ يتنافي مع آداب اإلسبل " فعف سيؿ بف سعد قاؿ: اط مع رجؿ مف حجر النبي صمي اهلل عميو وسم ومع النبي مزري يحؾ بو أرسو فقاؿ: لو أعم أنؾ تنظر لطعنت بو في عينيؾ إنما جعؿ االستئذاف مف أجؿ البصر" )البخاري ب.ت ج 7 : 129(. وحينما الحظ الرسوؿ صمي اهلل عميو وسم أحد الصحابة رضواف اهلل عميي يتعامؿ بقسوة مع غبلمو قا بانذاره وتخويفو ففي الحديث عف أبي مسعود البدري قاؿ: كنت أضرب غبلم ا لي بالسوط فسمعت صوت ا مف خمفي: "اعم أبا مسعود" فم أفي الصوت مف الغضب قاؿ: فمما دنا مني إذا ىو رسوؿ اهلل صمي اهلل عميو وسم فإذا ىو يقوؿ: "اعم أبا مسعود اعم أبا مسعود إف اهلل أقدر عميؾ منؾ عمى ىذا الغبل قاؿ: فقمت ال أضرب ممموك ا بعده" )مسم ب.ت ج 3 : 230(. ثالث ا: مقومات منيج الرسوؿ في تقوي السموؾ:

18 أ لكي تنجح عممية تقوي السموؾ البد مف توافر جممة مف المقومات األساسية لدى المربي تجعؿ عممية تقوي السموؾ فاعمة وناجحة ومف خبلؿ استق ارء السنة النبوية أمكف تحديد ىذه المقومات عمىالنحو األتي: -العم با لحكا الشرعية: فالحك عمى السموؾ يرتكز عمى األحكا الشرعية فيي بمتابة مقاييس لتحديد ما ىو الئؽ وغير الئؽ وكاف الرسوؿ ىو ينتقد السموؾ السمبي في مواطف عديدة ينطمؽ مف أحكا الديف التي يتقبميا اإلنساف المعنى ومف ث تحصؿ االستجابة لديو ويبادر إلى تصحيح سموكو ومف األمثمة عمى ذلؾ ما جاء " عف عبد اهلل بف عباس أف رسوؿ اهلل صمي اهلل عميو وسم أري خاتم ا مف ذىب في يد رجؿ فنزعو فطرحو وقاؿ: يعمد أحدك إلى جمرة مف نار فيجعميا في يده قيؿ لمرجؿ بعد ما ذىب رسوؿ اهلل صمي اهلل عميو وسم خذ خاتمؾ انتفع بو قاؿ ال واهلل ال أخذه أبد ا وقد طرحو رسوؿ اهلل )مسم ب.ت ج (. : " ويحتاج المربي إلى األحكا الشرعية ليكوف أقدر عمى التوضيح والتبرير واإلقناع وبياف أوجو الضرر المترتب عمى السموؾ غير المرغوب فيو كما يفي مف قولو لرجؿ لعف الريح " ال تمعنيا فإنيا مأمورة وانو مف لعف شيئ ا ليس لو بأىؿ رجعت المعنة عميو" )أبو داود ب.ت ج 4 : 278(. وفي موقؼ أخر جاء رجؿ إلى رسوؿ اهلل صمي اهلل عميو وسم فقاؿ: إن ي ألتأخر عف صبلة الصبح مف أجؿ فبلف مما يطيؿ بنا فما أريت النبي صمي اهلل عميو وسم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ فقاؿ: ب يا أييا الناس إف منك منفريف فأيك أ الناس فميتجو ز فإف مف و ارءه الكبير الضعيؼ وذا الحاجة" )البخاري 1987 ج 1 :.)148 - اإللما بالظروؼ الثقافية والسمات النفسية الفطرية المؤثرة في توجيو السموؾ اإلنساني: ومف الطبيعي إلما المربي بالظروؼ الثقافية والسمات النفسية المؤثرة في توجيو سموؾ األف ارد يعينو عمى تشخيص السموؾ بطريقة موضوعية ويجعمو أقدر عمى