( ق ل ي ا أ ي ه ا الن اس إ ن ك نت م ف ش ك م ن د ي ن ف ال أ ع ب د ال ذ ين ت ع ب د ون م ن د ون ا لل و ل ك ن أ ع ب د ا لل ال ذ ي ي ت و ف اك م و أ م ر ت أ ن أ ك ون م ن ال م ؤ م ن ني )104( و أ ن أ ق م و ج ه ك ل لد ين ح ن يف ا و ال ت ك ون ن م ن ال م ش ر ك ني )105( و ال ت د ع م ن د ون ا لل م ا ال ي نف ع ك و ال ي ض ر ك ف إ ن ف ع ل ت ف إ ن ك إ ذ ا م ن الظ ال م ني )106( ). [ يونس : -104 106 ]. --------------- ( ق ل ي ا أ ي ه ا الن اس ) اخلطاب للنيب أي : قل يا حممد هلؤالء الذين أرسلتك إليهم فشكوا يف أمرك ومل يؤمنوا بك. ( إ ن ك نت م ف ش ك م ن د ي ن ) أي : إنكنتم يف شك من صحة ما جئتكم من الدين احلنيف الذي أوحاه هللا إيل. ( ف ال أ ع ب د ال ذ ين ت ع ب د ون م ن د ون ا لل ) فأنا ال أعبد الذين تعبدون من دون هللا وي يذه اصأصنا صأهنا ال ختلق وال ترزق وال تدبر شيئ ا من اصأمور وإمنا ي خملوقة مسخرة ليس فيها ما يقتض عبادهتا. وجوب الرباءة من الشرك وأيله والرباءة من الشرك أقسا : أوال : الرباءة القلبية : وي أن تبغض املشركني والشرك بقلبك وتكريهم وتتمىن زواهلمكبغض النصارى واليهود واهلندوس. وحكم يذا القسم فرض الز وال ميكن أن يسقط عن املسلم. والدليل على ذلك حديث أيب مالك اصأشجع ( من قال ال إله إال هللا وكفر مبا يعبد من دون هللا حر ماله ودمه وحسابه على هللا تعاىل ). ثانيا : براءة اللسان : وذلك بالتصريح بأنك تبغض الكفار والتصريح أن دينهم باطل وأهنمكفار. والدليل قوله تعاىل : ( قل يا أيها الكافرون. ال أعبد ما تعبدون ) قل : أي بلسانك. وقوله تعاىل : ( وإذ قال إبراييم صأبيه وقومه إنين براء مما تعبدون ). ويذا القسم واجب مع القدرة لقوله تعاىل : ( فاتقوا هللا ما استطعتم ) وجيب عليه اهلجرة إن استطاع. ثالثا : براءة اجلوارح. وذلك مبجايدهتم باجلوارح وتكسري معبوداهتم ومساجديم وقتلهم. والدليل قوله تعاىل : ( يا أيها النيب جايد الكفار واملنافقني واغلظ عليهم ). وقوله ( من رأى منكم منكرا فليغريه بيده... ) رواه مسلم. ويذا القسم جيب مع القدرة ويسقط مع العجز. ( و ل ك ن أ ع ب د ا لل ) أي : ولكن أعبد هللا وحده ال شريك له. ال ذ ي ي ت و ف اك م ) ويو الذي يتوفاكمكما أحياكم مث إليه مرجعكم. قال السعدي : أي يو هللا الذي خلقكم ويو الذي مييتكم مث يبعثكم ليجازيكم بأعمالكم فهو الذي يستحق أن يعبد ويصلى له وخيضع ويسجد. قال اخلازن : واحلكمة يف وصف هللا سبحانه وتعاىل يف يذا املقا هبذه الصفة : أن املراد أن الذي يستحق العبادة أعبده أنا وأنتم يو الذي خلقكم أوال ومل تكونوا شيئا مث مييتكم ثانيا مث حيييكم بعد املوت ثالثا فاكتفى بذكر الوفاة تنبيها على الباق. 1
