الفصل الاول

النسخ

1 انج هىسا ت انجضائش ت انذ قشاط ت انشعب ت وصاسة انتعه ى انعال وانبحث انعه جايعت وهشا 2 كه ت انعهىو االجت اع ت يز كشة نن م شهادة ان اجست ش ف انفهسفت. األخالق بين الحتمية و الحرية " باسكال نموذجا " مف إعداد الطالب األستاذ االمشرفة زنفكر قدكر ليمى بكسيؼ ا د تشك هت نجنت ان ناقشت : يؤسست االنت اء انشتبت انصفت اسى و نقب االستار جايعت وهشا 2 سئ سا أستار انتعه ى انعان ا.د يح ذ عبذ انالوي جايعت وهشا 2 يششفا " أستار " ا.د. بىس ف ن هى جايعت وهشا 2 يناقشا " أستار " ا.د صا ى عبذ انحك ى جايعت وهشا 2 يناقشا " أستار " ا.د.دساط شهشصاد جايعت وهشا 2 يناقشا " أستار " ا.د. يح ذ بى ش به ان ىسى انجايع 2016 /2012

2 االهداء الى الىالدين الكريمين رحمهما هللا محبة وعرفانا

3 شكر كتقدير إلى كل من عرفونا فضيمة العمم وزرعوا فينا حب فن التدريس والبحث أساتذة كانوا وأقرباء وساهموا في ميالد هذا العمل الفكري كما أتقدم بالشكر إلى األستاذة بوسيف ليمى عمى المتابعة وعمى التوجيهات الدقيقة والى األستاذ المحترم صايم عبد الحكيم والى كل من ساهم من قريب أو من بعيد في هذا االنجاز.

4 مقدمة

5 ان قذيت مقدمة إف تربع الفمسفة عمى عرش الفكر البشرم بدت بصماتيا جمية عبر التاريخ بحيث اعتبرت مصدر االكتشافات في جؿ المستكيات حتى تبمكر ذلؾ فيما يعرؼ بالحضا ارت كالتي تبدكا ركاسييا محددة انطبلقا مف أقطاب الفكر الفمسفي فقد رس أب الفمسفة " )سق ارط 074 ػ Socrate 999 ؽ,( لمعقؿ البشرم طريقا كاضحا لمفكر كتبله تمميذه )أفبلطكف Platonق (ث المعم األكؿ(أرسطك ؽ )Aristote كسار عمى دربي آب الفمسفة الحديثة) Descartes renneديكارت ركني 6991 ػ 6194 ( دكاليؾ. كىكذا اف تاريخ المعرفة بشكؿ عا يكشؼ عف حضكر الفمسفة كاحتضانيا لمعمك ففي العمك الطبيعية بشقييا الجامدة كالحية نجد الدكر األساسي كالفاعؿ لمفبلسفة في اث ارء المعرفة العممية كبيذا يككف الفكر كفمسفة قدرة ال تقدر كداللة إنسانية ال بستيا نبيا أم أف ىناؾ قيمة في األفؽ أك شيئا ما سيبتكر كيتجسد في الكاقع. اف الفكر ال يبقى عمى المستكل النظرم كاال أصبح عقي كبالتالي تصبح الممارسة ىي المحؾ الختبار مدل صبلبتو كتحقيقو لما ىك متكخى. اف صمة الفكر بالممارسة مف خبلؿ مفيكمو الفمسفي" الب اركسيس" كىي تعني الفكر المتبكع بالممارسة اك الفكر العممي الذم لو قابمية لمتجسيد عمى ارض الكاقع. فبل قيمة لمفك ارذا بقي مجردا الف اإلنساف بحاجة إلى أفكار تنيره كتكجيو في حياتو كيمارسيا سي ار أ

6 ان قذيت كفؽ جممة مف المعايير كقي تقاس عمى اثرىا كعميو فثمة صمة كطيدة بيف ممارسة األفكار كالقي كمعايير بالنسبة لئلنساف كىي تشكؿ ماىيتو الف الحيكاف ىك الكائف الكحيد الذم يعمؿ بدكف االستناد عمى القي. إف القي كمجمكعة مف القكاعد مكجية لمسمكؾ اإلنساني تتمحكر تبعا لمباحث الفمسفة باألخص في المبحث" االكسيكلكجي " ألقيمي " أم ما ينبغي أف يككف عميو السمكؾ اإلنساني مف حيث ما ىك خير كنقبؿ عمى فعمو أك ما ىك شر كنحج عنو فحياة اإلنساف ال معنى ليا إال بفضؿ ىذه القي األخبلقية كمف غير ذلؾ فقد يحيا حياة بييمية غريزية ال يشعر مف خبلليا بإنسانيتو. إف الحياة األخبلقية ال تستقي إال إذا سارت كفؽ ما يمميو الكاجب األخبلقي اجتماعيا كاف ا عقميا متعاليا إلى م ارتب الكماؿ حتى يككف أنمكذجا كىذا ما يعطى معنى لمحياة الحقيقية األخبلقية لئلنساف كىك ممز بتجاكز ما ىك كائف être( l( طمبا ما يجب أف يككف ) )كضركرة( لبمكغ درجاتو القصكل. le devoir être( إف القيمة األخبلقية اإلنسانية مف حيث مرجعيتيا قد ترد إلى ما ىك مطمؽ تبعا لمنكاميس الثابتة ككاجب عبر الزماف كالمكاف سكاء اجتماعية "مكضكعية" كانت اك مثالية"عقمية" كما يعتبره" المجتمع" يبدكا كسمطة مشرعة لكؿ ما ىك قيمي كعمى الفرد االلت از بو كمبادئ أخبلقية كعادات سائدة كتعكس في الضمير األخبلقي الفردم الذم يكجيو كيقيده ب

7 ان قذيت كحتمية بما ىك متفشي داخؿ اإلطار االجتماعي فالضمير الخمقي ىك صدل لمضمير الجمعي اك اذا تكم الضمير فينا فاف المجتمع ىك الذم يتكم. اف " العقؿ " ىك األخر يعتبر كمصدر أيضا لسمككيتنا أم لقيمنا انطبلقا مف الكاجب كإل از بحرية كاختيار كىذا ما مثمتو المدرسة العقمية بالنسبة بزعامة أقطاب الفمسفة اليكنانية)سق ارط Socrate ) )أفبلطكفPlaton ( )أرسطكAristote ( كمف حذا حذكى مف كمف جاء بعدى في العص ارلحديث)ىكبز تكماسthomas Hobbes 6998 ػ (الذم تنسب إليو بداية النظرية األخبلقية الحديثة بتأثره بالعم كالقكانيف الطبيعة دكف نسياف الفيمسكؼ األلماني ( كانط ايمانكيؿ Kant Emmanuel 6730 ػ 6840( كىك يقر بالقكانيف كالقكاعد األخبلقية. لقد حرص فبلسفة األخبلؽ عمى اإلل از الخمقي ال كفكرة خالصة كنظريات مجردة كانما كقكاعد لمعمؿ كتجسيدىا كقي في سمككيات تطبيقية كىذا ما أشعؿ في األنا الباسكالي شحنة المعرفة األخبلقية الدينية لمبرىنة كتقدي الحجاج اكثر في التنسيؽ كالربط بيف ما ىك نظرم كعممي. إف أىمية المكضكع المتمثمة في البحث كالغكص في إشكالية فمسفية بحتة ليست مكضكعا جديدا بؿ طرحيا طاعنا في القد كجكىرىا يتحدد في تكضيح الحتمية في عم األخبلؽ كمبدا السببية بالنسبة لمسمكؾ األخبلقي كىذا ما ساى في إث ارء الفكر الفمسفي األخبلقي بشكؿ عا. ج

8 ان قذيت إف الحاجة إلى البحكث األخبلقية بدا أم ار يفرض نفسو كأصبح االشتغاؿ بعم األخبلؽ اليك أم ار ممحا كلذلؾ يجب تكضيح المبادئ التي تؤكد اإلل از اك الكاجب األخبلقي سكاء باس المطمقية أك النسبية. إف د ارسة األخبلؽ تقكم إ اردة اإلنساف عمى الخير كممارستو لما يجب اف يككف كتنشيط العزيمة عمى المضي في سبيؿ تحقيؽ الفضيمة كالسعادة المتكخاة عبلكة عمى كسب القدرة عمى الدقة في تقيي السمككيات األخبلقية تبعا لمعايير مطمقة ثابتة في إطار الزماف كالمكاف مع محاكلة جعؿ الناس كمي فضبلء اك أخيار حتى تشد عز بعض فتياف ك ار عمى الثبات في الخير كتجعؿ القمب الشريفبالفطرة صديقا لمفضيمة كفيا بعيدىا فاألخبلؽ تبقى كمرشد يكجو السمكؾ اإلنساني نحك قي عميا السامية انطبلقا مف الفي كالكعي كاإلد ارؾ لذلؾ. اف محاكلة تسميط الضكء عمى األخبلؽ كاخذ " بميز باسكاؿ " كنمكذج تمثؿ فيما أجده في نفسي مف ميؿ ذاتي الى البحث في الفكر الغربي استنادا عمى ىذا المفكر الذم ل يذكر إال في مناسبات العممية خاصة مع محاكلة التنقيب عف الجانب اإلنساني األخبلقي الذم أثاره كما كابده مف أال صحية مثريا كمساىما في اإلبداع الفكرم الغربي كالعالمي عمى حد سكاء كما عبر عف أفكاره كمشكبلتو تعبي ار شخصيا فريدا اليفي إال إذا فيمت شخصيتو رغ انو ل يعش طكيبل بحيث كافتو المنية كىك ل يتجاكز د

9 ان قذيت األربعيف مف عمره كنبغ في الفترة التي عاشيا مقاكما لممرض كل يمنعو ذلؾ مف إف يككف ال عالما فيالرياضيات كالعمك الطبيعة فحسب بؿ مؤلفا أديبا تقيا حتى التصكؼ بدفاعو عف الديف كايمانو المؤسس عمى القكاعد كالمبادلء األخبلقية كفمسفة بالنسبة لئلنساف كناقد حتى التيك كل يضاىيو في ذلؾ إال "ديكارت" آنذاؾ أليس في كؿ ذلؾ باعث إللقاء إطبللة مف نافذة التاريخ حتى ننظر إليو بكضكح كشفافية كتمعف كلتعريؼ الناس كتقديمو إلى ق ارء العربية خاصة عظيمي كاف باسكاؿ يتمتع بكفاءة حقيقية لتكجيو النفكس كغالبا ما كقع عمى أشخاص الفكر كبيرم القدر يستشيركنو في الخمكة كيتقيدكف بنصائحو كثمة آخركف كانت 1 ت اركدى الشككؾ في مسائؿ الديف يقصدكنو لممشكرة كينصرفكف ارضيف دائما. كما يكضح أكثر مكانة ىذا المفكر الد ارسات المقامة حكؿ مخمفاتو مف اثاره كمؤلفاتو العممية كالفمسفية المستخمصة مف كاقعو كعصره كدفاعو عف الديف ككذا الص ارع بيف العقؿ كاإليماف أك القمب كالرىاف... الخ بما في ذلؾ التساؤالت التي كانت حكؿ طرحو لمكجكدية كاعتباره السباؽ في ىذا المذىب مف خبللو كتاب الخكاطر الذم تضمف فيو المشاعر التي احس بيا 1 اندرم كريسكف باسكاؿ ترجمة نياد رضا منشك ارت عكيدات بيركت ط 1982 ص: 3 26 ق

10 ان قذيت الكجكديكف المعاصركف باف الكجكد اإلنساني حركة في "القمؽ" عبلمة عمى الكجكد 2 اإلنساني كيكفي انو عبر عف مأساة اإلنساف دكف اهلل. فما السر في اعتبار بعض المفكريف انو مف أقكل حماة الديف المسيحي أخبلقيا ثائ ار متيكما عمى رجاؿ الكنيسة عامة كعمى اليسكعييف خاصة إنيا أسباب مكضكعية البد مف إلشارة إلييا لعؿ كعسى أننا نتعمؽ في د ارسة شخصية كفكر "باسكاؿ" في فمسفة اإلنساف نكتشؼ أبعاده كلنككف جس ار معرفيا لمف حاكؿ اف يتعرؼ عميو أكثر. أما فيما يخص اإلشكالية فقد تمحكرت حكؿ اعتماد العم عمى الحتمية كالتي ىي بدييية فيو كتكظيفيا في السؤاؿ األخبلؽ فد ارسة األخبلؽ تتطمب مف فبلسفة األخبلؽ أف يأخذكا بعيف االعتبار القكاعد اك القكانيف األخبلقية كحتمية كمعايير بحث اذا شذ الفعؿ عنيا كاف ال أخبلقيا. اإلشكاليات الجزئية: ما معنى األخبلؽ ما معنى الحتمية ما الحرية ماذا نقصد بالقكانيف كقكاعد أخبلقية في عبلقتيا بالحتمية كعمى أم أساس يمكف اعتبار ىذه القكانيف معيا ار لتقيي السمككيات كىؿ ثمة ما يبرر تأسيسيا تبعا لممذاىب الفمسفية 2 اركية عبد المنع " الكجكدكااليمانفي فمسفة باسكاؿ"دار المعارؼ الجامعية د ط ت مصر ص 256 ك

11 ان قذيت إف األخبلؽ كقكانيف كمعايير كما تبدك في تكظيفيا السطحي البسيط عند البعض تتعارض مع الحتمية كاإلل از كالكاجب بيد أف األمر ليس كذلؾ في العمؽ بحك اف االمر فيو ما يحمؿ ش اررة اإل اردة كالحرية كىذا ما يجعمنا نتساءؿ أيضا : ماعبلقة الحرية بالحتمية ككيؼ نكضح ترنح الفكر الباسكالي بيف العم كحتميتو كالفمسفة مف الجانب األخبلقي كمعاييرىا كيؼ يمكف تفسير فمسفة باسكاؿ الخمقية انطبلقا مف الديف كيؼ بدا الفكر الفمسفي األخبلقي لباسكاؿ كجكديا كما مدل تأثيره عمى الفبلسفة بعده كقد اعتمدنا في منيج اإلشكاالت المنيج التاريخي التحميمي بغية تتبع المفاىي كاألفكار األساسية عند فبلسفة األخبلؽ انطبلقا مف مصادرىا كأصكليا كغرضنا الثاني تفكيؾ كتحميؿ لتركيبتيا المغكية كالدالالت الفكرية كالفمسفية لئلشكاليات باالعتماد عمى النصكص التي كتبيا الفبلسفة كخاصة " باسكاؿ". إف عممية االنتقاء لمتصك ارت كالمعاني كالمصطمحات تتطمب االعتماد عمى القكاميس لفي العميؽ لممفكر "باسكاؿ" كربطو بظركفو االجتماعية كالسيككلكجية خاصة. كمف حيث استنتاجات مقاصده في المعرفة كاألخبلؽ عبلكة أف الكتاب كالمفكركف ل يعيركا االىتما إليو المي إال مف الجانب العممي كؿ\ا فحاكلنا الكشؼ كالبحث عما ميزه عف بقية الفبلسفة مف خبلؿ مخمفاتو كمقاالت مبعثرة مف ىنا كىناؾ كالتي جمعت في كتابو ز

12 ان قذيت عنكانو " الخكاطر " كه\ا ليس بالمر الييف كعمى األخص الجانب األخبلقي كما سبؽ الذكر كعمى ىذا األساس جاءت ىيكمةالمكضكع مقسمة الى ثبلثة فصكؿ ككؿ فصؿ بأكثر مف مبحث كيبدأ كؿ فصؿ بمدخؿ كينتيي بخاتمة. كخصصنا الفصؿ األكؿ لمدخؿ مفاىيمي تناكلنا فيفي مبحثو االكؿ المفاىي المركزية في اإلشكالية كالتي تبمكرت في: األخبلؽ الحتمية الحرية الجبرية الضركرة كالقدرية. أما المبحث الثاني فعنكناه باألخبلؽ كالحتمية فتعرضنا فيو لسرد تاريخي لتجميات األخبلؽ كالحتمية في الفمسفة اليكنانية كالقركف الكسطى كالفمسفة الحديثة. كفي المبحث الثالث تناكلنا فيو األخبلؽ كالحرية بحيث عالجنا فيو الحرية كمبع لؤلخبلؽ كمف ازكية أخرل األخبلؽ كمنبع لمحرية. كفي الفصؿ الثاني عالجنا فيو األخبلؽ عند باسكاؿ بيف الحتمية كالحرية كحددناه بثبلث مباحث : األكؿ باسكاؿ بيف الفمسفة كالعم كالثاني باسكاؿ كالديف كفي األخير فمسفة باسكاؿ الخمقية. أما فيما يخص الفصؿ الثالث كاألخير فعنكناه باسكاؿ كالفكر الغربي " الحديث كالمعاصر" كفصمناه في ثبلثة مباحث : األكؿ باسكاؿ كالفكر الديكارتي كالثاني باسكاؿ كالفكر الكجكدم كاألخير باسكاؿ في الفكر الغربي كنظ ار لمتقارب بينو كبيف الكجكدية القائمة عمى التجربة الذاتية المعرفية انتقينا "سكريف كيركيجارد" كنمكذج. ح

13 ان قذيت كأخي ار خاتمة البحثتضمنت االستنتاجات المتكصؿ إلييا. أما الد ارسات السابقة كمع قمتيا فإنيا ل تكف إال ظرفية كحينية كل تحيط ىذه البحكث بمستكيات عديدة مف فمسفة باسكاؿ. كما ال يخمك بحثنا مف الصعكبات كعمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر مف نقص الم ارجع المتخصصة كصعكبة الترجمة كانعدا التعامؿ مع النص األصمي المكتكب باالنجميزية أك الفرنسية. كاعترضتنا بعض الصعكبات كتجمت أيضا في الق ارءة النمطية لفكر باسكاؿ فميما تجرد الباحث كحاكؿ الد ارسة بشكؿ مكضكعي لعينة بحثو فانو يبقى أسير ثقافتو خصكصا إذا ما كاف المفكر أك المكضكع المدركس شخصية دينية مسيحية. فالرىاف األكؿ الذم طرح عمينا عند بدا االشتغاؿ عمى المكضكع ىك مكقع د ارستنا في المكتبة الباسكالية التي ىي مكتبة غنية في المغات األجنبية كتصبح د ارستنا مقارنة بيا مجرد غيض مف فيض. كالرىاف الثاني الذم اصطدمنا بو ىك مكقع كأىمية الد ارسة في ال ارىف الغربي المعاصر فيؿ يصبح باسكاؿ نمكذجا اجمع الفرقة الغربية كالدينية باالعتماد عمى نكر البصيرة كىؿ القكؿ بالبصيرة يسمح بتصنيؼ باسكاؿ ضمف التصكؼ المسيحي. ط

14 الفصل األول

15 المبحث االول

16 المبحث األول : انفصم االول من المفهوم الى المصطمح األخبلؽ : تخضع تعريفات عم األخبلؽ غالبا لمفيكميف احدىما لغكم كاألخر اصطبلحي. فاألكؿ بياف المعنى الم ارد مف ظاىر المفظ عند عمماء المغة أما الثاني فيعني بياف ما تكاضع عميو المنطقيكف خاصة بالتعريؼ الجامع المانع. األخبلؽ لغة ]المساف العربي[ : " كممة األخبلؽ في المغة العربية جمع خمؽ كتعني العادة. " ك" كالخمؽ في المغة ىك السجية كالطبع كالعادة كالمركءة كالديف. " يقكؿ ابف منظكر " كاشتقاؽ خميؽ كما اخمقو مف الخبلقة كىي التمريف كمف ذلؾ نقكؿ لمذم ألؼ شيئا صار ذلؾ خمقا أم مرف عميو كمف ذلؾ الخمؽ الحسف كقد تفسر بمعنى الديف أيضا كمف ذلؾ : تفسير ابف عباس لقكلو تعالى " كانؾ لعمى خمؽ عظي." كيظير الفرؽ في المعنى بيف الطبع كالسجية كالعادة كالديف فاألكؿ ظاىر في األمكر الفطرية التي زكد اإلنساف بيا كالثانية كالثالثة بيف أف ما فييما ىك بالطبع كما ىك بالتعكد بعد اكتسابو ػ كما أف أكضاع األلفاظ تكحي كذلؾ في الفرؽ في المعنى كالخمؽ كالتخميؽ يثير أكليما: إلى ما ىك بالطبع كثانييما إلى ما ىك مكتسب كال ريب أف األمكر الكسبية تككف في شانيا األكلى غير مستقرة استق ارر األمكر الطبيعية حتى إذا أصبحت عادة قاربت في ىذه الحالة ما ىك بالطبع. 63

17 المبحث األول : انفصم االول من المفهوم الى المصطمح األخبلؽ لغة. أك ما يناظرىا في المغات األكركبية األخرل مشتقة مف الكممة EthiqueMorals.Moral Et hics األخرلؤلخبلؽ" االس كىي" Moralis " "Mos" البلتينية "Méos" جمع كمنو اشتؽ 3 في االنجميزية كالتي تتفؽ عمى اعتبار األخبلؽ عمى أنيا:"مجمكعة القكاعد "Moral " 4 كالقي التي تحدد كمعايير لجماعة معينة". السياق المعجمي: األخبلؽ جمع خمؽ كمف معانييا الطبع السجية كالعادة كفي ذلؾ يقكؿ ابنمنظكر :"كاشتقاؽ خميؽ كما اخمقو مف الخبلقة كىك التمريف كمف ذلؾ نقكؿ لمذم ألؼ شيئا صارذلؾ خمقا أم مرف عميو 5 كمف ذلؾ الخمؽ الحسف". ك تفسر أيضا في المجاؿ الديني عمى حسب ابف العباس "ض" لقكلو تعالى: " كانؾ لعمى خمؽ عظي" 6 " كي ارد بذلؾ ديف عظي كخمؽ الرسكؿ سجية أم طبيعة مف غير تكمؼ. 3 جميؿ صميبا " المعج الفمسفي " الجزء األكؿ دار الكتاب المبناني ب ط 1982 ص 49 4 Bertrand événo, dictionnaire encyclopédique 2000, édition Larousse bordas, canada1999 p: ابف منظكر أبك الفضؿ جماؿ الديف محمد بف مكر لساف العرب. دار صادر بيركت لبناف )ب ط ()ب ت(ص: 62 6 سكرة القم اآلية 4 69