تحديد العوامؿ التي تقؼ و ارء السموؾ السمبي كما يمكنو مف التفسير بصورة سميمة ودقيقة ومف ث اقت ارح الصيغة العبلجية المبلئمة لو وقد بدا ذلؾ جمي ا في موقؼ الرسوؿ مع األع اربي وىو يق و سموكو المستيجف متفيم ا ظروفو البيئية الثقافية التي انحدر منيا حيث جاء في الحديث الشريؼ " بينما نحف في المسجد إذ جاء أع اربي فقا يبوؿ في المسجد فقاؿ أصحاب رسوؿ اهلل مة مة قاؿ: قاؿ رسوؿ اهلل صمي اهلل عميو وسم : ال تزرموه دعوه فتركوه حتى باؿ ث إف رسوؿ اهلل دعاه فقاؿ لو: إف ىذه المساجد ال تصمح لشئ مف ىذا البوؿ وال القذر إنما ىي لذكر اهلل عز وجؿ والصبلة وق ارءة القرآف فأمر رجبل مف القو فجاء بدلو مف ماء فشتو عميو" )مسم ب.ت ج 3 : 1459(. وقد انتقد الرسوؿ - في موضع أخر- االندفاع والتعجؿ في معالجة األخطاء السموكية دوف اإلحاطة بالدوافع التي تقؼ و ارءىا ففي الحديث " عف عباد بف شرحبيؿ قاؿ: قدمت مع عمومتي المدينة فدخمت حائط ا مف حيطانيا ففركت مف سنبمو فجاء صاحب الحائط فأخذ كسائي وضربني

19 فأتيت رسوؿ اهلل استعدي عميو فأرسؿ إلى الرجؿ فجاء بو فقاؿ: ما حممؾ عمى ىذا فقاؿ: يا رسوؿ اهلل إنو دخؿ حائطي فأخذ مف سنبمو ففركو فقاؿ رسوؿ اهلل : "ما عم متو إذ كاف جاىبل وال أطعمتو إذ كاف جائع ا أ ردد عميو كساءه" وأمر لي رسوؿ اهلل بوسؽ أو نصؼ وسؽ" )النساي 1930 ج 8 :.)240 ومف الشواىد الجمية عمى تفي الرسوؿ لما ىو مركوز في الطبيعة البشرية موقفو مع أ المؤمنييف عائشة رضي اهلل عنيا حينما دفعتيا الغيرة إلى كسر صحفة ضر تيا ففي الحديث" عف أنس قاؿ: كاف النبي عند بعض نسائو فأرسمت إحدى أميات المؤمنيف بصحفة فييا طعا فضربت التي النبي في بيتيا يد الخاد فسقطت الصحفة فانفمقت فجمع النبي فمؽ الصفحة ث جعؿ يجمع فييا الطعا الذي كاف في الصحفة ويقوؿ: غارت أمك عائشة ث حبس الخاد حتى أ تي بصفحة مف عند التي ىو في بيتيا فدفع الصحفة الصحيحة إلى التى كسرت صفحتيا وأمسؾ المكسورة في بيت التي كسرت" )البخاري 1997 ج 3 : 168(. ج- اليسر وعد التشدد: حث الرسوؿ المسمميػف عمى التيسير ونيػاى عف التعسير لقولػو " يسروا وال تعس روا وبشروا وال تنف روا" )البخاري 1987 ج 1 : 38(. وكاف حريص ا عمى معالجة الغمو والتشدد حتى ولو كاف في مجاؿ العبادات وقد جاء في الحديث الشريؼ " عف معاوية بف قرة المزني قاؿ: قاؿ لي كيمس اليبللي: إني أتيت النبي فأخبرتو باسبلمي ث غبت عنو حوال ث أتيتو فقمت: يا رسوؿ اهلل كأنؾ تذكرني فقاؿ: أجؿ فقمت يا رسوؿ اهلل ما أفطرت منذ فارقتؾ فقاؿ لو رسوؿ اهلل : ومف أمرؾ أف تعذب نفسؾ: ص يوم ا مف الشير فقمت زدني قاؿ: ص يوميف حتى قاؿ: فص ثبلثة أيا مف الشير" )ابف ماجة ب.