الت ناص يف روايات واسيين األعرج )رمل املاية أمنوذجا( أ. مجانة )حممد عزمي( زكريا زلوم تاريخ التسليم: 2016/3/13 م تاريخ القبول: 2016/7/10 م. مدر س/ مدرس

النسخ

1 الت ناص يف روايات واسيين األعرج )رمل املاية أمنوذجا( أ. مجانة )حممد عزمي( زكريا زلوم تاريخ التسليم: 2016/3/13 م تاريخ القبول: 2016/7/10 م. مدر س/ مدرسة أبو حنك/ الخليل/ فلسطين. 275

2 الت ناص في روايات واسيني األعرج " رمل املاية أمنوذجا" ملخص: شهدت الر واية العربي ة املعا رصة تطورا كبريا مت سارعا وتطابقت مع معايري اخلطاب احلديث وكان للر واية اجلزائري ة صدى يف الر واية العربي ة بخا ص ة اإذ صو رت الت جربة ومل تكتف بتقريرها حيث أاوحت مبعان إان ساني ة ونف سي ة بعام ة وكل ما تعم ق الكاتب يف معاجلة امل شكالت والق ضايا على اختالف أانواعها سواء اأكانت اجتماعي ة اأم سيا سي ة اأم اقت صادي ة اأم إان ساني ة يعظم أاثرها وتت ضح معانيها لدى امللتق ي. ي و ف ر هذا البحث اأفقا جديدا يدخل يف جمال الن ظرية باملفهوم العلمي فظاهرة الت نا ص تتمي ز بقابلي تها للت طبيق والت عديل والت حوير وجتديد الر وؤى لدى الر وائي ضمن الإجنازات امل ستحدثة حيث ت ضفي ت صورات جديدة على ن ص الر واية وتقنيات حتليله بكل إا سقاطاته ورموزه التي حتقق احلياة واحليوي ة للن ص. لهذا عدت الر واية يف ضوء الن قد احلديث ن سيجا حمكما يحتوي على جملة من العنا رص الن قدي ة لعل من اأهمها الت نا ص الذي بدوره يعتمد على املخزون املعريف والوجداين للكاتب واملتلق ي معا. سرنى مدى ح ضور نظري ة الت نا ص يف اأعمال الر وائي وا سيني الأعرج ب شكل كبري فقد احتوت رواياته على خ صائ ص وممي زات فني ة راقية. تدفع املتلقي أان يتجاوز حمدودي ة الن ص احلايل وي صنع ف ضاء خا صا به معتمدا على خرباته وجتاربه وثقافته التي اكت سبها من حياته الإن ساني ة. الكلمات املفتاحية: الت نا ص روايات وا سيني الأعرج رمل املاية. أ.جمانة "محمد عزمي" زكريا زلوم techniques of its analysis with all its projections and symbols that make it a vital and living text. This is why novel is considered in the modern criticism as a well-knit texture that contains a number of the critical elements and perhaps one of the most is intertextuality which depends on the cognitive and sentimental storage of the writer and receiver as well. One can easily notice the intensive presence of the intertextuality theory in the works of Waciny Al araj because all his novels include advanced characteristics and artistic features that motivate the receiver to exceed the limits of the current text to create a special space for him or her depending on the receivers experience and culture that he or she acquired from life. Keywords: Intertexuality, Waciny Al araj, Ramal AlMaya مقدمة: شهدت الر واية العربي ة املعا رصة تطورا كبريا مت سارعا وتطابقت مع معايري اخلطاب احلديث وكان للر واية اجلزائري ة صدى يف الر واية العربي ة بخا ص ة إاذ صو رت الت جربة ومل تكتف بتقريرها حيث أاوحت مبعان اإن ساني ة ونف سي ة بعام ة وكل ما تعم ق الكاتب يف معاجلة امل شكالت والق ضايا على اختالف اأنواعها سواء أاكانت اجتماعي ة أام سيا سي ة أام اقت صادي ة أام اإن ساني ة يعظم اأثرها وتت ضح معانيها لدى امللتق ي. اأ صبحت الر واية احلديثة ماد ة خ صبة للد را سة والبحث تتمث ل فيها رشوط الن ص منذ اللحظة الأوىل حيث يلم س املتلق ي خيوط ال رص د وكاأن ها تهب نف سها له يف توافق وان سجام تام وتخلق ميدانا جلي ا لتطبيق الن ظري ات احلديثة فهي متث ل حقل جتارب وا سعا اإذ يظهر فيها الإبداع واخللق والت جد د. ي و ف ر هذا البحث اأفقا جديدا يدخل يف جمال الن ظرية باملفهوم العلمي فظاهرة الت نا ص تتمي ز بقابلي تها للت طبيق والت عديل والت حوير وجتديد الر وؤى لدى الر وائي ضمن الإجنازات امل ستحدثة حيث ت ضفي ت صورات جديدة على ن ص الر واية وتقنيات حتليله بكل إا سقاطاته ورموزه التي حتقق احلياة واحليوي ة للن ص. ت ضم نت الر واية العربي ة احلديثة بعام ة واجلزائري ة بخا ص ة أالوانا خمتلفة من الن صو ص الغائبة التي يدجمها الر وائي يف منت روايته ال رص دية بطريقة فني ة وجمالي ة مما حت يل املتلق ي اإىل تلك الن صو ص الغائبة ي ستح رضها ويفك رموزها وما توحي اإليه يف الن ص احلديث على اعتبار اأن هذا الن ص جمموعة من الإ شارات والعالمات. عدت الر واية يف ضوء الن قد احلديث ن سيجا حمكما يحتوي على جملة من العنا رص الن قدي ة لعل من اأهمها الت نا ص الذي بدوره يعتمد على املخزون املعريف والوجداين للكاتب واملتلق ي معا حيث يتجاوز املتلق ي حمدودي ة الن ص احلايل وي صنع ف ضاء خا صا به معتمدا على خرباته وجتاربه وثقافته التي اكت سبها من حياته الإن ساني ة. Intertexuality in the Novels of Waciny Al araj Abstract: Ramal AlMaya as an Exemplar The contemporary Arabic novel has witnessed a great accelerated development that matches with the modern intercourse standards. The Algerian novel, in this regard, has had a special impact on the Arabic one because it portrays the experience in addition to recording it, and it has also inspired the Arabic novel with human and psychological contents that make a huge impact that can be realized by receivers due to the writer s profound treatment of social, political, economic, and human problems and issues. This research provides a new horizon that is placed under the practical concept of the theory. The phenomenon of intertextuality is characterized with its capability for application, modification, modulating, and renewal of the novelist s visions in view of modern accomplishments. Furthermore, intertextuality bestows new perceptions about the novel s text and the 276

