امل ؤمتر الدويل 160 ال ساد س للغة العربية العدول يف املقابلة واأ سراره البالغية يف الربع الأخري من القراآن الكرمي - درا سة بالغية - نوره حممد ماجد الد

ملفّات مشابهة
دفرتالأطفال

د ر و س ف ق ه ي ة ا ل ث ان ي ا ل ثان وي

Microsoft Word - 50-John

Microsoft Word - 47-Matthew

أاعمال الر سل 507

البرامج المنفذة خالل شهر محرم 1433 ه

قررت وزارة التعليم تدري س هذا الكتاب وطبعه على نفقتها الريا ضيات لل صف االأول االبتدائي الف صل الدرا سي الثاين كتاب التمارين قام بالت أاليف والمراجعة

الم ب س ط ة الع ر ب ي ة الت ر ج م ة Language: العربية (Arabic) Provided by: Bible League International. Copyright and Permission to Copy Taken from th

بسم الله الرحمن الرحيم

تعلم للحياة والعمل واإلتقان 1 الئحة المعادالت واالنتقال من النظام الفصلي إلى المقررات

Cambridge University Press Cambridge IGCSE Arabic as a First Language Coursebook Luma Abdul Hameed, Hanadi Al Amleh, Shoua Fakhouri

رؤيتنا : اأ صالة وعاملية.. جودة ومتيز لنكون من أاف ضل اخليارات لدى أاولياء الأمور. رسالتنا : ت سعى مدار س التعل م ل أالخذ بيد الطالب لكت ساب القيم الإ

ن خطبة الجمعة المذاعة والموزعة بتاريخ 15 من شوال 1439 ه الموافق 2018/6/29 م م ن ال م ن اه ي الل ف ظ ي ة ن ا م ن س ي ئ ات أ ع م ال ن ش ر ور أ ن ف سن ا

الصفة المشبَّهة باسم الفاعل

م ق د م ة الفهرست ال ف ص ل ال أاو ل : م راج عات ق ب ل ي ة ال م ف عول ب ه ال م ب ت د أا و ال خ ب ر الن ع ت ال ع ط ف ال ع د د و ال م ع دود )11 19( ال ف

مقدمة حظيت الصناعة المالية اإلسالمية منذ انطالقتها باهتمام كبير من قبل المختصين والباحثين والمؤسسات العلمية الداعمة في سبيل تطوير أدواتها لمواكبة النم

easy - translation

مدى تطبيق جامعة العلوم والتكنولوجيا اليمنية لمعايير الجودة الشاملة في التخطيط الاستراتيجي وفقا للأنموذج الأوروبي (EFQM)

E-EH/ 3'EJ 'D('1H/J >> (BH) P 'D9DEP *BHI 4HC) O 'D#EEP

1

بسم رلا هللا من قوله : وبعدها أمر بالهجرة إلى المد نة... إلى قوله : حتى تطلع الشمس من مغربها... وبعدها أمر بالهجرة عن بعد ان مكث النب هللاىلص ف مكة عش

الدِّيكُ الظَّرِيفُ

امل ؤمتر الدويل 160 اخلام س للغة العربية نحو صناعة قامو س اإلكرتوين م صو ر للغة العربي ة د. صفوت علي صالح ملخ ص فكرة ا ستخدام ال صورة أاو الر سم فى شر

اململكة العربية السعودية وزارة التعليم العالي جامعة اجملمعة عماده خدمه اجملتمع كليه الرتبية بالزلفي دبلوم التوجيه واالرشاد الطالبي ملخص منوذج توصيف مق

مر سوم سلطاين رقم 94/102 باإ صدار قانون ا ستثمار راأ س املال الأجنبي نحن قابو س بن سعيد سلطان عمان بعد االطالع على املر سوم ال سلطاين رقم 75/26 ب إاUص

برن مج ت أهيل واإعداد املحكمني 2016 ال شه دة الإحرتافية مركز التحكيم التج ري لدول جمل ض التع ون لدول اخلليج العربية بتنظيم م شرتك مركز التحكيم والت شو

اجلريدة الرSسمية العدد )1076( وزارة الزراعة والثروة الùسمكية قرار وزاري رقم 2014/272 ب إ صدار لئحة تنظيم ا ستخدام الأرا ضي الزراعية ا ستنادا إاىل املر

الدرس : 1 مبادئ ف المنطق مكونات المقرر الرسم عناصر التوج هات التربو ة العبارات العمل ات على العبارات المكممات االستدالالت الر اض ة: االستدالل بالخلف ا

توزيع املساقات الدراسية في برامج ماكاديمية على ماقسام العلمية )1( قسم القانون الدولي العام م املساق القانون الدولي العام التنظيم الد

)) أستطيع أن أفعلها(( المادة : لغة عربية الصف و الشعبة: السابع االسم : عنوان الدرس: ورقة مراجعة )) العمل الفردي (( األهداف: أن يجيب الطالب على جميع اأ

دليل التعامل مع املا شية لتطوير الت صال والإنتاج ورفاهية احليوانات يف منطقة ال شرق الأو سط و شمال اأفريقيا

Microsoft Word - ?????? ??? ? ??? ??????? ?? ?????? ??????? ??????? ????????

اسم المفعول

طور المضغة

هاروت وماروت كما وردت يف القرآن الكريم )من خالل تفسري ابن جرير الطربي - -ت 310 ه املسمى جامع البيان يف تفسري آي القرآن ) دكتور سناء بنت عبد الرحيم بن

Microsoft Word - 55

الرسالة األسبوعية/ الصف السادس 2018 / 9 - األحد 16 أولياء األمور الكرام : إليكم الرسالة األسبوعية وما سيتم إنجازه هذا األسبوع: األسبوع الماضي : تم اال

Microsoft Word - إعلانات توظيف لسنة 2017

Layout 2

ا إالبداع االإداري وعالقت ه با أالداء الوظيفي للعاملني االإداري ني يف كلية الرتبية بربيدة يف جامعة الق صيم )درا سة ميدانية( د. هيله بنت منديل حممد الت

د ع اء ك م يل بن ز ياد د ع اء ك م يل بن زياد ( رح ه هللا( م ا لل ه م إن ي أ س أ ل ك ب ر ح م ت ك ال تي و س ع ت ك ل ش ي ء و ب ق و ت ك ال تي ق ه ر ت ب ها

م ج ل ة الض اد ل ل غ ة الع ر ب ي ة العدد - 12 ديسمرب 2016 اإل م ام الخ ب ير الم غ ر ور و ح د يث الد ود ة! الش اف ع ي م ن م ح ن ة الو ل ي ة إ ل ى م ن ح

اامتح ن الج ي الم حد امتح ن البك ل ري ( الد رة الع دي : ي ني ) 4102 المست ى 0 من س ك البك ل ري الشع أ المس لك مس ك الع الشرعي شعب الع التجريبي شعب الع

الدورة الرابعة

الإمارات العربية املتحدة وزارة ش ؤوون مجل س الوزراء الأمانة العامة ملجل س الوزراء دليل اأعمال نظام جمل س الوزراء يناير 2010

نـمو المتعلم

Microsoft Word - ٖٗخص عربÙ−

Microsoft Word - Q2_2003 .DOC

2

عرض تقديمي في PowerPoint

العدد الثاين يف اختتام فعالياته مؤتمر جودة التعليم العالي يوجه رسالة شكر وتقدير إىل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي راعي املؤتمر ويوصي

2 nd Term Final Revision Sheet Students Name: Grade: 4 Subject: Saudi Culture Teacher Signature 1

وزارة الترب ة بنك األسئلة لمادة علم النفس و الح اة التوج ه الفن العام لالجتماع ات الصف الحادي عشر أدب 0211 / 0212 األولى الدراس ة الفترة *************

مدى تطبيق معلمي الرياضيات يف مديرية تربية مشال اخلليل لألنشطة التعليمية املبنية على منوذج فان هايل Hiele( )Van يف التفكري اهلندسي د. عادل عطية ريان تا

المجال : األدب دليل التواصل الروحي الموضوع : ع ت اب ابن الر ومي ص 87 أحمد الفقي المجال : األدب دليل التواصل الروحي الموضوع : ع ت اب الشاعر :

امل ؤمتر الدويل 160 اخلام س للغة العربية ظاهرة الطباق يف ق صائد الدكتور حممد الثاين عمر ر ج ي ري ل ي م و درا سة بديعية حتليلية أا. جابر عبد اهلل ملخ ص

واقع ر ضا طلبة كلية الدرا سات العليا بجامعة الكويت عن اخلربات االأكادميية والعلمية يف ضوء بع ض املتغريات الدكتورة نبيلة يو سف الكندري كلية الرتبية - ج

مر سوم سلطاين رقم 81/53 باإ صدار قانون ال صيد البحري وحماية الرثوة املائية احلية نحن قابو س بن سعيد سلطان عمان بعد االطالع على املر سوم ال سلطاين رقم

لغة الضاد عنواني

دليل اشتراع قانون الأونسيترال النموذجي للاشتراء العمومي

جامعة حضرموت

قرار وزاري رقم 2017/10 اجلريدة الرSسمية العدد )1177( ب إ صدار لئحة تنظيم ا ستخدام الأرا ضي الزراعية ا ستنادا إاىل نظام الزراعة ال صادر باملر سوم ال سل

جملة جواب الشرط الغير جازم

تحصن القرار الاداري - دراسة مقارنة

Microsoft Word - حلقات 2الجودة لمدير التعليم مشروع نهائي عائشة.docx

منحهما جائزة "الوسام الذهبي لإلنجاز": - Monitoring Media إتحاد المصارف العربية يكر م عدنان وعادل القص ار في القمة المصرفية العربية الدولية في باريس Ta

ى ى ى ى ى ى ى ى ى يشوع ك ت اب ي ش وع وس : 2 "م وس ن ن ى ون م ى س اع د م ى اهلل ى قى ال اهلل ل ي ى ش ى وع ب د وس عى ب ى ا م ى ى ات م وى بى ع ى دم 1 ض ب

OtterBox Global Warranty Final _multi_final.xlsx

امل ؤمتر الدويل 160 ال سابع للغة العربية نظرية توليد املفردات واملعاين حممد يحيى كعدان مقد مة ي شهد عاملنا املعا صر تطورا كبريا يف املعارف الب شرية في

الت ناص يف روايات واسيين األعرج )رمل املاية أمنوذجا( أ. مجانة )حممد عزمي( زكريا زلوم تاريخ التسليم: 2016/3/13 م تاريخ القبول: 2016/7/10 م. مدر س/ مدرس

8 مادة إثرائية وفقا للمنهاج الجديد األساسي الثامن للصف الفصل الدراسي األول إعداد املعلم/ة: أ. مريم مطر أ. جواد أبو سلمية حقوق الطبع حمفوظة لدى املكتبة

كتاب حكايات حملة ترشيد الكهرباء مركز الت واصل:

حالة عملية : إعادة هيكلة املوارد البشرية بالشركة املصرية لالتصاالت 3002 خالل الفرتة من 8991 إىل مادة ادارة املوارد البشرية الفرقة الرابعة شعبة نظم امل

المقدمة

نموذج توصيف مقرر دراسي

Guidelines for gender-inclusive language in Arabic_Toolbox/ Self-paced activity: Apply the guidelines to a text تطبيق الوثيقة التي تحتوي على أفضل المم

حقيبة إنجاز المعلم والمعلمة إعداد األستاذ/ بندر الحازمي

ش ط TRANQUILITY ش ط Tranquility دومي ي ه منتج سك رائ ص ي ئ ب ت ست ى إق م م ا ر ا و. ا ط ط ا ع ة التصم د م ا ن س ا عم ري وأس ب ء ه ا ا م ا ي سي أجن سكن

هيئة السوق املالية التعليمات املنظمة لتمل ك املستثمرين االسرتاتيجيني األجانب حصصا اسرتاتيجية يف الشركات املدرجة الصادرة عن جملس هيئة السوق املالية مبو

صندوق استثمارات اجلامعة ومواردها الذاتية ( استثمارات اجلامعة الذاتية ) مركز مركز استثمارات الطاقة املتجددة االستثمارات مركز اإلمام للمالية واملصرفية ا

إنَّ وأخواتهـا

الشريحة 1

أ شدرته منظمة ليون شكو عام 1996 عدد 155 لأربعاء 6 متوز )يوليو( 2011 إ بن ر شد د. حممد حافظ يعقوب ر شوم: نايلة حن ا ملوؤ ش شة لر عية ل رشيك لثقايف

جامعة عين شمس كلية التربية النوعية ة امتحان دور : ف نتيجة الفرقة : يناير األولى قسم تكنولوجيا التعليم الفرقة األولى العام الد ارسى : / ( عام