18 انفصم االول المبحث األول : من المفهوم الى المصطمح كقد أشار التيانكم إلى دكر اإل اردة كالحرية في الفعؿ الخمقي يقكؿ:" ث اعم انو مكضكع الحكمة العممية ىك األفعاؿ االختيارية كاألفعاؿ االختيارية البد ليا مف غاية كفائدة 7 كتمؾ الفائدة عائدة إلى كماؿ القكة إلى الشخص آك االجتماع " كما نجد في السنة النبكية إشا ارت لممعنى فالرسكؿ "ص" بعث برسالة عالمية تتعمؽ بجميع إف ارد البشرية كجكىرىا القي األخبلقية كامتثؿ ليا فك ار كسمككا فجسد بذلؾ الحرية األخبلقية في أت معانييا. كيدفعنا األمر لئلشارة إلى أىمية الطبع كالعادة في التربية األخبلقية فالطبع كاستعدادات فطرية كلد اإلنساف مزكدا بيا ػػػػػػػػػ الطبع بالسككف كىك الجبمة التي خمؽ اإلنساف عميياػ ػػػػػ كالسجية التي تطمؽ عمى الفطرم كعمى المكتسب إذا أصبح عادة فالسجية كالعادة يظي ارف فيما ىك طبع كما ىك بالتعكد بعد اكتسابو مثؿ الخمؽ كطبع كالتخميؽ كمكتسب أم إظيار ما ليس في الفطرة " كاألمكر المكتسبة في بدايتيا غير مستقرة مثؿ األمكر الطبيعية 8 حتى تصبح عادة كىي تقترب إلى ما ىك كطبع. " األخبلؽ اصطبلحا: 7 التيانكم كشاؼ اصطبلحات الفنكف ط: 1 القاىرة 1963 ص محمد عبد الستار نصار د ارسات في فمسفة األخبلؽ دار القم الككيت ط ص 16 60

19 المبحث انفصم االول األول : من المفهوم الى المصطمح يطمؽ عم األخبلؽ Morale" "La عمى عم السمكؾ ىذا ما نجده عند ركاد المدرسة التجريبية في األخبلؽ. ليفي بريؿ ]Brühl[ كيطمؽ أيضا عمى فمسفة األخبلؽ "Ethique" التي تتعمؽ بالحكمة العممية الحكمة الخمقية كالمقصكد بذلؾ كمو معرفة الفضائؿ ككيفية اقتنائيا لتزكك بيا النفس. كعند الالند ىي:" مجمكع التعالي المسم بيا في عصر كفي مجتمع محدديف كالمجيكد 9 المبذكؿ في سبيؿ االمتثاؿ ليذه التعالي كالحض عمى االقتداء بيا. " عم األخبلؽ يبحث في األحكا القيمية التي تنصب عمى األفعاؿ اإلنسانية مف ناحية الخير أك الشر كىك احد العمك المعيارية التي تضع مقاييس لمسمكؾ اإلنساني فيي تتمظير في شكميف عممي كيسمى عم السمكؾ أك األخبلؽ العممية كنظرم كىك الذم يبحث في حقيقة الخير كالشر كالقي األخبلقية. االت قا éthique: L أخذت األخبلؽ في تاريخيا اصطبلح االتيقا حيث نجد صعكبة في التفرقة بيف داللة الكممتيف ك االتيقا: éthique. moral االتيقا : الثانية 2001 ص: اندريو الالند مكسكعة الالند الفمسفية ترجمة خميؿ احمد خميؿ منشك ارت عكيدات بيركت الطبعة

20 المبحث انفصم االول األول : من المفهوم الى المصطمح كممة ذات أصؿ إغريقي EthikosمفEthos التي تعني سمككا أك العادات أما األخبلؽ فمرجعيا التيني moralisكمعناىا أيضا العادات كترج العرب mœurs بمفظ األخبلؽ ككاف أرسطك Aristote أكؿ مف ادمجيا إلى المغة الفمسفية كمف ethos تحدث عف " اتيقا نظرية " في التحميبلت الثانية كي ارد بيا أيضا الفرع مف الفمسفة الذم ييت بد ارسة تصرؼ اإلنساف كالمعايير األساسية لتقيي السمككيات كاالختيا ارت كأشار أرسطك 10 إلى التفرقة بيف االتيقا كاألخبلؽ بقكلو " فأما الفضيمة االتيقية فيي ريبية العكائد الحسنة... اصطبلحا: فيي فرع مف الفمسفة مكضكعو األحكا القيمية المتعمقة بالتمييز بيف الخير كالشر أك العم الذم مكضكعو المباشر ىك األحكا التقديرية التي تميز جيد الفعؿ مف سيئة كيبقى التمييز بينيما عمى أساس أف األخبلؽ ىي جممة القكاعد العممية المطبقة كالمشركطة اجتماعا كتاريخا بينما االتيقا ىي جممة المبادئ المحددة لمكيفية الجيدة لمحياة كلمتعامؿ مع اآلخريف كتككف األخبلؽ بيذا المعنى ىي الجيد الساعي إلى كضع ىذه المبادئ مكضع ارسطكطاليس االخبلؽ الى نيقكماخكس ترجمة:اسحاؽ بف حنيف تحقيؽ: عبد الرحمف بدكم الييئة العامة لقصكر الثقافة مصر ص: 69

21 المبحث األول : انفصم االول من المفهوم الى المصطمح تطبيؽ كبصيغة دقيقة االتيقا نظرية كاألخبلؽ عممية فاألكلى تنحكا باتجاه تعريؼ القكاعد 11 كالثانية باتجاه الفعؿ ألظرفي. كثمة تمييز منيجي بيف االتيقا عف األخبلقية moralité كىك ما اقره "ىيجؿ ( Hegel( في كتابو " مبادئ فمسفة الحؽ " حيث ذىب إلى أف األخبلقية تشير إلى الطابع الذاتي لمسمكؾ مثاؿ ذلؾ نية الذات كاستعدادىا الداخمي في حيف إف االتيقا تشير إلى مجمكع القي األخبلقية الفاعمة في التاريخ كتعد المؤسسات مثؿ األسرة 12 كالمجتمع المدني كالدكلة لدل ىيجؿ إشكاال مف االتيقا. كيبيف أيضا بكؿ ريككر 2005 Ricœur1913- Paulالتفرقة بيف مصطمحي األخبلؽ كاالتيقا "éthique-morale" مف خبلؿ العكدة إلى اتيمكلكجيا الكممتيف عمى أف األكلى التينية األصؿ كالمنحدر. كأما الثانية فإغريقية األصؿ كبشكؿ أك بأخر فاف كؿ كاحدة منيما تحيؿ إلى ميداف مشترؾ ىك العادات كالسمكؾ كلكف حتى كاف ل يكف ىنالؾ إجماع حكؿ العبلقة "تصنيفية 2005 ص: 44 العيادم عبد العزيز اتيقا المكت كالسعادة دا ارلصامد لمنشر تكنس ط المرجع نفسو ص: 45

22 المبحث األول : انفصم االول من المفهوم الى المصطمح 13 كانت أ غير ذلؾ بيف الكممتيف فينالؾ إجماع حكؿ ضركرة كجكد المصطمحيف. كنقصد بذلؾ المصطمحيف يخدماف فمسفة األخبلؽ بشكؿ عا. العم science: يكجد تصك ارف لمعم تصكر معيارم مجرد كتصكر كصفي فقد ي ارد باألكؿ العم ىك المعرفة الصحيحة التي يقاس صدقيا عمى معايير ثابتة كمحددة أما الثاني فيك ما يسمح لنا في ظرؼ ثقافي كحضارم معيف باإلشارة إلى نكع مف المعارؼ التي يمكف تعمميا أك رفضيا كالنفكر منيا أك كذلؾ في عصرنا الحاضر إلى ضرب مف النشاط االجتماعي المعقد باىض التكمفة بطمؽ عميو اس " ما فكؽ العم " science( supra أكباالنجميزية big 14. ) science كممة العم كما أف قد تقرف باليقيف المعرفة أك نقيض الجيؿ كاد ارؾ المكضكع عمى ما ىك عميو إد اركا جازما أم المطابؽ لمكاقع كتقرف أيضا بالمعرفة كىي العم بالشيء عمى حقيقتو إال انو ثمة تمايز بينيما فالمعرفة تككف بالجبمة أما العم يككف باالكتساب المعرفة تمتاز بالشمكلية كىي اسبؽ في حيف أف العم اخص. 13 Paul Ricœur le juste; 2:Ed esprit, paris 2001p55et56 الجنكب جبلؿ الديف سعيد:معج المصطمحات كالشكاىد الفمسفية دار لمنشرتكنس 2004 ص

23 المبحث األول : انفصم االول من المفهوم الى المصطمح اصطالحا : يرل )أرسطك( انو ال عم إال بالكميات فالعم حسبو الكشؼ عف العبلقات الضركرية 15 بيف ظكاىر األشياء كىك أيضا د ارسة ذات مكضكع محدد كطريقة ثابتة تكصؿ إلى طائفة مف المبادئكالقكانيف كينصب عمى القضايا الكمية كالحقائؽ العامة المستمدة مف الكقائع كالجزئيات كىك ضرباف نظرم يفسر الظكاىر كتكضيح القكانيف التي تتحك فييا كالطبيعة كالرياضيات كعممي يرمي إلى تطبيؽ القكانيف النظرية عمى الكقائع كالحاالت 16 الجزئية. تعريف" الالند: العم يطمؽ عمى مجمكعة مف المعارؼ كاألبحاث التي تكصمت إلى درجة كافية مف الكحدة كالضبط ك الشمكؿ بحيث تفضي إلى نتائج متناسقة فبل تتدخؿ في. أما ذلؾ أذكاؽ الدارسيف ك إنما ثمة مكضكعية تؤيدىا مناىج محددة لمتحقؽ مف صحتيا John Dewey بالنسبة " لجكف ديكم 9581 " فالعم ىك كؿ د ارسة منظمة قائمة عمى منيج كاضح مستندة إلى المكضكعية يمكف أف نسمييا عمما سكاء أفضت بنا إلى قكانيف أك أدت بنا إلى قكاعد عامة تقريبية.كمنو فالع م ػ مجمكعة ك منظكمة معرفية متجانسةك متناسقة يعتمد في الحصكؿ عمييا عمى المنيج عممي دكف غيره كفي سياؽ أخر مجمكعة مف المفاىي المتكاممة كالمت اربطة التي نعتمدىا في البحث العممي. جميؿ صميبا المعج الفمسفي دار الكتاب المبناني ج بيركت لبناف.ص 99 م ارد كىبة المعج الفمسفي الييئة العامة لشؤكف المطابع األميرية د.ط 1983 القاىرة.ص

