182 جملة الدراسات الفلسطينية 118 ربيع 2019 العودة المتخيلة المس تقبل نصري حج اج* بلاد الميرمية الجديدة: ''معاجلة غير مكتملة لسيناريو فيلم روائي طويل'' انتهت لم نولد لنس ا ل: كيف تم الانتقال الفذ مم ا ليس عض ويا ا لى العض وي مهمود درويش من قص يدة ''بيروت'' ا م العبد حمود من فرم الخب يزة بينما كان البصصل المقط ع صصغيرا يتقلب في المقلاة العملاقة العامرة بزيت الزيتون. ا ض افت ا م العبد الخبيزة المفرومة ا لى الزيت والبصصل. كان الصصوت ال تي من التلفزيون في غرفة الجلوس يعلن التصصويت في مجلس ال من بال جماع على القرار ١٩٥ الخاصص با نهاء الصصراع الفلسسطيني ال سسراءيلي مرة واحدة وا لى ال بد. كانت ا م العبد تعرف ما كان جميع اللاجي ين الفلسسطينيين في العالم يتابعونه باهتمام فيما يتعلق بمداولات صصاخبة تجري في ا روقة ال مم المتهدة وفي عواصصم العالم بش ا ن هذا القرار الجديد فقد بشت وسساءل الميديا برم تها تقارير وصصورا من مراسسليها في جميع العواصصم لها علاقة بهذه المداولات في ا جواء من التفاوءل وال مل بالوصصول ا لى ا جماع على هذه المس ا لة فالهجج التي جرى بموجبها النقاشش لا يمكن ل حد ا ن يرفض ها ا و ا ن يشبت بالعلم والبهش عدم صصوابيتها. ولذا نجه التصصويت في الجمعية العامة لل مم المتهدة ل ول مرة بال جماع ومن غير اسستخدام حق الفيتو من طرف ا ي جهة نافذة ا و من غير ا ي اعتراضض من ا ي دولة ا و امتناع من التصصويت. نهن ال ن في سسنة ٢٠٥٠ وقد اسستيقظت ا م العبد حمود كعادتها في الرابعة صصباحا كي تصصل ي الفجر وتبدا تهض ير طبق الخبيزة الذي لاحظ ا بناوءها وبناتها ا نها ا كشرت في ال ونة ال خيرة من عدد المرات التي ا عدت فيها الخبيزة والملوخية بالعدس وفطاءر * مخرج سسينماءي وكاتب فلسسطيني.
امللف 183 الزعتر ال خض ر كما لاحظوا ا صصرارها صصباحا ومسساء على ا ن يششرب الجميع نقيع الميرمية وا ض افته بكميات ا كبر من المعتاد ا لى الششاي في ال وقات كافة. قالت ا م العبد وهي حفيدة للاجىء فلسسطيني من منطقة الهولة في الجليل ال دنى كان قد ولد في مخيم عين الهلوة في السسنة التالية للنكبة ل بناءها وبناتها الخمسسة الذين صصاروا اليوم في العششرينيات من العمر: ''ناقصصكو خبيزة وملوخية وميرمية وزعتر يمه! لازم تششهنو دمكم فيهم. يمه ا نتم ولدتم هنا وا نا ولدت هنا وا بوكم ولد هنا وجدكم ولد هنا فلازم نشبت حقنا بالبلد حتى ولو مات ا جدادكم وا بوكم بالمخيم. ا رضض جدكم ال كبر وا بوكم ناطرة.'' في العام الشلاثين للنكبة كان عيسسى عبد القادر جوهر نجه في ششهادة البكالوريا الفرع العلمي بتفوق على مسستوى لبنان وقد فره ا بوه وفره ا هل حارتهم وفره ا بناء المخيم لنجاحه حتى ا ن رششقات من رصصاصص بنادق كلاششنكوف ا طلقت ابتهاجا وتعبيرا عن مششاعر وطنية ل ن لاجي ا فلسسطينيا نجه ذلك النجاه الباهر في لبنان. كل م ن عرف عيسسى جوهر كان يوءمن بعبقريته العلمية واجتهاده ومشابرته على الدرس. كانت الكتب العلمية وخصصوصصا كتب علم الوراثة غرامه الكبير ومصصدر سسعادته وهو يمض ي سساعات على سسطه بيتهم في المخيم يقرا ها باهتمام بالغ على الرغم من ا نها لم تكن ض من منهاجه الدراسسي. انقطع عيسسى عن الاختلاط با صصدقاءه وبرفاقه خارج ششلة المدرسسة