الدليل التعريفي لبرنامج التحول األول بالمنطقة الشرقية إصدار مجموعة التواصل للتجمع الصحي األول بالمنطقة الشرقية

Magazine No. 23- A

ان ذ ش خ انؼبيخ نهزشث خ انزؼه ى ن ذبفظخ ش بل انجبط خ امتحان نهاية الفصل الدراسي األ ل نهؼبو انذساع / / و- انذ س األ ل انصف : انخبيظ انزشث خ اإلعالي خ

* *على كل طالبة التأكد من رقم جهازها قبل دخولها المعمل سوف تكون هناك قائمة على الباب بذلك ** **ال سمح ألي طالبة الدخول للمعمل اذا لم تكن ه فترتها المح

SKRIPS~1.RTF

تطوير البرامج اإلقتصادية دليل لألحزاب السياسية

املجلة العربية للرتبية العلمية والتقنية أثر استخدام نموذج بايبي البنائي في تعديل التصورات البديلة لمادة العلوم لدى تلميذات الصف الثامن األساسي ا.د/عبد

15 فائدة يف شهر ذي الق ع دة 15 فائدة يف شهر ذي الق ع دة

Microsoft Word doc

٢٣ فائدة في أيام التشريق ٢٣ فائدة في أيام التشريق

مقدمة أ- إن البلاغة الفصل الا ول أساسية البحث من كلمة بلغ المعنى وصل المراد وصول رسالة لها كلام تسليمها واحد إلى آخر. و من الا صطلاح هي بلوغ المتكلم ف

راتب الحداد للحبيب عبد هللا ابن علوي الحداد احلداد رتا ب احلداد ي علو ابن عبد هللا للسي د معهد مجلس تربية نورالهدى ايندرامايو Page 1 of 8 معهد مجلس تر

اإلحتاد املصري لتنس الطاولت بطىلت اجلمهىريت املفتىحت لفردي مجيع االعمار السنيت للبنني والبناث صالت رقم ( 1 ) استاد القاهرة خالل الفرتة من 04 اىل 12 فر

تحليل الانحــدار الخطي المتعدد

العدد الرابع والخمسون : رجب ١٤٤٠ هـ - مارس ٢٠١٩ م ملحق مجلة التفاهم تصدره وزارة األوقاف والشؤون الدينية بالتعاون مع معنى الثقافة في ظل التحوالت االجتم

النسخ:

160 ال ساد س للغة العربية العدول يف املقابلة واأ سراره البالغية يف الربع الأخري من القراآن الكرمي - درا سة بالغية - نوره حممد ماجد الدو سري مقدمة: احلمد هلل رب العاملني وال صالة وال سالم على سيد الهدى و إمام املهتدين معلم الب شرية حممد بن عبد اهلل وعلى آله و صحبه أجمعني. أما بعد.. القر آن الكرمي معجز يف آياته فريد يف دللته بديع يف صياغته مده ش يف صوره وبنائه فيه من القوى الهائلة والأ سرار الكثرية ما يكفي لأن تذعن له النفو س وتخ ضع حلكمه القلوب والعقول لذا فاحلديث عن أي جانب فيه كالعدول يف الطباق واملقابلة يتطلب املزيد من التدبر والت أامل والبحث. ول شك يف أن ا ستعمال هذا الكتاب املحكم لالأ ساليب البديعية ول سيما املقابلة يدل على دقته يف توظيف العبارة ومتا سك الدللة ملا ميتاز به التقابل من تداعي املعاين املعاك سة يف ذهن املتلقي فال يورد ال سياق أحد املت ضادين إل وا ستجلب الذهن ضده يف اللفظ واملعنى وقد لوحظ عدول هذا اللون عن ن سقه املاألوف يف موا ضع عديدة يف القر آن الكرمي فكان يف ذلك الباعث الأكرب لهذه الدرا سة ملعرفة الأ سرار البالغية يف ذلك العدول وما يكتنفها من غايات بالغية يف الن ص القر آين ومل ا كان املو ضوع كبري ا اخت صت الدرا سة بالربع الأخري من القر آن الكرمي. وتكمن أهمية الدرا سة يف جدة املو ضوع وحداثته إذ مل تقم ح سب علمي درا سات تتناول ظاهرة العدول يف املقابلة وللدرا سة أهمية يف بيان ظاهرة العدول يف املقابلة للوقوف على معانيها وفهم مقا صدها. ومن النتائج املتوقعة يف الدرا سة لفت النظر إىل مو ضوع املقابلة يف القر آن الكرمي وما يطر أ عليها من العدول و إثبات أن الرتاث البالغي قد سبق النقد احلديث يف اكت شافه لظاهرة العدول حيث تناوله مب سم يات كثرية منها لت ساع أو التو سع و لنحراف وغريها و إظهار أن الوظيفة الرئي سية للعدول تتمثل فيما يحدثه من مفاج أاة تثري املتلقي وت ستثري ذهنه وتدفعه للبحث عن أ سرار هذه الظاهرة وبيان أن العدول يف املقابلة ل يكون إل لفائدة بالغية تخدم املعنى وترثي الدللة. ويتمحور جوهر البحث يف العدول يف املقابلة التي تتمثل يف الرتكيب و الكم و الرتتيب و العدول من احلقيقة إىل املجاز وقد كان امل صدر الأ سا سي الذي ا عتمد يف اجلوهر ب شكل كبري)تف سري ابن عا شور( لقلة امل صادر املتطرقة للمو ضوع. متهيد أاوال: مفهوم املقابلة املقابلة لغة ت شتق كلمة املقابلة من اجلذر اللغوي )ق ب ل( ولها معان متعددة منها أان "اأ صل املقابلة يف اللغة من قابل ال شيء بال شيء مقابلة وقبال اأي عار ضه وقال الليث: اإذا ضممت شيئ ا إاىل شيء قلت قابلته به ومقابلة الكتاب بالكتاب وق بال ه به: م عار ضته.. واملقابلة املواجهة والتقابل مثله وهو قبالك وقبالتك أاي جتاهك ويف هذا املعنى جاء قوله تعاىل يف و صف أاهل اجلنة:{و ن ز ع ن ا م ا يف ص د ور ه م م ن غ ل اإ خ و ان ا ع ل ى س ر ر م ت ق اب ل ني })احلجر: 47(.1 تتعدد املعاين الل غوية للمقابلة وهي تدور يف جمملها حول املواجهة اأو املعار ضة اأو امل شاهدة فمقابلة الكتاب بالكتاب معار ضته يف

161 ال ساد س للغة العربية املو ضوع والأق سام وهكذا ومقابلة شخ ص ل شخ ص اآخر م شاهدته عيان ا ومواجهته فال سياق هو الذي يحدد املعنى املراد. املقابلة ا صطالح ا حظيت املقابلة باهتمام النقاد قدمي ا وحديث ا وقد اختلف البلغيون فيها "فبع ضهم جعلها فن ا م ستقل بذاته وبع ضهم جعلها من الطباق لأن ها عبارة عن طباق متعدد فالطباق اإذا جاوز ضدين صار مقابلة... وهذا هو الراجح... وعليه فاملقابلة: اأن ي وؤتى مبعنيني متوافقني أاو مبعان متوافقة ثم يقابلها على الرتتيب" 2. واملقابلة يف ال صطلح احلديث هي اأ سلوب اأو طريقة يف التعبري تقوم على مبداأ اإقامة ضدية بني فكرتني اأو تعبريين اأو كلمتني مبعنيني متقابلني اأو مت ضادين. 3 ومبعنى اآخر التقابل بني الأ شياء امل ؤوتلفة من جهة فالأ شياء املختلفة من اجلهة الأخرى. ثاني ا: املقابلة يف القراآن الكرمي للمقابلة اأهمية عظيمة يف الن ص القراآين منها تر سيخ اللفظة أاو الألفاظ املتقابلة يف ذهن املتلقي بذكر اللفظة و ضد ها يف اآن واحد فل يحتمل املعنى معنى اآخر ومن هنا فالألفاظ املت ضادة لي ست من باب ال صنعة اللفظية اأو املعنوية فل يق صد منها اإثبات الذات اأو الزينة البديعية اإن ا هو "اأ سا س من اأ س س التفكري والتعبري الإن ساين ولي س زخرف ا من القول أاو زينة ميكن ال ستغناء عنها." 4 واملقابلة "خا صية كونية و سمة من اأبرز ال سمات التي ب ني عليها هذا الكون البديع وملا كانت الن صو ص مراآة تعك س صور هذا الكون فاإن التقابل يحكم بنياتها الداخلية." 5 وهي من الأ س س التعبريية يف اخلطاب. وي ظهر التقابل يف الن ص القراآين تلحم ا قوي ا واإيقاع ا عذب ا ولغة وا ضحة و صور ا تثري الأذهان بالإ ضافة إاىل ح سن الرتتيب والتن سيق والتوازي بني الألفاظ املت ضادة ومما لريب فيه فاإن للمقابلة أاهمية كبرية يف فهم الن ص القراآين لأن "القر آان كله وارد عليها بظهور نكته احلكمية العلمية من الكائنات والزمانيات والو سائط الروحانيات والأوائل الإلهيات حيث احتدت من حيث تعددت وات صلت من حيث انف صلت." 6 ثالث ا: مفهوم العدول العدول لغة العدول م شتق من الأ صل اللغوي )ع د ل( الذي تدور مادته حول دللتني متناق ضتني تدل إاحداهن على ال ستقامة وال ستواء والأخرى تدل على العوجاج وامليل والنحراف. فالأوىل: الع د ل: "ما قام يف النفو س اأ ن ه م س تقيم وهو ض د اجل و ر" 7 واأما الدللة الثانية فيقال فيها: "الع د ل: الطريق. ويقال: الطريق ي ع د ل اإىل مكان كذا فاإذا قالوا ي ن ع د ل يف مكان كذا اأرادوا العوجاج." 8 وما يهم البحث من هاتني الدللتني ملادة )عدل( هي الدللة الثانية حيث يتفق فيها )العدول( يف معناه اللغوي مع املفهوم ال صطلحي الذي ا ستقر عليه الدر س البلغي و الذي يحمل معنى اخلروج عن الن سق الأ صلي للغة وامليل عن نطها املاألوف. العدول ا صطالح ا 1- العدول يف الرتاث البالغي والنقدي مل يختلف البلغيون يف ا ستخدام "م صطلح العدول" عن ا ستخدام النحويني له. حيث سار على نف س امل ستوى وبنف س الطريقة التي تعامل بها النحاة واإن اختلفت شيئ ا ي سري ا باختلف اعتبارات كل من النحويني والبلغيني حيث ي تناول ضرورة وتقدير ا يف القيا س النحوي مراعاة للغة يف م ستواها املثايل عند النحاة وانتهاك ا لهذه املثالية عند البلغيني خللق لغة فنية تخدم معنى اللغة يف م ستواها الإبداعي -واإن كان ذلك بالكاد اأن ي رى ب شكل وا ضح يف املوروث البلغي اإل أان ه كان موجود ا اآنذاك- كما يلجاأ اإليه البلغيون للتو سع يف املجل س الدويل للغة العربية