وقيل : ملاكان املوت أشد اصأشياء على النفس ذكر يف يذا املقا ليكون أقوى يف الزجر والردع. وقيل إهنم ملا استعجلوا بطلب العذاب أجاهبم بقوله ولكن أعبد هللا الذي يو قادر على إيالككم ونصري عليكم. وقال ابن عطية :... مث صرح مبعبوده وخص من أوصافه ( الذي يتوفاكم ) ملا فيها من التذكري للموت وقرع النفوس به واملصري إىل هللا بعده والفقد لألصنا اليتكانوا يعتقدوهنا ضارة ونافعة. ( و أ م ر ت أ ن أ ك ون م ن ال م ؤ م ن ني ) يعين وأمرين ريب أن أكون من املصدقني مبا جاء من عنده قيل ملا ذكر العبادة وي من أعمال اجلوارح أتبعها بذكر اإلميان صأنه من أعمال القلوب. ( و أ ن أ ق م و ج ه ك ل لد ين ح ن يف ا ) أي: أخلص العبادة هلل وحده حنيفا أي: منحرفا عن الشرك وهلذا قال ( و ال ت ك ون ن م ن ال م ش ر ك ني ) ويو معطوف على قوله ( و أ م ر ت أ ن أ ك ون م ن ال م ؤ م ن ني ). واحلنيف: يو املائل عنكل دين من اصأديان إىل دين اإلسال. وخص الوجه بالذكر صأنه أشرف اصأعضاء. واملعىن: أن هللا- سبحانه- أمره باالستقامة يف الدين والثبات عليه وعد التزلزل عنه حبال من اصأحوال. قال اآللوسي : إقامة الوجه للدين كناية عن توجيه النفس بالكلية إىل عبادته تعاىل واإلعراض عما سواه فإن من أراد أن ينظر إىل ش ء نظر استقصاء يقيم وجهه يف مقابلته حبيث ال يلتفت ميينا وال مشاال إذ لو التفت بطلت املقابلة فلذاكىن به عن صرف العمل بالكلية إىل الدين فاملراد بالوجه الذات أي : اصرف ذاتك وكليتك للدين. ( و ال ت ك ون ن م ن ال مش ر ك ني ) تأكيد لألمر بإخالص العبادة هلل تعاىل وحده ويو معطوف على أ ق م. أي : استقم على ما أنت عليه من إخالص العبادة هلل تعاىل وحده واثبت على ذلك وال تكونن من الذين أشركوا مع هللا آهلة أخرى. فال تكونن من املشركني : ال يف اعتقاديم وال يف جمالستهم وال يف االجتماع هبم فهذا أفرض الفروض عل وأوجب الواجبات. والشرك: تسوية غري هللا باهلل فيما يو من خصائص هللا. واحل ن ف: امليل عن الضالل إىل االستقامة واحلنيف : املائل واجلنف: ضده. واصأحنف: م ن يف رجله ميل مس بذلك تفاؤال وقيل جملرد امليل. قال ابن كثري: احلنيف: املنحرف قصدا عن الشرك إىل التوحيد. وقد كان ذلك من إبراييم حىت ع د إما احلنفاء املوحدين قال تعاىل: )ومل ي ك م ن امل ش ر ك ني ( وقال: )وم ا ك ان م ن امل ش ر ك ني ( ويكذا فليكن أولياء هللا. واحلنيفية هلا يف الشرع معنيان: أحدمها: اإلسال والثاين: خاص: ويو اإلقبال على هللا بالتوحيد بامليل عن ما سواه. وي دين اصأنبياء مجيعا وخصت باإلضافة إىل إبراييم صأن إبراييم أكمل اخللق حتقيقا هلا مع تقدمه أبوة على نبينا حممد املشارك له يفكمال التحقيق للحنيفية. وقد قال تعاىل يف سورة النساء )و م ن أ ح س ن د ين ا مم ن أ س ل م و ج ه ه هلل و ي و حم س ن وات ب ع م ل ة إ ب ر اي يم ح ن يف ا و اخت ذ ا لل إ ب ر اي يم خ ل يال (. )مم ن أ س ل م و ج ه ه لل ( معناه أخلص دينه هلل وخضع له وتوجه إليه بالعبادة )و ي و حم س ن ( اإلحسان ينا: املوافقة للشريعة فيكون يف اآلية دليل على شرط العبادة ومها اإلخالص واملتابعة. قال ابن كثري: قوله تعاىل )و م ن أ ح س ن د ين ا مم ن أ س ل م و ج ه ه لل ( أخلص العمل لربه عز وجل فعمل إميان ا واحتسابا )و ي و حم س ن ( أي: اتبع يف عمله ما شرعه هللا له وما أرسل به رسوله من اهلدى ودين احلق. 2
ويذان الشرطان ال يصح عمل عامل بدوهنما أي: يكون خالص ا صواب ا واخلالص أن يكون هلل والصواب أن يكون متبع ا للشريعة فيصح ظايره باملتابعة وباطنه باإلخالص فمن فقد العمل أحد يذين الشرطني فسد فمن فقد اإلخالص كان منافق ا ويم الذين يراءون الناس ومن فقد املتابعة كان ضاال جايال ومىت مجعهما فهو عمل املؤمنني ( و ال ت د ع م ن د ون ا لل م ا ال ي نف ع ك و ال ي ض ر ك ) أي : وال تدع من دون هللا يف أي وقت من اصأوقات ما ال ي ن ف ع ك إذا دعوته لدفع مكروه أو جلب حمبوب و ال ي ض ر ك إذا تركته وأمهلته وإمنا النافع الضار يو هللا. ( ف إ ن ف ع ل ت ف إ ن ك إ ذ ا من الظ ال م ني ) أي : ف إ ن ف ع ل ت شيئا مما هنيناك عنه ف إ ن ك إ ذا تكون م ن الظ ال م ني الذين ظلموا أنفسهم بإيراديا مورد املهالك إلشراكها مع هللا تعاىل آهلة أخرى. ويذا الظلم يو الشرك كما قال تعاىل ( إ ن الش ر ك ل ظ ل م ع ظ ي م ) فإذا كان خري اخللق لو دعا مع هللا غريه لكان من الظاملني املشركني فكيف بغريه!! الظلم ينقسم إىل ثالثة أقسا : اصأول: الشرك. ويو أعظم الظلم وأشده. كما قال تعاىل )إ ن الش ر ك ل ظ ل م ع ظ يم (. وقال تعاىل )و ال ت د ع م ن د ون ا لل م ا ال ي ن ف ع ك و ال ي ض ر ك ف إ ن ف ع ل ت ف إ ن ك إ ذا م ن الظ ال م ني ( أي: من املشركني. قال ابن رجب: فإن املشرك جعل املخلوق يف منزلة اخلالق فعبده وتأهله فوضع اصأشياء يف غري موضعها وأكثر ما ذكر يف القرآن من وعيد الظاملني إمنا أريد به املشركون كما قال هللا تعاىل )و ال ك اف ر ون ي م الظ ال م ون (. والثاين: ظلم العبد نفسه باملعاص. كما قال تعاىل: )مث أ و ر ث ن ا ال ك ت اب ال ذ ين اص ط ف ي ن ا م ن ع ب اد ن ا ف م ن ه م ظ امل ل ن ف س ه و م ن ه م ا لل (. والثالث: ظلم العبد لغريه. كما يف احلديث )قال هللا تعاىل: إين حرمت الظلم وجعلته بينكم حمرما فال تظاملوا( رواه مسلم. وقال م ق ت ص د و م ن ه م س اب ق ب اخل ي ر ات ب إ ذ ن يف خطبته يف حجة الوداع )إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرا كحرمة يومكم يذا يف شهركم يذا يف بلدكم يذا( متفق عليه. وعن ابن عمر. قال: قال )الظلم ظلمات يو القيامة( متفق عليه. 1 -أن النيب عبد يؤمر وينهى. 