ت ج 1 : 554(. ومف قبيؿ االعتداؿ والمرونة في تقوي السموؾ األف ارد عد التركيز عمى األخطاء السموكية فقط واغفاؿ أنماط السموؾ اإليجابي بجانبيا ودؿ عمى ذلؾ قولو )أبو داود ب.ت ج 4 : 331(. " خيرك المدافع عف عشيرتو ما ل يأث" فعمى المربي أف يكوف متسامح ا غير مبالغ وال متشدد وىو يمارس دوره في تقوي سموؾ طبلبو السيما في الم ارحؿ األولى مف التعمي وقد وجو )الغ ازلي ب.ت ج 1469(. 8: المعم إلى مثؿ ىذا بقولو مخاطب ا إياه" وال تكثر القوؿ عميو بالعتاب في كؿ حيف فإن و ييو ف عميو سماع المبلمة وركوب القبائح ويسقط دفع الكبل مف قمبو" ولنا في رسوؿ اهلل أسوة حسنة في ىذا المقا كما أخبر عنو أنس رضي اهلل عنو قاؿ: "كاف رسوؿ اهلل مف أحسف الناس خمق ا فأرسمني يوم ا لحاجة فقمت: واهلل ال أذىب وفي نفسي أف أذىب لما أمرني بو نبي اهلل فخرجت حتى أمر عمى صبياف وى يمعبوف في السوؽ فإذا رسوؿ اهلل قد قبض بقفاي مف و ارئي قاؿ: فنظرت إليو وىو يضحؾ فقاؿ: يا أنيس أذىبت حيث أمرتؾ قاؿ: قمت نع أنا أذىب يا رسوؿ اهلل" )مسم ب.ت ج 4 : 246(.

20 د- الرفؽ والتمطؼ: امتدح اهلل عز وجؿ نبيو قاال " ل ذ ج اءك م س س ىل م ه أ وف س ك م ع ز يز ع ه ي ه ع ن خ م م ا ح ش يص ع ه ي ك م ب ان م إ م ن ني.)137 س ؤ وف س ح يم " )التوبة أية: ورغ بت السنة النبوية بالرفؽ ونفرت مف الغمظة والعنؼ " إف اهلل رفيؽ يحب الرفؽ ويعطي عمى الرفؽ ما ال يعطي عمىالعنؼ وما ال يعطى عمى سواه" )ابف ماجو ب.ت. ج 2 : 1216(. فالتمطؼ أو الرفؽ في موضعو ضروري في التربية وأما القسوة فبل تأتي بخير وال تساعد عمىالتقوي )قطب 1982 ج 2 : 46(. ومف الرفؽ في تقوي السموؾ اإلنساني اجتناب التحقير واستخدا األلفاظ الجارحة التي تخرج عف طور التأديب والتقوي )ابف الجوزي 4( 1932: ومف الشواىد عمى م ارعاة عنصر الرفؽ والتمطؼ في تقوي السموؾ " ما رواه اإلما مسم عف معاوية بف الحك السممي قاؿ: بينما أنا أصمى مع رسوؿ اهلل إذ عطس رجؿ مف القو فقمت: يرحمؾ اهلل فرماني القو بأبصارى فقمت: ما شأنك تنظروف إلى فجعموا يضربوف بأيديي عمى أفخاذى فما أريتي يصمتونني لكنن ي سكت فمما صمى رسوؿ اهلل فبأبي ىو وأمي ما أريت معمم ا قبمو وال بعده أحسف تعميم ا منو فواهلل ما ضربني وال شتمنى قاؿ: "إف ىذه الصبلة ال يصمح فييا شئ مف كبل الناس إنما ىو التسبيح والتكبير وق ارءة القرآف" )مسم ب.ت ج 1 : (. 