162 ال ساد س للغة العربية طرائق التعبري. وقد عا ش م صطلح العدول قدمي ا يف حالة تذبذب و شيء من عدم ال ستقرار وال ضبابية ويظهر ذلك من خلل تعدد م سم ياته واإن اتفق املعنى يف كل منها ومن طريقة ا ستعمال البلغيني له والتي تتفق كثري ا مع النحاة - كما ذ كر سابق ا- يف اعتبار العدول عن نط الكلم املاألوف ا ضطراري ا ل ضيق اللغة يف م ستواها املثايل عن ت أادية املعنى. فخرجوا عنها ات ساع ا للكلم وزيادة يف املعنى للإبانة. ومن هوؤلء ابن الثري ) 637 ه( وذلك فيما اأ شار إاليه يف باب )يف قوة اللفظ لقوة املعنى( اإذ يقول: "هذا النوع قد ذكره اأبو الفتح بن جني يف كتاب "اخل صائ ص" اإل اأن ه مل يورده كما أاوردته اأنا.. فاأقول: اعلم أان اللفظ إاذا كان على وزن من الأوزان ثم نقل إاىل وزن آاخر اأكرث منه فل بد من اأن يت ضمن من املعنى أاكرث مما ت ضمنه اأو ل ; لأن الألفاظ اأد ل ة على املعاين و أامثلة للإبانة عنها فاإذا زيد يف الألفاظ اأوجبت الق سمة زيادة املعاين.. وهذا النوع ل ي ستعمل اإل يف مقام املبالغة. ومما ينتظم بهذا ال سلك ق د ر واق ت د ر فمعنى اقتدر اأقوى من معنى قدر قال تعاىل: "ف اأ خ ذ ن اه م اأ خ ذ ع ز يز م ق ت د ر" فمقتدر ههنا أابلغ من قادر واإن ا عدل اإليه للدللة على تفخيم الأمر و شدة الأخذ الذي ل ي ص در اإل عن قو ة الغ ضب اأو للدللة على ب س طة القدرة فاإن املقتدر أابلغ يف الب سطة من القادر" 9. ويعد عبد القاهر اجلرجاين اأكرث القدماء و ضوح ا يف العمل على عدول اللغة عن قيا سها النحوي ل ستعمالها فني ا ب شرط وجود قرائن وعلقات تربط هذه اللغة الفنية باللغة املثالية املنزاحة عنها. "فهو وريث أابي عبيدة والفراء وغريهما من العلماء الذين حاولوا ا ستنباط قواعد ثانوية على هام ش القيا س النحوي. قواعد ت ستاأن س اأول بالعرف العربي يف ا ستعمال اللغة فني ا ثم ت سعى ل ستنباط قواعد ال شواذ التي سميت حينا ضرورات وحين ا اآخر جمازات اأي اأ ساليب ا وطرق ا غري م أانو سة" 10 فهو ي شري اإىل العدول يف كتابه )دلئل الإعجاز( يف قوله: "اعلم اأن الكلم الف صيح ينق سم اإىل ق سمني: ق سم تعزى املزية واحل سن فيه اإىل اللفظ وق سم يعزى ذلك فيه اإىل النظم. فالق سم الأول: الكناية وال ستعارة والتمثيل الكائن على حد ال ستعارة وكل ما كان فيه على اجلملة جم از وات ساع وع د ول باللفظ عن الظاهر" 11. وقد وقف عند قوله تعاىل: "و ف ج ر ن ا الأ ر ض ع ي ون ا" مو ضح ا اأن العدول اأك سب هذه الآية معنى جديد ا ل يقدر على اأدائه اللفظ اإذا اأجري على ظاهره يقول: "ولو اأجري اللفظ على ظاهره فقيل: وفجرنا عيون الأر ض أاو العيون يف الأر ض مل يفد معنى ال شمول واأن املاء يفور من كل مكان منها بينما اأن التعبري العادي يدل على أان املاء قد كان فار من عيون متفرقة يف الأر ض وتبج س من اأماكن منها." 12-2 العدول عند املحدثني تعد ظاهرة العدول من الظواهر املهمة يف النقد احلديث كما تعد من أاهم الأركان التي قامت عليها الأ سلوبية بالتحديد "وهو علم قائم بذاته ينتج عنه قرار له قيم جمالية يقوم على نظرية متجان سة ومتما سكة كونها ت ستند اإىل الل سانيات الأدبية على اختلف تياراتها املتباينة طور ا واملت شاكلة اأطوار ا اأخرى" 13. ويعود تاريخ ظهور هذا املفهوم يف الع صر احلديث "اإىل أاواخر القرن التا سع ع شر على يد "فون درجبلت س" سنة 1875 م حينما اأطلقه على درا سة الأ سلوب من خلل النزياحات اللغوية والبلغية يف الكتابة الأدبية" 14. ومفهوم العدول "من بني أاكرث املفهومات بروز ا يف اخلطاب النقدي املعا صر وقد أاطلق عليه علماء الأ سلوب وال شعر م صطلحات متنوعة.. وهي تلتقي جميعها حول مفهوم واحد ي سعى به اأ صحابه اإىل ضبط اخلا صية املحددة للأ سلوب الأدبي" 15. وقد و صفت ظاهرة العدول بعدة تعابري ا صطلحية مثل: "النزياح ecart( "L( والتجاوز abus( "L( عند فالريي )Valery( والنحراف deviation( )La عند سبيتزر )Spitzer( والختلل distorsion( )La عند والك وفاران warren( )Wellek et والإطاحة subversion( )La عند بايتار )Peytard( واملخالفة fraction( )L" in عند تريي )Thiry( وال شناعة scandale( )Le عند بارت )Barthes( والنتهاك viol( )Le عند كوهان )Cohen( وخرق ال سنن lation( )La vio واللحن incorrection( )L" عند تودوروف.16..))Todorov وهذه الغزارة امل صطلحية ملفهوم العدول حديث ا ترجع اإىل اختلف م سوغات كل من م ستخدميها واإن اتفق اجلميع على اأن ه خروج عن اللغة العادية فم سوغات هذا اخلروج هي التي حتدد امل سم ى. واإن كانت املدر سة الل سانية وبالتحديد الأ سلوبية ترى يف اخلروج عن اللغة

163 ال ساد س للغة العربية العادية سر ا جلمال اللغة ال شعرية لت صال املتلقي بالن ص اإل اأن بع ض علمائها يرون العك س من ذلك ويظهر ذلك من خلل ت سمياتهم امل شحونة بالدللت ال سلبية والتي تعك س وجهات نظر اأ صحابها "كالإخلل والختلل وال شناعة واخللل واخلطاأ والنحناء والع صيان والف ضيحة واجلنون والإطاحة" 17 وغريها من امل صطلحات البعيدة عن الذوق النقدي والتي ت سيء ب شكل اأو ب آاخر - واإن كانت قليلة ال ستعمال- اإىل لغة النقد. ويوؤكد ذلك اأحد الباحثني حيث يقول باأن هذه امل صطلحات: "بعيدة جد ا عن اللياقة التي يجمل بالأدوات النقدية اأن تت سم بها ثم اإننا ل سنا يف مو ضع ا ضطرار كي نقبلها" 18. ويرى عبدال شلم امل سدي سبب ا لهذه الغزارة امل صطلحية اأو ما ي سم يها ب" الطفرة ال صطلحية" فيقول: " إان هذه الطفرة ال صطلحية تك شف ن سبي ة املفهومني: مفهوم الواقع اللغوي النفعي و مفهوم الواقع اللغوي امل كر س ل فقط بع ضهما اإىل بع ض بل كذلك ن سبي ة ك ل منهما اإىل املوا صفات التاريخية و ال سي سولوجية. والذي يعنينا نحن يف معر ض ا ستجلئنا ملقومات حتديد الأ سلوب هو حماولة ك ل املفكرين اللغويني انطلق ا من هذه امل صطلحات ر سم املقايي س الكا شفة لهذين الواقعني من الظاهرة اللغوي ة عام ة." 19 وهذه الثنائية التي حتدث عنها امل سدي لواقع اللغة والتي يراها أان ها املحددة للأ سلوب عند اللغويني قد حتدث عنها جان كوهني "ويعد اأول من خ ص م صطلح العدول بحديث م ستفي ض يف جمال حديثه عن لغة ال شعر فقد قامت نظرية النزياح اللغوي لديه على جمموعة من الثنائيات ضمن ا سرتاتيجية ال شعرية البنيوية يف كتابة "بنية اللغة ال شعرية" الذي ظهر عام 1966 م حيث اأثار ثنائية املعيار والنزياح م ستفيد ا من الأ سلوبية ال شائعة يف فرن سا كاأ سلوبية شارل بايل و شار برونو وكريو.. و سواهم" 20 فيتحدث عن ذلك معرب ا عنه بالنتهاك ويرى اأن ه هو: "النتهاك الذي يحدث يف ال صياغة والذي ميكن بوا سطته التعرف على طبيعة الأ سلوب بل رمبا كان هذا النتهاك هو الأ سلوب ذاته. وما ذلك اإل لأن الأ سلوبيني نظروا إاىل اللغة يف م ستويني: الأول-م ستواها املثايل يف الأداء العادي والثاين- م ستواها الإبداعي الذي يعتمد على اخرتاق هذه املثالية وانتهاكها. وامل ستوى العادي هو الذي يعتمد النحو التقعيدي يف ت شكيل عنا صره كما يعتمد اللغة يف تن سيق هذه العنا صر". 21 ويرى فيلي ساندري س باأن تعريف الأ سلوب خروج ا على املعيار: "مذهب بحثي اأ سلوبي ركيزته الأ سلوب الأدبي فتعد اللغة العادية احلالت التي تخرج على املعيار اأخطاء غري مقبولة وتعد ها اللغة ال شعرية شواذ ميكن ا ستعمالها وتذهب اأبعد من هذا فرتى اأن اجلودة ال شعرية لأي عمل لغوي معتمدة على هذه احلالت" 22. ويعد متام ح سان أاكرث النقاد املعا صرين اهتمام ا بظاهرة العدول حيث كانت له وجهة نظر خا صة يف العدول الأ سلوبي وذلك حينما عد ه "خروج عن اأ صل اأو خمالفة لقاعدة ولكن هذا اخلروج وتلك املخالفة اكت سبا يف ال ستعمال الأ سلوبي قدر ا من الطراد رقى بهما اإىل مرتبة الأ صول التي يقا س عليها." 23 وجتدر الإ شارة يف هذا ال سياق اإىل اأن معظم امل صطلحات التي ظهرت يف النقد الغربي املعا صر كان لها جذور يف النقد البلغي العربي القدمي وقد ذكرنا هذه امل صطلحات عند النقاد العرب القدماء كالنحراف والتحويل والعدول.. لكن امل صطلح اجلديد والذي لقى رواج ا من بني هذه امل صطلحات هو النزياح وقد اعتمدوا يف هذه الت سمي ة على الثقافة الغربية وبخا صة الفرن سية وعلى الرغم من تر سخ جذور مفهوم العدول يف الفكر البلغي القدمي والدرا سات النقدية احلديثة اإل أانه يواجه بع ض امل شكلت كما يرى بع ض الباحثني حيث يقول: "واإذا كان لهذا املفهوم جذور يف الفكر البلغي القدمي ف إان صياغته النظرية املتكاملة مل تتم اإل يف ضوء بروز النموذج الل ساين يف النظرية الأدبية احلديثة وما جنم عن ذلك من آاثار جتلت يف طبيعة الأ سئلة املطروحة وال صياغات املقد مة. ولعلنا ندرك اليوم اأن ه بقدر ا ستفادة الناقد من املعرفة الل سانية بقدر تاأذيه بها ف صيغة )النزياح( املقرتحة من لدن الأ سلوبيني ل ضبط معيار اختلف اللغة ال شعرية عن اللغة العادية على الرغم من كفايتها قد واجهت م شكلت كثرية: اأولها- م شكل حتديد القاعدة التي يتم النزياح عنها: اإن اأ صحاب هذا املفهوم يواجهون م شكل ضبط املعيار الذي يقا س به الأ سلوب. ثانيهما يرتتب على القول مبفهوم النزياح اعتبار اللغة ال شعرية اأرقى م ستويات اللغة فكلما حتقق قدر اأكرب من اخلرق للمعايري اللغوية العادية والبتعاد عن درجة ال صفر يف الأ سلوب كلما اقرتبت اللغة من جوهر ال شاعرية. ومفاد هذا الت صور الذي يبني مفهومه للجمالية على اأ سا س النزياح هو نفي هذه ال صفة عن الرواية مبا هي -جن س نرثي- واعتبارها أادنى منزلة من ال شعر. اإن و صف الأ سلوبيني املجل س الدويل للغة العربية