ا و في الهارة. كان يريد الاسستعداد لتقديم طلب للدراسسات العليا في ا لمانيا الغربية ليدرس علم ال راثة. ما هو علم ال راثة يا ولدي قال له ا بوه عبد القادر النجار البسسيط الذي كان يعمل في صصناعة الكراسسي والطاولات وال سسر ة. ا جابه عيسسى: س ا ششره لك يا ا بي ماذا ا قصصد بهذه الدراسسة لكني ا ريدك ا لا تهدش ا حدا بالموض وع حتى ا مي! ذهل عبد القادر مم ا سسمعه من ابنه عيسسى وبدا يهس بخوف على ولده من ا ن تكون قراءة الكتب العلمية قد ذهبت بعقله ا لى مطاره لا يعود منها العقل كما حدش مع ابن جيرانهم فتهي المصصطفى الذي ما ا ن بدا يفكر في دراسسة الموسسيقى وا صصر على ا مه الفقيرة لتششتري له ا لة العود حتى اعتبره الناس في الهارة مجنونا وانتهى به ال مر في مسستششفى ''الفنار'' لل مراضض العقلية والنفسسية عاد بعدها با عوام في تابوت وهو لم يكمل ال ربعين من العمر. وقيل ا ن ولعه بالموسسيقى وتبه ره في قراءة علمها وعلاقتها بمختلف ا نواع العلوم وخصصوصصا الرياض يات ا حدثا له تقرحات في معدته ا دت ا لى نزيف فانفجرت معدته ذات ليلة ولم يسستطع ال طباء ا نقاذه فمات. وقيل ا ن سسبب الموت كان النسسيان ا ذ نسسي فتهي المصصطفى بعد مي ات من جلسسات العلاج بالصصدمة الكهرباءية ولعه بالموسسيقى وششغفه الكبير بامتلاك ا لة العود التي ماتت ا مه جوعا وهي توفر ثمنها. جلس عبد القادر على كرسسي خششبي من صصنع يديه ا لى جانب ولده عيسسى يسستمع ا ليه وهو يششره تفصصيلات مششروع دراسسته في ا لمانيا. كان عبد القادر جوهر يرتجف وتكاد ت سسمع
184 جملة الدراسات الفلسطينية 118 ربيع 2019 دقات قلبه المتسسارعة خوفا من ا ن يسسمع ما يجعله يواجه ما واجهته ا م فتهي المصصطفى الذي راه بلا رجعة وراء ا حلامه المسستهيلة. قال عيسسى: اسسمع يا ا بي! عندما روى لي خالي قاسسم عن ا ول رحلة له ا لى قريتنا في الجليل بعد ا ن ا تاحت له جنسسيته ال ميركية التي حصصل عليها منذ ا عوام طويلة زيارة فلسسطين وكيف ا حس با نه ما عاد في ا مكانه المششي بعد ا ن نزل من سسيارة صصديقه الفلسسطيني الذي ا قل ه ا لى القرية وبا ن ثقلا هاءلا وقع على كتف يه في لهظة لم يتوقعها وكيف ششعر باختناق جعله يخششى من ا ن يصصاب بجلطة قلبية تودي به وا ن تلك الهالة اسستمرت ثلاثين دقيقة تقريبا وجعلته غير قادر على المششي ال مر الذي دفع بصصديقه صصاحب السسيارة ا لى ا مسساكه من ذراعه وسسهبه سسهبا ا لى ا ن اسستعاد قدرته على المششي وحده فا خذ نفسسا عميقا وهو ينظر حوله صصامتا قلقا مم ا ا صصابه. وقتها يا ا بي قال لي خالي مداعبا : هل تعرف يا عيسسى لماذا لم ا سستطع المششي في تلك اللهظة وا حسسسست با ن جبالا ششاهقة تجشم فوق كتف ي وبا ن را سسي يكاد ينفجر وض ربات قلبي تسسارعت وخفت ا ن ا صصاب بجلطة فقد كنت وقتها في الشامنة وال ربعين من العمر مع ا ني سسليم الجسسد وا مارس الرياض ة ومواظب على الطعام الصصهي السسبب هو ''ال ورا'' ولفظها بال نجليزية. فقلت له ما هي هذه ''ال ورا'' يا خال فقال ا نها الهالة ا ي ذلك الغلاف اللامرءي الذي يهيط بجميع الكاءنات الهية من ا نسسان وحيوان والهالة ذات عناصصر متعددة من الماء والتراب والهواء والهرارة ومن الجزءيات التي تهملها العناصصر المكونة من ششجر وخض ار