الد رس الداللي عند ابن فارس )ت 395 ه( يف كتابه )ح ل ي ة الف ق ه اء( د. دلدار غفور محدامني تاريخ التسليم: 2015/10/7 م تاريخ القبول: 2015/10/24 م. أستاذ مساعد/ جامعة صالح الدين-إربيل/ ك ردستان/ العراق. 114
مجلة جامعة القدس املفتوحة لألبحاث والدراسات - العدد الثاني واألربعون (2) - صفر 2017 ملخ ص: يتمت ع الد ر س الد اليل بدرا سته من ق ب ل فئات كثرية من العلماء خمتلفي االخت سا س ومتنو عي االجتاهات ومنهم ابن فار س )ت 395 ه( موؤل ف كتاب )ح لية الفق هاء( يف م سطلحات ال سافعية وقد عر س ت هذه الدرا سة لفكر ابن فار س الداليل ونق د ه يف كتاب غري مدرو س حتى االآن -ح سب اط العنا- يف درا سة علمي ة من خالل مقدمة ومتهيد ومطلب ي وخامتة. تناول التمهيد نبذة عن ابن فار س ومنهج ه يف كتاب )حلية الفقهاء( اأم ا املطلب االأو ل فدر س معايري الفكر الد اليل عند ابن فار س يف كتابه وهي خم سة معايري )التعليل والتعميم والتو سيح واالحتجاج والفروق اللغوية( واخت س املطلب الثاين ببيان النقد الد اليل عند ابن فار س يف الكتاب املذكور الذي اتخذ م سارات عد ة جتل ت يف )العالقات الداللية والرتجيح اللغوي واالأحكام النقدية وذكر اللغات وقواعد يف النقد الل غوي( اأم ا اخلامتة ف سملت نتائج تو س ل اإليها البحث. الكلمات املفتاحية: الدر س الداليل ابن فار س )ح ل ي ة الف ق ه اء( م سطلحات ال سافعية. مقد مة: احلمد لل رب العاملي وال س الة وال س الم على سي د املر سلي وعلى اآله و سح ب ه وم ن ت ب ع ه م باإح سان اإىل يوم الد ين اأم ا بع د : فاإن الباحث يف الد را سات الفقهية اللغوي ة يتيق ن الرتابط القوي بي علوم الل غة وعلوم ال رشيعة بع سها ببع س فال ميكن لطالب ال رشيعة اأن يلم بعلومها اإذا مل يكن بارعا يف علوم الل غة امل سم اة بعلوم االآلة فهي الو سيلة لتف سري التنزيل املبارك وفهم ال سنة ال رشيفة وا ستنباط احلكم ال رشعي وغريها من اأمور الد ين ويف تراثنا اللغوي االإ سالمي مناذج كثرية لعلماء اأفذاذ جمعوا بي هذه العلوم ومن هوؤالء فقيه ابن فقيه ولغوي ابن لغوي هو اأبو احل سي اأحمد بن زكري ا بن فار س الر ازي)ت 395 ه( وهو اأحد اأعالم الل غة وال رشيعة يف القرن الرابع الهجري )العا رش امليالدي( اأو ل من اأظهر م سطلح )فقه الل غة( وهو ساحب )مقايي س الل غة( و)املجمل( يف احلقل املعجمي وهو موؤل ف )فتيا فقيه العرب( و)ح لية الفقهاء( يف األغاز الفقه ولغته. اإن هذه الدرا سة حتاول ك سف ما اأودعه ابن فار س من منهج لغوي ودر س نقدي داليل يف كتاب غري م سهور يف اأو ساط اأهل الل غة والباحثي فيها وهو كتاب )ح لية الفقهاء( الذي هو رشح الألفاظ ال سافعي رحمه الل تعاىل-)ت 204 ه( الواردة يف خمت رش اأ سهر تالمذة ال سافعي وهو اأبو اإبراهيم اإ سماعيل املزين )ت 264 ه( ومل يتناول اأحد ح سب علمنا- هذا الكتاب يف بحث علمي اأو ر سالة علمية ومل يذكر اأحد من اأ سحاب كتب الرتاجم سيئا عنه سوى القول باأن البن فار س كتابا يف األفاظ الفقه با سم )حلية الفقهاء(. واقت س ت مادة البحث اأن يتكون البحث من مقد مة ومتهيد و مبحثي وخامتة تناول التمهيد موجزا عن ابن فار س ومنهجه يف حلية الفقهاء اأم ا املبحث االأو ل فدر س معايري الفكر الداليل عنده يف كتاب حلية الفقهاء واخت س املبحث الثاين ببيان النقد الداليل عند ابن فار س يف الكتاب املذكور اأما اخلامتة ف سملت نتائج تو س ل اإليها البحث واأخريا : ن ساأل الل تعاىل ال سواب واالإخال س يف القول والعمل والل امل ستعان. التمهيد: ابن فارس ومنهج ه اأوال : ابن فار س)ت 395 ه( )1( : اإن ابن فار س عامل يف الل غة معروف اأتقن علوما ست ى وقد و س ف بذلك جاء يف وفيات االأعيان:»كان اإماما يف علوم ست ى وخ سو سا اللغة فاإن ه اأتقنها«)2( واأل ف موؤل فات كثرية وعرف باآراء لغوية ذكرها يف كتبه فاألف معجم ي ه البارزين )املقايي س( و)املجمل( وقد نال بع س موؤل فاته وخا س ة )املقايي س( سهرة وا سعة اأم ا معجم )جممل الل غة( فاأل فه لهدف معجمي وتوخ ى فيه التقريب واالإبانة عم ا ائتلف من حروف الل غة اأم ا كتابه )متخري االألفاظ( فهو من معاجم املعاين )3( وي عد كتابه )الفرق( من كتب الرتاث اللغوي املهم ة )4( كما األف كتابا يف الل غة سم اه ب )ال ساحبي يف فقه الل غة( لياأخذ عنه الثعالبي)ت 429 ه( امل سطلح يف )فقه الل غة و رش العربية( والكتابان يتفقان يف عر سهما لق سايا االألفاظ ومعرفة االألفاظ العربية ودالالتها. Semantic study in Ibn Fari s book Hilya Al-Fuqaha, (he died in 395) Abstract: Enjoying the semantic study lesson is done by many scholars of different categories and more trends, including IbnFaris (died in395 AH) the author of Hilya Al-Fuqaha of Shaafiee. The study is presented to the thought ofibnfari s semantic criticism in a book, which has not been studied in a scientific study according to our knowledge, through the introduction, preliminary, two demands and conclusion, addressing the book of IbnFaris and systematization in his book (Hilya Al-Fuqahaa). The first requirement, which is studied by IbnFaris, is about semantic standards, is five criteria (reasoning, circular, illustration, protest and linguistic differences), and singled out the second requirement a statement of criticism of IbnFaris in semantic book, which is mentioned and taken several paths, reflected in the (semantic relations, linguistic weighting, cash provisions, and mentioned languages, and linguistic exchange rules). The final part includes the findings of research. Key words: Lesson, symantic, Ibn Fari s, Hilya Al-Fuqaha 115
الد رس الداللي عند ابن فارس)ت 395 ه( في كتابه"ح ل ي ة الف ق ه اء" يبدو لنا مما تقد م قدرة ابن فار س يف اجلمع بي التاأليف يف االألفاظ واملعاين من املعجمات وقل من جمعوا بينهما يف التاأليف من اللغويي االأوائل كما عو ل الالحقون على موؤل فاته يف هذا الباب ال سيما )املقايي س( و)ال ساحبي(. اأما مورده الفقهي فكان من والده الذي كان فقيها سافعي ا لغوي ا وروى عنه يف كتبه )5( مم ا اأث ر يف سخ سيته العلمية ليكون فقيها لغوي ا مثل والده وجهوده يف الل غة معروفة ولكن قد يخفى على بع س جهوده يف الفقه ولغته كونه من اأبرز العلوم التي اأ سهم فيها ابن فار س بن سيب وافر وكان له فيها جملة موؤلفات واإن مل يبلغه يف علوم الل غة من اإمامة جممع عليها )6( وقد ذكر م ن ترجموا البن فار س موؤل فات تخت س بهذا الباب وهي اأربعة كتب: )كتاب اأ سول الفقه ومقد مة الفرائ س وفتيا فقيه العرب وحلية الفقهاء( ومل ي سل اإلينا الكتابان االأول والثاين اأما الثالث ف رشب من االألغاز-كما و سفه ال سيوطي- )7( وو سف ابن خل كان م سمونه باأنه»م سائل يف الل غة يعايي بها الفقهاء«)8( اأم ا كتاب )حلية الفقهاء( ف رشح الألفاظ االإمام ال سافعي)ت 204 ه( وقد رش ح ابن فار س بالهدف من تاأليفه فقال:»اخت رشت هذا من علم ال سافعي ومن معنى قوله الأقربه على م ن اأراده«)9( حاول فيه ابن فار س حتقيق اأمرين االأول الك سف عن امل سكل الد اليل يف االألفاظ املدرو سة والثاين: الو سول اإىل م راد ال سافعي فيها فبداأ فيه باإيراد بع س التعريفات واملباحث يف اأ سول الفقه حتت ت سمية اأبواب )10( ثم اأتبعها بذكر االألفاظ وامل سطلحات الواردة يف فقه ال سافعية معتمدا الرتتيب املبو ب ح سب االأبواب الفقهية حتت ت سمية )كتاب( وجعل لكل كتاب اأبوابا ) 11 (. د. دلدار غفور حمامدين ثانيا : منهجه : اإن كتاب ابن فار س - واإن كان قد و سم كتابه ب)ح لية الفقهاء(- لي س كتابا يف الفقه بل هو كتاب يف الل غة انتهج فيه ابن فار س تو سيح غريب االألفاظ التي وردت يف )خمت رش املزين( لكتاب )االأم ) لالإمام ال سافعي فقد اخت رش املزين )االأم( لل سافعي فيما ت ستد اإليه حاجة املتعلم الأحكام ال رشيعة ولتقريب األفاظ )االأم ) للمتعلمي اإذ قال املزين:»اخت رشت هذا من علم حممد بن اإدري س ال سافعي-رحمه الل- ومن معنى قوله الأقر ب ه على م ن