164 ال ساد س للغة العربية للغة الأدبية باأن ها انتهاك لنظام اللغة العادية صوتي ا وتركيبي ا ودللي ا ل يرتجم اخلا صية الأدبية للرواية و إان ه و صف لطبيعة اللغة ال شعرية. يف هذه احلال ل ترقى الرواية يف نظر اأ صحاب هذا املفهوم اإىل متثيل جوهر الأدب" 24. رابع ا: وظيفة العدول يف ضوء عر ض مفهوم "العدول" قدمي ا وحديث ا فقد اتفق النقاد على أاهمية النزياح اأو النحراف يف الناحية الفنية يف الن ص سواء اأكان قراآني ا اأم اأدبي ا وي عد من العنا صر املهمة يف قوام العملية الإبداعية ولكل عدول غاية بيانية لأن "الرتكيب اللغوي يف اأدائه الفني قد ينزاح عن النمط التقليدي باأن يت ضمن بع ض امللمح التي ينفرد بها عم ا سواه ول ينبغي اأن تنظر اإىل تلك النزياحات على اأن ها رخ ص شعرية اأو ابتداع فردي واإن ا هي يف الواقع نتاج براعة ا ستخدام املادة اللغوية املتوفرة وتوظيفها الذكي للإمكانات الكامنة يف اللغة" 25. ومما ل شك فيه اأن العدول ل ياأتي اإل لغر ض يق صده املتكلم ولذلك "ف إان املتكلم حني يخرج عن احلدود املعيارية املطردة ويلجاأ اإىل النزياح الرتكيبي فاإنه ي سعى اإىل اأن يحقق هدف ا دللي ا ل ي ستطيع اأن ينجزه من خلل احلدود املعيارية التي و ضعها املتحدثون باللغة فتلك احلدود حتقق امل ستوى النفعي يف حني اأن اخلروج إاىل ما هو هام شي أاو ثانوي اأو ا ستثنائي يحقق الوظيفة الإبداعية]...[ وهدف ذلك اأن يحقق للن ص سمات جديدة تعجز عنها اللغة يف حال مت سكها ب أابعادها املعيارية ال صارمة." 26 وتقوم مهارات الت صال بني الن صو ص على ركائز ثلث: املر سل واملر سل إاليه والر سالة ومبا أان العدول هو اأهم ما قامت عليه الأ سلوبية فاإن ه مرتبط بل شك بهذه الدعائم الثلث وتتجلى وظيفته يف الت أاثر والت أاثري عليها لكمال عملية التوا صل بع ضهم ببع ض يف العمل الأدبي. وميكن بيان وظيفة العدول الأ سلوبي يف كل طرف منها فيما يلي: 1- العدول واملر سل اإن التنوع يف الأ سلوب اإمارة على ثراء الن ص والرثوة اللغوية التي ميلكها املر س ل لذا عليه ا ستخدام األفاظه وتراكيبه بدقة وعناية بالغة. واملتكلم "حينما ي ضرب صفح ا عن صيغة ويطلب اأخرى ل يفعل ذلك اإل عندما يظهر له اأن يف الثانية فائدة تفتقر اإليها الأوىل و اإل ملا عدل اإليها واأوىل الفوائد التي يتوخاها املتكلم هي فائدة املعنى الذي من أاجله كان اخلطاب اأ شل بدليل اأن ه لو كان يف العدول ما يخل باملعنى ملا جاز" 27. وقد يكون هذا العدول اختياري ا يلجاأ اإليه املخاط ب "لغايات ودللت فنية وجمالية يهدف اإليها كالإثارة الذهنية اأو الت شويق العقلي اأو لفت النتباه اأو التاأكيد أاو غري ذلك من الأهداف التي ي سعى إاليها الكاتب وقد يكون.. ا ضطراري ا للمحافظة على قافية اأو وزن كما يفعل ال شاعر حينما تدفعه املحافظة على امليزان ال شعري اإىل اأن ي سلك دروبا ي باح له فيها مال ي باح للناثر." 28 ومن الأهداف الأخرى التي ي سعى املخاط ب لتحقيقها عند جلوئه اإىل "العدول "البعد اجلمايل" يف الأدب الذي قد ل يتحقق اإل عن طريق النزياح ومن ذلك ال ضرورات ال شعرية التي يلجاأ إاليها ال شاعر والواقع اأن حماولة ت صو ر الأ سلوب كانزياح عن القاعدة املوجودة خارج الن ص وابتعاد متعم د من املوؤل ف لتحقيق اأغرا ض جمالية هو اأمر مقبول ول ميكن إانكار حقيقة اأن هذا الت صور ي ساعدنا على شرح كثري من الظواهر اللفتة للنظر يف الن صو ص الأدبية ولعل هذا يت ضح اأكرث يف تلك احلالت التي كانت تعد منذ القدم درجة من درجات احلرية اخللقة اأو ال ضرورة ال شعرية التي ي ستبيحها لنف سه ال شاعر الكبري وهو على ثقة من أان ها لن تعد عجز ا اأو ق صور ا بل ا ستثمار ا م شروع ا لإمكانيات خارجة على نطاق التعبري العادي املاألوف وتفجري ا لدرجة عليا من ال شعر ل يتاأتى الو صول اإليها ب شكل آاخر." 29 ويعمل العدول على ك شف احلالة النف سية امل سيطرة على املبدع يف حالة اإبداعه وي شري أاحد الباحثني اإىل هذه الوظيفة النف سية لظاهرة العدول فيقول: "قد ميثل اللتفات نازع ا نف سي ا يوحي بت ضارب الأ شياء والأحداث وتداخلها يف العقل الباطن للمبدع ويكون اللتفات هو التمثيل اللغوي لهذا النزوع النف سي." 30 2- العدول واملتلقي املتلقي هو ال شخ ص الذي ي ستقبل الن ص. واملتلقون م ستويات ولكل م ستوى قدرة على التلقي وي ضاف اإىل هذا تغري اللغة اخلطابية من

165 ال ساد س للغة العربية فئة لأخرى نظر ا مل ستواها الجتماعي اأو ال سيا سي.. فعامة النا س ل تخاطب بال صيغة نف سها التي يخاطب بها الوايل اأو الأمري.. لذا على الأديب اأن يح سن اختيار األفاظه ف"اعتبار حال املتلقي عند اإن شاء اخلطاب من أاهم املرتكزات التي قامت عليها البلغة العربية وخل صتها العبارة ال شهرية "لكل مقام مقال" التي ت ضر ب للمتلقي سهم ا وافر ا يف بناء العبارة وجتعله شريك ا يف إانتاج اخلطاب في ضطر املتكلم اإىل صياغة خطابه وفق اأ صناف املخاطبني وم ستوياتهم ووفق حالتهم النف سية ومقاماتهم الجتماعية فيلغي من ملفوظه كل ما ياأباه مقام التلق ي بطرح صيغ وطلب اأخرى." 31 وترتكز نظرية التلقي على " أاهمية اإي صال املادة الأدبية وتقليبها على وجوهها لإدراك اأبعادها اجلمالية واملعرفية لذلك فهي ت صب اهتمامها على اآلية ال ستجابة والأدوات التي يحملها املتلقي عندما يواجه ن ص ا ما فالظاهرة اجلمالية تطلب ح سا سية املتلقي وم ستقبلت ذوقية ينتج عنها ا ستثارة انفعالته اجلمالية وجذب اهتمامه اإىل تلك املادة ثم الغو ص يف البواطن املعرفية من خلل ملكة الوعي و مرجعياته النقدية والثقافية فللتلقي غاية جمالية ومعرفية ت شرتك يف حت صيلها احلوا س والثقافة والتاأمل واخليال واملتلقي يعيد بناء الأثر املعريف يف الن ص ولكن ه يف الوقت ذاته يتذوق أابعاده اجلمالية" 32. التذوق اجلمايل والفني والإثارة يف تلقي العمل الأدبي من الغايات الأ سا سية يف بناء العملية الأدبية فل بد له اأن يراعي احلالة النف سية للمتلقني "واإذا كان جدير باملبدع مراعاة احلالة النف سية للمتلقي عند إان شاء خطابه فاإن ذلك يو ضح باأن الدافع اإىل العدول الأ سلوبي نف سي بحت حيث تتمثل وظيفة العدول ب)املفاجاأة( التي ي شعر بها املتلقي ف إاذا كان العدول ي شكل ما ي سمى "اخلا صية الأ سلوبية التي هي نوع من أانواع اخلروج على ال ستعمال العادي للغة بحيث يناأى ال شاعر أاو الكاتب عم ا تقت ضيه املعايري املقررة يف ال ستخدام اللغوي" 33 فاإن قيمة كل خا صية اأ سلوبية تتنا سب مع "حدة املفاجاأة التي حتدثها تنا سب ا طردي ا بحيث اإن ها كلما كانت غري منتظرة كان وقعها يف نف س املتلقي اأعمق" 34. 3- العدول والن ص يعد الن ص الأدبي "جتربة اأدبية ذاتية للمبدع تنقل جتارب حياتية هي اأميل إاىل اجلانب النف سي والذاتي للمن شئ منه للجانب املو ضوعي تبقى اللغة املج سدة للن ص الأدبي" 35. فالأديب يف الن ص الأدبي يك شف عن م شاعره و أاحا سي سه وانطباعاته وما يجول يف ذهنه من أافكار ور ؤوى دفينة يف اأعماق نف سه. ويعرب عن ذلك بلغة دقيقة منقحة من ال شوائب والعيوب لأن ثمة م ستقبل يف انتظار العمل الأدبي وقد تتاآلف الذات امل ستقبلة مع الذات املبدعة نظر ا لتقارب امل شاعر وقد تتنافران لختلفهما. واملبدع يركز يف لغته على الغريب ليده ش املتلقي بقدرته اللغوية وجمال صوره وتراكيبه. "ووظيفة العدول تخدم يف املقام الأول الن ص وتلقي الن ص" 36.ولغة العدول "لغة اإيحاءات تفرغ من شحنتها املوروثة التقليدية ومتلوؤها ب شحنة جديدة تنحرف بها وتخرجها عن إاطارها العادي ودللتها ال شائعة." 37 وت سهم يف عملية التوا صل بني املخاط ب واملخاط ب فالختيار والنحراف الأ سلوبي "ي شكلن أاهمية كبرية يف اأ سلوبية التلقي اإذ اإن الثنني ميار سان سلطة ما على املتلقي الذي يجد نف سه مدفوع ا لتاأويل اختيار املبدع والنحراف البارز اأمامه يف الن ص." 38 وي ضفي العدول على الأدب قيم ا جمالية تزيد من رونقه و بهائه ويعمل على "توتري اللغة لبعث احلياة واجلدة والر شاقة واجلمال والعمق والإيثار والخت صا ص وما اإىل هذه املعاين التي تراد من حتريف ا ستعمال اأ سلوبي عن مو ضعه" 39. العدول يف املقابلة واأ سراره البالغية يف الربع االأخري من القراآن الكرمي يتمثل العدول يف املقابلة يف اخلروج عن ن سقها املاألوف من خلل النحراف عن أاحد شروطها كالعدول يف الرتكيب والعدول يف الكم والعدول يف الرتتيب واأي ض ا ي شكل العدول من احلقيقة اإىل املجاز اأحد أالوان العدول يف املقابلة. اأوال : العدول يف الرتكيب اأ- العدول عن طريق االلتفات ومن املواطن القراآنية التي تتمثل فيها تلك ال صورة قوله تعاىل:{ف اإ ن اأ ع ر ض وا ف م ا اأر س ل ن اك ع ل ي ه م ح ف يظ ا اإ ن ع ل ي ك اإ ل ال ب ل غ و اإ ن ا اإ ذ ا املجل س الدويل للغة العربية