وذرات ا صصغر من الذرة المعروفة في باطن كل ما هو كاءن على ال رضض وفيها وفوقها ومن ذلك مشلا الخبيزة والملوخية والميرمية والزعتر تلك ال عششاب البرية التي يعششقها الفلسسطينيون عششقا لا ينافسسهم فيه ششعب ا خر. فس ا لته: وما دخل الهالة بهالة عدم الهركة وال حسساس بالض غط المرتفع التي حدثت معك يا خال فا جابني بشقة عالية: لسست متا كدا ما ا ذا كان العلم وا بهاش علم الوراثة سسيتوصصلان ا لى حقيقة علمية موءكدة تشبت ا ن الهالة تور ش كما تور ش الجينات الوراثية ال خرى في التكوين الفيزيولوجي لل نسسان. ولو افترض نا جدلا ا نها تور ش فا نا ا سستطيع تفسسير ما حدش معي تفسسيرا علميا من غير اللجوء ا لى الرومنسسيات الوطنية والكلام الجميل عن الهنين والذكريات وا وجاع كا بة الاقتلاع من المكان كما حدش معنا نهن الفلسسطينيين ا جيالا وراء ا جيال. لقد سسمعت حكايات كشيرة عم ا ا حس به فلسسطينيون من الششتات زاروا قراهم ومدنهم بجوازات ا جنبية وهم في ا غلبيتهم وصصفوا ردات فعل عاطفية وجسسدية في ا ول لقاء لهم با رض هم ششبيهة ا لى حد ما بردة فعلي وفعل جسسدي في ا ول لقاء لي مع القرية. وكيف تفسسر ذلك يا خالي لو افترض نا جدلا ا نها ت ور ش س ا لته باهتمام وفض ول بالغين. فقال: ا ن الهالة التي ا حكي عنها في ا رضض قريتنا موجودة بنسسبة ١٠٠ ا ي ا نها هي التي تششكل الغلاف الذي يلف ا لى ال بد جسسدي لكني لم ا ولد في القرية فا نا ولدت في مخيم لاجي ين في لبنان لكن ا بي ولد فيها وجدي د فن فيها وجد ا بي ولد ود فن هناك وهكذا مع تتابع ال جيال الموءسسسسة لدمي ودمك وهالتي وهالتك. كان ا بي يهمل من الهالة نسسبة ١٠٠
بالد امليرمية اجلديدة امللف 185 وتخيلت لو ا نه عاد ا لى القرية في زيارة لمات فورا ومن ا ول ثانية احتكاك لقدم يه مع ا رضض ولادته ل ن التصصادم الفجاءي بعد غياب طويل بين نسسبة ال ١٠٠ في هالته مع ال ١٠٠ في المكان الموءسسس لكينونته قد ي هدش تفجرا في ششرايين القلب ا و الدماغ العض وين ال سساسسيين في الجسسد اللذين يهملان جميع ا ششعاعات العاطفة وا سسباب الهياة ا و الموت الفجاءي. ولنرجع ا لى موض وع ا راثة الهالة فا نا لا ا حمل بسسبب ولادتي في الششتات النسسبة الكاملة من الهالة التي حملها ا بي رحمه الله قد ا كون حاملا لنسسبة ٩٠ ا و ٨٠ لا ا دري فالعلم يقرر ذلك لكن الهالة التي ا صصابتني في زيارتي ال ولى للقرية هي نتيجة تصصادم النسسبة الناقصصة في هالتي مع النسسبة المكتملة في مكان تكو ن الهالة ومنبتها وا صصلها. وعليه يا عزيزي فنهن في عصصر تقدم العلم في العالم وا تخيل ا ن القفزات التي حدثت في ال عوام ال خيرة ا جبرت ال مم على التفكير في حلول للصصراعات في المجتمعات البششرية من خلال العلم فلم يعد ممكنا ا ن ت هل الصصراعات بالهروب فجميع ال مم باتت مسسلهة وا ي حرب جديدة ا و حرب مسستمرة لن تجلب ا لا الكوارش ا لى ال نسسانية ومن هنا ا فكر: ما هو السسبب الرءيسسي للصصراع بيننا وبين ال سسراءيليين هو ببسساطة وبعيدا عن التهليلات المعقدة.. صصراع على الرواية والتاريخ والهق في ال رضض. فال سسراءيليون يقولون ا ن الله وعدهم بفلسسطين ولا يمكن ل نسسان ا ن يشبت ا ن روايتهم عن الوعد رواية ا لهية. وعلى الرغم من ذلك فا ن هذا بقي