381 ىػ- القدورة الحسنة: جاء في القرآف الكري عمى لساف نبي اهلل ىود عميو السبل وىو ينصح قومو ويرشدى " و م ا أ س يذ أ ن أ خ ان ف ك م أ و ه اك م م ا ئ ن ع ن ه " )هىد أيت:.)181 فعمى المربي المعني بتقوي سموؾ طبلبو أف يكوف صادؽ القوؿ والفعؿ ال تخالؼ أفعالو أقوالو وجاء في السنة النبوية المطيرة" ال ارئد ال يكذب أىمو" )الييثمي 1986 ج 8 : 277(. وعميو كذلؾ أف يقتدي بالرسوؿ صاحب الخمؽ العظي وقد جاء في السنة النبوية" عف أنس قاؿ: ل يكف رسوؿ اهلل فاحش ا وال لعان ا وال سباب ا" )البخاري 1997 ج 4 : 1909(. ويوصي اإلما عمى كر اهلل وجيو مف ولي أمر قو بأف يبدأ بتقوي نفسو قبؿ الشروع في تقوي رعيتو. )بف أبي الحديد 1963 ج 7 :912(. وي ظير أثر القدرة الفاعمة في تعديؿ السموؾ وتصحيح األخطاء ما حدث يو الحديبية حينما قاؿ الرسوؿ ألصحابو: "قوموا فانحروا ث احمقوا قاؿ: فواهلل ما قا مني رجؿ حتى قاؿ ذلؾ ثبلث م ارت فمما ل يق مني أحد دخؿ عمى أ سممة فذكر ليا ما لقي مف الناس فقالت أ سممة: يا نبي اهلل أتحب ذلؾ أخرج ث ال تكم أحد ا مني كممة حتى تنحر بدنؾ وتدعو حالقؾ فميحمؽ فخرج فم يكم أحد ا مني حتى فعؿ

21 ذلؾ نحر بدنو ودعا حالقو فحمقو فمما أروا ذلؾ قاموا فنحروا وجعؿ بعضي يحمؽ بعض ا" )البخاري 1997 ج.)834 :2 ويشير )قطب 1409 ج 2 : 118( إلى األثر الخطير لغياب عنصر القدوة في المجتمع عمى مستوى األباء والجي ارف والمعمميف وغير ذلؾ مما يكوف سبب ا مباشر ا في ىد القي في نفوس النشئ. ولقد حث الرسوؿ المربي األباء عمى أف يكونوا قدوة حسنة لؤلبناء في تصرفاتي وأفعالي ويتضح ذلؾ مف خبلؿ الحديث الشريؼ" عف عبد اهلل بف عمر قاؿ: دعتنى أمي يوم ا ورسوؿ اهلل في بيتنا فقالت: تعاؿ أعطؾ فقاؿ ليا : ما أردت أف تعطيو قالت: أردت أف أعطيو تمر ا فقاؿ ليا: أما إنؾ لو ل تعطو شيئ ا كتبت عميو كذبة" )أبو داود ب.ت ج 4 : 298(. اربع ا: تصور مقترح لالستفادة مف منيج الرسوؿ في تقوي السموؾ في تعميمنا المعاصر. بعد أف تحددت معال منيج الرسوؿ في تقوي سموؾ األف ارد أمكف االستفادة منو في تقوي سموؾ المتعمميف في جميع م ارحؿ التعمي المختمفة وفؽ تصور مقترح ومحدد مستمد مف ىدى النبي المعم ومتبلئ مع طبيعة العصر ومتغي ارتو وظروفو التي تنعكس عمى العممية التربوية فتجعؿ ليا طابع ا خاص ا والتصور الذي يقترحو الباحث ىنا يتألؼ مف شقيف اثنيف يكمؿ أحدىما اآلخر فاألوؿ خاص بالمبادئ التي ينبغي م ارعاتيا في تقوي سموؾ المتعمميف والثاني متعمؽ باآلليات التي يمكف اآلخذ بيا لتحقيؽ الغرض ويمكف إجماؿ ذلؾ عمى النحو اآلتي: أ -مبادئ تقوي سموؾ المتعمميف: نقصد بالمبادئ ىنا " جممة مف القواعد والقوانييف التي يمكف أف توجو عمؿ المربيف في تقوي سموؾ المتعمميف" ويمكف تمخيصيا فيما يمي: 1 -الطبيعة اإلنسانية خيرة ومرنة: تنظر التربية اإلسبلمية إلى الطبيعة البشرية عمى أنيا محكومة بنزعات طائشة تشرد بيا عف السبيؿ السوي " و م ا أ ب ش يء و ف س ي ئ ن انن ف س أل م