166 ال ساد س للغة العربية اأ ذ ق ن ا ال إن س ان م ن ا ر ح م ة ف ر ح ب ه ا و اإ ن ت ص ب ه م س ي ئ ة مب ا ق د م ت اأ ي د يه م ف اإ ن ال إ ن س ان ك ف ور })ال شورى: 48(. ففي هذه الآية الكرمية حتول اخلطاب من ضمري املتكلم يف: و اإ ن ا اإ ذ ا اأ ذ ق ن ا ال إ ن س ان م ن ا ر ح م ة اإىل ضمري الغائب يف و اإ ن ت ص ب ه م س ي ئ ة. وهذا العدول يف ال ضمائر ين سجم مع ال سياق القر آاين فاهلل تعاىل ن سب الرحمة اإىل نف سه يف حني مل ين سب ال سيئة اإليه بل اإىل اأيديهم. ولهذا التحول غر ضان: الأول: اإن ال سيئة اأ صابتهم ب سبب اأفعالهم ف أادى اإ سناد الفعل اإىل ضمري الغيبة العائد إاليهم يف هذا املعنى ويف ذلك يقول عز وجل : و م ا اأ ص اب ك م م ن م ص يب ة ف ب م ا ك س ب ت اأ ي د يك م وذلك يدل على أان "امل ص ائ ب ال ت ي ت ص يب الن ا س يف الد ن ي ا م ا س ل ط ه الله ع ل ي ه م ج ز اء ع ل ى س وء اأ ع م ال ه م" 40 ولذلك مل ت سند اإىل اهلل تعاىل واإن كان هو امل سبب لها مبقت ضى عدله وم شيئته. الثاين: اإ ص اب ت ه م ب ال س ي ئ ة ن اد ر ة ب الن س ب ة ل إ ص اب ت ه م ب الن ع م ة 41. يقول ت ع اىل :{ف اإ ذ ا ج اءت ه م احل س ن ة ق ال وا ل ن ا ه ذ ه و اإ ن ت ص ب ه م س ي ئ ة ي ط ير وا مب و س ى و م ن م ع ه اأ ل اإ ن ا ط ائ ر ه م ع ند الل ه و ل ك ن اأ ك رث ه م ل ي ع ل م ون })ال أ ع ر اف: 131(. وثمة ملحظة أاخرى يف الآية وهو ا ستخدام )اإذا( مع احل سنة والرحمة و)اإن ) مع ال سيئة فالأوىل تدل على كرثة الوقوع والثانية على ندرة الوقوع 42. ومن صور اللتفات الأخرى قوله تعاىل:{ف اأ م ا ال ذ ين اآم ن وا و ع م ل وا ال ص احل ات ف ي د خ ل ه م ر ب ه م يف ر ح م ت ه ذ ل ك ه و ال ف و ز امل ب ني و اأ م ا ال ذ ين ك ف ر وا اأ ف ل م ت ك ن اآي ات ي ت ت ل ى ع ل ي ك م ف ا س ت ك رب ت و ك نت م ق و م ا مج ر م ني })اجلاثية: 31-30(. فاملقابلة هنا بني و صف جزاء املوؤمنني واإدخالهم اجلن ة وحال الكافرين. وكان الو صف الأول ب ضمري الغائب ف ي د خ ل ه م ر ب ه م ثم حتو ل اإىل املخاطب يف الو صف الثاين اأ ف ل م ت ك ن اآي ات ي ت ت ل ى ع ل ي ك م ف ا س ت ك رب ت و ك ن ت م ق و م ا جم ر م ني وذلك ل ستح ضار م شهد املجرمني "تقريع ا وتوبيخ ا ]قائلني[: اأما قرئت عليكم اآيات الرحمن فا ستكربت عن اتباعها واأعر ضتم عند سماعها "وكنتم قوم ا جمرمني" أاي: يف أافعالكم مع ما ا شتملت عليه قلوبكم من التكذيب " 43. فعدلت الآية عن الت صريح بالعقاب اإىل التوبيخ والتقريع الذي يدل على العذاب. ب- العدول يف اجلملة ال شرطية كثري ا ما تت شكل جملتنان شرطيتان نوع ا من املقابلة على نحو قوله تعاىل: {م ن ع م ل ص احل ا ف ل ن ف س ه و م ن اأ س اء ف ع ل ي ه ا و م ا ر ب ك ب ظ ل م ل ل ع ب يد })ف صلت: 46( و كثري ا ما تخرج هذه املقابلة عن شروط صحة املقابلت في عدل أاحد شطريها عن الآخر لغر ض بلغي وال شواهد القراآنية كثرية كقوله عز وجل :{اإ ن ا اأ نز ل ن ا ع ل ي ك ال ك ت اب ل لن ا س ب احل ق ف م ن اه ت د ى ف ل ن ف س ه و م ن ض ل ف اإ ن ا ي ض ل ع ل ي ه ا و م ا اأ نت ع ل ي ه م ب و ك يل })الزمر: 41(. اجلملة ال شرطية هي الأ سا س يف اأ سلوب املقابلة يف الآية ال سابقة وقد جرت املقابلة بني أاداة ال شرط وفعله على النهج ذاته ف أاداة ال شرط )م ن ( وفعلهما ب صيغة املا ضي )اهتدى و ضل ( لكن ثمة اختلف يكمن يف جواب ال شرط حيث ع دل يف الطرف الثاين من املقابلة عن ال صياغة اللغوية يف الطرف الأول "فلنف سه" اإىل جملة الق صر {و م ن ض ل ف اإ ن ا ي ض ل ع ل ي ه ا}. ومثل ذلك قوله {ق ل ي ا اأ ي ه ا الن ا س ق د ج اءك م احل ق م ن ر ب ك م ف م ن اه ت د ى ف اإ ن ا ي ه ت د ي ل ن ف س ه و م ن ض ل ف اإ ن ا ي ض ل ع ل ي ه ا و م ا اأ ن ا ع ل ي ك م ب و ك يل })يون س: 108( وقوله:{و اأ ن اأ ت ل و ال ق ر اآن ف م ن اه ت د ى ف اإ ن ا ي ه ت د ي ل ن ف س ه و م ن ض ل ف ق ل اإن ا اأ ن ا م ن امل نذ ر ين })النمل: 92( ف"جيء يف تينك الآيتني ب صيغة ق صر الهتداء على نف س املهتدي وت رك ذلك يف هذه ال سورة ووجه ذلك أان تينك الآيتني واردتان بالأمر مبخاطبة امل شركني فكان املقام فيهما منا سب ا لإفادة اأن فائدة اهتدائهم ل تعود اإل لأنف سهم اأي لي ست يل منفعة من اهتدائهم خلف ا لهذه الآية فاإن ها خطاب موجه من اهلل اإىل ر سوله - صلى اهلل عليه و سلم- لي س فيها حال من ينزل منزلة امل د ل باهتدائه... اأ م ا ق و ل ه : و م ن ض ل ف اإ ن ا ي ض ل ع ل ي ها ف ص يغ ة ال ق ص ر ف يه ل ت ن ز يل الر س ول ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م يف اأ س ف ه ع ل ى ض ل ل ه م امل ف ض ي ب ه م اإ ىل ال ع ذ اب م ن ز ل ة م ن ي ع ود ع ل ي ه م ن ض ل ل ه م ض ر ف خ وط ب ب ص يغ ة ال ق ص ر و ه و ق ص ر ق ل ب ع ل ى خ ل ف م ق ت ض ى الظ اه ر."44 ومن اأمثلة العدول الأخرى يف جواب اجلملة ال شرطية قوله عز وجل :{و ق ال ر ج ل م وؤ م ن م ن اآل ف ر ع و ن ي ك ت م اإ مي ان ه اأ ت ق ت ل ون ر ج ل اأ ن ي ق ول ر ب ي الله و ق د ج اءك م ب ال ب ي ن ات م ن ر ب ك م و اإ ن ي ك ك اذ ب ا ف ع ل ي ه ك ذ ب ه و اإ ن ي ك ص اد ق ا ي ص ب ك م ب ع ض ال ذ ي ي ع د ك م اإ ن الله ل ي ه د ي م ن ه و

167 ال ساد س للغة العربية م س ر ف ك ذ اب })غافر: 28(. وقع العدول يف هذه الآية يف طرف املقابلة الثاين حيث جاء جواب ال شرط يف اجلملة الثانية جملة فعلية "ي ص ب ك م ب ع ض ال ذ ي ي ع د ك م" على خلف جواب ال شرط يف اجلملة الأوىل "ف ع ل ي ه ك ذ ب ه " حيث جاءت شبه اجلملة من اجلار واملجرور وال سبب يف هذا العدول هو اأن الفعل مو ضوعه "اأن ه يقت ضي جتدد املعنى املثبت به شيئ ا بعد شيء" 45 ويفيد الفعل امل ضارع معنى ال ستمرار. واملراد من قوله "ي ص ب ك م ب ع ض ال ذ ي ي ع د ك م" اأي: "فقدم ق سم الكذب على ق سم ال صدق إازاحة التهمة التي خ شي اأن تنطرق اإليه يف حق مو سى عليه ال شلم ووثوق ا باأن الق سم الثاين وهو صدقه هو الواقع. فل ي ضر ه تاأخريه يف الذكر لهذه الفائدة. ومن ثم قال ب ع ض ال ذ ي ي ع د ك م ومل يقل: كل ما يعدكم تعري ض ا ب أان ه معهم عليه" 46. وي ستمر ذلك العذاب ويتجدد لي شمل عذاب الآخرة. ويف هذه الآية حوار بني الرجل املوؤمن وقوم فرعون وهو ي ضع أامر الر سول صلى اهلل عليه و سلم- بني أامرين فر ضيني هما: اإن كان كاذب ا ل ي ضر كم كذبه واإن كان صادق ا ف سي صيبكم بع ض ما أانذركم به فاملنطق يقت ضي اأن ن صدقه. ومن اأجل هذا كان العدول لإبراز الفرق بني الفرتا ضني. ومثال ذلك اأي ض ا قوله تعاىل:{اإ ن ال ذ ين ي ب اي ع ون ك اإ ن ا ي ب اي ع ون الله ي د الله ف و ق اأ ي د يه م ف م ن ن ك ث ف اإ ن ا ي نك ث ع ل ى ن ف س ه و م ن اأ و ف ى مب ا ع اه د ع ل ي ه الله ف س ي وؤ ت يه اأ ج ر ا ع ظ يم ا })الفتح: 10(. املقابلة يف هذه الآية قائمة بني ف اإ ن ا ي ن ك ث ع ل ى ن ف س ه و و م ن اأ و ف ى مب ا ع اه د ع ل ي ه الله ف س ي وؤ ت يه اأ ج ر ا ع ظ يم ا وقد اختلفت صياغة اجلملة ال شرطية الأوىل عن اجلملة ال شرطية الثانية مبجيء جواب شرط اجلملة الأوىل جملة ق صر أاي اإن نكثه للعهد وعدم وفائه به مق صور ا عليه و سيعود عليه بال ضر لأن العقوبة وا صلة إاليه وحده دون غريه لأن اهلل غني عن عباده ول ي ضر ه كفرهم وعنادهم وهنا اإيجاز لأن دللة العقوبة بالعذاب ملن نكث تفهم من دللة املقابلة وكذلك من أاوفى مبا عاهد عند اهلل ل يزيد يف ملكه شيئ ا. ج - العدول عن اجلملة اال سمية اإىل الفعلية اإن الأ صل يف املقابلة اأن يطابق الطرف الأول الطرف الثاين يف الرتكيب وما خالف ذلك ي عد عدول. ومن اأمثلة العدول عن اجلملة ال سمية إاىل الفعلية قوله عز وجل :{و ج وه ي و م ئ ذ ن ا ض ر ة اإ ىل ر ب ه ا ن اظ ر ة و و ج وه ي و م ئ ذ ب ا س ر ة ت ظ ن اأ ن ي ف ع ل ب ه ا ف اق ر ة { )القيامة: 22-25(. ففي هذه الآيات ع دل يف قوله: ت ظ ن اأ ن ي ف ع ل ب ه ا ف اق ر ة عن اجلملة ال سمية إاىل الفعلية وخالفت ما يقابلها يف الطرف الأول اإ ىل ر ب ه ا ن اظ ر ة اإذ اإن الن سق مقابلة اجلملة ال سمية بجملة ا سمية اأخرى. كما يف تقابل الآيتني: و ج وه ي و م ئ ذ ن ا ض ر ة ----- و ج وه ي و م ئ ذ ب ا س ر ة. و سر هذا التحول يف صياغة هذه الآية إاىل اجلملة الفعلية وفعلها امل ضارع بالتحديد مقدرة على اأداء املعنى وهو ال ستمرار والتجدد ل اجلمود اإذ اإن املراد: جتدد حدوث اليقني يف نفو س الكفار باأن هم هالكون. وبذلك صو رت هذه ال صياغة مدى حجم العذاب النف سي امل ستمر ومدى بوؤ سهم و شدة الهلع الذي ي صيبهم يوم احل ساب. فتبني الآية الأوىل أان هم يف منتهى الل ذة والغبطة وال س رور يف حني ت بني الآية الثانية املقابلة أان الكافرين يف موقف ل يح سدون عليه. ومثل هذه ال صورة يف موطن اآخر قوله تعاىل:{ل ك ل ام ر ئ م ن ه م ي و م ئ ذ ش اأ ن ي غ ن يه و ج وه ي و م ئ ذ م س ف ر ة ض اح ك ة م س ت ب ش ر ة و و ج وه ي و م ئ ذ ع ل ي ه ا غ رب ة ت ر ه ق ه ا ق رت ة اأ و ل ئ ك ه م ال ك ف ر ة ال ف ج ر ة })عب س: 42-38(. بد أات املقابلة بجملة ا سمية و ج وه ي و م ئ ذ م س ف ر ة وقابلتها يف الطرف الثاين و ج وه ي و م ئ ذ ع ل ي ه ا غ رب ة بينما قابلت اجلملة ال سمية ض اح ك ة م س ت ب ش ر ة جملة فعلية ت ر ه ق ه ا ق رت ة واملراد بذلك: ا ستمرار تغ شي وجوه الكفار بال سواد أاي "يغ شى تلك الوجوه ق رت ة وهي الغ رب ة." 47 د - العدول عن اجلملة الفعلية إاىل اال سمية ومن اأمثلته قوله تعاىل:{ي س ت ع ج ل ب ه ا ال ذ ين ل ي وؤ م ن ون ب ه ا و ال ذ ين اآم ن وا م ش ف ق ون م ن ه ا و ي ع ل م ون اأ ن ه ا احل ق اأ ل اإ ن ال ذ ين مي ار ون يف املجل س الدويل للغة العربية