مسستندهم ال ول في ا قناع كشير من اليهود بالهجرة ا لى فلسسطين والاسستيطان فيها وقد نجهوا في ذلك وبنوا دولة لليهود اعترف بها العالم ل سسباب متنوعة ثم ا نهم ا قنعوا ا نفسسهم ا ولا وا قنعوا العالم با نهم الض هية الهصصرية للنازية والعداء للسسامية التي نش ا ت في الغرب وقد نجهوا ا لى حد كبير في الهصصول على التعاطف معهم ومع دولتهم حتى مم ن ي هسس بون على اليسسار في العالم. طيب يتابع خالي قاسسم لو ا ننا اسستطعنا بالعلم وال دلة العلمية التي لا تقبل الجدل ا ن نشبت ا ن الهالة يمكن ا ن تور ش فلن يبقى علينا سسوى ا قناع ال مم المتهدة با جراء فهوصصات للهالة ونسسبتها في كل م ن يد عي ا ن فلسسطين ا رض ه ا كان يهوديا ا م فلسسطينيا ا م ه ءولاء الذين يسسكنون في فلسسطين ا م ا ولي ك الذين يسسكنون خارجها مشل فلسسطينيي الششتات وكذلك اليهود في جميع ا نهاء العالم الذين حتى ا ن لم يا توا ا لى فلسسطين مسستوطنين ا و زاءرين يتبجهون بهقهم في ا رضض فلسسطين التي وعدهم بها الله في الكتاب المقدس.. الهالة ونسسبتها المورثة هي التي تعطيك الهق في الزعم ا نك تنتمي ا لى هذه ال رضض والهق في امتلاكها. ا عرفت ال ن يا عيسسى لماذا ا صصابني ما ا صصابني في اللهظة التي وطي ت قدماي ا رضض قريتنا الجليلية كان عبد القادر جوهر يسستمع بصصمت ا لى ابنه وخوف مرعب يتسسلل ا لى قلبه ليس بسسبب ما حدش لفتهي المصصطفى بل خوفا على ابنه من الاغتيال على يد عملاء الموسساد في حال اكتششفوا ا همية هذه الدراسسة وخطورتها والتي ينوي عيسسى ا ن يطبقها على روايتهم والسسردية التي عملوا عقودا طويلة من الزمن كي يقتنع بها اليهود وغير اليهود في العالم. اسستعاد عبد القادر قصصصص اغتيالات علماء الذرة المصصريين في باريس في سستينيات القرن
186 جملة الدراسات الفلسطينية 118 ربيع 2019 العششرين وسسبعينياته والعلماء العراقيين على يد عملاء ا سسراءيل وا يران وا ميركا بعد احتلال العراق في بداية القرن الواحد والعششرين وعلماء الذرة الباكسستانيين وال يرانيين وغيرهم. لكن هذه الدراسسة سستهدد الجذور الفكرية والشقافية والتاريخية لوجود ا سسراءيل برم تها ا كشر من السسلاه النووي. هي فكرة لو ق ي ضض لها ا ن تتهقق وتشبت علميا سستنهار ا سسراءيل بفهصص صصغير تافه في مركز صصهي في ا ي قرية. قام عبد القادر من على كرسسيه وا ششعل سسيجارة من علبة التبغ التي يهملها في جيب قميصصه ونفخ نفسسا عميقا وتطلع صصوب الششمس التي بدا ت تنهدر خلف التلال فتنششر لونا برتقاليا في ال فق جعل قلبه ينقبضض وهاجمته موجة حزن موجع فقد ا حس فعلا بالفخر بابنه وبا فكاره لكنه كان خاءفا عليه من الموت فقال له: ا سسمع يا حبيبي عيسسى ا لم تعرف تاريخ تعامل ا سسراءيل مع علماء الذرة العرب والمسسلمين هل تريد ا ن تموت قبل ا ن تنجز دراسستك يا بني ابتسسم عيسسى ابتسسامة الواثق بنفسسه وا فكاره والعارف كيف يهمي نفسسه وقال ل بيه: منذ ا ن ا خبرني خالي حكاية الهالة وا نا ا فكر فيها وا بهش عبر ال نترنت وا ششتري كتبا وا ط لع على دراسسات كشيرة صصدرت في العالم تبهش في علم ال راثة وقرا ت تاريخ ا سسراءيل وكتب التنظير الصصهيونية كلها كما قرا ت عن تاريخ التقدم العلمي والتكنولوجي في دولة ا سسراءيل وهي بلا ششك دولة