أهداف سورة احلجر )سورة احلفظ( ۱
سورة احلجر سورة احلفظ - كما يسميها العلماء - مكية نزلت بعد سورة يوسف يف وقت اجرتأت فيه قريش على رسول هللا هللاىلص واشتد استهزاؤها بدعوته كما اشتد إيذاؤها لصحابته فجاء القرآن يف هذه الفرتة يهدد املشركني املكذبني ويتوعدهم ويعرض عليهم مصارع املكذبني الغابرين ومصائرهم ويكشف للرسول هللاىلص عن علة تكذيبهم وعنادهم - وهي ال تتعلق به وال ابحلق الذي معه لكنها ترجع إىل العناد الذي ال جتدي معه اآلايت البينات - ومن مث يسلي الرسول هللاىلص ويواسيه ويوجهه إىل اإلصرار على احلق الذي معه والصدع به بقوة يف مواجهة الشرك وأهله والصرب بعد ذلك على بطء االستجابة ووحشة العزلة وطول الطريق. ٢
سورة احلجر تتشابه مع سورة األعراف يف البدء والسياق مع اختالف الطابع املميز لكل منهما: يف مطلع سورة األعراف أييت اإلنذار صريح ا )ك ت اب أ ن ز ل إ ل ي ك ف ال ي ك ن يف ص د ر ك ح ر ج م ن ه ل ت ن ذ ر ب ه و ذ ك ر ى ل ل م ؤ م ن ني... و ك م م ن ق ر ي ة أ ه ل ك ن اه ا ف ج اء ه ا ب س ن ا ب ي اح ت أ و ه م ق ائ ل ون ( مث ترد فيها قصة آدم عليه السالم وإبليس ويتابعها السياق حىت تنتهي احلياة ويعود اجلميع إىل رهبم فيجدوا مصداق النذير ويليها عرض لبعض مشاهد الكون مث قصص قوم نوح وهود وصاحل ولوط وشعيب وموسى عليهم السالم وكلها تصدق النذير. يف سورة احلجر جييء اإلنذار يف مطلعها بظ ل من التهويل والغموض يزيد جوها رهبةح وتوق ح ع ا للمصري )ر ب ا ي و د ال ذ ين ك ف ر وا ل و ك ان وا م س ل م ني * ذ ر ه م أي ك ل وا و ي ت م ت ع وا و ي ل ه ه م األ م ل ف س و ف ي ع ل م ون * و م ا أ ه ل ك ن ا م ن ق ر ي ة إ ال و ل ا ك ت اب م ع ل وم * م ا ت س ب ق م ن أ م ة أ ج ل ه ا و م ا ي س ت أ خ ر ون ( مث يعرض السياق بعض مشاهد الكون ويذكر احلياة واملوت واحلشر يلي ذلك قصة آدم عليه السالم وإبليس منتهيةح بصريكل فريق مث حملات من قصص إبراهيم ولوط وشعيب وصاحل عليهم السالم منظو ح را فيها إىل مصائر املكذبني. ٣
أهداف سورة احلجر حتذير املكذبني ابلنيب هللاىلص وبيان مصارع الغابرين من الكافرين احلفظ: إن هللا حافظ دينه وانصره ٤
حماور سورة احلجر ميكن تقسيم سياق السورة إىل مخسة مقاطع : ۱ بيان سنة هللا اليت ال تتخلف يف الرسالة واإلميان هبا والتكذيب بعض آايت هللا الكونية الدالة على الوحدانية ٢ قصة البشرية وأصل ا لدى والغواية ومصري الغاوين واملهتدين ٣ ٤ مصارع الغابرين من قوم لوط وشعيب وصاحل احلق الكامن يف خلق السماوات واألرض واجلزاء الساعة وحقيقة ودعوة الرسول هللاىلص ٥ ٥
حماور سورة احلجر ۱ بيان سنة هللا اليت ال تتخلف يف الرسالة واإلميان هبا والتكذيب تبدأ السورة ابحلديث عن طبيعة الكتاب الذي يكذب به املشركون وإبراز طبيعة املكذبني هبذا الدين وتصوير املصري املخوف الذي ينتظرهم مبدوءة إبنذار ضمين )ر ب ا ي و د ال ذ ي ن ك ف ر وا ل و ك ان وا م س ل م ني * ذ ر ه م أي ك ل وا و ي ت م ت ع وا و ي ل ه ه م األ م ل ف س و ف ي ع ل م و ن( ويذكر حتدايهتم واستهزاءهم ووقاحتهم مع الرسول