1
اآلية سلسلةكيف نفهم القرآن (*) )تفسري سورة الرعد كاملة( 1. الربع األول من سورة الرعد :1 ميم را( أي املر : س ب ق الكالم عن احلروف امل قط عة يف أول ت ل ك آ ي ت ال ك ت اب تلك اآل يت يعين: سورة البقرة )واعلم العظيم و ال ذي أ ن ز ل إ ل ي ك م ن ر ب ك أي القرآن والس ن ة هو احل ق أن هذه احلروف ت قرأ هكذا: اليت نتلوها عليك ي دمحم يف هذه السورة ألف الم هي آ يت الكتاب الواضح و ل ك ن أ ك ث ر الن اس ال ي ؤ م ن و ن. اآلية 2: ا لل ال ذي ر ف ع الس م او ات ب غ ري ع م د كما ت ر و ن ه ا يعين كما تشاهدوهنا )مرفوعة بقدرته من غري أعمدة( ث اس ت و ى أي ع ال وارتفع سبحانه ع ل ى ال ع ر ش استواء ي ليق جبالله وع ظ مته و س خ ر الش م س و ال ق م ر أي ذ ل ل هما ملنافع العباد ك ل من الشمس والقمر ي ري أل ج ل م س م ى : أي ي دور يف ف ل كه إىل يوم القيامة ي د ب ر األ م ر : أي ي د بر سبحانه أمور خ لقه ي ف ص ل اآل ي ت : أي يوضح هلم اآل يت الدالة على استحقاقه وحده للعبادة وعلى قدرته على ب ع ث اخلالئق بعد موهتا إذ هو سبحانه الذي ابتدأ خ ل قها من العدم ل ع ل ك م بل ق اء ر ب ك م ت وق ن ون : لتكونوا على ي قني بلقاء ربكم يوم القيامة للحساب واجلزاء وتستغفروه. فحينئذ ت ل صوا عبادتكم له وحده وتتوبوا إليه ي أي اآلية 3: و ه و سبحانه ال ذي م د األ ر ض أي ج ع لها م تدة وب س ط ها لتستقروا فوقها و ج ع ل فيه ا ر و اس جباال راسية لت ثب ت األرض و أ ن ه ار ا ل ش ربكم وم نافعكم و م ن ك ل الث م ر ات ج ع ل فيه ا ز و ج ني اث ن ني : أي جعل سبحانه يف األرض من كل أنواع الثمرات صنفني اثنني فجعل منها األبيض واألسود واحللو واحلامض وغري ذلك ي غ ش ي الل ي ل الن ه ار : ظالمه إ ن يف ذ لك آل ي ت ف عل ما ي نفعهم يف الدنيا واآلخرة. أي ي دخ ل سبحانه الليل على النهار حىت ي ذه ب ن وره وي دخ ل النهار على الليل حىت ي ذه ب تدل على قدرته ووحدانيته ل ق و م ي ت ف ك ر ون أي ي تفكرون بعقوهلم في ت عظوا و ي تهدوا يف (*) وهي سلسلة تفسري آلايت القرآن الكرمي أبسلوب بسيط جد ا وهي خ متص رة من )كتاب: "التفسري امل ي س ر" )إبشراف خ الرتكي( وأيض ا من "تفسري الس عدي " وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسري" أليب بكر اجلزائري( )بتصرف( ع لم ا أبن ما حتته خط هو نص اآلية الكرمية وأما الكالم الذي ليس حتته خط فهو التفسري. واعلم أن القرآن قد نزل خ متحداي لقوم ي عشقون احل ذف يفكالمهم وال خ يبون كثرة الكالم فجاءهم القرآن هبذا األسلوب فكانت اجل خ ملة الواحدة يف القرآن تتضمن أكثر م ن م عىن: )م عىن واضح ومعىن ي خ فه م من س ي اق اآلية( وإننا أحياان نوضح بعض الكلمات اليت مل يذكرها هللا يفكتابه )ب الغة ( حىت نفهم لغة القرآن. 2
اآلية واعلم أن قوله تعاىل: و ه و ال ذي م د األ ر ض ال ي فه م منه أن األرض م س ط حة بل إنه ي د ل على أنك أينما ذهبت فوق األرض تراها م دودة أمامك وهذا ال ي كن ه ندسي ا إال إذا كان الشكل دائر ي )إم ا ك رة أو بي ة أو دائرة( إذ إهنا لو م س ط حة: كانت ال ختفى هذا امل د عند الوصول حلدودها فس بحان م ن ع ل م دمحما هللاىلص هذه احلقيقة. :4 و يف األ ر ض ق ط ع م ت ج او ر ات يعين: وم ن آ يته سبحانه أنه ج ع ل يف األرض ق ط عا من األراضي الزراعية ي لتصق بع ها ببعض فمنها ما ي ر ج نبا ت طيب ا ي نفع الناس ومنها ما ال ي ر ج النبات إال ر ديئا قليال ال ن ف ع فيه )مع أهنا نفس األرض( و ج ن ات م ن أ ع ن اب و ز ر ع يعين: وجعل سبحانه يف األرض الواحدة بساتني من أعناب وكذلك جعل فيها أنواعا خمتلفة من اخل روات واحلبوب والفاكهة و ن يل ص ن و ان أي عدة ن الت م شرتكة يف م نبت واحد و غ ي ر ص ن و ان يعين: وهناك ن الت غري