24 الوبحث هن الوفهىم الى الوصطلح انفصم االول األول : الحتو ت: Déterminisme السياؽ المعجمي: حت بكذا حتما قضى كحك كحت اهلل األمر قضاه كحت األمر احكمو كحت عميو األمر أكجبو ألحت أم القضاء أك إيجاب القضاء أك البلز الكاجب الذم 17 البد مف فعمو. اصطبلحا: جممة الشركط الضركرية لتحديد ظاىرة معينة كليا تطبيقات كاسعة منيا الطب حيث نجد عند كمكد برنارد تكظيفا لمحتمية في قكلو:" فالطبيب االختبارم يمارس عمى 18 التكالي تأثيره في األم ارض منذ أف يعرؼ اختبا ار حديثا الدقيقة أم السبب القريب." كىي أيضا سمة نظا كقائع أك أشياء يككف كؿ عنصر فييا متعمقا بالعناصر األخرل بحيث يمكف أف نتكقع حدكث كاف نمنع الحدكث بكؿ تأكيد كفقا لمعرفتنا إلحداثنا أك لمنعنا حدكث ىذه العناصر. ككؿ ما يحدث في الككف قابؿ لمتفسير كالتنبؤ مف حيث المبدأ أك معرفتنا لجميع الشركط التي تعيف ظيكر الظاىرة تمكننا مف التنبؤ بما سيحدث حتما كمف الذيف سممكا بيا لكسيبكس ديمقريطس ابيقكر عمى أساس مرجعية الككف إلى المادة كاف األفكار 17 جميؿ صميبا " مرجع سابؽ ص كمكد برنارد مدخؿ مصر تاريخص: 350 إلى الطب التجريبي ترجمة مجمكعة مف المترجميف المركز القكمي لمترجمة كالنشر 34

25 انفصم االول المبحث األول : من المفهوم الى المصطمح كاألحاسيس تغي ارت في جزئيات المادة التي يتركب منيا اإلنساف كمف ث فاف السمكؾ يخضع لمقكانيف التي تخضع ليا المادة كىي ما يعرؼ أالف بالحتمية الفيزيائية أك المادية في القرف السابع عشر كالثامف عشر. كجرت البرىنة عمى مفيكميا كتطكيره أيضا عند بيككف) bacon ) ) ديكارتDescartes )Galilée )Francis غميمي ( )newton Isaac ) نيكتف ) Spinoza Baruch سبينك از ( الببلس) )Simone Laplace كالنص المشيكر في الحتمية يعكد إلى ىذا األخير كالذم يقكؿ فيو: " إف في كسعنا أف ننظر إلى الحالة الحاضرة لمككف عمى أنيا نتيجة الماضي كعمة لممستقبؿ. فالعقؿ الذم يستطيع أف يعرؼ في لحظة معينة كؿ القكل السارية في الطبيعة كأكضاع الكائنات المكجكدة فييا بعضيا بالنسبة إلى بعض إذا بمغ مف السمة حدا يستطيع معو إف يخضع كؿ ىذه المعطيات لمتحميؿ فبلبد أف يض في صيغة كاحدة شاممة حركة اكبر األجسا في الككف كحركة اصغر ذرة فيو كعندئذ لف يككف شيء مجيكال بالنسبة إليو بؿ سيككف المستقبؿ 19 حاض ار أما عينيو كالماضي سكاء بسكاء." 19 Laplace, essai sur le calcul des probabilités,œuvre Gauthier Villars 1886 vol:7,p:6 36

26 انفصم االول المبحث األول : من المفهوم الى المصطمح كالحتمية بيذا المعنى تتأسس عمى إمكانية التنبؤ" باألحداث الككنية نظ ار لكجكد تعاقب حتمي مطرد بيف الظكاىر الطبيعية كمية سكاء كانت الكبيرة أم عال الماكر كفيزياء أك الصغرل أم عال الميكركفيزياء كمف ثمة تصبح المعرفة في العم انطبلقا مف أف الحتمية كىي إمكانية التنبؤ بالحالة المستقبمية لمعال الطبيعي باالستناد إلى الحالة الحاضرة. كعميو تبقى الحتمية متمحكرة عمى كجو اإلجماؿ في المضمكف التالي:" أف مجمكع كقائع كحكادث العال بما فييا سمككيات اإلنساف كنشاطاتو ىي مرتبطة يبعضيا البعض ارتباطا محكما كضركريا أك بحدكث ظاىرة ما محدد بالضركرة مف قبؿ عكامؿ كأسباب محددة في ظركؼ محددة متى تحققت ىذه األسباب كالعكامؿ حصمت الظاىرة بالضركرة " كبصيغة أخرل : " إذا تمت معرفة األسباب كمعرفة ما يربطيا بعضيا ببعض أمكف التنبؤ بما سينتج 20 عنيا تنبؤا دقيقا " الجبر ت: Le fatalisme مذىب يرل أف إ اردة اإلنساف العاقمة عاجزة عف تكجيو مجرل الحكادث كاف كؿ ما 21 يحدث لئلنساف قدر عميو أزال كىك مسير ال مخير. كتقكؿ بالقضاء كالقدر عمى اعتبار أف بتكنس 20 اندريو الالند مرجع سابؽ ص: جبلؿ الديف سعيد: معج المصطمحات كالشكاىد الفمسفية دار الجنكب لمنشرطبع 3440.ص

27 المبحث انفصم االول األول : من المفهوم الى المصطمح مجرد كجكد اهلل يستتبعو بالضركرة أف يككف مصير اإلنساف محدد تحديدا سابقا بغض النظر عما سيترتب أك تتجو إليو إ اردة اإلنساف كىذا ما تعبر عنو الجيمية التي ىي مذىب ينسب إلى جي ابف صفكاف الذم يعتقد أف الحكادث محددة مسبقا مف جانب قكة خارجية كمتعالية عمى اإل اردة بحيث إنيا ستحدث حتما ميما نفعؿ كبيذا المعنى يقاؿ عنيا أحيانا "حتمية خارجية"كعندئذ تكضع مقابؿ "الحتمية الداخمية" حيث تتشكؿ اإل اردة مف ت اربط األسباب كالمسببات. كاإلنساف بذلؾ ال يقدر عمى كؿ شيء كال يكصؼ باالستطاعة كانما ىك مجبكر في أفعالو ال قدرة لو كال اختيار كانما يخمؽ اهلل األفعاؿ فيو عمى حسب ما يخمؽ في سائر الجمادات كتنسب إليو األفعاؿ مجا از كما تنسب إلى الجمادات جاء عني:" يقكلكف أثمرت الشجرة كجرل الماء كتحرؾ الحجر كطمعت الشمس كغربت كتغيمت السماء كأمطرت 22 كأزىرت األرض كانبتت إلى غير ذلؾ." أحمد أميف ضحى اإلسبل مكتبة النيضة المصرية ج: 9 ط: ص:

28 الوبحث هن الوفهىم الى الوصطلح انفصم االول األول : الضرورة: Nécessité La الضركرم ىك ما ال يمكف تصكر عدمو أم الذم ال يمكنو أف ال يككف كىي إحدل مقكالت كانت أما ضركرة مطمقة كىي غير مقيدة بشرط كالضركرة الميتافيزيقية أك الضركرة الرياضية أما الشرطية ل تدؿ عمى امتناع تصكر النقيض أك امتناع كجكده بؿ دلت عمى اتصاؼ الشيء بيا في ظركؼ كشركط معينة. كقد نميز بيف الضركرة المنطقية كىي التي يقتضييا مبدأ عد التناقض كالضركرة الطبيعية "التجريبية" "األمر الكاقع" كالضركرة المعنكية أك األخبلقية. كالحرية عند ليبتز Leibniz [ Gottfried ] كسط بيف الضركرة المطمقة كالحريةالمطمقة كقكاميا أف المكجكد العاقؿ ال يستطيع أف يختار احد الممكنات إال إذا كجده أحسف كاسمي ككافؽ مف غيره. 23 كيبيف كيؼ أف األفعاؿ كميا مربكطة بالضركرة كىي تخمك كمية مف الحرية كفي ذلؾ يقكؿ "سنبيف أف الضركرة المطمقة التي نسمييا أيضا ضركرة منطقية كميتافيزيقية كأحياناىندسية )...( ال تكجد قط في األعماؿ الحرة كبالتالي إف الحرية خالية ال فقط مف الجبر كانما أيضا مف الضركرة الحقيقية "24 23 المرجع السابؽ ص جبلؿ الديف سعيد معج المصطمحات كالشكاىد الفمسفية دار الجنكب لمنشر 2004 بتكنس.ص

29 الوبحث هن الوفهىم الى الوصطلح انفصم االول األول : الحر ت: Liberté La لغة : الحرية بالمعنى البدائي اإلنساف الحر ىك الغير خاضع لمعبكدية أك الغير السجيف أك أف يفعؿ اإلنساف ما يريد أك انعدا القسر الخارجي. كىي أيضا تمؾ الخاصية التي تجعؿ مف اإلنساف ح ار بمعنى السيد "liber" ال بمعنى 25 العبد."servus" التعريؼ االصطبلحي: تعني اختيار الفعؿ عف ركية كتدبر مع استطاعة عد اختياره أك استطاعتو اختيار 26 ضده. 27 الحرية خاصية المكجكد الخالص مف القيكد أك العامؿ بالتكافؽ مع إ اردتو كطبيعتو. كىي بصيغة أخرل فيي الممكة التي يتمتع بيا الكائف العاقؿ الذم يصدر أفعالو مف إ اردتو الحرة بعيدا عف الدكافع الغريزية الحيكانية. كتجدر اإلشارة إلى تعدد مفاىيميا مف حيث ربطيا بأبعادىا اجتماعية سياسية أخبلقية نفسية كربطيا أكثر بما ىك ميتافيزيقي كما أنيا تكضع بمقابؿ العديد مف 25 Paul Foulquier. Dictionnaire de la langue philosophique liberté,puf,paris,1982; زكرياء إب ارىي مشكمة الحرية دار الطباعة الحديثة مكتبة مصر الطبعة الثالثة ص جميؿ صميبا المعج الفمسفي مرجع سابؽ ص 42 39