هللاىلص وطلبهم املالئكة مث يهددهم بن نزول املالئكة يكون معه ا لالك! وهذا قول موجز تفسره أواخر السورة عندما تقصكيف هلك قوم لوط وقوم شعيب وقوم صاحل عليهم السالم. ويعزي هللا سبحانه نبيه هللاىلص فيخربه أنه ليس بد حعا من الرسل الذين لقوا االستهزاء والتكذيب )و ل ق د أ ر س ل ن ا م ن ق ب ل ك يف ش ي ع األ و ل ني * و م ا أي ت يه م م ن ر س و ل إ ال ك ان وا ب ه ي س ت ه ز ئ و ن * ك ذ ل ك ن س ل ك ه يف ني * ال ي ؤ م ن و ن ب ه و ق د خ ل ت س ن ة األ و ل ني(. ق ل وب ال م ج ر م وينتهي املقطع ابلكشف عن العلة احلقيقية للتكذيب فهي ليست نقص دالئل اإلميان ولكنه العناد واملكابرة ولو سيقت إليهم املعجزات كلها ما ازدادوا إال جحوحدا )و ل و ف ت ح ن ا ع ل ي ه م اب ح اب م ن الس م ا ء ف ظ ل وا ف ي ه ي ع ر ج و ن * ل ق ال وا إ ن ا س ك ر ت أ ب ص ار ان ب ل ن ن ق و م م س ح ور و ن(. ٦
حماور سورة احلجر بعض آايت هللا الكونية وأن إىل هللا مرجعكل شيء ٢ ينتقل السياق إىل عرض بعض آايت هللا يف الكون مبدوء ح ا ابلسماء فاألرض فالرايح اللواقح وقد قدرت حبكمة مث احلياة واملوت فالبعث واحلشر تكشف كلها عن عظمة ك ل ش ي ط ا ن اخلالق سبحانه )و ل ق د ج ع ل ن ا يف الس م ا ء ب ر و ح جا و ز ي ن اه ا ل لن اظ ر ي ن * و ح ف ظ ن اه ا م ي ر ج يم * إ ال م ن اس ت ر ق الس م ع ف أ ت ب ع ه ش ه ا ب م ب ني * و األ ر ض م د د ان ه ا و أ ل ق ي ن ا ف يه ا ر و اس ش و م ن ل س ت م ل ه ب ر از ق ني * و إ ن م ن و أ ن ب ت ن ا ف يه ا م ن ك ل ش ي ء م و ز و ن * و ج ع ل ن ا ل ك م ف يه ا م ع اي ش ي ء إ ال ع ن د ان خ ز ائ ن ه و م ا ن ن ز ل ه إ ال ب ق د ر م ع ل و م * و أ ر س ل ن ا الر اي ح ل و اق ح ف أ ن ز ل ن ا م ن الس م ا ء م اءح ف أ س ق ي ن اك م وه و م ا أ ن ت م ل ه ب از ن ني( فكل ما يف األرض يعيشون على أرزاق هللا اليت جعلها لم وهي -ككل شيء - مقدرة يف علم هللا تبعة ألمره ومشيئته. مث يتم السياق برج وع كل شيء إىل هللا عز وجل يف الوقت ني م ن ك م و ل ق د و ن يت و ن ن ال و ار ث و ن * و ل ق د ع ل م ن ا ال م س ت ق د م ه و ي ش ر ه م إ ن ه ح ك ي م ع ل ي م(. املقدر املعلوم )و إ ان ع ل م ن ا ال م س ت أ خ ر ي ن ل ن ح ن * و إ ن ن ي ي ر ب ك ٧
حماور سورة احلجر ٣ قصة البشرية وأصل ا لدى والغواية ومصري الغاوين واملهتدين السورة تعرض قصة آدم عليه السالم وإبليس ولقد مرت من قبل يف سوريت ولكن السياق الذي وردت فيه يف كل منها خمتلف: واألعراف البقرة يف سورة البقرةكان الرتكيز على استخالف آدم يف األرض والتجربة القاسية أليب البشر ويف سورة األعراف الرتكيز على الرحلة الطويلة من اجلنة وإليها وإبراز عداوة إبليس لإلنسان منذ بدء الرحلة إىل هنايتها. كان يف سورة احلجر متيزت القصة ابلرتكيز على سر تكوين اإلنسان بتكرار املعدن الذى نشأ منه آدم - من صلصال من محأ مسنون - ونفخه فيه سبحانه من روحه مث بيان جمال سلطة الشيطان وخلقه من قبل من انر السموم مث عرض حكاية سجود املالئكة وإابء إبليس استكبا ح را وطرده ولعنته وطلبه