رئي س جمل س االدارة رئي س التحرير فخري كرمي ملحق ثقايف ا سبوعي ي صدر عن جريدة املدى WWW. almadasupplements.com العدد ) 3376 (ال سنة الثانية ع شرة - الأربعاء )3( حزيران 2015 m a n a r a t بمناسبة المئوية 2015-1915 روالن بارت
3 2015 2 العدد ) 3376 (ال سنة الثانية ع شرة - الأربعاء )3( حزيران 2015 العدد ) 3376 (ال سنة الثانية ع شرة - الأربعاء )3( حزيران عبدالسالم بنعبد العالي روالن بارت.. تاريخ تراجعي روالن بارت.. فقير مهمش أصبح أشهر النقاد رولن بارت هو اأحد أا شهر النقاد الأدبيني الفرن سيني يف القرن الع شرين. عرف شهرة عاملية كبرية كاأحد مفكري»البنيوية"وعلم الدللت Sémiologie يف ع صره. وهذا العلم الذي تتم ترجمته عام ة اإىل اللغة العربية ب» سيميائية«يعنى بدرا سة كل ما يتعل ق بالعالمات والرموز الأ ساطري واخلرافات والطقو س وكل ما ميكن اأن ين ضوي حتت هذه العناوين. وملنا سبة الذكرى املئوية الأوىل لولدة املفكر الذي احتل مكانة مرموقة يف امل شهد الثقايف والفكري يف القرن الع شرين على صعيد فرن سا والعامل ستعرف بالتاأكيد رفوف املكتبات العديد من الكتب التي ستجعل سرية حياته و أاعماله مو ضوعا لها. وهو من مواليد عام 1915 يف مدينة» شريبورغ«الفرن سية وتويف يف باري س عام 1980. هذه ال سنة 2015 ت صادف الذكرى املئوية الأوىل لولدته. ولي ست قليلة الأ صوات يف فرن سا التي تعترب هذه ال سنة هي سنة رولن بارت. ومن أاوائل هذه الكتب العمل الذي تقدمه»تيفاين ساموايو«اأ ستاذة الأدب املقارن يف جامعة ال سوربون الثالثة بباري س حتت عنوان»رولن بارت«. من هنا ميكن اعتبار هذا الكتاب مبثابة»الفتتاح"يف احتفالية الذكرى املئوية لولدة املفكر العاملي ذي ال شهرة العاملية.. واأي ضا الذكرى اخلام سة والثالثني لوفاته عام 1980 حيث ده سته عربة كانت حمم لة ب»مواد الدهان املنزيل«عندما كان خارجا من لقاء حول وجبة الغداء مع الرئي س فران سوا ميرتان الذي غدا يف العام التايل رئي سا للجمهورية الفرن سية. هكذا يتم التعر س لعدد من الأحداث واملعطيات التي كان لها تاأثري كبري يف امل شار احلياتي والفكري لرولن بارت. وهي توؤك د ب شكل خا ص الدور الذي لعبه»املر س املبك ر"يف حياته. وحتدد القول اإنه كان وراء»نفوره«الوا ضح من الكتب»ال سميكة«ذات ال صفحات الكثرية كثرية. ومن الأفكار التي توؤك دها»تيفاين ساموايو«اأن املدخل الأف ضل لفهم العمل الفكري لدى رولن بارت يكمن يف عمله الذي يحمل عنوان»اأ ساطري«. والإ شارة اإىل اأن ذلك العمل كان مبثابة اخلطوة الأوىل لدخول بارت يف عامل ال شهرة وتر سيخ مكانته يف امل شهد الثقايف اآنذاك. واإذا كانت املوؤلفة تكر س الق شم الأكرب مما يزيد على صفحة 700 يتاأل ف منها هذا الكتاب ل شرح»ال شرية فكرية"و»املفاهيم"التي طرحها يف خمتلف اأعماله فاإنها تك شف اأي ضا عن»افتقاره الكبري للح س ال سيا شي«كما تقول. إعداد / منارات ذلك البتعاد عن احل س ال سيا سي جتد املوؤلفة ترجمته يف واقع اأنه مل يكن بني املثقفني الفرن سيني الذين وق عوا»بيان ال 121 «شد التعذيب الذي كانت متار سه ال سلطات ال ستعمارية الفرن سية يف اجلزائر. كذلك مل ي ظهر الكثري من الهتمام مبا ع رف بثورة الطلبة يف فرن سا يف شهر اأيار من عام 1968. والو شول اإىل نقل املوؤلفة عن» سيمون لي س«املخت ص الفرن سي بال شاأن ال صيني قوله اإنه اأثناء زيارة لل شني يف عهد ماوت سي تونغ اأبدى رولن بارت اهتماما ب"وجبة الطعام املقد مة يف الطائرة اأكرث من اهتمامه بالقمع يف ال صني." عند كل تاأريخ نكون يف حاجة اإىل مرجعيات يف حاجة اإىل سند وحمور حوله تدور الأحداث ون سبة اإليه تقا س فتتخذ معناها وقيمتها. اإل اأن هذه املرجعيات غالبا ما ت ن شى ن سبيتها لت صبح معلمة املعامل واحلجر الأ سا س الذي عليه يقام كل تاأريخ واإليه ت سند كل الأحداث وحينئذ ل يغدو يف الإمكان النظر اإىل التاريخ اإل من مركزه. الأمثلة على ذلك كثرية. ففي جمال الفل سفة القدمية أارخت الفل سفة ن سبة اإىل سقراط. هناك من قبله ثم هناك من بعده. هناك ما قبل ال سقراطيني ثم هناك من بعد هم من كبارهم ثم صغارهم. هذا ش أان الفل سفة احلديثة اأي شا هناك كل ماقبل ديكارت ثم من جاء بعده. يف املو سيقى ي شكل باخ حجر زاوية تف شل بني تاريخني ويف الأدب غربي ه وعربي ه كثريا ما اعتمدت" أاحداث"خارج الأدب مراكز لتاأريخ الأدب ذاته. ذلك ما كان شاأن النزعة الكال سيكية يف تاريخ الأدب الغربي على سبيل املثال كما أاثبت رولن بارت. ويكفي يف نظره دللة على ذلك التمركز التنبيه إاىل الف ضاء الذي ما زالت معظم ر سائل الدكتوراه يتم الدفاع عنها داخله. اإنه قاعة لوي ليار يف جامعة ال سوربون:"علينا اأن نح شي عدد ال ص ور التي تعج بها جدران تلك القاعة. اإنها الآلهة التي تهيمن على املعرفة الفرن سية يف جمموعها: هناك كورين وموليري وبا سكال وبو سويي وديكارت ورا شني وكل هوؤلء حتت رعاية ري شوليو". ينادي بارت باإقامة تاريخ اأدب تراجعي يقلب النزعة الكال سيكية التي طبعت تاريخ الأدب الفرن سي." كل حركة تقا س وكل حدث يوزن ن سبة اإىل هذا املركز فما يتقدم املركز أاو يلحقه يعد متهيدا له اأو تخليا عنه:"من يتقدم الكال سيكية ميهد لها ومن يلحقها ي ستعيدها اأو يتخلى عنها". ضد هذا التمركز حول النزعة الكال سيكية ينادي رولن بارت باإقامة تاريخ اأدب تراجعي يقلب هذه النزعة التي طبعت تاريخ الأدب الفرن سي بل طبعت كل اأ شكال التاأريخ مبا اقت ضته من تنويع ضروري للمراكز. ل يعني قلب"نزعة التمركز حول الكال سيكية"اإهمال الرتاث الأدبي اإل اأنه ل يعنى كذلك ال ستغناء عن كل متركز واإمنا ا ستبداله ولكن لي س مبركز اآخر واإمنا زحزحة املركز الذي يجعل ذلك الرتاث نف سه يدور عليه. يتعلق الأمر باإقامة تاريخ تراجعي"ينري فيه احلا شر املا شي" اأو على حد تعبري بارت نف سه: "عو س النظر اإىل تاريخ الأدب من خالل منظور تكويني مغلوط ينبغي اأن جنعل من أانف سنا نحن مركز هذا التاريخ. سننطلق من القطيعة املعا صرة الكربى وجنعل هذا التاريخ ينتظم حول تلك القطيعة. وعلى هذا النحو سنتكلم عن الأدب املا ضي انطالقا من لغة احلا ضر بل انطالقا من ل سان احلال". النظرة الأوىل اإىل التاريخ نظرة ات صالية ت سعى اإىل مد خيوط الو شل بني احلا ضر واملا ضي والك شف عن"النف س اخلالدة التي ترقد يف كل حا ضر" أاما النظرة الرتاجعية فهي انف صالية"جتعل التاريخ برمته ينتظم حول القطيعة املعا شرة" وجتعلنا نرتبط مبا ضينا مبقدار ما ننف صل عنه. ل بد واحلالة هذه من أان يكون التاريخ الرتاجعي تاريخا انتقاديا تقوي ضيا. فال تراجع من دون انف شال ول انف شال من دون انتقاد. اإل أان هذا النتقاد يظل هو ال سبيل الوحيد لتقدي س من ينظر اإليهم التاريخ الت صايل على اأنهم"اآلهة الفكر" والأهم من ذلك اأنه هوالطريق املمكن لر صد"احلدث"الأدبي يف وحدته وتفر ده. ذلك اأن التاريخ الأو ل إاذ يجعل كل حدث عالقا باملركز اإما متهيدا اأو عودة وا سرتجاعا ف إانه يذيبه يف حركة م ستمرة ويح شره ضمن الكل املوح د. اأما التاريخ الرتاجعي ف إانه اإذ يحاول خلخلة املركزية ينظر اإىل الأ شول من حيث هي م شتقات الفروع ويرى اإىل"الأحداث"الفكرية والأدبية كتحولت تعمل كتاأ سي س وجتديد للتاأ سي س. عن موقع احلوار املتمدن
5 2015 4 العدد ) 3376 (ال سنة الثانية ع شرة - الأربعاء )3( حزيران 2015 العدد ) 3376 (ال سنة الثانية ع شرة - الأربعاء )3( حزيران موت المؤلف وخلود األثر ابراهيم سبتي منذ ان ظهرت البنيوية كمنهج فكري يقوم على البحث عن العالقات داخل الن ص كانت احدى اهم ثمار نظرية سو سري اللغوية التي توؤكد على اللغة والكالم وال صوت واملعنى واعتبار اللغة جزءا من الكالم وعر ف اللغة باأنها نظام من الرموز املختلفة ت شري اىل افكار خمتلفة. واأحدثت البنيوية ثورة هائلة يف النقد الدبي حينما نظرت اىل الن س باأنه كيان لغوي قائم بذاته معزول عن امل ؤولف والظروف التي ادت اىل ظهوره خمالفة مفاهيم املناهج النقدية التي سبقتها يف الظهور مثل املنهج التاريخي والتاأثري والنف سي والجتماعي التي اكدت مبجملها على امل ؤولف كمبدع للن ص وارتباطه بظروف ع صره التي ساعدت على ابداعه. فرف س البنيويون موؤلف الن ص وا شتغلوا على حتليل الن س لغويا وفك شفراته والعالئق املتكونة منه وارتكزوا يف ذلك على علوم اللغة التي أاحدثها فرديناد دي سو شري العامل اللغوي ال سوي سري ) 1857 1913( واأورد فيها جملة من املفاهيم اجلديدة اهمها التفريق بني اللغة والكالم واعتبار اجلملة الدبية نظاما من العالمات الذي ي ستند اىل اللغة وعد الأدب تابعا للغة وتنب أا بال سيميولوجية واعتربها علم العالمات وعلم اللغة جزءا منها. فكانت علوم اللغة ا سا سا قامت عليه البنيوية وربطت بني النقد واللغة بوجود م ستويات داخل الن ص مرتبطة توافقيا حتدد طبيعته وحتلله وتك شف بنيته كامل ستوى ال صوتي خمارج احلروف وان ساقها ورمزيتها وامل ستوى ال شريف للكلمة والنحوي والدليل وم ستوى تداخل اللغة.. يقول الناقد كمال أابو ديب يف كتابه جدلية اخلفاء والتجلي 1979: )لي شت البنيوية فل سفة لكنها طريقة يف الروؤية ومنهج يف معاينة الوجود ولأنها كذلك فهي تثوير جذري للفكر وعالقته بالعامل وموقعه منه وب أازائه(. وهرع البنيويون اىل اقناع املعار شني باحلجج والتنظريات التي حددت مفهوم املنهج ويكتب رولن بارت )1915 1980( باأن اللغة هي التي تتكلم ولي س امل ؤولف فتم عزل امل ؤولف متاما واق صائه عن الن ص وعدم تقبلهم فكرة وجود املو ضوعة قبل الكتابة واعتبار ان حلظة ال شروع بالعمل ستتولد فكرة املو شوع وتركز جهد ال شكليني الرو س بهذا الجتاه وكان تيارهم رافدا مهما من روافد البنيوية وبحثوا عن القوانني غري املرئية التي توؤثر على العمل الدبي وو ضعوا قواعد التحليل البنيوي ح سب قوانني اللغة وبذلك ن صل اىل حقيقة نقدية مفادها ان ال شكليني وال سيميائيني والبنيويني اهتموا بالن س واهملوا كاتبه وقد جهرت جوليا كري ستيفيا من دعاة ال سيميولوجية معلنة باأن الن س جهاز ل شاين يعيد توزيع نظام اللغة.. وح سب القراءة ال