بسم هللا الرحمن الرحيم أبو هريرة الدوسي األكثر رواية عن النبي الحكمة الربانية في توزيع القدرات بين البشر: أيها األخوة األكارم مع سير أصحاب رسول هللا رضي هللا عنهم تعالى أجمعين وصحابي اليوم تعرفونه جميعا فما من مسلم إال ويطرق سمع ه اسم هذا الصحابي الجليل في كل خطبة ت لق ى وفي كل درس ي عط ى وفي كل كتاب ي ق رأ إنه الصحابي الجليل أبو هريرة الدوسي رضي هللا عنه. وقبل أن نمضي في الحديث عن هذا الصحابي الجليل نذكر سبب اختيار هذا الصحابي في فكرة أساسية مؤ د اها أن هللا سبحانه وتعالى أعطى اإلنسان حرية االختيار وجعل للجنة أبوابا عدة فكل إنسان بإمكانه أن يصل إلى الجنة من أي باب من هذه األبواب هناك من يطلب العلم فقط ليتعل م ويعل م وهناك من يتعل م ويقد م خدمات للناس وهناك من يبني المساجد وهناك من يرعى األيتام وهناك من يعين الضعفاء وهناك من ينصر المظلومين الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخالئق فم ن السذاجة وضيق األفق والجهل أن تظ ن أن الجنة للدعاة إلى هللا فقط ال فهي أيضا ألصحاب الحرف ولمن أتقنوا حرفهم ولمن خدموا الناس وألصحاب األموال الذين أنفقوا أموالهم رخيصة في سبيل هللا وألصحاب الجاه الذين وضعوا جاههم في خدمة الضعفاء ولمن أنشؤوا دور العلم ولمن أس سوا دور األيتام أبواب الجنة مفتحة لكل هؤالء فأنتم ترون كيف أن صحابيا جليال باع ه طويل في الجهاد كسيدنا خالد وأن صحابيا جليال آخر باعه طويل في اإلنفاق وأن صحابيا جليال آخر باعه طويل في تعل م العلم وتعليمه. فهذا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي هللا عنه نمط فريد فما من صحابي روى عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ما يزيد عن خمسة آالف وستمئة حديث كأبي هريرة والشيء العجيب أن اإلنسان مخي ر ومع أن الحياة تحتاج إلى آالف آالف األعمال فقد نسق هللا عز وجل بين اختيار اإلنسان وبين إعمار الكون على مستوى الحياة االقتصادية واالجتماعية فكل إنسان يحقق اختياره ويستمتع بعمله ومجموع األعمال يحقق إعمار لألرض لكن كيف تم هذا التنسيق بين اختيار الناس وبين تحقيق حاجات البشر جميعا لقد ت م هذا بترتيب وتدبير هللا سبحانه على مستوى مدينة واحدة فيها خطاطون وفيها قراء قرآن وفيها تجار وكل إنسان اختار مهنة أحب ها وبرع فيها لكن كيف تنسق اختيار هؤالء جميعا حيث إن هذه المدينة فيها كل الح ر ف وفيها كل الفعاليات.