متقدمة ومتفوقة علينا وعلى دول غربية لكن تقدمها العلمي كان داءما من ا جل مصصلهتها وتفوقها على المسستويات كافة. وطبعا لم يغب عن بالي يا ا بي ما فعلته ا سسراءيل بالعلماء غير اليهود ل نها تريد ا ن تهتكر العلم لها كما تهتكر دور الض هية لليهود. غير ا ني لم ا قد م ا لى الجامعة ال لمانية هذا المخطط الدراسسي كما ذكرته لك وا نما كان موض وع دراسستي الكيمياء لكن ليس الكيمياء كعلم وا نما كتعبير يسستخدمه الناس للدلالة على التا لف والتصصادم بين القلوب في علاقات الهب والصصداقة. ما ا رسسلته هو دراسسة معرفة ال سسباب التي تجعلنا نهب ششخصصا من ا ول نظرة ا و ا ول مصصافهة ا و ا ول لقاء يجمعنا في حي ز واحد ا و تجعلنا نششعر كا ننا ل دغنا من عقرب منذ اللهظة ال ولى التي نرى فيها ششخصصا معينا وا عني النفور الذي قد يكون ا حيانا متبادلا بين الناس. من هذه الزاوية ا رسسلت ا لى الجامعة في ميونيخ ا نني ا ريد ا ن ا درس فرض ية ا راثة الهالة وتا ثير نسسبها المتبادلة بين الناس في الهب والانجذاب العاطفي والجنسسي ا يض ا وا نا بيني وبين نفسسي س ا عمل على طريقة تكون فيها ال ششارة ا لى علاقة الهالة بالمكان رمزية من غير ا ن ا بدي اهتماما واض ها فيها ا لى ا ن ا سستطيع ا ثبات النظرية بما لا يهتمل الجدل. وبناء على مقتره الدراسسة ا ي ''البروبوزل'' وصصلتني رسسالة موافقة من الجامعة للدراسسة وا عجاب ششديد بموض وع الدراسسة حتى ا نهم قرروا تقديم منهة لدراسسة الدكتوراه غير المهددة بفترة زمنية. كما اقترحوا مششرفين على دراسستي ثلاثة علماء في علم ال راثة من ا ششهر علماء العالم وكنت قرا ت كتبا لبعض هم. المششكلة ا ن ا حد هوءلاء على ما عرفت من سسيرته الذاتية يهودي ينهدر من ا سسرة يهودية ا بيد معظم ا فرادها في المهرقة النازية في معسسكر ا وششفيتز في بولندا لكنه ليس صصهيونيا بل ا نه
بالد امليرمية اجلديدة امللف 187 مناهضض للصصهيونية ومكروه في ا سسراءيل فقد نششر مرة دراسسة عن سسيكولوجيا الض هية واحتكارها من طرف الفكر الصصهيوني حتى ا نه دافع في بعضض الموءتمرات العلمية عن الض هايا الجدد في العالم ا ي نهن يا ا بي. ثلاش طناجر من الخبيزة تكفي ربما لعششرين ششخصصا وعششرات ا قراصص الزعتر ال خض ر وطنجرتان من الملوخية مع العدس وهي طبخة معروفة في بعضض قرى الجليل وتسسمى ''هرنابة'' وتوءكل غماسسا بالخبز وثلاثة ''تيرموسسات'' من الششاي والميرمية كانت جاهزة على طاولة الطعام ا مام ا م العبد وهي تنظر ا لى هذه الطناجر بفخر وسسعادة ولهفة. نادت ال بناء والبنات وا مرتهم بتهميل الطناجر في سسيارة الفان اسستعدادا لرحلة العودة ا لى البلد عبر الهدود اللبنانية المفتوحة منذ تم ا علان فته مراكز فهوصصات الهالة في القرى والمدن الفلسسطينية كافة. كانت الهدود بين فلسسطين والدول المجاورة مفتوحة كلها وكذلك جميع المطارات حتى ا ن مطار غزة الذي ب ني في ال عوام ال ولى لعودة ياسسر عرفات قبل ا كشر من نصصف قرن والذي دمرته ا سسراءيل فيما سسم ي وقتها الانتفاض ة الشانية تم ا صصلاه مدرجاته وبرجه في خلال ٤٨ سساعة ليصصبه صصالها للاسستخدام ولاسستيعاب طاءرات صصغيرة وهو ما حدش ا يض ا في مطار قلندية المتوقف عن العمل منذ احتلال ا سسراءيل الض فة الغربية في سسنة ١٩٦٧. صصارت فلسسطين منذ ذلك اليوم ا ي في ١٥ ا يار / مايو ٢٠٥٠ قبلة لملايين الفلسسطينيين واليهود من ا طراف العالم كافة. كلهم كانوا فرحين بهذا الهل باسستشناء بعضض المتطرفين اليهود وبعضض ال سسلاميين الفلسسطينيين فاليهود لا يريدون مششاركة الفلسسطينيين ا رضض ا سسراءيل وال سسلاميون يعتبرون فلسسطين ا رضض ا سسلام ورباط. كان عيسسى جوهر قد ا قنع في نهاية دراسسته التي ا حدثت انقلابا كونيا البروفسسور برونو لانسسير با همية ا يجاد حل سسلمي للصصراع الدامي بين الفلسسطينيين وال سسراءيليين فلا الفلسسطينيون قادرون على ا زالة ا سسراءيل وتهرير بلدهم ولا ال سسراءيليون قادرون على ششطب الششعب الفلسسطيني من الخريطة البششرية بعد نهو قرن من الهروب والقتل والدمار. كان البروفسسور لانسسير مقتنعا بهذا كله لكنه لم يجد طريقة ل قناع العالم على الرغم من اجتهاده ال كاديمي وروءيته ال نسسانية فجاء هذا الششاب اللاجىء الفلسسطيني ليقنعه بالهجة العلمية ولذلك لم يكششف سسر بهشه ا لا بعدما وصصل ا لى اليقين العلمي بصصواب البهش واكتششاف تلك النظرية العبقرية بش ا ن ا راثة الهالة. اتصصل لانسسير بهكومته وا رسسل ا لى ال مين العام لل مم المتهدة وكتب ا لى روءسساء العالم كلهم ومن ض منهم رءيس حكومة ا سسراءيل والرءيس الفلسسطيني ا حمد داود ودعا ا لى اجتماع للجمعية العامة لل مم المتهدة بهض ور زعماء العالم. وفي الموعد المهدد سسافر برفقة العال م الفلسسطيني الششاب ا لى نيويورك وطلب بعد كلمة له مختصصرة ا ششاد فيها بعبقرية عيسسى جوهر ا ن يششره عيسسى نظريته ويوض ه تفصصيلاتها التي ا دهششت جميع الزعماء ولم يسستطع ا حد منهم ا ن ينكرها وينكر صصهتها العلمية بم ن في ذلك رءيس حكومة ا سسراءيل يتسسهاق بورغ وهو ا حد ا حفاد ا براهام بورغ اليهودي المولود في فلسسطين في ثلاثينيات القرن العششرين.
188 جملة الدراسات الفلسطينية 118 ربيع 2019 صصدر القرار ١٩٥ الذي ينصص على ا نهاء حالة الصصراع بين ا سسراءيل والفلسسطينيين وط لب من منظمة الصصهة العالمية ووزارات الصصهة في جميع الدول ال عض اء ا رسسال طواقم وتجهيزات لفته مراكز الفهصص الجيني وكل ما له علاقة بالهالة. ربما ما يجب ا ن ي ذكر هو ا ن الجدل الوحيد الذي حدش بش ا ن نظرية جوهر ل راثة الهالة كان الجانب المتعلق بعصصارات الخبيزة والملوخية والزعتر والميرمية عندما تمتزج معا في الدم وتششكل عنصصرا قويا في زيادة نسسبة الهالة المهيطة بالكاءن. لكن الجمعية العام لل مم المتهدة لم تكترش لهذا الجانب وتسسامهت فيه لسسببين: ال ول را فة بالفلسسطينيين الذين عانوا ل كشر من قرن ا نكارا لهقوقهم مع ما في ذلك من معاناة وتششريد والشاني ل ن العناصصر ال سساسسية المكونة للهالة هي العناصصر المسستمدة من التراب والهواء والماء والموجات الكهرومغناطيسسة فلن يكون والهالة هذه للخبيزة والملوخية والميرمية والزعتر تا ثير حاسسم في وجود نسسبة توءهل الششخصص ل ثبات زعمه بالبلد ا و عدم ا هليته لذلك. ثم ا ثير بش ا ن تسسمية البلد جدل عاصصف فال سسراءيليون وحلفاوءهم ا صصروا على بقاء ا سسراءيل كاسسم للدولة والفلسسطينيون ا صصروا على فلسسطين مسستششهدين بما قاله ششاعرهم قبل ا كشر من نصصف قرن: كانت تسسمى فلسسطين صصارت تسسمى