3 مجلة جامعة القدس املفتوحة لألبحاث والدراسات - العدد الثالث واألربعون (1) - شباط 2018 متثل ظاهرة الت نا ص دورا رئي سا يف تنظيم عنا رص الن ص وتنمية أاجزائه وتعمل على صهر ن صو ص غائبة موجودة يف خمزون الذ اكرة وجتعلها جزءا من الن سيج الكل ي للن ص ول ن ستطيع الف صل بينهما ل شد ة التحامهما وبهذا العمل نراها ل تقت رص على حركة الن ص وحيوي ته على الن صو ص الأخرى بل تتجاوز ذلك اإىل اإ ضفاء مظاهر جمالي ة على املنت ال رص دي. وهناك اأ سباب عدة دفعتني الختيار هذا املو ضوع عنوانا للبحث اأذكر اأهم ها: 1.1 تطبيق بع ض الن ظري ات الن قدي ة احلديثة على اأعمال الر وائي وا سيني الأعرج الذي احتوت رواياته خ صائ ص وممي زات فني ة راقية حتتل م ساحة ل باأ س بها من الإبداع العربي الر وائي. 2.2 اإظهار جمالي ات الت نا ص يف روايات ووا سيني الأعرج وما اأ ضفت ه على عمله الر وائي من حركة وحيوي ة وحياة.... يدفعني هذا إاىل طرح جمموعة من الأ سئلة: هل الن ص الر وائي قادر على ا ستيعاب هذا الكم من الن صو ص الغائبة وما غاية الر وائي من هذا ال ستح ضار للن صو ص الغائبة يف رواياته وهل ت ضفي جمال ن صي ا على اإبداعات الر وائي وهل عاجلت ق ضايا حتمي ة يف املجتمع العربي الذي ي عاين من ماآ س سيا سي ة واجتماعي ة واقت صادي ة وفكري ة وملاذا اهتم الن قاد بعام ة درا سة الأعمال الر وائية لوا سيني الأعرج وما هو رس جناح أاعماله الر وائية واإىل اأي مدى ا ستطاع وا سيني ت صوير الواقع اجلزائري بكل حمنه وهز اته الجتماعية وال س يا سي ة وهل اأهمل اجلانب الفن ي والأدبي يف أاثناء رسده للواقع اجلزائري يف رواياته ض أاحاول اأن أاجيب عن هذه االأ سئلة هنا وعليه سوف أاق س م البحث اإىل حماور عدة : 1.1 مفهوم الت نا ص. 2.2 أانواع الت نا ص )اأ شكال الت نا ص (. 3.3 وظيفة الت نا ص. 4.4 الت نا ص يف روايات وا سيني الأعرج )رمل املاية اأنوذجا(. اأوال : مفهوم الت نا ص : الت نا ص م صطلح نقدي بالغي غربي وافد ظهر يف الن صف الث اين من القرن الع رشين يف فرن سا ثم انت رش يف باقي بلدان أاوروبا واأمريكا وبعدها انتقل إاىل عاملنا العربي )1(. وهو مفردة نقدي ة حديثة وتعريب للم صطلح الإجنليزي )2) intertextuality الذي يدل على الختالط والن سج والت فاعل احلي مع الن ص ولهذا امل صطلح ترجمات عدة اإذا مل يت فق املرتجمون العرب على ت سمية واحدة له فقد عر بوه بالت نا صي ة والت نا ص والن صو صي ة والت داخل الن صي )3( والت فاعل الن صي اأعم واأ شمل من الت نا ص فهذا سعيد يقطني يرى الت نا ص واحدا من أانواع الت فاعل الن صي )4( وبع ض من الن قاد يجعل من الت فاعل والت عالق والتن ا ص والت خ صيب وتوا شج الن صو ص وتداخلها م صطلحات مرتادفة ) 5 ( فهذه امل سم يات ل تختلف يف دللتها على ما ا صطلح على ت سميته بالت نا ص ول تنف صل يف دللتها عن الن ص فكل ها ت صب يف بوتقة واحدة وهي الن ص. و أاكرث ما ميي ز الن ص الت عددي ة املثق لة بالإيحاءات والتاأويالت )6(. يعد باختني )7( املدخل الط بع ي للت نا ص ومنه انتقلت اأفكاره إاىل كري ستيفا )8( فهم باختني الت نا صي ة على اأن ها حواري ة وتعدد اأ صوات )9(. فالت لفظ mutterance الب رشي عنده نتاج لتفاعل اللغة و سياق الت لفظ ال س ياق الذي ينت سب اإىل الت اريخ حيث دعاه علم )ع رب الل سان( Trans linguistics فهو يتغل ب يف هذه الط ريقة على ثنائي ة ال ش كل وامل ضمون العقيمة كما ميكن للت حليل ال ش كلي ل أاليديولوجي ات اأن يبداأ )10(. ي قيم كل خطاب عن ق صد اأو غري ق صد حوارات مع اخلطابات التي ستاأتي وي ت نب اأ بها وي ح د س ردود فعلها وي ستطيع ال ص وت الواحد الفرد أان يجعل نف سه م سموعا فقط يف اأثناء مزجه بالأ صوات الأخرى التي وجدت يف املكان من قبل وي ع ر ف باختني احلوار قائال: )يدخل فعالن لفظيان تعبريان اثنان يف نوع خا ص من العالقة الد للي ة ندعوها نحن: عالقة حواري ة والعالقات احلواري ة هي: عالقات )دللي ة ( بني جميع الت عبريات التي تقع ضمن دائرة الت وا صل اللفظي )11( واإن رد الفعل احلواري يك سب الت عبري الذي يتفاعل معه سمة شخ صي ة وتكون احلواري ة جوهري ة واأ سا سي ة يف الر واية صاحبة الأ سلوب الن رثي لأن كل رواية اإىل حد ما هي نظام حواري من متثيالت )اللغات( لأ ساليب الوعي امللمو س الذي ل ميكن ف صله عن اللغة فهي متثل اللغة من جهة وغاية من غايات الت مثيل من جهة اأخرى )12( فاخلطاب الر وائي ينقد ذاته دائما. ت سمح الر واية يف ر أاي باختني بولوج جميع اأنواع الأجنا س الت عبريي ة الن اجتة عن تقاطع الأ صوات وتداخلها داخل العمل الر وائي ومن املمكن أان تكون تلك الأجنا س: ق ص صا اأو شعرا اأو غري ذلك )13( وهذه الن ظرة مل تقت رص عند باختني على الن ص الأدبي بل اأكد اأن ن صف ما يتلفظه الإن سان العادي هو من كالم الآخرين )14( وهذا يعني اأن ه يوؤكد اأن تداخل الن صو ص اأمر حتمي يف الر واية وكذلك بني اأنواع الت داخل الن صي وفقا لطبيعة الن صو ص التي تلج الر واية من ناحية ووفقا لطريقة ولوج تلك الن صو ص من ناحية اأخرى مع اأن ه مل ي ضع م صطلح الت نا ص بل رك ز على الت عد دي ة داخل الن ص وعلى العن رص احلواري حيث اأ شار اإىل الت ضمني بو صفه م صطلحا مرتبطا بتداخل الن صو ص. اإن نا نلم س ما ذهب اإليه )باختني( يف واقع حياتنا اليومي ة فمقولتنا ل تخلو من كالم الآخرين ف أاحيانا ن سوق الأمثال واحلكم والق ص ص باأنواعها ون ست شهد بالآيات القراآني ة اأو الأحاديث الن بوي ة والأ شعار وقد نرمز اإىل شخ ص ما ب شخ صية اأخرى أاو حادثة ما بحادثة اأخرى م ستوحاة من تراثنا الأدبي اأو الت اريخي اأو الأ سطوري اأو ال ش عبي. وتكون اأقوال الآخرين اأ سرية املواقف الكالمي ة والر واية جت سيدا ل صورة من صور الواقع يدفعنا هذا اإىل القول: اإن اخلطاب الكتابي ل يختلف عن ال ش فوي يف هذه الن احية ولي س الأديب سوى ناقل لتجارب عادي ة يف قوالب فني ة والأديب الر وائي ما هو اإل م ع رب عن تلك الت جارب الإن ساني ة على أال سنة ال شخ صي ات الب رشي ة التي ي ستح رضها يف روايته. ت أاتي )كري ستيفا( وتكمل ما بد أاه )باختني( حيث التقطت منه م صطلح احلواري ة وطو رته وا صطلحت الت نا ص )15( وبذلك فهي أاول من ا ستخدمت هذا امل صطلح و شقت طريقه ومه دت ملن جاء بعدها )16( ففي حما رضة لها بعنوان )الكلمة واحلوار والر واية( يف ندوة بارت العلمي ة 1966 قد مت مفهوم الت نا ص intertextuality 277

4 الت ناص في روايات واسيني األعرج " رمل املاية أمنوذجا" حني نظرت اإىل الن ص و س ع ت إاىل تفكيكه من البنيوي ة و إادماجه يف الت اريخ واملجتمع حيث يتم ت شكيل الن ص يف ف ضاء اللغة رغم جتاوزه لها لأن ه يدخل يف إاطار املمار سات اللغوي ة التي تتمي ز بنظامني من العملي ات الرت كيبي ة والعمليات الد للي ة ومل تقف عند حد الت حليل الت حويلي لدرا سة الن ص فهو لي س ب نية سطحية فقط )الن ص الظ اهر( بل هو ب نية عميقة )الن ص املول د أاو الت كويني ( وهذه البنية متداخلة ت صنعها أاو تنتجها ن صو ص املجتمع والت اريخ )17(. هذا ما تو صلت إاليه كري ستيفا لو صف الت بادل الذي يتم داخل الن ص فالت نا ص هو: )الت فاعل الن صي داخل الن ص الواحد وهو الد ليل على الكيفي ة التي يقوم بها الن ص بقراءة الت اريخ والندماج فيه( )18( وهو حتولت مقطوعات أاو تقاطع عبارات أاخذت من ن صو ص أاخرى وهو عينة تركيبي ة جتمع لتنظيم ن صي معطي بالت عبري املت ضم ن فيه أاو الذي يحيل اإليه )19(. ت ضيف )كري ستيفا(: اأن كل ن ص يت شك ل من تركيبة ف سيف سائي ة من ال ست شهادات وكل ن ص هو امت صا ص أاو حتويل ممت ص أاو متحول متاما من ن صو ص اأخرى اإذ لكل ن ص خ صو صي ته وتفر ده ومتي زه واإل كان م ستن سخا من الن ص أاو الن صو ص التي امت ص ها أاو حو لها )20(. وت بني هذه الت عريفات للت نا ص فاعلي ته يف إانتاج الن ص وقوة ت