اأراده«)12( ومل يقت رش ابن فار س يف حليه الفقهاء على االألفاظ الواردة يف خمت رش املزين بل جتاوزه ليورد األفاظا ذكرها ال سافعي يف )االأم ) مم ا ا ستد ت اإليه احلاجة اإىل معرفته كما يف بع س االأحاديث الواردة يف )االأم ) مم ا مل يذكره املزين فقد بي معنى االألفاظ )املفتاح والتحليل والت سليم( )13( التي وردت يف حديث ر سول الل ) سلى الل عليه و سلم( ]مفتاح ال س الة الو سوء وحترمي ها التكبري وحتليل ها الت سليم [ )14( كما بي ابن فار س معنى التاأمي وهو م سطلح اإ سالمي ورد يف )االأم( )15( ومل يذكره املزين يف املخت رش فذكر ابن فار س باأن التاأمي»اأن يقول بعد قراءته لفاحتة الكتاب:اآمي«)16( وهذا يدل على اأن ابن فار س يف رشح املاد ة الل عوية مل يقي د نف سه مبخت رش املزين بل تعد اه اإىل كتاب االأم لل سافعي مم ا ت ستد احلاجة اإىل معرفته وتو سيحه من االألفاظ العربية. وقد و سع ابن فار س عناوين داخلية لكتابه جرى فيها على وفق الكتاب املدرو س بذكر العناوين الفقهية لكل باب م سم نا كل عنوان ما ورد فيه من لفظ يحتاج اإىل رشح وتو سيح واإمنا سار على هذا املنهج ومل يتبع منهج رشح املاد ة الل غوي ة على وفق احلروف الهجائية ك سائر املعاجم اللغوي ة كما هي احلال يف كتب رشحت غريب األفاظ كتب الفقه ك)املغرب يف ترتيب املعرب( الأبي الفتح املطرزي )ت 610 ه( و)تهذيب االأ سماء واللغات( للنووي)ت 676 ه( و)امل سباح املنري( للفيومي )ت 770 ه( وذلك ل سببي: اأحدهما: لي سهل على القارئ ا ستخراج املاد ة اللغوي ة من االأبواب الفقهية يف كتاب خمت رش املزين والثاين: و سع كتاب ه مل ن ت سد ى لقراءة خمت رش املزين اأو االأم لل سافعي ومل ي سعه ليكون معجما لغوي ا. وقد سم ن ابن فار س كتابه حليه الفقهاء م سائل فقهية وال سي ما بع س امل سائل اخلالفي ة بي ال سافعي ة واالأحناف كم ساألة الني ة والو سوء وامل سائل الفقهية التي سم نها كتابه لي ست بالقليلة )17( باعتبار اأن اأ سل الكتاب هو كتاب يف الفقه بل كان يف بع س االأحيان ي ستطرد يف ذكر االأحكام الفقهية كما يف اأنواع احلج واأنواع ال رشكة واأحكام الظهار )18( ول سنا ب سدد ا ستقراء امل سائل الفقهية التي سم نها كتابه بل لالإ سارة اإىل قو ة باعه يف الفقه مع علو كعبه يف العربي ة وال سيما الل غة. وقد يذكر اآراء بع س اأئم ة الفقه م سريا اإليهم النت سار فقه اخلالف الفقهي يف وقته )19( وكان ابن فار س بحكم مذهبه ال سافعي حي األ ف الكتاب- يحتج الأقوال االإمام ال سافعي يف موا سع من الكتاب باالأدل ة اللغوي ة وال رشعية وكان يتلم س األطف الطرائق لال ستدالل واالحتجاج بها على ما يقوله ال سافعي فقد ذهب ال سافعي اإىل اأن م سح بع س الراأ س كاف يف اأداء فر س امل سح )20( وقد احتج ابن فار س لهذا القول باأن الباء هنا لالعتمال اأو االل ساق وكالهما يكفي فيه القليل والكثري )21( ويف احتجاجه على وجوب مواالة اأع ساء الو سوء )22( وعلى اأن القرء يف قوله تعاىل ]ثالثة ق رو ء[]البقرة/ 228 [ يق سد به احلي س )23(. ومن اأهم ما مييز منهجه يف بيان دالالت غريب األفاظ املزين اأن ابن فار س قد بي اأحيانا - مفهوم امل سطلح الفقهي من غري ذكر تاأ سيل للمعنى الل غوي لو سوحه وخفاء املعنى اال سطالحي كما يف بيان معنى )املالم سة يف البيع( -حي كان يف سدد ذكر البيوع املنهي عنها- و سورتها باأن يقول ل ساحبه: اإذا مل س ت ثوبي اأو مل س ت ثوبك فقد وجب البيع بكذا ومنها )املنابذة( باأن يقول لك اإذا انبذت احل ساة فقد وجب بكذا )24( فما كان وا سح املعنى لغة بي معناه يف اال سطالح الفقهي. واأم ا موارد ابن فار س يف كتابه حلية الفقهاء فال سك اأن ه كان حافظا لكثري من م سائل الل غة عارفا بداللتها ومواردها فقد كانت ت سانيفه مم ا ي سنف سمن مفهوم املعاجم الل غوية ولكن ه على طريقة احلفاظ من اأهل الل غة وغريهم فنقل عن عدد من اأئم ة الل غة باالإ سناد تارة وبغري اإ سناد تارة اأخرى وال بد اأو ال من التاأكيد اأن ابن فار س ذكر حديثا باإ سناده اإىل ر سول الل ) سل ى الل عليه و سل م( مم ا يدل على قو ة باعه يف االإ سناد ب رشط سح ة الرواية اإن كان رجال ال س ند عدوال سابطي فقد اأورد حديث ر سول الل ) سل ى الل عليه و سل م(: [ ال تناج سوا وال تداب روا وكونوا عباد الل اإخوانا[ باإ سناده )25(. 116
مجلة جامعة القدس املفتوحة لألبحاث والدراسات - العدد الثاني واألربعون (2) - صفر 2017 واأم ا ما نقله عن اأئم ة الل غة باالإ سناد فقد نقل عن اخلليل قوله»ال س ف ق احلم ر ة «وهو ماذكره اخلليل يف العي كذلك )26( وداللة الغ ذاء يف قول عمر بن اخلط اب )وذلك عدل بي غذي املال وخياره( يف باب س دقة الغنم ال سائبة فذكر ابن فار س باإ سناده اإىل اخلليل اأن»الغ ذاء: س خال س غار واحد ها غذي«وهذه العبارة مذكورة يف )العي( بعينها )27( ونقل باإ سناده اإىل اخلليل كذلك معنى كلمة )اأرحب( وهي اأن ها ا سم حلي اأو مو سع تن سب اإليه الن جائب االأرحبي ة )28( وا ستظهر ابن فار س اأن اأرحب هي يف اليمن مم ا يدل على معرفته بالل غة وا ستدراكه على اأئم تها )29( ونقل باالإ سناد اإىل الفر اء)ت 207 ه( يف بع س امل سائل اللغوي ة )30( كما نقل باالإ سناد اإىل ابن قتيبة )ت 276 ه( وكان ي سم يه القتيبي )31( واحلق ي قال اإن ابن فار س فر ق كتاب غريب احلديث البن قتيبة يف كتابه حلية الفقهاء مم ا له عالقة اأو سبب باملو سوعات التي ت سد ى لبيانها ابن فار س فقد نقل عن ابن قتيبة كثريا من الدالالت اللغوي ة مقر ا له يف بع سها وعلى سبيل املخالفة يف بع سها االآخر كما سنبي يف املطلب الثاين عند بحث ترجيحاته اللغوية -اإن ساء الل تعاىل-. وال سك اإن طريقة ابن فار س يف تفريق )غريب احلديث( البن قتيبة قد سلكها ابن منظور من بعده باأ سلوب اأو سع وذلك حي فر ق ابن منظور )النهاية يف غريب احلديث( البن االأثري يف كتابه )ل سان العرب( على وفق املاد ة اللغوي ة باأن و سع الكلمات يف حمل ها وراعى زيادات احلروف واأ سلها فو سع كل لفظ يف مكانه وفق ترتيبه )32( فلعل ابن فار س هو الذي فتح باب هذا املنهج حي فر ق غريب احلديث يف كتابه )حلية الفقهاء( وال سك اأن بداية كل علم اأقل مم ا ياأتي بعدها واأم ا م ن نقل عنهم بالوجادة -اأي عن طريق ما وجده يف كتبهم- فقد نقل عن جمهرة الل غة البن دريد)ت 321 ه( حي بي معنى ال س ف ق فقد قال:»ال س ف ق احل م رة«وعن كتاب الزجاج اأي سا ) 33 ( ويق سد بكتابه كتاب )معاين القراآن واإعرابه( الأن ما اأورده موجود فيه بعينه. وميكن القول اإن ابن فار س كان يف كتابه )حلية الفقهاء( يعتمد طريقة يف منهج البحث سديدة وهي اإن اد عي ت فالدليل واإن نقل ت فال سح ة فاأكرث ما نقله اإم ا بال س ند واإم ا بذكر مو سع املنقول ومظان ه وهو القائل:»وال معنى لقبول قول ال يدل على سح ته دليل«)34( وميكن اأن يقال اإن منهج ابن فار س يف تبيي معاين االألفاظ التي حتتاج اإىل تو سيح وبيان قد جاء يف كتابه على حمور ي ن: االأول: تو سيح االألفاظ التي يكرث دورانها على األ سنة النا س يف امل سائل الفقهي ة وبيانها والتي ا سطلح عليها باالألفاظ االإ سالمي ة )35( كالطهارة والتيم م وال سالة والتثويب والزكاة وغريها )36( والثاين: بيان االألفاظ املعجمي ة الغريبة وتو سيحها مثل)املحتدم( و) سفر الراأ س( و)ال س حل( و)غلل( )37(. املبحث األول: معايري الفكر الد اللي عند ابن فارس يف كتابه»حلية الفق هاء«اإن كتاب )حلية الفقهاء( واإن كان ميثل واحدا من كتب عد ة سن فها ابن فار س يف الل غة ولكن هذا الكتاب ميثل م سارا للفكر اللغوي الذي انتهجه ابن فار س وبعد ا ستقراء املاد ة اللغوي ة يف حلية الفقهاء تبي اأن الفكر اللغوي البن فار س كان ينتهج خم سة معايري كل ي ة وهي: أ و ال - التعليل: ويق سد به تعليل الت سمية وهو اأن يكون فى ال سىء امل سم ى ملحظ اأو سفة ما يكون اال سم معربا عنها فيكون ذلك امللحظ اأو ال سفة هو علة الت سمية )38( وقد انتظم يف الفكر اللغوي البن فار س اأن ي سط ر عل ة الت سمية لكل ا سم ورد يف حلية الفقهاء وهذا الفكر اللغوي مل يكن بدعة ابتدعها ابن فار س يف كتابه بل كان سائرا يف ذلك على منهج اأ سالفه من علماء الل غة قال ابن االأعرابي)ت 231 ه(:»االأ سماء كلها لعلة خ ست العرب ما خ ست منها من العلل ما نعلمه ومنها ما جنهله«)39( وقد اأولع به اخلليل فذكر ع رشات التعليالت للت سمية ومنه عل ة ت سمية اخلزانة خمدعا الأن االإخداع اإخفاء ال سيء ومعرفة سبب ت سمية سف ل ة النا س غوغاء الأن الغوغاء هي اجلراد )40( كما سار على هذا النهج القا سم بن سالم)ت 224 ه( يف )غريب احلديث( )41( وابن ال سك يت)ت 244 ه( )42( واأكرث من التعليل ابن قتيبة يف )غريب احلديث( )43( وابن دريد)ت 321 ه( يف )اجلمهرة( )44( واالأزهري )ت 370 ه( يف )تهذيب الل غة( )45( و)الزاهر( )46( كما اعتمده ابن فار س يف )جممل الل غة( و)مقايي س الل غة( )47( و سار فكر التعليل منت رشا بي وا سعي املعاجم) 48 (. وال سك اأن مفهوم التعليل عموما قد ساع وانت رش بي علماء العربية فنجده عند اللغويي والنحاة وال رشفيي كما جنده عند علماء الفقه وال سيما يف مباحث التعليل الفقهي ومباحث التعليل يف اأ سول الفقه مم ا ا سطلح عليه عل ة احلكم )49( ولكن مفهوم التعليل اللغوي عند علماء الل غة املذكورين من وا سعي املعاجم مبختلف اأنواعها يختلف عن مفهوم التعليل عند النحاة وال رشفيي كما يختلف عن مفهومه الفقهي واالأ سويل وما يعنينا -هنا- هو االختالف بي مفهوم التعليلي اللغوي والنحوي فالعل ة عند الن حاة متث ل العل ة التعليمية ككون )زيد( من )يقوم زيد ( مرفوعا الأن ه فاعل والعل ة الرتكيبية يف بيان الفرق بي حركة الفاعل واملفعول )50( واأم ا العل ة اجلدلي ة فلم يكن لها ن سيب عند النحاة املتقد مي فقد ذكر اخلليل حي س ئ ل عن العلل التي يذكرها يف النحو فاأجاب:»اإن العرب نطقت على سجي تها وطباعها وعرفت مواقع كالمها وقام يف عقولها علله واإن مل ينقل ذلك عنها«)51( وهو ما نب ه اإليه سيبويه بقوله»ولي س سيء مم ا ي سطر ون اإليه اإال وهم يحاولون به وجها «)52(. وال سك يف اأن العل ة اجلامعة بي االأ سل والوجه الذي ي سطر ون اإليه هي ال سبب املجو ز يف اخلروج عن االأ سل فالتعليل النحوي ا ستقر يف فكر النحاة االأوائل كما اأن التعليل اللغوي كان م ستقر ا يف فكر اللغويي االأوائل وقد ذكر ابن جن ي عنوانا و س م ه بقوله: )باب يف اأن العرب قد اأرادت من العلل واالأغرا س ما ن سبناه اإليها وحملناه عليها( وهذا ي سمل النحو والل غة جميعا فالتعليل مذهب فكري قامت عليه العرب يف و سع لغتها وقال ابن جن ي يف بيان هذا العنوان:»اعلم اأن هذا مو سع يف تثبيته ومتكينه منفعة ظاهرة وللنف س به م سكة وع سمة الأن فيه ت سحيح ما ندعيه على العرب: من اأنها اأرادت كذا لكذا وفعلت كذا لكذا وهو اأحزم لها واأجمل بها واأدل على احلكمة املن سوبة اإليها«)53( فالتعليل وبيان الغاية من الكالم داللة وتركيبا دال على حكمة العرب فهم مل يتكل فوا الكالم تكل فا اإال وكان لعل ة اأو غر س مق سود. وهذا النهج قد سار عند اأهل املعاجم م سارا يختلف عم ا هو 117
الد رس الداللي عند ابن فارس)ت 395 ه( في كتابه"ح ل ي ة الف ق ه اء" عليه عند النحاة فقد اأخذ هذا النهج عند النحاة م سارا ج ن با عن اأ سل ما كان عليه فقامت العل ة اجلدلي ة وعل ة العل ة كما هو وا سح يف االإي ساح يف علل النحو للزجاجي )54( اأم ا التعليل عند وا سعي املعاجم اللغوي ة فقد اتخذ من تعليل الت سمية م سارا له وات سم ب سهولة املاأخذ وو سوح من ساأ الت سمية غالبا من غري اإفراط وال تفريط ولهذا ال نرى راف سا لتعليل الت سمية الذي انتهجه علماء الل غة اإال يف جمال بيان سبب اآخر للت سمية فاإن ظهر خالف فهو خالف يف سبب الت سمية ولي س يف اأ سل الفكرة. ويلحظ على العلماء اأن هم بي نوا تعليل الت سمية يف: 1. االألفاظ االإ سالمية )55( فذكروا سبب ت سمية االأذان )56( وال س الة )57( واملرتد ) 58 (. 2. اأ سماء االأجنا س كما يف احل ي س )59( واال ستنجاء )60( والظ ه ر )61(. د. دلدار غفور حمامدين.3.4 االأعالم كما يف عرفة )62( ومزدلفة )63( ومنى )64(. االألفاظ اللغوية الغريبة كما يف الوتر )65( وال سغار )66(. ولكن الذي يلحظ عند اللغويي وال سيما ابن فار س اأنهم كانوا يحاولون الر بط بي اال سم و سبب ت سميته وحاول االأزهري اأن ي سع قانونا كل يا لبيان العالقات الرابطة بي اال سم و سبب الت سمية فقال:«اإن هم اأي العرب- رمب ا سم وا ال سيء با سم غريه اإذا كان معه اأو من سببه«)67( وامل ستقريء لكالم ساحب حلية الفقهاء يجد اأن العالقات اأو سع مم ا ذكره االأزهري وميكن اإجمال عالقات تعليل الت سمية امل ستنبطة من فكره يف: 1. العموم واخل سو س: اإن من االألفاظ ما يبقى على اأ سل ما و سع له من عموم اأو خ سو س والل غة تتاأثر مبا حولها فيحدث فيها تغيري داليل يوؤدي هذا اإىل تخ سي س بع س الدالالت العامة اأو تعميم بع س الدالالت اخلا سة ويف )حلية الفقهاء( طائفة كبرية من هذه االألفاظ كقول ابن فار س يف بيان داللة )اجلنابة( حي قال: )اختلف النا س يف هذا اال سم من اأي سيء اأخذ فكان ال سافعي رحمه الل يذهب اإىل اأن ذلك ماخوذ من املخالطة وقال: معلوم يف كالم العرب اأن يقولوا للرجل اإذا خالط امراأت ه : قد اأج ن ب. واإن مل يكن منه اإنزال وكان يقول: ذلك موجود يف التقاء اخلتاني واإن مل يكن ثم اإنزال وقال قوم: اجلنابة ماخوذة من الب ع د الأن اجل ن ب بعيد مم ا كان جائزا له فعله من ال س الة وغري ذلك قالوا: وتقول العرب: رجل جنب: اإذا كان بعيدا واأتيت فالنا عن جنابة اأي: عن بعد( )68( وهو ما نقله ابن قتيبة بقوله:»واأ سل اجلنابة البعد وكاأنه من قولك: جانب ت الر جل اإذا اأنت قطع ت ه وباعد ت ه ولج فالن يف جناب اأهله اإذا لج يف مباعدتهم... ف سم ي الناكح ما مل يغت سل ج ن ب ا ملجانبته النا س وبعده منهم ومن الطعام حتى يغت سل كما سم ي الغريب جنبا لبعده من ع سريته ووطنه«)69( فمخالطة الر جل المراأته بالنكاح نوع من املخالطة فتكون العالقة بينهما هي اخل سو س والعموم وغريه من االألفاظ )70(. 2. امل سابهة: تعد امل سابهة بي سيئي عل ة وا سحة يف ت سمية االأ سماء مب سم ياتها كامل سابهة يف احلركة واال سطراب ومن ذلك ما قاله يف )ال س واك(: واأما ال سواك ف س م ي بذلك الأن الر جل يرد ده يف فمه ويحر ك ه )71( فرتديد ال س واك سابه ترديد الر جل يده يف فمه ويف داللة )اال ستن ساق( قال ابن فار س:»واال ستن ساق: هو اال ستنثار وهو من ن سقت الرائحة اإذا اأدخلتها يف اأنفك. وقد يدعى اال ستن ساق ا ستنثارا الأن ه من اإدخال املاء يف الن رثة والن رثة : هي االأنف» )72( ف سابه اال ستن ساق اال ستنثار يف االإدخال يف االأنف ومنه )الر ساع( الذي هو» رشب اللنب من ال رشع والعرب تقول: لئيم را سع وذلك اأن رجال كان يرت سع االإبل والغنم وال يحلبها لئال ي سمع سوت احللب في ساأل اللنب«)73( اإذ الر ساع م س الث دي مطلقا ويف ال رش ع م س ال سبي الر سيع من ثدي اآدمية يف مد ت ه ) 74 ( قال االأزهري:«واملر سع: التي قد دنا لها اأن ت ر س ع ومل ت ر س ع بعد وامل ر س ع: التي معها ال سبي الر سيع«)75( فالر سيع سم ي ر سيعا مل سابهته االأ سل الل غوي وهو الر ساع من الثدي مطلقا ولكن ه خ س س بال رشع مم ا تقد م. 3. املجاورة: قد ي سم ى ال سيء مبا يجاوره لقربه منه كما يف داللة )اال ست نجاء ( التي هي الت نظ ف مباء اأو مدر والن جاة : الن جوة من االأر س اأي: االرتفاع ال يعل وه املاء )76( وقال ابن فار س:»اأما اال ستنجاء فمن قولك اأي سا : نظف نف سه وذلك اأنه ينظ ف نف سه من الن جو ونا س يقولون: اإمن ا سم ي اال ستنجاء الأن العرب كان اأحدهم اإذا اأراد احلدث ي سري بنجوة فقالوا: ذه ب ينجو كما قالوا: يتغو ط ثم كرث ذلك حتى سار اال ستنجاء التم س ح باالأحجار «)77( ف سم ي اال ستنجاء الذي هو فعل النجو با سم املكان املجاور للفعل. 4. ال سببية: هي نوع من العالقة التي بحثها علماء البالغة يف بيان عالقات املجاز املر سل )78( وقد نب ه اإىل هذه العالقة علماء الل غة وقال ابن قتيبة»قد ي سم ى ال سيء با سم غريه اإذا كان معه اأو ب سببه«)79( ومن هذا )الن فا س( -بك رش النون- التي يف االأ سل م سدر نف ست املراأة -ب سم النون وفتحها- مع ك رش الفاء فيهما: اإذا ولدت )80( و«س م يت الوالدة نفا سا من الت نف س وهو الت سق ق واالن سداع يقال: تنف ست القو س : اإذا ت سق قت وقيل: س م يت نفا سا ملا ي سيل الأجلها من الد م والد م: الن ف س كما تقد م س م ي الد م اخلارج نف س ه نفا سا لكونه خارجا ب سبب الوالدة التي هي النفا س ت سمية للم سبب با سم ال سبب«)81(. ومثل ذلك مم ا اأورده ابن فار س قوله يف )القا سي والفا سل والفتاح واحلاكم( فقال:» س م ي القا سي الأن ه يق سي اأي: ينفذ االأحكام والفا سل الأن ه يف سلها. والفت اح الأن ه يفتح اأبواب الق سايا واحلاكم الأنه مينع من الظلم ويقال: حكمت فالنا عن كذا واأحكمته: اإذا منعته«)82( ف سم ي القا سي قا سيا ب سبب ف سله يف االأحكام واأ ساف يف )املقايي س( باأن )ق سي(«اأ سل سحيح يدل على اإحكام اأمر واإتقانه واإنفاذ ه جله ت ه... والق ساء : احلكم... سمي القا سي قا سيا الأنه يحكم االأحكام وينفذها. و سميت املنية ق ساء الأنه اأمر ينفذ يف ابن اآدم وغريه من اخللق... وكل كلمة يف الباب فاإن ها جتري على القيا س الذي ذكرناه«)83(. 5. الت سمية باحلال يف ال سيء: وقد ي سم ى ال سيء بحاله املعرب عنه كما يف داللة )املنرب( 118
