)1( حقيقة العدل لفضيلة الشيخ/ أمحد السبيعي -حفظه هللا- احلمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا وعلى آله وسلم أما بعد: فإن العدل كلمة مجيلة رائعة تسر النفوس وتنبعث النفوس الطيبة هلا ويتوخاها ويتحراهاكل ذي نفس شريفة. وهللا -عز وجل- قد أقام السماوات واألرض ابلعدل ألنه هو الذي خلقها بعدله وحبكمته -سبحانه- وقد أثىن هللا -تبارك وتعاىل- على العدل وأمر به يف مواضع كقوله تعاىل: إ ن هللا ي م ر اب ل ع د ل و ا ل ح س ان ]النحل: 09[ وقوله -تبارك وتعاىل- آمر ا ابلعدل مع من نبغضهم إما لسبب طبعي أو شرعي يقول: و ل ي ر م ن ك م ش ن آن ق و م ع ل ى أ ل ت ع د ل وا اع د ل وا ه و أ ق ر ب ل لت ق و ى ]املائدة: 8[ والنيب - هللاىلص- يقول:»إن املقسطني -واملقسطني هم العادلني- إن املقسطني على منابر من نور على ميني الرمحن وكلتا يدي ربنا ميني الذين يعدلون يف حكمهم وأهلهم وما ولوا«)رواه مسلم من حديث عبدهللا بن عمرو بن العاص(. إذن فالعدل مأمور به شرع ا. والعدل ما هو العدل العدل فيه معان ممكن أن نلخصها يف ثالث: وأرضاه- الرب هو فعل هللا أو ل: العدل -تبارك وتعاىل- ل يكاد خيتم جملس ا من جمالسه إ ل ويقول: -تبارك وتعاىل-. اثني ا: مث األحكام العادلة هو شريعته اليت بعث هبا النيب و ت ت ك ل م ت ر ب ك ص د ق ا -هللا ىلص- ووصف فعله و ع د ل هللا حكم قسط. فبعثة النيب ]األنعام: كما كان معاذ ]111 -هلليضر فالعدل هو فعل وما بعث به من فالعدل من 12 من برنامج )األولى( الحلقة )كلمات( في األسبوعي إذاعة النهج الواضح بثت في يوم االثنين محرم )1( 9341 ه الموافق 2 أكتوبر 7192 م اربط الحلقة: http://ar.alnahj.net/audio/3815
صفة الشريعة األصيلة فالشريعة وما بعث به الرسول -هللىلص- العدل فعليه ابلوحي ومباكان عليه النيب -هللىلص- والصحابة. هذا هو العدل. فمن أراد مث األمر الثالث: أن نتحرى يفكل ما يرد علينا أن حنكم هبذا العدل الذي بعث به النيب -هللىلص- فهذا التحري وتنزيل هذه األحكام مواضعها الصحيحة فهذا من تام العدل ولذلك يقول أهل العلم: احلكم ابلعلم ابلعدل. فمعىن العدل: أي تنزيل األحكام مواضعها الصحيحة وحتري ذلك فتنزيل العلم النافع يف مواضعه الصحيحة هو قيام ابلعدل الذي أمره هللا -تبارك وتعاىل- وأقل مراتب هذا العدل: ا لحتكام إىل الشريعة وإىل السنة. والعدل من األحكام الواجبة عينيا على كل أحد يف كل وقت يف كل حال يف كل مسألة ألن الشريعة كلها قد بنيت على هذا العدل. لكن هذا العدل القيام به كل حبسبه حبسب ما يرد من تفصيل األحكام فمث ال: العدل على النفس بعدم إرهاقها بعدم الطعام والشراب على طريقة الصوفية بطريقة خالف هدي النيب -هللىلص-. أو القزع أبن يقص بعض شعره ويرتك بعضه فهذا هنى عنه النيب -صلى هللا عليه وسلم- ألن مبناه على ظلم الرأس والشعر. هني النيب -هللىلص- عن اجللوس بني الشمس والظل ألن يف ذلك ظلم للجسم أبن يلس نصفه يف الشمس ونصفه يف الظل. كذلك هني النيب -هللىلص- عن املشي يف النعل الواحدة مثال فهذا فعل الشيطان وفيه ظلم إما ليلبسهما مع ا أو ليخلعهما مع ا يقول النيب -هللىلص-. مثال العدل مع الولد قول النيب -هللىلص-:»اتقوا هللا واعدلوا بني أو لدكم«فهنا ل بد من العدل بني األبناء وعدم ظلم بعضهم أبن مينح بعضهم منحة وهبة عظيمة ل مينحها إخوانه أما أن يعطي الكبري لعظم احتياجه ما ل يعطي الصغري هذا ل يتناىف مع العدل فالعدل يقام به حبسبه.