2- وجوب الرباءة من الشرك وأيله. 3 -وجوب عبادة هللا تعاىل وحده. 4- أن القادر على اإلحياء واإلماتة يو املستحق للعبادة. 5- هتديد الكفار والظلمة باملوت. 6- وجوب إقامة الدينكامال هلل تعاىل. 7- أن التوحيد نف وإثبات. 3
8- من أعظم الصفات عد الشرك ولذلك وصف هللا إبراييم بقول )إ ن إ ب ر اي يم ك ان أ م ة ق ان تا لل ح ن يفا و مل ي ك م ن ال م ش ر ك ني(. 9- حترمي دعاء غري هللا وأنه شرك ويؤخذ من اآلية من وجهني : أحدمها : يف قوله )و ال ت د ع م ن د و ن ا لل ) فهذا هن والنه للتحرمي واملنه عنه إيقاع عبادة والعبادة ال تكون إال هلل فإذا جعلت لغريهكان ذلك شركا. واآلخر : يف قوله )ف إ ن ف ع ل ت ف إ ن ك إ ذ ا م ن الظ ال م ني ) أي : من املشركني صأن الشرك أعظم الظلم فمن دعا غري هللا فقد وقع يف فعل من أفعال املشركني. 10- أن دعاء غري هللا شرك. 11- وجوب دعاء هللا صأنه بيدهكل ش ء. ( و إ ن ي س س ك ا لل ب ض ر ف ال ك اش ف ل ه إ ال ه و و إ ن ي ر د ك ب ي ف ال ر آد ل ف ض ل ه ي ص يب ب ه م ن ي ش اء م ن ع ب اد ه و ه و ال غ ف و ر الر ح يم )107( ). [ يونس : 107 ]. ---------- ( و إ ن ي س س ك ا لل ب ض ر ) كمرض وتعب وحزن. ويذا من أعظم اصأدلة على أن هللا وحده املستحق للعبادة فإنه النافع الضار املعط املانع الذي إذا مس بضر كفقر ومرض وحنويا : ( ف ال ك اش ف ل ه إ ال ه و ) أي : هلذا الضر إ ال ي و سبحانه صأن اخللق لو اجتمعوا على أن ينفعوا بش ء مل ينفعوا إال مبا كتبه هللا ولو اجتمعوا على أن يضروا أحدا مل يقدروا على ش ء من ضرره إذا مل يرده هللا. ويذا من أعظم اصأدلة على أن هللا وحده املستحق للعبادة فإنه النافع الضار املعط املانع الذي إذا مس بضر كفقر ومرض وحنويا فالكاشف إال يو. ( و إ ن ي ر د ك ب ي ) كمنحة وغىن وقوة. ( ف ال ر آد ل ف ض ل ه ) أي : فال يستطيع أحد أن يرد يذا اخلري عنك. و ما مي س ك ف ال م ر س ل ل ه م ن ب ع ر ح ة ف ال مم س ك هل ا ده و ي و ال ع ز يز احل ك يم ). كما قال تعاىل ( ما ي ف ت ح ا لل ل لن اس م ن وعرب سبحانه بالفضل مكان اخلري لإلرشاد إىل تفضله على عباده بأكثر مما يستحقون من خريات. ( ي ص يب ب ه م ن ي ش اء م ن ع ب اد ه ) أي : يصيب بذلك الفضل واخلري م ن ي شاء