على ك ل مقدمتي هذه هدف ها أن أحدنا ال يتوقف عمله فأي قطر إسالمي يعد من أكبر األقطار اإلسالمية تعدادا من حيث سكانه إندونيسيا فيها مئة وخمسون مليون مسلم واألمة العربية من خليجها إلى محيطها مائتا مليون أكبر قطر إسالمي أسلم أبناؤه عن طريق التجار والبيع والشراء ق ال الن ب ي ص ل ى هللا ع ل ي ه و س ل م: الت اج ر الص د وق ا أأل م ين م ع الن ب ي ين و الص د يق ين و الش ه د اء ]أخرجه الترمذي في سننه عن أبي سعيد الخدري[ لماذا ألنه داعية كبير وهو ال يدري وألنه حقق للناس حاجات أساسية باعهم بضاعة جيدة بسعر معتدل وكان لطيفا معهم رحيما بهم س م حا في التعامل معهم فهذا التاجر الصدوق يمكن أن يكون داعية إلى هللا وهو ساكت. تسمية النبي له وكنيته: واآلن إلى الصحابي الجليل أبي هريرة رضي هللا عنه لقد كان الناس يدعون هذا الصحابي الجليل في الجاهلية عبد شمس الناس بأسمائهم فرعون قارون سيدنا زيد وال تجد إال كنية واحدة في القرآن كله وهي أبو لهب ألن اسمه األساسي عبد العزى والقرآن ال يصح أن يذكر اسما أساسه الشرك لذلك قال تعالى: ت ب أت ي د ا أ ب ي ل ه ب و ت ب * م ا أ أغن ى ع أنه م ال ه و م ا ك س ب أحيانا يتألم اإلنسان إذا نودي باسمه ال تتألم يا أخي فقد نادى هللا األنبياء بأسمائهم فقال: )سورة المسد اآلية: 2-1( ي ا ع يس ى إ ن ي م ت و ف يك و ر اف ع ك إ ل ي إ أذ ق ال هللا ناداه باسمه قال تعالى: )سورة آل عمران اآلية: 55( ي ا ي أحي ى خ ذ ا ألك ت اب ب ق و ة أما أصحاب الكنى: )سورة مريم اآلية: 12( ت ب أت ي د ا أ ب ي ل ه ب و ت ب )سورة المسد اآلية: 1( القرآن الكريم لم يذكر من أسماء الكنى إال أبا لهب قياسا على هذا فاسم هذا الصحابي الجليل عبد شمس فلما أكرمه هللا باإلسالم وشر فه بلقاء النبي عليه الصالة والسالم قال له: ما اسمك قال: عبد شمس
فقال عليه الصالة والسالم: عبد الرحمن فقال: نعم عبد الرحمن بأبي أنت وأمي يا رسول هللا وم ن السنة أن ت غ ي ر أسماء م ن تحب إن كانت قبيحة منف رة أو كانت من أسماء ترمز إلى الشرك وال تليق بالمؤمن الموح د هناك أسماء ال تليق مثل عدوان لماذا ينبغي أن نغي رها أعتقد أن من حق اإلنسان أن يغي ر اسمه إلى اسم يروق له لكن دائما من حق الولد على والده أن يحسن تسميته كي يزهو باسمه. أم ا لماذا كان يكنى بأبي هريرة فإن سبب ذلك كانت له هرة وهو صغير يلعب بها فجعل لد اته أي أصدقاؤه ينادونه أبا هريرة وشاع ذلك وذاع حتى غلب على اسمه. فلما اتصلت أسبابه بأسباب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم جعل يناديه كثيرا بأبي ه ر إيناسا له وتحببا فقد كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رقيق لطيفا ع ن أ ن س ق ال : ع ل أيه و س ل م أ أحس ن الن اس خ ل ق ا ك ان الن ب ي ص ل ى هللا و ك ان ل ي أ خ ي ق ال ل ه : ق ال : أ ب و ع م أير أ أحس ب ه ف ط يم ا و ك ان إ ذ ا ج اء ق ال : ي ا أ ب ا ع م أير م ا ف ع ل الن غ أير ن غ ر ك ان ي ألع ب ب ه ف ر ب م ا ح ض ر الص ال ة و ه و ف ي ب أيت ن ا ف ي أأم ر ب ا ألب س اط ال ذ ي ت أحت ه ف ي أكن س و ي أنض ح ث م ي ق وم و ن ق وم خ ألف ه ف ي ص ل ي ب ن ا وكان يتحبب للسيدة