اس ة ب انس ىء ئ ال م ا س ح م س ب ي " )يوسؼ أية: 53( وىناؾ نزعات آخرى خيرة تيدي اإلنساف إلى سواء السبيػؿ وتنياىا عف ارتػكاب المعاصي " و ن ا أ ل س م ب انن ف س.)2 انه ى ام ت " أية: )القيامة: فاإلسبل " يعتبر أف األصؿ في الفطرة االستعداد لمخير فاإلنساف خمؽ في أحسف تقوي" )قطب 1978: ص 31 (. والطبيعة اإلنسانية خيرة تولد عمى الفطرة ت تتشكؿ بعد ذلؾ بفعؿ عوامؿ التنشئة كما جاء في السنة النبوية المطيرة " كؿ مولود يولد عمى الفطرة فأبواه ييودانو أو ينص ارنو أو يشركانو" )الترمذي ب.ت ج 4 : 1447(.

22 2003 )رمزي واذا كاف السموؾ اإلنساني متعمم ا مكتسب ا غير فطري باستثناء عدد محدود جد ا منو.)44 45: فبالتالي فإف ىذا السموؾ باإلمكاف تقويمو إنطبلقػ ا مف اإليماف بمرونة الطبيعة اإلنسانية بمعنى قابميتػيا لمتشكيؿ والتعديؿ واكتساب القيػ واالتجاىػات )الشيباني 1975 : 111(. وفي ضوء ما سبؽ ينطمؽ المعم بأريحية في تقوي سموؾ طبلبو ليس لديو نظرة تشاؤمية ال يتسرب اليأس إلى نفسو مف امكانية تقوي سموكاتي. 2- لمسموؾ اإلنساني منطمقات ومحركات ينبغي م ارعاتيا: فعند تقوي سموؾ المتعم أو تعزيز أنماط السموؾ اإليجابي لديو ال بد مف االنطبلؽ في ذلؾ مف أسس ىي بمثابة محرؾ لمسموؾ اإليجابي ومثب ط لمسموؾ السمبي وأوؿ محرؾ مف ىذه المحركات اإليماف فيو ألحد أصحابو حينما سألو عف قوؿ مختصر في أساس استقامة القوؿ والفعؿ عبر عف ذلؾ قوؿ )مسم ب.ت 295(. 1: ويوجو اإليماف الفرد المسم إلى ترؾ كؿ اإلسبل " قؿ أمنت باهلل ث استق" : " ليس المؤمف بالطعاف وال المعاف وال الفاحش البذئ" أسموب يتناقض مع قواعد األخبلؽ لقولو )الترمذي ب.ت ج 3 : 23(. وأما المحرؾ الثاني مف محركات السموؾ فيو العقؿ بصفتو أداة اإلنساف مف خبلليا يميز بيف الخير والشر بيف الحسف والقبيح ومف المتعارؼ عميو أف "أي سموؾ إذا ل يعتمد عمى أساس مف المنطؽ المقنع 1986: )يالجف لف يجد الدافع الذاتي الكافي والجذب النفسي الذي يشد اإلنساف إلى النزوع إليو" ص (. ويؤكد الغ ازلي ) 1988 ج 2 : 26( عمى أف حسف الخمؽ يرجع إلى اعتداؿ قوة العقؿ وكماؿ الحكمة والى اعتداؿ قوة الغضب والشيوة وكونيا لمعقؿ مطيعة ولمشرع أيض ا" ويأتي الوجداف كمحرؾ ثالث لو تأثير كبير في توجيو السموؾ اإلنساني ذلؾ أف "العواطؼ التي تتكوف تجاه الموضوعات المجردة مف ميؿ ونفور وحب وك ارىية واعجاب واحتقار ىي أسس التقاليد الخمقية" )فيمي 286(. 