أاثريه ومدى سلطته على الن ص اإذ اإن المت صا ص والت رشب والت حويل متنح الن ص املتنا ص روحا جديدة ومتي زا وتفر دا لأن تلك الن صو ص الوافدة من اخلارج رست يف منت الن ص وتغلغلت يف ج سم الن ص ك أانها جزء ل يتجز أا منه واإن كان هناك بع ض الإ شارات التي تدل نا على الن صو ص الوافدة أاو املمت ص ة ومن هنا نلم س الإبداع يف الن ص اجلديد. اأ س ست )كري ستيفا( هذا امل صطلح يف حقل ال س يمياء ليغدو رمزا جديدا يحرك ديناميكي ة القراءة والكتابة يف الن ص اجلديد )املبدع( وقد أاطلقت على العمل الذي تقوم به الن صو ص بالإنتاجي ة حيث تقوم ب إاعادة توزيع اللغة أاثناء تناول القارئ الن ص وهنا يختفي دور امل ؤولف ويظهر دور القارئ كاأن الن ص ينتج نف سه مرة أاخرى عندما يكون الن ص بيد القارئ ل امل ؤولف فالن ص معرفة وممار سة ) 21 ( لأن ه نتاج وعمل م ستمر ل يكف عن الت فاعل فعمل القارئ هنا يكون نوعا من ابتكار املعاين اجلديدة والبعيدة حتى عن ق صد املوؤلف. ي سهم )رولن بارت )22( ) من بعد )كري ستيفا( يف تف سري ظاهرة الت نا ص فقد عر ف الن ص اأن ه ن سيج من القتبا سات املنحدرة من اأ صول ثقافي ة متنو عة فالكاتب ل ميكنه اإل اأن يقل د ما تقد م عليه من أافعال )23( والت نا ص الذي يدخل يف كل ن ص ل ميكن أان يعد اأ صال له ويف هذه احلالة فاإن الن ص ير ضخ لأ سطورة ال س اللة والنحدار )24( مما يزيد الن ص حيوية وحركة وحياة ل حدود لها من اجلمالي ة والإبداع. ولهذا ميكن القول: اإن الت نا ص خا صي ة مالزمة لكل اإنتاج لغوي مهما كان نوعه فلي س ثم ة كالم ينطلق من ال ص مت مهما كان طابعه خا ص ا ) 25 (. فالن ص الأدبي مهما توافرت فيه اجلد ة يرتبط بطائفة من الن صو ص ال س ابقة عليه. وهي ت كو ن ما ي دعى باملرجعي ة الث قافية والفكري ة )26(. والر وائي ما هو اإل م عيد لإنتاج سابق عليه يتنا سب مع مو ضوع روايته فيوظ ف الن صو ص الغائبة فيه لترثي ن ص روايته ب صفة الإبداع واخللق والت عمق واحليوي ة. أ.جمانة "محمد عزمي" زكريا زلوم اإن الت نا ص الذي ميثل ا شتغال على ن صو ص اأخرى ل يقل ل من اأهمي ة الن ص الذي ينه ض على ن صو ص غائبة فهو ل يلغي خ صو صيته الإبداعي ة بل يوؤك د سماته املتمي زة بو صفه ن ص ا قائما بذاته جتاوز غريه أاو تخطاه )27(. اأرى اأن ه ل مفر لأي مبدع من الت نا ص فهو يتعامل مع و سيلة م شرتكة بينه وبني املبدعني وهي اللغة لأن ها أاداة الت وا صل ونتاج اجتماعي. والت نا ص للر وائي هو الر وح للج سد فال حياة له بدونها فمن الأجدى له أان يبحث عن اآلي ات الت نا ص ل اأن يتجاهل وجوده هروبا اإىل الأمام )28(. لهذا يرى )رولن بارت( اأن الت نا ص قدر كل ن ص مهما كان نوعه وجن سه )29(. ثانيا : أانواع الت نا ص )اأ شكال الت نا ص ) للت نا ص اأنواع اأو اأ شكال كثرية فهناك الت نا ص املبا رش والت نا ص غري املبا رش فاملبا رش هو القتبا س احلريف للن صو ص واأم ا غري املبا رش فهو الذي يت ضم ن فيه الن ص تلميحا اأو اإيحاء ) 30 ( أاي قد يكون الت نا ص املبا رش الوارد كلمة اأو جملة ذات دللة ما تدل على الن ص الذي أاخذت منه وقد يكون عبارة اأو بيت شعر اأو جزءا منه حيث يعمد ال شاعر فيه اإىل ا ستح ضار مناذج من الت نا ص اإىل ن ص ه الأ صلي لوظيفة فني ة اأو فكري ة من سجمة مع ال س ياق الرو ائي أاو ال س ياق ال ش عري سواء أاكان هذا الت نا ص ن ص ا تاريخي ا اأم ديني ا اأم اأدبي ا اأم اأ سطوري ا أام شعبي ا اإذ يقتب س الن ص بلغته التي ورد فيها الآيات القراآني ة والأحاديث والأ شعار والق ص ص اأم ا الت نا ص غري املبا رش في ستنتج ا ستنتاجا وي ستنبط ا ستنباطا من الن ص وبخا ص ة الر وائي وهذا ي دعى بتنا ص الأفكار اأو املقروء الث قايف أاو الذ اكرة الت اريخي ة التي ت ستح رض تنا ص اتها بروحها اأو معناها ولي س بن ص ها الأ صلي بل تفهم من تلميحات الن ص واإمياءاته وترميزاته 31(. وهناك تنا ص اخلفاء وتنا ص الت جلي )الظ اهر(. فالأول عملي ة شعوري ة والث اين عملي ة واعية وجند يف الت نا ص الأول عملي ة امت صا ص وحتويل لن صو ص اأخرى متداخلة ومتفاعلة معه اأم ا الت نا ص الواعي فاإن املبدع سواء أاكان شاعرا اأم كابتا نرثي ا فاإن ه يلج أا له بعد اأن مينحه ر ؤويته اخلا ص ة وذلك بهدف صدم القارئ والت أاثري فيه عن طريق خلخلة وعيه واإيقاظه لكي يعي ماأ ساوية الواقع )32( الذي أامامه أاو الذي يحياه. اأم ا تنا ص املوافقة اأو القتداء اأو الت شاكل فهو يتوافق مع الن ص الغائب ومع الن ص احلا رض اإىل حد ما ويقابله تنا ص املخالفة أاو املعاك سة اأو الت نا ص ال س اخر ففيه يكون الن ص الغائب خمالفا للحا رض ورمب ا تكون املخالفة ضي قة مقت رصة على املبنى اأو تت سع لت شمل املبنى واملعنى معا ) 33 (. يق سم بع ض الباحثني الت نا ص ب شكل اأ سا سي اإىل تنا ص واع أاو شعوري ويت ضم ن القتبا س وال ست شهاد والت ضمني وي صدر عن وعي و شعور امل ؤولف به ويتمث ل ذلك بو ضع الن صو ص داخل قو سني أاو بو ضع قرينة تدل عليها وعك سه الت نا ص الال شعوري )34(. اأم ا الت نا ص العتباطي فهو يعتمد على ذاكرة املتلق ي والت نا ص الواجب الذي يوج ه املتلقي نحو مظان ه )35( وبناء على ذلك نرى الت نا ص يختلف من حني اإىل آاخر باختالف املتلق ني وبتقل ب املخزون الث قايف غري امل ستقر لديهم. 278

5 مجلة جامعة القدس املفتوحة لألبحاث والدراسات - العدد الثالث واألربعون (1) - شباط 2018 يت ضح مما سبق اأن الباحثني املحدثني و ضعوا تف سريات للت نا ص وحد دوا أانواعه أاو اأ شكاله واأرى اأن ها تت شابه يف دللتها فهي تلتقي يف جوهرها و إان اختلفت يف طريقة صياغتها ولكن رغبة الباحث يف البتكار تدفعه إاىل ا صطالح ت سميات له تن سجم مع ثقافتة ورغبته وذوقه وتذوقه لطبيعة هذه الظ اهرة وفهمه لها. ثالثا : وظيفة الت نا ص اأ شارت كري ستيفا إاىل وظيفة الت نا ص وعالقاته. فهو كما تراه تو صيف لولدة الن ص ويبلغ الأمر اأحيانا أان يندمج الن ص املرجعي )كل الندماج بالن ص ال ش عري اإىل درجة يغدو معها املجال ال رص وري لولدة معنى الن ص ) )36( وعليه تكون الن صو ص املرجعي ة هي امل هاد الذي نبني عليه )عملي ة التلق ي أاو ال ستقبال لأن ها هي التي ت ي رص اإنتاج الد للة أاو املعنى الذي ينطوي عليه الن ص املقروء( )37(. من هنا فاإن الن ص اجلديد- مهما كان- لي س وليد ذاته اإل من خالل الر ؤوية الفكري ة واجلمالي ة والت وظيف البالغي الذي يتمي ز به الن ص اجلديد فوظيفة الت نا ص ت كم ن يف الوظيفة التي يقوم بها ليحقق هدفا ومهم ة سياقي ة يرثي بها الن ص اجلديد ومينحه عمقا يف املعنى ويهبه طاقة رمزي ة ل حدود لها اإ ضافة اإىل جملة من الإيحاءات التي تتعد د فيها الأ صوات والقراءات فتك سب الن ص احلايل تفاعال م ستمرا ل يقف عند حد املبدع )38(. يقوم الت نا ص بوظيفة توثيق معنى ما وتر سيخه أاو ت أاكيد موقف اأو رف ضه ملقولة أاو نفي ملعتقد ويكون ذلك اإم ا بالت رصيح اأو الت لميح ملوؤازرة الن ص احلايل ) 39 (. يقد م الت نا ص فر