عائشة زوجته ]أخرجهما البخاري ومسلم في الصحيح عن أنس[ دخل النبي صلى هللا عليه وسلم دخل على عائشة فقال: يا عويش مالي أراك أشرق وجهك [ ورد في األثر[ فصار ي ؤ ثر أبا هر على أبي هريرة ويقول: ناداني بها حبيبي رسول هللا. الحرفة التي اتخذها أبو هريرة بعد إسالمه: أسلم أبو هريرة على يد الطفيل بن عمرو الدوسي وظل في أرض قومه دوس إلى ما بعد الهجرة بست سنين حيث وفد مع جموع من قومه على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم هذا الصحابي الجليل انقطع لخدمة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فاتخذ المسجد مقاما واتخذ النبي معلما وال ولد وإماما إذ لم يكن له في حياة النبي زوج أحيانا التفرغ له معنى فمع طلب العلم رائع جدا والكالم مو ج ه إلى أخواننا الشباب وأنتم اآلن في طور اليفاع وأنتم اآلن متفرغون ال زوجة وال ولد والزواج مسؤولية ومتاعب فريثما تتزوج أحدكم فعليكم بمضاعفة الجهد ألن هذا الوقت الذي تعيشونه اآلن ال تعرفون قيمته إال بعد الزواج فالزواج مشغلة فاستغلوا وقتكم وضاعفوا جهدكم واطلبوا العلم حثيثا
وم ن لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة ما الذي يمنعك أن تطلب العلم طلبا حثيثا ما الذي يمنعك أن تضاعف من إنتاجك العلمي والتحصيلي وأنت شاب والشيء المؤلم أن اإلنسان حينما تتقدم به السن يتحر ق ألما على الوقت الذي مضى في شبابه على غير ما يتمنى فإذا سمح هللا لشاب أن يستفيد من خبرات اآلخرين أو أكرمه بخبرات الشيوخ مقد مة له على طبق من ذهب فعليه أن يستفيد منها وم ن عالمات ذكاء اإلنسان وتوفيقه أنه يستفيد من خبرات اآلخرين دون أن يدفع الثمن الباهظ لها تجلس مع إنسان كبير في السن يقول لك: آه فتخرج من أعماق أعماق أعماقه لقد ضي ع ت الوقت الثمين في شبابي ترى اآلن الشباب يقفز نشيط ا خمس درجات معا على س ل م البناء لكن ه بعد األربعين والخمسين يميل للراحة والسكون والنوم ويميل إلى إلغاء هذه الزيارة وهذا اللقاء فقد بدأت متاعب ه أما وهو شاب يغلي غليانا ويتوقد نشاطا فاإلنسان الشاب يستغل نشاطه وأروع شاب هو الذي يمضي شبابه في تجارب الشيوخ وحضور مجالس العلم فيعطيك خبرات الشيوخ وأنت شاب فاستغ ل هذه الفرصة قبل أن ت شغ ل والحديث الشريف: اغتنم خمسا قبل خمس فراغك قبل شغلك حياتك قبل موتك صحتك قبل سقمك شبابك قبل هرمك غناك قبل فقرك وفي القرآن الكريم آية تحضنا على التسابق قال تعالى: س اب ق وا إ ل ى م أغف ر ة م أن ر ب ك أم و ج ن ة ع أرض ه ا ك ع أرض الس م اء و ا أأل أرض أ ع د أت ل ل ذ ين آ م ن وا ب ا لل و ر س ل ه ذ ل ك وقال سبحانه: وقال عزوجل: ف أضل هللا ي أؤت يه م أن ي ش اء و هللا ذ و ا ألف أضل ا ألع ي م ل م أثل ه ذ ا ف ألي أعم ل ا ألع ام ل و ن و ف ي ذ ل ك ف ألي ت ن اف س ا ألم ت ن اف س ون )سورة الحديد اآلية: 21( )سورة الصافات اآلية: 11( )سورة المطففين اآلية: 21( قصة إسالم أم أبي هريرة والفرحة التي غمرت قلب ولدها : أيها األخوة إال أن هذا الصحابي كانت له أم عجوز أ ص ر ت على الشرك فكان ال يفتأ أن يدعوها إلى اإلسالم إشفاقا عليها وبرا بها فتنفر منه وتصده فيتركها والحزن عليها يفري فؤاده فريا.