فلسسطين لكن هذه الهجة الوطنية الفلسسطينية الرومنسسية التي يغلفها الهنين ا لى البلد لم تقنع الكشيرين فتم الاتفاق بين ال عض اء على ترك الاسسم ا لى مرحلة ما بعد انتهاء ال جل المهدد للفهوصصات التي سستهدد عدد الناس من الجهتين الذين ظهرت نتيجة فهوصصاتهم ا يجابية وبذلك يكون لل غلبية الهق في ا طلاق التسسمية التي تششاء مع ا ن ذلك سسيمشل ا جهافا لهقوق ال قليات فت رك ا مر التسسمية في النهاية ا لى جلسسة ا خرى ت عقد بعد اكتمال العملية برمتها. وصصلت ا م العبد وا بناوءها وبناتها ا لى فلسسطين بعد سساعات على الرغم من قصصر المسسافة ما بين قريتهم الجليلية والمخيم ذلك با نهم كانوا يتوقفون كل بض عة دقاءق بناء على ا وامر ا م العبد ليتناولوا الخبيزة ا و ملوخية العدس وفطاءر الزعتر ويششربون الششاي بالميرمية. كانت فلسسطين كا نها في يوم الهششر: ملايين من البششر تدفقوا ليجروا فهوصصات الهالة فلسسطينيين ويهودا من جميع ا نهاء العالم عدا المقيمن هناك من الششعبين. كنت ترى رجالا ونسساء يرطنون بلغات متنوعة منهم م ن يقول هالة ومنهم م ن يقول ا ورا ويخرجون من مراكز الفهصص منهم م ن كان فرحا ومنهم من كان متجهما بسسبب النتيجة السسلبية. الذين فششلوا في حمل نسسبة توءهلم للعيشش في البلد ا ي حقهم في امتلاكها لم يكونوا من اليهود فقط كما يتبادر ا لى الذهن فورا ا ذ فششل فلسسطينيون كشيرون في حمل النسسبة المطلوبة وقد ششاهدت ا م العبد رواءيا فلسسطينيا معروفا في التسسعينيات من العمر يلطم ويبكي ل نه تبي ن ا نه لا يهمل من نسسبة الهالة ما يجعله يزعم ا نه ينتمي ا لى البلد فتذكر الناس ا نه في ال صصل متهدر من عاءلة من ششمال ا فريقيا جاءت ا لى فلسسطين في نهاية القرن التاسسع عششر ولم يكن يولي ا ي اهتمام للخبيزة والمكونات ال خرى فقد عاشش مترفا بعيدا عن حياة الناس العاديين. ا م ا ذلك الششاعر الذي لم ي هج ر من البلد في كارثة ١٩٤٨ فا ن ا حفاد ا حفاده لم ينجهوا ا يض ا
بالد امليرمية اجلديدة امللف 189 في الهصصول على النسسبة المطلوبة ذلك با نه كما قال بعضض الم ءورخين كان يغلف جسسده وروحه بمهبة طغاة عرب ال مر الذي جعل هالته هششة وض عيفة وقد ا ورش هذا كله لذريته. ششهدت ا م العبد حالة من الفوض ى والازدحام لم تششهدها في حياتها كلها صصارت البلد كا نها بابل القديمة المبلبلة تجد الناس يمششون في الطرقات والششوارع سساهمين ض اءعين كا ن القيامة قامت لي خلق الكون مرة واحدة من جديد. في تلك ال سسابيع التي ا عقبت الفهوصصات ا صصدرت اللجان ال ممية المششرفة عليها النتاءج التي ا دهششت العالم لا بل صصدمته صصدمة غير متوقعة البتة. وا كشر المصصدومين من النتاءج ليس اليهود فقط بل الفلسسطينيون ا نفسسهم ا يض ا. فقد ا ثبتت النتاءج ا ن اليهود الذين حازوا على نسسب موءهلة لم يتعدوا المليون والنصصف من قرابة ١٥ مليون يهودي هو عددهم في العالم وقد ا جرى منهم ١٠ ملايين فهصص الهالة. كما تبي ن ا ن اليهود الروس وال وكرانيين وال ميركيين والفرنسسيين لا علاقة لهم بالبلد وهوءلاء يمشلون ا كشر من نصصف يهود ا سسراءيل حتى ا ن عددا كبيرا من اليهود المغاربة والتونسسيين وال يرانيين والعراقيين فششلوا في التا هل لهق المواطنة على الرغم من ا ن التونسسيين و