30 الوبحث هن الوفهىم الى الوصطلح انفصم االول األول : "déterminisme المصطمحات فقد تقابؿ بالضركرة "nécessité" أك الحتمية " أك بالقضاء كالقدر "fatalisme" أك حتى الطبيعة"."nature "liberté d exécution قد نميز بيف نكعيف مف الحرية: فاألكلى حرية التنفيذ " كالمقصكد بيا تمؾ القدرة عمى العمؿ أك االمتناع عنو دكف الخضكع ألم ضغط خارجي بمعنى دكف الكقكع تحت تأثير قكل أجنبية فنحف ىنا أما حرية طبيعية " فيزيائية " كمف خبلليا يعبر اإلنساف عف استقبللو الذاتي كىذا ما ينسب إلى القانكف عادة أما الثانية: حرية التصمي " décision "la liberté de فيي ممكة االختيار بمعنى القدرة عمى تحقيؽ الفعؿ دكف الخضكع لتأثير قكل ناطقة سكاء كانت ىذه القكل ذات طابع عقمي كالبكاعث " "motifs كالمبر ارت أ ذات طابع كجداني كالدكافع "mobiles" كاألىكاء. كالممحكظ تفاكت تكظيؼ مفيك الحرية مف عصر إلى آخر فمثبل عند سق ارط " ىي 28 عم األفضؿ" داللة عمى أف الحرية تتكقؼ عمى العقؿ كالمعرفة معرفة األحسف مف األفعاؿ التي تصدر عف العقؿ مف أحكا مكضكعية. أما عند عمماء الكبل كنقصد مكقؼ المعتزلة كربط الحرية بفكرة التكميؼ كاالستطاعة في قكلي " إف اإلنساف يخمؽ أفعاؿ نفسو كيساؿ عنيا كيحاسب عمييا كقالكا بالتكليد كاف 28 عبد الرحمف بدكم المكسكعة الفمسفية المؤسسة العربية لمد ارسات كالنشر بيركت 1984 ط 1 ص :459 31

31 الوبحث األول : هن الوفهىم الى الوصطلح انفصم االول 29 اإلنساف مسؤكؿ عف ما تكلد مف عممو." ىذا ما يبيف أف الحرية تتمثؿ في المقدرة كاالستطاعة التي يتمكف اإلنساف باالعتماد عمييا أف يككف ح ار كمف ثمة تسقط الجبر كيبقى التكميؼ ىك المعبر عف الحرية. إف " سبنك ازباركخ( (Spinoza Baruch ىك األخر تمكف مف إعطاء أريو في الحرية كىك يرل أف الكائف الكحيد الحر ىك اهلل كىك يحدد ذاتو بذاتو كاإلنساف عاجز عمى أف يككف كذلؾ يقكؿ:"... لنتصكر إف شئت أف الحجر بينما يكاصؿ حركتو يعم كيتفكر انو يتبدؿ قصارل جيده مف اجؿ التحرؾ فيذا الحجر سيعتقد قطعا ( لككنو يعي مجيكده كلككنو ليس غير مباؿ عمى اإلطبلؽ( انو حر كانو ال يستمر في الحركة إال ألنو 30 يرغب في ذلؾ ال غير... كالناس يعكف رغباتي كيجيمكف األسباب التي تحتميا." كعميو نستخمص مف خبلؿ التضايؼ الداللي بيف المفاىي الرئيسة في اإلشكاؿ أكجو اإلح ارج الفمسفي بيف الحرية كاإلل از المدني الظاىر في الحتمية االجتماعية. احمد أميف ظير اإلسبل دار الكتاب العربي بيركت 1999 ط: 5 ج: 4 ص Spinoza. Lettre aschuller.coll. pleiade. Ed.gallimard. pp

32 المبحث الثاني 63

33 انفصم االول الوبحث الثان األخالق والحتو ت. األخالق والحتو ت. يكحي تاريخ الحضارة البشرية بكجكدقكاعد كش ارئع التي تقي بمكجبيا السمككيات اإلنسانية فمكضكع عم األخبلؽ متعمقباألفعاؿ اإلنسانية المطابقة لمخير أك الشر كعبلقتيا بالكاجب كالمثؿ األعمى كالمبادئ المنظمةكالمؤدية إلى الحياة البشرية السامية كىي مفركضة مستخمصة مف مصد ار خبلقي خالص أك اجتماعي. تتعدد تبعا الختبلؼ الغايات فأصحاب االتجاه االجتماعي ربطكه بعم العادات كي ارد أف بذلؾ العادات كأنماط مف السمككيات اإل اردية كالتي تحكلت بفعؿ التك ارر إلى عادة تسيطر عمى الفعؿ اإل اردم كمنو تفقد األفعاؿ قيمتيا األخبلقية الف قيمة الفعؿ األخبلقي في جكىره الخضكع باإل اردة إلى جممة القكاعد المبادئ. أك كىناؾ مف يعرفيا بعم الخير كالشر انطبلقا مف محاكلة تحديد معنى الخير كالشر كاالستفادة بينيما عبلكةعمى ذلكيي جممة ما ينبغي أف يسير كفقو اإلنساف لبمكغ إنسانيتو في ضكء مثؿ اعمي يصبك إليو فيي بيذه الصيغة عم معيارم أك معيارية العم بمعنى أف عم األخبلؽ ال يبحث في أعماؿ اإلنساف اإل اردية التي صارت عادات كتقاليد مف حيث ىي أمكر حاصمة قي الكاقع كاصفا إياىا بما ىك كائف بالفعؿ كانما يبحث في كيفية تكجيييا صكب الطريؽ السكم عمى نيج مف قكاعده كقكانينو ث يحك عمييا حسب المقاييس التي يضعيا كق ارءة المذاىب الخمقية مف خبلؿ تاريخ الفمسفة تكشؼ عف ذلؾ. 39

34 انفصم االول الوبحث الثان األخالق والحتو ت. األخالق والحتمية في الفمسفة القديمة اليونانية: العقميون : يركف أف الحياة الخيرة أك الفضيمة تتحقؽ في طاعة القانكف الطبيعي الذم يحدد فيو الكاجب األخبلقي لئلنساف بحيث يرل أصحاب التصكر التقميدم لؤلخبلؽ أف كظيفة األخبلؽ تكمف في كضع قكانيف لمسمكؾ اإلنساني كمبادئ كىي تتمتع بخصكصيات العمكمية المطمقية الضركرة األكلية ك الكضكح بذاتياكعد قبكؿ البرىاف أم ال تقبؿ الشؾ كال جدال كال تحتمؿ نقيضا فاألحكا قطعية فييا كىي صادرة مف العقؿ كمف ث يمكف أف نشرع لئلنسانية في جممتيابيذه المبادئ أك. سق ارط : القي إنسق ارط )Socrate( نجح في مسعاه كىك إيجاد األسس العقمية لؤلحكا األخبلقية مكجيا االنتباه إلى مشكمة البحث عف العبلقة القائمة بيف القي كالكاقع كاعتبر كاضع الفمسفة األخبلقية كما استخمص مف الكاقع بنزعتو العقمية كيؼ أف المجتمع البشرم ىك بحاجة كضركرة لكجكد قكاعد كمية التي طالما كاف ينشدىا كيبحث عنيا دائما كجسدىا في الكاقع في سمككياتو اربطا العم بالعمؿ فعم األخبلؽ غدا ام أر ضركريا لمحياة الفاضمة فمتى عرفنا الفضائؿ كالخي ارت اقبمنا عمييا كمتى عرفنا الرذائؿ أحجمنا عنيا كتمثؿ ذلؾ في بيف الجمع الفضيمة كالعم كبيف الرذيمة كالجيؿ فقد تكصؿ سق ارط حسب " انجمك شيككني " الى تحديد الفضيمة في المعنى التالي : اف العدالة ىي الحكمة كالفضيمة كاف حياة االنساف العادؿ ىي حالة مف السعادة تفكؽ كثير 94

35 انفصم االول 31 hkا حياة االنساف البلعادؿ لقد جمع سق ارط بقكلو ىذا قضية العدالة بقضية السياسية فمف غي ارلمعقكؿ أف اإلنساف يعرؼ الفضيمة كفييا يكمف سر سعادتو كبإ اردتو يقك بالشر. كاف يتخمى اإلنساف عف سعادتو بإ اردتو كيسعى إلى الشر مختا ار كبصيغة أخرل فإذا ما عرؼ اإلنساف الشيء الكمي الشامؿ عرؼ في الكقت نفسو األحكا التي عمى ضكئيا يكفؽ في الممكنات الخارجية المحيطة بو كبيف بكاعثو النفسية الباطنية انو محكك إذف في حياتو بإمكانياتو النفسية كفي نطاؽ المعرفة التي كصؿ الييا كلف يككف العمؿ الصالح متاحا لو بدكف ىذه المعرفة الحقة كلف يفعؿ الناس عمى اإلطبلؽ ما يعرفكف انو ضار بي كخطا في مصالحي كمف ث يشبو :" سق ارط " المعرفة األخبلقية بالمعرفة في العمك التقنية العممية في أف كمتييما ضركريتاف لمممارسة الناجحة كتحقيؽ لمسعادة الف المعرفة الخاصة بالخير 32 تقترف اقت ارنا شديدا بالرغبة في الكصكؿ إلييا. افالطون : تمميذه أما أفبلطكف) )Platon في محاك ارتو " محاكرة الجميكرية " يبيف بكجية نظره مستخمصا مبادئو األخبلقية مف الطبيعة كاهلل كاإلنساف فاألخبلؽ تقك عمى أدؽ المعرفة كأكثر ص ارمة فيي جممة المبادئ تتحدد بشكؿ مطمؽ تحت ما يعرؼ بالخير الذم يضميا جميعا ككيؼ أف العقؿ الخالص ىك المدبر كالقائد إلى الفضيمة كالخير 31 انجمكشيككني افبلطكنكالفضبمة ترجمة منير سغبيني دار الجيؿ بيركت ط ص: )د محمكد م ارد: الحرية في الفمسفة اليكنانية :ط األكلى 2000 دار الكفاء لدنيا الطباعة كالنشر كالتكزيع اإلسكندرية ص 82 96

36 انفصم االول الوبحث الثان األخالق والحتو ت. كىك القانكف العا الذم ينبغي أف يصغى إليو اإلنساف كمف خبللو تركض النفس الشيكانية ك كما يرل صكت اهلل يخاطب بو أنفسنا. فقد امف " أفبلطكف إيمانا قكيا بكجكد عناية إليية تشمؿ الككف كمو فيك العمة التي تقؼ خمؼ كؿ األحداث التي تجرم قي الكجكد فيك أكلى كنياية ككسط كؿ الكائنات كيمضي قدما إلى ىدفو في مممكة الككف تسير إلى جانبو آلية الحؽ دائما... فيك مقياس األشياء جميعا كمنو يستمد كؿ شيء يتصؼ بالخير كالحؽ ك كؿ إنساف يحرص عمى أف يككف سمككو الخاص كالعا عمى بصيرة بيذا اإللو كىذا ما أكده " أفبلطكف " كعقيدة في القكانيف. " إف اإلنساف ىك في حد ذاتو عال مصغر مصاغ عمى شاكمة العال الكبير في 33 صكرة تمكنو مف أداء كظائؼ المنكطة بو عمى خير كجو." أرسطو) Aristote (: يبني ىكا ألخر مبادئو األخبلقية كفؽ متطمبات الطبيعة البشرية في كتابو " األخبلؽ إلى نيقكماخكس " فبيف مف خبللو كيؼ أف األخبلؽ عم عممي يبحث في سمككيات اإلنساف كييت بتقرير ما ينبغي فعمو كما ينبغي تجنبو لتنظي الحياة البشرية كالغاية مف األخبلؽ تتمثؿ في تحقيؽ الخير كمف الضركرم أف يسعي اإلنساف إلى تحقيؽ الخير االسمي كالذم ( 33 المصدر نفسو ص