سيميولوجية التي تقوم على اطالق ال شارات كدوال حرة ل تقيدها حدود املعاين املعجمية وي شري للن س فعالية قرائية ابداعية وي صري القارئ املدرب هو صانع الن ص ح سب قول بارت على انه القارئ يجب ان يكون واعيا ملفاهيم الن ص وحمدداته وعنا شره وملما بقواعد اللغة.. مع ان بع س الدرا شات البنيوية اق صت القارئ متاما من ح ساباتها.. ومل تكتف التفكيكية التي هي احدى نظريات ما بعد البنيوية مبا اآلت اليه سابقتها بل اأمعنت متزيقا بالن ص وفككته كامال وحللت ا شاراته وقامت بتوليفه ثانية لتقدمه ب صياغة جديدة واعترب جاك دريدا الن س باأنه اآلة تعمل مبفردها فتفكيك بناء الن ص الواحد يوؤدي اىل تدمري البنى الرتكازية له.. فعمل دريدا جاهدا لإقناع الآخرين ب ضرورة تقبل فكرته التفكيكية ودعا اىل عدم اطالق الحكام اجلاهزة بل الت أاين يف حتليلها لفهم عنا صرها.. وتعد التفكيكية من اأهم احلركات بعد البنيوية يف النقد الدبي واثارت جدل عنيفا يف الو ساط الدبية والفل سفبة عند ظهورها على يد جاك دريدا )1930 2004( الذي ظل ي صر على اعادة اكت شاف اللغة التي يكتب بها الكاتب واعتبارها جوهرا طيفيا ميكن لها ان تتجدد وتنمو وبرزت افكاره خا صة بعد صدور كتابه )يف النحوية( ودعا فيه اىل تطبيقها ورف س ال سيميولوجية التي مل ي ؤويدها وظلت بنظره علما مل يظهر جليا بعد واكدت التفكيكية على قيمة الن ص واطلق عبارته امل شهورة )ل وجود ل شيء خارج الن ص(. ويقول ليت ش بهذا ال صدد اإن )التفكيكية تعمل من داخل الن ص لتبحث عن الأثر(. ومفهوم الأثر مفهوم جمايل يظهر من خالل بنية الن ص والرموز وال شارات التي يت ضمنها. وظهرت دعوات دريدا وا ضحة يف بع ض موؤلفاته كهوام س الفل سفة والكتابة والختالف واحلقيقة يف الر سم والنت شار واذن الآخر ويف كتابه ثقافة الكتابة يتحدث باإ سهاب عن ا صول اللغات وف ضل اللغة على الدب يف حني ظهرت تفكيكيته وا ضحة يف اعمال جيم س جوي س ومالرميه وانطوان ارتو وابدع يف حتليله ن ص موري س بالن شو )حلظة موتي( حتليال دقيقا م ستخدما مهارته يف فل سفة التفكيك وبدا تاأثره الوا شح بالن س وجعل املوت حلظة يرتقبها حيث اخللود والبدية ونهاية صراع الن سان مع قدره.. وكذلك أافرد حيزا وا سعا يف درا ساته لن ص كافكا ال شهري )املحاكمة( م ستخدما يف حتليله ثالث زوايا: العنوان وت أاثرياته على الن ص واأخذه مبفرده ودرا سته ككيان له تعبرياته وا سلوب الن ص من تراتبية يف اجلمل واختيار اللغة وا ست شعار كوامنها واحلوار ور شم ال شخو س او كما يقول بارت اأن ال سلوب لغة مكتفية بذاتها تغو ص يف امليثولوجيات ال شخ صية وال سرية للكاتب.. والزاوية الثالثة بنية الن س وعالقاته و شكله وال شورة اجلديدة التي سيظهر عليها الن ص بعد تفكيكه..وميكن عد النظرية التفكيكية نظرية تنا صية لتاويلها الن س ح شب قراءة اللغة وال شارات وا ستبطان خفايا الن س فيقوم التنا ص على تفكيك الن ص وعد كل جزء منه ن صو صا متداخلة فيه. وي ؤوكد دعاة النظرية جواز تذويب اأي ن ص او ن صو س سابقة يف ن ص جديد والتعامل معه بعيدا عن الت أاثريات والقتبا سات مع ان البنيوية وال سيميائية حتتفل بالن ص كامال من حيث الروؤية والبنية والتاأويل.. ولو اعدنا قراءة عبارة بارت: كل ن ص هو تنا ص م صنوع من ن صو ص اخرى موجودة فيه.. فاإنه يلغي متاما ابداع املن شئ كونه صانع الن س وعد الن س ي شتغل على ن صو ص مرئية اخرى موت املوؤلف مما يبيح للن ص ال ستعانة ب شفرات اللغة املوجودة يف ن صو س اخرى فيكون الن س مقطع الأو شال ومبعرثا وغري مرتبط مع بع ضه فيوؤدي به اىل ازاحة املعنى ال صلي له وافرتا س معان وتاأويالت معقدة ل طائل من ورائها غري اليغال يف اليحاءات والرموز والغمو ض.. واجاز بارت الن ص اجلديد املتكون من ن صو ص اخرى وبعبارة اقرب يقوم الن ص اجلديد على ته شيم بنى ن صو س سابقة ح شب افرتا شه مع ان بنية الن ص اجلديد تختلف متاما عن البنية ال سالفة ولو كانت لغته وعالقاته ظاهرة ويكتب بارت يف كتابه )الكتابة يف درجة ال صفر 1953( عن اللغة: )هيكل من الفرو ض والعادات م شرتك بني كتاب ع صر معني(. اإن نظرية التنا س اأجازت ذوبان جهود الآخرين يف ن س جديد من دون ال شارة والتلميح والتنويه برغم ان التفكيكيني يقدمون تف شريات عدة منها ان الن س املتكون يظهر الن صو ص القدمية با شكال اخرى كانت غري مرئية ولول التنا ص ملا ظهرت ب صورتها اجلديدة مع انهم يدعون ب أان من شئ الن ص قد اغرتف من ل شعوره دون ق صد وهذا اعرتاف مبطن باملوؤلف الذي ي صر ون على اإق صائه. ومهما تكن من تف شريات ابتداء من بارت ومرورا بجوليا كري ستيفيا وجريار جينيت وجاك دريدا وال شكالنيني شلوف سكي وباختني فان التنا صية مبفهومها واآلياتها قد أاهملت املوؤلف كلية ووقفت م ساندة للن ص بكل م ستوياته.. وطبقا لقول دريدا ال شهري: ل شيء خارج الن س فاإنه يعد الن س بناء لغويا له نظام ترتيبي خا ص ي صعب على املتلقي الغور يف تفا صيله ان مل يكن ملما مب ستوياته وا شاراته.. ان جاك دريدا حاول بجهود خارقة اقناع الآخرين ب صحة فر ضياته حول الن ص املفكك وبدرا ساته الغزيرة واأبحاثه وكتبه ال ان ما بعد احلداثة يبقى بعيدا عن الفهم وجميع النظريات التي حاولت تي شري الرموز والعقد مل ت ستطع ازالة الغمو ض عن ماهية تلك النظريات والغر ض منها اذا ما عرفنا انها ل تعرتف باملوؤلف و إابداعه وتعد ان الإبداع بحد ذاته اندحارا للن ص. ولي س من املعقول الوقوف اىل جانب تلك النظريات واملناهج ونلغي ا سماء كبرية كهومريو س واملعري واملتنبي ورامبو وبودلري و شك سبري ودانتي وملفيل وجوزيف كونراد ودو ستوف سكي وتول ستوي وال سياب وع شرات ال سماء اخلالدة مبجرد اأننا ساندنا البنيوية والتفكيكية وال سيميولوجية وغريها من املناهج والنظريات التي ابتدعها الغرب و صفقنا لها بحرارة يف الوقت الذي ن ستطيع ت شور الدرا شة النقدية بعيدة عن كل تلك الطروحات التي من ال صعب ه ضمها وتطبيقها ونخت صر القراءة النقدية البنيوية والتفكيكية بخطواتها املتكونة من الدراك والتفكيك والتحليل والرتكيب والفهم والتف شري اىل خطوات خمتزلة كالتحليل والتف شري والتقومي مع ان تودروف جعل قراءة الن س ثالث مراحل: شارحة وا سقاطية وحتليلية. لكننا سن شدم بحقيقة النظريات التي ل تعري اية اهمية اىل تقومي الن ص وتكتفي بتحليله فقط وهذا ماجعل اكرث الدار سني واملهتمني ب شوؤون الدب والنقاد اىل العزوف عن اليغال يف ا ستخدام امل شرط ومتزيق الن س وفق ما تتطلبه البنيوية والتفكيكية وغريها من املناهج التي اهملت صراحة املوؤلف وابعدته عن دائرة اهتماماتها و شار التعامل مع الن ص اليتيم الذي ل اأ بو ة له تعامال متكامال وكاأنه وجد على قارعة الطريق ل احد له.. يكتب حممد علي الكردي يف درا سته النقد البنيوي بني االيدلوجيا والنظرية )جملة ف صول القاهرة العدد الول 1983(: اإن جتاهل عامل القيم املتعمد يق ضي على النقد البنيوي با ستبعاد كل امل ضامني الخالقية واجلمالية التي ل ميكن ان يخلو منها اأي عمل فني من امل ستوى الرفيع.. ويق شد الكاتب بعامل القيم الذي ين شاأ فيه املوؤلف ويتاأثر به ا ضافة اىل ر ؤويته للعامل والهموم وامل سرات التي واجهته اثناء كتابة ن شه.. من هنا كان لبد من تكوين موقف نقدي وا ضح يت صدى للمناهج التي بقدر ما افادت الن ص فهي امعنت فيه خرابا ومتزيقا ول نغايل ان قلنا باأن ما من ناقد عربي ت شدى ب صرامة اىل النظريات الغربية التي صارت حمط اعجاب القا صي والداين من دون الرتكيز على مافعلته صراحة يف اق صائها للموؤلف املبدع الذي لوله ملا ظهرت العمال الكبرية اخلالدة للوجود.. اإن ق ضية موت املوؤلف حتتاج اىل كثري من التاأمل والتفكري و شرورة اعادة النظر بتقييم نتائج املناهج ال سالفة فالن س واملوؤلف كال ل يتجزاأ ول ميكن الف شل بينهما حتت اأية ذرائع وان كانت قوية ومقنعة.. فالتحليل للن ص وان ساقه ودللته ولغته مب ستوياتها املختلفة من شرف ونحو و صوت ودللة ل ميكن ان يكتمل من دون التطرق اىل الكاتب الذي سبحت كلماته بني يدي الناقد احل صيف.. وان كانت كل املناهج قد احتفت بالن س وبو أاته مكانا رفيعا احيانا ال ان تطور الدرا سات اللغوية بعد سو سري صاحبها تطورا يف الثقافة والدب والفكر والنقد الذي كان تاأثره كبريا بعلوم اللغة و صار املتلقي اكرث ر صانة يف تقبل مايكتب وبنظرة ل تخلو من وعي وقدرة على تفهم دللت الن س وتاأويالته فكان ل بد من اعطاء املوؤلف حيزا مهما يف الدرا شات النقدية والتحليلية برغم ان املناهج التي بداأت بالبنيوية كانت حتليلية وابتعدت عن التقومي الذي قد يطال الكاتب حتما.. وا سدل ال ستار عن املناهج القدمية التي ظل املوؤلف فيها فار س الن ص بال منازع..