168 ال ساد س للغة العربية ال س اع ة ل ف ي ض ل ل ب ع يد })ال شورى: 18(. ع دل يف هذه الآية عن اجلملة الفعلية اإىل ال سمية يف قوله "م شفقون" ويف الأ صل اأن توافق صياغة ما يقابلها "ي ستعجل" واأن تكون "ي شفقون" ويف هذا الت حول دليل على اأن الإ شفاق صفة ثابتة يف نفو س املوؤمنني واأن " إا شفاقهم منها إا شفاق عن يقني وجزم ل اإ شفاق عن تردد وخ شية" 48 ولذلك عطفت على "م شفقون منها" جملة "ي ع ل م ون اأن ه ا احل ق " لتوكيد ثبات هذه ال صفة ويقينها يف اأنف سهم. ويفيد هذا العدول اأن ا ستعجال الكفار اأمر عر ضي واإ شفاق املوؤمنني أامر ثابت جوهري. ومن الأمثلة على ذلك اأي ض ا قوله تعاىل: {و ي س ت ج يب ال ذ ين اآم ن وا و ع م ل وا ال ص احل ات و ي ز يد ه م م ن ف ض ل ه و ال ك اف ر ون ل ه م ع ذ اب ش د يد } )ال شورى: 26(. ويف هذه الآية جرت املقابلة على غري ن سقها املثايل وقد ع دل عن اجلملة الفعلية يف الطرف الأول و ي س ت ج يب ال ذ ين اآم ن وا اإىل اجلملة ال سمية يف الطرف الثاين ال ك اف ر ون ل ه م ع ذ اب ش د يد لإ شغال دللة الفعل يف الطرف الأول وهو ا ستمرار احلدوث وجتدده فا ستجابة اهلل تعاىل للموؤمنني م ستمرة وزيادة ف ضله عليهم متجددة. "وال ستجابة: مبالغة يف الإجابة وخ ص ت ال ستجابة يف ال ستعمال بامتثال الدعوة اأو الأمر... وملا كانت ال ستجابة والزيادة كرامة للموؤمنني أاظهر ا سم "ال ذ ين اآم ن وا" وجيء به مو صول للدللة على اأن الإميان هو وجه ال ستجابة لهم والزيادة لهم." 49 وجرت دللة ال سم يف الطرف الثاين حيث اإن شدة عذاب الكافرين ثابتة جزاء لكفرهم باهلل "وتوكيد ا للوعيد وحتذير ا من الدوام على الكفر بعد فتح باب التوبة لهم." 50 كما أان يف الآية احتباك و اإيجاز فقد ح ذف من الطرف الأول )الثواب( و حذف من الطرف الثاين )عدم ال ستجابة( بدللة املقابلة. حاالت اأخرى ومن احلالت الأخرى التي جاء العدول فيها من ناحية الرتكيب قوله عز وجل :{ه ذ ا ه د ى و ال ذ ين ك ف ر وا ب اآي ات ر ب ه م ل ه م ع ذ اب م ن ر ج ز اأ ل يم })اجلاثية: 11(. اجلملة الأوىل "ا ستئناف ابتدائي انتقل به من و صف القراآن يف ذاته ب أان ه منزل من اهلل و أان ه من اآيات اهلل اإىل و صفه باأف ضل صفاته" 51. "واملنا سبة اأن القراآن من جملة اآيات اهلل واأن ه مذكر بها فالذين كفروا ب آايات اهلل كفروا بالقر آان يف عموم الآيات" 52. وقد جاء العدول يف هذه املقابلة يف ذكر كلمة "هدى" صريحة يف الطرف الأول وترك ذكر كلمة )ال شلل( فمعناها م ضم ن يف الطرف الثاين ت ضمين ا يف قوله: "والذين كفروا ب آايات ربهم" وذلك لدللة "الهدى" عليه. فو صف القر آان "باأن ه هدى" من الو صف بامل صدر للمبالغة اأي هاد للنا س فمن آامن فقد اهتدى ومن كفر فله العذاب لأنه ح ر م نف سه من الهدى فكان يف ال شلل وارتبق ]علق ون شب[ يف املفا سد والآثام." 53 ومن صور العدول يف الرتكيب قوله تعاىل:{و الل ي ل اإ ذ اأ د ب ر و ال ص ب ح اإ ذ ا اأ س ف ر })املدثر: 34-33(. املقابلة يف هذه الآية جرت بني: الليل ال صبح اإذ اإذا اأدبر اأ سفر وقع العدول يف هذه املقابلة يف الختلف اللفظي بني )اإذ( و)اإذا( فا ستعمل يف الطرف الأول )اإذ( وا ستعمل يف الطرف الثاين )اإذا( وهما "ظرفا زمان منت صبان على احلال من الليل ومن ال صبح.. اأق سم بالليل يف حالة إادباره التي م ضت و هي حالة متجددة مت ضي و حت ضر و ت س تقبل ف أاي زمن اع ت رب معها فهي حقيقة باأن ي ق سم بكونها فيه و لذلك اأق سم بال صبح اإ ذ ا اأ سفر مع ا سم الزمن امل ستقبل." 54 و)اإذ( ظرف ملا م ضى من الزمان بينما )اإذا( ظرف ملا ي ستقبل من الزمان. وجمي ؤوهما على هذه ال صورة منا سب لل سياق القراآين

169 ال ساد س للغة العربية ف)اإذ( ارتبطت مع الزمن املا ضي لإدبار الليل الذي سيعقبه اإ سفار النهار املرتبط ب) إاذا( التي تدل على امل ستقبل. كما ح صل عدول يف كلمة )اأ سفر( اإذ الأ صل اأن تكون )اأقبل( فعدل عنها اإىل )اأ سفر( لأنها أان سب للمقام الذي وردت فيه حيث اأفادت اإ شراق النهار و ضياءه. ثاني ا: العدول يف الكم ي شرتط يف املقابلة اأن يكون طرفاها مت ساويني يف الكم مما يرتتب عليه ت ساوي املعنى واخلروج عن هذا الت ساوي الكم ي يعد عدول ويحمل معه دللت ومعان جديدة ومن اأ شكاله الزيادة اللفظية يف اأحد أاطراف املقابلة و مقابلة اثنني بثلثة ومقابلة ثلثة باثنني والإيجاز والإطناب بني اأطراف املقابلة. اأ- الزيادة يف اللفظ : ومن أامثلة ذلك يف املقابلة قوله تعاىل:{و س يق ال ذ ين ك ف ر وا اإ ىل ج ه ن م ز م ر ا ح ت ى اإ ذ ا ج اوؤ وه ا ف ت ح ت اأ ب و اب ه ا و ق ال ل ه م خ ز ن ت ه ا اأ مل ي اأ ت ك م ر س ل م نك م ي ت ل ون ع ل ي ك م اآي ات ر ب ك م و ي نذ ر ون ك م ل ق اء ي و م ك م ه ذ ا ق ال وا ب ل ى و ل ك ن ح ق ت ك ل م ة ال ع ذ اب ع ل ى ال ك اف ر ين ق يل اد خ ل وا اأ ب و اب ج ه ن م خ ال د ين ف يه ا ف ب ئ س م ث و ى امل ت ك رب ين و س يق ال ذ ين ات ق و ا ر ب ه م اإ ىل اجل ن ة ز م ر ا ح ت ى اإ ذ ا ج اوؤ وه ا و ف ت ح ت اأ ب و اب ه ا و ق ال ل ه م خ ز ن ت ه ا س ل م ع ل ي ك م ط ب ت م ف اد خ ل وه ا خ ال د ين })الزمر: 73-72-71(. جرت املقابلة يف هذه الآية الكرمية على النحو الآتي: و س يق ال ذ ين ك ف ر وا اإ ىل ج ه ن م ز م ر ا و س يق ال ذ ين ات ق و ا ر ب ه م اإ ىل اجل ن ة ز م ر ا ح ت ى اإ ذ ا ج اء وه ا ف ت ح ت اأ ب و اب ه ا ح ت ى اإ ذ ا ج اء وه ا و ف ت ح ت اأ ب و اب ه ا ففي طرف املقابلة الأول جاء و صف اهلل تعاىل لأهل النار بغري واو )فتحت( يف حني سبق طرف املقابلة الثاين يف و صف حال اأهل اجلنة بالواو )وفتحت( فعدل عن اأ صل املقابلة بزيادة الواو يف الطرف الثاين. وقد خ صت الزيادة يف الطرف الثاين لخت صا ص معناها بحال اأهل اجلنة دون حال اأهل النار "فالواو يف اجلملة "وفتحت اأبوابها" واو احلال أاي حني جاءوها وقد فتحت أابوابها فوجدوا الأبواب مفتوحة على ما هو ال ش أان يف ا ستقبال اأهل الكرامة" 55. وميكن عد ها واو العطف وما قبلها جواب ال شرط حمذوف ليرتك للخيال اأن يقد ر ما يلقاه املوؤمنون من اجلمال والبهاء والنعم والتكرمي واحلفاوة حني و صولهم اإىل اجلنة بدليل ما قاله خزنتها يف سياق الآية: " س ل م ع ل ي ك م ط ب ت م ف اد خ ل وه ا خ ال د ين " فالواو هنا "اأحدثت هذا الفرق الكبري بني م شهدين متعاقبني" 56 متقابلني. فاأ ضفى العدول بزيادة الواو بعد ا دللي ا منا سب ا ملا ورد يف ال سياق من بيان حال املوؤمنني حني ي ساقون زمر ا اإىل اجلن ة. ومن ذلك اأي ض ا قوله تعاىل:{و اع ل م وا اأ ن ف يك م ر س ول الله ل و ي ط يع ك م يف ك ث ري م ن ال أ م ر ل ع ن ت م و ل ك ن الله ح ب ب اإ ل ي ك م ال إ مي ان و ز ي ن ه يف ق ل وب ك م و ك ر ه اإ ل ي ك م ال ك ف ر و ال ف س وق و ال ع ص ي ان اأ و ل ئ ك ه م الر ا ش د ون })احلجرات: 7(. جرت املقابلة يف هذه الآية الكرمية بني: 1 -)حب ب اإليكم( )كر ه اإليكم( )الكفر( 2 )الإميان( )والف سوق( )والع صيان( فقابل املفرد )الإميان( مبتعدد )الكفر( و)الف سوق( و)الع صيان(. "ويف الآية دللة على أان اأ ضداد الإميان ثلثة: كفر وف سوق وع صيان" 57 وذلك اأن الإميان هو: "ت صديق بالقلب واإقرار بالل سان وعمل باجلوارح.. ول جتزئ املعرفة بالقلب والت صديق اإل اأن يكون معه الإميان بالل سان نطق ا ول جتزئ معرفة بالقلب ونطق بالل سان حتى يكون عمل باجلوارح" 58. فل اإميان اإل بهذه اخل صال الثلث: الت صديق القلبي والإقرار بالل سان والعمل باجلوارح لذلك قابل اهلل الإميان بالكفر والف سوق والع صيان لأن الإميان قائم على ثلثة خ صال وكل واحدة منها تقابل ما ذكر يف الطرف املقابل )الت صديق بالقلب( يقابلها )الكفر( املجل س الدويل للغة العربية