صة حقيقي ة للن اقد حيث يدفعه اإىل تبني تطور لغة املبدع سواء اأكان شاعرا اأم أاديبا وطريقته يف بناء عمله الإبداعي ويك شف عن م صادر معرفته وثقافته مم ا مي ك ن من حتليل انتماءاته الث قافي ة والفكري ة والقومي ة )40(. اإ ضافة اإىل اأن ه يعمل على تثقيف املتلق ي و إاثارة اهتمامه مبجموعة من الن صو ص املرجعي ة لأن الت نا ص ذو م رسبني كما اأ سلفنا أاحدهما يقوم به املبدع من اإحالة على الن ص املرجعي من حيث روؤيته للق ضي ة التي يطرحها يف ن ص ه والآخر ما يثريه الن ص الوليد عند املتلق ي يف الت نقيب والبحث عن العالقة بني الن صني من حيث امل شابهة أاو الت ناق ض بينهما وهذا يف حد ذاته نتيجة قي مة للت نا ص. لعل اأهم وظيفة يحق قها الت نا ص للن ص الوليد هي الوظيفة اجلمالي ة بحيث ي صبح الن ص املرجعي )رديفا جمالي ا للن ص احلا رض وجزءا من ت شك ل معناه( )41( اإذ يدفع املتلق ي اإىل س رب اأغواره اإذ يبحث عن العالقات ال ستعاري ة واملجازي ة الكامنة بني الن صني مبا ي حقق له الك شف عن الفوارق الد قيقة يف الت شكيل اجلمايل بني الن صني اإ ضافة إاىل ما مينحه له من فر صة ال ستدلل على درجة انزياح الن ص املرجعي حني يرتاءى يف الن ص الوليد. وهذا يوؤك د ما اأ شار إاليه العرب قدميا من رضورة أان يكون يف صدر الكالم ما ي نب ئ ع ن أاواخره بحيث ي ستثري املذكور عند ال س امع ما يعرفه 42(. وفق ما تقد م من مفاهيم ميكن القول: اإن الت نا ص ظاهرة لغوي ة معقدة ت ستع صي على ال ض بط والت قنني حيث تعتمد على ثقافة املتلقي و سعة معرفته وقدرته على الرت جيح. فالن ص الوليد يحتوي على موؤ رشات جتعل الت نا ص يك شف عن نف سه ويوجه القارئ ل إالم ساك به ومنها الت العب باأ صوات الكلمة والت رصيح باملعار ضة واإ ستعمال لغة و سط معني والإحالة على جن س خطابي برمته )43(. اإذ ل ميكن اأن تخلو اأي رواية عربي ة من الت نا ص يف ا ستح ضار الن صو ص املرجعي ة أاو الأفكار امل ستعادة من املا ضي املطروحة يف زواياها ف إاننا جند يف رواية ما مناذج كثرية من الت نا ص وجند املقروء الث قايف والت اريخي حا رضا فيها ولكن نا يف نهاية الأمر أامام ن صو ص اإبداعية جديدة لها هوي تها و شخ صي تها حيث سنتناول يف املحور الأخري دور الت نا ص يف روايات وا سيني الأعرج وماهي ة الن صو ص الغائبة التي يوظفها يف رواياته وكيف كان يت كىء على الت نا ص الرت اثي الت اريخي والأ سطوري والأدبي والد يني وال ش عبي يف رسد اأحداث واقعي ة تعك س احلياة الجتماعي ة وال س يا سي ة التي حتياها املجتمعات العربي ة وبخا صة يف اجلزائر وطن الر وائي العربي العاملي وا سيني الأعرج وعليه فقد اخرتت رواية )رمل املاية اأمنوذجا ( للك شف عن س رب توظيفه للت نا ص يف رواياته وما هي أاهدافه من وراء ا ستح ضار الن صو ص الغائبة فيها مع تفكيك رموزها. رابعا : الت نا ص يف روايات وا سيني ا أالعرج )رمل املاية اأمنوذجا ( اإن ال ش يء الأ سا س يف قراءة كل عمل اأدبي هو الت فاعل بني ب ن ي ت ه وم تلق يه وعليه ل ب د للباحث من تبني مالمح سريورة الن ص املرج ع ي يف الن ص الوليد ملا لذلك من اأثر يف فهم عالقة الر وائي بالن ص املرج عي حيث ت عني على تعر ف مفا ص ل حتو لت تنا ص ه رسدي ا والن ص املرجعي. يتحقق ذلك بتعيني املر ات التي تقاطع فيها ن ص ه الوليد مع الن ص املرج عي يف كل رواية من رواياته. اإن ا ستك شاف هذه ال س ريورة ت فيد يف معرفة وعي الر وائي بجمالي ات الن ص املرج عي وتعيني الز من الذي تخل ق فيه ذلك الوعي ف ضال عن املراحل الز مني ة التي ي شتد فيها ويربز ظاهرا جلي ا أاو التي خبا فيها اأو ا ستكن فهذه امل ساألة مهم ة لأن ها حني ت ق اب ل بالظ روف املو ضوعي ة الت اريخي ة تك شف عن تداعي ات الن ص ومالب ساته و أا سبابه وبالت ايل ن ستدل بها على تطو ر ثقافة الر وائي وموقفه من الأ شياء والأ شخا ص والأماكن والأحداث التي ي شتمل عليها ن ص ه الوليد مم ا ي قابل نظرياتها يف الن ص املرج عي. اهتم ت الر واية اجلزائري ة بعام ة وروايات )وا سيني الأعرج( بخا ص ة بالواقع اجلزائري فكانت ترجمانا صادقا ناقلة كل حتو لته حمل لة أازماته اإبتداء من مرحلة التاأ سي س )ما بعد ال ستقالل( اإىل مرحلة الت سعينيات )املحنة( مرورا مبرحلة ال سبعينيات )املرحلة ال شرتاكية(. لهذا جعلت الباحثة روايته )رمل املاية( مدار بحثها فوجدتها منفتحة بطابعها الت نا صي على املوروث ال ش عبي والت اريخي ب شكل خا ص. لقد أاقام )وا سيني الأعرج( بناء )رمل املاية( على بناء ( أالف ليلة وليلة( ووظ فها ب شكل كلي فالبنية العامة للحكاية تقوم على تركيب الن ص على م ستويات احلكاية والأحداث وال ش خ صيات 279

6 الت ناص في روايات واسيني األعرج " رمل املاية أمنوذجا" واملكان والز مان حيث تتاأل ف ب نية الر واية من و حدات رسدي ة صغرى ي شك ل جمموعها البنية العام ة للن ص. وتتاأل ف حكايات )األف ليلة وليلة ) من احلكاية الإطاري ة واحلكايات الفرعي ة التي نتجت عنها. وتتكون احلكاية الإطارية من امللك شهريار و شهرزاد بنت الوزير وهي حكاية ب سيطة وقليلة الأحداث وال ش خ صي ات مم ا جعلها تت صف بالقدرة على رسد حكايات كثرية فيها اأي هي منتجة للحكايات الفرعي ة وهي التي روتها شهرزاد عن رواة آاخرين وهي حكايات كثرية ومتنوعة حيث كانت ترويها ل شهريار يف كل ليلة اإل اأن ها كانت تتوق ف عن احلكي واعدة إاياه با ستكمال احلكاية يف الليلة املقبلة إاذا مل يقتلها - كعادته- كما فعل مع الأخريات. اأم ا رواية )رمل املاية( فقد ضم ت فاجعة الليلة ال س ابعة بعد الألف للجزائري )وا سيني الأعرج( ق ص صا كثرية روتها )دنيازاد( اأخت شهرزاد ل شهريار بن املقتدر عن رواة آاخرين قاموا بدور الر اوي متاما كحكايات )األف ليلة وليلة(. ويت ضح ذلك بعقد مقارنة بني رواية )رمل املاية( وحكايات )األف ليلة وليلة (: 1.1 احلكاية االإطاري ة: دنيازاد تروي ل شهريار بن املقتدر ما جرى يف الليلة ال س ابعة بعد الألف اأم ا يف الثانية شهرزاد تروي ل شهريار حكايات ملد ة األف ليلة وليلة. 2.2 تتول د عن احلكاية االإطاري ة حكايات كثرية : حكاية الب شري املورك سي وحكاية احلالج وحكاية ابن ر شد وحكاية أابي ذر الغفاري وحكاية بوزان القلعي وحكاية اخل رض وحكاية اأهل الكهف... اأم ا الث انية فتتول د عن احلكاية الإطاري ة حكايات كثرية ومتنوعة تتناول يف جمملها ال رص اع بني اخلري وال رش ويدخل فيها احلديث عن العفاريت واجلن واخلرافات... اإلخ. هذا الت قابل ما بني رواية»رمل املاية«و»األف ليلة وليلة» من حيث توظيف البنية العام ة لهما اإذ ي شري الكاتب اإىل رغبته يف تاأ سي س الرو اية على احلكاية مم ا يوؤد ي اإىل اخللخلة يف م ستوى توظيف الر وايتني للو حدات ال ص غرى و سيتحول الت وافق اإىل اختالف والت قابل إاىل تعاك س و سنالحظ اأن ال رص د الر وائي ياأخذ شكلني متناق ضني: أاولهما ال ش كل املتوازي حيث يتوازى خط سري ال رص د الر وائي مع خط سري ال رص د احلكائي وثانيهما ال ش كل الت خالفي أاو الت عاك سي وفيه يعاك س ال رص د الر وائي ال رص د احلكائي ومي شي يف الجتاه املعاك س له ويتناول الختالف احلكاية الإطاري ة واحلكايات الفرعي ة املتول دة عنها. نق صد بذلك حتطيم الر وائي»وا سيني«للحكاية الإطاري ة والفرعي ة الن اجمة عنها يف رواية»رمل املاية فاجعة الليلة ال س ابعة بعد الألف«فهي مل تعن باإعادة م رسد حكايات»األف ليلة وليلة «لأن الهدف والد افع من وراء ال رص د فيها هو اإبراز احلقيقة التي خباأتها شهرزاد عن شهريار و رسد اأحداث جديدة ك رسد اأحداث الت اريخ الر سمي لهذا فهي ترف ض انتهاء احلكاية وتفتح اآفاقا جديدة منطلقة من ال ش ك يف كل ما روته شهرزاد للملك شهريار وو صفه اأن ه غري حقيقي ويتكف ل ال رص د الر وائي باإخراج احلقيقة اإىل الن ور. تقوم دنيازاد مبهمة رسد احلقيقة التي خب أاتها شهرزاد عن امللك شهريار وبد أات من حيث انتهت اأختها معلنة متديد ال رص د أ.