وحتى الن ص مل يكتفوا بتحليله وتفكيكه بل راحوا ينظرون اىل معناه الذي مل ي سلم هو الآخر من م شرطهم وقالوا بانه ل يوجد معنى ثابتا للن ص.. فاملعاين هي تدرجات تختلف الوانها ح سب سياق ال شرد ومن ثم ح سب ب نية الن س نف سه.. ويعتقد البنيويون ان كتابات النقد على طريقة تفكيك الب نى ت شيع يف نفو سهم مقاربات مع الذات كما يقول وليم راي: ان كتابات بول دي مان وكتابات بارت ت ستجوب الذات.. وبارت ينطلق من انفعاله هذا نتيجة حتوله من رائد للبنيوية ال سيميولوجية اىل البنيوية الت شريحية التي تغور يف داخل الن ص لتبحث عن الثر وا ستخدمها بارت يف درا سات كثرية.. اإن وقفة تاأمل اىل املناهج النقدية التي ظهرت بعد سو شري جندها قد اتخذت من اللغة مادتها الرئي سة و شارت مبثاية انطالق لها برغم تنوع امناط م ستوياتها وتعدد م ساربها ال ان الجتهادات التي رافقتها واملتمثلة يف بع س رموزها مل تخدمها نقديا وظلت حم شورة يف ح صن منيع ل يجروؤ اأحد على اقتحامها خ شية احتجاجات امل صفقني لها.. وان اعتربنا اأن لها ف ضل على الدب حني سلطت ال ضوء على اعمال كبرية خالدة واإن كانت معدودة.. ولي س كل ن س مليء بالفجوات وفق ما ت ؤو شره مناهجهم املعروفة كي يبحثوا عنها امنا كل ن س ل يخلو من ابداع كاتبه وح ضوره مهما بلغ حجم التهمي ش والإق شاء.. وهكذا اهتمت املناهج النقدية الغربية بالن ص واهملت جوانب خطرية تتمثل بالقيم الفكرية والن سانية التي يقف يف مقدمتها املوؤلف من شيء الن س ورمبا سن شهد ظهور مناهج وافكارا جديدة تدعو اىل الغاء الن ص وال شتغال على العنوان مبفرده وقد نرى الحتفاء باملوؤلف والن ص معا وفق معايري جديدة تختلف عن املناهج التي شادت الدب قبل ظهور البنيوية.. رمبا. روالن بارت.. أثر الغائب قل ما يخلو مرجع من مراجع النقد املغربي احلديثة من اإحالة اأو اأكرث على كتاب اأو درا سة لرولن بارت إانه حا ضر ب شكل يثري النتباه اإىل احلد الذي يجعل تاأثريه باديا على حركة احلداثة النقدية يف العامل العربي عامة ويف املغرب ب صفة خا صة. هكذا حتدث الناقد والباحث والأكادميي املغربي الدكتور ح سن خمايف يف الذكرى احلادية والثالثني على رحيل واحد من اأهم املفكرين والنقاد يف الع صر احلديث. اأرجع خمايف ال شر يف هذا الهتمام املتزايد ببارت اإىل اأحد اأمرين اأو كليهما: الأول يتمثل يف اأن رولن بارت اإذا نظرنا اإىل اأعماله بغ ض النظر عن ت سل سلها الزمني مثقف مو سوعي متيزت درا ساته بانخراطها يف الفكر النقدي الذي يت سم يف اآن واحد بال صرامة املنهجية وتعدد زوايا النظر. فهو ناقد وحملل وكاتب يتقاطع يف ر ؤويته مع مرجعيات خمتلفة: مارك س فرويد سو سري سرتاو س فوكو كري ستيفا وغري هوؤلء من الذين ب صموا ثقافة القرن الع شرين ووجهوا ب شكل اأو باآخر امل سار الثقايف للقرن الواحد والع شرين. المزاوجة بين التنظير والممارسة والثاين يتجلى يف اأن صاحب"درجة ال صفر يف الكتابة"مل يكن ينظر اإىل املنهج من منطلق نزعة دوغمائية م سبقة ورا سخة واإمنا كانت طريقته يف التنظري واملمار شة معا تقوم على املرونة وات ساع الروؤية وهذا ما جعله ي ستع صي على اأي ت صنيف لأنه بب ساطة ي شكل لوحده مدر سة نقدية قائمة. اإن ما مييز الرتاث البارتي اأنه زاوج بني التنظري واملمار شة فهو بحكم ا شتغاله على الأن شاق كان يهدف اإىل الو شول اإىل"قواعد"عامة توؤطر مو ضوعه وت سمح بنوع من التعميم ي ضمن لها امتدادا يف الزمان واملكان محمد نجيم وهنا يكمن سر عاملية رولن بارت وانت شار أاعماله وح ضوره امل ؤوثر يف احلركات النقدية الطالئعية يف العامل كله. ول ميكن اأن يكون النقد املغربي احلديث ح شب خمايف ا ستثناء من حيث ال ستفادة من اأعمال رولن بارت بل اإن ظروفا مو ضوعية جعلت ح شوره قويا وموؤثرا يف ذلك النقد. ومن املفيد اأن ن سجل اأن الك ت اب والباحثني املغاربة مل يكت شفوا موؤلف S/Z دفعة واحدة على الرغم من اأنه اأقام بني ظهرانيهم لفرتة معينة بني سنتي 1968 و 1969. وميكن القول اإن النقد املغربي املكتوب بالعربية خا صة مل يكن بعد م هي ئا لتقبل اأفكار بارت التي كانت تت سم آانذاك باجلراأة حتى بالن سبة للفرن سيني اأنف سهم فما بالك باملغاربة الذين كانوا يحاولون تلم س الطريق لإقامة نقد حديث. معركة نقدية ولفت خمايف اإىل اأن"النقد املغربي اإبان مقام بارت يف الرباط كان قد خرج لتو ه من هزمية 1967 التي حولت م شار الفكر العربي املعا صر عامة وبد أات تهيمن باأ سئلتها املحرجة على احلقل الثقايف وهو ما اأدى إاىل اإعادة النظر يف املفاهيم الكال سيكية التي شكلت سلطة عمود ال شعر وجهها البارز. وكان من الطبيعي اأن يرمتي النقد الطليعي اآنذاك يف اأح شان فهم خا ص للنقد املارك سي الذي مت التعبري عنه باملنهج اجلديل تارة وباملنهج الجتماعي تارة اأخرى والذي مل يكن شوى خطاب اإيديولوجي حول الأدب. و سيتوج هذا امل سار يف اأواخر ال سبعينيات ببداية ظهور أاعمال نقدية على شاكلة"امل صطلح امل شرتك. و إاذا عرفنا اأن اإدري س الناقوري قد اأبدى هذا الراأي جتاه بارت وهو ملا يزل ماأخوذا باملنهج الجتماعي مما يعك س ا ستعدادا لتقبل النقد اجلديد فاإن اإبراهيم اخلطيب يعد من اأوائل النقاد العرب واملغاربة الذين عملوا على ت شخي ص اأزمة النقد املغربي وحاول اأن يتجاوزها من خالل بدائل موؤ س سة على التجربة النقدية لروان بارت وغريه من رواد النقد اجلديد. وتابع خمايف"اإن املتاأمل يف ما آالت اإليه املعركة النقدية يف اآواخر ال سبعينيات يخرج بنتيجة مفادها اأن النقد املغربي اأ صبح أاكرث من اأي وقت م شى م هيئا لإعادة بناء نف سه ب شكل يحقق قطيعة مع النقد الفل سفي والنقد الإيديولوجي يف اآن معا وذلك من منطلق الوعي بدور النقد يف اإبراز ما ا سماه اإبراهيم اخلطيب خ صو صية الأدب التي لي ست يف نهاية الأمر سوى صيغة اأولية وحمت شمة ل أالدبية باملفهوم البارتي. عن جريدة ال سفري اللبنانية
7 2015 6 العدد ) 3376 (ال سنة الثانية ع شرة - الأربعاء )3( حزيران 2015 العدد ) 3376 (ال سنة الثانية ع شرة - الأربعاء )3( حزيران م شاب بفوبيا ال سينما رمبا هو بال شك ارتاب يف ال سحر التنوميي الذي متار سه ال سينما, واملع ضلة املالزمة- بالن سبة ملحلل- حني يتعني عليه التوفيق بني ا ستمرار اجلاذبية وانقطاع ما كان ي سميه ال شارات. مع ذلك فان ما كان يتعني عليه أان يقوله عن الأدب وامل شرح والت صوير الفوتوغرايف واملو سيقى )ع شقه الأول( ميكن تناوله بو صفه تعبريا عن ال سينما على نحو أاف ضل مما يقوله العديد من نقاد ال سينما. وما كان على بارت ان يقوله عن ال سينما- عموما ويف العديد من احلالت اخلا صة- إات ضح انه م شوق ومثري لالهتمام. -2 - "مقاومة ال سينما".. كتب رولن بارت يف 1975 حماول أان يحدد ما ل يحبه ب ش أان الو شط )ال سينما(.."توا صلية ال شور بال شك الفيلم شريط ثرثار التوكيد ا ستحالة الت شظي, ا ستحالة الهايكو". بارت, املتحم س للت شظي والهايكو, رمبا اقرتب اأكرث من حتليل الفيلم عندما كر س مقالة )بعنوان: املعنى الثالث( لب شع لقطات ساكنة من فيلم"ايزن شتاين""ايفان الرهيب". وقد ا ستهل كتابه عن الت صوير الفوتوغرايف بهذا العرتاف:"انتهيت على نحو حا سم اإىل أان اأحب الت صوير الفوتوغرايف بالتعار ض مع ال سينما التي مع ذلك اأخفقت يف ف صله عنها". مل تكن هذه م شكلته الوحيدة مع ال سينما, حيث يوا شل قائال يف مو شع اآخر:"قيد التمثيل )representation( - امل شابهة لقواعد اللغة اللزامية- جتعل من ال ضروري تلقي كل شيء: عن الرجل ال سائر يف الثلج, حتى قبل أان يعرب عن الغاية, كل شيء ممنوح يل. يف الكتابة, على العك س متاما, ل شت جمربا على روؤية كيف يقر ض البطل اأظافره". اخللل, باخت صار, أان الفيلم"الذي هو مهرجان العواطف", كما ي سميه بارت, يقدم للمتفرج الكثري, مع ذلك فان هذا الكثري ل يكفي. -3 - رولن بارت, الذي ولد يف عام 1915, مل ين شر كتابه الأول"الكتابة يف درجة ال صفر"حتى بلغ ال سابعة والثالثني. لقد كان يعاين من ال سل الرئوي يف اأغلب مراحل شبابه. وقد ن شر مقالته الأوىل )1942-1944( يف احدى املجالت, كما كتب مقالة عن اأول أافالم املخرج روبري بري سون. من الوا ضح أان بارت مل يبحث مرة اأخرى يف ال سينما حتى العام 1954 حني بد أا يف كتابة سل سلة من املقالت ن شرها يف املجالت وجمعها فيما بعد حتت عنوان"ميثولوجيات", وهذا ي شتمل على الكتابة عن كل ضروب الن شاط الثقايف.. أاي ضا عن امل صارعة وال سرتبتيز )التعري أامام اجلمهور قطعة قطعة( والدليل ال سياحي. وقد خ ص س لالأفالم م ساحة واأتاح لها أان تلعب دورا مهما. اأثناء تطوير هذا التعامل- بدءا بعون من ال سيميولوجيا )علم ال شارات( ثم مب ساعدة طريقة التحليل النف شي- قد شيد نقدا لل سينما الذي اتخذ شكال معينا يف مقالت مثل"املعنى الثالث") 1970 ( و"عند مغادرة صالة ال سينما") 1975 (. يف اأواخر ال سبعينيات, قبل وفاته بفرتة طويلة, وافق بارت على أان يوؤدي دور الروائي وليام ثاكريي يف فيلم صديقه املخرج اأندريه يت شني"الأخوات الس بب الذي يجعلنا نتطلع إىل كتابات روالن بارت يف الس ينام هو أنن ا جميعا منيل إىل أن نك ون اختصاصيني ج دا يف طرائ ق تفكرينا بشأن الثقافة عموما, واألفالم خصوصا. روالن ب ارت أبع د م ا يكون عن الس ينام كحقل اختصايص, بل ميكن اعتباره مصابا إىل حد برهاب )فوبيا( الس ينام.. بالنسبة لشخص فرنيس عىل األقل. يف حديث ه مع جاك ريفيت وميش يل ديالهاي يف ع ام 1963, اعرتف بارت قائال:"أنا ال أذهب إىل الس ينام كث ريا, بالكاد مرة يف األس بوع".. كاش فا بذل ك, وعىل نح و غري مقص ود, عن الش غف الفرن يس باألفالم وال ذي ميكن أن ينتقل بالع دوى حتى إىل ذلك ال ذي ال يهتم كثريا بالسينام. روالن بارت والسينما برونتي"بينما يف 1965 رف س اأن ميثل نف شه يف فيلم جودار )Alphaville( كما انه اعتزم كتابة سيناريو فيلم مبني على حياة مار سيل برو شت على اأن يخرجه يت شني, لكنه مل ينفذ امل شروع. -4 - املعار ضة املعا صرة لل سيميولوجيا, بو صفها ممار سة اأكادميية جافة وجمدبة, بالتاأكيد مل تبحث يف التوظيف ال سيا سي واجلديل لها, والذي قام به رولن بارت ك صحفي خالل اأكرث من ربع قرن م شى, حني كان يحدد ويهاجم ميثولوجيات سائدة, وذلك على صفحات"ليرت نوفيل". ال سيميولوجيا م صطلح ومفهوم, وكان اللغوي فرديناند دي سو سري اأول من صاغ هذا التعبري يف ال سنوات الأوىل من القرن الع شرين عندما دعا اإىل"علم يدر س حياة العالمات اأو ال شارات داخل املجتمع" لكن جهود بارت - يف الواقع- هي التي وجهت عناية اجلمهور الوا سع إاىل ال سيميولوجيا. وبتلقد كر شي "ال سيميولوجيا الأدبية" كاأ ستاذ يف الكوليج دي فران س يف اأواخر ال سبعينيات, نبه رولن بارت جمهوره اإىل اأن: "ال سيميولوجيا, بقدر ما يتعلق الأمر بي شخ صيا, بداأت من دافع عاطفي على نحو شارم, لقد بدا يل )يف عام 1954 تقريبا( أان علم الإ شارات رمبا يحفز نقدا اجتماعيا, و أان سارتر وبريخت و سو شري ب إامكانهم اللتقاء والتعاون يف امل شروع, كانت م شاألة فهم )اأو و شف( كيفية اإنتاج املجتمع لالأمناط". ويف مقالته"الرومان يف الأفالم") 1954 ( ي شري بارت اإىل أان بع ض هذه المناط, كما هي جلية يف فيلم جوزيف مانكيفيت ش"يوليو س قي صر", تثبت يف النهاية اأنها م سلية بع ض ال شيء. على سبيل املثال, يالحظ بارت اأن كل ال شخ صيات الذكورية يف الفيلم تلب س ب شعور من الرتياح, ثيابا ذات حوا شي من اجل إاظهار انها رومانية. يقول بارت: "نحن بذلك نرى هنا