37 الوبحث الثان األخالق والحتو ت. انفصم االول 34 ىك غاية في ذاتو كالسعادة عنده ىي الخير األقصى. فيك يشترط ضركرة كجكد الفضيمة داخؿ اإلنساف لضماف استقامة االختيار الذم يتخذه بشكؿ حر كبدكف الفضيمة سكؼ ينحرؼ االختيار اإلنساني عف طريؽ االصكب. تقك الفضيمة في نظر أرسطك عمى العم كاإل اردة فيي ممكة اختيار تصدر عف اإل اردة كيفرؽ أرسطك بيف الفعؿ اإل اردم كالفعؿ البلإ اردم فاإل اردم ىك الصادر عف معرفة كنزكع كالبلا اردم ينقصو الشرطيف )المعرفة كالنزكع( فيأتي إما معارضا لمنزكع كالفعؿ القسرم كاما خاليا مف المعرفة كالفعؿ الناشئ مف الجيؿ يقكؿ أرسطك" كيمكف أف يعتبر الإ ارديا جميع 35 األشياء التي تقع بقكة قاىرة أك بجيؿ" فاالختيار اضعؼ مف اإل اردة. األخالق كواجب وضرورة عند الرواقيين: إف المدرسة الركاقية ىي األخرل ليا ماليا مف أىمية في تقدي إطا ار أخبلقيا اتضح مف خبللو التأمؿ الميتافيزيقي كالعم الطبيعي مما جعؿ منيا نمطا فمسفيا كبي ار كمف سبقكه فاالنطبلقة تحددت مف بنية الطبيعة اإلنسانية عمى أساس ميؿ اإلنساف إلى إد ارؾ طبيعتو كمحاكلة الحفاظ عمييا مف خبلؿ ما ىك مف طبيعتو كيعتني بو كما ىك غريب عنيا كيبتعد عنو ككؿ يتجو نحك القد ارت الجسمية ثمالقد ارت الذىنية كنمك كبلىما مسعى إلى تحقيؽ 34 ) د محمد مي ارف رشكاف تطكر الفكر األخبلقي في الفمسفة الغربية دار قباء لمطباعة كالنشر كالتكزيع )القاىرة ) ص أرسطك األخبلؽ إلى نيقكماخكس مرجع سابؽ ص :

38 انفصم االول الوبحث الثان األخالق والحتو ت. الفضيمة التي تت بعممية التكفيؽ بيف الطبيعة بفرعييا اإلنساني كالككني كفي ىذا السياؽ تتككف نظرية في األخبلؽ. فاألخبلؽ تتمثؿ بالنسبة لئلنساف في أف يحيا حسب طبيعتو أك بصيغة أخرل "الحياة حسب الطبيعة" أم بالعيش كفؽ الطبيعة ىك الذم يحقؽ الفضيمة كيت الخضكع لمقانكف الكمي ليا كىك يسرم في كؿ الكجكد كالطبيعة المقصكدة ال تخرج عف العقؿ المميز لطبيعة اإلنساف فيك يحاكؿ العيش كفقا لمبادئ السمكؾ العقمي كفقا لما تمميو الطبيعة بقكانينيا. إف قيا األخبلؽ عند الركاقييف تتمثؿ أكال في أف حياة اإلنساف يجب أف تككف منسجمة مع الطبيعة كثانيا ماذا يجب عمى اإلنساف أف يعمؿ حتى يتحقؽ ىذا االنسجا يقكؿ زينكف ػػػ في كتابو: الطبيعة اإلنسانية ػػػ نقبل عف ديكجينبليرس :"إف اسمي غاية يتكؽ 36 الكتكمي إلييا اإلنساف ىي العيش كفؽ الطبيعة كلما كانت الطبيعة تقكد الى الفضيمة كاف العيش 37 المبلئ ليا مبلئما لمفضيمة أيضا... " إف الطبيعة تتجو نحك السعادة مككنة مف المذات كال يقصدكف بالمذة كال تحاشي األل ألني يحتقركنيا كيركنيا مخالفة لمعقؿ فالفضيمة ىي الخير كالرذيمة ىي الشر كىي تتبع امبلءات العقؿ المرىكنة باإل اردة كعميو يتجمى انو ال سمطاف ألحد عمى اإلنساف إال في زينكف الكتكمي مؤسس الركاقية عاش ما بيف 336 الى 264 ؽ 37 جبلؿ الديف سعيد فمسفة الركاؽ مككز النشر الجامعي تكنسدط 1999 ص 125

39 الوبحث الثان األخالق والحتو ت. انفصم االول الظاىر فالت از الفضيمة أك العدؿ كؿ يرد إلى إ اردة اإلنساف كحريتو الباطنية التي يتمتع بيا كىي التي تحرره مف قيكد الجس كقمع الشيكات كيسمي الركاقيكف سمككا مبلئما لمسمكؾ الذم 38 يدأب عمى تحقيؽ عمؿ معقكؿ مكافؽ لمحياة.... إف كؿ مف فكرتي الكاجب كالضركرة ليما مكانة عند الركاقييف عمى أساس أف األخبلؽ تتصؼ بإتباع أكامر لقكاعد أخبلقية فالتفكير األخبلقي كما ي ارىالركاقيكف كفكرجديد بتمحكر حكؿ الكاجب كتصبح الفضيمة طاعة لمقانكف كالحياة كفقا لمطبيعة يعني الحياة كفقا لمعقؿ كىذا ىك القانكف الذم يسرم عمى الككف كالحياة اإلنسانية كالت اربط بيف المكجكدات ت اربط ضركرم فكحدة الكجكد تدلي عمى كحدة الجنس البشرم كاألخكة اإلنسانية أك العالمية ككؿ الناس يتمتعكف بحقكؽ متساكية كعميي مسئكليات متساكية. كالحكي ىك مف يسعى إلى العيش في الحياة الخيرة في إطار الكاجب كأساس قانكف الطبيعة أك نظا العقؿ الكمي الذم يحدد ما يكفره الكاجب كااللت ازمات كمنو يتحقؽ االنسجا مع الطبيعة أكالعقؿ الكمي كما سبؽ الذكر. كمف مظير الحكمة عندى أف ما يحدث لمككف مف سير كفؽ الضركرة ينطبؽ عمى اإلنساف كقدر كليس مف التعارض أف ما يصدر عنا مرىكف بالقدر أك الجبر في إطار التأكيد عمى العقؿ فاإلنساف الحر ىك الذم يحسف في الضركرة كالتسمي بيا كبالتالي يككف قد اختارىا بحريتو فيجب أف نستسم لمضركرة كنرضى المصدر نفسو ص 130

40 الوبحث الثان األخالق والحتو ت. انفصم االول 39 بالقدر ككأننا اخترناه بحريتنا كما يقكؿ "ابكتيتكس" : طالما أرل بكضكح ما ينبغي عمى أتباعو فاني اختار دائما كىذا ىك معنى الحياة كفؽ الطبيعة الف اهلل نفسو قد جعمني اختار ىذه الطريقة فإذا عممت انو مف المقدر عمي أف أككف مريضا فسكؼ اتجو بنفسي نحك 40 المرض". فالركاقيكف يشيدكف بحكمي السامية كالتي تصب كميافي إطار األخبلؽ فالحكي الركاقي ىك الشخص المستعد لقبكؿ كؿ ما يحدث كنتيجةلعممو ىك الشخص ال ارضي لنفسو عمى الزىد في كؿ ماال يخضع إل اردتو كىك يأسى لمصائب الناس كيشاركي أح ازني كيحافظ عمى ات ازنيا الكجداني كيستبعد االنفعاالت كيقتنع باف اف المصائب ليست ش ار في حد ذاتيا 41 بؿ أحكامنا عمييا بأنيا ش ار. فيك الكائف الكحيد الذم انفرد بالقدرة كبالغنى الكامؿ كالحرية الكاممة كالسعادة الكاممة انو يماثؿ اآللية. إف السعادة عندى ىي أف يككف اإلنساف قاد ار عمى الحصكؿ عمى كؿ ما يرغب فيو كالقكة عمى تحقيؽ كؿ مطمع كالحرية ىي القدرة عمى أف يعمؿ اإلنساف ما يشاء أما عد القدرة عمى شيء مما سمؼ فذلؾ البؤس كالعجز كالعبكدية. إف الحكي ال يرغب إال فيما يخضع إل اردتو كىك يحصؿ عميو بمجرد إ اردة الحصكؿ عميو كىك يممؾ مباشرة 39 ابكتيتكسEpictète عاش مف سنة 50 إلى سنة 150 مف ركاد المدرسة الركاقية البلتنية "انظر فمسفة الركاؽ "جبلؿ الديف سعيد ص :6" محمد مي ارف رشكاف تطكر الفكر األخبلقي في الفمسفة الغربية دار قباء لمطباعة القاىرة 1998 ص المصدرنفسو ص 108

41 الوبحث الثان األخالق والحتو ت. انفصم االول السعادة الكاممة كالحرية الكاممة كالقكة الكاممة كعميو فالفضيمة ىي سيطرة اإل اردة عمى الطبيعة كىي السبيؿ الكحيد لتحقيؽ طبيعتنا الكاممة غير منقكصة كمنحيا عف طريؽ مؤكدة 42 ما تأمؿ كما تريد كالسعادة ىي الخير المطمؽ كعد كجكد اضط ارب الحاصؿ بالشعكر بالنقص فيما نعتبره مف الشرؼ كالنبؿ ككذا تشبع النفس برغبات ال يقدر ليا التحقيؽ فإ ازلة الباعثيف يحقؽ السعادة أم السبل الداخمي الطمأنينة االت ازف األخبلقي لنفس رضيت عف ذاتيا كرضيت عف األشياء أنيا ىدكء القمب. كعميو إف النظرة الركاقية ال تفصؿ في المعرفة بيف مبحثي الطبيعي كمبحثي األخبلقي عمى أساس كجكب العيش كقؼ الطبيعة تبعا لنكاميسيا كاف كؿ ما يحدث في الطبيعة إنما يحدث ضركرة كفؽ قكانيف ثابتة ال تتخمؼ كبما أف صمة اإلنساف بالطبيعة فيي ال تخرج عف إطار محاكلة محاكاتو ليا كال تعدكا أف تككف ىذه المحاكاة إال الخضكع لنكاميسيا 43 كالرضي بما تجرم عميو. األخالق والحتمية في القرون الوسطى : ارتبط الفكر األخبلقي بالديف كنقصد بذلؾ فمسفة األخبلؽ المسيحية التي ترل أف قكا الحياة األخبلقية يتمثؿ في طاعة القانكف كىك الكحي اإلليي كعمينا أف نطيعو كنطبقو أندرم كريسكف المشكمة األخبلقية كالفبلسفة ترجمة اإلما عبد الحمي محمكد ط دار الشعب القاىرة 1989 ص جبلؿ الديف سعيد مرجع سابؽ ص 30