مجلة جامعة القدس املفتوحة لألبحاث والدراسات - العدد الثاني واألربعون (2) - صفر 2017 قال ابن فار س: )واملنرب من قولك: نرب اإذا عال سوته وكذلك اخلاطب يعلو سوته ومنرب مفعل منه ولذلك سميت الهمزة نربة الأن من نرب احلرف رفع سوته( )84( واأ سار يف )املجمل( و)املقايي س( اإىل اأن اأ سله سحيح يدل على رفع وعلو وكل من رفع سيئا فقد نربه ومم ا ي قا س على هذا الن رب: دويبة واجلمع اأنبار الأن ه اإذا دب على االإبل تور مت جلود ها وارتفعت )85( واأك ده غري ه من اأ سحاب املعاجم اللغوية )86( واملنرب ا سم ملحل رفع ال سوت اأو اآلته«)87( ويلحظ اأن الت سمية ههنا باعتبار ا سم املكان واأم ا باعتبار الزمان فكما يف ت سمية )يوم الن فر( فقال:»يوم النفر فاإمنا س م ي الأن النا س ينفرون فيه من م نى«)88( فالت سمية هنا باعتبار احلال فيه ويتنوع اإىل مكان وزمان وهذا النوع من العالقة ا ستعمله علماء البالغة يف بيان عالقات املجاز املر سل )89( ويوجد موا سع اأخرى يف هذا الباب )90(. 6. ت سمية الكل با سم اجلزء: وقد ي سم ى ال سيء با سم اجلزء منه حي يكون ق سد املتكل م تعظيم ذلك اجلزء وجعله املحور االأ سا س واملق سد االأعظم وقد ا ستعمله الر سول ) سل ى الل عليه و سل م( حي قال ]احلج عرفة[ )91( الأنها س ل ب احل ج ال ذ ي اإ ذ ا ف ات ف ات احل ج ) 92 ( مع اأن احلج يت سم ن اأركانا اأخرى غري الوقوف بعرفة ولكن ملا كان الوقوف هو املق سد االأعظم جعل احلج عرفة ومنه ما ذكره ابن فار س بقوله»اأما الن سك فالذبح واإمنا س م ي احلج املنا سك لظهور الذ بح فيه«)93( وقال يف )املجمل( باأن الن سيكة هي الذبيحة )94( ف سم ي الن س ك با سم جزئه وت سمية الكل با سم اجلزء عادة مت بعة يف الل غة لنفا سة هذا اجلزء. 7. اال ستقاق من ا سم اجلن س: وهذا النوع من العالقة ي عر ف عند اال ستقاق من ا سم اجلن س فاإن اال ستقاق يرد االأ سياء اإىل اأ سولها قال ابن دريد: ويديت الرجل اإ ذا رشبت ي ده. و مثله راأ سته اإ ذا رشبت ر اأ سه وبطنته اإ ذا رشبت ب ط نه وراأيته اإ ذا رشبت رئته )95( ومنه ما ذكره ابن فار س يف عل ة ت سمية )اجللد( و)البطن( و)الراأ س( فقال:»اأما اجللد فمن قولك: جلدت فالنا رشب ت جلده كما تقول: راأ سته. اأي: رشب ت راأ س ه وبطن ت ه اأي: رشب ت بطن ه فكذلك جلدته معناه: رشبت جلده«)96(. 8. ت سمية فعيل مبعنى )مفعول( اأو )فاعل(: وقد يذكر اللغويون علة الت سمية عن طريق تاأويل )فعيل( مبعنى )مفعول( اأو )فاعل( كما يف ت سمية )ال سهيد( مبعنى م سهود من املالئكة قال: واأم ا )ال سهداء( فجمع سهيد و س م ي سهيدا الأن مالئكة الر حمة ت س ه د ه وقال قوم : س م ي سهيدا ل سقوطه على االأر س وذلك اأن االأر س ت س م ى ال س هادة والوجه االأو ل اأ س ح» )97( واأو له االأزهري مبعنى)فاعل( فقال:«قيل س م ي سهيدا الأن مالئكة الر حمة ت سهده فرتفع روحه وقيل: بل س م ي سهيدا الأن ه من جملة من ي ست سهد يوم القيامة على االأمم اخلالية..فهو على التاأويل سهيد مبعنى ساهد«)98(. وال بد من االإ سارة اإىل اأن فكر التعليل اللغوي عند املتاأخرين كالفريوزابادي سعف مقارنة مبا كان قبله الهتمامه بجمع األفاظ الل غة وبيان معانيها مطلقا وكذا م ن جاء بعده كما يف )املعجم الو سيط( مثال. ثانيا - التعميم: التعميم من العموم وهو ال سمول يف الل غة ي قال: عم ال سئ يعم ع موما : سمل وعم هم االأمر يعم هم ي سملهم )99( وعر ف ابن فار س العام يف كتابه )ال س احبي( بقوله:»العام الذي ياأتي على اجلملة ال يغادر منها سيئا وذلك كقوله جل ثناوؤه ]خ ل ق ك ل د اآب ة م ن م اآء ] ]النور/ 45 [«)100( وقد عقد الثعالبي)ت 429 ه( يف كتابه )فقه الل غة( الباب االأو ل بعنوان )يف الكل يات وهي ما اأطلق اأئمة الل غة يف تف سريه لفظة كل ) )101( وو سع الل غويون القدماء سابطا ملا دل على العموم وهو دخول )كل ) عليه بل هو اأهم سيغة ف»لي س يف كالم العرب اأعم منها«)102(. واهتم ابن فار س بذكر كل يات املعاين وهذه طريقة يف اأداء املعاين سديدة فابن فار س كان يريد من كتاب )حلية الفقهاء( اأن ي سطر فيه معيارا اأ سا سا من مفاهيم الفكر الد اليل وهو ذكر كل يات املعاين الأن معرفة الكل يات ت سه ل معرفة اجلزئيات الأن اجلزئي مت سم ن يف الكل ي ولهذا كان يذكر املعاين الكل ية لي سهل احلفظ واال ستعمال ولعل ة قريبة من هذا ابتداأ ابن فار س كتاب ه )حلية الفقهاء( بذكر مقد مات ممه دات قبل ال رشوع يف بيان غريب االألفاظ ومن هذه املقدمات ذكره العام واخلا س )103( ومم ا ذكره ابن فار س على طريقة العموم:قوله يف داللة )الكعب(:»واأم ا الك ع بان : فهما الن اتئان وكذلك ك ل ناتئ ي قال له ك ع ب وي قال ملا نتاأ من الر مح كع ب وك ع ب ثد ي املراأة : اإذا نتاأ واآمراأة كاع ب» )104( ومثله ما اأورده عن معنى )الع س بة( فقال:»واالأب ط ر ف واالإبن ط ر ف والعم جانب واالأخ جانب فلم ا اأحاطت به هذه القرابات ع س ب ت به وك ل سيء ا ستدار حو ل سيء فقد ع س ب به ومنه الع سابة «)105( وغريها من املوا سع )106(. ثالثا - التوضيح : يعد التو سيح معيارا اأ سا سا يف املعاجم اللغوي ة فاإن مفهوم املعجم اللغوي هو اإزالة االإبهام واالإلبا س عن معاين االألفاظ امل ستقل ة الأن املعجم هو ا سم مكان من اأعجم والهمزة يف اأعجم لالإزالة وال سلب )107( فوظيفة املعجم هي التو سيح واأم ا ما انتهجه ابن فار س يف حلية الفقهاء من الفكر الداليل يف تو سيح املعاين فقد ات خذ م سارات عدة وهي: 1. ذكر الل فظ االأعرف واالأ سهر: وذلك على طريقة التعريف اللفظي الذي ذكره علماء اآداب البحث واملناظرة اإذ بي نوا اأن التعريف اللفظي هو«اأن يكون اللفظ وا سح الداللة على معنى فيف سل بلفظ اأو سح داللة على ذلك املعنى كقولك الغ سنفر االأ سد«)108( فالتعريف اللفظي هو تعيي معنى اللفظ بلفظ اآخر وا سح الداللة على ذلك املعنى بالن سبة اإىل ال سامع وهو طريق اأهل الل غة )109( ويلحظ اأن هم رش حوا باأن هذا االأ سلوب من التعريف هو طريق اأهل الل غة من علماء املعجم. وقد يكون بيان معنى اللفظ املطلوب بذكر املعنى االأعم كقولهم: سعدان نبت اأو االأخ س كقولهم الل هو هو اللعب )110( مع اأن الل عب نوع من اأنواع اللهو فهو اأخ س منه ولهذا قال ابن فار س يف بيان معنى اللهو«هو كل سيء سغلك عن سيء فقد األهاك«)111( وال سك اأن مفهوم االأ سهر يق سد به عند علماء الل غة ما هو متعارف 119