الجتاه ال سائد من امل شهدية- الإ شارة- وهي تعمل يف اأر ض مك شوفة خ صلة ال شعر الأمامية املن سدلة على اجلبني تغمر املرء بالربهان على اأن ال شخ ص روماين, ول اأحد ي ستطيع اأن ي شك يف انه يعي ش يف روما القدمية.. وهذا اليقني دائم: املمثلون يتكلمون, يفعلون, يقلقون أانف سهم, يناق شون ق ضايا ال سترياد العاملي من دون فقدان اأي من جدارتهم بالت صديق ظاهريا, وذلك بف شل اخل صلة ال صغرية املتدلية يف ا سرتخاء على جباههم. و ضعهم النموذجي العام ميكن ان يتحدد وينت شر يف امان تام وان يعرب املحيط والع صور ويندمج يف وجوه املجاميع المريكية يف هوليوود واأيا كان الأمر فان كل شيء مغرو س بطماأنينة, يف اليقني ال ساكن لعامل ازدواجية حيث الرومان بف شل ال شارات الكرث و ضوحا وقابلية للقراءة: خ صلة شعر اجلبني". من هذا الر شد, يوا شل بارت لي ست شف اثنتني من"الإ شارات الفرعية"املثرية لالهتمام يف الفيلم: )1( بور شيا وكالبورنيا ساهرتان يف جوف الليل البهيم, ب شعر غري مم شط على نحو جلي. ) 2 ("كل الوجوه"يف الفيلم"تنز عرقا با ستمرار"ا شارة اإىل"الح سا س ترجمة: أمين صالح كاتب ومرتجم من البحرين الأخالقي")"اأن تعرق يعني ان تفكر.. والذي يتكئ بو شوح على الأمر امل سلم به, املالئم لأمة رجال العمال, ب أان التفكري فعل عنيف, عملية مفاجئة وعنيفة وبالتايل فيما العرق هو وحده العالمة الأكرث رقة, والتي ل ت شكل خطورة". وبالتايل فان قي شر نف سه"هدف اجلرمية.. هو الرجل الوحيد يف الفيلم الذي يظل جافا, ول يت صبب عرقا ". -5 - عن مو شوع جنوم ال سينما, كان لدى رولن بارت مايقوله من اأ شياء كثرية مثرية لالهتمام بعد اأربعة اأ شهر من عراكه مع يوليو س قي شر, اأخذ ينتقد بق شوة ال ستخدام املفرط لنجوم ال سينما يف اأحد أافالم سا شا جيرتي: "يف التحليل النهائي, نظام النجوم لي س من دون مغالطة, انه يتاألف من تب سيط التاريخ من قبل ال سينما ومتجيد ال سينما من قبل التاريخ انه شكل من اأ شكال املقاي شة التي تعتربها كال القوتني نافعة, على سبيل املثال, املمثل جورج مار شال ميرر شيئا من تاألقه ال شهواين اإىل امللك لوي س ال ساد س ع شر,وبدوره يتنازل لوي س ال ساد س ع شر عن شيء من جمده امللكي اإىل جورج مار شال". وي ستمر بارت يف توبيخ جيرتي لعدم اأخذه در شا يف ت صميم الأزياء, حيث ان اأ شكال مالب س املرحلة التاريخية كانت زائفة وان كان"زيفا مق صودا على نحو رائع, بازدراء بالغ للم صداقية, ورغبة يف إاعطاء الأزياء اخليالية ب عدا ملحميا ". يف العام نف شه, اأثنى بارت على شاريل شابلن بو صفه فنانا بريختيا يظهر للجمهور"عماه عن طريق تقدمي رجل أاعمى وما يوجد اأمامه"اأي ضرب من الربوليتاري البدائي والذي ل يزال خارج الثورة( يف فيلمه الأزمنة احلديثة. بعد خم س وع شرين سنة, يف العمود املنتظم الذي كان يكتبه يف لنوفيل اوبزرفاتور, عرب بارت عن افتتانه مب شهد معني من فيلم"اأ شواء املدينة"حيث ي شع شابلن املكياج اأمام املراآة, والذي يبدو"كتحول اأو امن ساخ.. مثلما يحدث يف امليثولوجيا وعلم احل شرات". قبل ب شع سنوات من ذلك, كتب بارت عن نف شه ب صيغة الغائب يف"رولن بارت"قائال:"يف طفولته مل يكن مولعا كثريا باأفالم شابلن. فيما بعد, وبدون ان يخفق يف روؤية اليديولوجيا امل شو شة لل شخ صية, هو اكت شف نوعا من البهجة يف هذا الفن الذي هو رائج شعبيا ومعقد يف اآن معا لقد كان فنا مركبا, يعقد معا ميول واأذواقا عدة, ولغات عدة فنانون كهوؤلء يثريون نوعا من الفرح وال سعادة, ذلك لأنهم ينتجون صورة لثقافة هي مميزة وجماعية يف اآن ". يف العام نف شه كتب رولن بارت على نحو شعري, عن وجه جريتا جاربو, ذلك ال شيء اخلرايف بامتياز. وقد وجد بارت ان هذا الوجه ميثل"حلظة ه شة عندما كانت ال سينما على و شك ان تنتزع املظهر الوجودي من اجلمال اجلوهري, عندما مييل النموذج الأ صلي نحو فتنة الوجوه الفانية, عندما صفاء اجل شد كجوهر يخلي مكانه لغنائية املراأة". مقارنا بني وجه جاربو ووجه أاودري هيبورن ذي الفردية املميزة, يقرر خ صو صية جريتا جاربو هي من خ صو صية و شع املفهوم, بينما خ صو صية اأودري هيبورن نابعة من و ضع اجلوهر وجه جاربو هو فكرة.. وجه هيبورن هو حدث". -6 - ثمة طريقة اأخرى للنظر اإىل رولن بارت والفيلم, اأقل شعرية, لكنها لقيت ا ستح سان بع س الكادمييني. هذه ت شمل روؤيته بو صفه وا ضعا لنظام )system( رائع, والذي حتليله الن شي ال شهري لرواية بلزاك الق صرية" سارازين", يف درا شة معروفة ك- Z/s, يفكك"الن ص الواقعي"اإىل"خم سة م ستويات من الدللة"او"ال شفرات". من ميثودولوجيا )علم املنهج( حتليل ال سرد النرثي- الذي ا ستمده رولن بارت اإجمال من احدى حلقاته الدرا سية- حاول بع ض اأكادمييي ال سينما ان يوؤ س شوا طريقة فهم نظامية اأكرث من درا سة الأفالم. من دون رغبة مني يف رف س هذا النوع من العمل, ل اأ ستطيع ان اأقول باأنني وجدت ذلك نافعا كما هي كتابات رولن بارت الأكرث شعرية و إايحائية )حتى لو كانت اأقل نظامية اأو اعتناء بالت صنيف والرتتيب( ذلك لأنني رمبا اأ ثمن كتاباته ملا تت ضمنه من اأ سئلة اأكرث مما تت ضمنه من اأجوبة, وب سبب طابعها الفني )خا صية اللعب( اأكرث من طابعها العلمي )خا صية العمل(. بهذا اخل صو ص, اأ سلوبيا ومن جهة حتطيم املعتقدات التقليدية, رولن بارت هو اقرب اإىل ناقد سينمائي أامريكي مثل ماين فاربر - بالأخ ص يف تدفق و سرعة وحركة تفكريه- من زمالئه ال سيميولوجيني الفرن سيني مثل رميون بيلور وكري ستيان ميتز بامكان املرء اأي ضا اأن يربهن ب أانه كلما كانت الطريقة التحليلية اأكرث قابلية للتعليم فان تطبيقها آاليا ي صبح اأكرث ي شرا, وهكذا راأينا جيال من الأ ساتذة والطلبة اخلريجني ينزعون غالبا اإىل تطبيق S/Z من دون تفكري عميق أاو نفاذ ب صرية. -7 - "اليديولوجيا هي, يف الواقع, نتاج خميلة ع صر ما, ال سينما نتاج خميلة جمتمع".. )عند مغادرة صالة ال سينما( يف عام 1959, مبا شرة حني بداأت املوجة اجلديدة الفرن سية يف جعل نف سها حم سو سة, ن شر رولن بارت نقدا لأول اأفالم كلود شارول" شريج اجلميل"والذي و صفه باليمني ب سبب حماولة الفيلم فر ض صورة ساكنة لالن سان. الطريقة الفظة التي بها ينظر املرء اإىل شخ ص ما او شيء ما كان ميكن ان ت صبح كما كتب بارت"الأ سا س لفعل التهكم او فعل احلنان"لكن الطريقة الفظة التي يتو صل بها املرء اإىل ثيمة او فكرة ما ميكن اأن تكون زائفة وم ضللة. ي ضيف بارت:"ما هو بغي ض ب شاأن ال سينما, انها جتعل امل سخ قابال للحياة او للنمو. حتى ان بو شع املرء يف الوقت احلا شر ان يزعم باأن الجتاه الطليعي كله يعي ش على هذا التناق ض: اإ شارات حقيقية, معنى زائف". ملخ شا ما أاحبه يف ميلودراما شابرول الريفية بو صفها"واقعية م صغرة", فان بارت قارن" سطحه الو صفي"كما يف اإمياءات الأطفال الذين يلعبون كرة القدم يف ال شارع- مع سطح فلوبري.."الختالف, الذي هو جدير بالعتبار, أان فلوبري مل يكتب ق صة اأبدا ". ان ا ستب صار فلوبري جعله يدرك ب أان القيمة اجلوهر سة لواقعيته كانت يف خلوها من املغزى.."وان العامل ل يدل على شيء", اأما واقعية شابرول فهي على العك س متاما"يف مو ضعها على نحو را سخ ت ستثمر ال شفقة والخال ص اأي اليديولوجيا.. سواء شاء ذلك او مل ي شاأ لي س ثمة ق ص ص بريئة: ملئة سنة ما ضية, كان الأدب يت صارع مع هذه النكبة". بالن سبة لبارت, فن اليمني عند شابرول دائما ين شب معاين للمحن الن سانية من دون ا ستنطاق الأ سباب. "القرويون ي سرفون يف معاقرة اخلمر. ملاذا? لأنهم فقراء جدا ول شيء لديهم ليفعلوه. مل هذا البوؤ س, وهذا النغما س يف امللذات? هنا يتوقف ا ستق شاء الأب فجاأة او يخ شع للت صعيد: انهم بال شك اأغبياء يف اجلوهر, انها طبيعتهم. يقني املرء ل يطالب باأخذ درو س يف القت صاد ال سيا شي ملعرفة ا سباب الفقر يف الريف لكن ينبغي للفنان ان يعرتف مب شوؤوليته عن التعبريات او امل صطلحات التي ين سبها اإىل تف سريات: هناك دائما حلظة ي شل فيها حركة العامل وكلما جاءت متاأخرة كان ذلك اأف ضل. ا سميه فن اليمني هذا الفتتان بالثبات, بال سكونية, الذي يجعل املرء ي صف النتائج من دون اأن ي شاأل اأبدا )لن اأقول عن الأ سباب بل عن الوظائف(. -8 - بعد اأربع سنوات, يف مقابلة مع كاييه دو سينما )دفاتر ال سينما(, تابع رولن بارت هذا املفهوم اإىل مدى اأبعد با ستدعاء فن ارتاب يف اليديولوجيا عن طريق تعطيل او تعليق املعنى.. وهو تطوير, من بع ض النواحي, لأفكار بريخت عن التغريب وافكار الروائي اجلديد اآلن روب جرييه ب شاأن الت شيوؤ يف الفن. "اأ شاأل نف شي الآن عما اذا هناك فنون رجعية بطبيعتها وتقنياتها ذاتها اأعتقد ذلك فيما يت شل بالأدب ول اأظن اأن اأدب الي شار سيكون ممكنا اأدب ا شكايل.. نعم, هذا ممكن.. اأعني, اأدب املعنى املعلق: الفن الذي يثري ا ستجابات لكن ل يوفرها اأظن ان الأدب يفعل ذلك يف اف شل الأحوال. وبالن سبة لل سينما, لدي انطباع بانها - يف هذه الناحية- تقرتب كثريا من الأدب. وب سبب بنيتها ومادتها, هي مهياأة على نحو اف شل بكثري من امل سرح لتحمل م شوؤولية ا شكال كنت قد سميتها تقنية املعنى املعلق. اأظن ان ال سينما تواجه صعوبة يف توفري معان وا ضحة وهذا ما ينبغي اأن تفعله يف حالتها الراهنة. ان اأف ضل الفالم, بالن سبة يل, هي تلك التي تعطل املعنى وهي عملية صعبة جدا تقت شي, يف اآن واحد تقنية رفيعة, واأمانة فكرية تامة, لن ذلك يعني حترير املرء لنف سه من كل املعاين الطفيلية. كمثال رئي سي ملا كان يعنيه, ا ست شهد بارت بفيلم بونويل"املالك املدمر"وهو فيلم رعب هزيل رائع عن ضيوف اأثرياء يجدون اأنف سهم, على نحو يتعذر تف سريه, عاجزين عن مغادرة حفلة الع شاء. هنا, ح سب قول بارت, املعنى معلق على نحو مق صود من دون اأن ي صبح مبتذل اأو عبثيا يف فيلم"يرج املرء بعمق, وراء العقائدية, وراء املذاهب" باحل س ال شائع لكن الدقيق... انه الفيلم الذي يجعل املرء يفكر". -9 - الإ شارة اإىل الأفالم يف كتابات رولن بارت ت شكل جزءا مهما من ن سيج هذه الكتابة وبنيتها الإجمالية يف