جد في جيناتهم وهالتهم عنصصر ض ي يل من مكونات الملوخية لكن ل نهم يا كلونها جافة ومطهونة ويتركونها تغلي سسبع سساعات مع الزيت واللهم على النار فا ن الملوخية فقدت مصصدر قوتها لتكون عاملا من عوامل الهوية الجينية ل هل فلسسطين. وهكذا صصدرت ا وامر دولية برجوع جميع الفاششلين في الفهصص من اليهود ا لى بلادهم ال صصلية وبقي من السسكان مليون ونصصف مليون يهودي منهم ويا للمفارقة فا ن مفكرا صصهيونيا من عتاة الصصهيونيين الجدد ومنظ ريها المعروفين وكذلك ا حفاد الكاتبة ال سسراءيلية اليسسارية المعروفة التي كشيرا ما كتبت تض امنا مع عذابات الفلسسطينيين عميرة هس فششلوا ا يض ا في الفهصص وصصار عليهم الرجوع ا لى هنغاريا بلد جدتهم الكبيرة وهو ما حدش ا يض ا مع كشير من ال سسماء المعروفة من الليبراليين الجدد المناهض ين للصصهيونية في المجتمع ال سسراءيلي. ا م ا على الجانب الفلسسطيني فا ن الصصدمة كانت ا ششد وطا ة وا كشر مدعاة ا لى النواه واللطم والبكاء المر والخيبة الفظيعة ا ذ تبي ن ا ن عددا كبيرا وليس جميع الفلسسطينيين من ذوي العيون الزرق لا حق لهم في المواطنة حتى ا ن ا حفاد بعضض ا عض اء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التهرير الفلسسطينية لم يهصصلوا على ا ي نسسبة ت ءوهلهم للبقاء وكذلك ال مر بالنسسبة ا لى ا حفاد فنانين مششهورين ومشقفين ومفكرين. فمن ا صصل ١٦ مليون فلسسطيني في العالم تقريبا فششل قرابة ٣ ملايين في الفهصص فششلا ذريعا كما تراوه نهو ٤ ملايين بين خط الفششل وخط النجاه فا ثروا الرجوع ا لى بلاد هجرتهم في ا ميركا اللاتينية والششمالية وا وروبا والبلاد العربية. فرحت ا م العبد فرحا غامرا بنجاحها وعاءلتها فقد تجاوزت النسسبة لديهم ٩٠ لعبت في ارتفاعها الملوخية والخبيزة والميرمية والزعتر. لم تجد ال مم المتهدة صصعوبة في الموافقة على التسسمية الجديدة لتلك البلد التي سسم اها
190 جملة الدراسات الفلسطينية 118 ربيع 2019 اليهود ا سسراءيل ولم يتوقف الفلسسطينيون عن تسسميتها فلسسطين. فالفلسسطينيون وهم ال غلبية الفاءزة في الفهصص ورغبة منهم في ا بداء حسسن النية في العيشش المششترك مع ما بقي من اليهود وا يمانا منهم با ن القرارات المصصيرية ذات العلاقة المعقدة في التاريخ وخصصوصصا ا ن التاريخ في هذه البلد كان دمويا لا ينفع ا ن ت تخذ بهسسب التقاليد الديمقراطية التقليدية ا ي خض وع ال قلية لقرارات ال غلبية ا حبوا ا ن يعطوا البلد اسسما جديدا فلا هو ا سسراءيل ولا هو فلسسطين ولذا قدموا مقترحا في الاجتماع المخصصصص ل علان النتاءج با طلاق اسسم ''بلاد الميرمية الجديدة'' ل ن الميرمية كانت عاملا حاسسما في تقرير مصصير بلدهم وا حبوا ا ن يكر موها با طلاقها عليه وفي الوقت نفسسه ا ن يطمي نوا ال قلية اليهودية التي سستعيشش معهم على ال رضض المششتركة. وفي البيان الذي قدمه ممشلهم في الاجتماع وج ه باسسم الششعب الفلسسطيني تهية ا لى روه ششاعرهم القومي على مر ال جيال مهمود درويشش واعتذارا منه وخصصوصصا ا لى قصصيدته الوطنية بش ا ن اسسم فلسسطين وقال ممشل الفلسسطينيين لو ا ن الششاعر كان بيننا اليوم ل حب الاسسم الجديد فهو ا حب بلده وا ورش الاسسم كما ا ورش اللغة. ا لم يقل الششاعر مرة: وال رضض تورش كاللغة!