وهللا أيها األخوة قد ألتقي بأخ شاب فتراه يتحر ق على هداية أم ه وأبيه وهداية أخوته وأخواته وهللا أ ك ب ر ه فاإلنسان إذا لم يكن فيه خير ألقرب الناس إليه فال خير فيه ألحد فالشاب المؤمن بأساليب ذكية جدا ي سم ع والد ه الحق و يسمع والدته الحق وينصح بأدب وال يدخر وسعا لهداية أقرب الناس إليه وكلكم يعلم أن االبن لن يستطيع أن يرد جميل أبويه إال في حالة واحدة أن يكونا ضال ين فيتم هدايتهما على يديه فإذا فعل ذلك فقد ر د الجميل كل ه ألن ه أعتقهما من النار. وفي ذات يوم دعاها إلى اإليمان باهلل ورسوله فقالت في النبي عليه الصالة والسالم قوال أحزنه فمضى إلى النبي يبكي فقال له النبي عليه الصالة والسالم: ما يبكيك يا أبا هريرة فقال: إني كنت ال أفتر عن دعوة أم ي إلى اإلسالم فتأبى عل ي وقد دعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره وقال للنبي عليه الصالة والسالم: فادع هللا جل وعز كي يميل قلب أم أبي هريرة لإلسالم فدعا لها النبي صلوات هللا وسالمه عليه. قال أبو هريرة: فمضيت إلى البيت فإذا بالباب قد رد وسمعت خضخضة الماء فلما هممت بالدخول قالت أمي: مكانك يا أبا هريرة ثم لبست ثوبها وقالت: اد خ ل فدخلت فقالت: أشهد أن ال إله إال هللا وأشهد أن محمدا رسول هللا فعدت إلى النبي صلى هللا عليه وسلم وأنا أبكي من شدة الفرح. فالشاب المؤمن إذا كانت هذه رغبت ه وهذا رجاؤه وقد سمعت عن إنسان له أب ملحد ولهذا األب أصدقاء كثر فما زال هذا الشاب يقنع أباه بأدب ومنطق وح جة وخدمه إلى أن مال قلب هذا األب ولعله صلى من أجل ابنه فانتهزها االبن مناسبة وأقام في البيت احتفاال دعا إليه كبار العلماء في هذه البلدة ودعا إكراما ألبيه أصدقاء األب كلهم الذين هم على شاكلته وقال لي: إن بعض العلماء تحد ث وقال: إن هذا االحتفال نتج عنه خير كبير وهذا شيء رائع جدا أن يمك نك هللا عز وجل ويسمح لك أن تهدي الطرف اآلخر. ذات مرة قال لي شخص: إنه جاءه مولود بعد سبع بنات فأراد أن يقيم حفال لتقب ل التهاني وهو يعمل مدرسا في معهد متوسط وكل م ن حوله بعيدون عن الدين بعدا شديدا وبعضهم ال يصلي إطالقا وهو قريب لي فاقترحت عليه بدل هذا اليوم الذي أعده الستقبال أصدقائه أن يقيم احتفاال وتبر عت أنا بإلقاء كلمة فيه وجاء أولئك العلمانيون وجلسوا وفوجئوا أن الحفل ديني وألقيت كلمة فيها توفيق إلهي. ثالثة من ثالثة وعشرين مدعو ا لزموا هذه الدروس وهم أب عد الناس فإذا أقم ت احتفاال فال تجعله احتفاال عادي ا ولكن ل ي ك ن احتفالك هادفا جاءك مولود أو تزوجت فأق م احتفاال وادع علماء يتكلمون كالما طيبا واستغل هذا االحتفال لتسميع الناس الح ق فنحن