عام 1955, وقد ا ستثاره اإىل حد ما فيلم جاك بيكر,Touchez Pas au حلل بارت"رباطة جاأ ش"افراد الع صابات يف الفالم البولي سية التي تدور حول رجال الع صابات, منده شا من التوكيد الب صري, غري اللفظي, ل سلوكهم الذي ي ضمن باأن: "كل رجل ي ستعيد مثالية عامل ا ست سلم ملعجم اميائي حم ض, عامل لن يعود يتباطاأ حتت اأغالل اللغة: اأفراد الع صابات والآلهة ل ينطقون, انهم يوؤمنون.. وكل شيء يتحقق". -10 - اأحيانا ميكن لفيلم معني ان يحر ض رولن بارت على التو شل اإىل صيغة هامة. بالن سبة للعديد من القراء, املقطع الرئي س يف"لذة الن ص"هو الفقرة التي تربط ال سرد با سطورة اأوديب. وي شري بارت يف النهاية اإىل انه كتب هذا بعد م شاهدته فيلم الأملاين فريدريك مورنو"فتاة املدينة")وهو فيلم انتج يف هوليوود عام 1929( عند عر ضه يف التلفزيون الفرن سي. ويف كتابه الذي يحمل عنوان"رولن بارت"ابتهج بارت ب"الرثوة الن صية"التي وجدها يف فيلم الخوة مارك س"ليلة يف الوبرا"والتي ا شتملت على كابينة الباخرة املكتظة كليا بالأفراد, متزيق التفاقية او العقد, الفو شى النهائية لديكورات الوبرا, والتي هي رموز للتدمري املنطقي الذي ميار سه الن ص(. يف الكتاب ذاته, قارن عملية الكتابة لديه بالربوفة امل سرحية امل شورة يف فيلم جاك ريفيت )الذي بدوره حتدث كثريا عن تاأثري بارت على أاعماله(. فيما بعد, يف كتابه"حديث العا شق: شظايا". )1978(, شوف يورد م شهدا من فيلم بونويل" سحر البورجوازية اخلفي"حيث ال ستارة ترتفع ل لتظهر خ شبة امل سرح بل لتظهر ال صالة املزدحمة واحل ضور يتفرجون على ال شخ صيات البورجوازية وهي تتناول الطعام يف ارتباك شديد. ويف عمود له يف اإحدى املجالت سنة 1979, اأ شار بارت إاىل ضيقه وانزعاجه من جمهور كان ي ضحك على الأ شياء ذاتها التي كان يحبها كثريا يف فيلم ايريك رومر"بر سيفال")مثل ب ساطة و سذاجة البطل(. كما سجل ا ستمتاعه مب شاهدة الفيلم الفرن شي جدا فن سنت, فران شوا, بول... والآخرون"على شا شة التلفزيون النمط هنا موؤمم.. انه ي شكل جزءا من الديكور ولي س جزءا من الق صة". -11 - مقالة"عند مغادرة صالة ال سينما"تبداأ بو صف رولن بارت ملدى ولعه بتلك الفعالية الالفتة للنظر بغرابتها )اخلروج من صالة ال سينما( والتي ي شبهها باخلروج من حالة التنومي املغناطي سي. متاأمال ظلمة ال صالة وما توحيه له-"الفتقار اإىل الطق س"و"ا سرتخاء الو ضعية اجل سمانية"- ي ستقر بارت على ال صورة ال شعرية لل شرنقة:"متفرج الفيلم قد يتبنى شعار دودة القز: لأنني حمتجز فاأنا اأعمل, واألتمع بكل كثافة رغبتي"."غائ شني يف ظلمة ال صالة )الظلمة املكتظة, املجهولة( نحن نكت شف امل شدر الفعلي لل سحر الذي ميار شه الفيلم ( أاي فيلم(. تاأمل من ناحية اأخرى التجربة املعاك سة جتربة التلفزيون الذي يعر س اأي شا اأفالما: ل شيء, ل سحر. الظلمة تتبدد, املجهولية مقموعة, احليز ماألوف, منظم )بوا سطة الأثاث والأ شياء املاألوفة(, ومرو س. اليرو سية- اأو شهوانية احليز.. من اأجل التوكيد على طي شها وعدم كمالها- هي ممنوعة". ويرى بارت باأن الطريقة الوحيدة لكي ينتزع املرء نف شه من سحر املراآة )اأي ال شا شة هي اأن يحطم"حلقة الثنائية".. اأي يتحرر من سيطرة التنومي. وميكن حتقيق ذلك باللجوء إاىل قدرة املتفرج النقدية )ال سمعية او الب صرية( كما يف تاأثري التغريب عند بريخت. وبدل من الذهاب إاىل ال سينما"م سلحا باأيديولوجيا م ضادة"فان بارت يقرتح طريقة أاخرى.. أان يدع نف شه ت ستغرق كليا كما لو اأن لديه ج سدين يف وقت واحد, اأحدهما نرج شي والآخر م شاك س وم ضاد لرغبات املرء, ويف هذه احلالة ل يتجه ولعه أاو تعلقه ال شديد بال شورة بل اإىل ما يتخطاها: ال صالة, الكتلة الغام شة من الأج شاد الأخرى )املتفرجون(, اأ شعة ال ضوء, املدخل, املخرج. وي ستنتج بارت باأن ما يفتننا هو امل سافة املت صلة بال شورة.. امل سافة التي هي لي ست فكرية بقدر ما هي دالة على احلب. وعلى الرغم من مناو شات بارت العديدة مع ال سينما طوال ربع قرن من الكتابة, فان املرء يخامره شعور باأن العديد منها, يف التحليل الأخري كانت مناو شات عا شق.. حديث عا شق. عن جملة الدوحة/ 2012
9 2015 8 العدد ) 3376 (ال سنة الثانية ع شرة - الأربعاء )3( حزيران 2015 العدد ) 3376 (ال سنة الثانية ع شرة - الأربعاء )3( حزيران لقاء مع روالن بارت في كتابه مقاطع من "يوميات الح داد" )أسطوريات( مييل ب ارت يف كتابه )أس طوريات( اىل ان كل م ا يؤمن به اإلنس ان الحديث يتحول اىل أس طورة حتى ل و كان ذلك اإلميان مبا يرشبه أو يأكله أو يسمعه ويشاهده ويريد القول أن اإلنس ان الحديث هو اإلنس ان الذي نضج واكتمل وعيه وأصبح ينتج أسطورياته من حياته اليومية. أو أنه يريد القول أن اإلنسان الحداثوي قد تجاوز مغامرة العقل األول الذي كان ينتج أسطورياته من دون ثوابت أو قواعد أو قوانني ومن دون أي واعز علمي يس تند عليه يف إنتاج أس طورياته لكنه الي وم عىل العكس منه ينتج أس طورياته بوعي علمي تام ابتداء من اإلعالن التلفزيوين اىل الفلم اىل غذائه ومرشوبه )النبيذ( وغريها من رضوريات الحياة املدنية. * ملاذا )اأ سطوريات( ولي ست اأ ساطري بارت: لبد يل من القول: اأنه ل ثبات يف املفاهيم الأ سطورية لكن ما اأنا بحاجته هو املفاهيم الزائلة واملربوطة وهنا ل حميد عن ال شتقاقية. ال صني هي شيء ومنذ مدة لي ست بالبعيدة. كان أاحد الربجوازيني الفرن سيني ال صغار يك ون عنها فكرة خمتلفة حيث حتدث على اأنها مزيج خا ص من الأجرا س ومركبات اجلر واأماكن تدخني الأفيون. ازاء هذا لي شت هناك من كلمة اأخرى ن ستخدمها غري ال صينيانية األي س هذا جميال وليعز ي املرء نف شه. على الأقل من خالل اعرتافه ب أان ال شتقاقية املفهومية بي شت أابدا ع شوائية لأنها مبنية على قاعدة تنا سبية معقولة جدا. * وهل خرجت بتعريف مغاير لأ سطوريات عن الأ ساطري املتعارف عليها - لالأ سطورة أاكرث من تعريف ومفهوم إاذ ان الأ سطورة كالم...لتعريف اأ شياء ل كلمات... وكل ما يخ شع للخطاب من شاأنه ان ي صبح اأ سطورة. وهي منظومة ات صال... ر سالة... هي لي شت مو ضوعا ول مفهوما ول فكرة اأنها صيغة من صيغ الدللة أانها شكل والأ سطورة كالم اختاره التاريخ... ول ميكنها أان تنبثق من )طبيعة( الأ شياء هذا الكالم هو ر سالة وبالتايل ميكن أان يكون شيئا آاخر غري شفهي فقد تتكون من كتابات اأو عرو ض: كاخلطاب املكتوب. وكذلك ال صورة ال ضوئية وال سينما والريبورتاج والريا ضة والعرو ض امل سرحية والدعاية. كل هذا من شاأنه أان ي شكل قاعدة )للكالم الأ سطوري( هذا الكالم يحدده مق صدها... اأكرث مما يحدده حرفها... ومع أان املق شد فيه اىل حد ما جامد ومطهر وخم لد وم غيب من قبل احلرف... هذا الغمو س املكون للكالم الأ سطوري شري تب على الدللة نتيجتني: لأنها ستقدم نف سها ك إا شارة وكخال صة يف الوقت نف سه. * كيف من املمكن لكل شيء اأن ي صبح اأ سطورة بارت: نعم اأعتقد هذا لأن العامل معني ل ين ضب من الإيحاءات. فكل مو شوع من مو ضوعات العامل ميكنه النتقال من وجود اأخر س اىل حالة شفوية منفتحة اأمام امتالك املجتمع لأنه ما من قانون طبيعي اأو غري طبيعي مينعنا من الكالم عن الأ شياء. فال شجرة هي ال شجرة )نعم ل شك يف هذا بل ت صبح شجرة م زينة اأخ ضعت ل ستهالك معني وو ضعت فيها املجالت الأدبية والتمردات وال صور وباخت صار حتولت اىل ا ستعمال اجتماعي اأ ضيف اىل املادة اخلام طبعا ل ي سعنا قول كل شيء يف الآن نف سه فبع س املو ضوعات ت صبح فري سة للكالم الأ سطوري خالل فرتة ما ثم تختفي فتحل حمله مو ضوعات أاخرى فت صل اىل مرتبة الأ سطورة. * و ضح لنا كيف انه لي ست هناك اأ ساطري اأبدية بارت: ان التاريخ الب شري هو الذي ينقل الواقع اىل حالة الكالم. اأنه وحده هو وحده الذي ينظم حياة وموت اللغة الأ سطورية. و شواء أاكانت الأ سطورية بعيدة اأم غري بعيدة ل ميكن ان يكون لها شوى اأ سا س تاريخي لأن الأ سطورة كالم اختاره التاريخ ول ميكنها اأن تنبثق من )طبيعة( الأ شياء. * ملاذا ل ميكن تعريف الأ سطورة من خالل مو ضوعها اأو مادتها بارت: ال سبب انه ميكن لأية مادة اأن حت مل ع شوائيا بالدللة: فال سهم الذي نحمله كعالمة على التحدي هو أاي شا كالم. ل شك أان ال شورة والكتابة على سبيل املثال من خالل نظام الإدراك ل تتو سالن منط الوعي نف شه. ال صورة نف سها تت ضمن اأكرث من صيغة للقراءة: التخطيطية تتحمل الدللة اأكرث مما يتحمله الر سم والتقليد يتحمل اأكرث مما يتحمله الأ صل والكاريكاتري كذلك يتحمل اأكرث مما تتحمله اللوحة. لكن الأمر واحلق يقال مل يعد يتعلق ب صيغة نظرية من صيغ العر ض لأننا هنا ازاء تلك ال صورة املو ضوعة لت شري اىل تلك الدللة: فالكالم الأ سطوري يتكون من مادة صنعت م سبقا بهدف كتابية تفرت س م سبقا وعيا دال ميكننا اأن ن ستدل به عليها مبعزل عن مادتها. وهذه املادة لي ست بال قيمة: فال شورة اأكرث ضرورة من الكتابة لأنها تفر ض الدللة دفعة واحدة دون اأن تقوم بتحليلها اأو بعرثتها لكن هذا مل يعد فارقا تكوينيا فما أان تكون ال شورة دالة حتى تتحول اىل كتابة وال صورة مثلها مثل الكتابة حتتاج د. عالء مشذوب اىل حكم بالقوة اأي اىل )معجم(. * وملاذا تتحول احلدود ال شكلية يف الأ سطورة اإىل ثالثة - ملا كانت ال سيمولوجيا هي درا شة الأ شكال التي تقوم بدرا سة الدللت مبعزل عن م ضمونها. وتفرت ض وجود عالقة بني حدين هما الدال واملدلول ولكننا على صعيد التحليل تكون هناك ثالثة حدود متبادلة هما الدال واملدلول والعالمة لتكن باقة من الزهور: فاأجعلها تعرب عن شعوري. اإذا هل يف هذا غري دال ومدلول شعوري حتى هذا غري موجود: احلقيقة لي س هنا اإل أازهار حتولت اىل م شاعر لكن على صعيد التحليل هناك ثالثة حدود: لأن هذه الأزهار امل ح م لة بال شعور ميكن حتليلها اىل اأزهار و شعور: الأوىل والثانية كانتا موجودتني قبل اأن تلتقيا ولت شكال هذا املو ضوع الثالث الذي هو العالمة. وهذا ينطبق على صعيد احلياة املعي شة فاأنا ل اأ ستطيع ف صل الأزهار عن الر سالة التي حتملها كما ينطبق ذلك على