العدل مع الناس يقول النيب -هللىلص-:»ائت الناس ما حتب أن يتيك الناس«. العدل يف اخلصومات املالية مثال : إذا اختلف ابئع ومشرتي على سلعة على مثنها أو على وصفها أو على شي تنازعوا من يؤخذ بقوله البائع أو املشرتي هنا حنكم ابلشريعة وحنكم ابحلق فنحكم بقول البائع جنعل القول قول البائع ألنه هو األصل املالك للسلعة وألن املراد هبذه املعاملة املالية نقل ملكه منها إىل غريه فيكون قوله هو املقدم. وهكذا عدل القاضي -مثال - يف القضااي اليت ترد عليه أبن يستويف أحوال القضية العينية ولذلك نبه النيب -هللىلص- إىل ذلك:»إين أحكم على حنو ما أمسع فقد يكون أحدكم أحلن حبجته«. فهنا العدل يقام به ويعمل به كل حبسبه يف حسب كل قضية. من عجائب هذه املسألة أو من األشياء اللطيفة فيها: أن ا لمام ابن تيمية -رمحه هللا- يدلل على أمهية العدل وعظمه وأنه شأن كبري وأن هللا -تبارك وتعاىل- حيبه فضرب مثال أبن الدولة الكافرة العادلة قد ينصرها هللا على الدولة الظاملة فاملقصود هنا: العدل النسيب مبعىن أن هناك عدل يقتضي عدم سلب الناس أرواحهم أو أمالكهم من غري نوع حق فهنا يكون مثة ظامل ويكون مثة عادل فهذا العادل هنا وافق حكم الشرع احملبوب للرب وليس هذا من ا لمام ابن تيمية تزكية للدولة الكافرة كما فرح بذلك اجلماعات ا لسالمية السياسية اليوم فصاروا يطريون هبذه املقولة كل مطار! فرحوا هبا ملاذا ألهنا وصف لدولةكافرة وابلعدل. ل هذا مثل ما ذكر هللا -تبارك وتعاىل-: غ ل ب ت الر وم يف أ د ن األ ر ض و ه م م ن ب ع د غ ل ب ه م س ي غ ل ب ون ]الروم: 3-2[ فمثل ما يفرح املؤمنون بغلبة الروم على الفرس يف ذاك الزمان فهذا أمر ل يعين تزكية الروم أن املؤمنني ملا يفرحون بنصر الروم معناه أن الروم
عندهم مرضيني -عياذ ا ابهلل-! مث أين هؤ لء من الكالم املفصل لبن تيمية -رمحه هللا- الذي يفصل ويقول: إن النيب -هللىلص- بعث ابلعدل والعدل هو شريعة النيب -هللىلص-. ولكن هؤ لء اخلوارج العصرانيون يطريون بكل شي خيدم أهدافهم يف البحث عن السلطة ولذلك فأهل األهواء والبدع ينبغي أن يعلم املسلمون أهنم حرفوا صفات هللا -عز وجل- فكيف ابلدول وأحكام الشريعة وبذلك نفهم ملا يقولون: احلرية قبل الشريعة! كما يقوله قائلهم فلو أنك فتشت وحتريت فستجد أن أمريكا عند اجلماعات ا لسالمية السياسية أفضل من السعودية اليت حتكم يف األصل ابلشريعة -وفقهم هللا ومجيع و لة أموران وو لة أمور املسلمني- فهذا دينهم وطريقتهم إ ل من رحم هللا منهم وقد يكون يف أبواب. ولذلك ينبغي أن ت فهم اجلماعات ا لسالمية السياسية على وجهها الصحيح ل يعين وجود أانس يدعون إىل الفسق أو الفجور أو املعاصي أو ما هو أكرب من ذلك أننا منيل إىل أهل البدع واألهواء ل ما يوز حرام. فينبغي أن نفهم أن هذه اجلماعات ا لسالمية السياسية تبن ت خروج اخلوارج مبادة العلمانيني: الدميقراطية واحلرية! فهم شر من اخلوارج األولني. ولو أننا ذهبنا مذهب ا آخر: نظران مثال إىل ذلكم الرجل الذي طعن يف قسمة النيب - هللاىلص- نفسه يف احلديث املشهور فماذا فعل هذا الرجل الذي أنكر على النيب -هللىلص- استعمل لفظ )العدل( فقال: اعدل فإنك مل تعدل. ينكر على النيب -هللىلص- و يمره ابلعدل واحلديث معروف قال له النيب -هللىلص-:»وحيك! ومن يعدل إذ مل أعدل!«. لكن انظر يف هذا احلديث ستجد فيه فوائد مهمة: أوهلا: أن العدل لفظ مجيل يستميل النفوس فيستعمله كل أحد. األمر الثاين: أن لفظ )العدل( هو آلة اخلوارج يف الوقوف يف وجوه و لة األمر.