جمانة "محمد عزمي" زكريا زلوم من النقطة التي توقفت عندها شهرزاد وهي حكاية»فاطمة العر ة وزوجها معروف الإ سكايف «فرواية»رمل املاية«اأخذت بتو سيع مفهوم احلكاية عن طريق إاعادة رسدها من جديد وهي ت لب سها ثوب ال رص دي ة لأن ها تختزل يف داخلها تاريخا أاريد له اأن ي زو ر وحقيقة اأن ت شو ه و رصاعا ما بني ال س لطة وال ش عب اإذن هي حكاية تاريخ اأم ة. وت رسد الر واية حكاية الليلة ال س ابعة بعد الألف على اأن ها امتداد لألف ليلة وليلة فهناك ست ليال ت شك ل الز من الذي ت ع ن ى الر واية ب رسد اأحداثه بدءا من انحراف ال س لطة الديني ة وال س يا سي ة عن الد ميوقراطي ة وال شرتاكي ة والعدالة وامل ساواة ممثلة مبعاوية بن أابي سفيان وعثمان بن عفان حيث أاقدما على نفي اأبي ذر الغفاري الذي جهر بالث ورة ضد ال س لطة مرورا ب سقوط غرناطة وانتهاء بالت اريخ احلايل الذي تطرحه الر واية على اأن ه امتداد للما ضي كاغت صاب ال س لطة وقمع احلر يات واإذلل ال ش عب وظلمه والت عاون مع الأجنبي الذي ي ساعد ال س لطة يف اإنهاء احلكاية بالط ريقة التي تريدها ال س لطة احلالي ة. وعليه فاإن رواية»رمل املاية«تطرح مفهوما متجد د ا للحكاية األ وهو ال رص اع الد ائر بني ال س لطة وال ش عب سواء أاكان يف املا ضي أام احلا رض. يقوم ال رص د الر وائي فيها على طرفني مت صارعني هما ال س لطة التي تعمل على اإخفاء احلقيقة م ستخدمة الور اقني الذين يكتبون الت اريخ وفق اأهواء ال س لطة ورغباتها وال ش عب الذي يتعر ض للظ لم واجلوع والذ ل والعذاب حيث تريد ال س لطة املتمث لة ب شهريار بن املقتدر أان تنهي احلكاية»حكاية ال رص اع«بالط ريقة التي تنا سبها وتف ض لها عندما كان ي ستمع إاىل دنيازاد وهي تروي تاريخ ال رص اع وهم ه الأول أان تنتهي احلكاية بالط ريقة التي يريدها وهي انت صار ال س لطة رمز القوة على ال ش عب فهي املتحك مة يف م صري ال ش عوب العربي ة. اإل اأن الب شري املور سكي واأتباعه من املنا ضلني أارادوا أان تنتهي احلكاية بالث ورة على ال س لطة واإنهاء الظ لم. وعليه نرى الفاجعة التي حدثت يف الليلة ال س ابعة بعد الألف متمث لة بالعا صفة التي اجتاحت الق رص واأبادته عن بكرة اأبيه والق ضاء على الظ لم. وظ ف ال رص د الر وائي هنا املا ضي على اأن ه امتداد للحا رض وما ح صل يف الأم س فاإن ه يح صل يف الغد وهذا ما بي نته الر واية من تداخل ال ض مائر وتوحيد ال ش خ صي ات حيث ا ستلهم الر وائي من الت اريخ الإ سالمي شخ صي ة أابي ذر الغفاري اخلارج على ال س لطة يف ع رصه واألب سها ل شخ صي ة الب شري املورك سي الث ائر املنا ضل اأم ا شخ صي ة شهريار بن املقتدر باهلل فكانت امتدادا وتقليدا ل شخ صي ة امللك املتجرب شهريار يف األف ليلة وليلة وهذا يدل على تداخل احلكائي بالر وائي واخليايل بالواقعي. تتاأل ف رواية»رمل املاية«كاألف ليلة وليلة من حكاية إاطاري ة )الرئي سة( تفر عت عنها حكايات ثانوي ة فهناك راو وهو دنيازاد التي تتقم ص دور شهرزاد وهناك مروي له هو شهريار بن املقتدر باهلل صنو شهريار وحفيده. وميكن اأن منث ل هذه احلكايات الفرعي ة مبا يلي: دنيازاد: تروي ل شهريار بن املقتدر اأربع ع رشة حكاية الب شري املورك سي : يروي حكايته وحكاية حمود الإ شبيلي وحكاية صلب احلالج وحكاية ابن ر شد وحكاية أابي ذر الغفاري مع معاوية وحكاية اأهل الكهف الر اعي: يروي حكاية الب شري وحكاية اخل رض 280

7 مجلة جامعة القدس املفتوحة لألبحاث والدراسات - العدد الثالث واألربعون (1) - شباط 2018 يف اللحظة احلا سمة ويخل صه من املوت وينقله اإىل شاطئ مهجور. يالحظ هنا توظيف احلكاية اخلرافي ة )مغامرات ال س ندباد( يف الر واية فالبطل اخلرايف يعي ش حلما متوا صال ول يح س بالز من الذي يرتك اأثره يف الأ شياء املحيطة به فريحل يف بقاع الأر ض ويتعر ض لكثري من الأهوال اإل اأن ه يعود اإىل وطنه كاأن الز من ل يوؤث ر فيه ومن هذه الن احية ي شبه الب شري املور سكي البطل اخلرايف فقد عا ش يف الكهف ثالثة قرون ونيف ثم بعث من جديد وهنا )رمل املاية( مل تقدم بطال خرافي ا بل ت ستعني به لت صوير شخ صي ة البطل املوجودة يف الرت اث الت اريخي ويف الواقع وبهذا نرى )وا سيني( يوظ ف البطل اخلرايف ليظهر امل أا ساة احلقيقي ة التي عا شها بطل الر واية فهي موزعة بني اخلرافة واحلقيقة. و تتقاطع شخ صي ة الب شري املور سكي مع شخ صي ات تاريخي ة أاخرى يف )رمل املاية( أاذكر منها: شخ صي ة أابي ذر الغفاري حيث اأخذ هو نف سه ي رسد جزءا عن حياته وجتربته وما حدث له يف حمنته مع اخلليفة عثمان بن عفان ومعاوية بن اأبي سفيان. يذكر أابو ذر الغفاري حياته يف صحراء الر بذة التي نفي إاليها وهو يعاين املوت ففي أاول ليلة فيها جل س هو وزوجته وابنته عمارة وابنه ذر حتت نخلة ظل لتهم حيث ناموا يف العراء وكان برد ال صحراء يلفح أاج سادهم ال ضعيفة ليال و شم س ال صحراء ورمالها احلارقة ت رضب ر ؤوو سهم وتل سع أاج سادهم نهارا وذئاب ال صحراء تهاجمهم بني الفينة والأخرى... ول يوجد عندهم ماء ي رشبونه ومن شد ة العط ش توفيت ابنته ثم ابنه... فهو يروي هنا ما لقاه من ذل وعذاب وجوع أايام سخط اخلليفة الر ابع عليه ومل تكن الط بيعة )رمال صحراء الر بذة( أارحم من عذاب اخلليفة عثمان بن عفان. وكان يق صد من ذلك ظلم ال س لطة والظ روف ال س يئة املحيطة بال ش عب التي تدفعهم أاحيانا اإىل ظلم بع ضهم بق صد اأو دون ق صد من اأجل احلياة. كان اأبو ذر الغفاري يحاور ويناور كل من عثمان بن عفان ومعاوية ابن أابي سفيان زمن الهدنة وينق ض سيا ستهم نحو الر عي ة... لهذا ي عد أابو ذر الغفاري يف ال رص د الر وائي بطال وثائرا ضد ال س لطة ممث لة مبعاوية بن اأبي سفيان الذي انحرف عن احلق وتعاليم الإ سالم وجوهره إاذ ا ستاأثر لنف سه اأموال امل سلمني. ميكن اأن نف رس ا ستح ضار )وا سيني( ملثل هذه ال ش خ صي ات الت اريخي ة هنا ( أابو ذر الغفاري وابن ر شد واحلالج( تلك التي اختارت املواجهة والت حدي والن ضال ضد ال س لطة وحماولتها إاقامة العدل واإنهاء الظ لم وتاأليب ال ش عب ضد