صعيد التحليل اذ ل ي سعني خلط الزهور مبا هو دال بالزهور مبا هي عالمة: الدال فارغ اأما العالمة فممتلئة ولها معنى. يف الأ سطورة نعرث على الرت سيمة ثالثية الأبعاد وهي )الدال واملدلول والعالمة(. يظهر دال الأ سطورة ب شكل مبهم: فهو معنى و شكل يف الآن ذاته وهو مليء من جانب وفارغ من جانب اآخر. والدال هو معنى يفرت ض قراءة ما فاأنا اأدركه بعيني لأن له واقعا ح سيا )على عك س الدال الل شاين الذي هو من طبيعة نف سية بحتة( ويتمتع بغنى. وحينما يتحول املعنى اىل شكل فاإنه ي بعد امكانية حدوثه أانه يفرغ نف سه وي صبح فقريا فيتبخر التاريخ فال يبقى منه سوى احلرف هنا يوجد حتول متناق س يف عمليات القراءة واختزال غري عادي للمعنى اىل شكل وللعالمة الل سانية اىل دال اأ سطوري. * ما املدلول يف الأ سطورة بارت: ذلك التاريخ الذي يدور بعيدا عن ال شكل هو املفهوم الذي ي ستوعبه كله. املفهوم حمدد بذاته فهو تاريخي وق شدي يف اآن معا. اأنه احلافز الذي يحفز الأ سطورة على التكاثر: فتقدمي الأمثلة القواعدية والإمربيالية الفرن سية هما املحر ض ذاته لالأ سطورة. املفهوم ي عيد سل سلة العلل واملعلولت والبواعث واملقا صد. * هل من املمكن يف الأ سطورة ان يلغي ال شكل املعنى بارت: ان النقطة الأ سا سية هي ان ال شكل ل يلغي املعنى وكل ما يفعله هو اإفقاره واإبعاده واإبقاوؤه حتت ت صرفه نعتقد ان املعنى سيموت لكنه موت مع وقف التنفيذ: املعنى يفقد قيمته لكنه يحتفظ باحلياة التي سيتغذى منها شكل الأ سطورة و سي صبح املعنى بالن سبة لل شكل مبثابة احتياطي تاريخي فوري وكرثوة خا ضعة من املمكن ا ستح ضارها وا ستبعادها يف شكل من التناوب ال سريع: لبد ان ي ستمر ال شكل يف ا ستعادة جذور املعنى ويتغذى منه عينيا : ولبد له خ صو صا من ان يتمكن من الختباء فيه. *ما الفرق بني املفهوم وال شكل بارت: املفهوم عك س ال شكل فهو لي س جمردا: اأنه مليء باحلالة. بف شل املفهوم ينزرع تاريخ جديد باأكمله يف الأ سطورة: يف ت سمية الأ سد وهي التي كانت م فرغة قبال من جواز وقوعها ومثال القواعد سي ستح ضر وجودي كله: الزمن الذي يجعلني اأولد يف ع صر يتم فيه تدري س القواعد الالتينية. التاريخ الذي مييزين عن طريق لعبة التمييز الجتماعي الأطفال ل يتعلمون اللغة الالتينية. التقليد الرتبوي الذي يدفع اىل اختيار هذا املثال عند اي شوب أاو عند فيدرو عاداتي اللغوية اخلا صة بي التي ترى يف م طابقة امل سند شيئا مهما. *ما وظيفة الأ سطورة بارت:الأ سطورة ل تخفي شيئا لأن وظيفتها التحريف ولي س الإخفاء ولي س هناك اأي ا ستتار للمفهوم بالن سبة اىل ال شكل: فال حاجة على الإطالق اىل الالوعي لتف سري الأ سطورة. طبعا نحن اإزاء منطني خمتلفني للظهور: فح شور ال شكل هو ح ضور تام )حريف( مبا شر وهو ف شال عن ذلك ح شور وا سع وال سبب يف ذلك يعود اىل الطبيعة اللغوية للدال الأ سطوري وباعتباره يتكون من معنى مر سوم سلفا فهو ل ي ستطيع تقدمي نف سه اإل عرب مادة ما )بينما يف الل سان يظل الدال نف سيا(. اإذن لعنا صر ال شكل عالقات مكان وجتاور فيما بينها: و صيغة ح ضور ال شكل تكون صيغة مكانية. أاما املفهوم فيقدم نف سه ب شكل شمويل وهو نوع من ال سدمي وتكثيف م شو ش اىل حد ما للمعرفة عنا شره نا شطة فيما بينها بعالقات ترابطية: واملفهوم ل يحمله الت شاع بل العمق )وقد تظل هذه ال ستعارة مكانية(: و صيغة ح ضوره صيغة تذكرية. *ما دور املعلل يف الأ سطورة بارت: نعرف ان العالمة يف الل سان اعتباطية: ل شيء ي جرب )ب شكل طبيعي ال شورة ال سمعية شجرة لأن تدل على مفهوم شجرة: العالمة هنا غري معللة. مع ذلك فلالعتباطي هذا حدود ترتبط بالعالقات الرتابطية للكلمة: ميكن لل سان اإنتاج جزء من العالمة وذلك بالقيا س اىل عالمات أاخرى. اأما الدللة الأ سطورية فلي ست أابدا ع شوائية متاما فهي معللة دائما وتت ضمن حتما شيئا من القيا س. والأ سطورة تلعب على قيا س املعنى وال شكل: اإذ ل اأ سطورة بدون شكل معلل. ولكي نفهم قوة تعليل الأ سطورة يكفي أان نفكر قليال بحالة ق شوى: اأمامي جمموعة من ال شياء وهي يف حالة فو شى بحيث ل اأجد لها اأي معنى قد يبدو ان ال شكل هنا مبا اأنه يفتقر اىل معنى اأويل ل ي ستطيع جتذير قيا سه يف أاي مكان وان الأ سطورة م ستحيلة لكن ما ميكن لالأ سطورة اأن تقدمه للقراء با ستمرار هي الفو ضى نف سها: فقد تعطي العبث دللة ما وحتول العبث اىل اأ سطورة وهذا ما يحدث حينما يقوم احل س ال سليم باأ سطرة ما وراء الواقع )ال سريايل( مثال حتى غياب التعليل ل ي ضايق الأ سطورة لأن هذا الغياب نف سه سيكون مو ضحا مبا يكفي لي صبح مقروءا اأخريا فاإن غياب التعليل سيتحول اىل تعليل ثان فتعود الأ سطورة اىل حالها. بقي ان نذكر ان الكثري من الأ سطوريات التي ذكرها بارت تتمثل يف )امل صارعة الرومان يف ال سينما ال صابونيات واملنظفات املريخيون عملي ة اأ سرتا روايات الأطفال النبيذ واحلليب دماغ اإين شتاين املطبخ الزخريف سرتيبتيز البال ستيك جاذبية ال شورة الإنتخابية... الخ(. يف اليوم التايل لوفاة أمه )وقد توفيت يف 25 ترشين االول 1977( ب دأ بارت بكتابة يومي ات الح داد وكان يكتبها عىل قصاصات صغرية من الورق يكتبها وكأنه يقول لنفس ه: تذكر جيدا أن هذه املرأة كانت هنا وقد سجلت مرورها يف هذا العامل. يوميات الح داد إذا هو هذا األثر التاريخي الذي ي خل د به بارت أمه يخلد به صوتها ورقتها وجانبها الخ اص واملطلق يكتبها أيضا وكأنه يقول لنفس ه: تذكر جيدا كل ذلك ألن دورك سيأيت ال محالة وستموت أنت أيضا. بهذه اليوميات يحفظ بارت آثار األم حتى ال يصبح موته ك)ابن( موتا ثانيا لها وهذه ترجمة بسيطة يل لبعض املقاطع من هذه اليوميات التي نرشت بعد وفاته يف 2009. 29 أكتوبر 1977 تنتابني فكرة مرعبة )ولكنها لي ست موؤ سفة( باأن اأمي مل تكن كل شيء بالن سبة يل واإل ملا كنت قد كتبت كل ما كتبته اإىل الآن فقد لحظت اأنه ومنذ اأن بداأت اأعاجلها واأهتم بها يف مر ضها اأي منذ نحو ال ستة اأ شهر اأنها اأ صبحت كل شيء يف حياتي ون سيت معها حتى م شاألة اأنني كنت كاتبا يوما ما. خالل هذه الأ شهر مل اأكن اأي شيء خارجها كنت كلي وب شغف لها وحدها وقد لحظت اأي ضا اأن اأمي قبل الآن قبل مر ضها كانت تتعمد اأن تكون خملوقا شفافا ل يكاد يرى حتى اأمتكن اأنا من الكتابة. اأمر غريب هذا الذي انتابني فج أاة فلم اأعد اأ سمع ل صوتها الذي اأعرفه جيدا - ال صوت الذي نقول عنه عادة اأنه بذرة التذكر- ول»نربتها الغالية«. اأ صبح هذا ال صوت مثل صمم حملي. 29 أكتوبر 1977 يف اجلملة التي يرددها يل اجلميع»هذا اأريح لها فهي الآن مل تعد تتاأمل«اإىل ماذا ت شري هذه ال»هي«اإىل م ن وماذا يعني هذا الزمن احلا ضر هنا هذا»امل ضارع«6 نوفمبر 1977 بالأم س فهمت اأ شياء كثرية ومن خالل بع ض الأمور غري املهمة التي تتعلق مبا ل يزال يحركني )مثل ال ستقرار وال شقة املريحة وثرثرة مع اأ صدقاء اأو ضحك معهم بع ض الأحيان وبع ض امل شاريع اأي ضا الخ( فهمت اأن ح دادي هو ح داد عالقة احلب ول يخ ص بتاتا اأي نظام حياتي ح داد ياأتيني من كلمات احلب التي تنبثق وتدور يف راأ سي. 15 نوفمبر 1977 هناك وقت يكون فيه املوت حدثا يكون شيئا طارئا ولهذا فهو يف هذه الفرتة روالن بارت ي ستفز يثري الهتمام ويحرك ويرعب اأي ضا ثم ياأتي يوم يكف فيه هذا املوت عن اأن يكون حدثا في صبح وقتا اآخر وقتا غري مهم وقتا م ضغوطا وغري قابل لل سرد وقتا كئيبا ومن دون أاية جاذبية وهذا هو احل داد احلقيقي الذي يجهل كل ديالكتية سردية. 12 أبريل 1977 الكتابة من اأجل التذكر ل اأنا ل أاكتب لأتذكر ولكنني اأكتب لأ شارع الن سيان الذي يعلن عن نف سه وياأتي دائما ب صفة مطلقة. اأكتب لأ صارع م سبقا اجلملة التي ستاأتي وتقول»مل يبق منها اأي اأثر يف اأي مكان"من هذا ال صراع اأدرك جيدا ضرورة ت شييد الآثار التاريخية. 18 فبراير 1978 احل داد تعلمت اأنه ثابت وعر ضي واأنه ل يتقادم اأو ي ستهلك لأنه مت صل فاإن كانت التقطعات اأو القفزات النزقة نحو اأ شياء اأخرى تاأتي نتيجة رغبات اجتماعية اأو نتيجة بع ض الفر ص املتاحة فاإن الكاآبة تزداد دائما واإذا كانت هذه التغريات )التي تنتج العر ضي( متيل نحو ال صمت ونحو دواخلنا فاإن جرح احل داد ي سعى اإىل أافكار أارقى: ن ستطيع القول هنا اأن ابتذال ال شطراب املجنون يقابله نبل الوحدة. املكان يف الغرفة الذي كانت تنام فيه اأمي أاثناء مر ضها هو نف سه املكان الذي ماتت فيه ونف سه الذي اأ سكن فيه الآن أاما اجلدار الذي قرب راأ س ال سرير حيث كانت ت سند راأ سها فقد علقت عليه اإيقونة - وهذا طبعا لي س بدافع أاي اإميان ديني- ثم اإنني اأ ضع دائما زهورا طرية على طاولة قريبة ولهذا ال سبب مل أاعد اأحب ال سفر ل اأ سافر حتى اأمتكن من ا ستبدال الزهور دائما ول اأتركها تذبل. 25 أكتوبر 1978 أافكر مرة أاخرى يف ق صة «الأب سريج«لتول ستوي )راأيت الق صة موؤخرا فيلما وكان رديئا(. يف الف صل الأخري: جند أان البطل و شل اإىل الطماأنينة اأخريا ( أاي إاىل املعنى اأو الإعفاء من املعنى( عندما التقى مبارفا من جديد مارفا الطفلة ال صغرية يف طفولته وقد اأ صبحت جدة تهتم بكل ب ساطة وحب و صمت ب أاهلها دون اأن تتوخى من وراء ذلك مك سبا ظاهرا كالقدا سة اأو تنتظر اعرتافا ما من كني سة مثال اأفكر يف هذه املراأة واأقول يف نف سي إانها أامي. فاأنا ل اأجد اأبدا عند اأمي أاي ميتا- لغة )اأية خطابات مرافقة للغتها( أاو اأية رغبة يف تقم ص دور ما أاو توخي إاعطاء صورة جميلة عنها وهذه هي القدا سة احلقيقية. ويا للمفارقة العجيبة فاأنا املثقف جدا اأو على الأقل هكذا يتهمني اجلميع اأو ي صفونني اأنا املن سوج جدا وب شكل دائم بامليتا- لغة الذي اأدافع عنه كثريا ت أاتي أامي بكل جاللها لتقول يل كل ما هو لي س بلغة )اأو خطاب(. 31 أكتوبر 1978.. اأرغب يف شيء واحد فقط هو اأن اأ سكن حزين.