م تمعة يف نفس امل نبت وإمناكل نلة قائمة على أصلها. ك ل ذلك يف تربة واحدة و ي س ق ى ب اء و احد ولكنه ي تلف يف شكله وحجمه وطعمه و ن ف ل ب ع ه ا ع ل ى ب ع ض يف األ ك ل يعين: وب ع ها أف ل من بعض يف األكل )فسبحان م ن خ ل ق الثمرات وخلق لكل مثرة م ذاقا وط عما ( إ ن يف ذ ل ك آل ي ت أي عالمات على قدرته ووحدانيته وقد جعل سبحانه هذه اآل يت ل ق و م ي ع ق ل ون أي ي تفكرون بعقوهلم في علموا أنه سبحانه اخلالق الرازق امل ستحق وحده للعبادة إذ ال ي عق ل أبد ا أن ي ل ق سبحانه ث ي عب د غري ه وأن ي رز ق ث ي شك ر غري ه! اآلية 5: و إ ن ت ع ج ب أيها الرسول من عدم إ يان قومك بعد هذه األدلة: ف ع ج ب ق و هل م أي فالع ج ب األشد من قول الكفار: أ ئ ذ ا ك ن ا ت ر اب بعد موتنا أ ئ ن ا ل في خ ل ق ج ديد أي ن بع ث أحياء من جديد أ ول ئ ك ال ذ ين ك ف ر وا ب ر ب م الذي أ و ج د هم من العدم و أ ول ئ ك تكون األ غ ال ل وهي سالسل من انر ت وض ع يف أ ع ن اقه م يوم القيامة و أ ول ئ ك أ ص ح اب الن ار ه م فيه ا خ ال د ون. أهنا م وانع اهلداية يف الدنيا كالتقليد األعمى وات باع اهلوى و ي تم ل أن يكون املقصود بألغالل اليت يف أعناقهم: والك رب والعناد واالنقياد وراء الشهوات وغري ذلك. 6: اآلية و ي س ت ع ج ل ون ك ب لس ي ئ ة ق ب ل احل س ن ة أي ي ستعجلك املشركون إبنزال العذاب الذي أنذرهت م به ليكون دليال هلم على ن ب و تك بدأل من أن ي طلبوا إنزال الرمحات والربكات وسعة الرزق والرخاء )وذلك جل هلهم وعنادهم( ألن إنزال الرخاء والربكات بعد أن تطلبها هلم من هللا تعاىل سي كون دليال أي ا على ن ب و تك وأف ل هلم من طلب العذاب واهلالك. و ق د خ ل ت م ن ق ب له م ال م ث ال ت يعين: وقد م ت عقوبت امل كذبني أمثاهلم )كعاد ومثود( ورأوا د يرهم فكيف ال ي عتربون بم! و إ ن ر ب ك ل ذ و م غ ف ر ة ل لن اس يعين إنه سبحانه غفور ل م ن تب إليه من الناس ع ل ى ظ ل مه م أي على 3
الرغم من ظ لمهم ألنفسهم بملعاصي إذ لو كان سبحانه يؤاخذ بلذنب جملرد وقوعه: ر ب ك ل ش د يد ال ع ق اب مل ن أص ر على الشرك واملعاصي ومل ي ت ب منها. ما ت ر ك على األرض من دابة و إ ن اآلية 7: و ي ق ول ال ذ ين ك ف ر وا ل و ال أ ن ز ل ع ل ي ه آ ي ة م ن ر به يعين: ه ال أ نز ل هللا م عجزة م سوسة على دمحم )ك ع صا موسى وانقة صاحل( وليس ذلك ب ي دك أيها الرسول ف إ من ا أ ن ت م ن ذ ر أي م ب ل غ هلم وخم وفهم من عذاب ر بم إن أشركوا به وعصوه و ل ك ل ق و م ه اد يعين: ولكل أ م ة رسول ي رشدهم إىل التوحيد وإىل فعل الطاعاتكما ش رعها هللا هلم. اآلية 8 واآلية 9: ا لل ي ع ل م م ا ت م ل ك ل أ ن ث ى يف بطنها )هل هو ذكر أو أنثى أبيض أو أمسر كم س ي عيش وغري ذلك( و م ا ت غيض األ ر ح ام يعين: وي علم سبحانه ما ت نقصه األرحام )في سقط ميتا أو ي ول د قبل تسعة أشهر( و م ا ت ز د اد يعين: وكذلك ي علم سبحانه ما ي زيد مح له على التسعة أشهر و ك ل ش ي ء ع ن د ه م ق د ر ب ق د ار م دد ال ي تجاوزه وهو سبحانه ع امل ال غ ي ب و الش ه اد ة : أي ي علم ما غاب عن ح واسكم أيها الناس وي علم ما تشاهدونه وهو ال ك ب ري يف ذاته العظيم يف قد ره وصفاته ال م ت ع ال الذي ي علو مجيع خ ل قه بذاته وق ه ره والذي تعاىل وتن ز ه عن الش ريك والش بيه والزوجة والولد. اآلية 11: س و اء م ن ك م م ن أ س ر ال ق و ل : يعين ي تساو ى يف علمه سبحانه م ن أخفى القول منكم )فتحد ث به بصوت منخفض( و م ن ج ه ر به يعين: و م ن ت ك ل م به بصوت م رتفع و م ن ه و م س ت خ ف ب لل ي ل و س ار ب ب لن ه ار يعين: ويتساو ى عنده أي ا م ن است رت )أي ت فى( أبعماله يف ظ لمة الليل وم ن ج ه ر با )أي أعلنها( يف و ض ح النهار. اآلية 11: ل ه