الد رس الداللي عند ابن فارس)ت 395 ه( في كتابه"ح ل ي ة الف ق ه اء" بي النا س ولي س عند سنف معي اأو طبقة معي نة ومن هذا الباب قوله»اجلرجرة: ال س وت«)112( وذكر يف اأنواع )ال س جاج(:»فمنها: احلار سة وهي التي حتر س اجللد اأي: ت سق ه. ويقال: حر س الق سار الثوب : اإذا سق ه. والدامعة: وهي التي ي سيل دم ها قليال ك س ي الن الد م ع ة. والبا سعة: التي تاأخذ يف الب سعة وهو الل حم. واملو سحة: وهي التي تبدي و سح العظم. والها سمة: وهي التي ته سم العظم اأي تك رشه واملنقلة: وهي التي تنقل منها فرا س العظام. واالآمة: وهي التي تبلغ اأم الراأ س وهو الد ماغ«)113(. د. دلدار غفور حمامدين.2.3.4 ذكر ال سد اأو النقي س: وهي طريقة من طرائق بيان املعاين فبال سد تتبي املعاين كما يف قول ابن فار س يف بيان داللة )االإباحة( قائال :»واأما االإباحة: فمن اأبحت ال سيء اإذا مل حتظره وهو ماخوذ من باحة الدار اأي: مت سعها ف سميت االإباحة اإباحة الت ساع االأمر فيها وحقيقة الكالم: اأن يجعل خالف االإباحة احلمى الأن الغالب يف كالم العرب ذلك. والفقهاء يذكرون احلظر واالإباحة وكل ذلك سائع ذائع«)114(. بيان التغاير بني املت سابهات : ومن طرق البيان الوقوف عند التغاير بي املت سابهات كبيان التغاير يف املثنيات اللغوية ويق سد ب)املثن يات اللغوية( اأن ترد كلمتان متفقتان برتتيب احلروف وخمتلفتان يف حركة حروفها ويرتت ب على ذلك اختالف املعنى بينهما )115( وتناولها القدماء يف )باب احلرفي الل ذ ين يتقاربان يف اللفظ ويف املعنى ويلتب سان فرمب ا و سع النا س اأحدهما مو سع االآخر( )116( فمن املثن يات قوله يف داللة )الر م ة- الر م ة (:»واأم ا الر م ة فالعظام البالية قال الل تعاىل: ]قال م ن ي ح ي ي الع ظام وهي رميم []ي س/ 78 [ والر م ة ب سم الراء احلب ل اخل ل ق» )117( وفرق اأي سا بي داللة )م ريع- م ريع(:»وقوله: مريعا يحتم ل اأن تكون ب سم امليم فاإن كان كذلك فهو الذي ياأتي بالر يع وهو الن زل الز يادة والن ماء واإن كان بفتح امليم فهو الذي ي سي ب االأماكن م ريعة وهو يف نف سه م ريع يقال : مكان م ريع : اإذا كان خ س با «)118(. االإحالة اإىل الع ر ف: انتهج كثري من علماء الل غة االإحالة اإىل العرف كابن دريد حي قال:»والبق البعو س معروف«و«اخلد معروفواملد مكيال معروف«)119( وتبعه ابن فار س يف )جممل الل غة( كقوله يف ماد ة )لهو(:»والل هو معروف» )120( وكذا يف )املقايي س( اإذ اأحال اإىل املتعارف بي النا س كقوله«االإبط معروف«و«االأراك وهو سجر معروف«و«البول معروف«و«الت ل معروف«)121( ومن اإحالة ابن فار س اإىل العرف مم ا اأورده يف )حلية الفقهاء( قوله يف )النحر(:»فالنحر معروف«ويف )اخل لع(:»اخللع معروف يف كالم العرب«ويف )الفراق(:»والفراق معروف«)122( وال سك يف اأن كثريا من املتعارف بي النا س يتغري بتغيري الز من واملكان الأن العرف مبني على اأ سا سي هما الزمن واملكان ولكن علماء املعجم العربي اأحالوا كثريا من بيان االألفاظ اإىل املتعارف يف زمانهم ولعل ه ب سبب االإيجاز ولو سوحه يف زمانهم. رابعا - االحتجاج واالستدالل: احتج ابن فار س بالقراآن الكرمي وقراءاته يف تف سري اآية اأو ترجيح راأي اأو تو سيح م ساألة فهو مييل اإىل الكوفي ي يف اال ست سهاد بالقراءات ومنه ما اأورده يف بيان داللة )الف ي ء ( يف باب الط الق فقال:»واأم ا الف ي ء فالر جوع ي قال : فاء الظ ل : اإذا رجع من جانب امل رش ق اإىل املغر ب قال الل تعاىل: ]ح ت ى تفيء اإىل اأم ر الل [ ]احلجرات/ ٩ [ اأي: ترج ع» )123( ومن القراءات التي اأوردها يف كتابه ما ذكره يف داللة )ع لم ( يف قوله تعاىل:»]و اإن ه ل ع ل م لل س اع ة [ ]الزخرف/ 61 [ «ونا س يقروؤونها ]واإن ه ل ع ل م لل س اعة[ اأي: اأمارة وداللة )124( وهي قراءة االأعم س )125( اأي رشط وعالمة ومثله ما ذكر يف)اأ سل الزكاة(: فقال:«النماء والزيادة.. ومنه قوله تعاىل: ]اأ ق ت ل ت ن ف سا زاكي ة [ ]الكهف/ 74 [ اأي نامية«)126( وهي متواترة قراأ بها نافع وابن كثري واأبو عمرو واأبو جعفر ا سم فاعل من زكا اأي: طاهرة من الذنوب )127( وغريها من املوا سع )128(. وا ستعان ابن فار س باحلديث ال رشيف يف كثري من املوا سع حي يريد بيان داللة األفاظ معي نة كلفظة )الني ة( فقال:»واأم ا الني ة: فهو الق س د والعزمية ي قال : ن و ي ت ال سيء وانتوي ت ه قال لر سول الل سل ى الل عليه و سل م: ]اإمن ا االأعمال بالني ات[ اأي: باملق سود والعزائم«)129( وكذا يف لفظة )الفالح( قائال :»واأما الفالح فالفوز والبقاء واخللود يف اجلن ة... ويف حديث ابن م سعود:اإذا قال الر جل المراأته:ا ست ف ل ح ي باأم ر ك اأي: فو زي )130( وغريهما من املوا سع )131(. اأم ا ا ستدالله بال سعر فتمث ل يف عدم اال ست سهاد بكثري من ال سعر ما مل يتطل ب ال سياق ذلك فقال يف داللة )الع ول(: ونا س يقولون: معناها: ذلك اأدنى اأن ال جتوروا. واحتج وا يف ذلك باأ سعار كثرية واالأمر يف ذلك قريب مم ا ذكرناه يف الق ر ء وذلك اأن ا ال نن ك ر اأن الع و ل قد يقع على اجل و ر فال حاجة بهم اإىل اال ست سهاد الكثري )132( و سلك م سلك اللغويي عموما يف اال ست سهاد ب سعر اجلاهليي من اأ سحاب املعل قات )133( واملخ رشمي )134( واال سالميي )135( بيد اأن ه ا ست سهد ب سعر ب سار بن برد من املول دين من دون ذكر ا سمه حي نقل عن ال سافعي امل ساألة يف )بيع املالم س ة( )136( فلعل ه كان يرى اال ست سهاد ب سعره. ومل ين سب ابن فار س ال سعر اإىل قائله يف الغالب )137( وقد رش ح يف و سف املاء ب)املالح( حي احتج ببيت سعري- بعدم معرفة القائل )138( والبيت لعمر بن اأبي ربيعة )139( ومل يحتج ابن فار س بكالم العرب واأمثالهم اإال يف موا سع حمددة جد ا قال يف داللة )املحتدم(«: فاملحتدم : ال سديد احلرارة. ي قال : احتدم الن هار والعرب تقول: اإذا طلع جنم فال س يف يف ح د م والع س ب يف ح ط م» )140( وا ست سهد مبث ل ي فقط االأول حي بي داللة )امل حاقلة( فقال:»واأم ا املحاقلة فبيع الز رع باحل ن طة.. وكل ذلك ماأخوذ من احل ق ل واحل ق ل : هو الق ر اح وي قال لالأقر ح ة : املحاق ل ويف اأمثال العرب: ال ت ن ب ت الب ق ل ة اإال احل ق ل ة «)141( ومعنى القراح :ال ي ل د الوالد اإال مثله )142( والثاين يف لفظة )الغارب( فقال :«واأم ا قول ه : )ح يب ل ك على غارب ك ) فماأخوذ من اأن الرجل اإذا خ ل ى عن ناق ت ه للر ع ي اأو غ ري ه اأرخى ح ب ل ها واألقاه على س نام ها والعرب تتم ث ل بذلك كثريا «)143(. خامسا - الفروق اللغوي ة : اأخذ ابن فار س مبذهب سيخه ثعلب يف ت سمية ال سيء الواحد باأ سماء خمتلفة كما رشح بذلك يف )ال ساحبي(- فقال:»وي سمى 120
مجلة جامعة القدس املفتوحة لألبحاث والدراسات - العدد الثاني واألربعون (2) - صفر 2017.1 ال سيء الواحد باالأ سماء املختلفة نحو:»ال سيف واملهن د واحل سام والذي نقوله يف ه ذ ا: اإن اال سم واحد وهو )ال سيف( و م ا بعده من االألقاب سفات ومذهبنا اأن كل سفة منها فمعناها غري معنى االأخرى... وبهذا نقول وهو مذهب سيخنا اأبي العبا س اأحمد بن يحيى ثعلب«)144(. والأن مذهب ابن فار س هو اإنكار الرتادف فقد سعى اإىل اإبراز الفروق اللغوية فيما ي ظن فيه الرتادف و سار هذا االأمر معيارا يزن به االألفاظ املتقاربة املعنى وكان يتلم س األطف الدقائق يف بيان الفروق الداللي ة بي االألفاظ التي ي ظن فيها الرتادف ومثال ذلك قوله يف الفرق بي )اخلي سوم واالأنف( فقال:»فاأم ا اخليا سيم فجمع خ ي سوم وهي اأعايل االأنف قال بع س اأهل الل غة: واالأنف كل ه ي سم ى خ ي سوما والذي اأراده ال سافعي هو االأو ل» )145( وكذا االأمر يف الفرق بي )ال سارق واملحارب وامل ست ل ب واملختل س واخلائن والغا سب( فقال :«واأجمع النا س اأن الل عز وجل حر م اأخ ذ مال امل سلم واملر ء املعاهد بغري حق واإن اأخذ الواحد ذلك من ح ر ز م ست خ فيا باأخ ذ ه فاإن ه ي س م ى سار قا واإن اأخذ ه م كاب رة من ساحب ه يف سحراء فاإن ه ي سم ى حم اربا واإن اأخذه على تلك ال س بيل ا ستالبا فاإن ه ي س م ى خم ت ل سا واإن اأخذه من سيء كان موؤمت نا عليه فاإن ه ي سم ى خائ نا واإن اأخذه ق رش ا للماأخوذ منه بغل بة م ل ك اأو ف س ل قو ة فاإن ه ي سم ى غا س با وك ل هم يف ا سم الظ لم م سرتكون ويف وجوب الر د س واء «)146( وغريها من املوا سع )147(. واأم ا ما ي ظن فيه اأن ابن فار س ذكره على سبيل الرتادف كما يف قوله يف بيان معنى )اأعطان االأ بل(»فهو املاأوى واملراح واملبارك«)148( فهو من باب التو سيح وقد مر اأن التو سيح معيار وم سلك سلكه علماء املعاجم اللغوي ة يف تو سيح االألفاظ الغريبة واإال فاإن ابن فار س قد ثبت اأن ه من منكري الرتادف كما تقد م-. املبحث الثاني: النقد الد اللي عند ابن فارس يف كتاب»حلية الفقهاء«ي عد النقد الد اليل من اأهم االإجراءات الل غوي ة التي يقوم به عامل الل غة الأن اإجراءات النقد الد اليل تعرب عن فهم