11 10 العدد ) 3376 (ال سنة الثانية ع شرة - الأربعاء )3( حزيران 2015 العدد ) 3376 (ال سنة الثانية ع شرة - الأربعاء )3( حزيران 2015 عيسى مخلوف يف اخلام س والع شرين من شباط 1980 قرابة ال ساعة الرابعة بعد الظهر وبينما كان رولن بارت يجتاز الطريق ليدخل مبنى"كوليج دو فران س"حيث كان يحا شر منذ خريف 1978 صدمته شاحنة صغرية تابعة مل صبغة لتنظيف الثياب وتويف يف امل ست شفى بعد شهر من وقوع احلادث. يف ظل املوت عا س بارت سنواته الأخرية واملوت يح شر بقو ة يف نتاجه املوز ع بني ال سيميائي ة والنقد الأدبي والكتابة الذاتي ة. وكان موت والدته عام 1977 التي مث لت احلب الأكرب يف حياته مبثابة املوت الأو ل بالن سبة اإليه. من جانب اآخر ن شر نهاية ال ستينيات من القرن املا ضي مقال بعنوان"موت الكاتب" وهو هنا موت جمازي يتمحور حول فكرة اأ سا سية مفادها اأن الكاتب ينبغي اأن يرتك القارئ يعيد هو نف شه عرب القراءة صياغة الن ص من جديد اأي اأن الكاتب لي س ال ضامن الوحيد ملعنى موؤل فاته وهذا ما ي شع القارئ اأمام حتد كبري بعد اأن ت صبح القراءة هي أاي ضا فعال اإبداعيا. ا ستوعب بارت حم ص لة الفكر الغربي منذ كارل مارك س و سيغموند فرويد و شول اإىل كلود ليفي سرتو س. ا ستوعبه وعم قه يف اآن واحد وا ضعا اإي اه يف سياق مبتك ر وفق روؤيته اخلا صة وانطالقا من منهجية مفتوحة تنهل من الفل سفة والفنون الت شكيلية والأدب والتاريخ. مل ينح شر نتاجه فقط يف الأ سئلة املتعل قة باللغة بل ذهب اأبعد من ذلك. م سائال الأدب والفن وامل شرح وال صورة الفوتوغرافية كما توق ف عند بع س مظاهر احلياة املعا صرة كاملو ضة والإعالنات وخطاب ال ستعمار واأغلفة جملة"باري مات ش" يدر سها ويقو مها انطالقا من املعاين التي تكت سبها داخل اأن ساق تاريخية وثقافية حمد دة. ضمن هذا الأفق جاء كتابه"اأ سطوريات"الذي يعالج فيه اأ ساطري املجتمع الفرن شي يف اخلم سينيات من القرن املا ضي من خالل الت صد ى لقيم اللغة ال سائدة وقوانينها. فالأ سطورة ح سب بارت اإحدى أادوات الإيديولوجيا تبداأ باللغة وت صنع من الواقع ومن اأ شيائه النافلة جمموعة اأ ساطري. هكذا تكت شي الأ شياء املعنى الذي تفر شه الإيديولوجيا ال سائدة وتعم مه ب صفته املعنى الأوحد الذي ينبغي اأن ي حتذى. من خالل موؤل فاته مينحنا بارت القدرة على صوغ روؤية اأو شح للعالقة بني الن س واحلياة. حني يتحدث عن سيارات شركة" سيرتوين" اإحدى ال سيارات الرائجة يف فرن سا ل ي صف فقط شكلها واملواد امل ستعملة يف صنعها بل كيف تعمل لغة الإعالن على جعل و سيلة املوا صالت هذه م شاألة تتجاوز ال سيارة وت ساهم يف ت سويقها وبيعها. يالحظ بارت اأن ال سيارات مرادفة للكاتدرائيات القوطي ة الكبرية التي كانت متث ل يف القرون الو سطى ابتكارا عظيما وقد صم مها فنانون جمهولون من اأجل شعب يعرث فيها على ما يقارب ال سحر. من ال سيارة اإىل ل ع ب الفتيات والق صد منها يف راأيه تهيئتهن لدورهن املقبل )ل سي ما كما كان الأمر يف فرن سا يف الن صف الأو ل من القرن الفائت( اإىل أادوات الزينة واحللي واملجوهرات وم ساحيق الغ سيل اأو التعاطي مع بع ض وجوه ممثالت ال سينما اآنذاك ومنها على سبيل املثال وجه غريتا غاربو الذي يخرج من ذاته ويرتقي اإىل م ستوى الأيقونة. يقول بارت:"هي دائما نف سها الوجه نف سه: وجه الثلج والوحدة". وهو هكذا بالفعل. اإنه الوجه الثابت واملكتمل كاأقنعة الذهب يف احل شارة الفرعونية ووجوه الآلهة التي ل ت شيخ ول تفنى. ي شر ح بارت جمتمع الف رجة وال ستهالك لي ظهر كيف اأن حتويل كل شيء اإىل م شهد يجر د الإن شان اأكرث فاأكرث من نف شه ومن فكره واأحا سي سه. يف موازاة الأ ساطري القدمية يب شط اأمامنا اأ ساطري العامل املعا شر الذي ت سيطر عليه تقنيات الإنتاج احلديثة و"منطق"الت سليع والربح وت غ ري املعايري. ينظر بارت اإىل الكائنات والأ شياء من حوله ويذهب اإىل املعنى الأعمق فيها املختلف غري املتداول. حضور روالن بارت ويف حني ي شك ل كتابه ال شهري"من الدرجة ال صفر يف ال كتابة"بيانا "حداثويا "بامتياز ي ستند كتاب" شذرات من خطاب حم ب "- وكان اأكرث كتبه رواجا يف فرن سا- إاىل قراءات املوؤل ف للنتاجات الأدبية شعرا ونرثا كما يعتمد على مرجعيات مو سيقية وفن ية م ستنطقا اإي اها ممعنا يف حتليلها. هنا اأي ضا مي سي احلب مو شوع بحث وتاأم ل. هذا الكتاب يقول اجل شد وال شهوة والده شة والبوح والتواطوؤ والرتهان واجلنون. يف حتديده لر سالة احلب نقراأ الآتي:"لي س عندي ما اأقوله اإل هذا الال شيء ولك اأقوله". يطالعنا اأي ضا :"ال صمت هو دائما اأحد أاجمل املالءات". اأما العا شق فهو"ذاك الذي ينتظر". يعي ش يف النتظار ويدرك معنى الغياب هكذا يبداأ القلق والت يهان وتبد أا الغربة. يف هذا ال صدد تت خذ الإجابة منحى جديدا يعرب عنه الكاتب بقوله:"ل بد أان نكون غرباء بل ينبغي اأن نكون كذلك اإل حني يحل امل ساء"يف تلك اللحظة تولد احلاجة اإىل الآخر. من امل ستوى الذي يجمع اخلا ص واحلميم وير صد عالقة الإن شان مع ذاته ومع غريه إاىل امل ستوى العام يرى بارت اأن العامل يتقد م ب سرعة ومي شي ق د ما نحو الأمام فيما التمثالت اجلماعية لهذا التقد م تبقى متخل فة عنه مئات ال سنني. وما يحافظ على جمودها هي ال سلطات القائمة والإعالم املعم م والقيم ال سائدة. ينتقد بارت هذه القي م واللغة التي جت سد ها يحذ ر من ال سقوط يف النخبوي ة م شريا إاىل اأن حقيقة هذه املرحلة الزمنية أاو تلك تطالعنا اأي ضا يف قلب الكالم العادي الذي تلهج به الثقافة ال شعبية وكذلك يف اأخبار الريا ضة والإعالنات وقراءة الأبراج. يقد م نتاج بارت مقاربة نقدية تغو س يف جوهر العمل الأدبي اأو الفني وت شر عه على احتمالت قراءة ل نهائية. وهذا ل ينطبق فقط على الكتابة والقراءة والفنون الت شكيلية وامل شهدية بل اأي ضا على ال صورة الفوتوغرافية التي كر س لها كتابا بعنوان"احل جرة البي ن ة" وكان كتابه الأخري قبل وفاته وهو ي شك ل مرجعا اأ سا سيا يف هذا املجال. يف هذا الكتاب الذي يعود فيه اأي ضا اإىل والدته بعد رحيلها يك شف ثانية اإ شكالية العالقة بني املا ضي واحلا شر بني الإن شان الذي يقف اأمام عد شة امل شو ر والوقت العابر. ال شورة تلتقط اللحظة التي ضاعت ب شكل نهائي فور التقاطها وتوؤك د حقيقة بدهي ة اأن الزمن ل يعود إاىل الوراء. اأن الوجه الذي كان يف ال شورة لن يكون بعد اليوم. فالوقت ي سيل و"ل ميكن النزول مر تني يف النهر نف سه"وفق هرياقليط س. ال صورة حتيل الإن سان إاىل ذكرى وت ضعه على م سافة من الواقع ومن نف سه. قاوم بارت سلطة اللغة أاو اللغة املوؤ س سة التي يقوم عليها املجتمع وعمل على تفكيك دللتها ضمن ر ؤوية متعد دة الأبعاد تتقاطع فيها الل سانيات وال سيميائية والبنيوية )و شول إاىل ما بعد البنيوي ة( والتحليل النف شي وتتعار س مع النقد الأكادميي والنقد الإيديولوجي. يتحر ك الفكر النقدي هنا داخل ال شوؤال ل داخل الإجابات اجلاهزة ول يركن إاىل جواب واحد وتف سري واحد. اأ سئلة بارت واأطروحاته ل تزال م صدر اهتمام حتى اليوم يف فرن شا ويف أاو شاط النقد ويف اأنحاء كثرية من العامل. اأما يف العامل العربي فيتجل ى ح ضوره بالأخ س عرب الذين انفتحوا على أافكاره وا ستلهموا منها ل سي ما بع ض الكت اب والنقاد املغاربة باللغة الفرن سية مثل عبدالكبري اخلطيبي وعبدالفتاح كيليطو. و إاذا كانت كتب بارت قد ن قلت يف معظمها إاىل اللغة العربية فاإن ن سبة كبرية من الرتجمات املتوف رة ل ترقى إاىل اللغة املتوه جة احلديثة التي كتب بها الكاتب الفرن سي ن صو صه وكتبه وبع ض هذه الرتجمات غري صالح للن شر بل ثمة من اأ ساء إاىل نتاج بارت واأخ ضعه للرقابة فحذف منه مقاطع كاملة. من بني اأف ضل الذين نقلوا بارت إاىل العربية نذكر كال من حمم د برادة ومنذر عيا شي وعلي جنيب اإبراهيم. عن جريدة القد س العربي اللبنانية يعتق د روالن ب ارت أن خط اب االدب منجز مقن ن, عالم ي, يرتب ط مبرجعي ات خاصة تكش ف عن عالقة لعبية - متحركة - بني الدال واملدل ول عىل وفق نهج متحك م يف ماهية العالم ة - رمز, ش فرة - وطبيعته ا فيفرض عليه ا تعددية معنوية تتمثل س ببا يف طبيعة العالق ة بني دوال ه ومدلوالت ه, فهي عالقة ارتدادي ة.ان النص ازدواجي ة جوهرية,تؤكد وتنفي شفافيته أو ظاهراتيته, ففي الوقت الذي يس مح باالخرتاق معنياتيا ليول د اثره االديب م ن باب الردي ف او القرين او امل وازي فهو يسموا عليه ويتجاوزه لتوفره عىل آثار مجاورة ق د توازيه قيمة يف املعن ى اال انه يتجاوزها ويتخطاه ا فهي نتاج وعي ق رايئ, الن النص كام يقول بارت يف كتابه درس السيميولوجيا, النص بدعة وخروج عن حدود اآلراء السائدة د. سالم األعرجي, واذا كان الأثر او املعنى ي شكل تداعيا ح شاري داخل منظومة الدليل والعالمة فاخلطاب او الن س ي شكل مرجعيات لنهائية بدواله ذات العالقة اللعبية مبدلولتها وما توؤ س شه من نظم هالمية تكت سب اأثر ذلك ف ضائها الرمزي املفتوح لأن الن س ح شب رئيه متددي, جماله هو جمال الدال, اذا فالن س لي س ق شدي الثر ول ميكن ان يكون منطقا اأفهاميا يتقوقع يف اأثره وي سجل موته ان الن ص واثره ي شكل الرمز احد اهم مرتكزاتها, ففي الن ص ل ينفتح الرمز على تعددية معنوية اأمنا يوؤكد تعدد ذات املعنى وان انح سر يف معنى سرعان ما ي ستهلك ذاته يف اأثره, اأنه يتحرك بالقراءة. ان الكاتب وفعل الكتابة يقفان على خط فعل زمني واحد ي شكل )اآن( الجناز ال صفري املتوفر على معناه واملتحكم يف رموزه, فيحركها لتنفتح على معان جديدة يف ذات املعنى للن ص او خطاب الدب, لي س ب سبب قدرتها - الرموز - او ملاهيتها بل ملا يتيحه لها الدال يف سعة اجاله احلركي الذي يلقي ظالله على الدللت اأول. ان الفعل القرائي لي س التاأويلي ينتمي اىل )اآن( مرتبط يف جن سه وتاريخه املوؤكد لدميومته الذاتية, وحتمية الثر بعد الجناز وهذا يوؤكد ان اخلطاب يتوفر على قدرة اأحالية فهو يحيل اىل بنية لغوية مفتوحة غري متمركزة. يرى بارت ان اخلطاب يحتوي ذاته وميتلكها باملوازنة مع الدليل, ال شارة, اأما احلدث فينح صر يف املدلول, اأنه يحيل الثر الن صي على مفهوم املدلول فهو براأيه لي س بال شيء الواقعي ولي س بالثر النف سي بل هو ما ميكن ان يقال, فاملدلول اذا, ذلك ال شيء الذي يعنيه م