1947: وقد دأب القرآف الكري عمى إثارة العاطفة اإلنسانية ضد أنماط السموؾ السمبية ومثاؿ ذلؾ قولو تعالى ح ب ه غ و ن ه األ س ض ح خ ش ق ن ه ئ و ك م ش ح ا األ س ض ف ي ح م ش و ال عمى لساف لقمنا مخاطب ا ابنو ".)37 ط ىال ") ان ج ب ال اإلس ارء أية: وبناء عمى ما تقد عمى المربي أف يجتيد في تكويف استعداد نفسي قوي و ارسخ لدى المتعم نحو تجنب أنماط السموؾ السمبي )المحر( وشحذ ىمتو نحو االلت از بممارسة السموكات المرغوب فييا اقتداء بنيج الرسوؿ الذي أفصح عنو أبو درداء رضي اهلل عنو بقولو : "أوصاني خميمي ال تشرؾ باهلل شيئ ا واف قطعت وحر قت وال تترؾ صبلة مكتوبة متعمد ا فمف تركيا متعمد ا فقد برئت منو الذمة وال تشرب الخمر فإنيا مفتاح كؿ بشر" )ابف ماجة ب.ت: ج 2 : 1336(.

23 3- تجنب اإللحاح في التوجيو والنقد لسموؾ المتعم: مف البدييي أف النفس اإلنسانية تمر بحاالت عديدة وال تستقر عمى م ازج واحد ولذا ال يتوافر لدييا االستعداد بصورة دائمة لسماع النصيحة واالستجابة لمتوجييات وقد كاف الرسوؿ مف عادتو عد اإللحاح في النصح واإلرشاد كما وصفو ابف مسعود قائبل : "كاف النبي يتخو لنا والموعظة في األيا ك ارىة السأمة والممؿ" )البخاري ب.ت : ج 1 : 24(. وقد حذر الغ ازلي مف تك ارر المو مع المتعم لكونو يأتي بعكس المرغوب فيو )البرجس 84(. 1983: 4- بناء العالقة الدافة مع المتعم وكسب وده: فاالتباع واالقتداء يسبقو الحب وبناء العبلقة القائمة عمى المودة وقد جاء في محك التنزيؿ عمى لساف النبي " قؿ إف كنت تحبوف اهلل فاتبعوني يحببك اهلل" )آؿ عم ارف أية :30(. فأنا لممعم أف يؤثر في سموؾ تبلميذه مع وجود جفوة في العبلقة معي وعد تقبؿ شخصو وقد أسس الرسوؿ المربي ارشاده وتوجييو ألصحابو عمى مبدأ الحب حيث جاء في الحديث الشريؼ " يا معاذ أني أحبؾ فقاؿ لو معاذ بأبي أنت وأمي يا رسوؿ اهلل وأنا أحبؾ قاؿ: أوصيؾ يا معاذ ال تدعف في دبر كؿ صبلة أف تقوؿ المي أعنى عمى ذكرؾ وشكرؾ وحسف عبادتؾ " )ابف حنبؿ ب.ت ج 245( 5: فالتمميذ إذا أحب معممو استجاب لتوجيياتو وتأدب بآدابو واىتدى بحركاتو وسكناتو )عبد العاؿ 1984 ص 77(. وحتى يكسب المعم حب تبلميذه عميو أف يخالطي ويشاركي بعض األنشطة داخؿ المؤسسة التعميمية وخارجيا تأسي ا بالرسوؿ الذي كاف " إذا بمغ في مسيرة أصحابو جمس بيني حيث انتيى بو المجمس وكاف يمازح أصحابو ويخالطي ويداعب صبياني ويعود المريض في أقصى المدينة ويبدأ مف لقيو بالسبل ويبدأ أصحابو بالمصافحة" )ىيكؿ 243(. 1977: وقد أشار ( ازده 216( 1975: إلى األثر اإليجابي لمبلزمة المتعم لممعم والتي تسيؿ عممية عبلج األخطاء التي يقع فييا إضافة إلى توجيو سموكو نحو األفضؿ. 