األمر الثالث: أن هناك مواضع عادلة قد ل يدركها املسلم خصوص ا يف تصرفات و لة األمور وسياستهم يف األحوال املعقدة مطلق ا األمر الرابع: نسأل هللا هلم ا لعانة والتوفيق. فيه د للة واضحة جلية على أن العدل ليس هو التسوية بني األشياء أو ما يسمى اليوم ابملساواة. فهذه مسألة مهمة املعتصمني ابتباع أصحاب النيب ولذلك فعلى مر التاريخ من فضل هللا املعروفني ابسم أهل السنة أو -تبارك وتعاىل- أتباع الصحابة فهم أعدل الناس مع خصومهم ويف كل شي على مر التاريخ تبارك وتعاىل- الرسول املثال األول: أحاديث النيب وخذ مثالني على عدهلم: وهو األشهر وهو معاملة و لة األمر على أهل السنة واجلماعة -بفضل هللا فأهل السنة حيك مون كالم يف السمع والطاعة والصرب وحترمي اخلروج وعدم ا لنكار عالنية كل اجلماعات الذين يزعمون حتكيم الشريعة يطأطئون الرأس للرب ويسمعون ويتدينون هبا ويتمسكون هبا أما فيخونون الشريعة هنا فال يرفعون رأس ا هبذه األحاديث وهبذه الشريعة فمن مل يعدل يف ا لستسالم حلكم هللا سيعدل مع الناس! وانظر إىل املثال اآلخر: -عز وجل- كيف مثال يف حكم أهل السنة على ألفاظ أهل البدع ومعاملتهم ألهل البدع ستجد عدل عجيب ودقة متناهية وب عد عن أي نوع من البغي والظلم قدمي ا وحديث ا. فمثال تعرف أهل البدع واألهواء حيدثون ألفاظ جمملة زخرفية حى يطلون ابطلهم بشيء من الشبه فالقدميني مثال من الفر قالوا: جوهر ع ضر غري ذلك والفر احملدثة اجلماعات ا لسالمية قالوا بشمولية ا لسالم والتجرد للفكرة واحلركة ونفي الظلم يطلقون ألفاظ قد يكون بعضها فيه إمجال فأهل السنة واجلماعة ملا ترى تصرفهم يفص لون معهم: تعالوا ماذا تريدون هبذا اللفظ أول شيء يسألون: ماذا مرادك ما يهجمون عليهم. مع
العلم أهنم يعلمون أهنم قد قالوا ابطال فما يهجمون عليهم ألول وهلة كما يصنع أهل األهواء ل يستفصلون وينظرون يف املعاين فما كان منها ابطل ردوه وما كان منه حق أثبتوه وذلك حى يعدلوا مع القائل وحى ل يظلموا شيئ ا من احلق. ومما ينبغي أن نتذكره جيد ا وأن ننتبه إليه مليا: أن صفة العدل تنبع أو ل من النفس وذلك أو ل ابلقصد احلسن وا لستسالم للسنة وإرادة حتكيمها وذلك ل يتم إ ل بتطهري النفس وتزكيتها. فأحرى الناس ابلعدل صاحب السنة وأبعد الناس عن العدل أهل األهواء والبدع ألن اتباع اهلوى مينع من الرضا ابلقدر ومينع من الرضا ابلشريعة وهذا املنع يدفع صاحب اهلوى إىل ا لمتناع من العدل ويعكر نظره ويفسد بصريته فيطفف يف املوازين فصاحب اهلوى قلبه مضطرب وروحه روح املستدرك الناقد بغري عدل و ل بصرية أما صاحب السنة فقلبه طاهر زكي قوي فيه نور الفطرة وينظر بروح الوحي فنظره صائب وأحكامه عادلة ملاذا ألنه رضي ابهلل راب واب لسالم دين ا ومبحمد -هللىلص- نبيا فرضي ابلقدر ورضي ابلشريعة واستسلم هلا ولذلك هذا احلديث جاء يف بعض ألفاظه أنه:»يذو طعم ا لميان من رضي ابهلل راب«ملاذا وأما صاحب البدعة واهلوى فليس عنده هذا الرضى فال يزال مضطراب أحكامه متناقضة. فنسأل هللا -تبارك وتعاىل- أبمسائه احلسىن وصفاته العلى أن مينحنا أو ل : الرضا ابهلل راب واب لسالم دين ا ومبحمد نبيا واثني ا: أن يوفقنا لتعلم العدل الذي أنزله هللا علينا وهو الوحي واألثر واثلث ا: أن يوفقنا إىل أن حنكم هبذا الوحي بعدل وبعلم وبقصد حسن. وهللا املوفق وصلى هللا وسلم على دمحم وعلى آله وسلم.