إصابته م ن ع باد ه. ( و ه و ال غ ف ور ) جلميع الزالت الذي يوفق عبده صأسباب مغفرته مث إذا فعلها العبد غفر هللا ذنوبه كباريا وصغاريا. ( الر ح يم ) الذي وسعت ر حته كل ش ء ووصل جوده إىل مجيع املوجودات حبيث ال تستغىن عن إحسانه طرفة عني فإذا عرف العبد بالدليل القاطع أن هللا يو املنفرد بالنعم وكشف النقم وإعطاء احلسنات وكشف السيئات والكربات وأن أحد ا من اخللق ليس بيده من يذا ش ء إال ما أجراه هللا على يده جز بأن هللا يو احلق وأن ما يدعون من دونه يو الباطل. 1- أن جلب النفع ودفع الضر من خصائص هللا عز وجل. 2- أن املستحق للعبادة يو هللا. 3- إبطال تعلق القلب بغري هللا. 4
5 4- وجوب تعلق القلب باهلل تعاىل. 5- اطمئنان القلب فإن اإلنسان إذا أيقن أن رزقه مضمون مكفول فإنه يطمئن ويرتاح. 6- ال أحد يستطيع أن يرد رزق هللا عن أحد. 7- إثبات امسني من أمساء هللا ومها : الغفور والرحيم. ( ق ل ي ا أ ي ه ا الن اس ق د ج اءك م ا ل ق م ن ر ب ك م ف م ن اه ت د ى ف إ ن ا ي ه ت د ي ل ن ف سه و م ن ض ل ف إ ن ا ي ض ل ع ل ي ه ا و م ا أ ن ا ع ل ي ك م ب و ك يل )108( ). ]يونس : 108 ]. ---------- ( ق ل ي ا أ ي ه ا الن ا س ) خطاب للرسول أن يقول للناس. قال ابن عاشور : افتتاحها ب ( قل ) للتنبيه على أنه تبليغ عن هللا تعاىل فهو جدير بالتلق. وافتتاح املقول بالنداء الستيعاء مساعهم صأمهية ما سيقال هلم واخلطاب جلميع الناس من مؤمن وكافر واملقصود منه ابتداء املشركون ولذلك أطيل الكال يف شأهنم وقد ذكر معهم من ايتدى تشريفا هلم. قال الشيخ ابن عثيمني : قوله تعاىل )قل( فيه أمهية يذا اصأمر الذي أ م ر به النيب صأن كل حكم أو خرب ي صد ر بقل يو دليل على االيتما به صأن هللا جعل له عناية خاصة بالوصية بإبالغه وإال فجميع الكتاب قال هللا فيه )ي ا أ ي ه ا الر س ول ب ل غ م ا أ ن ز ل إ ل ي ك م ن ر ب ك (. ( ق د ج اءك م ا ل ق م ن ر ب ك م ) يقول تعاىل آمر ا لرسوله صلوات هللا وسالمه عليه أن خيرب الناس أن الذي جاءيم به من عند هللا يو احلق الذي ال مرية فيه وال شك. قال القرطيب : قوله تعاىل ( ق ل يا أيها الناس ق د ج آء ك م احلق ) أي القرآن وقيل : الرسول. وقد قال تعاىل يف سورة النساء ( قد جاءكم بريان من ربكم( يعين حممدا )ي ا أ ي ه ا الن اس ق د ج اءك م ب ر ي ان م ن ر ب ك م و أ نز ل ن ا إ ل ي ك م ن ور ا م ب ين ا ). وما جاء به من البينات من ربه عز وجل وإمنا مساه بريانا ملا معه من املعجزات البايرات اليت تشهد بصدقة وصأن للربيان دليل على إقامة احلق وإيصال الباطل والنيب كان كذلك وصأنه تعاىل جعله حجة قاطعة قطع به عذر