الأ سول الل غة وا ستيعاب لنظامها وبعد ا ستقراء وتتب ع اإجراءات ابن فار س النقدية الداللي ة تبي اأن ه ات خذ م سارات عد ة وهي: أوال - العالقات الد اللي ة )اإلحالة الد اللي ة(: اإن معرفة العالقات بني الكلمات حتتاج اإىل اطالع وا ستيعاب لكثري من األفاظ الل غة وكلماتها والعالقات الداللي ة بني الكلمات التي ذكرها ابن فار س يف )حلية الفقهاء( هي: التواطوؤ: مل يذكر ابن فار س هذا امل سطلح يف حلية الفقهاء ولكن ه نب ه اإليه من حيث املعنى وم سطلح التواطوؤ ا ستعمله الغزايل)ت 505 ه( حي اأجمل العالقات الد اللية بي الكلمات عموما فذكر االألفاظ املتواطئة باعتبارها نوعا منها وق سد باالألفاظ املتواطئة االألفاظ الدال ة على اأعيان متعد دة مبعنى واحد م سرتك بينها ترجع اإليه )149( والك سف عن هذا النوع من العالقات الداللية يحتاج اإىل مزيد نظر ودقة تاأم ل وقد اأ سار ابن جن ي اإىل هذا النوع وو سم ه ب )باب يف تالقي املعاين على اختالف االأ سول واملباين( ثم و سفه بقوله»هذا ف سل يف العربية ح سن كثري املنفعة قوي الد اللة على رشف هذه الل غة وذلك اأن جتد للمعنى الواحد اأ سماء كثرية فتبحث عن اأ سل كل ا سم منها فتجده مف سي املعنى اإىل معنى ساحبه«وجعل هذا النوع بابا وا سعا يف الل غة وقال فيه:»وال يح سنون اأي اأهل الل غة- ملا نحن فيه من حديثه فرعا وال اأ سال «)150(. وقد سار ابن فار س على وفق املنهج اجماال اأي باإرجاعه معاين االأ سل الواحد اإىل معنى واحد وعرب عنه بقوله»اأ سالن متقاربان«وبقوله»اأ سالن متقاربان يف املعنى«)151( والفرق بي منهج ابن جن ي ومنهج ابن فار س هو اأن ابن جن ي كان يرجع اللفظتي املتبايني اإىل معنى اإذا ت سم نا معنى كلي ا واحدا وهو ما و سمه الغزايل فيما بعد باالألفاظ املتواطئة-كما تقد م- اأي: االألفاظ املتواطئة على معنى واحد واأم ا ابن فار س فقد تلط ف باإرجاع الل فظ الد ال على معني اإىل معنى واحد وهو ما و سمناه بالتواطيء املعنوي فقد اأرجع ابن فار س )احلج والعمرة( اإىل معنى واحد وذلك بالرجوع اإىل املعنى اللغوي لكل منهما فقال:»احلج هو الزيارة والق سد وكذلك العمرة هو الزيارة يقال: اأتانا فالن معتمرا اأي: زائرا «)152( فاإن رشيان معنى الزيارة يف احلج والعمرة جعل فيهما تواطوؤا لفظيا وذلك ب رشيان معنى واحد يف اللفظي. ومم ا جرى فيه على التواطوؤ ولكن من حيث املعنى ال من حيث الل فظ ارجاع معنيي و ر د عليهما لفظ اإىل معنى واحد فالتواطوؤ هنا معنوي ولي س لفظي ا كما يف اإرجاع معني ي اجلنابة اإىل معنى واحد فقد نقل عن ال سافعي اأن اجلنابة من املخالطة واملجامعة )153( وذهب بع س الل غويي اإىل اأن اجلنابة ماأخوذة من الب عد الأن ج ن ب ياأتي مبعنى ب ع د ) 154 ( قال ابن فار س:»اجليم والنون والباء اأ سالن متقاربان اأحدهما الناحية واالآخر الب عد«)155( ومنه قوله تعاىل: ]و اآج ن ب ني وب ن ي اأن ن ع ب د االأ س نام ] ]اإبراهيم/ 35 [ ولهذا قال ابن فار س:»وقال قوم اجلنابة ماأخوذة من البعد الأن اجل ن ب بعيد مما كان جائزا له فعله من ال سالة وغري ذلك«)156( ثم قام بنقده الد اليل باإجراءات اإرجاع املعنيي)البعد واملخالطة( اإىل اأ سل واحد. 2. اال سرتاك اللفظي: اهتم اللغويون كثريا بامل سرتك اللفظي فقد نب ه سيبويه يف قوله:»اعلم اأن من كالمهم... اتفاق اللفظي واختالف املعنيي«)157( ثم ا ستهر وذاع سيته وعقد له ابن فار س ف سال يف كتابه )ال س احبي يف فقه الل غة( وذكر له اأمثلة ) 158 ( ول سنا ب سدد بيان وقوعه واخلالف فيه ولكن الغر س هو اأن نقول اإن ه يكاد اأكرث اللغويي يذكرون امل سرتك اللفظي وهكذا بحثه ابن فار س يف حلية الفقهاء الأن الن س على امل سرتك اللفظي كان عادة اأكرث اللغويي ومن االألفاظ التي نب ه على ورودها على امل سرتك اللفظي: ما اأورده من دالالت )القنوت( فقال:»واأما القنوت فطول القيام ويف بع س احلديث: ما اأف سل ال سالة قال:]طول القنوت[ )159( والقنوت: ال سكوت والقنوت: الدعاء وكذلك القنوت يف سالة ال سبح اإمنا هو دعاء«)160( والقنوت يت رش ف على و ج وه )161( هي:ال سكوت واالإقرار والطاعة والعبادة والقيام والدعاء )162( وقيل للد ع اء قنوت»النه ك ان يدعى ب ه وهم قيام قبل الر ك وع ا و بعده ف س مي با سم ال قيام على م ا بي نت من ت س م ي ة ال سئ با سم غ ريه اذا ك ان م ن ه ب س ب ب«)163( قال ابن قتيبة:»وال اأرى اأ سل هذا احلرف اإال الطاعة الأن جميع هذه اخلالل: من ال سالة والقيام فيها والدعاء وغري ذلك- يكون 121
الد رس الداللي عند ابن فارس)ت 395 ه( في كتابه"ح ل ي ة الف ق ه اء" عنها«)164(»و امل س ه ور يف الل غة اأ ن ال ق ن وت الد عاء«)165( ويبدو اأن ابن فار س نقل عن ابن قتيبة االأوجه دون اإبراز معنى على اآخر كما فعل االأخري. ومنه ما اأورده عن داللة )الع و ل ) قائال :»قال ابن داود:... وال نع لم للع و ل معنى غري الع و ل.... واإن قال: ال معنى للع و ل اإال اجل و ر. قيل له: اأغفل ت وذلك اأن الع و ل : اجل و ر والع و ل م سدر عال عليه ب س ي فه ع و ال اإذا ح م ل والع و ل : امل و ن والقيام باأم ر العيال والع و ل : املجاوز ة ي قال : عال يعول عوال : اإذا جاوز والع و ل الفرائ س والع و ل : امل س ق ة ومنه قوله: و ي ل ه وع و ل ه والع و ل : الغلب ة. فاأين قول ك : اأن الع و ل ال يح ت م ل اإال و جها واحدا «)166( وغريها من املوا سع )167(. 3. االأ سداد: اإن من س ن العرب يف االأ سماء اأن ي سم وا املت ساد ين با سم واحد )168( نقل اأبوبكر االأنباري عن قطرب)ت 206 ه( وغريه:»اإمنا اأ وقعت العرب اللفظتي على املعنى الواحد ليدل وا على ات ساعهم يف كالمهم كما زاحفوا يف اأ جزاء ال س ع ر ليدل وا على اأ ن الكالم وا سع عندهم واأ ن مذاهبه ال ت سيق عليهم عند اخلطاب واالإطالة واالإ طناب... وقال اآخرون: اإ ذا وقع احلرف على معنيي مت ساد ين فاالأ سل ملعن ى واحد ثم تداخل االثنان على جهة االت ساع«)169(. وقد ذكر ابن فار س باأن الفقهاء سلكوا م سلك اللغويي يف االأخذ باملعنى امل ساد فبعد اأن اأورد اآراء اللغويي يف كون )اجلون( و)القرء( من االأ سداد )170( فقال:»فهذا ما تقوله العرب ولي س االختالف الواقع بي الفقهاء على اط راح اأحد القول ي وك ل ه م جممعون على اأن الق ر ء ا سم ما يقع على احلي س كما يق ع على الط هر ولكن ك ال اختار ق وال واحتج له م ن ج هة املعنى. ومثل ذلك اأن اجل و ن يقع على االأر س كما يقع على االأ سود ثم اخت ل ف النا س يف ال س م س ومل س م ي ت ج و نا فيقول قوم : لبيا س ها ون ورها ويقول اآخرون: ال بل ل س واد ها الأن ها اإذا غابت ا سود ت ثم ي ح ت ج كل ملقال ت ه بعد اإجماعه م على اأن اجل و ن االأبي س واالأ سود وكذا الفقهاء جم م عون على اأن الق ر ء الط ه ر واحلي س» )171( وكان اأكرث رشاحة يف كون )اجلون( من االأ سداد يف )املقايي س( حي رد قول م ن ذهب اإىل اأن ه معر ب فقال:«اجليم والواو والنون اأ سل واحد زعم بع س النحويي اأن اجلون معر ب... وهذا كالم ال معنى له واجلون عند اأهل الل غة قاطبة ا سم يقع على االأ سود واالأبي س وهو باب من ت سمية املت سادين باال سم الواحد كالناهل والظن و سائر ما يف الباب«)172(. وقال يف داللة )البيع(:»والبيع اإعطاء سيء بلفظ البيع وقد يجوز اأن ي س م ى البيع رشاء وال رشاء بيعا قال الل عز وجل : ]و رش و ه ب ث م ن ب خ س د ر اهم م عد ود ة []يو سف/ ٢٠ [ معناه : باعوه«وكر ر ذلك يف مو سع اآخر بقوله:»العرب ت س م ي البيع رشاء وال رش اء بيعا «)173(. ثانيا - الرتجيح الل غوي: ذكر ابن فار س بع س اآرائه اللغوية وذلك برتجيح راأي على اآخر فابن فار س كان عارفا ب سن العرب يف كالمها وهو الذي و سف كتابه )ال ساحبي( بقوله :«هذا كتاب ال ساحبي يف فقه الل غة و سن العرب يف كالمها... فاأقول: اإن لعلم العرب اأ سال وفرعا اأم ا الفرع فمعرفة االأ سماء وال س فات كقولنا رجل وفر س وطويل وق سري وهو الذي يبداأ به عند الت عل م واأم ا االأ سل فالقول على د. دلدار غفور حمامدين مو سوع الل غة... ثم على ر سوم العرب يف خماطباتها وما لها من االفتنان حتقيقا وجمازا «)174( وقد األ فه اأي: كتاب ال ساحبي- بعد )املقايي س( و)املجمل( بدليل اإحالته القاريء