م ع ق ب ات أي: هلل تعاىل مالئكة ي تعاقبون وي توالون على اإلنسان بلليل والنهار م ن ب ني ي د ي ه أي من أمامه و م ن خ ل فه ي ف ظ ون ه م ن أ م ر ا لل : أي ي فظونه أبم ر هللا تعاىل من شر اجلن وغريهم )وي الح ظ أن هللا تعاىل مل يقل: ( ي فظونه أبم ر هللا( وإمنا قال: ي ف ظ ون ه م ن أ م ر ا لل ألن ذلك احلفظ هو من ق د ر هللا تعاىل إذ إنه سبحانه ي ق د ر البالء وي ق در أي ا ما ي نع البالء(. إ ن ا لل ال ي غ ري م ا ب ق و م ح ىت ي غ ري وا م ا أب ن ف س ه م أي ال ي غري سبحانه نعمة أنع م ها على قوم إال إذا غ ري وا ما أم ر هم به فع صوه و إ ذ ا أ ر اد ا لل ب ق و م س وء ا أي ب الء أو عذاب : ف ال م ر د ل ه : أي فال م فر منه و م ا هل م م ن د ونه م ن و ال : أي ليس هلم من دون هللا و ل ي توىل أمورهم في جلب هلم احملبوب أو ي دفع عنهم املكروه. اآلية 12: ه و سبحانه ال ذي ي ر يك م ال ب ر ق خ و ف ا من الصواعق اليت فيه )لتخافوا عذابه وتتقوه( و ط م ع ا يف نزول املطر )لرتجوا رمحته وتدعوه( و ي ن ش ئ سبحانه الس ح اب الث ق ال أي السحاب امل ح م ل بملاء الكثري ملنافعكم فيكون م رفوعا بقدرته تعاىل رغم ما فيه من ماءكثري. اآلية 13: و ي س ب ح الر ع د ب م د ه )والرعد هو الصوت الذي ي سم ع من السحاب وي زعج العباد فهو خاضع لربه 4
م س ب ح بمده( الص و اع ق و ال م ال ئ ك ة م ن خ يف ت ه امل هل كة ف ي ص يب ب ا يعين: أي ي هل ك با وت س ب حه املالئكة م ن أج ل خوفها منه سبحانه م ن ي ش اء من الظاملني والكافرين و ي ر س ل و ه م ي ادل ون يف ا لل سبحانه يعين: والكفار ي ادلون يف وحدانية هللا وقدرته على البعث و ه و سبحانه ش د يد ال م ح ال أي شديد احل و ل والقوة وشديد البطش بن عصاه وج ح د قدرته )واعلم أن عبد هللا بن الزبري رضي هللا عنهما كان يقول إذا مسع صوت الرعد : )سبحان الذي ي سبح الرعد بمده واملالئكة من خيفته(( واعلم أي ا أن )سبحان هللا و بمده( ت عاد ل يف املعىن )سبحان هللا واحلمد هلل(. اآلية 14: ل ه د ع و ة احل ق أي: هلل تعاىل دعوة التوحيد )ال إله إال هللا( اليت ي دعو إليها مجيع ال ر سل فهو اإلله احلق الذي ي ستجيب ملن د عاه و ال ذ ين ي د ع ون م ن د ونه من اآلهلة املزعومة ال ي س ت ج يب ون هل م ب ش ي ء من دعائهم إ ال ك ب اس ط ك ف ي ه إ ىل ال م اء ل ي ب ل غ ف اه يعين إال ك ح ال رجل عطشان ي د ي ديه إىل املاء لي شرب منه أي وهو ال يستطيع أن ي صل إىل املاء وي ظل هكذا حىت ي هلك عطشا )فهذا و م ا ه و ب ب ال غ ه : م ث ل م ن ي عبد غري هللا تعاىل بدعاء أو ذبح أو نذر أو غري ذلك فهو م روم من اإلجابة خائب يف م سعاه عاقبته النار واخل سران( و م ا د ع اء ال ك افر ي ن آلهلتهم إ ال يف ض ال ل أي يف ض ياع ألهنا ال ت سمع دعائهم وال ت علم شيئا عن حاهلم. اآلية :15 و لل )كاملؤمنني( وشقاء و ك ر ه ا مجيع ي س ج د وحده م ن يف الس م او ات و األ ر ض خاضع ا م نقاد ا أي رغم ا عنهم )كاملنافقني( وكالك فار عند الشدائد )ح ني ال ي نفعهم ط و ع ا أي طاعة ألم ره ذلك( )واعلم أن الكافر وإن مل ي سجد هلل تعاىل عبادة فإنه ي سجد له خب وعه ألحكامه اجلارية عليه من غ ىن وفقر وصحة ومرض وسعادة النهار وآخره. اآلية وال ي قدر أن ي ر د ها( 16 واآلية :17 ق ل و ظ ال هل م ب ل غ د و و اآل ص ال أيها الرسول هلؤالء املشركني: يعين: وت نقاد لع ظ مته ظالل املخلوقات فتتحرك إبرادته أول م ن ر ب الس م او ات و األ ر ض هو ا لل ق ل : اخلالق امل د بر هلما وأنتم ت قر ون بذلك ث ق ل م لز م ا هلم بحل ج ة : أ ف ا ت ذ ت م ن د ونه أ و ل ي اء أي م عبودين ال ي ل ك ون أل ن ف سه م ن ف ع ا و ال ض ر ا! فكيف هلا أن ت نفع عابديها أو أن ت ر م ن مل ي عبدها! ث ق ل هلم: ه ل ي س ت وي يعين هل ي تساو ى عندكم األ ع م ى وهو الكافر الذي ع م ي عن آ يت هللا تعاىل رغم وضوحها و ال ب ص ري الظ ل م ات الذي أب ص ر آ يت هللا فآم ن با ومل ي تكرب عن االنقياد للحق! وهي ظ ل مات اجلهل والكفر واملعاصي )وما ي نتج عن ي تساوى ذلك و الن ور أي نور العلم واإل يان واالطمئنان بذكر هللا تعاىل وتوحيده! ال ي ستو ين أبدا أ م ه ل ت س ت و ي ذلك من القلق واحلرية واضطراب النفس( فهل أ م ج ع ل وا لل ش ر ك اء خ ل ق وا ك خ ل ق ه سبحانه ف ت ش اب ه اخل ل ق ع ل ي ه م! تعاىل هللا عن ذلك ع لو ا كبري ا ق ل هلم: ا لل 5
خ ال ق ك ل ش ي ء وأنتم تعرتفون بذلك أيها املشركون إذا فهو وحده امل ستحق للعبادة و ه و ال و اح د ال ق ه ار. ث ض ر ب سبحانه م ث ال للحق والباطل باء أنز ل ه من السماء فقال: أ ن ز ل م ن الس م اء م اء أي م ط را كثريا حىت أصبح س يال من املاء ف س ال ت أ و د ي ة ب ق د ر ه ا : أي فج ر ى س ي ل املاء يف أ و دية األرض )بقد ر ص غ رها وك رب ها( ف اح ت م ل الس ي ل ز ب د ا ر اب ي ا يعين: فح م ل الس يل غ ثاء )أي ر غوة طافية فوقه( ال ن ف ع فيها. وض ر ب سبحانه م ث ال آخر فقال: و م ا ي وق د ون ع ل ي ه يف الن ار وهي املعادن اليت ت وق د عليها النار ل ص هرها وذلك اب ت غ اء ح ل ي ة أي طلب ا للزينة )كما يف الذهب والف ة( أ و م ت اع : يعين أو ي صه روهنا طلب ا ملنافع ي نتفعون با )كما يف النحاس( في خرج من هذه املعادن: ز ب د م ث ل ه : أي خ ب ث ال فائدة فيه )كالذي كان مع املاء( ك ذ ل ك ي ر ب ا لل احل ق و ال ب اط ل : أي بثل هذا ي رب هللا األمثال للحق والباطل: ف أ م ا الز ب د ف ي ذ ه ب ج ف اء يعين: فأم ا الباط ل فهو ك غ ثاء املاء )وهي الر غوة اليت تتالشى أو ت ر م ى ( الصايف واملعادن النقية )إذ ت بقى يف األرض لالنتفاع با ) من ال الل. و أ م ا م ا ي ن ف ع الن اس ف ي م ك ث يف األ ر ض ك ذ ل ك ي ر ب ا لل األ م ث ال يعين: ل ي ت ح احلق وأم ا احلق فهو كاملاء من الباطل واهلدى اآلية 18: ل ل ذ ين اس ت ج اب وا ل ر ب م احل س ىن يعين إن املؤمنني الذين أطاعوا هللا ورسوله أولئك هلم احل سىن )أي هلم اجلنة( و ال ذ ين مل ي س ت ج يب وا ل ه وكفروا برسوله: أولئك هلم النار و ل و أ ن هل م م ا يف األ ر ض مج يع ا و م ث ل ه م ع ه : يعين لو أهنم ي لكونكل ما يف األرض وض ع فه معه: ال ف ت د و ا به : أي جل ع لوه ف داء ألنفسهم من عذاب هللا يوم القيامة ( ولن ي قب ل منهم ) أ ول ئ ك هل م س وء احل س اب أي ي اسبهم هللا على كل ما قد مو ه م ن ع م ل سي ئ فال ي غف ر هلم منه شيئا و م أ و اه م أي م صريهم ج ه ن م لتكون ف راشا هلم و ب ئ س ال م ه اد : يعين وهي ب ئس الفراش وامل ستقر. ********************* 6
2. الربع الثاين من سورة الرعد اآلية 19 واآلية 21 واآلية 21: أ ف م ن ي ع ل م أ من ا أ ن ز ل إ ل ي ك م ن ر ب ك احل ق يعين: هل الذي ي علم أن ما جاءك أيها الرسول من ربك هو احلق وذلك ل و ضوح عالماته في ؤمن به بجرد ظهوره ك م ن ه و أ ع م ى عن احلق ال يؤمن به! ال يستو ين أبدا إ من ا ي ت ذ ك ر أ ول و األ ل ب اب يعين: إن الذين ي ت عظون بلقرآن وأد ل ته هم أصحاب العقول السليمة وهم ال ذ ين ي وف ون ب ع ه د ا لل وهو العهد الذي أم ر هم به سبحانه من السمع والطاعة ألوامره اليت يف كتابه و ال ي ن ق ون ال م يث اق أي ال ي نق ون العهود املؤكدة اليت عاه دوا هللا على االلتزام با )ما مل تكن إمثا أو قطيعة ر حم( و ال ذ ين ي ص ل ون م ا أ م ر ا لل به أ ن ي وص ل كاألرحام واحملتاجني و ي ش و ن ر ب ه م بفعل ما أم ر واجتناب ما هن ى و ي اف ون س وء احل س اب أي ي افون أن ي اسبهم هللا على كل ذنو بم وال ي غفر هلم منها شيئ ا فحينئذ ال ي رجون إال رمحته وال ي سنون الظن إال به حىت ي غفر هلم ذنو بم وي قبل منهم أعماهلم. اآلية 22 واآلية 23 واآلية 24: و ال ذ ين ص ب ر وا اب ت غ اء و ج ه ر ب م يعين: وه م الذين صربوا على األذى وصربوا على الطاعة وصربوا عن املعصية )طلب ا لرضا ر بم( و أ ق ام وا الص ال ة يعين أد وها على أ ت وجوهها )خبشوع واطمئنان( و أ ن ف ق وا م ا ر ز ق ن اه م يعين أخر جوا من أمواهلم: )الزكاة املفروضة والصدقات امل ستح بة( س ر ا و ع ال ن ي ة : أي يف اخل فاء والع ل ن و ي د ر ء ون ب حل س ن ة الس ي ئ ة أي ي دفعون السيئة بحلسنة فتمحوها )واملعىن أهنم ي توبون من املعاصي و ي تهدون يف فعل الطاعات لي محو هللا با السيئات وكذلك يكونون ح ل يم ني على اجل ه الء وصابرين على م ن يؤذوهنم في دفعون إساءهتم بلكالم احل س ن( أ ول ئ ك هل م ع ق ب الد ار أي هلم العاقبة احملمودة يف الدار اآلخرة وهي ج ن ات ع د ن أي جنات اخللود اليت ي د خ ل ون ه ا ويقيمون يف نعيمها الدائم وهم س عداء مر تحو ن البال فال تصيبهم اهلموم وال يططون ملستقبلهم وال يافون منه )بل أصبح ش غلهم الشاغل هو التلذذ والتمتع أبنواع النعيم والشهوات( و م ن ص ل ح أي: ومعهم الصاحلون م ن آ ب ئه م و أ ز و اجه م و ذ ر ي هت م والذرية هي األبناء )ذكورا كانوا أو إاناث( و ال م ال ئ ك ة ي د خ ل و ن ع ل ي ه م م ن ك ل ب ب ل ت هنئتهم بدخول اجلنة قائلني هلم : س ال م ع ل ي ك م ب ا ص ب ر ت : أي س ل م تم منكل س وء بسبب ص رب كم يف الدنيا ف ن ع م ع ق ب الد ار : أي فن ع م العاقبة احملمودة يف الدار اآلخرة وهي اجلنة. اآلية 25: و ال ذ ين ي ن ق ون ع ه د ا لل يعين: وأم ا األشقياء الذين ال ي وفون بعهد هللا م ن ب ع د م يث اق ه أي من بعد ع ه ده الذي أخ ذ ه عليهم بتوحيده و ه م يف ظ هر أبيهم آدم )وقد أك د سبحانه هذا العهد إبرسال الر س ل وإنزال الك تب( و ي ف س د ون يف األ ر ض بعمل املعاصي ون ش ر الشرك والفساد أ ول ئ ك هل م الل ع ن ة أي هلم الط ر د من رمحة هللا و هل م س وء الد ار : أي هلم العاقبة السيئة يف الدار اآلخرة وهي جهنم. اآلية 26: ا لل ي ب س ط الر ز ق ل م ن ي ش اء أي ي و سع سبحانه الرزق على م ن يشاء من عباده و ي ق د ر : أي وي يق ه على م ن ي شاء منهم )فالتصر ف كله بيديه سبحانه وله احلكمة البالغة يف ت ييق الرزق وتوسعته ألنه سبحانه األعلم با ي صلح عباده من الفقر والغىن) و ف ر ح وا ب حل ي اة الد ن ي ا يعين: وف ر ح الكفار بلس عة يف احلياة الدنيا )ومل ي علموا أن 7
التوسعة يف الدنيا ليست دليال على حب هللا للعبد ورضاه عنه وليس الت ييق دليال على ك ره هللا للعبد وغ به عليه( إذ الدنيا ال تساوي عنده جناح ب عوضة و م ا احل ي اة الد ن ي ا يف اآل خ ر ة إ ال م ت اع يعين: وما هذه احلياة الدنيا بلنسبة لآلخرة إال شيء قليل )ي تمت ع به قليال ث ي زول سريعا (. اآلية 27 واآلية 28: و ي ق ول ال ذ ين ك ف ر وا : ل و ال أ ن ز ل ع ل ي ه آ ي ة م ن ر به يعين: ه ال أ نز ل هللا م عجزة م سوسة على دمحم كم عجزة موسى وعيسى ق ل هلم أيها الرسول: إ ن ا لل ي ل م ن ي ش اء من امل عاندين فال ي هتدون ولو رأوا مجيع امل عجزات و ي ه دي إ ل ي ه م ن أ ان ب أي: وي هدي سبحانه إىل دينه م ن رجع إليه بإل يان والطاعات و تب إليه من الشرك والعصيان وهؤالء هم ال ذ ين آ م ن وا بحلق ل م ا جاءهم و ت ط م ئن ق ل وب ه م بذ ك ر ا لل وتوحيده أ ال بذ ك ر ا لل ت ط م ئن ال ق ل وب يعين: أال بطاعة هللا وذكره تطمئن القلوب املؤمنة و ت نس وت سعد خبالقها )واعلم أن أف ل الذكر هو ما كان بللسان مع ح ور القلب و ي وز الذكر بللسان فقط فالذي ي ذكر خري من الذي ال ي ذكر ولكنه أقل درجة م ن ي ذكر بلسانه وقلبه(. اآلية 