مجيع اخلالئق. وقال البغوي: قوله تعاىل )قد جاءكم بريان من ربكم( يعين حممدا يذا قول أكثر املفسرين وقيل: يو القرآن. وقوله تعاىل )و أ نز ل ن ا إ ل ي ك م ن ورا م ب ينا ( أي: ضياء واضحا على احلق. واملراد بالنور القرآن الكرمي. قال ابن عاشور: وأم ا النور املبني فهو القرآن لقوله )وأنزلنا(. قال الرازي: والنور املبني يو القرآن ومساه نورا صأنه سبب لوقوع نور اإلميان يف القلب. وقال القرطيب: النور املنزل يو القرآن عن احلسن ومساه نورا صأن به تتبني اصأحكا ويهتدى به من الضاللة فهو نور مبني أي واضح ب ني. وقال اخلازن: وإمنا مساه نورا صأن به تتبني اصأحكا كما تتبني اصأشياء بالنور بعد الظال وصأنه سبب لوقوع نور اإلميان يف القلب فسماه نورا هلذا املعىن. وقال الشنقيطي: ي ز يل ال م ر اد هب ذ ا الن ور ال م ب ني ال ق ر آن ال ع ظ يم صأ ن ه ي ز يل ظ ل م ات اجل ه ل و الش ك ك م ا الن ور احل س ظ ل م ة
نفسه. 6 الل ي ل. وقال ابن اجلوزي: وإمنا مساه نورا صأن اصأحكا تبني به بيان اصأشياء بالنور. ( ف م ن اه ت د ى ف إ ن ا ي ه ت د ي ل ن ف س ه ) ف م ن اي ت دى إىل يذا احلق وعمل مبقتضاه ف إ من ا ي ه ت د ي ل ن ف س ه أي: فإمنا تكون منفعة يدايته لنفسه ال لغريه. ( و م ن ض ل ف إ ن ا ي ض ل ع ل ي ه ا ) أي : و م ن ض ل عن يذا احلق وأعرض عنه ف إ من ا ي ض ل ع ل ي ها أي: فإمنا يكون وبال ضالله على ( و م ا أ ن ا ع ل ي ك م ب و ك يل ) أي: وما أنا موكل بكم حىت تكونوا مؤمنني به وإمنا أنا نذير لكم واهلداية على هللا تعاىل. كما قال تعاىل يف آيات أخرى : )م ن ع م ل ص احل ا ف ل ن ف س ه و م ن أ س اء ف ع ل ي ه ا ). وقال تعاىل )م ن ك ف ر ف ع ل ي ه ك ف ر ه و م ن ع م ل ص احل ا ف أل نف س ه م مي ه د و ن ). وقال تعاىل )ق د ج اءك م ب ص آئ ر م ن ر ب ك م ف م ن أ ب ص ر ف ل ن ف س ه و م ن ع م ف ع ل ي ه ا و م ا أ ن ا ع ل ي ك م حب ف ي ظ ). وقال تعاىل ( من اي ت د ى ف إ من ا ي ه ت دي ل ن ف س ه و م ن ض ل ف إ من ا ي ض ل ع ل ي ه ا و ال ت ز ر و از ر ة و زر أ خ ر ى و م ا ك ن ا م ع ذ ب ني ح ىت ن ب ع ث ر س وال ). وقال تعاىل ( إ من ا أ م ر ت أ ن أ ع ب د ر ب ي ذ ه ال ب ل د ة ال ذ ي ح ر م ه ا و ل ه ك ل ش ء و أ م ر ت أ ن أ ك ون م ن ال م س ل م ني )91( و أ ن أ ت ل و ال ق ر آن ف م ن اي ت د ى ف إ من ا ي ه ت د ي ل ن ف س ه و م ن ض ل ف ق ل إ من ا أ ن ا م ن ال م نذ ر ي ن ). قال اآللوسي : وال خيفى ما يف يذه اآليات من املوعظة احلسنة وتسلية النيب صلى هللا عليه وسلم ووعد للمؤمنني والوعيد للكافرين. 1- أن الرسول وما جاء به من القرآن حق. 2- وجوب اإلميان بالرسول. 3- وجوب اإلميان بالقرآن. 4 -أن هللا ال تضره معصية العاصني. 5- من ايتدى فإمنا يهتدي لنفسه وينفعها ونفع ذلك راجع إليه ال إىل هللا. 6- من ضل فإمنا ضالله على نفسه. 7- أن مهمة الرسل والدعاء دعوة الناس إىل الناس وأما يدايتهم فال يقدر عليها إال هللا. ( و ات ب ع م ا ي وح ى إ ل ي ك و اص رب ح ت ي ك م ا لل و ه و خ ي ر ا ل اك م ني )109( ). [ يونس : 109 ]. ---------- ( و ات ب ع م ا ي وح ى إ ل ي ك ) أي : و ات ب ع- أيها الرسول الكرمي- يف مجيع شئونك ما ي وحى إ ل ي ك من ربك من تشريعات حكيمة وآداب قومية علما وعمال وحال ودعوة. ( و اص رب ) على مشاق الدعوة وتكاليفها فإن يذا أعلى أنواع الصرب وإن عاقبته حيدة فال تكسل وال تضجر بل د على ذلك واثبت.
( ح ت ي ك م ا لل ) بينك وبني منكذبك. ( و ه و خ ي ر ا ل اك م ني ) صأنه يو العليم بالظواير والبواطن ويو الذي ال معقب حلكمه. وقد امتثل أمر ربه وثبت على الصراط املستقيم حىت أظهر هللا دينه على سائر اصأديان ونصره على أعدائه بالسيف والسنان بعد ما نصره هللا عليهم باحلجة والربيان فلله احلمد والثناء احلسن كما ينبغ جلالله وعظمته وكماله وسعة إحسانه. 1- أمر النيب أن يتبع ما يوحى إليه. 2 -أن هللا يعلم نبيه ويربيه. 3- وجوب اتباع الكتاب والسنة كما قال تعاىل ( ات ب ع وا م ا أ نز ل إ ل ي ك م م ن ر ب ك م و ال ت ت ب ع وا م ن د ون ه أ و ل ي اء ق ل يال م ا ت ذ ك ر ون ). 4- احلث على الصرب. 5- فضل الصرب صأمر هللا تعاىل لنبيه بذلك. 6- تسلية للنيب ولكل داعية إىل هللا. 7- أنه ال بد ملن يدعو إىل احلق أن يواجه من الناس ما يؤذيه إما بالقول وإما بالفعل. 8- أن الصرب على أذى اخللق وحتمل ذلك من أعظم عالمات التوفيق والنصر. قال ابن تيمية ويو يتكلم عن الصرب على أذى اخللق للداعية قال ر حه هللا : النوع الثاين : أن حيصل له بفعل الناس يف ماله أو عرضه أو نفسه فهذا النوع يصعب الصرب عليه جدا صأن النفس تستشعر املؤذي هلها وي تكره الغلبة فتطلب االنتقا فال يصرب على يذا النوع إال اصأنبياء والصديقون. وكان نبينا إذا أوذي يقول: يرحم هللا موسى لقد أوذي بأكثر من يذا فصرب. ويذا النوع من الصرب عاقبته النصر والعز والسرور واصأمن والقوة يف ذات هللا وزيادة حمبة هللا وحمبة الناس له وزيادة العلم وهلذا قال هللا تعاىل ( و ج ع ل ن ا م ن ه م أ ئ م ة ي ه د ون ب أ م ر ن ا ل م ا ص ب ر وا و ك ان وا ب آي ات ن ا ي وق ن ون ). 9- هتديد لكلكافر وظامل بأن هللا سيحكم بني الناس وسيجازي كال بعمله. تمت بف ض ل الله اخو ك م سليمان م حم د اللهيميد الأحد : 27 1439 / 8 / ه 7