42 الوبحث الثان األخالق والحتو ت. انفصم االول فيك تعبير عف اإل اردة اإلليية الخيرة كالقانكف خي ار ككضحت لئلنساف كيؼ يحقؽ سعادتو خاصة األخركية عف طريؽ أقطابيا كى أباء الكنيسة )القديس أكغسطيف Augustin Saint ) ك) تكماس االككينيd'aquin )Thomas فيي تنص عمى أف الناس جميعا " أبناء اهلل " كمف ث في إخكة كمحبة اإلنساف ألخيو اإلنساف كمحبة البشرية كاجبا مفركضا عمى اإلنساف كقرنت الحياة األخبلقية في الدنيا بالثكاب كالعقاب. كيتضح بديييا أف الكحي أم الكتاب ألسمكم ىك منبع لمسمطة األخبلقية كقكا الحياة األخبلقية كليس العقؿ كما كاف سابقا بؿ مف الكحي الرباني بمعنى أف اهلل سبحانو كتعالى ىك الذم يحدد الفضيمة بالش ارئع التي تكضح لنا الخير كالشر كىذا ما بينو "القديس أكغسطيف " إف الفضائؿ ال تطمب لذاتيا كال مف اجؿ نتائجيا النفعية بؿ تطمب ألنيا تتمشى مع إ اردة 44 اهلل." أما في الفمسفة اإلسبلمية كمحاكلة ربط القكانيف األخبلقية بالديف اإلسبلمي لو ما يبرره أيضا كنقصد بذلؾ األسس كالمبادئ النظرية كالعممية التي تقك عمييا فمسفة األخبلؽ اإلسبلمية إف الق أرف ككتاب سماكم اليي يعد المنيؿ األساسي لؤلخبلؽ في حياة المسمميف العممية كما بيف ذلؾ القرآف ككضحو بشكؿ كاسع في المشكمة األخبلقية مف حيث تحديد جاف كمكد فريس اكغسطيف ترجمة عفيؼ رزؽ المؤسسة العربية لمد ارسات كالنشر بيركت ط ص: 25

43 انفصم االول الوبحث الثان األخالق والحتو ت. المبادئ التي تبيف ما ىك خير كما ىك شر كقد حدد فبلسفة اإلسبل في كتبي فمفتي الخمقية إف فكرة القكانيف األخبلقية تتمثؿ في اإلل از الخمقي الذم يحمؿ في طياتو ما ىك جكىرم سكاء في الجانب العقمي أك العممي كبدكنيا ال كجكد لممسؤكلية كال لمج ازء ككذا العدالة فالقكاعد بحد ذاتيا إل از لسمككيات األف ارد األخبلقية كىذا ما يظيره القرآف كالسنة في ذلؾ فاألخبلؽ تعتبر مف العمك العممية تتجسد في سمؾ عممي كيتجمى أكثر اتصاؿ األخبلؽ بالديف 45 اثر مف الفمسفة فاالتساؽ بيف النظر كالعمؿ فاالعتقاد كالسمكؾ في الديف كاجب كمف ث كاف لك الكتاب الكري لمف يقكلكف ما ال يفعمكف" يا أييا الذيف امنكا ل تقكلكف ماال تفعمكف كفي االتجاه اإلسبلمي نعثر عمى أى األسس التي يشيد عمييا البناء األخبلقي في عممية االلت از فبدكنو تفقد األخبلؽ قدسيتيا كتأثيرىا القكم في اإلنساف كليس أساسا لؤلخبلؽ فقط بؿ كأساس لمحياة إذ ال معنى لمحياة دكف كجكد ىذه األسس كدكف االعتماد عمييا. كالقرآف الكري يعتبر كبل اهلل عز كجؿ المعب ر عف اإل اردة اإلليية كمصدر التعالي الدينية كاألخبلقية كىذا ما نممسو في النظريتيف المتعارضتيف في عم الكبل اإلسبلمي 45 احمد صبحي الفمسفة البلاخبلقية في الفكر اإلسبلمي ص 31 ط دار المعارؼ سكرة الصؼ اآلية 3

44 انفصم االول الوبحث الثان األخالق والحتو ت. فاألشعرية تقر بنقمية القي فالخير ىك ما حس نو الشرع كالشر ما قب حو الشرع فالقي األخبلقية تكقيفية حيث تضمنت السنة النبكية تعالي أخبلقية ممزمة تحدد تبعية المؤمف لمرسكؿ )ص( حيث جاء في قكلو تعالى: " قؿ إف صبلتي كنسكي كمحيام كمماتي هلل 47 رب العالميف ال شريؾ لو كبذلؾ أمرت كانأ أكؿ المسمميف "..كفي المقابؿ نجد مع المعتزلة تكجيا نحك الحرية كاإل اردة اإلنسانية في بناء القي األخبلقية. األخالق والحتمية في الفمسفة الحديثة : تبدأ لحظة الميبلد لمفمسفة الحديثة مع النقمة الديكارتية مف العال الكسيط كالتي كانت سفينة ديكارت فييا النقد العقمي لكؿ المسممات العقدية التي تكارثيا الغرب. Spencer[ ]Herbert محاكلة عممنة 6949 كنجد عند ىربرت سبنسر 6834/ األخبلؽ حيث أضفى عمى األخبلؽ الصبغة العممية التي تكحي بالضبط كالدقة كالتقنيف متأث ار فييا بالعمماء آنذاؾ خاصة "جميمي كنظريتو اآللية" فالعال بما فيو اإلنساف يتألؼ مف أجسا كىي جكاىر مادية خالية مف ما يعرؼ بالركح فػػػػػػػ " اإلنساف نسؽ معقد مف الجسيمات التي ال تنفؾ متحركة كىذه الحركة آلية ميكانيكية تماما.كما نممس تأثي ار لشارؿ داركيف في 48 نظريتو األخبلقية فالقي األخبلقية تتفاكت حسب الطبيعة الحيكية. ص : 131 دط 47 سكرة األنعا اآلية: تكفيؽ الطكيؿ الفمسفة الخمقية النيضةالعربية القاىرة

45 انفصم االول الوبحث الثان األخالق والحتو ت. فاإلنساف مثمو مثؿ بقية المكجكدات الطبيعية... ك الناس تكصمكا بطبعتي إلى قكانيف ترشد سمككياتي تبيح ما ىك نافع كتحر ما ىك ضار عبلكة عمى تأثره بالكاقع االنجميزم كظير ذلؾ في الفمسفة السياسية االنجميزية عمكما ك في فمسفة تكماس ىكبز بكجو أخص حيث ارح يقنف لؤلخبلؽ كالسياسة في كتابو " التنيف " كذلؾ في د ارساتو لؤلنظمة السياسية كؿ في إطار قانكف الطبيعة كىك قاعدة عامةيكتشفيا العقؿ كتمز الناس بالمحافظة عمى النفس كتفشي السم كضركرة أك حتمية طبيعية كمف بيف ىذه القكانيف " يجب اف يسعى كؿ 49 إنساف إلى السبل بقدر ما يأمؿ الحصكؿ عميو ".كاف يمتز المكاطف في أحكامو بيف الناس بمبادئ العدؿ كالمساكاة كاال لما حسمت الخبلفات كلما انتيى الص ارع كالن ازع. كبصيغة أخرل جعؿ ىكبز اإلنساف بسمككياتو ساعيا إلى المحافظة عمى بقاءه مف خبلؿ طمب السم بإش ارؼ ىيئة تحتضف جميع الحقكؽ كتعمؿ لخير الشعب كالدخكؿ في الحياة السياسية بدؿ الحياة الطبيعية أم ىناؾ تعاقد يمز كجكب الصدؽ كاألمانة كعرفاف الجميؿ كالتسامح كاإلنصاؼ ككؿ ما يخالؼ ذالؾ أك يضاده فيك شر بالنسبة لمطبيعة كاإلل از الخمقي يتمثؿ في طاعة القانكف الطبيعي الذم يعبر عف إ اردة اهلل الذم كىبنا العقؿ المستقي كال يكفي المثكؿ لمقكاعد الخمقية ظاىريا بؿ لذاتيا كالتشبع بيا أما الضمير أيضا فالعقد االجتماعي يعتبر كثيقة مرجعية ألخبلؽ المجتمع المدني. تكماس ىكبز[] [ فيمسكؼ انجميزم مف مؤلفاتو التنيف حكؿ المكاطف ككتاب في الطبيعة البشرية. 06 محمد مي ارف رشكاف مرجع سابؽ ص

46 انفصم االول الوبحث الثان األخالق والحتو ت. المدرسة االجتماعية والحتمية األخالقية: ينطمؽ ركاد المدرسة مف مسممات أىميا االعتقاد في أف المجتمع في حد ذاتو جممة مف القكانيف األخبلقية االجتماعية كالتي تعد كحتمية كال از تضبط سمككو كتكجيو كىذا ما ركز عميو كؿ مف ليفي بريؿ كاكغست ككنتcomte Auguste كالفيمسكؼ كعال االجتماع الفرنسي إميؿ دكركاي] ]Emil Durkheim في فمسفتو االجتماعية التي كاف ييدؼ مف خبلليا إقامة عم االجتماع عمما كاقعيا قائما بقكانينو كأصبحت الظاىرة االجتماعية مف صنع العقؿ االجتماعي كليا صفة اإلل از كىي تفرض نفسيا عمى جميع األف ارد. إف اإلل از Devoir في القانكف األخبلقي ينبع مف ذاتو كااللت از Engagement( ينبع مف اإلنساف نفسو طكاعية أم بمحض إ اردتو كىما ال يختمفاف عف الحتمية في القانكف الكضعي بالنسبة لمظاىرة االجتماعية كمف ثمة فيي تشبو الظاىرة الفيزيائية كحقيقة اإلل از الخمقي ال تنفى كذلؾ تحديد المسؤكلية األخبلقية كاف األفعاؿ نابعة مف أف ارد كى يتمتعكف بالحرية كىي عمى صمة كطيدة باألخبلؽ حيث يجب عمى اإلنساف أف يفرض عمى نفسو قاعدة داخمية حتى يستطيع أف يحتفظ بتكازنو العقمي كالعضكم داخؿ إطار المجتمع فالدكلة عال اجتماع فرنسي / مف اثاره دركس في الفمسفة الكضعية 03