29: ال ذ ين آ م ن وا و ع م ل وا الص احل ات ط و ب هل م أي هلم حياة طيبة يف الدنيا و ح س ن م آ ب أي: وهلم م رجع ح س ن يف اآلخرة إىل جنة هللا ورضوانه (واعلم أن ط و ب هي شجرة يف اجلنة م سرية مائة عام ت رج ثياب أهل اجلنة من أكمامها كما أخرب بذلك النيب هللاىلص( )انظر حديث رقم: 3918 يف صحيح اجلامع(. اآلية 31 واآلية 31: ك ذ ل ك أ ر س ل ن اك يعين: وكما أرسلنا امل رس لني قبلك أيها الرسول فكذلك أرسلنا ك يف أ م ة ق د خ ل ت ) أي م ت )م ن ق ب ل ه ا أ م م ل ت ت ل و ع ل ي ه م ال ذي أ و ح ي ن ا إ ل ي ك : أي لتقرأ القرآن على هذه األ م ة )تذكريا وتعليما وإنذارا وبشارة( و ه م ي ك ف ر ون بلر مح ن أي: ولكن كفار قومك ي حدون بوحدانية الرمحن واستحقاقه وحده للعبادة ق ل هلم: ه و ر ب الذي خلقين ال إ ل ه إ ال ه و أي ال معبود بق إال هو ع ل ي ه ت و ك ل ت : أي عليه اعتمد ت و و ثقت يف حفظي ويف ن صري ويف كل أموري و إ ل ي ه م ت اب يعين: وإليه وحده رجوعي بإل يان والطاعة والدعاء عند الكرب واحلاجة وإليه توبيت فيما عات ب ين عليه. ث ر د هللا على الكافرين الذين طلبوا إنزال امل عجزات على النيب هللاىلص قائال : و ل و أ ن ق ر آ ان س ري ت به اجل ب ال يعين: ولو أننا أنزلنا قرآان ي قرأ فتزول به اجلبال عن أماكنها أ و ق ط ع ت به األ ر ض : يعين أو تتشقق به األرض أ و ك ل م به ال م و ت ى : يعين أو ي يا به املوتى وت ك ل م كما طلبوا منك ما آم نوا به إال أن ي شاء هللا. وهذا ي شبه قوله تعاىل: و ل و أ ن ن ا ن ز ل ن ا إ ل ي ه م ال م ال ئ ك ة و ك ل م ه م ال م و ت ى و ح ش ر ان ع ل ي ه م ك ل ش ي ء ق ب ال م ا ك ان وا ل ي ؤ م ن وا إ ال أ ن ي ش اء ا لل ولذلك قال بعدها: ب ل لل األ م ر مج يع ا يعين: بل هلل وحده األمركله يف إنزال امل عجزات ويف هداية م ن ي شاء أ ف ل م ي ي ئ س ال ذ ين آ م ن وا : يعين: أفلم ي علم املؤمنون أ ن ل و ي ش اء ا لل هل د ى الن اس مج يع ا من غري م عجزة إذا فلي رتكوا له األم ر سبحانه ي فعل ما يشاء و ي كم ما يريد )واعلم أن اللفظ: "ي ي ئ س" أييت أحياان بعىن "ي علم" وهذا يف 8
إحدى لغات العرب وقد نزل القرآن بل غ ة العرب(. و ال ي ز ال ال ذ ين ك ف ر وا ت ص يب ه م ب ا ص ن ع وا ق ار ع ة أي ت نزل بم مصيبة بسبب ك فرهم في صيبهم عذا با أ و ت ل يعين أو تنزل تلك املصيبة ق ر يب ا م ن د اره م في صيبهم اخلوف من جتاو زها إليهم وال يزالون كذلك ح ىت أي يت و ع د ا لل بلنصر عليهم )كما حدث يف فتح مكة( إ ن ا لل ال ي ل ف ال ميع ا د )واعلم أن القارعة هي املصيبة اليت ت قرع القلوب أي ت طرقها بخلوف والفزع واهلم واحلزن وقد مس ى هللا يوم القيامة بلقارعة لشدته وأهواله اليت ت قر ع القلوب و ت يفها(. اآلية 32: و ل ق د اس ت ه ز ئ ب ر س ل م ن ق ب ل ك أيها الرسول كما استهزأ هؤالء الكفار بد ع و تك ف أ م ل ي ت ل ل ذ ين ك ف ر وا : يعين فقد أمهلت الكافرين امل ستهزئني من األمم السابقة حىت قامت عليهم احل ج ة ث أ خ ذ ت ه م بعقاب ف ك ي ف ك ان ع ق اب! لقد كان هللاىلص على ما ي لقاه من أذى قومه(. عقاب شديد ا م هل كا )ويف هذا هتديد ووعي د 9 وفيه أي ا لكفار قريش تصبري للنيب اآلية 33 واآلية 34: أ ف م ن ه و ق ائ م ع ل ى ك ل ن ف س ب ا ك س ب ت يعين: هل الذي خ ل ق النفس البشرية وي رزقها وي علم أعماهلا و ي اسبها عليها وهو هللا سبحانه أح ق أن ي عب د أم هذه املخلوقات العاجزة اليت ال ت علم شيئا عن عابديها! و ج ع ل وا لل ش ر ك اء ي عبدوهنم ق ل هلم أيها الرسول: مس وه م : أي اذكروا صفاهتم فإنكم لن جتدوا فيها شيئا ي علهم ي ستحقون العبادة أ م ت ن ب ئ ون ه ب ا ال ي ع ل م يف األ ر ض : يعين أم ت رب ون هللا بشركاء يف أرضه ال ي