هنا نتمنى على أخواننا أن يسمعوا الطرف اآلخر إذا وجد شخص مجتهد ومتفوق جدا وأخالقي وقلت له: انتبه لوالدك فهذا تحصيل حاصل أو قلت له: اجتهد فهذا تحصيل حاصل أيضا فأنت ما فعلت شيئا مع هذا المجتهد أما اإلنسان الشارد الشقي إذا تلطفت معه وأقنعته حتى مال لقب ه إليك فهذه البطولة فبطولتك في إقناع الطرف اآلخر وبطولتك في إقناع البعيدين عن الدين في إقناع أهل الدنيا في إقناع العلمانيين في إقناع الذين رأوا أن الدين ليس لهذا العصر وأنه سلوك أساسه الضعف والخوف هذه رؤيت هم. قلت: أبش ر يا رسول هللا فقد استجاب هللا دعوتك وهدى أم أبي هريرة إلى اإلسالم فهل عندك يا أخي هذه الرحمة تجاه والديك وإذا كان أبوك ال يصلي فهل أنت مرتاح إذ تعتقد أنه ال مشكلة نهائيا أم ا خطر في بالك أن تنصح ه وتتلطف معه وتسمعه شريطا وتعينه على نفسه. أنا أردت من هذا أن كل أخ م ن أخواننا الكرام له أب وله أم وله أخوات وأصهار وجيران وأوالد عم فال بد أن يغار عليهم ألست مسلما أال تحب للناس ما تحب لنفسك م ن منكم يصد ق قول النبي عليه الصالة والسالم في بيان المعنى الدقيق اللغوي لألخوة ق ال الن ب ي صل ى هللا ع ل ي ه و س ل م : ل ي أؤم ن أ ح د ك أم ح ت ى ي ح ب أل خ يه م ا ي ح ب ل ن أفس ه ]متفق عليه[ من أخوه أخوه في اإلنسانية ألن المطلق على إطالقه وهو أوسع دائرة لم يقل )ألخيه المؤمن( ألن الصفة قيد ولو قال: )أخيه المؤمن( لقي دها ولو قال: )أخيه المسلم( لقي دها )أخيه الن س بي( لقي دها فما قيدها النبي بل قال: ح ت ى ي ح ب أل خ يه وما دام مطلقا فهو ينطبق على أوسع دائرة األخوة في اإلنسانية فأنت لن تكون مؤمنا إال إذا أحببت ألي إنسان ما تحبه لنفسك فال تيأس عن عمير بن وهب بماذا وصفه سيدنا عمر بأنه كلب أو خنزير ثم قال بعد أن أسلم: وخرج من عند رسول هللا وهو أ حب إلي من بعض أوالدي. حبه لرسول هللا: أحب أبو هريرة رسول هللا ص ل ى هللا ع ل ي ه و س ل م و أ ح ب ا خالط لحم ه ودمه فكان ال يشبع من النظر إليه ويقول : ما رأيت شيئا أملح و ل أصلح من رسول هللا حتى ولكأن الشمس تجري في وجهه وهلل د ر سي دنا حسان بن ثابت حين قال واصفا كمال خ ل ق النبي ص ل ى هللا ع ل ي ه و س ل م: أحس ن م أنك لم ت ر ق ط ع أيني***و أ أجم ل م أنك ل أم ت ل د الن س اء خ ل أقت م ب ر أ م أن ك ل ع أيب ***ك أن ك ق أد خ ل أقت كم ا ت شاء
هذا الجمال الذي كان يتمتع به النبي وأخواننا الحجاج الذين أكرمهم هللا بالحج والعمرة والزيارة إذا وصلوا إلى المدينة المنورة سي ر و ن آثار هذا الجمال فالقبة الخضراء لها منظر ال ي ن س ى الشريف والروضة وآثار جماله في مقامه وفي قبره. وكذا الحرم النبوي كان هذا الصحابي الجليل يحمد هللا تبارك وتعالى على أن م ن عليه بصحبة النبي وات باع دينه بينما تسأل بعض الناس: كيف حالك يا أخي يقول لك: وهللا السوق سيء ال عمل وال حركة. كيف صحتك يقول: وهللا الحياة كلها مشاكل نعمة الهدى أال تنتبه لها انظروا إلى أبي هريرة لقد كان فقيرا معد ما كان يقول: ومقامه أنت مستقيم أليس هذه أعظم نعمة الحمد هلل الذي هدى أبا هريرة لإلسالم هذه أول نعمة الحمد هلل الذي علم أبا هريرة القرآن الحمد هلل الذي م ن على أبي هريرة بصحبة محمد ص ل ى هللا ع ل ي ه و س ل م. عليها كان سيدنا عمر إذا أصابته مصيبة يقول: الحمد هلل ثالث ا الحمد هلل حبه للعلم ومالزمته له : إذ لم تكن في ديني والحمد هلل إذ لم تكن سيدنا أبو هريرة أولع بالعلم وجعله ديدنه وغاية ما يتمناه وحدث زيد بن ثابت فقال: أكبر منها والحمد هلل إذ أله مت الصب ر بينما أنا وأبو هريرة