اإلنظار إىل يوم البعث وإجابته وزاد أن إبليس قرر على نفسه أن ليس له سلطان على عباد هللا املخلصني فهو ال ميلك إال اإلغواء واخلداع مث انتهى بصري هؤالء وهؤالء يف غري حوار وال عرض وال تفصيل )و إ ن ج ه ن م ل م و ع د ه م أ ج ع ني * ل ا ب م ن ه م ج ز ء م ق س وم * إ ن ال م ت ق ني يف ج ن ا ت و ع ي و ن * اد خ ل وه ا ب س ال م آم ن ني * و ن ز ع ن ا م ا س ب ع ة أ ب و ا ب ل ك ل اب ني (. يف ص د ور ه م م ن غ ل إ خ و احان ع ل ى س ر ر م ت ق اب ل ني * ال مي س ه م ف يه ا ن ص ب و م ا ه م م ن ه ا ب خ ر ج ٨
حماور سورة احلجر ٤ مصارع الغابرين من قوم لوط وشعيب وصاحل يفص ل السياق ما ورد أول السورة عن القرى ا لالكة بعد النذر حل هبا جزاؤها بعد انقضاء األجل )و ل ق د أ ر س ل ن ا م ن ق ب ل ك يف ش ي ع األ و ل ني( ويذكر ناذج من رمحة هللا وعذابه )ن ب ئ ع ب اد ي أ ن أ ان ال غ ف و ر الر ح ي م * و أ ن ع ذ ا يب ه و ال ع ذ ا ب األ ل ي م( فيجيء بعضه مصداقحا لنبأ الرمحة كبشارة إبراهيم عليه السالم على الكرب بغالم عليم وجناة األنبياء عليهم السالم ومن معهم من املؤمنني وجييء بعضه مصداقحا لنبأ العذاب حني ترسل املالئكة كأصحاب األيكة ب أ ص ح ا ب احل ج ر ال م ر س ل ني * وآت ي ن اه م آاي ت ن ا ف ك ان وا ع ن ه ا وأصحاب احلجر )و ل ق د ك ذ ني * ف م ا أ غ ن م ع ر ض ني * و ك ان وا ي ن ح ت و ن م ن اجل ب ا ل ب ي وح ت آم ن ني * ف أ خ ذ ت ه م الص ي ح ة م ص ب ح ع ن ه م م ا ك ان وا ي ك س ب و ن( وهذه اللمحة اخلاطفة تلمس القلب البشري ملسة عنيفة فما أيمن قوم على أنفسهم أكثر مما أيمن قوم بيوهتم منحوتة حصينة يف صلب صخور اجلبال وما يبلغ االطمئنان ابلناس يف وقت أشد من اطمئناهنم يف وقت الصباح املشرق فتأيت الصيحة اليت أتخذهم فال تبقي لم شيئحا يغين عنهم وتلحقهم فتهلكهم يف جوف الصخر املتني! ٩
حماور سورة احلجر ٥ احلق الكامن يف خلق السماوات واألرض وحقيقة الساعة واجلزاء ودعوة الرسول هللاىلص بعد أن فصل أول السورة بركات الكون وخرياته وعجائبه أ جل ىف آخرها )و م ا خ ل ق ن ا الس م و ا ت و األ ر ض و م ا ب ي ن ه م ا إ ال اب حل ق و إ ن الس اع ة آل ت ي ة ف اص ف ح الص ف ح اجل م ي ل * إ ن ر ب ك ه و اخل ال ق ال ع ل ي م( حيث جاء التعقيب ببيان احلق األكرب الذي يتجلى يف طبيعة خلق السماوات واألرض وطبيعة الساعة اآلتية ال ريب فيها وطبيعة الدعوة اليت يملها الرسول هللاىلص وقد محلها الرسل قبله. مث قيل للرسول هللاىلص أن هللا شرفه وخص املسلمني هبذا الوحى اخلامت املهيمن على ما قبله )و ل ق د آت ي ن ا ك س ب ح عا م ن ال م ث ا ن و ال ق ر آ ن ال ع ظ ي م( وتوجيه له بن يعتين ابملؤمنني فهؤالء هم أتباع احلق الذي جاء به )ال ني * و ق ل إ ن أ ان الن ذ ي ر ض ج ن اح ك ل ل م ؤ م ن مت د ن ع ي ن ي ك إ ىل م ا م ت ع ن ا ب ه أ ز و ا ح جا م ن ه م و ال حت ز ن ع ل ي ه م و اخ ف ال م ب ني ( مث بشرى من هللا تعاىل لنبيه هللاىلص أال يزن لتهافت املشركني عليه )إ ان ك ف ي ن ا ك ال م س ت ه ز ئ ني * ال ذ ين جي ع ل ون