علمهم! أ م ب ظ اهر م ن ال ق و ل : يعين أم ت س موهنم "شركاء" بجرد إطالق اللفظ عليهم من غري أن يكون هلم حقيقة! ب ل ز ي ن ل ل ذ ين ك ف ر وا م ك ر ه م و ص دوا ع ن الس بيل يعين: بل ح س ن الشيطان للكفار قوهلم الباطل وص د هم عن دين هللا و م ن ي لل ا لل ف م ا ل ه م ن ه اد يعين فليس له أحد ي وفقه إىل احلق والرشاد هل م ع ذ اب يف احل ي اة الد ن ي ا بلقتل واألس ر والذل والف يحة و ل ع ذ اب اآل خ ر ة أ ش ق يعين أثقل وأشد من عذاب الدنيا و م ا هل م م ن ا لل م ن و اق : يعين وليس هلم مانع ي نعهم من عذاب هللا. اآلية 35: م ث ل اجل ن ة ال يت و ع د ال م ت ق ون يعين: و ص ف اجلنة اليت و ع د هللا با عباده املتقني أهنا جت ري م ن ت ت ه ا األ ن ه ار أي أهنار املاء والعسل واللنب واخلمر أ ك ل ه ا د ائ م و ظل ه ا : أي طعامها ال ي نقطع وظلها ال ي زول ت ل ك ع ق ب ال ذ ين ات ق و ا يعين: هذه اجلنة هي عاقبة الذين خافوا عذاب ر بم ففعلوا ما يرضيه واجتنبوا ما ي غ به و ع ق ب ال ك افر ين الن ار يعين: وعاقبة الكافري ن هي انر جهنم )نسأل هللا العافية لنا وإلخواننا املؤمنني م ن شر جهنم(. اآلية 36: و ال ذ ين آ ت ي ن اه م ال ك ت اب يعين: والذين أعطيناهم الكتاب من اليهود والنصارى من العلماء الصادقني كعبد هللا بن س الم والن جاشي ي ف ر ح ون ب ا أ ن ز ل إ ل ي ك من القرآن مل وافقته ل م ا عندهم و م ن األ ح ز اب م ن ي ن ك ر ب ع ه يعين: ومن امل ت ح زبني أي اجملتمعني على الكفر ض د ك ي نك رون بعض امل ن ز ل عليك ق ل هلم أيها الرسول:
يأ) إ من ا أ م ر ت أ ن أ ع ب د ا لل و ال أ ش ر ك ب ه وهذا كقوله تعاىل يف سورة آل عمران: ق ل ي أ ه ل ال ك ت اب ت ع ال و ا إ ىل ك ل م ة س و اء ب ي ن ن ا و ب ي ن ك م أ ال ن ع ب د إ ال ا لل و ال ن ش ر ك به ش يئ ا و ال ي ت خ ذ ب ع ن ا ب ع ا أ ر ب ب م ن د ون ا لل فإذا كنتم ت نك رون بعض القرآن فخ ذوا منه ما ال تستطيعون إنكاره )وهو عدم الشرك بهلل تعاىل( فقد كان النصارى ي تربؤون من الشرك ويف نفس الوقت ي عبدون عيسى عليه السالم. وهذا من بالغة القرآن الكرمي: (إلزام الطرف اآلخر بحل ج ة( فإنه قال هلم أوال : )أ م ر ت أن أعبد هللا( ألنه ال ي تلف يف ذلك أحد من أهل الكتاب ث قال هلم بعد ذلك: (وال أ ش ر ك به( وذلك إلبطال عبادهتم لعيسى عليه السالم. ث أم ر هللا رسوله أن يقول هلم: إ ل ي ه أ د ع و : يعين أدعو الناس إىل توحيد هللا وعبادته )كسائر الر س ل من قبلي( فأان مأمور بلدعوة إليه وحده بذا القرآن وليس ل أن أختار منه شيئا وأترك اآلخر فليس معىن أنكم تنكرون بع ه أ ن أت بع أهوائكم وأ ب لغكم ما ي رضي أمساعكم وإمنا أ ب لغكمكل ما ي وحيه إ ل من رب و إ ل ي ه م آ ب يعين: وإليه وحده أ رجع يفكل أموري وإليه وحده م رجعي بعد مويت في جازيين با قمت به من الدعوة إىل دينه. اآلية 37: و ك ذ ل ك أ ن ز ل ن اه ح ك م ا ع ر ب ي ا يعين: وكما أنزلنا الكتب على األنبياء بلسان أقوامهم فكذلك أنزلنا إليك هذا القرآن ب ل غ ة العرب لت حك م النا س به و ل ئن ات ب ع ت أ ه و اء ه م ب ع د م ا ج اء ك م ن ال ع ل م أبنك على احلق وه م على الباطل م ا ل ك م ن ا لل من انصر ي نقذك من عذاب هللا تعاىل. 