يف بيان وجوه )ال س ل د م( قائال :)وقد ذكرنا ذلك بوجوهه يف كتاب مقايي س اللغة( )175( ليتجل ى فيه ن سجه الل غوي ملا فيه اأي: يف ال ساحبي-من )اخت سار مب سوط اأو ب سط خمت رش اأو رشح م سكل اأو جمع متفر ق( )176( فيما يتعلق بنظام اللغة و سننها كما رش ح باالإ سارة اإىل )جممل اللغة( يف كتابه )حلية الفقهاء( يف مو سعي )177(. ومن ترجيحاته الل غوي ة التي ذكرها يف )حلية الفقهاء(: ترجيحه لراأي ابن قتيبة يف فتح الراء يف )ف ر ق( الذي هو مكيال من املكاييل تفتح راوؤه وت سكن قائال :» سمعت االآن مفتوحا«)178( وهو مما سذ يف داللته عن بابه الدال على التمييز والتزييل بي سيئي )179(. ومنه قوله يف داللة )الرت م س( فقال:»والرت م س: اأح س ب ه الف ول والفول : الباقالء اأو اجللبان«)180( ويبدو اأن ه اأ ساب يف كالمه ملوافقته ما ذهب اإليه اخلليل يف و سفه للرت م س:«سجر له حب م سل ع حمز ز«)181( واأن»الفول حب ي قال له الباقلي الواحدة فول ة «)182( وذكر ساحب )مفاتيح العلوم( باأن ه»حب اأكرب من العد س وهو من اأجنا س الباقالء وهو بقالء م رشي«)183(. وذكر باأن )الو ر ق )»الف س ة وكذلك الر ق ة وقال قوم: اإن الر ق ة تقع على الذ هب والف س ة«)184( وكاأن ه ال يوافق م ن ذهب اإىل اجلمع بي الذهب والف س ة يف ت سمية الر ق ة وقد فر ق ابن قتيبة بينهما- اأي: الو ر ق والو ر ق- باأن»ال و ر ق ال ف س ة ب ك رش الر اء و ال و ر ق ب ف ت ح الر اء امل ال من ال غنم«)185( ف)الو ر ق( عند ابن فار س ي سمل سنوف املال»فالن كثري الو ر ق. والو ر ق سنوف املال من الذ هب والف س ة والع ر س» )186( اأم ا )الر ق ة( فا سم للدراهم امل رشوبة )187( قال االأزهري:»الو ر ق والر ق ة: الد راهم خ ال س ة وقال:»والو ر ق: ا سم للد راهم و ك ذ ل ك الر ق ة ي ق ال: اأعط اه األف درهم ر ق ة ال يخالطها سيء من امل ال غ ريه ا«)188( وقد اأك د الن ووي ما ذهب اإليه ابن فار س بقوله:»مل يقل اأ سحاب نا وال اأهل الل غة وال غري هم اإن الر ق ة تطلق على الذهب بل هي الورق«)189( مم ا يدل على اإ سابة ابن فار س يف راأيه. ومن ترجيحاته ما اأوره حي بي م سطلح )الت رشية(: ناقال عن ال سافعي قوله: )الت رش ية اأن ت ر ب ط اأخالف الناقة ثم ترت ك من احل الب اليوم واليومي والثالث حتى يجمع لها لنب فرياه م سرتيها كثريا فيزيد يف ثمن ها لذلك( )190( وهذا كما قاله ال الت رشية جمع املاء يف احلو س» )191( ويبدو اأنه اطلع على ما ذكره االأزهري يف )الزاهر( بقوله :«جائز اأن تكون سميت م رش اة من رش اأخالفها كما قال ال سافعي وجائز اأن تكون س م يت م رش اة من ال رش ى وهو اجلمع يقال: رشيت املاء يف احلو س اإذا جمعته ويقال لذلك املاء رشى... ومن جعله من ال رش قال: كانت امل رشاه يف االأ سل م رش رة فاجتمعت ثالث راءات فقلبت احداها ياء«)192( فرد الثاين الأن ه يق سد امل سطلح ولي س االأ سل اللغوي من ) رش ى( قال يف )املقايي س(: )ال س اد و الر اء واحل ر ف امل ع تل اأ س ل واح د سحيح يدل على اجل م ع. ي ق ال : رش ى امل اء ي رش يه اإ ذا جمعه. وماء رش ى: جم موع... وكاأ ن ال رش اة م ستق ة ماأ خ وذة من هذا و س م يت امل رش اة من ال س اء وغ ري ها الجتم اع الل نب يف اأ خ الفه ا... وال قيا س ذلك الأ ن ه 122
مجلة جامعة القدس املفتوحة لألبحاث والدراسات - العدد الثاني واألربعون (2) - صفر 2017 اإ ذا م ن ع ال س يء فقد ح ب س د ونه وج مع عنه ( )193( ومن االأمثلة على ت سويبه لراأي ما اأورده يف لفظ )اخل ي ف(اأي سا ) 194 (. كما قام ابن فار س بتوجيه الرتاكيب النحوي ة وترجيح توجيه على توجيه ومن هذا ترجيحه الك رش على الفتح يف»قول املهل : لب يك اإن احلمد والن ع م ة لك فقد يقال بالفتح فمعناها: لب يك وباأن احلمد والأن احلمد لك. ومن ك رش فاملعنى االبتداء كاأن ه قال: لب يك واأمت الكالم ثم قال: احلمد والن عمة لك وهذا اأجود الوجهي الأن ه اإذا فتح فكاأن ه يجعل التلبية له لعل ة اأن احلمد له واإذا ك رش فمعناها اإن احلمد والنعمة لك على كل حال«)195( و سبقه يف هذا التوجيه ابن قتيبة حي ذكر«والك رش اأعجب اإيل «)196( وقال به اأبو بكر االأنباري)ت 328 ه( )197( وجعل اخلطابي )ت 388 ه( الفتح رواية اإذا رضبوا راأ سي ويف الراأ س اأكثر ي واإمن ا اأراد باالأكرث: ال سمع والب رش والل سان فتقول على هذا:... واإذا ا سطرب قوالن كما هذا اال سطراب قلنا: اإن ه ما لي سا من الوجه وال من الر اأ س يف احل كم حت ى يدل على اأن هما من اأحد هذين» )201(. واإذا مل يكن متاأكدا من راأي ال يقول ب سحته كما يف تعليقه على كون )الق سم( من )املقا سمه ( فقال:»والق س م : اليمي وقال قوم : من املقا س م ة ول سنا ن دري سح ة ذلك«)202( ويف )املقايي س(: فالق سم قال اأهل الل غة: اأ سل ذلك من الق س امة وهي االأميان تق سم على اأولياء املقتول اإذا اد ع وا دم مقتولهم على نا س ات هموه م به. واأم سى فالن متق س ما اأي كاأن خواطر الهموم تق س م ت ه«)203( ف س موا ق سامه باال سم الذي اأ قيم مقام امل سدر من اأق س م وق س ما وق س امة ) 204 ( ويبدو اأن ابن فار س اكتفى بذكر الراأي يف )املقايي س( ولكن ه مل يكن مقتنعا به فلم يقر ب سح ة الراأي املذكور يف )حلية الفقهاء(. فهو مع ساحب الدليل فبعد اإيراده االآراء املختلفة يف معنى )العود( يف )والذين يظاهرون من ن سائهم ثم يعودون ملا قالوا( و سل اإىل القول:»واأما قول من قال: اإن ذلك اإمنا هو من عاود يف االإ سالم ما كان يف اجلاهلية. فيقال له: ما الد ليل على سح ة قولك واأنت اإمن ا سح حت قولك عند نف سك باإ سمار اأ سمرته عند قولك: تاأويلها والذين كانوا يظاهرون. وال معنى لقبول قول ال يدل على سحته دليل. وكان القتيبي يقول بهذا القول. اإمنا قلته تدبرا وا ستدالال ومل يدل على سحة ذلك سيء يجب قبوله«)205( فهو -واإن كان الراأي البن قتيبة- غري مقتنع به لعدم توفر الدليل املقنع لديه. وحي عر س ابن فار س الآراء كثرية حاول بيان اأ سل )الظ هار( واملق سود ب)الع ود( يف )ثم يعودون ملا قالوا( ثم سع ف راأيي ملخالفته مقاالت اأهل العلم ح سب تعبريه- ورجح اآخر بحج ة ودليل من اال ستعمال القراآين وال سائع من كالم العرب ومن هذه االآراء:»وقال نا س من اأهل الع لم: لي س الظ هار ماأخوذا من الظ ه ر من اجل س د الأن ه لو كان كذلك لكان البط ن اأو ىل بذلك الأن العرب ال تذ ك ر الب ساع اإال بلفظ الب ط ن يقولون : تبط ن ت ها. ولكن الظ هر ههنا ولو تفر لر ت يف البحر والبحر مالح العام ة ناقال عن غريه باأن م ن قال بالفتح خ س وم ن قال بالك رش عم ) 198 (. وكذا خالف ابن قتيبة يف م سائل عديدة وهو اأي ابن قتيبة- له باع يف الل غة طويل يعد من اأكابر العلماء كما يف رد ه قول الق تيبي يف»غريب احلديث«حي ذهب اإىل اأن االأذني من الراأ س ال من الوجه )199( وا ست سهد باأبيات سعرية يف تع سيد راأيه فقال:»ي قال للق ت ي بي : اإذا كان الوجه هو الذي يواجه ك ومل تكن املواجهة باالأذن ي دل على اأن هما لي سا من الوجه فمن اأين لك اأن ه ما من الراأ س وذلك اأن الراأ س ما عال وال نعلم اأحدا سم ى جانب ي اجلب ل راأ س اجل ب ل فال ن لز م م ن قال :... فاإن العرب ت سيف ال سمع والب رش اإىل الراأ س الأن هما من الر اأ س ثم ال يدل ذلك على اأن حكم الع ي ن ي حكم االأ ذ ن ي اأال ترى ال س نفرى يقول: وغودرر عندر امللتقى ثر م سائري )200( ماأخوذ من الع لو وامل ل ك... واأم ا قول م ن قال : اإمن ا هو اأن يعود لقول ه : اأن ت علي كظه ر اأ م ي ثانية فرديء من القول مل خالفته م قاالت اأهل العلم ولو جاز لقائل اأن يقول: اإمن ا اأ ريد بذلك اأن ي عاود املظاه ر ة مر ت ي جلاز لالآخ ر اأن يقول: وكذلك قوله: ]ل ل ذين يوؤل و ن م ن ن سائ ه م ت ر ب س اأ ر ب ع ة اأ س ه ر فاإن فاآوؤوا[ ]البقرة/ 226 [ اأي: فاإن عادوا لالإيالء مر ة اأخرى. اإذ كان )عادوا( و)فاء وا( يف معنى واحد واإذا كان هذا القول ال معنى له فكذلك االأو ل... وهذا القول والذي قبله يف ال س ع ف مت قاربان وذلك اأن ه يلز م اأال جت ب الكف ارة اإال على ما كان عائدا.. الأن القول ال يور ث فاإذا كان معنى قوله: ]ون ر ث ه ما ي ق و ل []مرمي/ 80 [ ما دل عليه قول ه كذلك قوله: ]ث م ي ع