ستعمل العالمة - ح سب رولن بارت يف كتابه مبادىء يف علم الدللة - وهذا ما يوؤكد اأحادية املعنى لالثر الن صي, واقرتان الن ص ذاته بالدليل يعني البوح والك شف عن فعل موحد الدال باملدلول فعل نتاجه الدليل وهذا ما يف سر دميومة الن ص موازنة باأثره - معناه - ان انح شار الأثر وارتباطه باملدلول يعني عدم قدرته على جتاوز احدى الدللتني ح سب بارت, الدللة الظاهراتية املعنية بحرفية املعنى وهي تقود اىل ا ستهالكه, والدللة الأظاهراتية املنفتحة على فعل تاويلي يقحم الثر حتما يف متو شع شيء حتمي سيقود اىل ا ستهالكه حتما. الن ص عوامل متعددة النتماءات مل ستويات ثقافية وح ضارية وهو يف حوار دائم يعي ش التناق ض او الن سجام ال انه يلتقي يف بوؤرة واحدة هي, بوؤرة القراءة, لذلك يوؤكد )بارت( ان ن سبة الن ص اىل م ؤولفه, إايقاف الن ص وحده واعطائه معنى نهائيا, اي اإفراغه من تعددية معنياتية نهائيا. ان زمن الكتابة يف مفهوم بارت زمن شرطي فهو حمكوم بظرفية الكتابة ومرجعياتها احل ضارية والثقافية والقت صادية ف شال عن تلك اخل صو صية ال صرفة التي تفر ضها لغة الكاتب التي حتقق كيانه يف ذات الن ص وكيان الن س اذا ما نظرنا اليه على انه لي س شوى تقنية الدللة كما ي ؤوكد ذلك بارت يف كتابه ا شول اخلطاب النقدي, انه ي شري اىل كينونته عرب شكله يف انتاج املعني فال شكل هو العمل وهذا يعني انه ل يدعو اىل انتاج معناه على ا سا س املحتوى او الر سالة التي ت ؤوكد معناه املنتج ا صال ويرى )تيرتنيز هوكز( يف جمال فهمه لبارت ان تقومي الن ص واحتوائه وفهمه وا ستيعابه لبد ان يركز اهتمامنا )على الدالت وان ل نن شاع اىل املدلولت التي تت ضمنها هذه الدللت(. ان قراءة الن ص على ا سا س دالته ومدلولته سيقود اىل ايقاف فعل البحث وال ستك شاف اي ا ستبعاد النتاج التكراري للن ص الذي يكت شف فيه دال متجددا يبقي على رمزيته ويرتك للدال القدرة على النفتاح على مدلولت عدة ترتقي برمزية الن ص ال صورة الحادية اىل التعددية املعنياتية لتوؤكد اي ضا ا صالته - الرمز أازاء فعل القراءة وتعرتف بان الرمز ثابت اما الوعي الذي ميلكه املجتمع واحلقوق التي يعطيها له فهي التي تتغري. ان ثبات الرمز ل يعني عدم قدرة الر سالة على اق صائه, فاملعنى الذي تراه القراءة ل ميكن للن س جتاهله ما دامة القراءة تخ شع للنظام الرمزي املوؤ س س للن س وقبول القراءة العي ش داخله او كما يقول بارت: ما دمت انا شخ صيا اخ شع للنظام الرمزي الذي يوؤ س سه, أاي منذ اللحظة التي اقبل ل فيها ان ا سجل قراءتي يف ف شاء الرمز, فالن ص ل يعرت ض على املعنى الذي اأعطيه اإياه ال ان بارت يف الوقت الذي يدعو فيه اىل تقنني الدللة ل يدع الرمز جتريدا ميكن م سخه ب آالية التعادلية وانتزاع قيمته ال شفراتية وح شره يف اآلية مفرغة هي ما ي سمى بالرمزية. ان دميومة الن ص مهما كان جن شه او نوعه الدبي رهن مبعناه, ومعناه نتيجة حتمية ملاهية القراءة, وملا كان فعل الكتابة يتمتع بقدرة توفيقية فائقة بني احلرية والذاكرة التاريخ واحلا ضر فان لبد لها ان تعي ش ذات التوتر داخل مفاهيم اخلطاب وبنيته بني ق صديته الوظيفية يف املا شي واحلا ضر, نوع ومنط القراءة يتجاوز مفهوم الرف ض والقبول للن ص, يتخطى ال ستهالك لدور امل ؤولف كمنتج له, نوع من القراءة معني بالبنى ال شفراتية للن ص لينتج معناه على وفق نظرية املعنى العمودية لرولن بارت, حيث ت ضع املحتوى يف م ستويات معنوية, الول يك شف عن معنى العالقة التبادلية بني الدال واملدلول ل ي شكل دال جديدا منتجا مل ستوى معنوي ثان وثالث, فاذا شكل امل ستوى الول للمعنى فهما داخل حاجته التاريخية يحقق فيه التاريخ ذاته بكل مفرداته احل ضارية والثقافية ويكون حالة ارجاعية سلفية للم ستوى الثاين الذي يفر شه التاريخ اي شا, اي ثمة عملية بناء وهدم ميار سها التاريخ على معنى الن ص طبقا حلاجات معا صرة, فثمة متتالية معنياتية ميثل فيها التاريخ دور املمثل وامل ستويل املناق ض للمعنى ال سلفي بعد احتوائه بعيدا عن مفهوم ال سببية وايديولوجيتها اي ضا ليطرح شكله اخلا ص امل ستجيب للحا ضر ال ان بارت يفكك اخلطاب اىل وحدات معنى مدعومة ب شفرات خمتلفة تت شرف ب صفتها و سائط تكليف املعنى ويحدد بارت خم س شفرات تدعم املعنى يف بنية اخلطاب ووحداته التا سي سية وهي: 1- ال شفرة التاأويلية 2- شفرة الدللت 3- ال شفرة الرمزية 4- ال شفرة التخمينية 5- ال شفرة احل ضارية. اما ال شفرة التاأويلية فيعني بها ال ستفهامية املعنية بخلق ا شكالية او روالن بارت: المعنى ب نية عمودية قراءة سيميائية ت أازم داخل وحدات بنائية احلدث او داخل سل سلة الأنظمة املكونة منحى تعبريي يتوفر بالنتيجة على خلق ت شويق يتبعه انك شاف, فهي القدرة على ادارة الفعل وانتاجه من قبل ال شخ صيات وتكثيفه ودفعه اىل تراكمية تقود اىل تازم ل ميكن تالفيه يف داخل وحداته النتاجية ولو امعنا النظر يف ال سئلة التي يطرحها )اوديب( كما يقر أاها )ا سماعيل فهد ا سماعيل يف كتابه الفعل الدرامي ونقي ضه(لأدركنا مفهوم الت شويق والكت شاف اوديب: كيف قتل ليو س بدافع املال ملاذا مل تبحثوا عن القاتل هل م ن يدلنا عليه كريون: ليو س ذهب ضحية ع صابة يف طريق ثالثي ال شعب! رئي س اجلوقة: اأين أاعرف ذلك العرافة تريزيا س. اوديب: اتبعت ن صيحة كريون وطلبته واين لأعجب من تاأخره... ها هو تريزيا س بالله عليك ل تن صرف عنا وخربنا ما علمت...نتو شل اليك...انك ل شر الأ شرار. تريزيا س: انت رج س هذه الر ض ووبائها. كذلك احلال يف م شهد ال ساحرات يف )مكبث ل شك سبري( النبوءة / التفا ضل / ب شارة مكبث - ستكون غطريف كودور وكالمي س والآتي يف الغد اعظم, ف ضول بانكو ملعرفة ما يدور يف خلد مكبث / الر سالة قرينتي املحبوبة لقيتهن و أانب أانني... حتى يتك شف احلدث يف تناميه امل شوق كما يقول بارت يف مقولة الليدي مكبث, لن ترى ال شم س طلعت ذلك الغد, ثم ينعقد الن ص على فعله اجلديد يف الكيفية.اأما شفرة الدالت فيعني بها رولن بارت: ال شفرات املعاجلة للثيمات او املو ضوعات او البنى الثيمية, وهي الكرث ام شاكا باملعنى لأنها ل تعنى بالدال الظاهري بقدر ما تكون معنية يف البحث عن م ضامني جانبية فهي مالزمة للحدث على وفق تدليل معني يعك س للوهلة الوىل زمنيا اأن وقوعه ال انها تك شف عن دال مفهوماتي جديد بعد النتقال اىل احداث اخرى مثال: بحث اوديب عن الرج س / عن تريزيا س / اوديب الرج س ذاته, النعكا س الين لفهم احلدث جمددا. بحث اوديب عن الرباءة / الراعي / ت سليمه اىل راعي كورنثة / اوديب هو الرج س / انعكا س اآين لفهم احلدث جمددا, ع صابة التي قتلت ليو س امللك /كذب احلر س فهو فرد شاب / اوديب هو الرج س كل تلك الحداث اجلانبية تالزم احلدث يف اآن زمني معني لتنقله اىل م ستوى من ال شراع جديد. ال شفرة الرمزية: وان بدت لميكن الف صل بينها وبني شفرة الدلت ال انها ال شكل التجميعي لق صدية ال شفرة الدالة والذي يظهر مهيمنا وب صيغ متعددة يف عموم الن ص. ان مفهوم اخليانة دال مهيمن يف )هملت شك سبري( يك شف عنه التجميعات وال شكال املتكررة بانتظام وب صيغفي الن س تولد هذه الو سائل يف النهاية ال شكل امل سيطر. اي املعاين اخلفية كما ي سميها رولن بارت.اأن ال شفرتني الرمزية والدالية متالزمتان من حيث املعنى, ت شكل الوىل املحتوى فيما ت شكل الثانية ال شكل املتوفر على الدوال والرموز وال شفرات, فاأذا كان مفهوم اخليانة دال مهيمنا سائدا فقد ظهر يف صيغ متعددة يف حبكة الن ص, جنون هملت / ظهور ال شبح / خبز اجلنازة املقدم باردا على موائد العر س / العباءة ال شوداء وما اخفت حتتها / ال ستارة التي تخفي بولونيو س خلفا / رد هدايا اوفيليا / القدح امل سموم / ال سيف امل سموم. اما ال شفرة التخمينية: فهي شفرات احتمالية توقعية ل جتانب ماهية احلدث ال انها تعتمد وعي القارىء يف حتديد تنامي احلدث, ت شكل تراكم معنياتي رمبا لي شت بالطريقة املوؤدية اىل الحداث الرئي سة, لذلك فهي جتريبية وغري جديرة يف ان من شي يف حتليلها ابعد من ذلك, اأن شبح دنكان وبانكو يف م سرحية مكبث ل شك سبري ونوبة اجلنون التي تنتاب مكبث سفر هملت للدرا سة الطاعون املتف شي يف فلورن سا مب سرحية غاليلو لرب شت قد ت شكل انعطافا يف متتاليات الحداث جراء فعل القراءة, أاي ان تتايل الحداث بجانب تلك النعطافات التوقعية ب سبب ارتباط شفرة الدللة بال شفراة التخمينية, فال شفرات الدالة لت سمح بذلك حيث ستقود اىل خلق تعددية يف ا ستويات اجناز املعني متتاز بالت شاد )الين( تاركة لوظيفة ال شفرة التخمينية حتقيق ما يدعوه بارت اللذة التي يولدها الن ص, فكان املعنى عار ضا ومنطويا على قابلية نق ضه ح سب رولن بارت يف كتابه لذة الن ص, ويعني بارت بال شفرة احل ضارية ال صوت اجلمعي او املنهج املقاوم داخل الن ص الذي يحقق انفالته من خلفية و سياق القيود التي تفر ضها على مداه القواعد العرفية للبحث التاريخي والنقد, فال صراع بني قوى اخلري وال شراوالفرد اجلاهل بقوانني القدر والقدر ذاته الذي ت شوره اوديب سوفوكلي س ميكن ان ين سحب اىل مفاهيم اخرى تهي أاها ال شفرة احل ضارية يف ن صها القرائي كمفهوم اوديب /الثورة /الثورة امل ضادة اي تف شري او تقراأعلى هذا ال سا س ان ال شفرة احل ضارية ميكن ان تدل او تك شف عما ي سعى اخلطاب اىل قوله اي انها حترر ال شفرات انفة الذكر من الرتباط الوثيق بالفكرة ال سا س لتجعل منه ذو اجتاهات اخرى, اأن بارت يحل الن ص حمل م ؤولفه وي سقط عنه صفة القد سية والتملك فهو ف ضاء لغوي يعرب عن لنهائية مو ضوعاتيه, يتحرك يف التاريخ وبه عند كل صورة ذهنية واداة تعبريية, أان تفكيك الن ص كفيل بولدة الن س الرديف فلي س من ال شروري اعتماد الفعل القرائي املبا شر بل الفعل القرائي التفكيكي, التحليلي وهو كفيل بذلك او كما يوؤكد ذلك رولن بارت يف در س ال سيميولوجيا حيث يقول ان المتناع عن ح صر املعنى وايقافه معناه يف النهاية رف ض الهوت ودعائمه من عقل وعلم وقانون. الدكتور سالم الأعرجي ا ستاذ فل سفة الفن ق سم الفل سفة/ جامعة الكوفة ا ستاذ الخراج امل سرحي / كلية الفنون / جامعة بابل