وصاحب لي في المسجد ندعو هللا تعالى ونذكره في المسجد إذ طلع علينا رسول هللا ص ل ى هللا ع ل ي ه و س ل م وأقبل نحونا حتى جلس بيننا وكان ص ل ى هللا ع ل ي ه و س ل م متواضعا فسكتنا إجالال له عليهم فقال: عودوا إلى ما كنتم فيه فدعوت هللا أنا وصاحبي قبل أبي هريرة وجعل النبي يقول: آمين ثم دعا أبو هريرة فقال: اللهم أسألك ما سألك صاحباي وأسألك علما ال ي نسى فقال عليه الصالة والسالم: آمين يا أبا هريرة فقلنا: ونحن نسأل هللا علما ال ي نسى فقال ص ل ى هللا ع ل ي ه و س ل م: سبقكم بها الغالم الدوسي وكأن هللا عز وجل أكرم أبا هريرة بعلم ال ي نسى لذلك روى عن رسول هللا خمسة آالف حديث وستمئة وذات يوم مر بسوق المدينة فهاله انشغال الناس بالدنيا واستغراقهم بالبيع والشراء واألخذ والعطاء فوقف
وقال: يا أهل المدينة ما أعجزكم! قالوا: وما رأيت من عجزنا يا أبا هريرة قال: ميراث رسول هللا يقسم وأنتم هاهنا قالوا: وأين هو قال: هو في المسجد فخرجوا سراعا ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا فلما رأوه قالوا: يا أبا هريرة لقد أتينا المسجد فدخلنا فيه فلم نر شيئا ي قس م قال لهم: أو م ا رأيتم في المسجد أحدا قالوا: بلى رأينا قوما يصلون وقوما يقرؤون القرآن وقوما يتذاكرون في الحالل والحرام قال: ويحكم هذا ميراث رسول هللا. وع ن ك ث ير ب ن ق ي س ق ال : ك ن ت ج ال سا م ع أ ب ي الد ر د اء ف ي م س ج د د م ش ق ف ج اء ه ر ج ل ف ق ال : ي ا أ ب ا الد ر د اء إ ن ي ج ئ ت ك م ن م د ين ة الر س ول ص ل ى هللا ع ل ي ه و س ل م ل ح د يث ب ل غ ن ي أ ن ك ت ح د ث ه ع ن ر س ول هللا ص ل ى هللا ع ل ي ه و س ل م م ا ج ئ ت ل ح اج ة ق ال : ف إ ن ي س م ع ت ر س ول هللا ص ل ى هللا ع ل ي ه و س ل م ي ق ول : ب ه ط ر يق ا م أن ط ر ق ا ألج ن ة م أن س ل ك ط ر يق ا ي أطل ب ف يه ع ألم ا س ل ك هللا و إ ن ا ألم ال ئ ك ة ل ت ض ع أ أجن ح ت ه ا ر ض ا ل ط ال ب ا ألع ألم و إ ن ا ألع ال م ل ي أست أغف ر ل ه م أن ف ي الس م او ات و م أن ف ي ا أأل أرض و ا ألح يت ان ف ي ج أوف ا ألم ا ء و إ ن ف أضل ا ألع ال م ع ل ى ا ألع اب د ك ف أضل ا ألق م ر ل أيل ة ا ألب أدر ع ل ى س ائ ر ا ألك و اك ب و إ ن ا ألع ل م اء و ر ث ة ا أأل أنب ي اء و إ ن ا أأل أنب ي اء ل أم ي و ر ث وا د ين ار ا و ل د أره م ا و ر ث وا ا ألع ألم ف م أن أ خ ذ ه أ خ ذ ب ح و اف ر س م ع ت الن ب ي ص ل ى هللا ع ل ي ه و س ل م ي ق ول : ]أخرجه أبو داود في سننه[ ي أعط ي و ل أن ت ز ال ه ذ ه ا أأل م ة ق ائ م ة ع ل ى أ أمر هللا ب ه خ أير ا ي ف ق أهه ف ي الد ين و إ ن م ا أ ن ا ق اس م و هللا م أن ي ر د هللا ل ي ض ر ه أم م أن خ ال ف ه أم ح ت ى ي أأت ي أ أمر هللا ق ال ر س ول هللا ص ل ى هللا ع ل ي ه و س ل م : ]متفق عليه أخرجهما البخاري ومسلم في الصحيح[ ب ه خ أير ا ي ص أب م أنه م أن ي ر د هللا فقد جمعت في ذهني معنى هذين الحديثين فإذا أراد هللا بعبد خيرا عل مه ]أخرجه البخاري في الصحيح[ وأد به إذا عل مك وأد بك فأنت محبوب وإذا كان المرء بال علم وال تأديب فهو مهمل.