و دون مل ا ق ال وا[ ]املجادلة/ 3 [. اأي: ملا انطوى حتت قول ه م ودل عليه ن طق هم وذلك كثري سائع يف الكالم وهو اأن ي ع د الرجل االآخر سيئا فيقول: اأال تفي بقولك اأي: مبا دل عليه قول ك من و ع د ك )206( فابن فار س يرج ح الراأي الذي يع س ده الكثري ال سائع من اال ستعمال اللغوي. ثالثا - األحكام النقدي ة: عد ابن فار س ال سافعي من علماء الل سان الذين يوؤخذ منهم وال يقل مكانة عم ا يذكرونه من علماء الل غة فقال يف بيانه داللة )امل سكي(:»وقال بع س اأهل الل غة: امل سكي الذي ال سيء له واإمنا يحكى مقال ال سافعي فيما ي سبه هذا املعنى الأنه لي س يف علم الل سان بدون واحد ممن يذكر«)207( واأخذ براأي ال سافعي يف معنى: )ذلك اأدنى اأال تعولوا( اإمنا اأريد به كرثة العيال فقال:»ووافقهما على ذلك ال سافعي ومن قال مبقالته وال سافعي من الل غة باملكان الذي كان به فهذا من جهة التوقيف«)208(. كما اأ سدر اآبن فار س اأحكاما نقدية يف موا سع عديدة يف كتابه منها حكمه على لفظة )املالح( باأنها غري جي دة ونفى عن ال سافعي ا ستعمال )املال ح( يف و سف املاء فقال:»فلي ست املالح لفظة ال سافعي واإمنا ذكر ال سافعي االأجاج. واملالح يف سفة املاء لفظة لي ست باجلي دة اإمن ا ي قال: ماء م ل ح. على اأن من اأهل العلم م ن قد اأجاز ذلك احتج بقول القائل وهو سعر قدمي: الأ س بر حر ماء البحر من ريقها عر ذ با«)209( 123
الد رس الداللي عند ابن فارس)ت 395 ه( في كتابه"ح ل ي ة الف ق ه اء" د. دلدار غفور حمامدين وعن اخلليل:»يقال: ماء م ل ح وال يقال: مالح«)210( وكذا عن ثعلب)ت 291 ه( )211( و)مالح( عند بع س لغه رديئة والعالية منها هي )م لح( )212( وعن االأزهري:»واإ ن و جد يف كالم العرب قليال فهي لغة ال تنكر«)213( والبيت الذي اأن سده ابن فار س من سوب لعمر بن اأبي ربيعة وممن اأجازوا )مالح( يف و سف املاء ابن درو ستويه)ت 347 ه( عدا االأزهري- الذي ذكر باأن:»قول العامة لي س بخطاأ يف القيا س الأن ما كان فعله على ف ع ل ي ف ع ل قد يجيء نعته على فاعل مثل ماك ث وحام س اإذا اأريد به الن سب ومل يعن به الفعل. وكان يجب اأن يذكر هذا يف باب قوله: ملحت القدر واأملحتها وملحتها«)214(. ومن اأحكامه النقدية ت رشيحه بكون لغة )اأف سح( اأو )اأجود( من لغة اأخرى ويحكم عليها بالف ساحة واجلودة كما يف معر س بيانه داللة )الق رش (:»فالق رش من قولك: ق رش ت اأ ق رش ق رش ا كذا ي قال يف ال س الة واإذا اأن ت ق رش ت من ثوب ك اأو ق رش يف حاجتك فذلك بالتثقيل واالأو ل اأف س ح واأجو د «)215( ويف باب )فعل اأفعل( قال عن لغ ت ي )ح رش - اأ ح رش (»وقالوا: اال إح سار م ن م ر س اأو ذ هاب ن ف ق ة. ي قال: اأ ح رش وهو حم رش. قالوا: ومعنى ق و ل ه ع ز وج ل ]ف اإن اأ ح رش مت [ ]البقرة/ 196 [ اأي: اأ سابكم سيء يكون س ب ب ا ل ف و ت احل ج وقال بع س اأهل الل غة وهو االأجود اإن ساء الل ي قال للذي مينع ه اخلوف واملر س : اأ ح رش وللمحبو س: ح رش «)216( واأهل الل غة مثل الفراء واالأزهري )217( قال االإخف س:»)اأح رش ين ب و يل واأح رشين م ر س ي( اأي: جعلني اأح رش نف سي وتقول: ح رش ت الرجل اأي: حب سته فهو»حم سور«)218( ومل يذهب مذهب اأبي عمرو ال سيباين يف كونهما مبعنى واحد فيقال: ح رشين ال سئ واأح رشين اأي حب سني )219( وحاول ابن فار س يف )املقايي س( جمع الراأيي قائال :»احلاء وال ساد والراء اأ سل واحد وهو اجلمع واحلب س واملنع... والكالم يف ح رش ه واأح رش ه م ستبه عندي غاية اال ستباه الأن نا سا يجمعون بينهما واآخرون يفر قون ولي س فرق من فرق بي ذلك وال جمع من جمع ناق سا القيا س الذي ذكرناه بل االأمر كل ه دال على احل ب س«)220(. ومن اأحكامه النقدية جميء القيا س عنده مبعنى اال ستعمال فقال:»واأما الهدي فمن قولك: اأهدي ت الهد ي وذلك سوق ك اإي اه كاأن ك ت ر س د ه اإىل من حره وقد يكون من: اأه د ي ت اأي سا ومن ه د ي ت العرو س اإىل بع ل ها ه داء والقيا س يف هذه الكلمات كل ها واإن اختلف بها الل فظ واحد «)221( فاالأ سل هو ا ستعماله مبعنى التقد م لالإر ساد )222(. رابعا - ذكر الل غات : لكثري من اأبنية الكلمات و سيجة بلغات العرب لذا حر س اللغويون على اأن حتوي موؤلفاتهم اإ سارات اإليها كما فعل ابن فار س يف )التاأمي( قائال :»واآمي: باملد والق رش مع تخفيف امليم«)223( و)اآمي( مطولة االألف خمففة امليم لغة بني عامر وال ي قال اآمي بت سديد امليم )224( وقوله يف)اأع م ر ك الل (»واأم ا قول الرجل: اأع م ر ك الل فاإمن ا هو اأبقاك الل. ي قال: اأع م ر ه الل ي ع م ر ه : اإذا اأ ب قاه والع م ر والع م ر : البقاء «)225( ومبعنى احلياة وهما لغتان ف سيحتان )226( وقال يف داللة )البتات )»واأم ا الب تات فمن قولك : بت ت ال سيء : اإذا ق ط ع ت ه وبت ت الق ساء واأب ت ت ه : اإذا قطع ت ه«)227( وهذا من باب )فعلت واأفعلت( مبعنى واحد وهو باب يف اللغة وا سع ) 228 ( وذكر يف الفرق بي )نكح( و)اأنكح(:»وتقول: نكح ت املراأة : اإذا ت ز و ج ت ها واأن ك ح ت ها:اإذا ز و ج ت ها«)229( ف)نكحت ) مبعنى )الوطء( و)اأنكحته( مبعنى زو جته )230(. خامسا - قواعد يف الن قد الل غوي: سم ن ابن فار س كتابه )حلية الفقهاء( قواعد يف النقد الل غوي وذلك يف حنايا اإجراءاته النقدية وال سك يف اأن القواعد اللغوية تنطوي حتتها جزئيات كثرية تعطي للمتلق ي فهما سامال لنظام الل غة و سننها ومن هذه القواعد التي ا ستقيناها من كالمه : 1. ما ال حد له يف الل غة يرجع فيه اإىل الع رف : هذه القاعدة ذكر ابن فار س مفهومها عند بحثه مفهوم )الق ل ة( ومقدارها يف حديث ر سول الل ) سل ى الل عليه و سل م(: ]اإذا بلغ املاء قل ت ي مل يحمل جن سا [ )231( فقد نقل عن ابن قتيبة خالف اللغويي يف )الق ل ة( قائال :»والقل ة التي ج ع ل ت م قدارا بي ما ينج س من املاء وما ال ي ن ج س م ن ا ستقل ف الن بح م ل ه واأ ق ل ه... والق ل ة تقع على الك وز ال س غري واجلر ة الل طيفة والعظيمة واحل ب الل طيف اإذا كان القوي من الر جال ي ستطيع اأن ي ق ل ه ول ست اأعرف يف ذلك على طريق الل غة حد ا حمدودا «)232( ثم عل ق ابن فار س على كالم ابن قتيبة بقوله:»هذا كل ه قول الق ت ي بي فاإذا كان االأم ر على ما قاله فلي س اإال الر جوع اإىل قول م ن ز عم اأن ه قد راآها واأن الق ل ة ت س ع ق ر ب ت اأو ق ر ب ت ي و سيئا «)233(. وذكر يف )املجمل(»لي س يف ذلك عند اأهل الل غة حد حمدود اإال اأن ياأتي يف احلديث تف سري يجب اأن ي سلم«)234( وكاأن ه جعل ال سالمة من الغرابة ووجود الدليل من م ستلزمات قبول اأي داللة له. فالعرف الل غوي هو املو س ح للمناهج الل غوية اأو املقي د لها فيما اإذا مل تتنب املفاهيم اأو ا سرتك و سفها على مفاهيم عد ة وذلك الأن العربة يف كل مفهوم لغوي هو اإجراوؤه على الواقع اأي اإن العربة من املفهوم هو اال ستعمال وهو الع رف بعينه. 2. بناء احلكم ال رضعي على الداللة اللغوية : ال سك يف اأن االأحكام ال رشعي ة م ستقاة من القراآن الكرمي وال سن ة النبوي ة الأن القراآن الكرمي نزل بالل سان العربي قال تعاىل:]ب ل سان ع ر بي م ب ي []ال سعراء/ 195 [ فال ي فهم احلكم ال رشعي اإال باإجرائها على اأو ساع الل غة العربي ة ونظامها قال ال سافعي : فاإمن ا خاطب الل بكتابه العرب بل سانها على ما ت ع ر ف من معانيها )235(. وقد بنى ابن فار س بع س االأحكام ال رشعي ة على املفهوم الد اليل للكلمة ف)الع رش( سم يت ع رشا الأن ها يف اأحد ط ر يف الن هار وهو ما ذهب اإليه فقال:«واأم ا الع رش فاإمن ا سم يت ع رشا الأن ها يف اأحد طر يف الن هار«)236( ثم نقل عن ابن قتيبة قوله باأولوية تاأخريها عن وقتها االأول باعتبار اأن الع رش سم يت ع رشا لقربها ودنو ها من املغرب )237( وقد ذهب اإىل هذا القول اأ سحاب املعاجم فهو اآخر الن هار )238(. وقد ا ستدل ابن فار س باأن الع رش يطلق على سالة ال سبح والع رش من حديث ر سول الل ) سل ى الل عليه و سلم(: ]حافظ على الع رش ي ن ] )239( فاإذا كان ال ي سح تاأخري ال س بح فكذلك ال ي سح تاأخري الع رش فالداللة اللغوية للع رش هي اأحد ط ر يف الن هار ولي س التاأخري ولهذا يند ب تاأخري الع رش باعتبار اأن الداللة اللغوي ة 124