170 ال ساد س للغة العربية الذي هو التكذيب بالقلب و)النطق بالل سان( يقابلها )الف سوق( وهو ما دل على القول الباطل واملراد به هنا: الكذب ويدل عليه الآية التي سبقتها:{ي ا اأ ي ه ا ال ذ ين اآم ن وا اإ ن ج اءك م ف ا س ق ب ن ب اأ ف ت ب ي ن وا اأ ن ت ص يب وا ق و م ا ب ج ه ال ة ف ت ص ب ح وا ع ل ى م ا ف ع ل ت م ن اد م ني })احلجرات: 6( ف"ف س ر الفا سق يف هذه الآية بالكاذب" 59 وكذلك الآية التي بعدها{ ي ا اأ ي ه ا ال ذ ين اآم ن وا ل ي س خ ر ق وم م ن ق و م ع س ى اأ ن ي ك ون وا خ ري ا م ن ه م و ل ن س اء م ن ن س اء ع س ى اأ ن ي ك ن خ ري ا م ن ه ن و ل ت ل م ز وا اأ نف س ك م و ل ت ن اب ز وا ب ال أ ل ق اب ب ئ س ال س م ال ف س وق ب ع د ال إ مي ان و م ن لم ي ت ب ف اأ و ل ئ ك ه م الظ امل ون })احلجرات: 11( "ال سم الف سوق وهو: التنابز بالألقاب" 60 وهذا يدل على أان الف سوق يكون بالقول. اأما العمل باجلوارح فيقابلها الع صيان. ومن صور هذا العدول قوله تعاىل:{ك ل اإ ن ك ت اب الف ج ار ل ف ي س ج ني و م ا اأ د ر اك م ا س ج ني ك ت اب م ر ق وم })املطففني: ٧ ٩( وقوله: {ك ل اإ ن ك ت اب ال أ ب ر ار ل ف ي ع ل ي ني و م ا اأ د ر اك م ا ع ل ي ون ك ت اب م ر ق وم ي ش ه د ه امل ق ر ب ون })املطففني: 21-18(. املقابلة يف هذه الآيات على النحو الآتي: 1- ك ل اإ ن ك ت اب ال ف ج ار ل ف ي س ج ني ---- ك ل اإ ن ك ت اب ال أ ب ر ار ل ف ي ع ل ي ني 2- و م ا اأ د ر اك م ا س ج ني ----- و م ا اأ د ر اك م ا ع ل ي ون 3- ك ت اب م ر ق وم ------ ك ت اب م ر ق وم 4-...----- ي ش ه د ه امل ق ر ب ون زيدت جملة )ي ش ه د ه امل ق ر ب ون( يف ذكر كتاب الأبرار و سبب هذا العدول ورد ذكره يف تف سري ابن القيم. يقول: "اأخرب تعاىل اأن كتابهم مرقوم حتقيق ا. لكونه مكتوب ا كتابة حقيقية. وخ ص تعاىل كتاب الأبرار: اأن ه يكتب ويوقع لهم مب شهد املقربني من امللئكة والنبيني سادات امل ؤومنني. ومل يذكر شهادة هوؤلء لكتاب الفجار تنويها بكتاب الأبرار وما وقع لهم به و إا شهار ا له و إاظهار ا ملكانتهم بني خوا ص خلقه كما يكتب امللوك تواقيع يعظمون بني الأمراء وخوا ص اأهل اململكة تنويه ا با سم املكتوب له و إا شهار ا بذكره. وهذا نوع من شلة اهلل سبحانه وتعاىل وملئكته على عبده" 61. فاخت صا ص الأبرار دون الفجار بجملة )ي شهده املقر بون( كان لغاية التكرمي والتف ضيل فهيهات هيهات بني هوؤلء واأولئك. ب - مقابلة اثنني بثالثة: ومن اأمثلة ذلك العدول قوله عز وجل :{ال ذ ين اإ ذ ا اك ت ال وا ع ل ى الن ا س ي س ت و ف ون و اإ ذ ا ك ال وه م اأ و و ز ن وه م ي خ س ر ون })املطففني: 3-2( ففي هاتني الآيتني الكرميتني وقع العدول يف املقابلة من جهتني: الأوىل: من حيث العدد حيث قابل اثنني يف الطرف الأول: 1- "اإ ذ ا اك ت ال وا ع ل ى الن ا س " 2- "ي س ت و ف ون " بثلثة يف الطرف الثاين: 1- "اإ ذ ا ك ال وه م " 2- "اأ و و ز ن وه م " 3- "ي خ س ر ون". اأما الوجه الآخر للعدول فهو تغري ال صياغة اللفظية يف قوله "كالوهم أاو وزنوهم" وعدم توافقها مع صياغة ما يقابلها يف الطرف الأول "اإ ذ ا اك ت ال وا ع ل ى الن ا س ". وال سبب يف ذلك العدول اأن ه ع دل عن قول: "اكتالوا على النا س" اإىل قوله "كالوهم أاو وزنوهم" اأي كالوا لهم أاو وزنوا لهم فرتك اللغة املاألوفة وا ستخدم لغة من لغات العرب وهي لغة قليلة ال ستعمال يف كلمهم قال عنها الفراء: "هو من كلم اأهل احلجاز ومن جاورهم من قي س" 62 كما أان ه ترك قول )اكتالوا أاو اتزنوا( لثقلها يف الكلم وقوله: )كالوهم أاو وزنوهم( أاخف واألطف يف الكلم و ان سيابيتها أاف ضل لتحقيق املو سيقى الداخلية يف الن ص "ولنكتة أاخرى وهي اأن املطففني هم اأهل الت جر وهم ي أاخذون ال سلع من اجلالبني يف الغالب بالكيل لأن اجلالبني يجلبون التمر واحلنطة ونحوهما مما يكال ويدفعون لهم الأثمان عين ا مبا يوزن من ذهب اأو ف ضة م سكوكني أاو غري م سكوكني. فلذلك اقت صر يف ابتياعهم من اجلالبني على الكتيال نظر ا إاىل الغالب وذكر يف بيعهم للمبتاعني الكيل والوزن لأن هم يبيعون الأ شياء كيل ويقب ضون الأثمان وزن ا ويف هذا إا شارة اإىل اأن التطفيف من عمل جتارهم. فجاء هذا القول مطابق ا لواقعهم" 63.

171 ال ساد س للغة العربية ج- مقابلة ثالثة باثنني: ومن صوره قوله تعاىل:{ث م ك ان م ن ال ذ ين اآم ن وا و ت و ا ص و ا ب ال ص رب و ت و ا ص و ا ب امل ر ح م ة اأ و ل ئ ك اأ ص ح اب امل ي م ن ة و ال ذ ين ك ف ر وا ب اآي ات ن ا ه م اأ ص ح اب امل ش اأ م ة ع ل ي ه م ن ار م وؤ ص د ة })البلد: 20-17(. جاء العدول يف هذه املقابلة يف الطرف الأول وذلك بذكر "و ت و ا ص و ا ب ال ص رب و ت و ا ص و ا ب امل ر ح م ة " يف صفة أاهل الإميان ومل يذكر ما يقابلها يف صفة اأهل ال شرك فلم يقل "ومل يتوا صوا بال صرب ومل يتوا صوا باملرحمة". والعلة يف تخ صي ص هذه ال صفة بالذكر يف الطرف الأول دون ذكرها يف الطرف الثاين هي اأن "من اأو صاف املوؤمنني توا صيهم بال صرب وتوا صيهم باملرحمة لأن ذلك اأ شرف صفاتهم بعد الإميان فاإن ال صرب ملك الأعمال ال صاحلة كلها لأن ها ل تخلو من كبح ال شهوة النف سانية وذلك من ال صرب. واملرحمة ملك شلح اجلامعة الإ شلمية. قال تعاىل: "رحماء بينهم". والتوا صي بالرحمة ف ضيلة عظيمة وهو اأي ض ا كناية عن ات صافهم باملرحمة لأن من يو صي باملرحمة هو الذي عرف قدرها وف ضلها فهو يفعلها قبل اأن يو صي بها.. وفيه تعري ض باأن أاهل ال شرك لي سوا من اأهل ال صرب ول من اأهل املرحمة" 64. د- ا إاليجاز وا إالطناب: يعد الإيجاز والإطناب من اأعظم اأنواع البلغة وهو "الإيجاز يف غري عجز والإطناب يف غري خطل." 65 و"كما اأن ه يجب على البليغ يف مظان الإجمال اأن ي ج م ل ويوجز فكذلك الواجب عليه يف موارد التف صيل اأن ي ف ص ل وي ش بع أان شد اجلاحظ: ي ر م ون ب ال ط ب الط و ال و ت ار ة و ح ي مل ال حظ خ يف ة الر ق ب اء " 66 البلغة يف نظر ابن سنان اخلفاجي اإيجاز واإطناب والإيجاز عك س الإطناب واملقال هو الذي يحدد الأ سلوب املنا سب اإيجاز ا اأم اإطناب ا و"الإيجاز هو اأداء املق صود من الكلم ب أاقل من عبارات متعارف الأو ساط والإطناب هو اأداوؤه باأكرث من عبارته سواء كانت الق ل ة اأو الكرثة راجعة اإىل اجل م ل اأو إاىل غري اجلمل" 67. وياأتي الإيجاز والإطناب كاأحد األوان العدول يف املقابلة ويحقق العدول من خلله دللت ومعان جديدة. ومن اأمثلته قوله تعاىل: } ك ر ام ا ك ات ب ني ي ع ل م ون م ا ت ف ع ل ون اإ ن ال أ ب ر ار ل ف ي ن ع يم و اإ ن ال ف ج ار ل ف ي ج ح يم ي ص ل و ن ه ا ي و م الد ين و م ا ه م ع ن ه ا ب غ ائ ب ني })النفطار: 13-16(. املقابلة هنا قائمة بني اإ ن ال أ ب ر ار ل ف ي ن ع يم و و اإ ن ال ف ج ار ل ف ي ج ح يم ي ص ل و ن ه ا ي و م الد ين و م ا ه م ع ن ه ا ب غ ائ ب ني. وقد جاء احلديث عن الأبرار يف هذه الآيات موجز ا فاقت صر يف و صف حالهم بقوله: "لفي نعيم". ولأن املقابلة يف مقام اإنذار وتهويل جاء الإطناب يف احلديث عن الفجار ويتنا سب ذلك مع ما ذكر قبلها {ك ر ام ا ك ات ب ني ي ع ل م ون م ا ت ف ع ل ون })النفطار: 12-11( "ويف تعظيم الكتبة بالثناء عليهم تعظيم لأمر اجلزاء واإن ه عند اهلل من جلئل الأمور ولول ذلك ملا وك ل ب ضبط ما يحا سب عليه ويجازي به امللئكة الكرام احلفظة الكتبة وفيه اإنذار وتهويل وت شوير 68 للع صاة ولطف للموؤمنني" 69 كما يتنا سب مع ذكر ما بعدها {ي و م ل مت ل ك ن ف س ل ن ف س ش ي ئ ا و ال أ م ر ي و م ئ ذ هلل })النفطار: 19 ( فالعدول هنا ي صور شد ة هول حال الكفار يوم القيامة. اأم ا يف قوله تعاىل:{اإ ن ال ذ ين اأ ج ر م وا ك ان وا م ن ال ذ ين اآم ن وا ي ض ح ك ون و اإ ذ ا م ر وا ب ه م ي ت غ ام ز ون و اإ ذ ا انق ل ب وا اإ ىل اأ ه ل ه م انق ل ب وا ف ك ه ني و اإ ذ ا ر اأ و ه م ق ال وا اإ ن ه وؤ ل ء ل ض ال ون و م ا اأ ر س ل وا ع ل ي ه م ح اف ظ ني ف ال ي و م ال ذ ين اآم ن وا م ن ال ك ف ار ي ض ح ك ون ع ل ى ال أ ر ائ ك ي نظ ر ون )املطففني:.)35-29 ابتداأت املقابلة بو صف حال الكفار باإطناب يف الطرف الأول بينما جاء و صف حال امل ؤومنني يف الطرف الثاين موجز ا. وجاء الإطناب "ليو ضح تعدد اأنواع الأذى الذي قاموا به لإيذاء املوؤمنني فهم "يجمعون بني الأذى بالإ شارات وبالهيئة وب سوء القول يف غيبتهم و سوء القول اإعلن ا به على م سامع امل ؤومنني لعلهم يرجعون على الإ شلم اإىل الكفر" 70 بينما جاء الإيجاز يف الطرف الثاين يف ت صوير حال املوؤمنني فق صر الو صف على قوله تعاىل: "ال ذ ين اآم ن وا ي ض ح ك ون " وقوله: "ع ل ى ال أر ائ ك ي ن ظ ر ون" " أاي يف مقابلة ما زعم فيهم اأن هم ضالون لي سوا ب ضالني بل هم من اأولياء اهلل املقربني ينظرون اإىل ربهم يف دار كرامته." 71 وهذا الإيجاز لإفادة التفخيم والتعظيم حلال املوؤمنني والتهويل حلال الكفار والتقليل من شاأنهم. املجل س الدويل للغة العربية