قال لي شخص: عنده معمل ع ل م شخص أن عندي معمل ألبسة فقال لنفسه: إنه أخونا فنشتري منه قطعتين أو ثالثة انزعج صاحب المعمل وقال: أنا أبيع قطعة أو قطعتين إنما أبيع ثالثمئة قطعة ونحوها فاستحيا القاد م بنفسه وفي اليوم التالي لم يأت ه زبائن وهكذا م ر عشرون يوما ولم يدخل أحد معمل ه لقد أد به هللا عز وجل وهذا خير إذا كان هللا يعلمك ويؤدبك فمعنى هذا أنك محبوب معنى هذا أن هللا أراد بك خيرا يعلمك ويؤدبك. فقره: قال أبو هريرة: مر بي رسول هللا يوما وكنت جائعا منقطعا للعلم فمر بي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فعرف ما بي من الجوع فقال أبا هريرة قلت: لبيك يا رسول هللا قال: اتبعني فدخلت معه فرأى قدحا فيه لبن فقال ألهله: من أين لكم هذا قالوا: أرسل به فالن إليك قال: يا أبا هريرة انطلق إلى أهل الصفة فادع هم وأطعمهم جميعا من هذا اللبن اللهم صل عليه كان مثل األب فإذا د ع وت إلى هللا عز وجل فاشع ر بعواطف مقدسة سامية تجاه أخوانك. أنا أقول كلمة: إن لم تكن مشكلتهم مشكلتك فلست أهال أن تدعو إلى هللا مس راتهم مسر اتك وأحزانهم أحزان ك وبالمقابل متاعبك متاعبهم هذه هي المشاركة الوجدانية هذه المشاركة تنسي هموم الحياة فإذا كن ت تعيش بين أخوة طيبين يتعاطفون معك يألمون أللمك ويفرحون لفرحك ويهب ون لنجدتك ويسرعون إلغاثتك فهذا مجتمع مؤمن ورب الكعبة وهللا عز وجل ال يحب نا إال إذا تعاو نا ق ال ر س ول هللا ص ل ى هللا ع ل ي ه و س ل م : ع أنه ك أرب ة م أن ك ر ب ا أآلخ ر ة و م أن س ت ر ع ل ى م أسل م س ت ر ه م أن ن ف س ع أن م أؤم ن ك أرب ة م أن ك ر ب الد أني ا ن ف س هللا ف ي ع أون ا ألع أبد م ا ك ان ا ألع أبد ف ي ع أون أ خ يه ف ي الد أني ا و ا أآلخ ر ة و هللا هللا إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي. ]أخرجه الترمذي في سننه[
خطابه لنفسه : سيدنا أبو هريرة بعد أن ف تحت البالد وجاءت الغنائم أكرمه هللا عز وجل بمال وفير فتزوج وأنجب أوالدا وسكن بيتا وبقيت تلك المرحلة الماضية ذكرى وكل إنسان له عند هللا ترتيب فقد يفر غك في أول حياتك وبحسب ظنك أنت معذ ب ولست متزوجا وما عندك بيت لكن في الحقيقة فر غك تفريغا خاص ا مرة خاطب نفسه فقال: يا أبا هريرة هاجرت مسكينا وكنت أجيرا لبثرة بنت غزوان بطعام بطني فكنت أخدم القوم إذا نزلوا وأ ح د و لهم إذا ركبوا فزو ج ن يها هللا تزوج هذه المرأة والحمد هلل الذي جعل الدين قياما وصي ر أبا هريرة إماما سيدنا عمر فعلها فقال مخاطبا نفسه: كنت عميرا وأصبحت عمر ثم أصبحت أمير المؤمنين إذا كان ألحد ماض متعب ماض فيه فقر فال ينس ماضيه دخل ورأى بيتا مرتبا فيه خمس أو ست غرف وسيارته على الباب واقفة ودخل ه كبير وكان سابقا في وضع صعب جدا فال ينس الماضي ويرفع رأسه ويتكبر فإن هللا كبير وإذا أعطاك فاز د د تواضعا له وازدد خدمة للناس واجعل هذا المال خدمة للناس يزد ك هللا عطاء. توليه إمارة المدينة: وخفة طبعه أصبح أبو هريرة واليا على المدينة م ن ق ب ل معاوية بن أبي سفيان أكثر من مرة فلم تبد