ال س لطة... يرجع ذلك كل ه لرغبة الر وائي ب إا سقاط تاريخ هوؤلء الث وريني على احلا رض ملواجهة الظ لم والث ورة عليه والوقوف يف وجه الظ املني يف كل زمان ومكان وهذا يعد دليال على ا ستمرار املا ضي يف احلا رض وما حدث يف املا ضي يحدث يف احلا رض فالت اريخ يعيد نف سه. اتكاأ )وا سيني الأعرج( يف ر سم بع ض شخ صي ات واأحداث روايته على الت اريخ الذي ميث ل املا ضي واملا ضي مبعطياته املتنوعة مبا فيه الرت اث وهو جزء من حا رضنا يعي ش معنا صورة ب صورة ويلعب دورا يف ت شكيل م ستقبلنا إاذ اإن املعطيات الرت اثي ة الت اريخي ة من اأحداث و شخ صيات وغريها... لي ست جمرد ظواهر عابرة تنتهي بانتهاء وجودها الز مني بل لها جانب اآخر يتمث ل واملجدوب: يروي حكاية الب شري وحكاية ماريانة وحكاية عم ي الط اوو س ماريو شا: تروي حكاية بوزان القلعي وحكاية املجدوب. يالحظ مم ا سبق اأن رواية»رمل املاية«احتوت على عدد كبري من احلكايات الفرعي ة الن اجمة عن احلكاية الإطاري ة فقد وظ ف الر وائي هذه احلكايات يف روايته معتمدا على املوروث الت اريخي والد يني ضمن الرت اث ال ش عبي الذي قامت عليه الر واية على اأ سا س حكايات األف ليلة وليلة ليعرب عن مدى امل أا ساة التي عا شها ال ش عب اجلزائري من قبل ال س لطة احلاكمة. سوف تعر ض الباحثة فيما يلي كيف اعتمد»وا سيني الأعرج«على ظاهرة الت نا ص يف توظيف ال ش خ صي ات الرت اثي ة والأحداث الت اريخي ة يف روايته معتمد ا على ال رص د الر وائي فيها. اأ سقط )وا سيني( ال ش خ صي ات الت اريخي ة يف روايته بطريقتني: الطريقة االأوىل: حتويل ال ش خ صي ة احلكائي ة اإىل شخ صي ة روائي ة لتنتقل ال شخ صي ة احلكائي ة من ال رص د احلكائي اإىل ال رص د الر وائي حاملة معها ا سمها ال ش خ صي ومالحمها الرئي سة ك شخ صي ة شهريار بن املقتدر باهلل )رمز ال س لطة( الذي اأ سقط عليه شخ صي ة امللك شهريار يف حكايات )األف ليلة وليلة (. وهنا نرى الر وائي قد اعتمد على توظيف الرت اث ال ش عبي يف ر سم الإطار العام لروايته التي قامت على غرار )األف ليلة وليلة ) وعلى شخ صي ة امللك شهريار الظ امل ومل ي أات توظيفه لهذا الرت اث اعتباطيا بل صدر عن وعي ونظرة ثاقبة لأن الكاتب العربي أاكرث ارتباطا بثقافته ال ش عبي ة منه بثقافته الف صيحة فهو يعاي ش الأوىل بطريقة طبعي ة يف حياته اليومي ة. كما يعود اهتمامه بها إاىل ارتباطه باجلمهور العري ض واإح سا سه الد ائم مب أا ساته والتزامه نحوه لذلك نالحظ عناية املبدعني با ستلهام الرت اث ال ش عبي وت شكيله يف أاعمالهم الأدبي ة كما يوؤك د هذا الأمر جانبا من جوانبه وهو اأن )املخي لة ال شعبي ة ا ستطاعت أان تكتنز املا ضي الطويل واأن تبقى رغم اإحداثات الز من الظ رفي ة على الأ س س املثبتة ل ستمراري ة الأم ة الن اقلة لرتاثها ولذاتها( )44(. )فوا سيني( هنا ق صد من هذا الت وظيف اأن ي صل صوته واأفكاره واأهدافه اإىل ال س واد الأعظم من ال ش عب اجلزائري. الط ريقة الث انية: ي سقط شخ صي ة بطل احلكاية على شخ صي ة بطل الر واية ف شخ صي ة الب شري املور سكي يف رواية )رمل املاية( ترمز إاىل الإن سان املنا ضل الث وري على سيا سة ال س لطة الظ املة وهذه ال شخ صي ة تتقاطع مع شخ صي ات ثوري ة يف الت اريخ العربي ك شخ صي ة ابن ر شد الفيل سوف القرطبي و شخ صي ة أابي ذر الغفاري و شخ صي ة احلالج كما اأن ها تتقاطع مع شخ صي ة بطل احلكاية على م ستوى اخليال املتمث لة ب شخ صي ة ال س ندباد. ي شبه ال س ندباد من حيث رحيله عن وطنه وتعر ضه ل شت ى اأنواع الأهوال وال ص عاب والعقبات أاثناء رحلته حيث تعر ض اإىل الهالك واملوت أاكرث من مر ة اإل اأن املنقذ يظهر يف اللحظة الأخرية لينقذه من املوت. ا ضطر الب شري املور سكي الر حيل عن وطنه غرناطة ب سبب ضغط حماكم الت فتي ش ومالحقتها للن ا س وتوج ه إاىل املارية وركب البحر وتعر ض لكثري من املخاطر على يد القرا صنة الطليان وحماولة )املارانو س اليهودي ) قتله وبعدها تعر ض للقتل من قبل أان صار املارانو س الذي قتله الب شري في أاتي الر جل امللثم )املنقذ( 281

8 الت ناص في روايات واسيني األعرج " رمل املاية أمنوذجا" يف دللتها ال ش مولي ة الباقية واملمتد ة والقابلة للت جدد على امتداد الز مان يف صيغ واأ شكال اأخرى )فالت اريخ لي س و صفا حلقبة زمني ة من وجهة نظر معا رص لها اإن ه اإدراك إان سان معا رص أاو حديث له فلي ست هناك اإذن صورة جامدة ثابتة لأية فرتة من هذا املا ضي(. )45( والت اريخ م صدر غزير وثري بعنا رصه ورموزه واأ صواته ومعطياته اإن ه المتداد الز ماين يف الن ف س الب رشي ة كما ميث ل املا ضي الرت اثي ه وي ة الأم ة احل ضاري ة و شخ صي تها ووجودها من هنا ياأتي الت وا صل به عند الرو ائي حتقيقا لالإح سا س بالأ صالة والقو ة و إان مر هذا الت اريخ كثريا من الهتزازات وال ض عف يف فرتات متعد دة. فوعي )وا سيني( برتاثه وموقفه من هذا الرت اث ومن واقعه وموقعه الذي تخري ه وانطالقه منه لتحديد زاوية الر وؤية لق ضايا وطنه و شعبه ور سم م ستقبل اأف ضل له دفعه ذلك اإىل هذا ال ستح ضار الت اريخي يف رواية )رمل املاية( لطرح أازمة ال ش عب اجلزائري ومعاناته ودفعه إاىل تغيري م صريه بيده ل بيد ال س لطة الظ املة التي ت سعى إاىل حتقيق م صاحلها ال ش خ صي ة وم صلحة الأجنبي. ومل ا كان اجلمهور يف طبعه تراثي الن زعة وبخا ص ة الن زعة الد يني ة لدى املجتمعات املقهورة بالذ ات اإذ تلجاأ اإىل الد ين ومعطياته ت ستمد منه القو ة يف فرتات القهر وال ضطهاد لإحداث توازن نف سي ومل ا كان الرت اث الد يني كذلك مليئا باملعطيات والقيم والأ صوات والر موز والأ شكال الت عبريي ة فهو يعد م صدرا سخي ا من م صادر الإلهام الر وائي فقد حر ص )وا سيني( على إايالء هذا اجلانب الرت اثي اهتماما فا ستثمره يف رواية )رمل املاية( موظ فا ق صة أاهل الكهف التي وردت يف القراآن الكرمي جم س دا بذلك أابعاد جتربته الر وائي ة ومعطيا لهذا الفن الر وائي قيمة فني ة وحياتي ة. )فوا سيني( كان ل يغفل عن ت أاثري املعطيات الد يني ة بخا صة على اجلمهور العربي ملا لها من احل سا سي ة يف فكره ووجدانه وقناعته. اأم ا ق ص ة اأهل الكهف فهي تتحد ث عن فتية جل أاوا اإىل الكهف هربا من ظلم ملك مدينة )دوقيانو س( وناموا يف الكهف مد ة طويلة وحني ا ستيقظوا ظن وا اأن هم ناموا ليلة أاو ب ض ع ليلة فاأر سلوا اأحدهم إاىل املدينة لي شرتي لهم طعاما فانك شف أامرهم و سقطوا مي تني. يوظ ف )وا سيني( هذا املوروث الد يني يف بناء اأحداث ق صة )الب شري املور سكي ) يف روايته هذه حيث يزج بطل روايته يف اأحداث ت شبه اأحداث ق صة أاهل الكهف. فالب شري املور سكي قبل جميئه اإىل الكهف كان يعي ش يف حي البيازين اأحد أاحياء غرناطة ومل ا بداأت حماكم الت فتي ش مبالحقة املور سكيني هرب من وطنه إاىل املاري ة بعد اأن ا شرتى له اأخوه صك الغفران من اليهودي ) صموئيل( وقد تعر ض الب شري أاثناء رحلته إاىل خماطر كثرية ولكن ه جنا منها ب أاعجوبة وبعدها قذفته الأمواج على شاطئ مهجور حيث عرث عليه احلكماء ال س بعة ونقلوه إاىل الكهف وطلبوا منه اأن يبقى فيه حتى يحني موعد خروجه منه وقد ا ستيقظ الب شري بعد ثالثة قرون ونيف وخرج من الكهف فوجد على بابه راعيا نقله اإىل جملكي ة )نوميدا أامدوكال( وحاكمها شهريار بن املقتدر باهلل. يالحظ مم ا سبق اأن )وا سيني( يبني اأحداث ق ص ة الب شري يف روايته على الو حدات ال رص دي ة الأ سا سي ة يف ق ص ة اأهل الكهف حيث أ.