م ع ا لل إ ل ح ا آخ ر ف س و ف ي ع ل م و ن * و ل ق د ن ع ل م أ ن ك ي ض ي ق ص د ر ك ب ا ي ق ول و ن * ف س ب ح حب م د ر ب ك و ك ن م ن الس اج د ي ن * و اع ب د ر ب ك ح ىت أي ت ي ك ال ي ق ني( فاحلق ال بد أن يق وال بد أن ينتهي كل شيء فيه إىل احلق الذي بدأ منه وقام عليه فلتمض الدعوة املستندة إىل احلق األكرب يف طريقها وليمض الدعاة إىل احلق مهما القوا ليوقظوا الفطرة الغافية واملشاعر املتبلدة ويقيموا احلجة على الناس فذلك هو طريق الدعوة األصيل. ۱٠
)إ ان ن ن ن ز ل ن ا الذ ك ر و إ ان ل ه حل اف ظ ون ( الذي حفظ هذا الكتاب هو القادر على حفظ دينه ودعاته )و ل ق د ج ع ل ن ا يف الس م اء ب ر و ح جا و ز ي ن اه ا ل لن اظ ر ين * و ح ف ظ ن اه ا م ن ك ل ش ي ط ان ر ج يم ( السماء القرآن صاحل )و ل ق د ك ذ ب أ ص ح اب احل ج ر ال م ر س ل ني فأخذهتم الصيحة...( عاقبهم هللا وأهلكهم وحفظ صاحل ح ا عليه السالم ومن آمن معه. )و ٱأل ر ض م د د ن ه ا و أ ل ق ي ن ا ف يه ا ر و س ي و أ ن ب ت ن ا ف يه ا م ن ك ل ش ى ء م و ز ون (. )و ج ع ل ن ا ل ك م ف يه ا م ع ي ش و م ن ل س ت م ل ه ب ر ز ق ني * و إ ن م ن ش ى ء إ ال ع ند ان خ ز ائ ن ه و م ا ن ن ز ل ه إ ال ب ق د ر م ع ل وم (. األرض األرزاق احلفظ يف سورة احلجر شعيب لوط )و إ ن ك ان أ ص ح اب األ ي ك ة ل ظ ال م ني * ف انت ق م ن ا م ن ه م...( انتقم هللا منهم وجنى شعيب ح ا عليه السالم ومن معه من املؤمنني عليه السالم حفظه هللا واملؤمنني من أهله )إ ال آل ل وط إ ان ل م ن ج وه م أ ج ع ني * إ ال ام ر أ ت ه ق د ر ان إ ن ه ا ل م ن ال غ اب ر ين ( إبراهيم املؤمنني يف اجلنة ۱۱ ذكر هللا عز وجل قصة آدم عليه مع إبليس وقال )و أل غ و ي ن ه م أ ج ع ني ( فهذا ضالل وخطر عظيم يفظ هللا منه عباده املخل صني )إ ال ع ب اد ك م ن ه م ال م خ ل ص ني (. اآلايت اليت بشرت املؤمنني ابجلنة ذكرت أي حضا معن احلفظ )ٱد خ ل وه ا ب س الم ءام ن ني... ال مي س ه م ف يه ا ن ص ب و م ا ه م م ن ه ا ب خ ر ج ني (. أمد ه عليه السالم ابلولد على كرب وبش ره وأرسل له املالئكة ضيوفحا وهذا نوع من احلفظ والكرامة.
سبب التسمية بسورة )احلجر( هللا سبحانه وتعاىل مساهم يف هذا املوضوع ابسم احلجر إشارة أهنم كانوا يتخذون هذه البيوت يف اجلبال للحفظ واملنعة فسماهم هللا هنا احلجر ألهنم أرادوا هبذه البيوت احلفظ واالمتناع ولكن هللا أ تهم وأهلكهم. فقوم صاحل أرادوا أن يفظوا أرواحهم وبالدهم هبذا النوع من البنيان وهذا النحت من اجلبال )و ك ان وا ي ن ح ت ون م ن اجل ب ال ب ي وح ت آم ن ني ( ولكن هللا عز وجل حفظه هو احلفظ الذي ال ميكن أن ينفلت أو يضعف فأوقع هللا هبم العقوبة وأخذهتم الصيحة فما نفع هذا البينان القوي الشديد احلامي من ظواهر املطر ومن األشياء اخلطرية لكن صيحة واحدة أزهقت أرواحهم. ۱٢
أهداف سورة احلجر أهداف سورة احلجر املراجع: - يف ظالل القرآن )سيد قطب(. - برانمج التفسري املباشر. - خواطر قرآنية )عمرو خالد(. - نو تفسري موضوعى لسور القرآن الكرمي )دمحم الغزايل(. ۱٣