ل الوالية من سماحة بثعلبة بن مالك منتبها ظل ه شيئا ولقد مر يوما بأحد أسواق المدينة وهو وال عليها فقال له: أ أوس ع الطريق لألمير يا ابن مالك فقال له ابن مالك: يرحمك هللا أما يكفيك هذا المجال كله فقال له: وكان يحمل الحطب ألهل بيته فمر أ أوس ع الطريق لألمير وللحزمة التي على هر األمير أنا حجمي واسع ومعي حزمة ولست فقال له: أ و س ع الطريق لألمير قال له: يا سبحان هللا!! أال يكفيك هذا الطريق قال له: أ أوس أع الطريق لألمير وللحزمة التي على هر األمير ثم وس ع له
هللا. فهكذا يكون التواضع كان مع سماحة نفسه ومع شدة علمه تقيا ورعا يصوم النهار ويقوم ثلث الليل ثم يوقظ زوجته فتقوم ثلثه الثاني ثم يوقظ ابنته فتقوم ثلثه األخير فهذا البيت فيه قيام ليل بشكل دائم. تقول ابنته له: يا أبت إن البنات يعي ر ن ني فيقلن: لم ال يحل يك أبوك بالذهب فيقول أبو هريرة لبنته: قولي لهن يا بنيتي: إن أبي يخشى علي حر اللهب ولم يكن امتناع أبي هريرة عن تحلية ابنته ضن ا بالمال أو حرصا عليه إذ كان جوادا سخي اليد في سبيل فبعث إليه مروان بن الحكم مئة دينار ذهبا فلما كان الغد أرسل إليه يقول: إن خادمي غلط فأعطاك الدنانير وأنا لم أردك بها إنما أردت غيرك فس ق ط في يدي أبي هريرة وقال: أخرجتها في سبيل هللا ولم ي ب ت عندي منها دينار فإذا خرج عطائي فخذها منه لقد فعل ليختبره فوجده صادقا وما ترك شيئا من تلك الدنانير عنده بره لوالدته : كان هذا الصحابي الجليل بر ا بأم ه وكان كلما أراد الخروج من البيت وقف على باب حجرتها وقال:السالم عليك يا أماه ورحمة هللا وبركاته فتقول: وعليك السالم يا بني ورحمة هللا وبركاته ويقول: رحمك هللا كما رب يتني صغيرا تقول: ورحمك هللا كما بررتني كبيرا ثم إذا عاد إلى بيته فعل مثل ذلك شيء جميل. رأى مرة سيدنا أبو هريرة رجلين أحدهما أسن من اآلخر يمشيان معا فقال لصغيرهما: مروان بن الحكم ما يكون هذا الرجل منك قال: أبي قال له: ل تسم ه باسمه و ل تمش أمامه و ل تجلس قبله هذا [ ورد في األثر[ موته: لما مرض أبو هريرة مرض الموت بكى فقيل له: ل م تبكي يا أبا هريرة فقال: أما إني ل أبكي على دنياكم هذه ولكني أبكي لبعد السفر وقلة الزاد لقد وقفت في نهاية طريق يفضي إلى الجنة أو إلى النار و ل أدري في أي هما أكون.
وقد عاده بنفسه مروان بن الحكم وكان خليفة فقال له: شفاك هللا يا أبا هريرة فقال: اللهم إني أحب لقاءك فأحب لقائي وعج ل لي فيه فما كاد مروان يغادر داره حتى فارق الحياة رحم هللا أبا هريرة رحمة واسعة فقد حفظ للمسلمين ما يزيد عن خمسة آالف وستمئة وتسعة من أحاديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أو نحوها وجزاه هللا عن اإلسالم والمسلمين خيرا هذا صحابي علم حف ظ عن النبي أقواله ونقلها لم ن بعده وأنت اختر لنفسك أن تتحرى العلم النافع والعمل الصالح وكلها طرق مفضية إلى هللا عز وجل. منقول عن: السيرة - رجال حول الرسول - الدرس )55-11( : سيدنا أبو هريرة الدوسي لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 11-55-1991 المصدر