47 انفصم االول الوبحث الثان األخالق والحتو ت. قادرة عمى فرض القانكف عمى الشعب بالقكة كلكف ال تستطيع أف تفرض عميو األخبلؽ. إف اإلل از ىنا ىك محكر المشكمة األخبلقية االجتماعية كىك في االصطبلح: ".. التز الشيءاك العمؿ أكجبو عمى نفسو كالممتز ىك الرجؿ الذم يكجب عمى نفسو ام أر ال يفارقو كمنو العقؿ الممتز ىك العقؿ الذم ينظر إلى ما تتضمنو أحكامو مف النتائج االجتماعية كاألخبلقية بعيف الجد كالرصانة كتحدد شركطو في اف يككف لو غاية اجتماعية أك خمقية كاف يككف مبنيا عمى مبدأ يقبمو المرء بإ اردتو العاقمة كال أف نتصكر زكالو الف ذلؾ يقضي عمى الحكمة العقمية كالعممية االجتماعية التي ينبغي تحقيقيا حتى ال تنعد المسؤكلية 50 بما فييا العدؿ كتتفشى االضط اربات داخؿ المجتمع" فاإلل از بيذا المنطؽ يشكؿ الضركرة كالحتمية لمفعؿ األخبلقي في عمكميتو كثباتو كمطمقيتو مع تكفر حرية اإل اردة كلذا فاإلنساف يبقى مضطر عمى أف يفرض عمى نفسو قاعدة معينة لمسمكؾ لكي يختار األحسف. إف حقيقة اإلل از األخبلقي منبعو الضمير الجمعي بحيث أف حديث الضمير في أنفسنا يعكس لنا ما ىك اجتماعي كيبيف ذلؾ دكركاي اميؿ " اف الحقيقة الخمقية تظير لنا في مظيريف مختمفيف مظير مكضكعي كأخر ذاتي فكؿ شعب لو قكاعد خمقية تسكده في زمف معيف كعمى أثرىا تصدر المحاك أحكاميا كىي أخبلؽ عامة مكضكعية يشترؾ فييا جميع 50 جميؿ صميبا المعج الفمسفي الجزء األكؿ دار الكتاب المبناني بيركت 1982 ص: 118 )د.ط( 09

48 الوبحث الثان األخالق والحتو ت. انفصم االول أف ارد المجتمع الكاحد أما األخبلؽ الخاصة أك الذاتية ال حصر ليا بحيث كؿ ضمير خمقي يعبر عف األخبلؽ العامة بطريقتو الخاصة كمف ثمة 51 ال يبدك ىذا الضمير خمقيا " بمعنى أف الحقيقة األخبلقية مكضكعية. أف االجتماعييف يركف دائما أف الضمير األخبلقي يقيد الفرد كمية كتتجمى أثار لكؿ ما ىك سائد في مجتمعو فيو مف عادات كتقاليد كمعتقدات كعميو فتقيي سمككياتو ليس مف خبلؿ ضميره فحسب بؿ مف خبلؿ ضمير المجتمع الذم ييتؼ داخمو اضبط نفسؾ ىذب نفسؾ احتر اآلخريف ساعدى ىذه األكامر ذات معنى خفي يتمثؿ في اعمؿ ماال تكجد أية جماعة بدكنو ككف اجتماعيا في حياتؾ. إف الضمير األخبلقي ال يكجد إذا ل تسبقو تجربة حية كاتصاؿ بضمائر أخرل مماثمة كاذا ل يشترؾ منتظما مع ضمائر اآلخريف كىذه التجربة تحمؿ كؿ مف يسي فييا عمى أف يحك بالضركرة عمى نفسو بدءا مف مقارنتيا مع نفكس اآلخريف ككأف اإلنساف ادخؿ نفسو فيما " يعرؼ بالعقد االجتماعي كىك عند المفكر األلماني "دكلباخ Dolbach" مجمكعة الشركط المنطكقة اك الممحكظة التي بم ارعاتيا يتعيد كؿ فرد مف اية جماعة لآلخريف 52 منيا باف يعمؿ عمى خيرىا كاف يحتر مف اجمي كاجبات العدالة " ىذا 51 بدكم السيد محمد األخبلؽ بيف الفمسفة كعم االجتماع دار المعرفة الجامعية مصر ص 178 )د.ط.ت( ) أندرم كريسكنمرجع سابؽ ص 221

49 انفصم االول الوبحث الثان األخالق والحتو ت. ما يمثؿ الكاجبات المعمكؿ بيا كالمفركضة عمى مف يعيشكف معا لفائدتي العامة داخؿ اإلطار االجتماعي. عبلكة عمى ذلؾ يقصد باألخبلقي المنسكب إلى قكاعد السمكؾ المقررة في زماف معيف فالحادث األخبلقي ال يككف سكيا في مجتمع معيف إال إذا كاف شائعا في العدد المتكسط مف المجتمعات األخرل التي ىي مف نكع ذلؾ المجتمع, كبيذا فالحقيقة األخبلقية كالكاقع األخبلؽ شيء كاحد. إف كظيفة األخبلؽ كضع القكانيف لمسمكؾ اإلنساني كمقاييس لمتمييز بيف الخير كالشر مجرديف مف الزماف كالمكاف كمف خصكصية المبدأ األخبلقي بالمنظكر االجتماعي أف يككف عاما كال يختمؼ باختبلؼ الظركؼ كاألحكاؿ كاف يككف ضركريا أكليا كاف يككف كاضحا بذاتو ال يقبؿ برىانا. كاذا كاف المنطؽ يبحث في قكانيف الفكر فكذلؾ األخبلؽ تبحث ىي األخرل في قكانيف السمكؾ اإلنساني كىذه الحادثة االجتماعية فاإلنساف الذم يعيش في مجتمع يعكس المبادئ األخبلقية كالعادات السائدة في مجتمعو " فالمجتمع يتكفر في ذاتو بالضركرة عمى كؿ ما ينبغي لكي يمنح لبعض قكاعد السمكؾ ىذه الصفة اإلك ارىية المميزة لئلل از األخبلقي" فالضمير األخبلقي عند اإلنساف يتقيد كثي ار بما يسكد المجتمع مف معتقدات كعادات Emil Durkheim.sociologie et philosophie PUF France 1963 pp77 ;78. 09

50 انفصم االول الوبحث الثان األخالق والحتو ت. كتقاليد كعميو فالضمير الفردم ما ىك في حقيقة األمر إال انعكاس لمضمير الجمعي أك االجتماعي. Levy Brühl Lucien [1939 كيتفؽ ليفي بريؿ: 1854/ ] مع )أكجست ككنت( comte6897/6798[ ]Auguste في اعتبار البيئة كظركفيا ىي التي تشكؿ مصدر اإلل از الخمقي فالعرؼ االجتماعي كالعادات كالتقاليد أكامر ممزمة لمفرد لكي يسمؾ سمككا يتماشى مع ما تكاضعت عميو الجماعة مف "عادات كتقاليد " كمف يتمرد عمى ىذه المكاضعات االجتماعية فانو يمقى الج ازء كالعقاب عمى ذلؾ إذ يعرض نفسو لسخرية المجتمع كنقد الجماعة. اف االلت ازمات األخبلقية " ليست مؤسسة قط كال عقكد مبرمة بيف الناس كال عمى إ اردات كىمية لكائف فكؽ الطبيعة بؿ عمى العبلقات الخالدة التي ال تتغير كالتي تكجد بيف 54 أبناء النكع اإلنساني الذم يعيش في جماعة كالتي سيبقى ما بقي الفرد كالجماعة " فالضركرة قد تدفع الف يعمؿ المرء اك يجتنب بعض األعماؿ م ارعاة لمخير الذم يبحث عنو في الحياة االجتماعية فالفرد تبعا لمحقائؽ عميو أف يتقيد بالجماعة إذا أ ارد لنفسو الخيرية. إف" أكجست ككنت " يبيف كيؼ أف ممارسة بعض الفضائؿ ليعكد عمى الفرد بمنافع ال شؾ فييا لكؿ فرد بمتز بممارسة تمؾ الفضائؿ كمف ناحية أخرل ليس مف ىذه الفضائؿ فضيمة ػػ اندريو كريسكف مرجع سابؽ ص: 220

51 الوبحث الثان األخالق والحتو ت. انفصم االول يمكف اف يقاؿ باف المجتمع ال يستفيد منيا فائدة رئيسية 55 كعميو يمكف اف نتعم تمؾ الفضائؿ بمنظكر ما يعكد عمى الفرد كعمى المجتمع اإلنساني مف منافع. كالنتيجة المتكصؿ إلييا تتمثؿ في أف االلت ازمات األخبلقية ىي الضركرة الدافعة الف يعمؿ المرء كفقيا كيتجنب بعض السمككيات داخؿ المجتمع م ارعاة لمخير الذم يبحث عنو كؿ فرد في الحياة االجتماعية كبذلؾ فرجؿ الخير كرجؿ لعقؿ ىك الرجؿ النافع لبلغيار كبذلؾ يستطيع أف يقكؿ إنني أحيا بدكم السيد محمد مرجع سابؽ ص: 253

52 المبحث الثالث 39

53 انفصم االول الوبحث الثالث األخالق والحر ت : تكطئة : إف عبلقة الفعؿ الحر باألخبلؽ ال تقؿ أىمية بالنسبة لئلنساف فالحرية حقيقة جكىرية في األخبلؽ إذ ال يمكف أف تككف بدكف حرية فالحياة البشرية تبقى أسيرة ما ىك طبيعي مشترؾ كبيف ما ىك إنساني سامي كسعي اإلنساف لمسمك ييسر لو التكيؼ مع الظركؼ البيئية حتى يصبح كائنا ح ار بالت ازماتو األخبلقية. إف غاية السمككيات القيمية كنقصد ىنا األخبلقية تترنح بيف الفضيمة كخير كالرذيمة كشر كال تككف إال مف خبلؿ الفعؿ الحر الذم يحتمؿ تحقيؽ الفعميف. كمادا كذلؾ فمف البلمنطقي تغييبيما عف أم تقيي بحك اف الحياة البييمية ال تنتيي إال ببداية القدرة عمى التمييز بيف ما ىك خير كنقبؿ عميو كما ىك شر كنحج عنو فاإلنساف يحاكؿ بقدر المستطاع أف يركض حيكانيتو" دكافعو كانفعاالتو العمياء " بالحرية المستندة عمى االختيار كاألخبلؽ بحك التقيي كالتيذيب كميما كانت المكانع التي تحكؿ دكف حريتو بحك الجبرية أك الضركرة أك الحتميات أك االل ازمات فيي عمى العكس مف ذلؾ تخد السمكؾ الحر أكثر كعميو فاألخبلؽ ال معنى ليا إال في إطار الفعؿ الحر كمنبع التقيي ىك االختيار. يبدكا أف عبلقة األخبلؽ بالحرية متداخمة يصعب الفصؿ بينيما بمعنى أف كبلىما يتضمف األخر فبالحرية يمكننا تبرير كجكد األخبلؽ عمى أساس اإل اردة كاالختيار كباألخبلؽ نقي الحرية. 09