5- تعزيز السموؾ اإليجابي وعد اوفتقار عمى نقد السموؾ السمبي: إف تركيز المعم عمى نقد السموؾ السمبي لدى تبلميذه مع إغفاؿ السموكات اإليجابية التي تصدر عني قد يؤدي إلى شعورى باإلحباط واليأس فالمعم ينبغي أال يكوف بخيبل في تعزيز السموؾ اإليجابي لدى طبلبو ألف " التعزيز يولد شعور ا إيجابي ا عند المتعم ويعمؿ عمى تثبيت السموؾ الحسف " )الخطيب الحديدي 1997: ص 16(. وقد دأب الرسوؿ عمى تعزيز السموؾ اإليجابي لدى أصحابو ومثاؿ ذلؾ قولو "إف فيؾ خصمتيف يحبيما اهلل الحم واألناة" )مسم ب ت: ج 1 : 46(. وفي موقؼ أخر امتدح الرسوؿ نساء األنصار وأثني عمييػف لحرصيف عمى التػعم بقولو: "نع النساء نساء األنصار ل يمنعيف الحياء أف يتفقيف في الديف" )ابف ماجو ب.ت ج 211(. 1: وباستطاعة المعم أف يستخد مع طبلبو أشكاال مف التعزيز بما يتناسب مع كؿ مرحمة تعميمية.

24 ومف أبرز ىذه المعز ازت ما يمي: - التبس في وجو المتعم. - إعارة المتعم مزيد مف االنتباه واالىتما. - إرساؿ ممحوظات إيجابية مكتوبة ألولياء األمور. - الشكر والتقدير والثناء أما التبلميذ. - تقدي الجوائز والمكافأت المادية. - إعطاء درجات عمى السموؾ الحسف. - ترسيخ المتعم إلى القيا برحمة ما. - إظيار االىتما والمودة واالحت ار لممتعم )تعزيز اجتماعي(..إلخ. 6- اوعتداؿ في استخدا العقاب: فاستخدا العقاب بكؿ أنواعو في مؤسسات التعمي ينبغي أف يكوف بقصد اصبلح السموؾ وتيذيب األخبلؽ وأال يكوف وسيمة لمتشفي واالنتقا ألف ذلؾ يترؾ أثر ا سمبي ا عمى التبلميذ. وأما بخصوص العقاب البدني )الضرب( فينبغي التشديد في إل از المعمميف بشروطو وضوابطو بحيث ال يصبح الوسيمة السيمة بيد المعم فالثواب مقد عمى العقاب وال يستخد العقاب البدني إال بعد نفاذ الخطوات السابقة لو مف نصح بالسر لممتعم ث الزجر والتوبيخ عند اإلص ارر عمى السموؾ السمبي ث المجوء بعدىا لمعقاب الجسدي بقصد التأديب مع بداية سف العاشرة ث التوقؼ عنو مع بداية سف بموغ سف ال اربعة عشر عمى أف ينف د ىذا النوع مف العقاب برفؽ يضمف عد المساس بإنسانية المتعم أو إفساد عبلقتو الطيبة مع المعم" )أبو دؼ 1999 : (. وكما أف لإلثابة أشكاو متنوعة فإف لمعقاب البدني بداؿ عديدة يمكف أف يستخدميا المعم لعؿ مف أبرزىا ما يمي: - النظرة العبوس واظيار عد الرضا عف المتعم. - االىماؿ وعد االىتما. - التوبيخ والتأنيب. - التخويؼ والزجر. - الحرماف مف بعض األنشطة. - العزؿ المؤقت بعيد ا عف غرفة الصؼ وغير ذلؾ مف البدائؿ. 7- م ارعاة الفروؽ الفردية بيف المتعمميف: فالناس واف تشابيوا فيما بيني في كثير مف الصفات والخصائص بحك ال اربطة اإلنسانية التي تربط بيي وتميزى عف سائر المخموقات فإني يختمفوف فيما بيني في كثير مف صفاتي الموروثة والمكتسبة مف حيث القوا والسمات الجسمية والنوازع واالتجاىات والقد ارت العقمية )الشيباني 106(. 1975:

25 وأشار القرآف الكري إلى االختبلؼ بيف الناس مف حيث االستعداد لعمؿ الخير واالقدا عمى الطاعات.)32 وكبح جماح النفس" ف م ن ه م ظ ان م ن ن ف س ه و م ن ه م م خ ص ذ و م ن ه م س اب ك ب ان خ ي ش اث" )فاطر أية: وفي ضوء الحقيقة السابقة ينبغي أف ي ارعي المعم ىذا المبدأ عند شروعو في تقوي سموؾ تبلميذه آخذ ا بعيف االعتبار التفريؽ بيف مرحمة تعميمية وأخرى مف حيث السمات النفسية والعقمية بيف التمميذ المكثر مف المخالفات السموكية والمقصر في ذلؾ بيف الذكور واإلناث فميف مف الخصائص النفسية ما يفرض التعامؿ معيف بمزيد مف الرفؽ كذلؾ البد مف م ارعاة الظروؼ الثقافية واالجتماعية والنفسية والصحية الخاصة بالطالب المشكؿ وكؿ ىذه الفروؽ تستوجب مف المعم استخدا أساليب وتكتيكات متنوعة في تقوي سموؾ تبلميذه. -1 آليات تقوي السموؾ: نقصد باآلليات ىنا "جممة اإلج ارءات العممية والوسائؿ التي يفترض األخذ بيا لتقوي السموؾ في جميع م ارحؿ التعمي" والتي يمكف تمخيصيا فيما يمي: حفز المعمميف عمى القيا بواجباتي تجاه تقوي سموؾ طبلبي وعد التركيز عمى بناء الجانب المعرفي فحسب وتكويف االستعداد الدائ لديي لم ارعاة ىذا الجانب وعد التقصير في أداءه وفي المقابؿ مف الضروري أف يقو المعمموف بتوعية تبلميذى بأىمية األخبلؽ واألدب كأساس في الشخصية وأف التفوؽ الد ارسي دوف االنضباط في السموؾ ليس لو قيمة في مي ازف الشرع فضبل عف كونو يتنافى مع مبادئ التعمي. -2 تحديد قائمة بأنماط السموؾ المقبوؿ وغير المقبوؿ في ضوء المعايير اإلسبلمية يت شرحيا وتوضيحييا لمتبلميذ مع بداية العا الد ارسي ومف الضروري أال نمجأ لبلعتماد عمى المعايير االجتماعية السائدة فقط لمحك عمى السموؾ فيي في الغالب عرضة لمتغير واإلنح ارؼ مف حينو آلخر وقد عبر عف ذلؾ قولو تعالى: " و ئ ر ا ف ع ه ىا ف اح ش ت ل ان ىا و ج ذ و ا ع ه ي ه ا آب اءو ا و انه ه ئ ن ل م ب ه ا أ م ش و ا انه ه ال ي أ م ش ب ان ف ح ش اء أ ح م ىن ىن ع ه ال م ا انه ه ح ع ه م ىن " )األعشاف أيت: 28(. ومف الضروري عند ترسيخ ىذه المعايير السموكية عند التبلميذ أف يعطي المعم مف نفسو أنموذج ا صالح ا يمتز بالقواعد السموكية في أقوالو وأفعالو واالمكاف تفعيؿ دور الطمبة النموذجيف واستثمارى في تشجيع زمبلئي عمى السموؾ المرغوب فيو ونصحي باالبتعاد عف ممارسة كؿ سموؾ غير الئؽ. 3- اإللما بالعوامؿ المساعدة عمى ظيور أنماط السموؾ السمبي في البيئة المحيطة بالمتعم "ومعرفة األسباب التي تقؼ و ارء السموؾ غير المقبوؿ والتي مف أبرزىا عد تعم السموؾ المقبوؿ أو تقميد أنماط سموؾ غير مقبولة السيما في مرحمة الطفولة" )رمزي 2003 : 63-60( وحينما تتحد األسباب الدافعة لمسموؾ السمبي فإنو باإلمكاف معالجة المعم ليا بدفة وفعالية.