38: اآلية و ل ق د أ ر س ل ن ا ر س ال م ن ق ب ل ك و ج ع ل ن ا هل م أ ز و اج ا و ذ ر ي ة يعين: ولئن ات بعت أهواء املشركني يف عبادة غري هللا تعاىل م ن و ل و ال و اق : أي ليس لك حينئذ هذا ر د م ن هللا تعاىل على املشركني الذين قالوا للنيب صلى هللا عليه وسلم: )ما لك تتزوج النساء ( فإمنا هو ب ش ر كسائر الر س ل من قبله و م ا ك ان ل ر س ول أ ن أي يت ب ي ة إ ال إب ذ ن ا لل رسول أن أييت بعجزة أرادها قومه وهذا ر د عليهم أي ا عندما قالوا: ذلك األجل ال ي تقدم عنه وال ي تأخر. ف إال إبذن هللا )لو كان رسوال أل ت ى با ل ك ل أ ج ل ط ل ب نا من املعجزات( فليس يف استطاعة يعين لكل أم ر م د د بوقت: ك ت اب ك ت ب هللا فيه اآلية 39: ي ح وا ا لل م ا ي ش اء و ي ث ب ت أي ي ب دل هللا ما يشاء من الشرائع واألحكام بسب حاجة عباده وي ب قي ما هو صاحل هلم وانفع وتبديلها كاستقبال فما م اه تعاىل فهو املنسوخ الرسول لبيت امل قدس ث وما أبقاه فهو استقباله للكعبة( امل حك م فأخرب هم )ويف هذا ر د سبحانه على إنكارهم ل ن س خ بعض األحكام أنه ذو إرادة وم شيئة ال ت عان إلرداة الناس وم شيئاهتم و ع ن د ه تعاىل أ م ال ك ت اب وهو اللوح احملفوظ الذي مج ع كل املقادير فال ي دخله تبديل وال تغيري ففي صحيح مسلم أنه هللاىلص قال: )ر ف ع ت األقالم وج ف ت الصحف(. وأما قوله هللاىلص: )م ن س ر ه أن ي بس ط له )أي ي و س ع له( يف رزقه وي نس أ له ي ؤخ ر له( يف أج له: فلي صل 11
ر مح ه( فهذا معناه أن هللا تعاىل كتب يف اللوح احملفوظ أن فالان ي صل ر مح ه ولذلك سأو س ع له يف رزقه كذا وأؤخ ر له أج له إىل وقت كذا )فص ل ة الرحم سبب يف توسعة الرزق وطول العمر( وكذلك احلال يف قوله هللاىلص: )ال ي ر د الق اء إال الدعاء( فإن الدعاء سبب يف ر د البالء عن العبد كما قال النيب هللاىلص: )ما من م سلم يدعو بدعوة ليس فيها إ ث وال قطيعة ر ح م إال أعطاه هللا با إحدى ثالث: إم ا أن ي ع ج ل له د ع و ته الس وء م ها( )انظر صحيح الرتغيب والرتهيب ج: 2 (. وإم ا أن ي د خ رها له يف اآلخرة وإما أن ي صرف عنه من ثل اآلية 41 واآلية 41: و إ ن م ا ن ر ي ن ك ب ع ض ال ذي ن ع د ه م يعين: وإم ا أن ن ر ي ك أيها الرسول يف حياتك بعض العقاب الذي تو ع د ان به أعداءك )كما حدث يف بدر( أ و ن ت و ف ي ن ك قبل أن ن ر ي ك ذلك فيهم: ف إ من ا ع ل ي ك ال ب ال غ : أي ففي احلالتني ما عليك إال تبليغ الدعوة و ع ل ي ن ا احل س اب واجلزاء. أ و مل ي ر و ا أ ان ن يت األ ر ض ن ن ق ص ه ا م ن أ ط ر اف ه ا وذلك بفتح املسلمني لبالد املشركني وإحلاقها ببالد املسلمني و بذا تنقص أرض الكفر وتزداد أرض اإل يان و ا لل ي ك م ال م ع ق ب حل ك مه )وذلك ألن ح كمه سبحانه م شتم ل على العدل التام أم ا غ ريه فقد ي ص يب يف قوله و ي طئ وقد ي عد ل يف ح ك م ه وي ظلم( و ه و سبحانه س ر يع احل س اب فال ي شغله شيء عن آخر وال ي تع ب ه إحصاء وال عدد. 42: اآلية ي بط ل سبحانه م ك ر هم و ق د م ك ر ال ذ ين م ن ق ب ل ه م وي عيده عليهم م ن حيث ال يشعرون )وم ن ذلك ع لم ه تعاىل ب ك رهم( فأين م ك ر م ن أي د ب ر وا امل كايد ل ر س لهم )كما ف ع ل هؤالء معك) ألنه سبحانه ي ع ل م م ا ت ك س ب ك ل ن ف س ف لل ه ال م ك ر مج يع ا إذ م ن خري أو شر ي علم كل شيء م ن م ك ر م ن ال ي علم شيئا! أفال ي فهم كفار قريش هذا في ك فوا عن م ك رهم برسول هللا ود ع و ته! و س ي ع ل م ال ك ف ار عند لقاء ر بم يوم القيامة ل م ن ع ق ب الد ار : أي ملن تكون العاقبة احملمودة يف الدار اآلخرة إهنا للرسل وأت باعهم )ويف هذا هتديد ووعيد للكافرين(. اآلية 43: و ي ق ول ال ذ ين ك ف ر وا للنيب دمحم: ل س ت م ر س ال : أي ما أرسلك هللا إلينا ق ل هلم: ك ف ى ب لل ش ه يد ا ب ي ين و ب ي ن ك م واثنيا : سبحانه فشهادته ل بلن ب و ة هي ما أعطاه ل من امل عج زات الباهرات )كانشقاق القمر وغريها( وكذلك و ح ي ه إ ل بذا القرآن الذي أ نذ ر ك م به والذي ال يستطيع أن يقوله ب ش ر وأنتم تعلمون ذلك ألنكم أب لغ الب ش ر هذا أوال و م ن ع ن د ه ع ل م ال ك ت اب : بتلك الشهادة ومل ي كتمها. وكذلك يعين شهادة علماء اليهود والنصارى م ن آم ن برساليت وات بع احلق فص ر ح ********************* 11