172 ال ساد س للغة العربية ثالث ا: العدول يف الرتتيب اإن الرتتيب شرط من شروط صحة املقابلة وخمالفته ي عد عدول يف املقابلة يحمل معه دللت جديدة ومن صور العدول يف ترتيب املقابلة قوله تعاىل:{مل ي ك ن ال ذ ين ك ف ر وا م ن اأ ه ل ال ك ت اب و امل ش ر ك ني م نف ك ني ح ت ى ت اأ ت ي ه م ال ب ي ن ة ر س ول م ن الله ي ت ل و ص ح ف ا م ط ه ر ة ف يه ا ك ت ب ق ي م ة و م ا ت ف ر ق ال ذ ين اأ وت وا ال ك ت اب اإ ل م ن ب ع د م ا ج اءت ه م ال ب ي ن ة و م ا اأ م ر وا اإ ل ل ي ع ب د وا الله خم ل ص ني ل ه الد ين ح ن ف اء و ي ق يم وا ال ص ل ة و ي وؤ ت وا الز ك اة و ذ ل ك د ين ال ق ي م ة اإ ن ال ذ ين ك ف ر وا م ن اأ ه ل ال ك ت اب و امل ش ر ك ني يف ن ار ج ه ن م خ ال د ين ف يه ا اأ و ل ئ ك ه م ش ر ال رب ي ة اإ ن ال ذ ين اآم ن وا و ع م ل وا ال ص احل ات اأ و ل ئ ك ه م خ ري ال رب ي ة ج ز اوؤ ه م ع ند ر ب ه م ج ن ات ع د ن جت ر ي م ن حت ت ه ا ال أ ن ه ار خ ال د ين ف يه ا اأ ب د ا ر ض ي الله ع ن ه م و ر ض وا ع ن ه ذ ل ك مل ن خ ش ي ر ب ه })البينة: 1 8(. يف هذه املقابلة قد م العقاب يف الطرف الأول على الو صف "اأ ول ئ ك ه م ش ر ال رب ي ة " بينما يف الطرف الد ال على ثواب املوؤمنني قدم الو صف "اأ ول ئ ك ه م خ ري ال رب ي ة " على الثواب. و سر العدول يف ت أاخري الو صف يف مقام ذكر حال الكفار هو اأن الو صف جاء "كالنتيجة لكونهم يف نار جهنم خالدين فيها واإخبار ا ب سوء عاقبتهم يف الآخرة" 72 وتعليل خللودهم يف النار فهم "اأ شد النا س شر ا" فنا سب ذلك تقدمي الوعيد على و صفهم. بينما اختلف ذلك الرتتيب يف الطرف املقابل "وقدم الثناء عليهم على ب شارتهم على عك س نظم الكلم املتقدم يف ضدهم ليكون ذكر وعدهم كال شكر لهم على اإميانهم واأعمالهم فاإن اهلل شكور" 73 وذكر الرازي هذه امل ش أالة فقال: "والوجه يف ح سن تقدمي الوعيد على الوعد وجوه )اأحدها(: اأن الوعيد كالدواء والوعد كالغذاء ويجب تقدمي الدواء حتى اإذا صار البدن نقي ا انتفع بالغذاء فاإن البدن غري النقي كل ما غذوته زدته شر ا هكذا قاله سقراط يف كتابه الف صول]...[ وكما أان فيه ب شارة كاأن ه تعاىل يقول: ملا مل يكن بد من الأمرين ختمت بالوعد الذي هو ب شارة يف اأين اأختم اأمرك باخلري األ ست كنت جن س ا يف مكان جن س ثم أاخرجتك اإىل الدنيا طاهر ا اأفل اأخرجك اإىل اجلن ة طاهر ا!" 74. ومن صور العدول يف الرتتيب اأي ض ا قوله عز وجل : {و ي ا ق و م م ا يل اأ د ع وك م اإ ىل الن ج اة و ت د ع ون ن ي اإ ىل الن ار ت د ع ون ن ي ل أ ك ف ر ب الله و اأ ش ر ك ب ه م ا ل ي س يل ب ه ع ل م و اأ ن ا اأ د ع وك م اإ ىل ال ع ز يز ال غ ف ار } )غافر: 42-41(. ففي هذه املقابلة جاء العدول يف الرتتيب بتقدمي جملة ت د ع ون ن ي ل أ ك ف ر ب الله و اأ ش ر ك ب ه م ا ل ي س يل ب ه ع ل م وتاأخري جملة و اأ ن ا اأ د ع وك م اإ ىل ال ع ز يز ال غ ف ار ولو اأن ترتيب املقابلة جرى على ن سقه املثايل جلاءت على النحو الآتي: اأ د ع وك م اإ ىل الن ج اة ----- ت د ع ون ن ي اإ ىل الن ار اأ د ع وك م اإ ىل ال ع ز يز ال غ ف ار ------ ت د ع ون ن ي ل أ ك ف ر ب الله ال سر البلغي يف هذا العدول هو أان التقدمي يف هذه الآية كان ملعنى ال ستغراب والتعجب وال ستنكار فكان له حق التقدمي وذلك اأن "جملة ت د ع ون ن ي ل أ ك ف ر ب الله بيان اجلملة "ت د ع ون ن ي اإ ىل الن ار " لأن الدعوة إاىل النار اأمر جممل م ستغرب فبي نه ببيان اأن هم يدعونه اإىل التلب س بالأ سباب املوجبة عذاب النار. واملعنى: تدعونني للكفر باهلل و إا شراك مال أاعلم مع اهلل يف الإلهية" 75 واأما ت أاخري قوله: و اأ ن ا اأ د ع وك م اإ ىل ال ع ز يز ال غ ف ار لكونه "بيان ا ملجمل جملة اأ د ع وك م اإ ىل الن ج اة. واإبراز ضمري املتكلم يف قوله: و اأ ن ا اأ د ع وك م لإفادة تقو ي اخلرب بتقدمي امل سند اإليه على خربه العقلي." 76 رابع ا: العدول عن احلقيقة إاىل املجاز ومن اأمثلة العدول إاىل املجاز قوله تعاىل:{ف اأ م ا م ن ث ق ل ت م و از ين ه ف ه و يف ع ي ش ة ر ا ض ي ة و اأ م ا م ن خ ف ت م و از ين ه ف اأ م ه ه او ي ة و م ا اأ د ر اك م ا ه ي ه ن ار ح ام ي ة })القارعة: 11-6 (. تقابل الآيات الكرمية ال سابقة حال النا س يوم احل ساب وهم صنفان: صنف ح سن حالهم وهم اأهل ال سعادة و صنف فظع حالهم وهم اأهل ال شقاء. وقد عدلت فيها املقابلة اإىل املجاز فالطرف الأول منها: ف اأ م ا م ن ث ق ل ت م و از ين ه ف ه و يف ع ي ش ة ر ا ض ي ة "وثقل املوازين كناية عن كونه مبحل الر ضى من اهلل تعاىل لكرثة ح سناته لأن ثقل امليزان ي ستلزم ثقل املوزون واإن ا توزن الأ شياء املرغوب يف اقتنائها

173 ال ساد س للغة العربية وقد شاع عند العرب الكناية عن الف ضل وال شرف واأ صالة الر أاي بالوزن ونحوه وب ضد ذلك يقولون: فلن ل يقام له وزن.. ف ل ذ ل ك مل ي ص ر ح يف ال آي ة ب ذ ك ر م ا ي ث ق ل امل و از ين ل ظ ه ور اأ ن ه ال ع م ل ال ص ال ح."77 واأم ا و صف احلياة ب"را ضية" فهو "جماز عقلي لأن الرا ضي صاحبها را ض بها فو صفت به العي شة لأن ها سبب الر ضى اأو زمان الر ضى. وقوله: "ف اأ م ه ه او ي ة " إاخبار عنه بال شقاء و سوء احلال فالأم هنا يجوز اأن تكون م ستعملة يف حقيقتها وهاوية: هالكة والكلم متثيل حلال من خف ت موازينه يومئذ بحال الهالك يف الدنيا لأن العرب يكنون عن حال املرء بحال اأمه يف اخلري وال شر ل شدة حمبتها ابنها فهي اأ شد سرور ا ب سروره واأ شد حزن ا مبا يحزنه ]...[ و يجوز اأن يكون "اأمه" م ستعار ا ملقر ه وماآله لأن ه ياأوي اإليه كما ياأوي الطفل اإىل اأمه." 78 ي ضفي العدول صور ا دقيقة حلال ال صنفني من خلل املجاز للتاأثري يف املتلقي فريغبه يف ال صنف الأول وينفر ه عن ال صنف الآخر والذي ي صو ر اأب شع صورة لأهل ال شقاء فيبادر بالعمل ال صالح نفور ا منه من اأن يكون من أاهل ال شقاء ورغبة يف اأن يكون من اأهل ال سعادة والر ضا. فالطرف الأول من املقابلة حقيقي يف )عي شة را ضية( واإن كانت را ضية جماز عقلي اأما الطرف الثاين من املقابلة جمازي يف قوله: ( أامه هاوية( للتعبري عن هلكه. ومثال ذلك اأي ض ا قوله تعاىل:{و ج وه ي و م ئ ذ م س ف ر ة ض اح ك ة م س ت ب ش ر ة و و ج وه ي و م ئ ذ ع ل ي ه ا غ رب ة ت ر ه ق ه ا ق رت ة اأ و ل ئ ك ه م ال ك ف ر ة ال ف ج ر ة })عب س: 42-38(. املقابلة هنا قائمة بني: و ج وه ي و م ئ ذ م س ف ر ة ------ و ج وه ي و م ئ ذ ع ل ي ه ا غ رب ة ض اح ك ة م س ت ب ش ر ة ------ ت ر ه ق ه ا ق رت ة املق صود بالإ سفار "النور وال ضياء يقال: اأ سفر ال صبح اإذا ظهر ضوء ال شم س يف أافق الفجر أاي وجوه متهللة فرح ا وعليها اأثر النعيم. و" ضاحكة" اأي كناية عن ال سرور و"م ستب شرة" معناه ف ر حة ]...[ واإ سناد ال ضحك وال ستب شار إاىل الوجوه جماز عقلي لأن الوجوه حمل ظهور ال ضحك وال ستب شار فهو من اإ سناد الفعل اإىل مكانه ولك اأن جتعل الوجوه كناية عن الذوات كقوله تعاىل:{ك ل م ن ع ل ي ه ا ف ان و ي ب ق ى و ج ه ر ب ك ذ و اجل ل ل و ال إ ك ر ام })الر ح م ن: 27(. وهذه وجوه أاهل اجلن ة املطمئنني ب ال امل ك ر م ني ع ر ض ا و ح ض ور ا. والغ رب ة بفتحتني الغبار كل ه واملراد هنا اأن ها معف رة بالغ بار اإهانة ومن اأثر الكبوات" 79 وهي كناية عن حالة الإرهاق وال صفرار وال شحوب وذهول املوقف. "والقرتة بفتحتني شبه دخان يغ شي الوجه من الكرب والغم." 80 ومن شواهد هذا النوع من العدول قوله تعاىل:{و ت ذ ر ون ال آخ ر ة و ج وه ي و م ئ ذ ن ا ض ر ة } )القيامة: 21-20(. "يقول تعاىل ذكره لعباده املخاطبني بهذا القراآن املوؤثرين زينة احلياة الدنيا على الآخرة: لي س الأمر كما تقولون أايها النا س من أانكم ل تبعثون بعد مماتكم ول جتازون باأعمالكم لكن الذي دعاكم إاىل قيل ذلك حمبتكم الدنيا العاجلة و إايثاركم شهواتها على آاجل الآخر ونعيمها فاأنتم توؤمنون بالعاجلة وتكذبون بالآجلة "81 وقد ع دل عن كلمة )تكرهون( التي هي ضد )حتبون( اإىل " تذرون" أاي " تدعون الآخرة والعمل لها " 82 ويف ذلك كناية عن شدة اإعرا ضهم عن الآخرة وتكذيبهم بها. خامتة: اأبرزت هذه الدرا سة املو سومة ب"العدول يف املقابلة واأ سراره البلغية يف الربع الأخري من القر آان الكرمي درا سة بلغية" الآتي: 1- التعبري القراآين له خ صو صية يف ا ستخدام املقابلة وتوظيف هذا اللون يف اأبهى صورها. 2- للمقابلة اأهمية كبرية يف فهم الن ص القراآين لأن ج ل ه وارد عليها كما اأن ها إاحدى و سائل الربهنة وال ستدلل والإقناع والتاأثري يف املتلقي. 3- ا ستخدمت املقابلة ا ستخدام ا نف سي ا كالرتهيب والرتغيب والإنذار والب شارة. 4- اأ سبقية الرتاث البلغي يف اكت شافه ظاهرة العدول قبل النقد احلديث وتناوله مب سم يات كثرية منها: الت ساع والتو سع والنحراف. 5- ارتباط العدول باأطراف العمل الأدبي الثلثة: املر سل واملتلقي والن ص حيث تتجلى وظيفته يف التاأثر والتاأثري بني بع ضهم بع ض ا املجل س الدويل للغة العربية

174 ال ساد س للغة العربية لإمتام عملية التوا صل بينهم يف بيئة العمل الأدبي. 6- تتمثل وظيفة العدول الرئي سة فيما يحدثه من مفاجاأة تثري املتلقي وت ستثري ذهنه وتدفعه للبحث عن اأ سرار هذه الظاهرة. 7- اإن ا ستخدام البلغيني القدماء مل صطلح العدول ل يختلف كثري ا عن ا ستخدام النحاة له يف بادئ الأمر حيث سار على امل ستوى نف سه عند الفريقني حتى جاء عبد القاهر اجلرجاين و أاظهر قيمة العدول الفنية واأثره يف اإك ساب اللغة معان جديدة. 8- يتمثل العدول يف املقابلة يف اخلروج عن ن سقها املاألوف وذلك يف النحراف عن أاحد شروطها املوجبة صحتها كالعدول يف الرتكيب والعدول يف الكم والعدول يف الرتتيب. واأي ض ا ي شك ل العدول من احلقيقة اإىل املجاز اأحد أالوان العدول يف املقابلة مما يوؤدي اإىل خلق دللت جديدة ترثي الن ص وتزيد يف فائدته وجماله وتاأثريه. تو صيات 1- موا صلة البحث يف هذا املو ضوع وتطبيقه على الأجزاء املتبقية من القر آان الكرمي. 2- التعمق يف درا سة هذا املو ضوع من الناحية الإح صائية لبيان الإعجاز العددي يف القر آان الكرمي يف مو ضوع التقابل. 3- التعمق يف درا سة هذا املو ضوع لإظهار مدى اأثره على املباحث البلغية اجلديدة كاحلجاج البلغي مثل.