جمانة "محمد عزمي" زكريا زلوم جاء توظيفه لها هنا على أا سا س الختالف وامل شابهة فالب شري املور سكي يختلف عن اأهل الكهف يف اأن ه أاثناء نومه حلم مبا يحدث يف الليلة ال س ابعة بعد الألف حيث ت ضمنت أاحداث ال س قوط يف الت اريخ العربي : ) سقوط غرناطة نفي ابن ر شد عن قرطبة ونفي أابي ذر الغفاري اإىل صحراء الر بذة و صلب احلالج...( ويعمد الب شري هنا إاىل املقارنة بني نف سه واأهل الكهف فقد كانت نومتهم هادئة حتى حلظة ال ستيقاظ على عك س نومته متاما فقد عا ش جحيما خميفا وذاق أاهوال العذاب فيه طوال الليلة ال س ابعة بعد الألف فهو ل يعلم كم دامت قبل اأن تنطفئ. اأم ا امل شابهة بني الق ص تني فرنى هناك تداخال اإىل حد ما يف رسد بع ض الأحداث أاحيانا كقول احلكماء ال س بعة باأن الكلب الذي كان ينتظر الب شري املور سكي عند باب الكهف هو الكلب )قطمري( الذي كان مع اأهل الكهف وهكذا جند اأن احلدث الر وائي الرئي س قائم على ال رص اع بني اخلري وال رص. وعليه ميكن القول: اإن )وا سيني الأعرج( كان يهدف من وراء هذا الت وظيف الد يني إاىل بيان اأن الت اريخ الب رشي برم ته لي س اإل تاريخ رصاع بني قوى اخلري وقوى ال رص يف كل زمان ومكان ول بد من الث ورة على الظ لم وال رص مهما كانت قوته فقوته م ستمد ة من ضعف ال ش عب ومبقاومة ال ش عب ومترده ورف ضه للظ لم ي ستطيع سحقه وحتقيق الأمن وال س الم واحلياة الكرمية لنف سه فم صري الأمم بيد ال ش عوب ل بيد ال س لطة احلاكمة اجلائرة. يتبني مم ا سبق اأن )وا سيني الأعرج( قد ارتكز ب شكل رئي س على ظاهرة الت نا ص يف رسد أاحداث روايته وبناء شخ صي اتها فقد اعتمد على املوروث الت اريخي بالد رجة الأوىل اإل اأن ه قد و ضعه ضمن إاطار املوروث ال ش عبي املتمث ل يف حكايات )األف ليلة وليلة ( لي صور فظاعة احلك ام العرب وتكالبهم على ال س لطة وخيانتهم لوطنهم بالت آامر مع الأجانب اإ ضافة اإىل الظ لم والت جويع والذ ل الذي اأذاقوه لل ش عوب العربي ة تبعا مل صاحلهم ال ش خ صي ة. اإن ظهور الب شري املور سكي بطل رواية )رمل املاية( كان ميث ل الأمل واملخل ص لل ش عب من الظ لم وال ضطهاد الذي عانى منه سنني طويلة فبخروجه من الكهف بعد غياب طويل اأعاد الر واية اإىل م سارها احلقيقي بعد ما زي ف الور اقون وكت اب ال س الطني وامللوك الت اريخ وحقيقة ما حدث بدءا من نفي أابي ذر الغفاري اإىل صحراء الر بذة مرورا ب سقوط غرناطة وانتهاء بعام 1987 م الذي شهد سقوط اجلزائر يف يد بني كلبون ال س لطة اجلديدة ففي عهدهم عا شت اجلزائر و شعبها حياة الذ ل والت جويع والت عذيب و شتى أانواع الظ لم ويف رواية )رمل املاية( صو ر )وا سيني( كل ذلك متكئا على الت نا ص من املوروث الت اريخي والد يني وال ش عبي داعيا ال ش عب اجلزائري اإىل الث ورة على ال س لطة اجلائرة. وختاما تورد الباحثة بع ضا من الن تائج والت و صيات: 1.1 اإن عملية الت نا ص ل بد اأن ت ؤودي اإىل اإنتاج ن ص جديد ول بد أان تكون له غاية وجند )وا سيني الأعرج( قام بتحوير الن صو ص الغائبة يف روايته عرب ال ستبدال والز يادة والن ق ص ليجعلها منا سبة للفكرة التي يريد الت عبري عنها وهي ت صوير ما يحدث يف الواقع املعا ش. 2.2 اإن ح ضور الن صو ص الغائبة الكثرية وتداخلها يف رسد 282

9 مجلة جامعة القدس املفتوحة لألبحاث والدراسات - العدد الثالث واألربعون (1) - شباط 2018 روايته أاك سبتها خيال خ صبا ووا سعا فاأ ضفت احلياة واحليوي ة واحلركة عليها حيث دفعت املتلقي اإىل الر بط ما بني املا ضي واحلا رض وكاأن ه يعي ش يف الز منني معا فكل ما حدث يف املا ضي يحدث يف احلا رض فالت اريخ يعيد نف سه بحك امه و شعبه وجمريات حياته ال س يا سي ة والقت صادي ة والجتماعي ة كافة. 3.3 قام وا سيني الأعرج يف رواية )رمل املاية( بت صوير الواقع اجلزائري زمن حكم بني كلبون للجزائر م صورا معاناة شعبه وهز اته ال س يا سي ة والجتماعي ة والقت صادي ة يف ذلك الز من اجلائر دون أان يهمل الهاج س الفني لها من حيث الأ سلوب واللغة والت شكيل وهذا أاك سب جتربته الر وائي ة الن جاح والت أالق والنت شار على ال ص عيد العربي والعاملي ولفت نظر الن قاد اإليه و إاىل رواياته. اإ ضافة إاىل لفت نظر ال س لطة احلاكمة إاليه واخل شية منه ومن أافكاره ومن قلمه الذي يخط به الواقع اجلزائري بكل أامانة. 4.4 اأو صي بكتابة روايات عربي ة تعك س هموم جيل ال ش باب العربي واآمالهم فه م جيل امل ستقبل وذلك بهدف تنقية فكرهم ومعتقداتهم التي ي ؤومنون بها نتيجة ت أاثري الث قافة الأمريكي ة وهيمنتها على العامل أاجمع يف ع رصنا هذا )ع رص العوملة( وع رص ال رص عة والتكنولوجيا والت قنيات احلديثة والخرتاعات اجلديدة والف ضاء املفتوح... حتى ننقذهم من الن سالخ الفكري واللغوي الذي يعي شونه بدافع ال س ري يف ركب احل ضارة احلديثة!! اهلوامش: 1.1 ينظر: سلطان منري الت ضمني الت نا ص ينظر: الفي ا عبد املنعم عجب ما اأرانا نقول اإل معارا... حول الت نا ص يف الق صيدة احلديثة قراءة يف اأ سلوب تي. اإ س اإليوت الر افد ع ينظر: العدواين معجب رحلة الت نا صي ة إاىل النق د العربي القدمي عالمات يف الن قد م. 12 ج عز ام حمم د الن ص الغائب جتل يات الت نا ص يف ال ش عر العربي -درا سة ينظر: يقطني سعيد الت فاعل الن صي والرت ابط الن صي بني نظرية الن ص والإعالمي ات عالمات يف الن قد م. 8 ج انفتاح الن ص الر وائي وال س ياق ينظر: اجلزائري حمم د تخ صيب الن ص - الت شكيل بني الت نا ص وال رص د: جتربة )البينال( منوذجا - الر افد ع خليل اإبراهيم الن ص الأدبي حتليله وبنا ؤوه مدخل اإجرائي ينظر: املغي ض تركي الت نا ص معار ضات البارودي اأبحاث الريموك سل سلة الآداب واللغويات م. 9 ع هو: ميخائيل باختني مفكر رو سي تويف سنة ينظر يف ترجمته: كري يل اإمير سون باختني وعلم الأدب املعا رص اإبداع ع هي: جوليا كري ستيفا ولدت يف بلغاريا سنة 1941 ثم هاجرت اإىل فرن سا اأ صبحت من اأهم الن قاد وفال سفة ما بعد احلداثة يف فرن سا والعامل أاجمع من اأهم كتبها: ثورة اللغة ال شعرية ينظر يف ترجمتها: صالح فخري الن قد واملجتمع حوارات مع رولن بارت بول دي مان جاك ديريدا نورثروب فراي اإدوارد سعيد جوليا كري ستيفا تريي اإيجلتون ينظر: سلطان منري الت ضمني والت نا ص حلميداين حميد القراءة وتوليد الد للة تغيري عاداتنا يف قراءة الن ص الأدبي 23 الت نا ص واإنتاجية املعاين عالمات يف الن قد م. 10 ج ينظر: سلطان منري الت ضمني والت نا ص ينظر: باختني ميخائيل املبداأ احلواري ينظر: نف سه ينظر: باختني ميخائيل اخلطاب الر وائي ينظر: نف سه ينظر: ح سني املختار من الت نا ص اإىل الأطرا س عالمات يف الن قد م. 7 ج ينظر: داغر رشبل الت نا ص سبيال اإىل درا سة الن ص ال ش عري وغريه ف صول م. 16 ع ينظر: سلطان منري الت ضمني والت نا ص تادييه الن قد الأدبي يف القرن الع رشين 318 نقال عن: نهلة في صل الأحمد الت نا صية الن ظري ة واملنهج ينظر: تودروف تزف سيتان يف اأ صول اخلطاب الن قدي ينظر: الز عبي اأحمد الت نا ص نظري ا وتطبيقي ا ينظر: اإجنينو مارك مفهوم الت نا ص 102 نقال عن كتاب: يف اأ صول اخلطاب الن قدي تزفيتان تودوروف هو: عامل وناقد دللة فرن سي ولد يف شريبور ومن م ؤولفاته:»ميثولوجي ات«و)عنا رص علم الد للة( و)رولن بارت بنف سه( وهو من اأوائل نق اد الن قد ال ش كلي تويف سنة 1980 يف باري س. ينظر يف ترجمته: رشبل موري س حن ا مو سوعة ال ش عراء والأدباء الأجانب ينظر: بارت: رولن در س ال س يميولوجيا ينظر: نف سه ينظر: اجلز ار حمم د فكري ل ساني ات الختالف اجلزء الأول اخل صائ ص اجلمالي ة مل ستويات بناء الن ص يف شعر احلداثة ينظر: اإبراهيم علي جنيب وم ض الأعماق مقالت يف علم اجلمال والن قد ينظر: اليايف نعيم أاطياف الوجه الواحد ينظر: مفتاح حممد حتليل اخلطاب ال ش عري )ا سرتاتيجي ة الت نا ص ( ينظر: بارت رولن نظري ة الن ص ترجمة وتعليق: حمم د خري البقاعي العرب والفكر العربي م ينظر: الز عبي اأحمد الت نا ص نظري ا وتطبيقيا ينظر: نف سه ينظر: جنم مفيد الت نا ص ومفهوم الت حويل من شعر حممد عمران املوقف الأدبي ع ينظر: املو سى خليل الت نا ص ومرجعي اته املعرفة ع ينظر: جنم مفيد الت نا ص الد اخلي يف جتربة ال ش اعر حممود دروي ش الر افد ع

10 الت ناص في روايات واسيني األعرج " رمل املاية أمنوذجا" 3535 ينظر: مفتاح حمم د حتليل اخلطاب ال ش عري )ا سرتاتيجي ة الت نا ص ( كري ستيفا جوليا علم الن ص ا صطيف عبد الن بي الت نا ص ضمن بعد املفهوم والت لق ي والإنتاجي ة راية موؤتة م. 2 ع ينظر: اليايف نعيم اأطياف الوجه الواحد ينظر: عيد رجاء الن ص والت نا ص عالمات يف الن قد م ينظر: الكركي خالد الر موز الرتاثي ة العربي ة يف ش عر العربي احلديث اأبو ه شه ش إابراهيم حمم د املكو ن الت نا صي يف ال ص ورة ال ش عري ة عند حممود دروي ش ينظر: اجلرب خالد حتو لت الت نا ص يف شعر حممود دروي ش ينظر: مفتاح حمم د حتليل اخلطاب ال ش عري وا سرتاتيجي ة الت نا ص أايوب عبد الر حمن الآداب ال شعبي ة عامل الفكر م. 17 ع زايد علي ع رشي ا ستدعاء ال ش خ صي ات الرتاثي ة 151. املصادر واملراجع: 1.1 اإبراهيم علي جنيب وم ض الأعماق مقالت يف علم اجلمال والن قد )كتاب مرتجم عن الفرن سي ة( دار كنعان ط. 1 إاربد إاجنينو مارك مفهوم الت نا ص نقال عن كتاب: يف اأ صول اخلطاب الن قدي تزفيتان تودوروف ترجمة: املديني دار ال سوؤون الث قافي ة العام ة بغداد باختني ميخائيل اخلطاب الر وائي ترجمة: حمم د برادة دار الفكر ط. 1 القاهرة باختني ميخائيل املبداأ احلواري ترجمة: فخري صالح الهيئة العام ة لق صور الث قافة ط بارت رولن در س ال س يميولوجيا ترجمة: ابن عبد العايل من مقال»موت امل ؤولف«نقال عن: الت نا صي ة الن ظري ة واملنهج- نهلة في صل من شورات كت اب الر يا ض ال س عودي ة تادييه الن قد الأدبي يف القرن الع رشين ترجمة: قا سم املقداد نقال عن: الت نا صي ة الن ظري ة واملنهج نهلة في صل من شورات كت اب الر يا ض ال س عودي ة تودوروف تزفيتان يف اأ صول اخلطاب الن قدي ترجمة: أاحمد املديني دار ال سوؤون الث قافة العام ة بغداد اجلرب خالد حتو لت الت نا ص يف شعر حممود دروي ش من شورات جامعة البرتا اخلا ص ة عمادة البحث العلمي الأردن اجلز ار حمم د فكري ل ساني ات الختالف اجلزء الأول اخل صائ ص اجلمالي ة مل ستويات بناء الن ص يف شعر احلداثة اإيرتاك للط باعة والن رش ط. 2 القاهرة خليل اإبراهيم الن ص الأدبي حتليله وبنا ؤوه مدخل اإجرائي دار الكرمل ط. 1 عم ان زايد علي ع رشي ا ستدعاء ال ش خ صي ات الرت اثي ة يف ال ش عر العربي املعا رص طرابل س ليبيا أ.جمانة "محمد عزمي" زكريا زلوم 1212 الز عبي اأحمد الت نا ص نظري ا وتطبيقي ا مكتبة الكت اين اإربد الأردن سلطان منري الت ضمني والت نا ص و صف ر سالة الغفران للعامل الآخر )منوذجا( املعارف الإ سكندري ة م رص رشبل موري س حنا مو سوعة ال ش عراء والأدباء الأجانب جرو س بر س طرابل س صالح فخري الن قد واملجتمع حوارات مع رولن بارت بول دي مان جاك ديريدا نور ثروب فراي اإدوارد سعيد جوليا كري ستيفا تريي اإجنلتون )كتاب مرتجم( دار الفار س عم ان الأردن عز ام حمم د الن ص الغائب جتل يات الت نا ص يف ال ش عر العربي درا سة دار الكت اب العرب دم شق الكركي خالد الر موز الرت اثي ة العربي ة يف ال ش عر العربي احلديث دار اجليل بريوت لبنان كري ستيفا جوليا علم الن ص ترجمة: فوؤاد الز اهي دار توبقال املغرب مفتاح حمم د حتليل اخلطاب ال ش عري )ا سرتاتيجي ة الت نا ص ( دار الت نوير ط. 1 بريوت اأبو ه شه ش اإبراهيم حمم د املكو ن الت نا صي يف ال ص ورة ال ش عري ة عند حممود دروي ش ضمن كتاب: زيتونة املنفى درا سات يف شعر حممود دروي ش املوؤ س سة العربي ة بريوت اليايف نعيم أاطياف الوجه الواحد احت اد الكت اب العرب دم شق 1997 نقال عن: الت نا ص ومفهوم الت حويل من شعر حمم د عمران مفيد جنم املوقف الأدبي ع يقطني سعيد انفتاح الن ص الر وائي -الن ص وال س ياق- املركز الث قايف العربي ط. 2 الد ار البي ضاء الد وريات: 1.1 ا صطيف عبد الن بي الت نا ص ض من بعد املفهوم والت لقي والإنتاجي ة راية موؤتة م. 2 ع اأيوب عبد الر حمن الآداب ال ش عبي ة عامل الفكر م. 17 ع بارت رولن نظري ة الن ص ترجمة وتعليق: حمم د خري البقاعي العرب والفكر العربي م اجلزائري حمم د تخ صيب الن ص الت شكيل بني الت نا ص وال رص د: جتربة )البينال( منوذجا الر افد ع ح سني املختار من الت نا ص اإىل الأطرا س عالمات يف الن قد م. 7 ج داغر رشبل الت نا ص سبيال اإىل درا سة الن ص ال ش عري وغريه ف صول م. 16 ع العدواين معجب رحلة الت نا صي ة اإىل الن قد العربي القدمي عالمات يف الن قد م. 12 ج عيد رجاء الن ص والت نا ص عالمات يف الن قد م الفي ا عبد املنعم عجب ما اأرانا نقول اإل معارا... حول الت نا ص يف الق صيدة احلديثة قراءة يف اأ سلوب تي.اإ س اإليوت الر افد ع

11 مجلة جامعة القدس املفتوحة لألبحاث والدراسات - العدد الثالث واألربعون (1) - شباط كرييل اإمير سون باختني وعلم الأدب املعا رص اإبداع ع املغي ض تركي الت نا ص معار ضات البارودي اأبحاث الريموك سل سلة الآداب واللغويات م. 9 ع املو سى خليل الت نا ص ومرجعي اته املعرفة ع جنم مفيد الت نا ص الد اخلي يف جتربة ال ش اعر حممود دروي ش الر افد ع جنم مفيد الت نا ص ومفهوم الت حويل من شعر حممد عمران املوقف الأدبي ع يقطني سعيد الت فاعل الن صي والرت ابط الن صي بني نطري ة الن ص والإعالمي ات عالمات يف الن قد م. 8 ج